العدد الأول – المرأة الجديدة

رقم العدد:

1

الافتتاحية

المرأة نصف المجتمع، هي المقولة البديهية والقائمة على فكرةٍ إحصائيةٍ بسيطة، تحمل في داخلها كلَّ المعاني، ولكنها مع ذلك مغلقة على العديدِ منها.

وإذ يغيبُ عن ذهن الكثيرين، فإن الدعوةَ لتطوير المجتمع لابدَّ وأن تحمل في طياتها تصورًا سليمًا لقضية المرأة وكيانها ووظيفتها الاجتماعية، حيث أنه لا يمكنُ وضع خطةٍ متكاملةٍ للتغيير الاجتماعي بمعزل عن هذا التصور، كما أن محاكمةَ الآراء الاجتماعية ومدى خدمتها للتطور نحو الأفضل أو العكس؛ لابدَّ وأن يكون من أحدِ عناصرها الهامة، المنظورَ الذي يُناقش به وضع المرأةِ في المجتمع.

فعندما يتحدثُ البعض عن تحديث المرأة المصرية والعربيةمن خلال دعوتها للدخول في دائرة الاستهلاك السلعي، والتفرنج في اللغةِ والزيِّ والعمل في النشاطات الخدمية. نرى أن ذلك لا يحملُ سوى المزيد من خلقِ شروط تحويل المرأة المصرية والعربية إلى سلعة تُباع وتشترى، وتُستخدمُ ضمن إطار المهن والوظائف الهامشية (وهو ما تُعاني منه المرأة الغربية حاليًا، وتناضلُ ضدَّه بعد أن وعت مخاطرهُ على وجودها ذاته). إن مثل هذه الدعوة والظواهر الناتجةِ عنها، تؤدي إلى تحول المرأة المصرية (كما الرجل المصري) إلى عناصر معيقة لعملية التطور والتنمية. كما تجعلُ منهم مجرد أدوات في آلة النهب الاجتماعي، وتضعهم جميعًا في دوامةِ الطموحِ الفردي الأناني، بكلِّ ما يعنيه ذلك من تناقضٍ مع عملية التغيير الشاملِ للمجتمعِ في إطارِ تنميةٍ حقيقيةٍ لملكات هذا المجتمع.

ويعمد آخرون إلى دعوةِ المرأة للعودة إلى البيت، والانغلاقِ عن عملية المشاركة الاجتماعية، بل وحتى طَرح التشككات حول قدرتها على ممارسةِ دور فعال داخل الأسرةِ نفسها، إلا كتابعٍ كاملٍ للرجل، لا تملك سوى بعض الصلاحيات المحدودة.

ويتمُّ من خلالِ هذه الرؤيةِ، تدريجيًا، خلقُ جيلٍ كامل من النساء القاصرات، ضعيفات الإرادة، غير المهيئات لمواجهة التناقضات الحادة التي يعيشها مجتمعنا، بدءًا من المعاناة اليومية للأسرة والمساهمة في حلِّ مشاكلها، إلى المشاركةِ الأوسع في حل قضايا المجتمع، وبناء شروط النهضة.

والمشكلة في الآراء السابقة الذكر، ذات الزيِّ العصريِّ، والتي منها التقليدية المتزمتة؛ أنها تخدمُ بعضها البعض في إعدام الطاقة الخلاقة داخلَ المرأة، وتساهمُ في إهدارِ ثقتها بعقلها وإمكانيتها الإيجابية في التطويرِ؛ تطوير الذات، تطوير الأسرة، تطوير موقع العمل، تطوير موقع السكن، التطور الشامل للمجتمع.

إن المشكلةَ الفعلية التي تواجهُ المرأةَ المصرية في هذه المرحلة، هي أنها كواحدةٍ من العديد من مشاكل مجتمعنا، يتمُّ النظرُ إليها إما عبرَ منطق العلاقة بالغربِ والتبعية له، أو بمنظورٍ آخر أخلاقي يُغَيِّب وجود الرؤية المنطقية والعلمية لحلَ قضايا المجتمع وتطويره. بل يسعى نحو التغيير من خلال إهدار كل المكتسبات الاجتماعية التي حققتها المرأة وغيرها من الفئات الاجتماعية، والعودة ببلادنا إلى العصر العثماني (حيث انغلاقُ العقلِ الكامل ).

ونحنُ لاهتمامنا بمواجهةِ هذه الأفكار، وبإبراز الحقائق القديمة التي يتم طمسها بشكل يومي وبالتدريج، ولمناقشةِ المشاكل برؤية اجتماعية بناءة. توجهنا لإصدارِ هذه النشرة.

وسنسعى من خلال هذه النشرة إلى المناقشة الهادفةِ للمشاكل الحقيقية التي تواجه عملية تحرير المرأة، منَ التخلفِ والجهل والفقرِ والاستغلال، وتحسينِ أوضاع المرأة. وبشروطِ مشاركتها داخل المجتمع، والدعوة للنظر بعينٍ واعيةٍ للمخاطرِ الفعلية التي تواجه مجتمعنا عندما تُهدرُ في نطاقه الطاقةُ البناءةُ لقطاعاتٍ واسعةٍ من النساء؛ نتيجةً للمشاكلِ التي تواجه وجودهم الاقتصادي والاجتماعي والفكري.

إن مكانَ المرأةَ الفعلي داخل المجتمع يجبُ أن يكون متحققًا في الوظيفة وفي المؤسسات الاجتماعية، وفي كافةِ الأنشطة الفعالة في عملية التنمية. ونحنُ من خلال هذه النشرة نعملُ على تقديم مساهمة ولو بسيطة للمشاركة مع غيرنا من المهتمين بتحقيق ظروفِ حياةٍ أفضل للمرأةِ المصرية والعربية.

هذا مع اقتناعنا الكامل بأنَّ هذا لن يتمَّ من خلال شكل واحد للعمل، أو بمساهمة طرف دونَ الآخر، بل إن الشرطَ الأساسيَّ لنجاح هذه القضية يكمنُ في تضافرِ كل الجهود الخلاقة، وبكافة الأشكال الممكنة من أجلِ تأسيسِ نشاط نسائي حقيقي قادرٍ على استنهاضِ المرأة المصرية والعربية، ودفعها لقيادةِ زمامِ أمورها بيدها للحصول على المكتسباتِ المهدرةِ منها، وبالتالي المهدرة لها.

فعسی أن تكونَ هذه النشرة أحد هذه المساهمات المفيدة على الطريق.

مقالات الاعداد

المرأة العربية تاريخًا ونضالاً
المرأةُ في البرامج الانتخابية للأحزابِ المصرية
الاغتصاب .... أزمةُ أفرادٍ أم أزمةُ مجتمع؟
تحقيقات همومُ امرأةٍ عاملة
من الأدب النسائى
من تاريخِ الحركةِ النسائية
الثورة وتحرير المرأة
من ذاكرة الحركةِ النسائية العربية
شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي