الديمقراطية التنموية ومشتملاتها

تاريخ النشر:

2010

ترجمة:

الديمقراطية التنموية ومشتملاتها:

العولمة وتغيير مفهوم المشاركة

تأليف : كريستين كيتنج

ترجمة : شهرت العالم*

في مقدمة كتابهما المهم «الأنساب النسوية، والميراث الكولونيالي، والمستقبل الديمقراطي» (Feminist Geneaologies, Colonial Legacies, Democratic Futures) ، تطرح جاکی ألكسندر (M. Jacqui Alexander) وشاندرا موهانتی (Chandra Talpade Mohanty) أن المهمة النسوية الأساسية تكمن في إعداد «تعريف فاعل للديمقراطية النسوية، تعريف مناهض للرأسمالية ويتركز حول مشروع المقرطة» ( 1997 xxx,). وتجادلان أن المنظرات النسويات عليهن «دراسة الحالة ومستبعداتها» (1997 xxx ). فقد كان التركيز على طرق استبعاد النساء من المؤسسات والعمليات الديمقراطية نمطًا مركزيًا للنقد لدى النسويات، كما كان توليد مشاركة متزايدة هدفًا أساسيًا. وفي هذا المقال، وعلاوة على التركيز على الاستبعاد، فإنني أتناول ضرورة التفحص النقدي لأشكال جديدة من التضمين الديمقراطي التي تعززها العمليات التفاعلية (وإن لم تتشابك بالضرورة) لكل من التنمية والعولمة. ومن خلال تحليل جوهر التقرير الذي أصدرته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (المعروفة باسم وكالة المعونة الأمريكية) بعنوان «المبادرة الجديدة للشراكة» وبرنامج عمل «التحالف الوطني للحركات الشعبية» في الهند، سوف أدرس الطرق التي انتهجتها عمليات العولمة لتغير مصطلحات المنافسات بين النماذج الديمقراطية التي تتركز حول السوق، وتلك التي تتعلق بزيادة المشاركة. كما أطرح أن المشاركة ربما لم تعد المقياس المستخدم للتمييز بين نموذجي الديمقراطية – الرأسمالي والتحريري ذلك أن النموذجين يطرحان انخراط الجمهور على نحو نشط وموسع. وبالأحرى، فإن أفضل طريقة للتمييز بين هذين النموذجين تتمثل في دراسة تعارض رؤاهما في ما يتعلق بالثقافة التي تشكل أساس المواطنة الديمقراطية: وتحديدًا ثقافة «الأعمال التجارية» التي تطرحها وكالة المعونة الأمريكية، وهي الثقافة التي يمكن أن تدعم الديمقراطية التنموية التي تتخذ من السوق مركزًا لها، وثقافة «التحالف الوطني للحركات الشعبية» في الهند وهي ثقافة «المسئولية» التي تؤازر الديمقراطية التنموية التي تتخذ من الناس مركزًا لها(1). وسوف ألقى الضوء على جوانب إطار عمل «المبادرة الجديدة للشراكة» في ما يتعلق بالثقافة الديمقراطية التي تضمن توافقها مع الرأسمالية المعولمة، وملامح نموذج «التحالف الوطني للحركات الشعبية» الذي بإمكانه أن يتحدى الحداثة الرأسمالية بالطريقة التي تأملها ألكسندر وموهانتي. إن اعتبار المرأة بمثابة المواطن الديمقراطي في النموذجين يشير إلى المخاطر التي تكتنف أيضًا إعادة صف العقدين العنصري والجنسى للديمقراطية. وبالتركيز على الهند، فإنني أبحث في طرق إعادة التفاوض بين هذين العقدين بحيث يصبحان متوافقين . مع مطالب الرأسمالية المعولمة في مبادرات مثل «المبادرة الجديدة للشراكة»، ويجرى تحديها عن طريق ما أطلق عليه «تقارب مقاومة» الحركات المعاصرة مثل «التحالف الوطني للحركات الشعبية».

 

تُعد مقارنة نموذجى الديمقراطية المتعارضين نمطا مركزيا في أطروحات النظرية الديمقراطية. وفي إطار هذا التقليد، يضع كثير من المنظرين أشكال الديمقراطية التي تتخذ من السوق مركزًا لها في مواجهة أشكال الديمقراطية التي تدعو إلى زيادة المشاركة، كما يجادلون أن الشكل الأخير لا يؤدى إلى الازدهار البشري. (2) وفي سياق معالجة مهمة لهذه الأطروحة، يفرق ماكفرسون (C. B. Macpherson) – في كتابه «حياة وأزمان الديمقراطية الليبرالية» (The Life and Times of Liberal Democracy) – بين «ديمقراطية التوازن لدى المجتمعات الغربية الحالية المنقسمة طبقيًا و«ديمقراطية المشاركة» ذات المستقبل الأكثر عدالة. ويعتبر نظام الحكم، في نموذج التوازن، بمثابة سوق حيث يكون الناخبون هم المستهلكون المتنافسون المهتمون بزيادة مصالحهم الشخصية إلى الحد الأقصي، والساسة هم رجال الأعمال الذين يستجيبون لمطالب الناخبين. إن هذا النموذج «يمثل العملية الديمقراطية باعتبارها نظاما يحافظ على التوازن بين الطلب والعرض الخاص بالسلع السياسية» (1977,77 Macpherson).

والتوازن الناتج في إطار هذا النوع من الديمقراطية، كما يجادل ماكفرسون، هو توازن في عدم المساواة” (86 ,1977). ويبنى مثل هذا النموذج هياكل العرض والطلب بالنسبة للسلع السياسية بغية الحفاظ على التفاوتات الطبقية. ويحظى الطلب الفعال، في هذا النموذج، بمساندة المال والطاقة؛ فعدم التوازن الحالي في الثروة، علاوة على تراتبية فرص التعليم والتوظيف، يؤدى إلى عدم المساواة في ما يتعلق بمدى ما يمكن أن يطرحه الناس من مطالب فعالة (1977,89 Macpherson). وبالإضافة إلى ذلك، نجد الإمداد بالمطالب السياسية محدودًا لأن السوق السياسية تخضع لاحتكار القلة: «يوجد عدد قليل فقط من البائعين، وعدد قليل من الموردين وعدد قليل فحسب من الأحزاب السياسية وعند وجود هذا العدد القليل من البائعين، فإنهم لا يحتاجون أو يستجيبون لمطالب المشترين على نحو ما يفعلون في أي نظام تنافسي كامل. ويصبح بمقدورهم تحديد مدى السلع التي سيتم توفيرها» (89 ,1977). إن هذه الحدود المفروضة على الانخراط السياسي الفعال هي التي أدت إلى إدراك ماكفرسون لهذا النموذج باعتباره «متحيزًا ضد المشاركة السياسية»؛ لأن النظام يؤكد أن أولئك الذين يعانون من الحرمان الاجتماعي الاقتصادي لا يملكون سوى قدر قليل من النفوذ الضروري لوضع أجنداتهم السياسية، أو إجبار الساسة على الاستجابة إليها (1977,89). وبالفعل، يكتب ماكفرسون قائلاً إن هذا «النظام من النخب المتنافسة، في ظل انخفاض مستوى مشاركة المواطنين، يكون مطلوبًا في أي مجتمع يفتقر إلى المساواة» (92 .1977). فزيادة المشاركة سوف تساعد على زعزعة استقرار الانقسامات الطبقية، كما يجادل، لأن «انخفاض المشاركة، فضلاً عن غياب العدالة الاجتماعية، يرتبطان ارتباطا وثيقًا ببعضهما البعض» (92 ,1977).

وفي القسم التالي، سوف أجادل في أن الافتراض الذي يطرح أن زيادة المشاركة سوف تؤدى إلى تمزيق النظام السياسي الديمقراطي الرأسمالي المساند للنخب هو افتراض غير صحيح في ظل الظروف الجديدة لرأسمالية العولمة. وفي المقابل، تتسق هذه الظروف ونموذج الديمقراطية الذي يتجه نحو السوق ونحو المشاركة في آن. کما سأدرس «المبادرة الجديدة للشراكة» التي تطرحها وكالة المعونة الأمريكية، وذلك بغية توضيح أن هذا النموذج يدخل زيادة المشاركة دون تمزيق النظام الاجتماعى غير المتساوى الضروري لتحقيق الأرباح الرأسمالية المعولمة.

تأسست الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في عام 1961 بهدف تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان الفقيرة. وعلى الرغم من أن الوكالة منذ إنشائها ربطت التنمية بالديمقراطية في خطابها، فلم يصبح «تعزيز المؤسسات الديمقراطية» (في ما يتعلق ببرامجها في أمريكا اللاتينية والوسطي) هدفًا مباشرًا لها إلا في ثمانينيات القرن العشرين. وفي التسعينيات، أدخلت الوكالة برامج «الحكم الديمقراطي» في آسيا وأفريقيا أيضًا، وجعلت «بناء الديمقراطية المستدامة» واحدًا من أهدافها الاستراتيجية الخمسة في نطاق عملها. أما «المبادرة الجديدة للمشاركة»، والتي شرعت فيها الوكالة في بداية مارس 1995، فقد كانت مبادرة رائدة من حيث تعريف منهاج وكالة المعونة الأمريكية في برامجها لبناء الديمقراطية. وارتكازًا على مدخلات قدمها متخصصون في المجالين الأكاديمي والتقني، تناصر المبادرة البرامج التي تعمل على توليد المشاركة في المؤسسات الديمقراطية المحلية وفي مشروعات التنمية. وقد أوصى القائمون على إعداد المبادرة بأن تتولى وكالة المعونة بناء مثل تلك المشاركة عن طريق مساعدة المسئولين في الحكومات المحلية، وقادة المنظمات غير الحكومية، ورجال الأعمال على «اكتساب مهارات، ومؤسسات، وموارد مادية تتيح لهم ممارسة الحكم الذاتي» (USAID 1995 a). ويكافح أنصار هذه المبادرة من أجل تعزيز المنظمات غير الحكومية، والأعمال التجارية الصغيرة، ومؤسسات الحكومات المحلية وذلك ببناء روابط بينها لتعزيز «فنون وعادات المشاركة الاستراتيجية على مستوى المجتمع المحلي» (USAID 1995 b .1). وعلى الرغم من أن مهندسي المبادرة يقرون بأن هذا المنهاج يمثل ابتعادًا عن مشروعات المعونة «من حكومة إلى حكومة»، فإنهم يتصورون أن مثل هذا الدعم المقدم للمجموعات المحلية سوف يقود إلى استكمال سلطة الدولة عن طريق توسيع نطاق امتداد نفوذها .(USAID 1995 a, 5)

وعلى حين يبدو أن تأكيد «المبادرة الجديدة للمشاركة» على اتساع المشاركة يعتبر هذا المشروع مشروعًا لدعم «ديمقراطية المشاركة» التي يدعو إليها ماكفرسون، فإن منهاج المبادرة يعتمد على التناظر نفسه بين السوق والمجتمع على النحو الذي ألقى ماكفرسون عليه الضوء كأحد مكونات ديمقراطية التوازن. يفترض التقرير الأساسي للمشروع أن التنمية المستدامة تتطلب بناء مجتمع مدني على شاكلة السوق: «في عملية التنمية المستدامة، يتسم المجتمع المدني الفاعل والكفء بأهمية الأسواق نفسها الفاعلة والكفء. فالمجتمع المدني ينظم المشاركة السياسية تمامًا كما تعمل الأسواق على تنظيم المشاركة الاقتصادية في المجتمع. ومثله مثل الأسواق، يحدد المجتمع المدنى شروط السلوك الاجتماعي ويساعد على تخصيص الموارد. وبإيجاز، يقوم المجتمع المدني بنوع الدور الوظيفي نفسه الذي تقوم به الأسواق في التنمية المستدامة» (2 ,USAID 1995 d). ومن خلال هذا التناظر، يمكن وصف نموذج الديمقراطية الذي حددت «المبادرة الجديدة للمشاركة» خطوطه العريضة باعتباره ديمقراطية مشاركة تتخذ من السوق مركزًا لها. ومما يثير الاهتمام، أن هذا هو النموذج نفسه الذي يطرح ماكفرسون عدم استقراره؛ لأنه يقود إلى تمزيق الانقسامات الطبقية التي يتطلب منطق السوق وجودها واستمرارها. على أن الانتباه إلى ظروف الإنتاج المعولم المتغيرة تكشف عن أن نموذج المشاركة الذي تتصوره «المبادرة الجديدة للمشاركة» لا يتعارض مع الحفاظ على الرأسمالية. ونجد، في واقع الأمر، أن ديمقراطية المشاركة التي تتخذ من السوق مركزًا لها تدمج نمطا من المشاركة يؤدي فعليًا إلى استمرار نمو الممارسات الرأسمالية وتوسعها.

ويوضح مهندسو «المبادرة الجديدة للمشاركة» أن تطويرها جاء استجابة للظروف السياسية والاقتصادية الجديدة التي جعلت «المنظمات غير الحكومية، والأعمال التجارية الصغيرة، والحكومات المحلية تحاول سد الفجوات التي نتجت عن التحرير الاقتصادي، وتقليص الإدارات الوطنية، [و] الخصخصة، بالإضافة إلى «إعادة هندسة أسلوب ممارسة وكالة المعونة الأمريكية لأعمالها على نحو يضمن تحقيق التقدم تجاه النتائج المستدامة والقابلة للقياس عبر اتباع أساليب تتسم بأكبر قدر ممكن من مردودية التكلفة وفي وقتها المناسب»، وذلك في مواجهة الضغط السياسي لتقليص البيروقراطية داخل الوكالة USAID 1995 a. 1)). ويذهب مهندسو «المبادرة الجديدة للمشاركة» إلى أن «الفجوات» التي خلقتها السياسات الاقتصادية والسياسة الرأسمالية العالمية في البلدان المستهدفة تمثل فرصة أمام المواطنين من أجل «تمكينهم للإمساك بناصية بيئتهم الجديدة»، كما يمثل الناس أنفسهم موردًا يمكن حشده للمشاركة في مشروعات التنمية بأسلوب يزيد من كفاءة الهيئات المانحة واستمرارية تدخلاتها. ويشير ديفيد موسى (David Mosse) في تحليله لخطاب التنمية الريفية التشاركية إلى «أن المشاركة لم تعد تملك الدلالة الراديكالية التي كانت تملكها يوما ما (وعلى سبيل المثال: في الحركات الشعبية الراديكالية بستينيات القرن العشرين). ويتمثل الأكثر بروزًا في الخطاب الحالي في المصالح البراجماتية للسياسة مثل : تحقيق إنتاجية أعلى بتكلفة أقل، ووجود آليات كفء لتقديم الخدمات، أو تقليص تكلفة الارتداد والصيانة» (17 ,2001).

ونظرًا لزيادة تركز المقاربات التشاركية للتنمية في تدخلات هيئة المعونة الأمريكية والبنك الدولى وغيرهما من الهيئات المانحة، فمن الأهمية بمكان فهم ذلك الخطاب ليس ببساطة كاستراتيجية لتبرير طرق جديدة لعمل أشياء للجمهور المتشكك (الذي قد يضم من يفضلون المقاربات التقليدية للتنمية، من القمة للقاعدة)، وإنما أيضًا بوصفه تحولاً نحو أنماط جديدة من التنظيم السياسي (3) في کتابه بعنوان «شرط ما بعد الحداثة (The Condition of Postmodernity)، يحثنا ديفيد هارفي (David Harvey) على فهم التغيرات التي تشير إلى «الانتقال في نظام التراكم» إلى عصر التراكم المرن، «يرتكز في المرونة التي تحترم عمليات العمل، وأسواق العمل، والمنتجات، وأنماط الاستهلاك» (1990,121). هذا النمط الجديد من التراكم يتطلب نمطًا جديدًا من التنظيم الاجتماعى والسياسي، نمط يُعد هو نفسه أكثر مرونة. ويوضح هارفي أنه «إذا كانت السيطرة على العمل أساسية لإنتاج الأرباح وتصبح قضية أوسع نطاقًا بالنسبة لنمط التنظيم، عندئذ يصبح الابتكار التكنولوجي والتنظيمي في النظام اللائحي (مثل جهاز الدولة، النظم السياسية للاندماج والتمثيل إلخ) مسألة أساسية لتحقيق أبدية الرأسمالية» (180 ,1990). وتعد صفات النمط الجديد للتنظيم السياسي تأكيدًا لنزعة العمل التجاري، وهو تأكيد أصبح منتشرًا الآن «ليس فقط [في] العمل التجاري، وإنما [أيضًا في] عوالم الحياة المختلفة مثل الحكم في الحضر، ونمو إنتاج القطاع الحضرى [و] تنظيم سوق العمل» (Harvey 1990, 171).

ويمكن رؤية مركزية الأعمال التجارية في «المبادرة الجديدة للشراكة» في هدفها المتمثل في توليد «المبادرة، والابتكار، والعمل التجاري، والتحول التكنولوجي السريع، والتكيف مع عملية التنمية» في المشاركة المحلية (1 ,USAID 1995d). وفي هذه الرؤية للمواطنة الديمقراطية، لم يعد نموذج المرأة المواطنة هو المواطنة المستهلكة، بل أصبح بالأحرى نموذج سيدة الأعمال التي تعمل مشاركتها النشطة في الحياة السياسية على تيسير حل مشكلات المجتمع المحلي. ويجرى قياس مميزات هذا النوع من المشاركة من زاوية فائدة التكلفة. وعلى سبيل المثال، يجادل مهندسو المشروع قائلين: إن الفاعلين المحليين يمكن أن يكونوا أصحاب أعمال تجارية ويتسموا بفاعلية أكبر من الفاعلين القادمين من الخارج، وذلك لأن لديهم «حوافز أقوى للتوصل إلى حلول، ولديهم معلومات أكثر دقة، ويتكبدون تكلفة أقل في الموارد التنظيمية» (USAID 1995c 1).

وعلاوة على ذلك، كما تكشف البرامج الموجهة، فإن المواطنين المتخيلين ليسوا مجرد أصحاب أعمال، من حيث استخدام صيغة الاستعارة الأدبية – أي يتناولون المشكلات السياسية بمثل ما يمكنهم تناول مشكلات السوق – بل هم بالفعل أصحاب أعمال، أصحاب أعمال صغيرة تساعد مشاركتهم في الحكم المحلى على خلق «البيئة التمكينية» للنجاح (USAID 1995e 1). إن مقاربة «المبادرة الجديدة للمشاركة، تعمل من أجل خلق أصحاب الأعمال هؤلاء عن طريق إدماج أفراد من مختلف المجتمعات المحلية في السوق العالمية على المستوى المحلي ذاته. وتقوم المبادرة بذلك عن طريق تشجيع توجيه الأموال إلى مشروعات مثل القروض الصغيرة وخطط الخصخصة، فضلاً عن المشروعات التي تعزز الأعراف والأهداف الملائمة لاقتصاد السوق العالمية.

لقد أكدت المبادرة أهمية تعزيز الأعراف والأهداف لدى النساء بوجه خاص. ويمنح مهندسوها أعلى أولوية لتخصيص الأموال للمنظمات غير الحكومية التي تدعم المشروعات المدرة للدخل بالنسبة للنساء، وتخصيص الموارد لإنشاء «شبكة أعمال تجارية نسائية» في كل بلد توجد فيه هيئة المعونة الأمريكية. ومن المقترح إنشاء الشبكة «على المستوى القطرى أولاً. بهدف إقامة روابط مستقبلية إقليمية وعالمية» (USAID 1995e 6). وعلى هذا النحو، يرى مهندسو المبادرة أن مشروعات بناء الديمقراطية التي تقوم بها هيئة المعونة الأمريكية يمكن أن تسهم في تعميق «انخراط نطاق واسع من أصحاب المصلحة، وخاصة النساء» في التنمية التي تتخذ من السوق مركزا لها (USAID 1995f 7). وجزئيًا يعد هذا التأكيد على النساء انعكاسا للعمل الذي قامت النسويات داخل وخارج منظمات المعونة الدولية لوضع النساء على أجندة التنمية. ومع ذلك، ومن بين اهتمامات أخرى، يجب أن تتحلى النسويات باليقظة تجاه إمكانات وطرق تمثيل نساء العالم الثالث كصاحبات أعمال سياسيات ممكنات في هذه الوثيقة، حيث يمكن أن تشير تلك الطرق إلى إعادة تحيز العقدين الجنسي والعنصري اللذين ترتكز عليها النظرية الديمقراطية.(4) وسوف انتقل الآن إلى هذه الإمكانية.

يعد العقد مبدأ مهمًا للمشروعية في النظرية السياسية. وقد جادل منظرون مثل توماس هوبس (Thomas Hobbes) وجون لوك (John Locke)، وجان جاك روسو(Jean-Jacques Rousseau) بأن السيادة السياسية الشرعية تضرب بجذورها في اتفاق بين طرفين متساويين عقد اجتماعي – حيث يبادل المواطنون حريتهم الطبيعية في مقابل الحصول على النظام وحماية الدولة. على أن كارول باتمان (Carole Pateman) وتشارلز ميلز (Charles W. Mills) يجادلان في كتابيهما «العقد الجنسي» (The Sexual Contract 1988 Pateman) ، و«العقد العنصري» (1997 The Racial Contract, Mills) أن التوقيع على ذلك العقد لم يشمل جميع أفراد الحكم؛ فالعقد الاجتماعي تأسس، في واقع الأمر، على أبدية استبعاد النساء والملونين. وعلى الرغم من أن العقد الاجتماعي مزق الحكم البطريركي للأب في الحياة السياسية بالنظرية السياسية الغربية، كما تطرح «باتمان»، فقد أعاد تأكيد حكم أبنائهم – الأخوة – على النساء، وبالتالي كان إعلانًا عن نظام بطريركي خاص جديد هو نظام الأخوة (1988). ونظرًا لأن العقد الجنسي أسهم في تأكيد ضمان وتنظيم نفاذ الرجال إلى أجساد النساء وعملهن، فقد امتلك قدرة عن طريق فصل القطاعين الخاص والعام في النظرية السياسية – مع حياة النساء مطمورة بصرامة في القطاع الخاص – وإدراك السياسة باعتبارها مجالاً ذكوريًا بوجه خاص. ويؤكد ميلز أن الأخوة التي تناقشها باتمان تتسم بطابع عنصری حيث اقتصرت المشاركة في المجال العام على البيض خلال العقد العنصري (1997). وفى سياق العقد العنصري، جرت معالجة تفصيلية لفكرة «الكيان الشخصاني الثانوي» (subpersonhood)، التي تعتبر الملونين غير مناسبين لحكم أنفسهم، لتيسير الاستيلاء على أراضي الملونين واستغلال عملهم.

إن نظريات العقد النقدي مثل نظرية «العقد الجنسي» لباتمان، ونظرية «العقد العنصري» لميلز تعيد رواية قصص العقود بغية الكشف عن علاقات القوى العاملة في الحكم، فضلاً . عن القيم التي تبرر تلك العلاقات. ومع ذلك، تحثنا جين فلاكس (Jane Flax) في كتابها (The American Dream in Black and White) على أن نتذكر أن بنود وشروط العقود الديمقراطية ليست ساكنة، وأن «العقد هو عملية مستمرة» (12 ,1998). وأعتقد أن إدخال مقاربات تشاركية في الممارسات الرأسمالية الديمقراطية للتنمية يمثل إعادة تفاوض مهمة للعقدين الجنسي والعنصري للديمقراطية الليبرالية، تفاوض يجرى خلاله تيسير النفاذ إلى عمالة النساء والملونين عن طريق إدخالهم في، وليس استبعادهم من، عمليات التنمية الديمقراطية الرأسمالية. وبهدف تحديد هذا التحول، فإنني سأدرس الهند كموقع مركزى واختبر ذلك المسار المجدول من العقدين الجنسي والعنصري في تاريخ الهند الحديث .

ويكتب «ميلز» قائلاً إن «العقد الكولونيالي» يعد إضافة للعقد العنصري: فبدلاً من تبرير التوسع الكولونيالي عن طريق القوة، أو المكانة، أو الحق الإلهي، قام الكولونياليون الأوروبيون بتبرير حكمهم عن طريق وضع اتفاق ضمنى بالمستعمرات. إن فكرة العقد الكولونيالي، كما يجادل ميلز، هي التي شرعية على «حكم الأسم في آسيا وأفريقيا والمحيط الهادي»، وهي التي بنت العالم الحديث بوصفه «حكمًا عنصريًا، يخضع لهيمنة الأوروبيين عالميًا» (27 ,1997). وفي سياق الهند، كان القد الكولونيالى الذي يتصوره الإمبرياليون البريطانيون يرتكز على فكرة التفوق الحضاري البريطاني: فبموجب بنود العقد، تبادل بريطانيا الأثر الحضاري مقابل استخراج موارد الهند وإخضاع البلد سياسيًا. على أنه بمعرفة مركزية النوع الاجتماعي بالنسبة لإنشاء علاقات الحكم الكولونيالية، يصبح من الملائم إطلاق تسمية «العقد الجنسي الكولونيالي» على ما يطلق عليه ميلز العقد الكولونيالي. وفى واقع الأمر، تعتبر معاملة الهنود للمرأة علامة مهمة على الاختلاف بين المستعمر والمستعمر؛ فمن وجهة نظر الامبرياليين، كانت المستعمرة في أشد الحاجة إلى الإرشاد الحضاري في مجال العلاقات بين الجنسين، وعلى سبيل المثال، في كتابه «تاريخ الهند البريطانية» (History of British India (1820) 1990) كان الفيلسوف والمؤرخ النفعي جيمس ميل (James Mill) “يؤكد الوضع الحقيقي للهندوس في ميزان الحضارةمع وضع النساء كصانعات أساسيات للتقدم الحضاري. ووفقًا لما يقوله ميلز، كان وضع الهند شديد السوء بمقياس هذا الميزان؛ وزعم أنه «لا شيء يمكن أن يتجاوز الازدراء الذي يضمره الهندوس عادة لنسائهم»، بالإضافة إلى وجود «وضع من التبعية أكثر صرامة وازدراء من أسلوب المعاملة التي يلقاها الجنس الأضعف من الهندوس ولا يمكن إدراكها بسهولة» (280 ,1990 [1820]). وكان «إنقاذ» النساء في الإمبراطورية يعتبر جانبًا حاسمًا من «عبء الرجل الأبيض» ذاتي الإدراك لدى الكولونياليين: فالوضع المذل افتراضًا لنساء الهندوس، وفقا لكليات أوما شاكرافارتي (Uma Chakravarti)، كان تبريرًا لضرورة الحصول على «الحماية» من الدولة الكولونيالية وتبريرًا لـ «تدخلها» (1989,34).

ومع ذلك، كانت التمثيلات الكولونيالية للخلاص البريطاني للكيان النسوى الهندي متناقضة وتقيدها البنود الاستبعادية بالعقدين الجنسي والعنصري. وفي واقع الأمر، عندما بدأت النساء في المستعمرات يضغطن من أجل الحصول على حق التصويت، تكشفت حدود الاهتمام البريطاني بالنساء الهنديات, ففي عام 1919، على سبيل المثال، تقدمت المجموعات النسائية الهندية بالتماس إلى لجنة ساوثبورو (Southborough Commission)، وهي هيئة أنشئت لدراسة مسألة حق الانتخاب في الهند، ولتوسيع التصويت ليشمل النساء، لكن اللجنة رفضت التسليم بمطالبهن، وجادلت في تقريرها أن توسيع حق الانتخاب بحيث يشمل النساء «لا يتسق والشعور المحافظ في البلد ونحن نشعر بالرضا لأن الظروف الاجتماعية في الهند تجعل من السابق لأوانه توسيع حق الانتخاب بحيث يشمل النساء في هذا المنعطف». (5) وقد أثار التقرير عند نشره حنق الجماعات النسائية. ففي مجموعة من المقالات النسوية القومية في تلك الفترة، جادلت المؤلفات أن التقرير يوضح سعى البريطانيون الفوري لتصوير «ظروف الهند [باعتبارها] وراء الزمن [و] النساء الهنديات [باعتبارهن] عن جميع النساء، بينما يؤكدون من خلال التشريعات أن النساء والهند سيظلون متخلفين عن العصر» (1939,62 Chatopadhyaha). إن مقاومة بريطانيا لحق النساء في الانتخاب جعلت مزاعمها حول «حماية» النساء فارغة. كما أن رفض مسئولي الإدارات الكولونيالية منح المرأة حق الانتخاب قد كشف التناقض القائم في قلب العقد الكولونيالي: فالحكم الكولونيالي، حتى عند شجبه، يعتمد على إخضاع النساء.

إن الاهتمام بالطرق التي أسهمت من خلالها الخطابات الإمبريالية حول خلاص النساء الهنديات في تبرير العقد الكولونيالي قد أدى إلى إثارة مخاوف حول المخاطر الجغرافية السياسية لوضع النساء المركزي في برامج الديمقراطية والحكم لدى هيئة المعونة الأمريكية. ما الصور الجديدة للعقدين العنصري والجنسي للديمقراطية التي يجرى تمكينها أو تعزيزها إذا ما دخلت النساء «كصاحبات مصلحة في التنمية» بشكل أساسي، على النحو المتصور في إطار عمل «المبادرة الجديدة للشراكة» حول الحكم الديمقراطي؟ وإذا تعرضت علاقات القوى التي تشكل أساس العقد الجنسي الاجتماعي للخطر عبر الجهود الرامية إلى منح النساء حق الانتخاب، فما التحديات التي يمكن أن توضح علاقات القوى المعرضة للخطر في ما يتعلق بنموذج هيئة المعونة الأمريكية لديمقراطية المشاركة التي تتخذ من السوق مركزًا لها؟

في كتابه «مواجهة التنمية (Encountering Development)، يعتبر «أرتورو إسكوباره (Arture Escobar) تركز الخطاب حول المرأة جزءا من مسار التنمية كجهاز للرأسمالية المعاصرة: «لقد كان إدخال الفلاحين أول حالة لإنشاء مجموعة جديدة ضخمة من العملاء من أجل الجهاز، حيث تحولت نظرة الجهاز الادخارية والتكنولوجية نحو موضوع جديد.ومنذ السبعينيات وحتى اليوم، أمكن إدخال مجموعة أخرى من العملاء – حتى بكميات أكبر إلى فضاء التنمية المرئي: وأعنى النساء» (155, 1995). ويذهب إسكوبار في تحليله إلى أن إدخال النساء كعملاء للتنمية يسهم في توسيع نطاق وعمق العمليات الرأسمالية بحيث تصل إلى مواقع مثل الأسرة المعيشية. وتطرح «ماريا ميس» (Maria Mies) في كتابها «البطريركية والتراكم على نطاق عالمي» (Patriarchy and Accumulation on a World Scale) أن إدخال النساء بشكل واضح وصريح في التقسيم الدولى للعمل يخدم في أن تسهم مثل تلك المقاربات على حل «الأزمة العالمية» للرأسمالية لأن «النساء، وليس الرجال، يُعتبرن أفضل قوة عمل لعملية التراكم الرأسمالى على النطاق العالمي يمكن شراء [عملهن] بأسعار أرخص كثيرًا من عمل الذكور» (1998,116). على أن النساء في إطار «المبادرة الجديدة للشراكة» لا يمكن اعتبارهن ببساطة متلقيات للمعونة أو عمالة رخيصة لصنع السلع التي تحتاج إليها السوق العالمية – باعتبارهن عميلات، أي منتجات – بل بالأحرى، يجرى وضعهن في موقع شريكات في ثقافة العمل التجاري المعولمة التي يعتبرن فيها أصحاب المصلحة الأساسيات.

وعن طريق حشد النساء والمجموعات المهمشة الأخرى باعتبارهم مواطنين أصحاب أعمال في عملية العولمة، وعن طريق إدخالهم في عمليات الحكم – وليس استبعادهم منها – نجد أن مقاربات مثل «المبادرة الجديدة للشراكة» تعمل من أجل ضمان إذعانهم، وبالتالى لصالح استمرارية النظام الرأسمالي الديمقراطي. وبذلك، يأمل مهندسو «المبادرة الجديدة للشراكة» في بناء نظام ديمقراطي رأسمالي يمكن، في نهاية المطاف، الحفاظ عليه دون تدخل مباشر من الولايات المتحدة. ويكمن هدف «المبادرة الجديدة للشراكة» على المدى البعيد في «تعجيل الخروج من إطار مساعدة الولايات المتحدة». إن «خروجًا» ناجحًا في إطار «المبادرة الجديدة للشراكة» يتمثل في خروج تصبح فيه «الشراكات العالمية في مكانها وتعمل بفاعلية . ويوجد خلاله تقدم متواصل تجاه الديمقراطية والمشروع الحر» (USAID 1995f 5). إن «الخروج» بهذا المعنى يقدم تصورًا لعالم من المجتمعات الديمقراطية «الناجحة» التي تتجه نحو السوق.

في أول خطاب سیاسی رئیسی لجورج دبليو بوش حول المعونة الخارجية منذ الستينيات، دعا الرئيس في خطابه عام 2002 إلى «ميثاق جديد حول التنمية». ووفقا لما قاله بوش، فإن هذا الميثاق «يزاوج بين جودة السياسات وزيادة المعونة» ويعمل من أجل إدخال كل أفريقي، كل أسيوي، كل أمريكي لاتيني، كل مسلم، في دائرة موسعة من التنمية” (2, 2002). ويهدف الميثاق إلى «إمداد البلدان الفقيرة والنامية بالأدوات التي تحتاج إليها من أجل اقتناص فرص الاقتصادات العالمية» (4, 2002). على أن الميثاق يضم فقرة شرطية ذات دلالة، إذ أننا – كما يواصل قائلاً – «نتوقع في المقابل أن تتبنى ت تلك البلدان الإصلاحات والسياسات التي تجعل التنمية فاعلة ودائمة» (4 ,2002). فإذا كانت «الحضارة» قد مُنحت في ظل العقد الكولونيالي مقابل الإخضاع السياسي، فإن «التنمية» – وفقًا لشروط ميثاق بوش الجديد سوف تمنح في مقابل الامتثال للسياسة. وفي الواقع، وعن طريق الزيادة الهائلة في كمية المعونة المتاحة (5 بلايين دولار زيادة على المخصصات الحالية للمعونة) وربط فاتورة هذه المعونة على نحو وثيق بالامتثال لما يسمى السياسات الجيدة التي تتفق ومواصفات الولايات المتحدة، فإن ميثاق بوش الجديد يعد علامة على امتداد نطاق مشروع التنمية الديمقراطية الرأسمالية وتكثيفه.

في كتابهما المشترك «نهاية الرأسمالية» (The End of Capitalism)، يطرح فريق الكتابة جيبسونجراهام (J. K. Gibson-Graham) أهمية تجنب تمثيلات الرأسمالية العالمية ككيان اختراقى كلى القوة، يهيمن على جميع العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتماسة معه، من أجل تجنب الإهمال غير المتعمد في «ترسيخ هيمنة الهيكلة الاقتصادية العالمية على الحياة الاجتماعية والثقافية المحلية … [و] المشاركة في تدعيم مرحلة جديدة من الهيمنة الرأسمالية» ( 1996 vii-ix ). ويقترحان في المقابل ضرورة الاهتمام الشديد بالتناقضات والمشكلات واللحظات المعقدة في المواجهات المحلية مع عمليات الرأسمالية المعولمة. وتتمثل إحدى تلك المضاعفات الملازمة لإطار عمل «المبادرة الجديدة للشراكة» في أن مهندسيها يشيرون إلى مجموعات القواعد الشعبية الجماهيرية بوصفها مجموعات من المرغوب بوجه خاص العمل معها، كما يحثون بعثات هيئة المعونة الأمريكية على «تحديد الروابط والحركات الاجتماعية الحالية، المرتكزة على العضوية، ويتبينون إمكاناتها واستعدادها لأن تصبح أكثر انخراطًا في أنشطة برامج التنمية الوطنية» (USAID 1995d 8). على أن ما يدعو إلى السخرية أن تلك المجموعات نفسها، التي تأمل هيئة المعونة الأمريكية في العمل معها، غالباً ما تكون أكثر المجموعات مقاومة لثقافة التنمية المرتبطة بنزعة العمل التجاري الديمقراطية التي يناصرها مهندسو «المبادرة الجديدة للشراكة». وفى القسم التالي، سوف أتناول الطرق التي تتبعها إحدى تلك المجموعات في الهند – وهي مجموعة «التحالف الوطني للحركات الشعبية» – في جهادها من أجل تعزيز ثقافة المشاركة في المسئولية الديمقراطية المناهضة لمنطق الديمقراطية الرأسمالية.

على الرغم من أن مبادرات مثل «المبادرة الجديدة للشراكة» التي أطلقتها وكالة المعونة الأمريكية تتمتع بمساندة واسعة، فقد كشف حلفاء مثل «التحالف الوطني للحركات الشعبية» عن أن موقعهم يبتعد عن موقع الهيمنة. لقد تأسس «التحالف الوطني للحركات الشعبية» عام 1992 بهدف «العمل من أجل الوفاء بالوعد غير المتحقق بشأن الديمقراطية والمساواة والاستقلال في الهند» ( NAPM 1996 .2). وعن طريق الربط بين المنظمات القبلية والنسائية والداليت (6) والأقليات والعمالية والزراعية، تمكنت هذه المجموعات من التجمع في مواجهة «السياسة الاقتصادية الجديدة» التي اتبعتها حكومة الهند، حيث وضعت الاقتصاد الهندى على مسار العولمة والليبرالية والخصخصة، في مواجهة تنامي السياسات الطائفية، وقد عقد التحالف في عام 1996 اتفاقية وطنية بين مائة منظمة، بغية توضيح الأساس المشترك لعملهم وتحديد بعض الأهداف المشتركة من خلال برنامج عمل. وقد أوضحت تلك المنظمات أن وثيقة الاتفاق «ليست بمثابة مانيفستو أو ميثاق للمطالب. إنها توضح موقفها الأيديولوجي ويمكن أن تشكل أساسًا لتعزيز الوحدة بين المنظمات الشعبية على نطاق واسع، علاوة على تطوير برنامج» (3, 1996). ويكمن جوهر هذه الوثيقة في الدعوة إلى «تطوير ديمقراطية شعبية ترتكز على سيطرة الشعب على الموارد» (4, 1996). وسوف أتناوله في القسم التالى تعارض الرؤى بين برنامج «التحالف الوطني للحركات الشعبية»، ومشروع «المبادرة الجديدة للشراكة» حول المواطنة الديمقراطية التي تشكل أساس كل من البرنامج والمشروع. وبعد ذلك سوف أتناول نموذج «التحالف الوطني للحركات الشعبية» في ما يتعلق بالديمقراطية التحريرية مقارنة بنموذج ماكفرسون لديمقراطية المشاركة، وأجادل أنه على الرغم من أن الاثنين يتقاسمان الكثير، فإن نموذج «التحالف الوطني للحركات الشعبية» يتحدى فكرة «ماكفرسون» القائلة إن اقتصادات الوفرة هي فقط التي يمكن أن تؤازر ديمقراطية المشاركة.

إن برنامج «التحالف الوطني للحركات الشعبية»، مثله مثل «المبادرة الجديدة للشراكة»، يؤكد الحاجة إلى زيادة المشاركة في الديمقراطية ولامركزية السلطة للفاعلين المحليين. ويدعو مهندسو برنامج «التحالف الوطني للحركات الشعبية»، على سبيل المثال، إلى «ديمقراطية تشاركية كاملة تضمن وجود أقصى سلطة سياسية اقتصادية في أيدى الناس، مع تقليص دور الدولة إلى الحد الأدنى» (NAPM 1996 .7). ذلك، تختلف الوثيقتان تمامًا، من زاوية ومع فهمها لفوائد مثل تلك المشاركة. فعلى حين ترى «المبادرة الجديدة للشراكة» أن زيادة المشاركة تسهم في تسخير الطاقة من أجل تنمية تقود إلى توسيع اقتصاد السوق ليصل إلى أكثر المستويات محلية، فإن «التحالف الوطني للحركات الشعبية» يرى أنها تسهم في تعبئة الدعم من أجل تنمية بديلة تقاوم توسع الرأسمالية العالمية. ويعد هذا الفهم المتباعد للتنمية محورًا يمكن عن طريقه التمييز بين هذه النماذج من الديمقراطية. وعلى الرغم من أن «التحالف الوطني للحركات الشعبية» و«المبادرة الجديدة للشراكة» يتقاسمان الالتزام ببناء الشراكة والمجتمع المدني، فإن رؤية «التحالف الوطني للحركات الشعبية» البديلة للتنمية تقود أصحابها إلى تصور مجموعة مختلفة من الشركاء ونوع مختلف من الشراكة.

وعلى حين تجاهد «المبادرة الجديدة للشراكة» من أجل إدخال من كانوا مستبعدين سابقًا إلى عملية التنمية كمستفيدين ممكنين، يسعى «التحالف الوطني للحركات الشعبية» إلى تجميع من عانوا من «نماذج وبرامج ومشروعات التنمية في فترة ما بعد الاستقلال»، مثل: «القرويون في مختلف أنحاء الهند [الذين] يحاولون إنقاذ مواردهم الطبيعية المشتركة كالغابات والمراعي من عمليات الخصخصة والاستغلال التي تستهدف تحقيق أرباح على المدى القصير و«الأديفاسيس»، وغيرهم من الريفيين [الذين] يناضلون من أجل إنقاذ أراضيهم من أن تغمرها السدود أو تتلفها المشروعات الصناعية الكبرى … [و] الحرفيين التقليديين الدين تنخفض قيمة رزقهم بسبب الإنتاج الضخم المميكن الناتج عن الاقتصاد الحديث» ( NAPM 1996. 2). ولا يقتصر تركيز برنامج التحالف الوطني للحركات الشعبيةعلى الفقراء فحسب، وإنما يمتد ليشمل أيضًا الطرق التي تأثرت من خلالها النخب تأثيرًا سلبيًا عند إدخالها في الديمقراطية الرأسمالية، ويطرح برنامج العمل، على سبيل المثال، أن قاطنى المدن المنتمين إلى الطبقة الوسطى يحصلون على دخول متزايدة، لكنهم يعانون من تدني مستويات المعيشة بسبب «الحياة المؤتمتة المليئة بالتوترات» والتي أنتجتها الرأسمالية الحديثة. وبالمثل، نجد أنه حتى الأثرياء غير محصنين أمام التفسخ البيئي للتنمية الرأسمالية وبالتالى يمكن اعتبارهم شركاء إمكانيين في النضال من أجل تنمية تستهدف تمكين الناس ضد الثقافة الاستغلالية المهيمنة التي تقترن بشروط «الخصخصة» و«اللبرلة» (2 ,1996).

وفي مقابل تركيز أصحاب «المبادرة الجديدة للشراكة» على الحاجة إلى بناء «شراكات استراتيجية» تستهدف حل المشكلة التنموية حلاً فعالاً، يأمل نشطاء «التحالف الوطني للحركات الشعبية» في تعزيز نوع الشراكة الذي يتجاوز «مجرد شبكات العمل في قضايا بعينها» (NAPM 1996. 2). ويطرحون شراكة تقود إلى تمكين الجماعات من والظهور بقواسم أيديولوجية مشتركة محددة واستراتيجية مشتركة … [و] يمكنهم إحياء قوة اجتماعية [و] سياسة قوية»، ويتيحون للجماعات الإبقاء على «هويتها المستقلة» (2 ,1996). إن هذا النموذج من الشراكة يمثل ما أسميه «التقارب المقاوم»، حيث إنه يتميز بوجود ارتباط بين تحليلات المجموعات للإخضاع الاقتصادي والسياسي والثقافي والنوعي على النحو الذي يتبع إدراك نجاح نضال كل مجموعة باعتباره متوقفًا بحسم على نجاح نضالات المجموعات الأخرى، ونتيجة ذلك، تشترك المجموعات في الحملات التي يشنها بعضهم البعض اشتراكًا وتتبادل التعزيز . ففي عام 2003، على سبيل المثال، شرع «التحالف الوطني للحركات الشعبية» في جولة في جميع أنحاء الهند «ضد العولمة والطائفية»، حيث قام أعضاؤه بزيارة المجموعات والحملات المحلية المختلفة والعمل معها من أجل ربطها ببعضها البعض و«بالنضال في جميع أنحاء البلد» (NAPM 2003 .1).

وعندما يتباعد نموذجا الشراكة لدى كل من «المبادرة الجديدة للشراكة» و«التحالف الوطني للحركات الشعبية»، تتباعد تصوراتهما أيضًا حول الفاعل السياسي الذي يشكل أساس تلك الشراكة. وبالفعل، نجد أن نموذج الشراكة لدى «المبادرة الجديدة للشراكة»، المتعلق بتحالف مصالح قصير المدى، هو نموذج يتفق مع فهم الفاعل السياسي باعتباره رجل / سيدة أعمال يشترك مع الآخرين من أجل زيادة مصالحه/ مصالحها الذاتية. لكن الشراكة التي يتصورها «التحالف الوطني للحركات الشعبية» تتطلب شخصًا مختلفًا، شخص بكليات جاياتری شاکرافورتی سبيفاك (Gayatri Chakraverty Spivak) «مهتم بالمسئولية» وجزء من ثقافة تعتبر الناس، سواء اختاروا أو لم يختاروا إدراك ذلك، «مسئولين عن معاناة الآخرين» (1992 a 7). إن الإقرار بإدخال شخص في المسئولية، كما تجادل سبيفاك، يؤدى إلى اضطراب عميق في الرأسمالية، لأنها نظام يعتمد على رفض ذلك الإقرار «من أجل امتلاك القدرة على تبرير نفسه أمام أعضاء المجتمع الخاملين» (1992 a 8). إن «التحالف الوطني للحركات الشعبية» يحث الناس على إقرار هذه المسئولية، وخاصة الشباب والطلاب، الذين يدعونهم إلى «الابتعاد عن حياة تضرب بجذورها في العمل المهني والنزعة الاستهلاكية، وإعطاء الوقت والطاقة للإسهام في هدف «التحالف الوطني للحركات الشعبية» المتمثل في المساواة والعدالة والاستمرارية» (NAPM 1996 .15).

وكما هي الحال في نموذج «المبادرة الجديدة للشراكة»، تحتل النساء موقعًا مركزيًا في رؤية «التحالف الوطني للحركات الشعبية» للديمقراطية. وبينما تركز «المبادرة الجديدة للشراكة» على سبل إدخال النساء في عمليات الديمقراطية الرأسمالية العالمية، يركز «التحالف الوطني للحركات الشعبية» على أسباب الإخضاع. وبدلاً من التركيز الأولى على أنشطة النساء الاقتصادية، يروج «التحالف الوطني للحركات الشعبية» لرؤية عريضة حول تمكين النساء، رؤية تسعى إلى تمكين النساء وتسعى إلى تحسين جميع جوانب حياة النساء:

إننا نعارض عدم المساواة بين الجنسين في جميع أشكالها، والتي ترتكز أساسًا على البطريركية؛ ونجاهد من أجل توفير جميع حقوق الإنسان الأساسية للنساء بغض النظر عن الطائفة والدين، والنوع الاجتماعي. إننا نعمل من أجل إصدار قوانين مدنية تتسم بالعدالة الكاملة في ما يتعلق بالنوع الاجتماعي ونعني القوانين التي تحكم الزواج، والطلاق، وحقوق الملكية، والميراث، والتبني، والرزق، والتحرر من التمييز على أساس الدين. ونحن ندعم تقييم عمل النساء على قدم المساواة، ونعترف بدلالة مساهمة النساء في مؤازرة المجتمع المحلي والثقافة. كما أننا نقدر تمكين النساء ومشاركتهن في جميع المجالات على قدم المساواة مع الرجال في مجال اتخاذ جميع القرارات وصنع السياسة وتنفيذها على صعيد الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية (NAPM 1996. 7).

وتعتبر النساء أنفسهن لاعبات مركزيات بالفعل في المنظمات التي تشكل «التحالف الوطني للحركات الشعبية». وعلى سبيل المثال، توضح منظمة «ميدها باتكار» (Medha Patkar)- التي تولت تأسيس «التحالف الوطني للحركات الشعبية» – أن النساء يعتبرن «قوة أساسية» في إحدى المنظمات الرئيسية في التحالف، وهي «حركة إنقاذ نارمادا» التي تناضل ضد سد نارمادا (1995,163). إذن صورة المرأة هنا ليست صورة المرأة بوصفها (مع مساعدة وكالات المعونة) سيدة أعمال إمكانية، وإنما بوصفها قائدة تنخرط حاليًا في المجتمع المحلى وناشطة مسئولة في الحركة (بالمعنى الذي تطرحه سبيفاك).

إذا كانت التحركات التي تتحدى عمليات الاستبعاد الديمقراطي قد كشفت جزئيًا تناقضات العقد الجنسي الكولونيالي، فقد أدى النضال في مواجهة بنود وشروط الإدماج في النظام الديمقراطي الرأسمالي العالمي إلى الكشف جزئيًا عن تناقضات الأطر الرأسمالية الديمقراطية للتنمية. وعلى سبيل المثال، يتذكر جوستافو إستيفا (Gustavo Esteva) و مادهو سوری براکاش (Madhu Suri Prakash) كيف قامت أورميلا باتل (Urmila Patel) زوجة رئيس الشركة التي تم التعاقد معها للإشراف على مشروع بناء سد نارمادا، بتنظيم آلاف القرويين في تجمع مناصر للسد. ويشير كل من إستيفا وبراكاش إلى أن الاستراتيجية الرسمية للمشاركة الشعبية تضم جلب كثير من الخاسرين للقتال على الجانب الفائز، وذلك بتعبئة الناس بالطريقة التي تتبعها تقليديًا مجموعات الجماهير الشعبية والاضطراب الذي تسببه مثل تلك التغيرات في طبيعة المواجهة يتفاقم لأن جماعتي الضغط تتحدثان اللغة الاقتصادية نفسها المتعلقة بالتنمية المستدامة، واللغة الأخلاقية نفسها المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والمساواة» ( 48 ,1992). ومع ذلك، عندما تتحرك المشاركة الشعبية ضد أوامر رأس المال المعولم، يجرى إلقاء الضوء على حدود المشاركة «المقبولة». وعلى سبيل المثال، تتذكر باتكار رد فعل المسئولين تجاه المسيرة السلمية احتجاجًا على السد، والتي قادتها منظمة نارمادا:

في أثناء المسيرة، تم تحدى كل من الحكومة والبنك الدولي وأيضًا الالتماس إليهم. إن خروج آلاف من الناس لنضال استمر 36 يومًا يشير بوضوح إلى مدى التزامهم. ولا يمكن تصديق ما واجهوه على حدود جوجارات، في ظل وجود آلاف من رجال الشرطة على طول الحدود وممارسة القمع – بما في ذلك إطلاق القنابل على المشاركين في المسيرة، واعتقالهم، وتمزيق ملابس النساء الناشطات – وذلك عندما كانت مجموعات من المسيرة تحاول في صمت عبور الحدود، وأيديهم مطوية أمامهم إشارة على التزامهم السلمي (166 ,1997).

وتشير النساء الموجودات في جبهة الاحتجاج الأمامية إلى أن الاستراتيجيات الرسمية للمشاركة الشعبية، التي وصفها كل من إستيفا وبراكاش، لن تختارهن بسهولة.

ویری مهندسو «التحالف الوطني للحركات الشعبية» إمكانية بناء فضاء حاسم خارج عالم المؤسسات السياسية التقليدية لتشكيل السياسات الديمقراطية، وذلك عبر تطوير ثقافة سياسية تقدمية. في مقدمتهم لكتاب «ثقافات السياسة/ سياسة الثقافات (Cultures of Politics/Politics of Cultures)، تطرح سونيا ألفاريز (Sonia Alvarez) وإقلينا داجنينو (Evelina Dagnino) وأرتورو إسكوبار (Arturo Escobar) منظورًا حول المواطنة «يعتبر النضالات الديمقراطية مشتملة على إعادة تعريف، ليس للنظام السياسي فحسب وإنما أيضًا للممارسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يمكن أن تؤدى إلى تولید نظام ديمقراطي للمجتمع ككل» (2 ,1998). ويذهب نشطاء «التحالف الوطني للحركات الشعبية» إلى أن المجال غير الانتخابي يعد موقعًا حاسمًا لبناء ثقافة سياسية ديمقراطية جديدة. ووفقًا لبرنامج عملهم: «يجب أن يأخذ الناس زمام المبادرة الآن، ويملون شروطهم ويسيطرون من خلال محاولة وطنية خارج السياسات الانتخابية الضيقة. فالسياسات غير الانتخابية تمتلك …. موقفًا قويًا ولديها دور تلعبه في تمكين وتعبئة الناس، وإثارة ضمير الأمة، ووضع أجندة الشعب في المرحلة المركزية. وبذلك ستكون سياسات الشعب» (NAPM 1996. 7).

وعلى الرغم من أن «التحالف الوطني للحركات الشعبية» يؤكد إمكانات السياسات غير الانتخابية والحركات المرتكزة على الناس كفضاءات لبناء الثقافة الديمقراطية، وباعتباره منظمة غير حزبية في حد ذاته، يحث التحالف الناس والمنظمات الشعبية أيضًا على «التدخل بفاعلية هادفة في السياسات الانتخابية» (1998 a .1). ففي أثناء الانتخابات الوطنية لعام 1998 في الهند، على سبيل المثال، قامت المنظمات المنتسبة إلى التحالف في عديد من المدن والقرى عبر أنحاء البلد بدعوة المرشحين إلى المنتدى الشعبى (لوك مانش) للإجابة عن الأسئلة و«مواجهة قضايا [حقوق] الداليت والمسلمين والنساء والصيادين والفلاحين والقبائل، والانقضاض على الخصخصة والعولمة» (NAPM 1998b .2).(7) وبهذه الطريقة، تتيح حتى الانتخابات نفسها فرص لتوضيح «سياسات الشعب». وسوف أنتقل في القسم التالي إلى خطة مهندسي برنامج عمل «التحالف الوطني للحركات الشعبية» حول «سياسات الشعب» كنموذج بديل للمجتمع الديمقراطي.

يتمثل المبدأ الرئيسي للديمقراطية التنموية التي تتخذ من الشعب مركزا لها، في برنامج «التحالف الوطني للحركات الشعبية»، في «أن المطلب الأول حول استخدام الموارد سوف يتعلق بتلبية الاحتياجات الأساسية وحماية الرزق» (NAPM 1996. 4). وفي ظل هذا المبدأ، يرسخ النشطاء نموذجهم للديمقراطية من خلال إدراك مركزية التنمية، ليس على أساس النمو الاقتصادي بذاته وإنما على أساس «حق الناس في الحياة بكرامة» (4 , 1996). أما البنية المؤسسية لتلك الديمقراطية، فسوف «تنبني من المجتمع المحلى بدءًا من المستوى الوسيط ووصولاً إلى المستوى الوطني، في ظل أنماط ديمقراطية للتخطيط واتخاذ القرار تستخدم لاتخاذ تلك القرارات» (4, 1996). كما أن نمط الديمقراطية بالمؤسسة المركزية في «التحالف الوطني للحركات الشعبية»، باعتبارها بمثابة القاعدة، هو «بانشايات معدل» – أي الشكل التقليدي للحكم الذاتي التشاركي المحلي في الهند.

إن هذا النموذج للديمقراطية يمثل، بطرق عديدة، نموذج «ماكفرسون» للديمقراطية التشاركية. إذ يوصى أيضًا بنظام تراتبي، نظام يرتكز على «الديمقراطية المباشرة عند القاعدة والديمقراطية التفويضية عند كل مستوى أعلى من ذلك» (Macpherson 1977 .108). على المستوى المحلى (الذي يتخيل ماكفرسون أنه الجوار أو المصنع في المجتمعات الصناعية الغربية)، تصبح المواجهات المباشرة بمثابة النمط المتميز للانخراط الديمقراطي. وعندئذ، تتولى هذه المجموعات انتخاب المندوبين الذين يشكلون مجلسًا على المستوى التالي. ويهتم «ماكفرسون» بوجه خاص بالمساءلة الديمقراطية، ويؤكد أن «صانعي القرار وصائغى القضايا المنتخبين من أسفل يجب أن يكونوا مسئولين عن الأدنى منهم، وذلك بإخضاعهم لإعادة الانتخاب أو حتى الاستدعاء» (109 ,1977). إن هذا التركيب من الديمقراطية المباشرة وغير المباشرة يمكن أن يضمن توليد المطالب من أسفل ويخضع تنفيذها للمساءلة أمام من هم أدنى.

وعلى الرغم من أن هذه النماذج تتقاسم رؤية مؤسسية متشابهة، فإننا نجدها تختلف في جانب حاسم: أن فهمها للظروف الاقتصادية يعد ضروريا للتحرك نحو ديمقراطية المشاركة. ويجادل «ماكفرسون» أن الشرط الضروري لمثل هذا التحرك يكمن في وجود اقتصاد الوفرة. ونظرًا لارتباط الحرمان الاجتماعي والاقتصادى بانخفاض المشاركة، فإن زيادة الوفرة سوف تعمل على توليد المنافذ الضرورية لتوسيع المشاركة. ويذهب ماكفرسون إلى أن الرابطة بين الديمقراطيات والسوق ستصبح فحسب «غير ضرورية إذا افترضنا أننا وصلنا الآن إلى مستوى تكنولوجي من الإنتاجية يتيح توفير حياة جيدة لكل شخص ويمكن بالطبع تحدي هذا الافتراض، لكن إنكاره يعني عدم وجود إمكانية لأى نموذج جديد المجتمع ديمقراطي، وبالتالي لا ضرورة لمناقشة مثل ذلك النموذج» (22 ,1977)، وهو يعترف بأن عدم عدالة توزيع الثروة العالمية بين الدول يقود إلى توليد هذه الوفرة. ويشير حتى إلى تقليص التفاوت العالمي بوصفه عاملاً يمكن أن يحول دون نجاح نموذجه لديمقراطية المشاركة في البلدان الغريبة. كما كتب قائلاً: إذا «كانت الدول المتخلفة قادرة، عن طريق الابتزاز بالتهديد النووى أو غيره، على فرض إعادة توزيع للدخل بين الدول الغنية والفقيرة»، فإن ذلك يزيد من صعوبة «التقليص الضرورى المطلوب للتفاوت الطبقى داخل الدول الغنية» (8 -107 ,1977).

ومع ذلك، فإن النموذج الذي أعده «التحالف الوطني للحركات الشعبية» يتحدى تلك الفرضية. فبدلاً من افتراض اقتصاد الوفرة، يطرح معدو برنامج عمل التحالف اقتصاد البساطة الذي يرتكز على «ساداجي» (الحياة البسيطة) و«ساماتا» (المساواة)، كشرط أساسي لنموذجه الخاص بديمقراطية المشاركة. ويفسرون هذا الاقتصاد بالأسلوب التالي: “التزام نحو «ساماتا» وعدالة في التوزيع تتطلب بالضرورة استخدام أكثر عدالة للموارد، بما يؤكد تلبية الاحتياجات الأساسية من الغذاء والملابس والمأوى والصحة والتعليم للجميعوهو ما لا يمكن ضمانه إلا عند وقف الإنفاق العام غير الضروري والإسراف في الاستهلاك، فضلاً عن تقدير الإبداع والإنسانية غير الأنانية وليس الوفرة المادية» (NAPM 1996 .7). كما يتناول جزء كبير من برنامج «التحالف» الاستراتيجيات الخاصة بمقاومة الأخلاقيات الاستهلاكية. وعلى سبيل المثال، كتب معدو البرنامج قائلين إن النزعة الاستهلاكية «تحط من كرامة النساء، وتشجع على سوء معاملة الأطفال، وتعوق نموهم إلى بشر ناضجين، كما تشجع على العنف» (6 ,1996). وعلاوة على ذلك، هناك مستويات متزايدة من الاستهلاك في هذا النموذج لا تعتبر مؤشرًا على تقليص التفاوت الطبقي. وبالأحرى، ومع معرفة محطات البداية والنهاية لرأس المال عبر القومي (سواء من الغرب أو إليه)، ينظر إلى مثل هذا الاستهلاك باعتباره يستنفد «موارد الدولة من أجل تراكم الربح في أيدى قطاع الأقلية الخاص على المستويين الوطني والدولي» (4 ,1996). وعلى هذا النحو، يدعو «التحالف الوطني للحركات الشعبية» إلى النضال ضد الشركات متعددة القومية مستخدمًا شعارات مثل «لا نريد البيبسي / الكوكاكولا – إننا نريد الماء» (8, 1996).

يرتكز إذن هذا النموذج لديمقراطية المشاركة على اقتصاد يلبي فورًا احتياجات الناس الأساسية، ولا يتطلب (وبالطبع يجب أن يدمر) عدم العدالة في توزيع الثروة بين الأمم. وفي واقع الأمر، ينظر إلى الاقتصادات الرأسمالية للوفرة – في ما يتعلق بتوليد الإنتاج– باعتبارها تقود إلى حياة التقشف.

يوجد مهرجان في يوم الانتخاب يخرج الناس، في حالة إثارة، في مجموعات للإدلاء بأصواتهم. لكنهم يجدون مظهر مركز التصويت مثير للريبة سيحدث عراك دون شك. يركض كل شخص من أجل حياته. يركض ممثلو المرشحين للإمساك بالناخبين. ويركض أفراد الشرطة لمساعدتهم. وعندما يركض أفراد الشرطة لا تعنى الحكومة أمرًا جيدًا. وفي مثل هذا المجد، هل تصل الانتخابات العامة الثالثة إلى نهاية (Devi 1993 .32).

إن قصة ماهسويتا ديفي!” التي تقيم الانتخابات العامة الثالثة في الهند، المشار إليها أعلاه، تتحدث عن إغواء الإدماج الديمقراطي ومخاطره. فبينما نجد الفلاحين في قصة «ديفي» مستعدين للمشاركة، فإن المؤسسات والعمليات التي توجه مشاركتهم تهدد بتعزيز علاقات القوى المألوفة والخطيرة في القرى، وتعزيز ما أطلقت عليه سبيفاك اسم «الرابطة بين الراكضين والمتنافسين» (1992 b .106).

ونظرًا لأن الخط القائم بين الراكضين والمتنافسين يهدد بأن يصبح حتى أكثر رسوخًا في ظل عمليات العولمة المعاصرة، يجدر بوجه خاص دراسة عمليات الإدماج الديمقراطي – مع معرفة أن من أخلاقيات الديمقراطية ومؤسساتها أن ننتقد عادة ونحارب علاقات القوى تلك. وعلى سبيل المثال، يجادل ديفيد هلد (David Held) في كتابه «نماذج الديمقراطية» (Models of Democracy) قائلاً: «إننا نعيش اليوم في سياق نقطة تحول أساسية … [حيث] تركيز السلطة التدريجي على أساس رأس المال متعدد القوميات، يمكن أن يقود إلى تمدد «القدرة التنظيمية للمصالح الجغرافية السياسية المهيمنة» على حساب «فاعلية الديمقراطية ومدى وصولها داخل حدود كثير من البلدان ويتجاوزها» (353 ,1996) ولمواجهة هذا السيناريو، يؤكد هلد أهمية «الديمقراطية الكوزموبوليتانية، التي «تعمق وتوسع الديمقراطية عبر البلدان، والمناطق، والشبكات العالمية» (353 ,1996)، ونحو تطوير مثل تلك الديمقراطية، يركز هلد وغيره من الديمقراطيين الكوزموبوليتانيين على المؤسسات السياسية والاقتصادية العالمية أساسًا، مثل منظمة التجارة العالمية وهيئة الأمم المتحدة. ويجادلون حول ضرورة إعادة تنظيم تلك المؤسسات بحيث تصبح أكثر انفتاحًا على المشاركة الديمقراطية (Archibugi 1993; Held 1996; Cabrera forthcoming)، وبينمها أجد أن التركيز على تلك المؤسسات يعد أمرًا ملحًا، فإنني أطرح في هذا المقال ضرورة التركيز في الوقت نفسه على معنى المشاركة ذاتها. لقد أكدت في هذا المقال أن العمليات المعاصرة للعولمة قد أدت إلى تغيير بنود التعارض بين النماذج المتنافسة من الديمقراطية، بحيث أصبحت نماذج الديمقراطية التي تتخذ من السوق مركزًا لها والتي لا تتخذ من السوق مركزًا لها تتقاسم الله الخاصة بالمشاركة نفسها، بينما تحافظ على رؤى صارخة الاختلاف حول ما تخدمه تلك المشاركة. ولهذا السبب، يجب توضيح المشاركة كمصطلح: أي ضرورة زيادة تحديد نوع المشاركة التي يمكن أن تنافس مظالم العولمة. إنها أنماط المشاركة المنصورة في نماذج للديمقراطية مثل نموذج «التحالف الوطني للحركات الشعبية»، وهي الأنماط التي تمزق الرابطة بين الديمقراطية والرأسمالية بطرق لا تعتمد على عدم العدالة في توزيع السلطة العالمية أو الثروة، بما يمكن أن يولد مقاومة معمقة للتراتبيات التي تعززها العولمة.

أود أن أتوجه بالشكر إلى كل من: لويس كابريرا (Luis Cabrera)، كريستين دی ستيفانو (Christine Di Stefano)، كوشيك جوش (Kaushik Ghosh)، نانسی هارتسوك (Nancy Hartsock)، کیمبرلی مانينج (Kimberley Manning)، لارين ماكلافلين (Larin McLaughlin)، بریتی رامامورثی (Priti Ramamurthy)، إيمي كاريللو رو Aimee Carrillo Rowe))، باميلا تریفیدی (Pamela Trivedi) لما قدموه من مدخلات مفيدة هذا المقال. كما أتوجه بالشكر إلى أعضاء Escuela Popular Norteña لأفكارهم الموحية وتضامنهم في النضال.

*مترجمة.

Chosrine Keating. “Developmental Democracy and Its Inclusions: Globalzafion and the Transformation of Participation”. Signs Wintes 2006, Vol. 29, No. 2: pp/ 417-437.

(1) في النظرية الديمقراطية، عادة ما يستخدم مصطلح الديمقراطية التنموية للإشارة ضمنًا إلى تلك النماذج من الديمقراطية التي تؤكد القيمة الجوهرية للمشاركة السياسية من أجل تنمية المواطنين كبشر” Held 1996 .44)). وبينما يصدق ذلك على نموذج وكالة المعونة الأمريكية ونموذج التحالف الوطني للحركات الشعبية في ما يتعلق بالديمقراطية التنموية (وإن كان بطرق مختلفة تمامًا لكل منهما)، فقد استخدمت في هذا المقال كلمة تنمويللإشارة أساسًا إلى تلك النماذج من الديمقراطية التي ترتبط بتناول عمليات التنمية وخطاباتها أو المنافسات القائمة بينها.

(2) انظر/ ي: Pateman 1970; Macpherson 1977; Cohen and Rogers 1983; Barber 1984)

( (3انظر/ ي مجموعة المقالات بعنوان Participation: The New Tyranny? (Cooke and Kothari 2001) للاطلاع على تحليل ناقد لخطابات وتقنيات وممارسات تنمية التشاركية عبر عدد من هيئات التنمية ومشروعاتها المختلفة. وكما يشير عديد من الكتاب، يجدر التفرقة بين الانتقادات المتعلقة بما يمكن أن تضفيه الطرق التي تولدها المشاركة نتيجة تلك الممارسات من طابع مادى على علاقات القوى الحالية، وتلك الانتقادات المتعلقة بالمشاركة وتطرح أن «معرفة الخبراء والدولة أفضل بالفعل، بشكل عام، وأن مديري المنظمات والمشروعات يحتاجون إلى حرية العمل السريع من أجل تحقيق النتائج، وأن اهتمام الناس بتحقيق تحسينات جوهرية في حياتهم على المدى القصير أكثر من اهتمامهم بالمشاركة» (Taylor 2001. 138). إن المطروح للنقاش في التقييمات التقدمية للمقاربات المعاصرة في مجال التنمية لا يتمثل في قيمة المشاركة ذاتها، بل يكمن بالأحرى في شروط مثل تلك المشاركة.

(4) انظر/ ي المجموعة الصادرة بعنوان «الفكر النسوى ما بعد التنموي» (Feminist Post-development Thought (Saunders 2002))، على سبيل المثال، للاطلاع على مناقشة واسعة النطاق وناقدة للتطور التاريخي، وإمكانات الفاعلية، والآثار الخطابية لما أطلقت عليه ساوندرز (Kriemild Saunders) “تعميق الاندماج، وزيادة المشروعيةللتركيز على النساء في الأجندات الثنائية والمتعددة الأطراف للتنمية (1 ,2002).

(5) من المثير للاهتمام أن معارضي حق المرأة في الانتخاب في بريطانيا استخدموا تكتيكات مماثلة من أجل إقناع النساء في انجلترا بالعدول عن شن حملات من أجل التصويت. وعلى سبيل المثال، تتذكر الناشطة النسوية والقومية موثولاكشيمي ريدي (Muthulakshmi Reddi) في إحدى خطبها أن «أولئك الذين جاهدوا من أجل حق النساء في الانتخاب في بريطانيا كانوا يواجهون على الدوام بالحجة القائلة إن النساء إذا منحن أصواتا في أم البرلمانات [أى بريطانيا العظمي]، فإن «التابعة الكبرى» [أي الهند] سوف تفقد احترامها لسلطتها» (4 ..n.d). إن توظيف مثل هذا الخطاب في محاولة إقناع النساء البريطانيات بالتحريض من أجل التصويت قد كشف عن بعض أصحاب المصلحة العنصريين المواليين للعقد الجنسي داخل الدولة الامبريالية.

(6) كلمة داليت (Dalit) تعنى «المجموعة المضطهدة»، وهو مصطلح تفضل كثير من الجماعات الطائفية المتدنية أو الطوائف «المسجلة» إطلاقه عليها.

(7) نتيجة لاجتماعات المنتدى الشعبي (لوك مانش) في القرى القبلية في وادى نارمادا بولاية ماهاراسترا الهندية، قررت العديد من القرى عدم قبول أي من المرشحين وقاطعت الانتخابات، بحيث كانت «غرفة الاقتراع في مانيبيلي، ونيمجافهان، ودانل وغيرها من الأماكن فارغة في يوم الاقتراع»(NAPM 1998b, 2)

Alexeander, M. Jacqui, and Chandra Talpade Mohanty, eds. 1997. Feminist Geneologies, colonial Legacies, Democratic Futures. New York: Routledge.

Alvarez, Sonia E., Evelina Dagnino, and Anrtyro Escobar, ,,,,. 1998. Cultures of Politics / Politics of Cultures: Re – visioning Latin American Social Movements. Boulder, Colo. : Westview.

Archibugi, Daniele. 1993. “ The Reform of the Un and Cosmopolitan Democracy: A Critical Review. “ Journal of Peace Research 30 (3): 301- 15

Barber, Benjamin. 1984. strong Democracy: Participatory Politics for a New Age. Berkeley: University of California Press.

Bush, George W. 2002. “ Remarks by the President on Glogal Development. “ Speech befor the Inter – American Development Bank, Washington, D. C. Available Online at

https://whitehouse.gov/news/release/2002/03/20020314-7.html.

Cabrera, Luis. Forthcoming. Political Theory and global justice: The Cosmopolitan Imperative. new york: Routledge.

Chakravarti, Uma. 1989. “ Whatever Happened to the Vedic Dasi ? orientalism, Nationalism, and a Script for the Past. “ In Recasting Women: Essays in colonial History, ed. Kumkum Sangari and Sudesh vaid, 27 – 87. New Delhi: Kali for women .

Chattopadhyahya, Kamaladevi et al. 1939. The Awakening of Indian Women. Madras: Everyman’s Press.

Cohen, Jushua, and joel Rogers. 1983. On Democracy. Middlesex: Penguin.

Cooke, bill, and Uma Kothari, eds. 2001. Particapation: The New Tyranny ? London: zed.

Devi, Manasweta. 1993. Immaginary Maps. Trans. Gayatri Chakravorty Spivak. cacutta: Thema.

Escobar, Artuo. 1995. Encoueaging Development: The Making and Unmaking of the Third World. Princeton, N. j.: Princeton university Press.

Esteva, Gustavo, and Madhu Suri Prakash. 1992. “ Grassroots Resistance to Sustainable Development: Lessons from the banks of the Narmada. “ Ecologist 22 (2): 45 – 51.

Flax, Jane. 1998. The American dream in Black and White: The Clarence Thomas Hearings. Ithaca, N. Y.: Cornell University Press.

Gibson – Graham, J. K. 1996. The End of Capitalism ( as We knew It ): A Feminist Critique of Political Economy. Oxford: Blackwell.

Harvey, David. 1990. The condition of Postmodernity: An equity into the Organis of Cultural Change. Cambridge, mass. : Blackwell.

Held, david. 1996. models of Democracy. Cambridge : polity.

Macpherson, C. B. 1977. the lif and Tims of liberal democracy. London: Oxford University press.

Mies, Maria. 1998. Patriarchy and accumulation on a World Scale: Women in the International Division of Labour. Landon: Zed.

Mill. James. (1820) 1990. the History of British India. New Delhi: Associated publishing House.

Mills, Charles. 1997. The Racial contract. Ithaca, N. Y.: cornell University Press.

Mosse, David 2001. “ People’s Knowledge, participation and Patronage: Operations and Representations in Rural Development. “ In cooke and Kothari 2001, 16-35.

National Alliance of People’s movements. 1996. “ National Alliance of People’s Movements. “ avalible online at https://www.narmada.org/NAPM/napm.html.

_____. 1998a. “ Elections ! Elections !! Elections !!! An Appeal by the National Alliance of People’s Movement. “ Available online at https://www.narmada.org/NAPM/resolution2.html.

_____. 1998b. “ The General Elections in February – March 1998 and the people’s Movement. “ Avalible online at: https://www.narmada.org/NAPM/election.comments.html.

_____. 2003. “ Farmers, Workers, and Students in North, Central Kerala to Resist Unsustainable Develobment, Privatization, and Communalism. “ Available online at https://www.narmada.org/nba-press-release/janyary-2003/secondday.html.

Pateman, Carole. 1970. participation and Democratic Theory. Cambridge: Cambridge University Press.

_______. 1988. The Sexual Contract. Cambridge: Polity.

Patkar, Medha. 1995. “ The struggle for Participation and Justice: A Historical Narrative. “ In Toward Sustainable Development ? Struggling over Narmada’s River, ed. William Fischer, 159-78 . Armonk, N. Y.: m. E. Sharpe.

Reddi, Muthulakshmi. N. d. “ Ladies of Madras. “ In Speeches and Writings II, 4-5. New delhi: Nehru Memorial Museum and Library.

Saunders, Kriemild, ed. 2002. Feminist Post – colonialism, and representation. London: Zed books.

Spivak, Gayatri. 1992a. Thinking acadmic Freedom in Gendered Post – coloniality. Cape Town: University of Cape Town.

______. 1992b. “ Women in difference: Mahasweta Devi’s Douloti the Beautiful. “ In Nationalisms and sexualities, ed. Andrew Paker, Mary Russo, Doris sommer, and Patricia Yeager, 96 -117. New York: Routledge.

Taylor, harry. 2001. “ Insights into Patricipation from Critical Management and Labour Processes Perspectives. “ In cooke and Kothari 2001, 122 – 39.

USAID. 1995a. : Core Report of the New Partnerships Initiative. “ Available online at https://www.info.usaid/gov/pubs/npi/corerept/npi-mas.htm.

____. 1995b. “ Executive Summary of the New Partnerships Initiative. “ Available online at https://www.usaid.gov/pubs/npi/corerept/npi-mass.htm#summary.

____. 1995c. “ New Partnerships Initiative: Local Democratic Governance. “ Available online at https://www.usaid.gov/pubs/npi/corerept/npi-htm.

____ 1995d. “ New Partnerships Invitiative: NGO. “ Available online at https://www.usaid.gov/pubs/npi/corerept/npi-ngo.htm.

_____. 1995e. “ New Partnerships Initiative: Small Business. “ Available online at

https://www.usaid.gov/pubs/npi/corerept/npi-sme.htm.

____. 1995f. “ NPI Resourse Guide. “ Available online at

https://www.usaid.gov/pubs/npi/npiresrc.htm.

اصدارات متعلقة

أزمات متوازية، ما نصيب النساء منها؟
الانتقام الإباحي.. تهديد رقمي يلاحق النساء ويقتلهن أحيانا
هل يجب علينا الاهتمام بالتغيرات المناخية
نص مليون من العاملين / ات بالخدمات المنزلية منزوعين/ ات الحقوق
التغيرات المناخية تمثل خطر كبير علي صحة الحوامل والأجنية بشكل خاص
“تمكين النساء لمواجهة التغيّرات المناخية”… مبادرة “عالم بالألوان” في مصر
نساء السعودية.. حقوق منقوصة وقمع متواصل
العنف الأسري ضد المرأة