العدد الثاني- المرأة الجديدة

رقم العدد:

2

الافتتاحية

تقدمنا بالمقال التالي مساهمةً منا في الاحتفال بيوم المرأة العالمي وقد نُشرَ في مجلة المرأة المناضلة بهذه المناسبة. وبالرغم من أن صدور عددنا الثاني لا يتزامنُ مع 8 مارس، إلا أننا نعيدُ نشره في كتابنا غير الدوري، مسبوقًا بالتحية لكل امرأة في مصر والعالم العربي.

أسرة المرأة الجديدة

8 مارس 1908 يندلعُ حريقٌ هائلٌ في أحد مصانع النسيج بمدينة نيويورك.. يؤدي إلى مصرع عددٍ هائلٍ من عاملات النسيج. فالتي لم تمت حرقًا منهن، ماتت وهي تحاولُ أن تنجو بنفسها قفزًا من نوافذ المصنع، حيث كانت استحكاماتُ الأمن تتضمنُ إغلاق أبواب المصنع، أثناءَ وجود العاملات داخله. وإن كانت بدايةُ القصة مأساة؛ فتتمتها أن أضربت ثمانية ملايين عاملة نسيج في الولايات المتحدة الأمريكية، مطالبات بتحسين أحوال العمل، والاعتراف بحقوقهنَّ السياسية. بعد ذلك بعامين في عام 1910 عُقد مؤتمر عالمي في كوبنهاجن حضرته مائة عضوة يمثلنَ 16 دولة، وفي إحدى الجلسات وقفت سيدةٌ تُدعى كلارا زيتكن تقترحُ الاحتفال بيوم 8 مارس على نطاق عالمى باعتباره يوم المرأة العالمي، في ذكرى تلكَ الثورة النسائية التي كانت على قدرٍ من القوة والتصميم، بحيثُ شعرت بنتائجها جميعُ نساء العالم. ونحنُ إذ نتساءل عن عظمة هذا اليوم وما الذي عبر عنه بحيث أصبح دون غيره من الأيام جديرًا بالرمز إلى يوم المرأة العاملة الأمريكية وتضامنها في حركة واحدة، في يوم واحد، حول مطالبَ واحدة.. إنها هذه الوحدة والالتفاف الواحد حول برنامج بعينه في حركةٍ متماسكة.. ما الذي حرَّك هؤلاء النسوة في يومٍ واحد .. ما الذي جعلَ ثمانية ملايين امرأة تتحركن متخذات موقفًا واحدًا في مواجهة أصحاب العمل؟ نحنُ نرجع أن العامل الرئيسي وراءَ هذا الموقف المتضامن هو وضوحُ الرؤية حول مطالب واحدة عبرت عن مصالح هذا العدد الضخم من النساء، واللاتي لم يترددَنَ بالتالي في الالتفاف حولها والانتظام تحت رايتها هل هناك علاقةٌ بين هذه المقدمة الطويلة وبين حال العمل النسائي في مصر؟ أو بمعنى آخر، هل هناك درس ما يتضمنه 8 مارس الأصل، ينيرُ لنا الطريقَ ونحن في سبيل خلق حركةٍ نسائيةٍ واحدة في مصر. نحن نقولَ: نعم، إن السنوات الأخيرة شهدت وبلا شكإعادة طرح المسألة للمرأة، وبغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى هذه الصحوة، سواءً أكانت عام المرأة العالمي أو إحساس المرأة بالخطر نتيجة للردة المنتشرة عن المكاسب الطفيفة التي حصلت عليها، أو أزمة قانون الأحوال الشخصية، أو تردي الأحوال الاقتصادية.. نقولُ بغض النظر عن كل تلك الاحتمالات، فمن الوقائع التي لا يُمكن إنكارها أن محاولات العمل النسائي المنظم أصبحت عديدة، النشرات غير الدورية النسائية في انتشار، محاولات تأسيس جمعيات نسائية تتزايد، والحديث حولَ المرأة وحقوق المرأة من مؤيد إلى معارض أصبحَ من الأحاديث الشائعة، وإذًا كنا لا نستطيعُ أن ننكر مزايا وجود هذه الصحوة، بل ونعتبرها صحوةً تأخرت قليلاً، ألا ننكر أننا نشعر ببعض القلق إزاءَ الانقسام وهذا التعدد الضخم في التشكيلات في غياب برنامجٍ واحدٍ ينظم هذه الحركات كلها وإن احتفظت حتى باستقلالها التأسيسيفي حركة واحدة. لقد كانت قضية الأحوال الشخصية مثالاً حديثًا حيًا على أهمية الدور الذي يلعبه الهدف الواضح والمحدد في جذب عدد كبير من المهتمين أو من أصحاب القضيةً في عمل واحدٍ منظمفقضيةُ قانون الأحوال الشخصية هي قضيةُ النساء جميعًا، فما من سيدةٍ أو آنسة تستطيعُ أن تتجاهل تأثرها بهذا القانون، أو على الأقل احتمالات تأثرها بهذا القانون، سواء في الحاضر أو المستقبل. وكان الظلمُ واضحًا حتى وإن اختلفت البدائلُ المطروحة في بندٍ أو آخر، فقد كانت أهمية القضية ومحوريتها بالنسبة لسائر النساء هي المحركُ الأساسي في حشد هذا العدد الضخم حول جمع التوقيعات والدعاية والإعلام والمطالبة بقانونٍ نصف إنساني لنظم أحوالهن الشخصية، وليس من قبيل الأوهام أو أحلام اليقظة أن ندَّعى أن هذا الاتحاد حول عمل واحد كان من العوامل الضاغطة، والتي أدت في نهاية إحدى جولات المعركة وهي كثيرة إلى تقديم قانون أفضل نوعًا ما.

ولكل المهمومات بمسألة المرأة، ولكل العاملات بالحركة النسائية المصرية نقول: أن سلبيات الوضع الحالي من انقسام وانفراط وغياب شكل تنظیمی نسائی شامل، ومن تساؤلٍ دائم عن العمل؟ وكيفية الوصول إلى جماهيرنا النسائية؟ وكيفية التواصل مع مشكلاتهن؟ وكيفية العمل على حلها؟.. نقول أن الطريق الوحيد الصحيح نحو خلق حركة نسائية واحدة في مصر هو طرحُ برنامج حد أدنى نسائي وطني ديمقراطي تشتركُ في وضعه كافة القوى النسائية من تنظيماتٍ وأفراد المتواجدة على الساحة في ضوء ما يُعلمنا إياهُ تاريخ الحركة النسائية المصرية العربية في الماضي القريب، وفي ضوء الخبرات العربية المعاصرة وفي ضوء خبرتنا ومعرفتنا بالواقع واحتياجاته واحتياجات نسائه بشكل خاص.. إن هذا البرنامج وعمليةَ وضعه يبدو وكأنه السبيل الوحيد إلى تنظيم الحركة النسائية المصرية في جيش واحد .. وبقدر ما يتم بذله في واقع نسائنا من جهود بهدف تطويره وتغييره إلى الأفضل؛ بقدر ما سوف يتم تنظيم عملنا وسطَ مختلف فئات النساء بحثًا عن بنود هذا البرنامج وأهدافه، بحيثُ لا يكون مجردَ كلمات صفوةٍ بعيدة عن الواقع.. فالتوجه إلى جماهير النساء الشعبية والانخراط بينها والتعرف على مشاكلها هو دائمًا وأبدًا الهدف والوسيلة اللتان تتناولهما الأحاديثُ والمناقشات بين المهمومات بوضع المرأة في مصر، ومع ذلك فلا يسعنا إلا أن نقول: أننا لازلنا نحبو تجاه هذا الهدف، وأن أحدًا لا يستطيع ادعاء شرف تحقيقه أو الاهتداء إلى وسيلة واضحة بسبيل تحقيقه.. ونحنُ نقول بأنه شتان بين أن ننخرط وسط جماهير النساء غير مدركات تمامًا ما الذي نريدُ أن نعرفه أو أن نقدمه، وبين أن يكون هذا الانخراط محكومًا بخطة شاملة تقدمُ هدفًا محددًا :هدفُ إرساء هذا البرنامج.. ماهي المشكلات أولاً؟ ثم ما هي الحلول المطروحة في الواقع الآن ثانيًا؟ ثم ما هي الحلول المطوية على المدى البعيد ثالثًا؟ وكيفية تنفيذ هذه الحلول رابعًا؟ هذه بعضٌ من أسئلةٍ يجبُ أن تعمل كافة النشاطات النسائية على طرحها معًا، والبحث عن الإجابات عليها والعمل على اكتشاف هذه الإجابات من خلال الخبرات الميدانية بين جماهير النساء كأول إجراءٍ في سبيل وضع برنامج الحركة النسائية الوطنية المصرية.. وكخطوةٍ أولى نحو جمع الشمل في اتحاد نسائي مصري وطني ديمقراطى.. وإذا كانت المرأة الجديدة تطرح هذا الاقتراح في الاحتفال بـ ٨ مارس ١٩٨٦ فلنعمل على أن يكون الاحتفال بـ 8 مارس القادم هو الاحتفال باستكمال هذا البرنامج، والتفافنا نحن النساء المصريات حوله في اتحادنا النسائي المصري.

مقالات الاعداد

المرأة المصرية بين الدستور والقانون... والمجتمع
كبسولات منع الحمل
حوار مع نصف "الجامعة"
الحركة النسائية في إيران في أعقابِ الثورة
هموم امرأة عاملة.
متابعات
شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي