الشبكات والتشييك

قامت مؤسسة المرأة الجديدة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي بتنظيم مائدة مستديرة حول الشبكات والتشبيك، وذلك بمقر جمعية الصعيد للتربية والتنمية، وقد سبق عقد الاجتماع إعداد ورقة خلفية حول الموضوع وإرسالها إلى جميع المدعوين لتفعيل المشاركة والحوار خلال الاجتماع المذكور هذا وقد بلغ الحضور ما يقرب من عشرين مشاركًا ومشاركة ينتمون إلى منظمات تنموية، ومنظمات حقوقية، وجهات نصف حكومية، ومراكز تدريبية، وحرصت مؤسسة المرأة الجديدةعلى اختيار مشاركين يتمتعون بخبرات سابقة في مجال الشبكات والتشبيك، سواء اتسمت تلك الخبرات بالإيجابية أو السلبية. وتضمنت الورشة شقين، في خلال الجزء الأول طرح موضوع الشبكات والتشبيك بصفة عامة، مع محاولة لبلورة بعض المفاهيم، بناء على الخبرات الفعلية للمشاركين. أما الجزء الثاني من اللقاء فقد تناول تفاصيل متعلقة بالمعوقات والإشكاليات، والمؤشرات المطلوب توافرها وبعض الاقتراحات المستقبلية.

 

أولا: التعرف والرواية والأدوار:

أكد المشاركون منذا البداية أنه من غير المنطقي التفكير في التوصل إلى حقوق سحرية، كما لا يملك أحد الاجابات المطلقة، بل إن المسألة عبارة عن عملية OCESS تستدعي الاستمرار في عقد لقاءات، وبلورة الأفكار، والتنقيب عن خبرات مختلفة، وخلق نماذج، إلخ.

كما تم تحديد الإطار الذي نتحدث عنه أي بالأساس المنظومات غير الحكومية التنموية والحقوقية، العاملة في مصر. هذا، مع ملاحظة وجود أشكال من الشبكات والتشبيك الأخرى، تحمل خبرات مهمة، خاصة فيما يتعلق بالشبكات وأشكار التفاعل الدولية. وكانت هناك إشارة إلى أهمية النظر في خبرة الشبكات المصرية التي تضمن منظمات خدمية، حيث تتسم بإستمرارية أكبر من غيرها، وهو ما يتطلب التفكير في السبب لذلك، كما كان هناك تأكيد أن التشبيك منتشر بالمعنى العام في المجتمع المصري، وإحد الأمثلة على ذلك (الجمعيات) التي تكونها السيدات لتدوير مبالغ مالية.

وأكد رأي آخر على أن الشبكة ليس لها بالضرورة الطابع الدفاعي DVOCACY))، أو أن يكون الدفاع والنضال الاجتماعي هو هدفها، أما فيما يتعلق بالتعريف والرواية، فقد وردت مجموعة من الأفكار تتمثل فيما يلي:

أهمية التمييز بين الشبكة والتشبيك فالشبكة كيان، بينما التشبيك عملية، قد تكون الشبكة إحدى مخرجاتها، إلا أن وجود الشبكة مرهون بتوافر التشابك والاتصال، وتدفق المعلومات بين الأطراف المختلفة. كما تمت الإشارة إلى أن تجربة الشبكات حديثة وهي خبرة منقولة من الخارج، وعند طرح تساؤل حول أهمية وجود الشبكات، أكد أكثر من رأى هذه الأهمية مع الإشارة إلى الإشكاليات الفعلية التي تعوق تحقق هذا الهدف والتي سنوردها في موضوع لاحق والجديد في الشبكات بالنسبة لنا، أنها أفقية العلاقات، وتختلف في ذلك عن آليات تنظيمية أخرى مألوفة لدينا، مثل الاتحادات والجبهات التي تستند أكثر إلى نمط العلاقات السياسية.

الشبكة آلية، أو أداة، أو أسلوب عمل من أجل تحقيق أهداف معينة، وهي ليست هدفًا في حد ذاته، بل هي تابعة لتلبية احتياجات معينة، ما ينبغي أن يخدم الهيكل على الشبكة، وليس العكس، كذلك، أضف أن الشبكة شكل من أشكال التنظيم، ووعاء يلتقي فيه الناس لتحقيق هدف. وبمعنى أوسع. قيل إن الشبكة عبارة عن مجموعة منظمات أو أفراد يريدون التعارف، وإنها شكل تلقائي لمجموعة منظمات و/ أو أفراد يشتركون في رؤية ما. هذا، مع عدم وجود شكل محدد للشبكات، بل إن الحركات الاجتماعية تخلق أشكالاً مختلفة ومتنوعة كما كان هناك تأكيد أن بناء العلاقة يعد أهم دعامة لبناء الشبكة إلى الشركاء، وألا يكونوا منفذين فقط، وفي هذا الصدد، تمت الإشارة إلى أهمية وجود أشكال تنظيمية مرنة للشبكات، لا تفرض هيكلة صارمة، ودارت مناقشة حول ما إذا كان مطلوبًا أن تكون الشبكة انتقالية أو تضمينية: فهناك من يرى الانتقالية مخالفة لفكرة الشبكة بينما يرى البعض الآخر أنه لابد من تحديد الأطراف التي تدخل معها، سواء في عمليات التشبيك أو في تشكيل الشبكات، فيرى الرأي الأول أنه لابد من البدء بقبول فكرة أننا مختلفون ومتنوعون: موجود درجة من الاختلاف ومن تعدد الرؤى يثري المشاركة الجادة.

وكان هناك أكثر من رأي اتفقوا على أن التمويل يجهض محاولة تأسيس الشبكات، فهناك خبرات تشير على توقف نشاط الشبكات مع انتهاء الموارد المالية، بل إن الخبرات الدولية ترى أن الأطراف المعنية هي التي تقوم بالإتفاق على الشبكة، أو الشكل التنسيقي، وليس العكس، غير أن هناك رأيًا يقول بأهمية الجهات الممولة بتحفيز وتشجيع فكرة الشبكات، بمعنى أن تكون الأفضلية في تعاملاتها مع الشبكات.

من الأدوار المطلوبة في الشبكة تفعيل تكامل الخبرات، ونقلها، وتبادلها، وتنسيق الجهود، ووضع برامج وروی مشتركة، وتقسيم العمل: بل يمكن أن تكون آلية لبلورة أجندة مشتركة في مواجهة إشكاليات التمويل، أي أن هناك أهمية لتحديد القضايا التي نتبناها، والتي من أجلها تأسست الشبكة، كما اندرج في هذا الإفطار أهمية قيام الشبكات بالتأثير على القضايا، وتغيير المفاهيم، ورفع الوعي الثقافي.

ولا بد أن ترتبط الشبكة بأنشطة حية، فلا يمكن الفصل بين المشكلات الحقيقية في المجتمع وعمل الشبكات والمجتمع المدني بصفة عامة، أي أنها تستند إلى قضايا موجودة في الواقع، تخلق من تلقاء نفسها آليات للتشبيك.

ثانيًا: الإشكاليات والعقبات

تم رصد مجموعة من الإشكاليات التي تعترض تشكيل وفعالية الشبكات في مصر منها ما هو قانوني، ومنها ما هو ثقافي ومفاهيمي.

فيما يتعلق بالإشكاليات القانونية، تمت الإشارة إلى الصعوبات التي يصنعها القانون ٨٤ ومجموعة من التشريعات الأخرى في وجه تشكيل الشبكات: كما تمت الإشارة إلى بعض المضايقات الأمنية التي قد تجهض هذا الشكل من أشكال العمل الجماعي.

أما بالنسبة للجانب الثقافي. فقد وردت مجموعة من الإشكاليات، نوجزها فيما يلي:

درجة التطور الطبيعية للمجتمع المدني في مصر، وهو ما يقود إلى التساؤل ما إذا كانت بنية العمل الأهلي بشكلها الراهن صالحة لتكوين الشبكات.

الأصول السياسية للقائمين على المنظمات ذات الطابع الحقوقي، والتي أدت في أحوال كثيرة إلى الخلط ما بين العمل السياسي والعمل الأهلي، كما يمثل ذلك في الربط بين مفهوم وشكل الشبكة والعمل الدفاعي.

نقص المعلومات والمعرفة بالعمل التشبيكي، وغياب آليات لإتاحة تلك المعلومات، أو وجود اتجاهات وجهود لجمع المعلومات والخبرات، وفي هذا الإطار، تم الاتفاق على تمرير الخبرات المتاحة على المجموعة، وتداول ما يستجد من خبرات.

قصور المفاهيم المتعلقة بالتشبيك والشبكات، أو وجود أزمة في بلورة المفاهيم، وهو ما يترجم في ضيق الرؤية بشأن المفاهيم والأشكال الممكنة، وقصور في مفاهيم العمل المشترك، وهو ما يؤدي في بعض الأحيان إلى احتكار أو هيمنة بعض المنظمات على الشبكة، وفي المقابل سلبية بعض المنظمات الأخرى، وضعف روح المبادرة، وتغلغل ثقافة التراتبية، والإتكالية. كما توجد منظمات تنضم إلى الشبكات لمجرد إضافة مزايا إلى صورتها وبالتالي تنتفي صفة المصلحة المتبادلة من الانضمام إلى الشبكة. قيام بعض الشبكات لأغراض لا تلبي احتياجات الواقع والفئات المستهدفة: بل والخلط بين أهداف الشبكات وأهداف أطرافها وآليات العمل.

غياب الخبرات النوعية المتخصصة التي تسمح بتشكيل شبكات تتكامل فيها جهود الأطراف المختلفة، كما يرتبط بذلك غياب البعد الاستراتيجي في التخطيط وتحديد الاحتياجات والأولويات هناك بعض السلوكيات والممارسات التي تأصلت في واقعنا وانعكست على ضعف ثقافة وخبرات العمل الجماعي، ومنها :

سيادة الفردية وروح الزعامة وعدم قبول الآخر، وما يترتب عليه من وجود إشكالية في العمل الجماعي: مما يجعل الشبكة تتحول إلى هيكل مفرغ يتحكم فيه شخص أو لجنة منسقة، كما يؤدي ذلك إلى العمل بصورة تنافسية على حساب التكاملية: بل تؤدي أيضًا هذه السمات إلى تكرار الجهود، وضعف الفعالية، وتشكيل شبكات في مواجهة شبكات أخرى والتنافس على أرضية الانتشار والتمويل.

عدم توافر القدر الكافي من الشفافية الذي يضفي على العمل العام المصداقية المطلوبة، وللعمل الجماعي مقومات الثقة المتبادلة.

وجود رؤية وهدف محددين فيما يتعلق بإقامة الشبكة: وكذلك وجود مبادئ تحكم العمل، أي معايير منظمة لعمليات التشبيك والتنسيق والتكامل في إطار الشبكة بما يضمن جماعة المشاركة، وتداول المسئوليات، وديمقراطية القرارات، ذلك مع توافر المرونة فيما يتعلق بتطوير الأولويات، وحجم الشبكة، وتنظيم العلاقات داخلها، ووجود آليات تحقق الشفافية ( مثل: إعلان الميزانيات، إعداد وإعلان التقارير، إلخ).

زيادة عضوية الشبكة خلال عملها ومدها بالدم الجديد، وانتشارها جغرافيًا، إلى القدرة على الاستمرارية في تلبية الاحتياجات وتحقيق أهداف الشبكة، ويدخل في هذا الإطار عدد المبادرات التي قامت بها الشبكة، ونتائج تقييم تلك المبادرات وقياس أثرها وقدرتها على إحداث التغيير.

رابعًا: بعض الاقتراحات المستقبلية على مستوى الفرد:

  • تشجيع روح التطوع والمبادرة لدى الشباب.

  • تشجيع المشروعات الجماعية التعاونية كبديل لمشروعات القروض الصغيرة والمتناهية الصغر التي لا تؤدي إلى تمكين الناس، بل تزيد من تبعيتهم.

على المستوى العام:

  • العمل على مواجهة وتغيير التشريعات المعوقة للعمل الأهلي، والشبكات خصوصًا، والعمل استراتيجيًا على إلغاء بعض هذه التشريعات.

  • تحديد طبيعة العلاقة القائمة بين الشبكات والجهات الحكومية، وتطوير هذه العلاقات بما يضمن استمرارية استقلالية الشبكات.

  • العمل على إلغاء كل المعوقات الإدارية، والتدخلات الأمنية في شئون العمل الأهلي.

  • الاهتمام بتنمية روح وثقافة العمل الجماعي الديمقراطي.

  • تأسيس آليات لتطوير مفاهيم الشبكات وتفعيل الخبرات المحلية الإقليمية والدولية ويدخل في هذا الإطار العمل على خلق آليات تشجيع العمل الجماعي، وثقافة المبادرات الجماعية على مستوى المجتمع.

  • المبادرة بتأسيس شبكات تتجاوز الإشكاليات السابقة، وتكون منفتحة لتقديم أعمالها، ولتلقى الملاحظات النقدية البناءة، على أن تتسم هذه الأشكال الجديدة بالانتشار جغرافيًا، والتنوع، وقبول الاختلاف.

  • تعميم ونشر المعرفة بوسائل الاتصال والتواصل بين المنظمات والشبكات: وكذلك الاهتمام بتجارب الشباب، وخبراتهم وتفاعلاتهم من خلال الشبكات.

  • الاهتمام بتطوير قواعد بيانات متعلقة بالشبكات.

 

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي