الثقافة الجنسية في حياتنا

اعداد بواسطة:

تأليف:

د. هدی زكريا: رجال الدين يتناولون الموضوع وفق ثقافتهم الاجتماعية

الجنس يطل على خجل من بين كل الأفكار والقضايا فالتابوهات الثلاثة (الدين السياسة – الجنس) مثيرة للبلبلة والحذر والمداراة والتخويف وكلما أثير من قريب أو بعيد وقفت الدنيا كما يقولون على قدم واحدة وأعتقد أنها لا تجلس. ومن طرائف إثارة الحديث في الجنس أن أحد أعضاء مجلس الشعب قاطع زميلاً له بقوله الأولاد عارفين كل حاجة.. إيه قلة الأدب دي حين اقترح هذا الزميل تدريس الثقافة الجنسية.

دعونا نتساءل عن كل الشائك في هذا الموضوع، ودعونا ننظر بشكل خاص إلى المرأة في ثقافتنا الجنسية، وهل هي حقًا مفعول به في هذه الثقافة ولماذا؟ رغم أن العلاقة الجنسية الصحية والصحيحة تحديدًا أمر لا يمكن أن يحدث، دون وجود طرفين، وأن المرأة نصف هذة العلاقة.

التطرف في الخطاب الديني

وعن الثقافة الجنسية وموقف رجال الدين والمجتمع من تلك القضية الشائكة. قالت د. هدى زكريا أستاذ علم الاجتماع بجامعة الزقازيق: الدين الإسلامي ناقش جميع الأمور وهناك العديد من الأحكام الدينية المتعلقة باللواط والزناكما تناول بالتفصيل كيفية القيام بالجنس من أول التمهيد إلى ذروة الاستمتاع، ولكن رجال الدين لا يتناولون الموضوع وفق النص الديني ولكن وفق ثقافتهم الجنسية الاجتماعية، ومن مظاهر التمييز ضد المرأة تصديرهم للحديث، الذي يطلب منها أن تستجيب لرغبات الزوج، ولو على ظهر بعير، ولا يعترف بأي خصوصية للموضوع أو أحتياج نفسي وإنساني للمرأة ويتعامل معظم رجال الدين مع الجنس كمتعة للذكور والمرأة في حديثهم دائمًا مفعول به جنسی، وانظري كيف يبرزون في الحديث عن الجنة حور العين الموجودات لإسعاد الرجل جنسيًا فهن تقريبًا سبعون، وفي روايات أخرى أكثر، وهم عذاري رغم أن العذرية لا علاقة لها بالمتعة بل بالألم المصاحب لفض غشاء البكارة، ولكن العذرية كفكرة اجتماعية مسيطرة على الخطاب الديني بشدة، هذا رغم أن السنة تأمر الناس بالإقبال على الجنس باعتباره شيئًا مقدسًا.

رغم وجود كتب تراثية كثيرة تناقش قضايا الجنس، لكننا ما زلنا نعاني من استقرار النظرة المتخلفة للمرأة. وعن أسباب ذلك يقول د. خالد منتصر طبيب الأمراض الجلدية والتناسلية، أحد الباحثين المهتمين بهذا المجال لأنها كتب تراثية وثقافة قديمة تؤكد أن المرأة شيء ليس له إرادة وليس له رغبة، وانظري إلى الذين يدعون المرأة إلى الاستجابة لرغبات زوجها الجنسية في أى وقت، وفي أي مكان وأن لم تفعل فستلعنها الملائكة حتى تصبح وكأن المرأة تسير بروموت کنترول ستضغط عليه في وقت: لتحقق الاستجابة: إذًا فهي في النهاية وعاء لتفريغ رغبة الرجل وكتب التراث ممتلئة بالكثير من المغالطات حول فحولة الرجل، وقدراته الجنسية الخارقة، والتي حاول البعض الزج بها لتفسير الزواج من أربع، على الرغم من أن العلم الحديث يثبت عكس ذلك.

وعن أسباب السماح لرجال الدين بالحديث في هذا الموضوع واستهجان الحديث نفسه من رجال العلم، يقول د. خالد منتصر لأننا أصبحنا في عصر التحليل والتحريم وليس في عصر الصحيح والخطأ.. فهم الآن يحاولون أن يجدوا ملاذًا للأشياء.. التي لا يستطيعون كبتها لكنهم يحاولون لصق ورقة من الدين عليها ليمكن تمريرها اجتماعيًا.

كما أنك ترين وبشكل غريب درجة من درجات الشماتة في العلم فتجدينهم يتحدثون عن صاروخ فضائي سقط، أو عن فشل تجربة علمية كالاستنساخ مثلاً بشماتة شديدة، وأن العلماء والمتخصصين في صراع مع الله وأصبح فجأة العلماء والمتخصصون مدانين، وبالتالي لا يستطيعون تناول هذه الموضوعات.

 

عفاف السيد: ضرورة وعى الأطفال بأجسادهم

غياب الوعي الجنسي

من المسئول عن هذه النظرة الدونية للمرأة هل هو التراث، الذي يحاول البعض إضفاء الصبغة الدينية عليه أم أن هناك أسبابًا أخرى كغياب الثقافة والوعي الجنسي، وتقول د. هدی زكريا أنا مؤمنة أن هناك ثقافة في جميع مناحي الحياة والثقافة لا تعني التعليم، بل هي موجودة عند الأمي والمتعلم، ونحن نقصد بالثقافة نمط تفكير وقيمًا وموروثًا وبما أن الجنس ممنوع الحديث عنه وظل الحديث عنه سريًا، وطالما دخل في منطقة السريةفإن معناه وقوع كل الجرائم، ونتيجة لهذه السرية يمكن أن ينتقل الحديث في الجنس عن منطقة الاستنارة إلى منطقة الاستثارة وهنا تكمن الخطورة الحقيقية، ولكن الحديث في الجنس يجب أن يكون على مستوى عال من الرقي، ومن يقوم بعملية التثقيف الجنسي يجب أن تكون له طريقته الخاصة في وسائل الاتصال بالآخر: حتى يستطيع كسر الحاجز النفسي بينه وبين الآخرين للوصول بهم للمعرفة.

وتقول الكاتبة عفاف السيد إن الثقافة الجنسية مهمة في كل مراحل الحياة منذ الطفولة المبكرة وقبل حتى المرحلة الابتدائية: حتى يتكون وعيهم بأجسادهم مبكرًا وحتى لا تكون هناك مساحة للأخطاء. ولوسائل الإعلام أهمية كبيرة في ذلك.. فأنا أعتقد أنه في برامج الأطفال يجب تعريف الأطفال أن هذا جسدهم وأن هذا الجسد، ملكك ويجب أن تحبه وتحترمه.. وفي اعتقادي أنه يجب أولاً أن يخضع الإعلاميون والمدرسون لبرنامج تدريبي عن الثقافة الجنسية وكيفية الاتصال ليستطيعوا نقل المعلومة بشكل علمي وإنساني.

وعن إدخال الثقافة الجنسية في المناهج التعليمية، يقول د. خالد منتصر تدريس الثقافة الجنسية مهم جدًا في المدارس، ومبدئيًا أقول إن تعليم الجنس في المدارس منتهى الأدب وليس قلة الأدبفنحن لن نعرض أفلام بورنو على الأطفال، ولن يكون هناك كتاب للثقافة الجنسية، ولكن سيشترك كل المدرسين في شرح هذه المعلومات للطلبة مدرس الأحياءومدرس اللغة العربية، ومدرس الدين، ومدرس التربية الرياضية.. وهناك سؤال يحضرني: هل من المنطقي أن يعرف الطفل في المرحلة الإعدادية خريطة العالم ولا يعرف خريطة جسمه، وبالتأكيد سيراعي في كل المراحل المدرسية فكرة المرحلة العمرية والفكرية للطفل.. وفي النهاية أسأل رجال الدين والمتشددين في موضوع تدريس الثقافة الجنسية في المدارس.. ألستم تطالبون بأن يحفظ الطفل وفي سن صغيرة القرآن الكريم كيف ستشرحون له هذه الكلمات الزنا، المحيض، الفرج، الدبر…. وغيرها من الكلمات.

ترويج العنف الجنسي

ودخلت التكنولوجيا طرفًا في ترويج ثقافات مختلفة. منها الجنسية، فيوجد موقع على شبكة الإنترنت عن الاغتصاب يحمل مشاهد اغتصاب وعنف جنسي بكل أنواعه على المرأة، ثم يظهر لك فجأة إعلانات عن ترويج أدوات التعذيب كالكرباج والحبال مما يؤثر سلبًا على أطفالنا ومراهقينا.. وهل يتحول مشاهد هذه الأفلام بالضرورة إلى مغتصب أو ممارس للعنف الجنسي ضد المرأة؟

تجيب د. هدى زكريا عن هذا السؤال: بأن هذه المواقع دورها مشبوه، وهي مستفيدة من وجود الجنس ومنحصرة في هذه المنطقة السرية، وتأخذ جاذبيتها من التحريم كما في الحدوتة الشعبية دائمًا ما يثير الاهتمام هو الحجرة الأربعينولكن في النهاية يتوقف رد فعل المشاهد على معلوماته ومعرفته، وفي رأيي أن صانعي هذه الأفلام يمارسون هم أنفسهم عنفًا على المشاهد. ويقول د. خالد : أنا أرى أنه دائمًا هناك رحلة استكشاف من المراهق لكن المرض هو الوقوف عند مرحلة من المراحل فمعظم المراهقينيمرون بمراحل كالعادة السرية أو مشاهدة أفلام البورنو، وتمر هذه المراحل بسلام بعد انتهاء فترة المراهقة، ولكن عند التوقف عند مرحلة منها وعدم الحصول على أي متعة جنسية عدا في هذا الشكل هنا نستطيع أن نقول إن هذا الشخص مريض، وبالتالي يحتاج إلى علاج طبي نفسي وعضوي، وهذا يؤكد ضرورة الثقافة الجنسية.

الجمعيات الأهلية والثقافة الجنسية

عن تجربة الجمعيات الأهلية في هذا المجال. سنعرض لتجربتين هما: تجربة سيوس أو الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية والتي تعمل بشكل أساسي في صعيد مصر، وهذا ما يجعل تجربتهم في هذا المجال شديدة الريادة.. تتحدث عنها د. هدی زكريا، والتي شاركت في إعداد دورة تدريبية مع الشباب حول الثقافة الجنسية، وصفتها بأنها تجربة شديدة الأهمية، وتعكس مدى الاستجابة والتجاوب والحاجة للمعرفة فقط. لو وجدوا الشخص المناسب المدرب الذي يقدم لهم المعلومة الصحيحة.

وقد بدأت د. هدى الدورة مع مجموعة من الرجال وبعد انتهائها طلب منها القيام بدورة مماثلة للسيدات والبنات، لما لمسوه بها من أهمية ما حققوه من فائدة معرفية. وقد كان لمؤسسة دراسات المرأة الجديدة ومنتدي الشابات تجربة مع موضوع الثقافة الجنسية: حيث قامت د. ريما الخفش، أخصائية النساء والتوليد بعقد عدة جلسات، حول الثقافة الجنسية، والتي تناولت عديداً من القضايا المهمة حول المعرفة العلمية وحول غشاء البكارة،، والإشباع، والختان، وغيرها من المعلومات، التي كانت تشكل مناطق غامضة لدى طالبات جامعيات وخريجات جامعة.

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي