النساء والديمقراطية

طباعة: Promotion Team

رقم الايداع:

2003/12138

رقم العدد:

11

رقم الطبعة:

الأولى

تاريخ النشر:

2008

رئاسة التحرير:

افتتاحية

يتناول هذا العدد من «طيبة» موضوعًا نعترف بأننا قد تأخرنا في تناوله، فمناقشة أى موضوع آخر يختص بالنساء وحقوقهن يجب أن تمر أولاً بمسألة الديمقراطية في علاقتها بهذه الحقوق. وتتأكد هذه الفكرة من خلال المواد التي يقدمها هذا العدد والتي تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الديمقراطية في تجلياتها المختلفة هي اللبنة الأساسية في بناء إلغاء التمييز ضد النساء وحصولهن على حقوقهن المختلفة، السياسية والاجتماعية والثقافية.

وتعد ورقة يسرى مصطفى «النساء ومسألة الديمقراطية» خير مقدمة لموضوع النساء والديمقراطية، حيث ينبه مصطفى إلى خطورة قصر الديمقراطية على الديمقراطية السياسية وحصر الكفاح من أجل تحقيق الديمقراطية في تغيير السلطات السياسية الحاكمة، مع عدم الالتفات إلى خطورة سيادة الأبوية في البنى الاجتماعية والثقافية في درجاتها المختلفة، وبالتالي عدم العمل على تحقيق الديمقراطية في هذه البنى التي يراها يسرى مصطفى أكثر أهمية في إلغاء التمييز ضد النساء، حيث تستغل السلطة السياسية الأبوية السائدة في هذه البني في الحصول على التأييد الشعبي الذي يتحقق لها من خلال الوقوف في طريق تغيير الأوضاع المجحفة بالنساء وإلغاء أشكال التمييز ضدهن. ومن هنا يلفت مصطفى النظر إلى ضرورة العمل على طرح جميع معاني وتعريفات الديمقراطية للمناقشة حيث قصرها على الديمقراطية المنادية بتغيير السلطة السياسية قد يؤدى إلى مزيد من المقاومة لحصول النساء على حقوقهن الاجتماعية والثقافية من سلطات أخرى أكثر أهمية وخطورة نتيجة لتخللها لكل البنى الاجتماعية والثقافية.

وفي ورقتها تحت عنوان: «تأملات حول الديمقراطية من منظور امرأة» تؤكد نولة درويش على كثير مما ذهب إليه يسرى مصطفى في ورقته، وخاصة توسيع مفهوم الديمقراطية غير ليشمل البني الثقافية والاجتماعية للمجتمع، والاتفاق على أن الديمقراطية مقصورة على ما هو سياسي وإنها تتعداه لتشمل مجالات أخرى من حياة الناس، بصفة عامة، والنساء، بصفة خاصة، بما فيها ذا التأثير الكبير على حياة النساء، والذي لا يمكن الزعم بتحقق الديمقراطية في مجتمع يقوم فيه على التراتبية/ البطريركية. وتضيف نولة درويش في ورقتها بعدًا مهمًا يتعلق بقدرة النساء، من خلال تجاربهن الخاصة التي تميزت بالتعرض للألم والمعاناة على إثراء معاني الديمقراطية والمساعدة على فهم مخاطر عدم تحقيقها على كل المستويات، وليس على المستوى السياسي فقط.

يحتوى العدد أيضًا على دراستي حالة تقدم إحداها ربيعة الناصري وأمينة لمريني تحت عنوان: «كيف حدث التغير؟: عناصر لمقاربة التطور الذي عرفه وضع النساء المغربيات» وفيها تقدم الكاتباتان تحليلاً لتأثير نجاح النساء المغربيات في تطوير مدونة الأحوال الشخصية على مشاركتهن السياسية في البرلمان المغربي، وهو في مجمله تأثير إيجابى نتج عن النقاش الاجتماعي والحشد الإعلامي الذي صحب تعديل مدونة الأحوال الشخصية. ومع ذلك، تصر الكاتباتان على عدم الإغراق في التفاؤل، بل تؤكدان أهمية بذل المزيد من الجهد من أجل تغيير النظرة الاجتماعية إلى المشاركة السياسية للنساء وتغيير أوضاع النساء المغربيات بصفة عامة على أنها تهديد للهوية القومية ينبع من مؤثرات خارجية.

أما هيلين ريزو فتقدم دراسة عن «النساء والديمقراطية: الكويت نموذجًا»، وفيها تقوم بدراسة ميدانية للجمعيات الأهلية النسائية والتي تمثل منطلقًا لمشاركة النساء في الحياة الاجتماعية والسياسية للكويت، وهي تنقسم إلى جمعيات ذات توجه خدمي – وهي دينية في معظمها – أو ذات توجه مهنى وقد استطاعت ريزو من خلال إجراء مقابلات شخصية مع الناشطات في هذه الجمعيات التوصل إلى مجموعة من النتائج المهمة فيما يختص بالمشاركة السياسية والاجتماعية لنساء الكويت وموقف السلطة السياسية من أنشطتهن، بل ومن عملية الديمقراطية بصفة عامة والزعم بأنها ذات تأثير سلبي على الإصلاحات الاقتصادية في البلاد.

أما ترجمات وعروض الكتب فتقدم المزيد من دراسات الحالة التي تلقى بالكثير من الضوء على التأثير المتبادل لحصول النساء على حقوقهن الاجتماعية ولحصولهن على حقوقهن في المشاركة السياسية على بعضها البعض. ونبدأها بورقة آنا براتا بربيرا بعنوان: «المنظمات السياسية النسائية في مرحلة الانتقال للديمقراطية: تقييم للحالتين الإسبانية والإيطالية»، وهي دراسة مقارنة تقدم فيها بربيرا عرضًا تاريخيًا للحركات النسوية في كلا البلدين إسبانيا وإيطاليا – وعلاقتها بالمؤسسات السياسية بما فيها الأحزاب السياسية.

أما مقال جريتشين بوير وحنا بريتون، «النساء في البرلمانات الأفريقية: تحول قارى» فهو مقدمة لكتاب تحت نفس العنوان، وكما هو الحال عادة في مقدمات الكتب، يقدم المقال عرضًا ملخصًا لكل الأبحاث المنشورة في الكتاب مما يوفر لقراء/ ات «طيبة» فرصة للتعرف على جميع دراسات الحالة التي يتناولها الكتاب في القارة الأفريقية، وكلها لبلدان من دول العالم الثالث التي تتماثل أحوال النساء فيها إلى حد كبير أحوال النساء في البلدان العربية، ويوفر مع هذا بدوره فرصة للباحثين/ ات من البلدان العربية لعقد دراسات مقارنة، وللنشطاء/ ات السياسيين/ ات والنسويين فرصة للاستفادة من خبرات هذه البلدان في دفع جهودهم/ ن من أجل تحقيق مزيد من الحقوق السياسية والاجتماعية للنساء.

أما ورقة، «تبنى الظلم: البطريركية العنصرية وتفكيك الفعل الإيجابي» فتقدم دراسة لحالة شديدة الخصوصية وهي حالة النساء الأفريقيات الأمريكيات في الولايات المتحدة واللاتي يتعرضن لاضطهاد عنصري، بالإضافة إلى الاضطهاد القائم على النوع، فتستعرض الكاتبة التأثير السيء لممارسات الذكور البيض على الذكور الأفارقة الأمريكيين الذين يتبنون سياسات ظالمة ضد النساء رغم المعاناة التي يتعرضون لها بسبب التمييز العنصري ضدهم. والتمييز العنصري هو أيضًا أحد عناصر كتاب «النساء في برلمان جنوب أفريقيا من مرحلة المقاومة إلى الحوكمة» والذي تعرض له أماني الشاذلي، ويقدم هذا الكتاب صورة وافية عن الوضع السياسي للنساء في جنوب أفريقيا، وهو وضع خاص تتمتع به النساء في جنوب أفريقيا نتيجة لسنوات طويلة من الكفاح ضد السلطة العنصرية وضد الاستعمار البريطاني قبلها، مما سهل عليها الحصول على الكثير من الحقوق السياسية التي لم تحصل عليها النساء في بلدان أخرى، لم يتعرضن إلى ما تعرضت إليه نساء جنوب أفريقيا من سياسات عنصرية ظالمة ومن اضطهاد سیاسی واجتماعی تعرضن له طوال سنوات عديدة ولم يقمن، بالتالى، بما قامت به نساء جنوب أفريقيا من مقاومة. ويؤكد الكتاب، كما يظهر من العرض، أن كفاح هؤلاء النساء مازال مستمرًا حيث مازلن يتعرضن لمحاولات تحجيم وتهميش قائمة على إدعاءات بقلة الخبرة وعدم القدرة.

وينتهى هذه العدد بعرض شيق لكتاب، «إعادة تأمل الإسلام والديمقراطية الليبرالية: النساء الإسلاميات في السياسة التركية» ليشيم أرات وتعرض له مريم النقر. ويقدم الكتاب قراءة تحليلية لمشاركة النساء الإسلاميات في تركيا في صنع السياسة التركية الحديثة عن طريق الانضمام لحزب «رفاه» الإسلامي والذي يتمتع بقدر كبير من الشعبية في تركيا. وتنبع أهمية هذا الكتاب من التعرض لبعض المسائل ذات الأهمية القصوى بالنسبة للمجتمعات العربية ومنها الصراع السياسي بين نموذج الدولة العلمانية ونموذج الدولة الإسلامية، والمنزلقات التي قد يقعا فيها، وإن كنا لا نستطيع بالطبع إغفال أن هذا العرض يقدم حالة خاصة جدًا هي حالة الدولة التركية، التي ظلت علانية تمامًا لأعوام طويلة حتى تم اختراقها من قبل جماعات سياسية إسلامية، ومما يميز هذا الكتاب هو وجود دراسات الحالة التي تشخصن حالات هؤلاء النساء وتترك للقارئ/ ئة تكوين الرأي من خلال سرد التجارب الشخصية، بل ويكشف العرض المستفيض لهذا الكتاب النقاب عن الاستراتيجيات التي تتبعها عضوات حزب «الرفاه» في ضم نساء أخريات للحزب عن طريق العلاقات الشخصية.

وكما هي عادتنا في «طيبة»، نحاول أن يقدم العدد الذي بين يدينا صورة وافية – بقدر الإمكان عن موضوع «النساء والديمقراطية» من وجهات نظر مختلفة وليس الترويج لفكرة بعينها، وهذا في رأينا ما يجب أن تقوم به المجلة البحثية: عرض لأهم وأحدث ما هو متاح، وإتاحة الفرصة للقراء للتعرف على معظم جوانب الموضوع المطروح. نرجو أن نكون قد نجحنا في تحقيق هذا الهدف في هذا العدد، ويسعدنا تلقى الآراء على العناوين الإلكترونية المنشورة.

مقالات الاعداد

المنظمات السياسية النسائية في مرحلة الانتقال للديمقراطية: تقديم للحالتين الإسبانية والإيطالية
النساء في البرلمانات الأفريقية
تبنى الظلم
النساء في برلمان جنوب أفريقيا
إعادة تأمل الإسلام والديمقراطية الليبرالية
النساء ومسألة الديمقراطية
تأملات حول الديمقراطية من منظور امرأة
كيف حدث التغيير؟
النساء والديمقراطية: الكويت نموذجًا
شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي