النظرية الأدبية النسوية

رقم العدد:

5

تاريخ النشر:

2015

اعداد بواسطة:

النظرية الأدبية النسوية

ماجي همّ*

مقدمة

إن النظرية الأدبية النسوية المعاصرة تتحرك عبر الحدود لتتضمن السيرة الأدبية والجمال اجتماعي والشعر المصور، وهي نظرية بالغة التجريب والتشويق، وتتمثل أهمية النظرية الأدبية في كون كافة التمثيلات (representations). الأدبية منها وغير الأدبية، في ما يجعل بناء المعرفة والذاتية أمرا ممكنا، فعن طريق التمثيلات تقوم بنشکيل هوباتنا وعوالمنا وسوف تساعدنا لحظات العميقة المستقاة من النظرية الأدبية النسوية، بل وتطالبناء بالتفكير في الهوبات الثقافية بطرق جديدة، كما أن عبور الحدود في الفكر النسوي ليس مجرد عبور مجازی بل ينبع من ايمان قوي بأن في وسع النقد المساعدة في خلق عالم أكثر عدالة.

إن النسوية (feminism) ليست مجرد نموذج شـارح إضـافي يوجد جنبا إلى جنب نظريات سياسية أخرى، حيث أن جعل تجارب النساء في الحياة الجنسية والعمل والأسرة مسألة محورية يمثل بالضرورة تحديا للأطر التقليدية للمعرفة. إن النسـوية تدمج أفكارا متنوعة تشترك في تصورات ثلاثة رئيسية، ألا وهي: أن الجندر (gender) بناء اجتماعي تقهر النسـاء فيه أكثر من الرجال، وأن النظام الأبوي (patriarchy) يعمل على تشكيل هذا البناء، وأن المعرفة الخاصة النساء والمبنية على التجارب والخبرات هي أساس المجتمع المستقبلي غير المتحيز جنسيا، وتعمل ملك الفرضيات على تشكيل برنامج النسـوية المزدوج من حيث: مهمة النقد والانتقاد (أي مهاجمة الصور النمطية للجنسين) ومهمة البناء، وبدون تلك المهمة الثانية (والتي يطلق عليها أحيانا مسمى الممارسة النسوية) يغيب الهدف عن النسوية.

وتضفي تلك الأفكار على النسـوية اهتماما معينا بالبنى الثقافية لعلاقات الجندر ( cultural constructions of gender)، بما فيها تلك الموجودة في الأدب. فالممارسات الثقافية للأدب متغلغلة في المدارس والتعليم العالي ووسائل الإعلام، وتقوم الأدب بإنتاج تمثيلات الاختلاف الجندري (gender difference) بما يساهم في التصور الاجتماعي القائل بأن فتني الرجال والنساء لا يتساويان في القيمة وكثيرا ما تتحول النساء إلى نسويات عن طريق الوعي بمدى سوء التمثيل الرمزي للنساء ونقده.

وإذا كان الأمر كما أكدته أودري لورد (Audre Lorcle) هو أن أدوات السيد لن تفكك أبدا بيت السيد ، فكيف تنجح المتخصصات في النظرية الأدبية النسوية في الفكاك من أنماط الفكر وأدوات السيد الخاصة بالمجال الأكاديمي (110 :1984 Lorde)؟ إن إجابتي العادية نوعا ما تدعو إلى تأمل بعض الأمثلة والأحداث المحورية التي أراها توضـح ما هو جديد من مبادئ ومفاوضات أدبية إن مشروعي متواضع، ويتناول تقديم الشكلين الرئيسيين من أشكال عبور الحدود في النظرية الأدبية النسوية المعاصرة والتعليق عليهما، مع التطرق إلى كيفية إمكان هذين الشكلين المساعدة في إعادة تشكيل المركزية الأوربية (Eurocentricism) في الدراسات الأدبية ومن أهم نقاط التركيز التي اعتمد عليها في النقد الشعري النسوي (feminist poet-criticism) وعلى قرية وحميمينه المتصلة والمنفتحة على القارئ والقارنة، وهي مسألة بالغة الميل إلى تأمل الذات وبوصفها مجالا جديدا وغام مسمى في النسوية الأدبية فسوف أطلق على هذا الجهد مسمى النقد الجاينوغرافي” ( gynographic criticism) أي نقد كيفية تصوير النساء، نظرا لما تتضمنه عادة من استعراضطباعي صرح على الصفحة المطبوعة، كما أود التوقف أمام الإزاحة عن المكان” (deterritorialisation) فيما يتعلق بالأدب، وذلك طبقا للمصطلح المستخدم بواسطة ديلوز وجواتاري الذي صاغته النساء الأسيويات والسـود والنساء الملونات، وهن النساء اللاتي قمن بلباقة وقدر من الشجاعة بإحداث نقلة وتحول في معايير التصورات في النظرية الأدبية (Deleuze and Guattari 1986)

وأنطلق من فكرة مؤداها أن التحليل النقدي يعيننا على فهم التغيرات الثقافية في العمل في هذا الزمن الصـعب. ويدعي تيري إيجلتون أن أعظم النقاد الإنجليز كثيرا ما يكونون من الأجانب أو من خارج تراث النقد الإنجليزي، ويشير علي إحسـاسـي الخاص بالكتابات النقدية الحالية بأن النسويات هن اللاتي يجازفن بالقدر الأكبر في هذا الرهان الأدبي، مجازفة تفوق الآخرين (Eagleton 1970)

النظرية الأدبية النسوية من عام 1970 إلى الحاضر

 

إن القدر الكبير من أكثر الأعمال الحديثة، التي تتناول الجندر والكتابة، إشارة وتشويقا تستخدم المصطلح في مجالات غير مسطورة في النظريات الأدبية التقليدية، ولكن في سبيل فهم مولد تلك الإثارة والتشويق يتعين علينا الرجوع خطوة إلى الخلف والعودة إلى كتاب كيت ميليت عن بشير إلى أن الموجة الثانية من الكتابة التقدية بدات كبناء مكاني، أي كعبور للحدود، وقامت فكرته السياسات الجنسية ( Kate Millett, Sexual Politics 1970)، وذلك للتعرف على الواقع الذي يشير إلى الموجه الثانية من الكتابة النقدية بدأت كبناء مكاني، أي كعبور للحدود، وقامت فكرته الرئيسية المسألة الشخصية مسألة سياسيةعلى ربط عالمين كانا حتى حينها مكانيا منفصلين فكريا، إن ما تفرد النقد الأدبي النسـوي بتقديمه، والسبب الذي يجعل كتاب كيت ميليت على تلك الدرجة من توليد الأفكار، هو الموقع الثوري، ولا يقتصر الأمر ببساطة أو تماما على الأدوات النقدية الجديدة. ولكن النقد النسـوي كان بالتأكيد في السبعينيات من القرن العشرين متجاوزا حدود المجال الأكاديمي التقليدي، وكان بالفعل خفيا، وتجد أن طبعة عام ١٩٨٠ من إصـدار رابطة العلوم الحديثة عن مدخل إلى الدراسة البحثية (1980 Introductiars to Scholarship, MLA) لا تتضمن أي إشارة إلى النقد النسوي، وفي كلمة ألقتها مارجريت درایل (Margaret Drabble) في مؤتمر عقد مؤخرا عن الأدب: شأن يخص المرأة” (Literature: A Woman’s Business)، وصفت مارجريت درایل بتيرة مرحة رد فعل دار نشر جامعة أوكسفورد وصدمتهم عند اقتراحها بإضافة النقد النسوي إلى الطبعة الجديدة من كتـابهـا عن الأدب الإنجليزي” (The Oxford Companion to English Literature) الذي صدر في عام 1985 (1992 Gibaldi). وقد فعلت، وفي وجه هذا التحيز ضد النساء كان النقد الأدبي النسوي في السبعينيات يميل إلى تعريف المكان زمانيا من منطلق الأصـل، أي من منطلق أهمية كون المؤلف رجلا أم امرأة، وهي النقطة التي كانت الملمح الرئيسي للنقد النسـوي في تلك الفترة.

وعادة ما توصف الموجة الثانية من النسوية باعتبارها انفصالا عن الآباءوذلك لأن الناقدات من أمثال كيت ميليت وجيرمين جرير وماري إيلمان ( Kate Millet 1970; Germaine Greer 1971 Mary Ellmann 1968) قدمن مراجعات نقدية لما تطلق عليه ماري إيلمان مسمى الكتابة الفحلة” (phallic writing). وقد ركزت النـاقـدات على المفردات المتحيزة جنسـيـا وعلى الصـور النمطية للجنسين في أعمال المؤلفين من الرجال، مع إلقاء الضـوء الكاشـف على الطرق التي اشترك فيها هؤلاء الكتاب في الحاق بعض الملامح والخصائص بالنساء، مثل الهستيرياوالسلبية، وقصرها علين. إن كتـاب جـوديـث فـاتيرلي عن القارئ/ة المقاوم/ة” (Judith Fatterley, The Resisting 1978 Reader) يرمز إلى هذه المقاربة الجديدة إلى النقد الأدبي والمبنية على خلفية سياسية. ففي کتابها تهاجم المؤلفة الكتاب، هنري جيمس وهيمنجواي وفتزجيرالد وهوكار، الذين أصبحت أعمالهم راسة (canomised) في الأقسام الأدبية في أمريكا بأكملها.

النقد النسائي

انتقل النقد النسـوي في السبعينيات إلى مرحلة جديدة، عادة ما يطلق عليها مسـعى الله النسائي (gynocriticism) أي دراسة الكاتبات والموضوعات المتصلة بالنساء، فقد قامت ناقدات بما فين إيلين موبرز وايلين شوولتر بتوصيف التعبيرات والثقافات الفرعيةالأدبية النسائية ويتحديد وسمات التاريخ الأدبي النسائي والاحتفاء به كتراث تقدمي ( Ellen Moers 1976; Elaine Showater 1977)، وجاء كتاب إيلين مويرز عن نساء الأدب” (Literary Womern) ليصيغ شكل عرات الأدب النسـاني. وعلى الرغم من تعرضـه للهجوم في الثمانينيات من القرن العشرين لما فيه جزئيا من عنصـرية وهوموفوبيا واختيارات شـخصـية، إلا أن الكتاب كان من أوائل النصـوص في النقد النسـوي التي وهبت الكاتيات تاريخا ووصـفت اختيارات النسـاء في التعبير الأدبي وقام بالتعريف والاحتفاء بقدرات الكاتيات: “فلا مجال للحديث عما لا تستطيع النسـاء عمله في الأدب . حيث أن التاريخ ببين أنهن فعلن كل شيء” (Moers 1976: xiii).

وتعتبر مسألة التواصـل من الموضـوعات الثابتة في الكتابات النسـوية لتلك الفترة، وهو ما توضحه عناوين الكثير من الكتب النسوية، مثل كتاب تيلي أولسـن عن أشكال الصمت” ( Tillie Olsen, Silences) وكتاب ايدريان ريتش عن حلم اللغة المشتركة” (Adrienne Rich, The Dream of a Common Language). وتمثلت حيوية العمل في ذلك العقد في استكشـاف وجود لغة مميزة للنساء وإنشاء كم من النقد الأدبي. وقد شهد عام 1975 تأسيس مجلة ساينز” (إشارات، Signs) ويها عرض للنقد الأدبي بقلم إيلين شـوولتر. كما نشـأ جدل شبيه بذلك في خارج العالم الناطق بالإنجليزية، فحدث أول نقاش منهجي عن أدب النساء” (Frauen Literature) في ألمانيا في الفترة ١٩٧٥١٩٧٦، كما جاء تأسيس دار نشر ومجلة نسائية (Frauenoffensive) ليمثل اهتماما مشتركا لدى النسويات الألمانيات باستكشاف اللغة والثقافة النسائية المختلفة“.

وكان كتاب ايلين شـوولتر بعنوان أدب خاص بهن” (A Literature of Their Own 1977) إسهاما مهما في هذا البرنامج. فمن خلال تأمل كتاب فيرجينيا وولف حجرة خاصـة ( Virginia Wolf, A Room of One’s Own) واجهت إيلين شوولتر نفس المسألة الخاصة بإقصاء النساء عن المجال الأكاديمي. وعن طريق رســـم تاريخ طويل للأديبات لفتت الناقدة الانتباه إلى كاتبات القرن التاسع عشر اللاتي لم ينلن ما يستحققته من تقدير، مثل ساره جراند، وجورد ایجوتون وبدلا من تحديد وتعريف نص نسائي عالمي، فضلت إيلين شـوولفر تحديد وتعريف الثقافة العربية الأنثوية التي أوجدت تلك النصوص، كما استبدلت الفترات التقليدية في التاريخ الأدبي بعملية بديلة تتكون من ثلاثة مراحل لنمو الوعي: المؤنثة والنسوية والأنثوية وبناء على ملاحظات ناقدات لاحقات بسبب تبنيا معيارا أدبيا أقرب في التطبيق على أعمال نهايات القرن العشرين ولما اتضح من مقاومتها للنظرية، قامت إيلين شوولتر بتطوير أفكارها في مقالة عن نحو فن الكتابة النسوية ( Toward a Feminist Poetics) ومقالة عن النقد النسوي في البرية” (Feminist Criticism in the Wilderness) وفي كتاب عن النقد النسـوي الجديد” (the New Feminist Cnticism 1985)، وقد قامت ايلين شوولتر فيا بتقسيم النقد إلى فلتين مميزتين، تركز الفئة الأولى منه على المرأة القارئة أي المستهلكة للأدب، أما الفئة الثانية فتركز على المرأة الكاتبة أي منتجة المعاني النصية. كما قدمت توصيفا الأربعة نماذج للاختلاف على أساس الجندر – البيولوجي واللغوي والثقافي ومن منطلق التحليل النفسي زاعمة أن تلك النماذج هي الأفضـل تناولا من خلال نموذج المركزية النسائية gynocentric)) في النقد النسوي.

وبنظرة إلى الوراء من منظور التسعينيات يبدو هذا التوصيف للاختلاف ثنائيا ضمنيا ومتداخلا ضمن مفهوم كون أدب النسـاء في فئة تمثل الآخربالنسبة للتراث الذكوري، ولكن كتابات ايلين شـوولتر في ذلك العقد من الزمان قدمت برنامجا متماسكا للنقد النسوي من خلال وصف فيض من كتابات النساء باعتبارها سـردا متواصلا وتقدميا، وبالقطع سـاد التركيز في النقد النسائي على أهمية الصداقات الأدبية النسائية خلال أوائل الثمانينيات من القرن العشرين، والتي تشهد عليها الشعبية المتواصلة لكتاب إيدريان ريتش مولودة من امرأة” (Adrienne Rich, Of Woman Born 1976 ) وكذلك النسوية الثقافية ومنها على سبيل المثال كتابات النسـويات عن رابطة الأم الإبنة في كتاب عن التراث المفقود” (Davidson and Broner, The Lost Tradition 1980). ولكن فوق هذا وذاك نجد أن كتاب ساندرا جیلبرت وسوزان جوبار ( Sandra Gilbert and 1988 Susan Gubar) الذي صـدر في الثمانينيات هو الذي أوجد جماليات نسـويـة ( feminist aesthetic) من داخل التراث الأدبي الأنثوي نفسه.

إن النصوص الواردة في كتاب المجنونة في العلية” (Gilbert and Gubar, The Madwoman in the Attic 1979) وما تلاه من سـلـسـلة نصـوص في كتاب أرض بلا رجال” (No Man’s Land) الصادر عام ١٩٨٨ في ثلاثة أجزاء تركز جميعا على بعض مظاهر الإقصاء الأكثر خطورة في النقد التقليدي، من حيث أشكال السيطرة والتحكم المادي والنفسي في النساء الحياة السرية للنساء وثقافتهن، مظاهر قلق الذكورة والأنوثة ممثلة في الصـور المجازية الأدبية من الحدود، ومن المرئى وعن الحياة المنزلية وتبادل الملابس بين الرجال والنساء وقد قامت المؤلفان بالبناء على ما قدمته موبرر وشوولتر من أفعال الاستعادة، كما أنهما يشـاركانهما في الولع بوظيفة الكتابة النسائية داني الخاصية المعارضة، إن كتاب المجنونة في العليةالذي صدر بعد تسعة أعوام من كتاب كيت ميليت عن السياسات الجنسيةيقدم عرضا مبهرا للخطابات المتداخلة، ويتضمن تحليلا نصيا متعمقا لأعمال كل من جين أوستن والأخوات برونتي وإميلي ديكنسون وجورج النبوت، جنبا إلى جنب مع التاريخ النفسي والتحليلات الطبية والتاريخية. ومثل ككتاب السياسات الجنسيةيمثل كتاب المجنونة في العليةفي الأساس تاريخا من منطلق المراجعة متبنيا نموذجا قائما بالفعل وهي منظومة المركزية الذكورية التي وصفها هارولد بلوم بأن جيل الأبناء من الأدباء يعانون قلقا بشأن التأليف وصراعا أوديبيا مع أسلافهم الرجال – وذلك بغرض توضيح أن النساء يكتين في حالة من المواجهة مع الثقافة ومع أنفسهن من خلال إيجاد قرين للمؤلف: أي المجنونة في العلية.

وفي أرض بلا رجالانتقلت المؤلفتان من التركيز النقدي النسائي الموجود في كتاب المجنونة في العليةالذي كان قد تشكل جزئيا بفعل مفهوم الثقافة الأبوية بوصفها کیانا متجانسـا وباكمل قاهرا وكما يوحي عنوان الكتاب فإنه يؤكد في أجزائه الثلاثة أن التاريخ الأدبي للقرن العشرين هو تاريخ للصراع الجنسي ويتمثل إنجاز المؤلفتين الكبير في تقديم عرض كامل للصور الجنسية المتكررة (عن الاغتصاب والعجز الجنسي) التي تسـود الكتابة الحداثية بأقلام الرجال. إن هذا الكتاب يؤسس نقدا مسـويا أكثر تعددية مقارنة بنموذج التحليل النفسي الذي يقتصر عليه كتاب المجنونة في العلية، فتناقش المؤلفتان كيفية قيام المغتربات المثليات في باريس بـــــ إعادة اختراع الجندر، كما تستكشفان النزعة الاستهلاكية في العصر الذهبي وذلك في تحليل مبني على النظرية المادية، ويصـفن كذلك الصور الخيالية الجنسية للإمبريالية. ويقوم هذا الكتاب على قناعة ما بعد حداثية بأن الذكروالأنثىبناءان خياليان يتشكلان ويتنوعان بواسطة الثقافات.

وكان من كبرى إنجازات النقد النسوي الأنجلوأمريكي في الثمانينيات من القرن العشرين قدرته على تحديد وممارسة نقد أدبي بالغ التنوع من منطلق الجندر. وقد أثبت النقد النسـوي أولا أن الأدب لم يكن مجرد مجموعة من النصـوص العظيمة، بل تأثرت بنيته بشـدة تبعا للأيديولوجيات الاجتماعية/الجنسية، كما أثبت ثانيا أن بعض الهموم والتقنيات لها السيادة في كتابات النسـاء فيما يتعلق بتلك البني الاجتماعية. وقد ظهرت بالطبع مشاكل فيما يخص سـيـاسـات التعددية(politics of pluralism) ، فعلى سبيل المثال قامت ناقدات في مجالات دراسات المثليات والعالم الثالث والطبقة العاملة يشن هجوم على المقالة الحائزة على جائزة، وهي عن الرقص عبر حقل الألغامبقلم أنيت كولودني (“Amette Kolodny, “Dancing Through the Minefield 1980) وانصب الهجوم على أن التعددية تخفي معالم النزعة الجنسية الغيرية (heterosexism) والعنصرية (1982 ,Gardiner et al). ولكن ما يتضح أيضا لنا الآن عن ذلك العقد من الزمان هو التلاحم المجدد والواعي بالذات الحادث بين النقد النسـوي والكتابة النسـوية في أعمال أودري لورد وأليس ووكر وابدرمان ریتش (Odre Lorde, Alice Walker, Adrienne Rich)، فقد أصبح النقد النسوي متزاوجا مع الكتابة الإبداعية النسوية في مجال غني من السير الذاتية والسرديات الروائية ونصوص التاريخ الشعرية ومن الجدير بالذكر أن ساندرا جيلبرت كانت هي المحررة الأمريكية لكتاب هيلين سيكسو (Helene Cixous) وكاتيرين كليـمـان (Catherine Clement) عن المرأة المولودة مجددا” (The Newly Born Woman 1987)

الكتابة المؤنثة

في الثمانينيات من القرن العشرين تشكلت الفكرة التي طرحتها ساندرا جلبرت وسوزان جوبار بشأن قلق المرأة من التأليف، وذلك في أول نص تفكيكي في النقد النسـوي ألا وهو كتاب توريل موي عن السياسات الجنسية/النصية” (Toril Moi, Sexual/Textual Politics 1985). ومع أن الفاصل الزمني بين الكتب التي أصـدرتها هؤلاء الناقدات هي مجرد سـت سـنوات، ولكنها فترة شهدت بداية تأثير كتابات النسـويات الفرنسيات والفيلسـوف اللغوي جاك ديريدا وأصحاب المدرسة ما بعد البنيوية على النقد النسـوي الغربي. وتقدم توريل موي في كتابها ملخصـا وتحليلا للأنواع الرئيسية من النقدين الأنجلوأمريكي والفرنسي، ولكنها لم تتطرق إلى الكتابة السوداء (Black Writing) بفعل مركزيتها العرقية.

وكانت بؤرة التركيز النسوية الرئيسية في تلك الأعمال التي ترجع إلى الثمانينيات منصبة على اللغة، وكان التحدي القائم إعادة فهم العلاقات القوية والمعبرة جنسيا بين اللغة والأشكال الأدبية ونفسيات النساء والرجال، وذلك من خلال بحث العلاقة بين الهوية الجندرية (gender identity) وبين اللغة. وقد تبنت الناقدات النسويات الفرنسيات مصطلح الكتابة المؤنثة (écriture feminine) لوصف أسلوب مؤنث في الكتابة (كان متاحا بنفس الدرجة لكل من الرجال والنساء). وقد اكتشفت هؤلاء النـاقـدات هذا الأسـلوبفي حالات الغياب والتمزق واللذة” (jouissances) في الكتابة الحداثية. وتؤكد هيلين سيكسـو تحديدا أنه يمكن العثور على الكتابة الدولة في الصور المجازية للحياة الجنسية النسائية واختلافات النساء التناسلية والشهوانية.

إن إصرار النسويات الفرنسات على اقتحام الممارسات النقدية الأبوية – بخلق اشكال جديدة من الكتابة التفكير التي لا يمكن وصفها بأنها النصـف الآخرللعقلانية كما يعرفها الرجل هو إصـرار ملهم أدى إلى الإثارة والتشويق والجدل، وقد زعمت كل من سيكو وكذلك اريجاراي (1974 lrigaray) بوجود حياة جنسية مكبوتة أوجدت طرقا في التفكير تبقى صامتة في النظام الأبوي. وقد حددت جوليا كريستيفا هذه اللغة المؤنثة الجديدة بوصفها اللغة السيميوطيقية” (لغة العلامات، the semiotic) وعرفتها باعتبارها هي اللغة ما قبل الأوديبية المستخدمة بين الأم وصغار الأطفال (أنظر/ي: 1994 Humm)

ويبدو المنهج التفكيكي (deconstruction)، على وجه الخصوص، مقاربة معقدة تحمل بذورا ثورية لأنها تفكك التقابلات الثنائية اللغوية (linguistic binary oppositions) بين الرجال والنساء ولكن يمكن للمقاربة التفكيكية مع ذلك أن تتملص من تناول الاختلافات الحقيقية العملية والنظرية القائمة بين النسـويات البيض والسـود (White and Black)، وبين النسويات المثليات البيض والسود. وقد كشفت باربرا كريستيان (Barbara Christian) عن الفرضيات الرجعية الكامنة في المجال الأكاديمي الأمريكي من حيث تبنيه للنظرية النقدية في مجملها خلال الثمانينيات. ورأت أن السباق محو النظريةأدى إلى مزيد من تهميش النسويات ممن لا ينتمين إلى المجال الكاديعي، وهن عادة من النساء السود و/أو المثليات.

التوجهات النسوية السوداء

منذ منتصف الثمانينيات أصبح الاختلاف العنصري (racial difference) محور اهتمام النقد النسـوي، حيث تناولت النسـويات البيض أخيرا ما خضعن له هن أنفسهن من عمليات الاختبار والتعليق النقدي. وكانت أودري لورد هي التي طرحت الرأي المثير القائل بأنه لا يمكننا خلق نقد نسوي مفيد باستخدام المناهج وأشكال اللغة التي نرثها من بيت السيد” (1984 Lorde).

إضافة إلى ذلك، وكما أعربت باربرا كريستيان عن استيائها، فإن النساء السـود قد سئمن من مطالبتهن بإنتاج نظرية أدبية نسـوية سـوداء كما لو كن رجلا آليا“. وقد دفعت باربرا كريستيان الجدل النظري الدائر دفعة إضافية بالإشارة إلى أن شعوب الملونين يقومون دوما بالتنظير – ولكن في أشكال تختلف عن شكلنا الغربي من المنطق المجرد وذلك في القصص التي نخلقها، والألغار والأمثال” (Barbara Christian 1987: 53). وقد بدأ التراث النقدي الأسود الذي تصفه كريستيان مع كتابات أليس ووكر في مجلة مز” (Alice Walker in Ms) عام ١٩٧٤ ، ومع مقالة باربرا سميث الرائدة نحو نقد نسوي أسود” (Barbara Smith, “Towarda Black Feminist Criticism” 1977) وقد استمر ذلك في أول كتاب أمریکی بدم مقتطفات عن كاتبات سـود بعنوان جسور سوداء راسخة (Bell et al. Study Black Bridges 1979) وكذلك في بعض المجموعات التي شاركت باربرا سميث في إعدادها وتحريرها بعنوان ولكن بعضنا من الشجعان” (Hull et al, or Some of Us 1981 Are Wave ) وهي أول مجموعة للدراسات النسائية السوداء (Black women’s studies) وكذلك كتاب بعنوان فتيات البيت” (Smith, home Girls 1983) الذي يركز على الكتابات المثلية السوداء، وقد ظهرت موضوعات عديدة مما تم تناوله في تلك النصوص، ومنها: الطرق التي يؤثر بها التراث الشعبي غير الأدبي والحياة الروحانية على الكتابة السوداء، وأهمية علاقات الأم/ الابنة والأشكال المتنوعة الروابط بين النساء في الكتابة السوداء والتي تتكرر في العلاقات الحميمة بين القارئات/ النافدات/الكاتبات السـود.

ومن خلال البناء على هذا الجهد أخذ النقد النسوي الأسود في أواخر الثمانينيات والتسعينيات في خلق جماليات الكتابة السـوداء (على سبيل المثال في الأعمال التالية: Marjorie Pryse and Hortense Spillers, eds., Conjuring: Black Women, Fiction and the Literary Tradition 1985, Joanne Braxton and Andrée Mclaughlin, eds., Wild Women in the Whirlwind 1990). وقد قامت تلك الأعمال وكتب أخرى كثيرة على استعادة النصوص المفقودة بأقلام النساء السود، وعلى إدخالهن في التاريخ، وعلى وصف الأساطير والتراث النسائي الذي أثبت أن السرديات السوداء يمكن أن تعتبر أقرب في بعض ملامحها النصية إلى النصوص ما بعد البنيوية مقارنة بالكثير من النصوص النقدية البيضاء، وذلك مع عدم رغبة النصوص السوداء بالضرورة في مشابهة النصوص ما بعد البلبوية، وبعبارة أخرى، لم يكن النقد الأسود مجرد عملية تسمية للذات، ولا مدرسة مميزة أو ذات جوهر آخر، أو منهجا يمضي جنبا إلى جنب النقد الأبيض، بل كان النقد الأسود متغلغلا ومحدثا تحولا في برنامج مشروع النقد النسوي.

النسوية المثلية والنظرية الكوير اللانمطية

لقد جاءت جہود نقدية نسوية مهمة وقيمة شبيهة بما سبق في نهاية عقد التسعينيات مصدرها ناقدات مثليات بيض وسـود. إن نقد وانتقاد النزعة الجنسية الغيرية في النقد الأدبي، واستعادة الكتابة المثلية المفقودة والبحث عن جمالية مثلية نسـائيـة (lesbian aesthetic)، وكذلك بناء النظرية الكوير اللانمطية (queer theory)، هي جوانب تشكل جميعها الجهود المكثفة لناقدات مثل بوني زيمرمان (Bonnie Zimmerman) وأودري لورد (Audre Lord) وتبريسا دس اور يقيس ( Teresa de Lauretis) وايدرمان ریتش (Adrienne Rich) وغيرهن، إن النقد النسوي المثلي يتحدى المقاهيم المحددة تبعا للرجل بشـأن الأنوثة، كما يتناول الصور والاستراتيجيات المثلية في لحظاتها التاريخية والثقافية. إن النظرية اللانمطية هي خطاب يعمل على عكس الفئات من أصحاب رهاب المثلية (hormophobic) في سبيل الربط بين العنصر والحياة الجنسية والفعل.

ولعل الخطوة التالية خلال التسعينيات كانت متوقعة، حيث أن الأسئلة التي طرحها النشاط النظري في الثمانينيات وما كشفت عنه الناقدات المثليات والسود هي أسئلة أدت إلى إعادة تشكيل الهوية النقدية التي ظهرت في شكل النظرية الجندرية (gender theory). وقد أدى هذا التطور إلى إضفاء إمكانات جديدة ومشـاكل مستجدة على النقد النسـوي. ولدينا مثال جيد في حياة ايلين شـوولتر العملية، فقد انتقلت من مرحلة تقديم عرض قوي لتراث النسـاء الأدبي في نهايات الثمانينيات إلى مرحلة التركيز على دراسات الجندر (gender studies) مع صدور كتابها الكلام عن الجندر” (1989 Speaking of Gender) الذي زعمت فيه أن النقد النســوي قد انتهي عند نقطة مفهومها عن النقد النسائي” (gynocriticism) وأصبح في حاجة إلى التركيز على الجندر والاختلاف الجنسي في نصوص بأقلام كل من الرجال والنساء.

وقد فتحت دراسات الجندر المجال أمام إمكانية قدرة النقد الأدبي النسـوي على الاستجابة إلى نظريات الجندر في أفرع معرفية أخرى على سبيل المثال، في العلوم (1985 Evelyn Fox Keller). أو التاريخ (1988 Joan Scott)، وإمكانية استعادة واسترجاع الأدب المثلي من موقعه على هامش التحليل الأدبي. وكان تأكيد إيف كوسـوفـسـكي سيدجويك في كتابها بين الرجال” ( Eve Kosofsky Sedgwick, Between Men 1985) مقنعا بأن تمثيلات الحياة الجنسية المثلية لا يمكن فهمها خارج علاقات تلك التمثيلات بالنساء وبنظام الجندر (أي علاقات القوى بين الجنسين) نفسه. وبناء على النظرية النسوية لثمانينيات القرن العشـرين تساءلت إيف كوسـوفـسـكي سيدجويك عن الإطار النظري الذي يمكنه الربط بين العلاقات الجنسية وعلاقات القوى، وجاءت إجابتها في توظيف دقة التمثيل في النسـوية التفكيكية” (12 :1985 Sedgwick). فعلى سبيل المثال تتعامل إيف كوسـوفـسـكي سيدجويك مع تمثيلات كراهية المثلية كأدوات لفهم نظام الجندر (علاقات القوى بين الجنسين) بأكمله. وبينما جاءت كتابات إيف كوسـوفـسـكي سيد جويك متحدية النقد النسوي من أجل استكشـاف كيفية تضـافر بنى المثلية مع البني كارهة النسـاء (mysoginist) عموما، إلا أن دراسات الجندر بوصفها ممارسة قد فصلت نفسها عما يجب أن يكون هدفا أساسيا لأي عمل ثقافي نسوي، أي قدرة النقد الأدبي على المساهمة في المشروعات السورية، وتذك تانيا مودليسكي تأكيدا قاطعا أن تلك الجهود في دراسـات الجندر تقوم على فرضيتين أساسيتين ووهمیتین إحداهما قائمة على افتراضقائم على الهوية الجنسية الغيرية ، والثانية فرضيةعن المساواة بين الرجال والنساء” (6 :1991 Tania Modleski)، ونجد أن توظيف نظرية الجندر في هذا الصدد يبدو خطوة انتكاسية تعود بنا إلى التسعينيات، ولكن مثلما أشارت جوان کیلی جادول، فإن النساء لا ينتمين إلى عقود التاريخ الذكوريالمتوالي خطيا، انتماء خاليا من الإشكالية (Joan kell 1992 Gadol). فعلى سبيل المثال نجد أن الباحثات الإيطاليات النسويات المتخصصات في السيميوطيقا مندمجات حاليا في جدل نظري بالغ التعقيد بشأن لغة النساء، حيث تكرس مجموعة مكتبة النساء (Libreria delle donne) نفسها للتحليل المنبجي لخطاب الأمومة ( Bone and Kemp 1991)

وأخيرا، فمن خلال التركيز على السيرة الذاتية وعلى موضوعات المكان والتنحية عن المكان (displacement)، قامت ناقدات مثل جلوريا انزلدوا وجاياتري سبيفاك بنقل النقد النسـوي إلى العالم ما بعد الكولونيالي (postcolonial) ومـا بعـد الحـداثي (1990 Anzaldia 1987 Spivak) فكيف لنا أن نستوعب تلك الحركة المتواصلة خارج المجال الحالي الأمن الخاص بالنقد التقليدي، نحو نقد تصـوير النسـاء (gynographic criticism) والنقـد ما بعد الكولونيالي ( postcolonial criticism)، أي تلك الرغبة القوية والمستمرة لعبور الحدود الأدبية؟

اسمع اشرب“: نقد تصوير النساء

لعل إحدى الصور الممكنة هي صورة اسمع اشرب“. لقد توفيت بياتریکس جاردنر ( Beatrix Gardener)، عالمة سلوك الحيوان الشهيرة، خلال الأسبوع الذي طلب مني فيه كتابة هذا الفصل وقد كانت بياتريكس جاردنر أول شخص يعبر حدود التواصل بين الحيوان والإنسـان، ففي عام 1963 عايشت بياتريكس جاردنر عن قرب واشـووهي قردة الشمبانزي البالغة من العمر عشرة شهور، وكانت تتواصـل معها لا عن طريق الكلام بل من خلال لغة الإشارة الأمريكية. وقد تمثلت فكرة بياتريكس جاردنر المثيرة والثورية في أن لغة الإيماءة (gestural language) لا اللغة الصـوتية (التي تفتقد قردة الشمبانزي إلى أجهزتها التشريحية والوظيفية اللازمة) قد تتيح معبرا نحو التواصل ما بين الإنسان وقرود الشمبانزي (1985 Smith). وبعدها بفترة أربعين شهرا كانت الفردة واشـوقادرة على التعبير عن ١٣٢ إشارة مثل رضيعوموزةبل وكذلك ضمير المخاطب وضمير الملكية للمخاطب باللغة الإنجليزية (baby, banana, you, yours)، ولكن الأمر الأكثر إبهارا هو قدوة القدرة واشـوعلى الجمع بين الإشارات، دون التقيد بالضرورة بترتيبها الصحيح، ولكن اللغة الإنجليزية على أية حال هي فريدة بين اللغات الإنسانية في إصرارها على الترتيب الصحيح للكلمات في الجملة. لقد كان في إمكان القردة واشوالقيام بـإشارة مزدوجة، وقد خلقت مجموعة من العبارات الجديدة مثل افتح طعام مشروبللإشارة إلى الثلاجة، كما صاغت عبارتي المفضلة وهي اسمع اشـربتعبيرا عن دواء الكا سيلتزرالمشروب الألماني الفوار (Alka Seltzer). وعلى الرغم من الهجوم الذي شـنه ســتيفين بينكر في كتابه عن غريزة اللغة” (Steven Pinker, The Language Instinct 1994) مؤكدا أن مدربي القرودلا يتبعون المنهج العلمي وأن قردة الشمبانزي لا ت الإشارة حسـنا، إلا أن الأمر الأكثر أهمية كان في الملاحظة التي أشارت إليها جين جودال ( lane Goodall) في زيارة قامت بها لمشـروع شـبيه عن قردة الشمبانزي المدعوة نيم، حيث لاحظت أن فرود الشمبانزي تتنقل باستمرار ذهابا وإيابا على الحدودبين حصيلتها الطبيعية وبين لغة الإشارة الأمريكية. ولكن حتى ستيفين بينكر نفسـه يذكر في ملحوظة جانبية كاشفة أن قرود الشمبانزي تعرف أن المدربين يحبون توقيعهم وأن التوقيع كثيرا ما يأتيهم بما يريدونولكن كثيرا ما تجد قرود الشمبانزي توقع مرحة متزامنة مع رفيقها، وعادة على الجانب” (340 :1994 Pinker).

كما أن الناقدات المبتكرات في نقد تصـوير النساء لا يستخدمن بالضرورة الكلمات في ترتيبا الصحيح، ولكن يستخدمن الجمل الاعتراضية والأقواس والمسافات والعناوين الموصولة للتعبير الواضح عن الحدود المقيدة بين الأنظمة المفاهيمية التي نجحت بياتريكس جاردنر في تجاوزها، فعلى سبيل المثال، عن طريق نسج صـور جسد المرأة داخل النصوص تؤكد ناقدات تصوير النساء على مادية اللذات مثل اسـمـع اشـرب“. إن الأمثلة التالية لنقد تصوير النسـاء ليست متطابقة، حيث توجد فروق مهمة في المقاربات، فعلى سبيل المثال نجد أن ماري دالي فيلسوفة، وهيلين سيكسووف من الداعمـات الأسـاسـيـات لمفهوم الكتابة المؤنثة ، وغيرهما من ناقدات ما بعد البنيوية (اليس جاردين) أو يكتبن نقدا شخصيا (نيكول وارد جوف، ونانسي ميلر وديانا كولكوت). ولكن توجد أفكر وموضـوعات مشتركة في أعمالهن، ومن أبرزها مراجعتهن وإعادة نظرهن التصويرية (-graphic re vision) المبتكرة في تناول الكتابة النقدية.

ومن أوائل الأمثلة، وأكثرها قوة إلى الآن، لنقد تصوير النساء هي مقالة هيلين سيكسـو خروج وهجوم” (Helene Cixous, “Sorties”, The Newly Born Woman, Cixous and Clément 1987) ففي تلك المقالة بالغة التأثير تصـف هيلين سـيـكـسـو الحدود المتعارضـة بين الثقافة/ الطبيعةباعتبارها معارضة بين الرجالوالنساء“. ومن الاستراتيجيات التي تستخدمها من أجل إحداث تحول لتلك الحدود هي استكشاف لغة الإشارةالتي تعتمد على التلميج والمجاز والجسد.

وفي أمريكا يعتبر كتاب ماري دالي عن النساء والبيئة (Mary Daly Gm/tcolon) من أكثر الأعمال النقدية في تصوير النساء أهمية وتأثيرا حتى الآن، حيث تقوم الناقدة بتغيير تركيب الجملة بنية جمل باكملها لا مجرد المفردات، حيث تزعم أنه يجب علينا أن نربط لغننا بأجسادنا كي نتذكر الأجماد المبتورة من تراثنا” (23 :1978 Daly). إن تناول مسألة اللغة المصاغة جنسيا لا لكلمة ما وكذلك على نظام تركيب الجملة هو نقطة بداية لازمة لفهم نظام اللغة الأوسع في حد يستدعي بالضرورة الخضوع للنزعة الجوهرية (essentialism)، بل إن التركيز على البنية الداخلية ذاته، والآلية التي تستخدمها ماري دالي تقوم على تفتيت اللغة إلى أجزاء أي أقسـام ترحل عن اقسام” (Daly 1978: xiv), وهي تزعم أن كتابها هو إظهار للفعل اللازم من منطلق النقد النسائي” (23 :1978 Daly)، إن تغيير الأسـماء إلى أفعال هي أمر يتعدى كونه لعبة لغوية، حيث أنه يؤكد أهمية القيام بالفعل. كما تهتم ماري دالي تحـديدا بالمقاطع البادئة (prefixes) نظرا لأن إحدى خصائص تلك المقاطع هي قيامها بتكثيف الأسـماء، وبالتالي فإن التلاعب اللفظي بالمقاطع البادئة ولعلامات الواصلة يمكن ماري دالي من خلق أشكال جديدة مزدوجة مثل كلمة منطق الحيزبونبما فيها من تورية لفظية مع كلمة الترتيب الزمانيباللغة الإنجليزية (crone-logical) ، وهي نموذج آخر على غرار اسـمـع اشـــرب“. ومن الأمثلة على كيفية تطبيق أفكار ماري دالي في السياق الأدبي روايات جين ريس (Jean Rhys) التي تقوم عمـدا بـإحـداث قطع في رواياتهـا بـاسـتـخـدام الحذف والنقلات المفاجئة لتلمح إلى الطرق البديلة والخاضعة لعلاقات القوي بين الجنسين في إمكانيات تأويل مشهد معين.

ويصف كتاب أليس جاردين عن تكوين النساء” (Alice Jardine, Gynesis) كيف ترسم صورة النساء عادة في نصوص الرجال باعتبارهن إشارة للإفراطوخاصة في الحداثة الفرنسية ( Jardine 1988a)، وفي نص لاحق عنوانه باسم ما هو حديث: أسئلة نسوية ما بعد تكوين النساء” ( “In the,Name of the Modern: Feminist Questions d’apres Gynesis 1988b)، تتلاعب أليس جاردين مستخدمة التورية في إشارات إلى نصوص بأقلام كتاب من الرجال وإلى كل من ليوتار وديرندا وفوكو جنبا إلى جنب القديس توما الإكويني والقواميس اللغوية – فيبـدون جميعا كما لو كانوا شخصيات تقوم بأدوار نجومية في ذلك التكوين التصويري الدرامي المركب لصاحبته أليس جاردين. وقد تم عرضـه للمرة الأولى في سبتمبر 1985، وكان شريط العرض يدور حول الحدود في المجال الأكاديمي، أي عن وضعية الآخر” (otherness) في المرويات ما بعد البنيوية وما بعد الحداثية عن التمثيلات. ويقدم شريط العرض غياب النساء ثم يحدث فيه تحولا عن طريق عملية جماعية من طرح للتساؤلات النسوية التي تركز على الإنتاج الثقافي للمعاني في النقد، وينتهي العرض بنبوءة طوباوية مفادها: “إذا تغيرالشيء نفســه لتم إعادة حكي كل التاريخ وكل القصـص بصيغة مختلفة، ولأصبح المستقبل غير محسوب” (182 ;Jardine 1988b)

ولا أطرح بالطبع فكرة أن أهمية النص السـياسـية يمكن قراءتها من خلال شـكله بصـورة مبسطة، ولا أن الكتابة التجريبية أكثر ثورية من الكتابة الواقعية، ولكن تلك العملية المستمرة لإعادة صياغة الحدود بين الاستخدامات المختلفة للمفردات اللغوية المحملة بالسلطة يمكنها أن تقوض النظرية الأدبية التقليدية. وإحدى الطرق الرئيسية التي قامت بها النسوية بإعادة تكوين المعرفة تمت تحديدا من خلال تغيير بعض جوانب اللغة عند ابتكار مصـطلحات جديدة مثل التحيز الجنسي” (sexism). وبينما نجد أن التصورات التجريبية عن الذات ليست على الدوام تقدمية سياسيا، إلا أنها تساعد بالفعل في رسم خارطة نقدية مختلفة وإزاحة التركيز عن ولع المجال الأكاديمي حاليا بالنظرية الفلسفية الزائفة. فعلى سبيل المثال نجد أن كتاب نيكول وارد جوف عن المرأة البيضاء تتحدث بلسان متشعب” (Nicole Ward louve, White Woman Speaks With forked Tongue) يستعرض حوارا مثيرا للدوار بين عمة خالة الكاتبة وبين سيمون دي بوفوار (1991 Jouve)، حيث يبدو أن كتاب سيمون دي بوفوار الجنس الثاني” ( ,Simone De Beauvoir The Second Sex) جعل العمة تتوقف عن ري أشجار الكستناء البرية الخاصة بها لأن الكتاب أثار خلافا عائلية عما إذا كان في إمكان النساء التبول وقوفا وبالتالي عجزت العمة الحائفة عن الإمساك بخرطوم المياه منذ تلك اللحظة! إن عبور حدود النظرية الأدبية إلى السيرة الذاتية يتخذ أشكالا مختلفة عديدة، بداية من مفهوم أودري لورد عن السيرة الأسطورية” (biomythography) التي تصف بعض نصـوص الأم/ الأسطورة/ السيرة المعقدة بأقلام نسـاء مثليات الهوية، انتهاء بمفہوم برئيس جونسون ريجون عن السيرة الذاتية الثقافية” (cultural autobiography) – وهي نوع من السيرة الذاتية الجماعية في عسـل حلو في الصخور” (Mermice Johnson Reagon, Sweet Honey in the Rocks)، وكذلك مفہوم جاياتري سبيفاك (Gayatri Spivak) عن السيرة النفسية الضابطة” (regulative psychobiography) وهي شكل من النقد الثقافي متعدد الطبقات ( Monde (1982; Reagon 1982; Spivak 1990

ويقوم كتاب نانسي ميلر في تصوير النساء وعنوانه جعل المسألة شخصية Nancy Miller Getting Personal)) بتضفير عناصر من فرجينيا وولف وجلوريا أنزالدوا والأسطورة الإغريقية مما في سـردية تتضـمـن رسـوب نانسي ميلر في اللغة الفرنسية ومساحة شقتها بل وحتى حجم عضو والدها (1991 Miller)، وتقوم نانسي ميلر بعرض مقالاتها باعتبارها استعراضـا تصـويريا، وذلك يطرح الأسئلة والتشكيك في الحد التقليدي الفاصل بين المجال الأكاديمي على الساحة العامة وبين حجرتها الخاصة، مستخدمة رموز الطباعة المتناقضة ما بين الحروف المائلة والحروف الداكنة والحروف الصغيرة في طباعة اللغة الإنجليزية، إن اختيارها استخدام حروف طباعة أدنى أو أعلى في مسألة كاشفة في التفرقة بين السيرة الذاتية الناقمة على الذات لدى نافدة المؤتمرات في العبارة: “وبالطبع، مع مجيء النهار لم ترم أية من المتحدثات ورقتها – وتمسكت بورقتي بقدر تمسكي بالحياة ـ ولكني نادرا ما تملكني الإحسـاس من قبل بالهروب والذهاب إلى البيت، والتي ترد في الكتاب مطبوعة بحروف مائلة تشديدا في التأكيد (94 :1991 Miller)، ولكن من طريق عبور الحدود بين الموضوعية الأكاديمية التقليدية وبين عواطفها هي الخاصة، تزيد نانسي ميلر من حدة إحسـاسـنا بغياب الخطابات العاطفية للنساء في الحياة الأكاديمية التقليدية. إن هذا الحرص بقوة على خلق علامات مصـورة، وتحديدا استخدام الخطوط المائلة والحذف والوصـل يعمل كأداة قوية وقدوة في الصراع، وهو شديد الوضوح في الكتابات النقدية ما بعد الكولونيالية والمثلية.

ومن الأمثلة الدالة في نقد تصـوير النسـاء المثلي مقالة ديانا كولكوت (Diana Collecott) عن الشاعرة الحداثية هيلدا دوليتل (H. D. – Hilda Doolittle)، حيث توجد المقالة مقابلة بين قصائد هیلدا دوليتل واقتباسات من كتابات فرجينيا وولف وجوليا كريستيفا مع تأملات ديانا كولكوت عن عملية إزالة الرحم التي تعرضت لها مبكرا في حياتها ولحظة النقاهة والشفاء في بيت الأم. ويتصـف السرد النقدي بالتقطع (fragmentation) مع وجود صـفحة خاوية تسكنها خيالات ديانا كولکوت نفسها عما أصبـاب مؤخرا حيز جسـدها من خواء، ليس عضـوا جسديا كبيرا، بل لعله في حجم ثمرة جريبفروت؟” (150 :1987 Collecott) وترى إليزابيث جروش أن الجسد اللاجنسي تشريحيا، بمعناه الإنجابي، ينفي الرابطة بين الاختلاف الجنسي والهوية الجنسية وبالتالي يتيح المرونة (Elizabeth Grosz 1994). إن الشظية النصية التي تطلقها ديانا كولکوت مكونة من الاستشهاد والتعليق والشعر هي طريقة ملائمة تماما لقراءة هيلدا دوليتل، التي كانت كتاباتها هي نفسها بالغة الذاتية ومتعددة الأنواع الأدبية، وكان ما استخدمته هيلدا دوليتل من خطاب متأثر بالجندر صراحةيعتمد على إيقاعات موسيقية مبتكرة، متأثرة في ذلك بكتابات صـافـو وشـعر الهايكو الياباني وأغاني التروبادور وكذلك السينما والفن ما بعد الانطباعي (85 :1990 Friedman)، وعلى الرغم من إيعاز إزرا باوند بأن هيلدا دوليتل لا بأس بها ولكن يجب عليها ألا تكتب نقدا، فإن كثيرا مما قامت به من تجريب في اللغة يبشـر بمجيء ما بعد الحداثة، وليس من المستغرب أن كتيب الحـدود” (Borderline Pamphlet) الذي كتبتـه دعـايـة لفيلم بعنوان حدود” (Borderline) عن إساءة البيض إلى السود، والذي شاركت فيه بالتمثيل مع بول روبسون، هو كتيب يصور جيلا من الشخصيات التي تعيش على الحدود بين عالمين.

ومن النماذج المبهرة لما بعد الحداثة في نقد تصـوير النسـاء نموذج الشاعرة الأمريكية ريتشيل بلاو دي بليسيس (Rachel Blan Du Plessis)، فمقالتها المبكرة والمدهشة من أجل الإتروسكان” (“For the Etruscans”) مقالة تتسم بتعددية غير عادية تضم الهموم الرئيسية للنسوية المعاصرة. أي التمييز التعليمي وسلطة لغة النساء، وتحتوي على تشكيلة مركبة من الشعر ومقتطفات من اليوميات جنبا إلى جنب النقد الأدبي وتاريخ الإتروسكان (1992 Du Plessis)، ويمثل الإتروسكان. مثل نموذج اسمع اشـربتعبيرا مجازيا لعملية إقصـاء ما قامت به النساء من صناعة للمعاني واستبعادها من المدارس الأدبية فالكتابة الإتروسكانية، مثلها مثل كتابة النساء، معروفة بمعنى أن مفرداتها مترجمة ولكننا نفتقد إلى المعرفة عن السياقين الاجتماعي والخاص الذي يضفي على تلك اللغة معنى.

ويجب علي أن أعترف أن ميلي الراسـخ إلى التشكك في قيمة أي ناقد كممثل لغيره، وهو ما ينطبق أيضـا على النـاقـدات النسـويـات، جعلني أبحث عن كتاب د.هـــــ لورنس عن أماكن الإتروسكان” (D.H. Lawrence, Etruscan Places) خلال الصيف الماضي وذلك قبل عودتي إلى أعادة قراءة أعمال ريتشيل بلاو دي بليسيس، وقد نفذت طبعات هذا الكتاب منذ زمن بعيد من تاريخ نشـره أول مرة في عام ١٩٣٢، وهو يصـف إجازة العمل التي أخذها لورنس لرؤية مقابر الإتروسكان. فمثل ريتشيل دي بليسيس نجد لورنس بالغ الاهتمام والفضـول نحو لغة السكان الأصليين القدامى في إتروريا الجنوبية، ولكنه يضع حدا فاصلا قاطعا بين الثقافة (أو لورنس) وبين الطبيعة (الإتروسكان) الذين يضفي عليهم لورنس ملامح الأنوثة، وهو أمر غير مستغرب منه (43 :1932 Lawrence). إن الثنائية الذكورية لدى لورنس تتعارض مع الصورة المركبة لدى ريتشيل دي بليسيس عن مسرديات النساء الإنتاجية والإنجابية. فعلى سبيل المثال نجد أنها تقوم في كتابها آلة الجيتار الوردية” (Du Plessis, The Pink Guitar) بتناول نظرية السيميوطيقا عند جوليا كريستيفا بواسطة كلمات سيميوطيقية تنطقها ابنتها الصغيرة ( Du Plessis 1990: 99, “week of عن 1-6 July, 17 months, words: mur mur mur (more), caow; m/MMoo; DIRTY; WWWride .((ride) RRweh (wet); Bluhh (blueberries)”

ونجد في كل من تلك المقالات النقدية ازدواجية وانشطارا للزمان والمكان في نظام تصـويري ونظرا لاتصافه بالمزج غير المتوالي في خط مستقيم ومتعدد المجالات بين كتابات اليوميات والمرويات التاريخية فإن نقد تصـوير النسـاء يستكشـف الصـلات بين بني الإحسـاس والأحداث التاريخية العامةالمحملة بعوامل الجندر، وذلك في أسلوب نهايته مفتوحة غير محددة، تتجسـد فيه قوة الاندفاع والرغبة في خلق حوار مع القارئ والقارئة من ناحية والذات والموضوع من ناحية أخرى، في انفتاح ممكن على الآخرين.

النظرية الأدبية النسوية ما بعد الكولونيالية

يأتي المثال المهر الثاني على إبداع الحدود” (border creativity) من الكاتبات اللاتي يتمتعن بتجارب شخصية وتاريخية خاصـة بالحدود الاستعمارية، فتجعل جلوريا أنزالدوا، وهي ناقدة وشاعرة نسـوية من التشيكانا (Chicana)، نقدها متعدد اللغات منصبا على حدود المكسيك وتكسـاس مسقط رأسها. إن كتابها الأراضي الحدودية” (باللغتين الإنجليزية والأسبانية) (Gloria Anzaldia, Borderlands/La Frontera) هو عملية استكشـاف غني لتاريخ شـعب التشيكانو وكتاباته وتاريخه (1987 Anzaldia)، ويشير عنوان الكتاب إلى المكان وإلى شكل الكتابة النقدية في مزيج ما بعد حداثي من الشعر والنقد. ويتمثل إنجاز جلوريا أنزالدوا في هذا الكتاب وفي مجموعة لاحقة عنوانها صياغة الوجه، صياغة الروح” (Making Face, Making Soul) في كون كتاباتها استعراضا لهويات مختلفة، وذلك في عملية متواصلة من إعادة صياغة للحدود بين تلك الهويات التكساسية المكسيكية (Tex Mex) والمثلية والأكاديمية، من خلال صورة مركبة أقرب إلى مونتاج من الشعر والأسطورة والسيرة الذاتية والتاريخ، وكما تشير جلوريا أنزالدوا. فإن المستمعة/القارئة مجبرة على المشاركة في صياغة المعنى – مجبرة على الوصل بين النقط ” (Anzaldia 1990: xviii).

إن الطاقة الكامنة في كتابة جلوريا أنزالدوا عن الحدود تنبع من جهدها في رسـم خارطة لرحلة السيرة الذاتية والنقدية انطلاقا من حياتها كعاملة مزرعة مهاجرة انتهاء بحياتها كأكاديمية نسوية مثلية تشيكانا، ولكنها تنبع أيضـا من اختيارها لاستخدام مزيج متراص من أنواع الكتابة: الشـعر والأسطورة والسيرة الأدبية. كما تحدث تزامنا بين عالمين متمايزين فكريا، أي عالمي السحر والتاريخ، فعلى سبيل المثال تقول: “إن روحي تصـوغ نفسها من خلال الفعل الإبداعي. وهي باستمرار تعيد صياغة وتلد نفسها من خلال جسـدي، إن هذا التعلم لكيفية العيش مع la Coatlicue هو الذي يحول العيش في أراضـي الحدود من كابوس إلى تجربة خشـوع. إنه دوما ممر/حالة إلى شـيء آخر ” (73 :1987 Anzaldia)

ويمكن العثور على تلك الطاقات الإبداعية في بريطانيا عادة خارج المجال الأكاديمي. وقد كان كتاب أكوا رج عن الطوب والباقات” (Akua Rugg, Brickbats and Bouquets 1984) أول كتاب في النقد يصـدر بقلم امرأة سوداء في بريطانيا، وهو يمهد بنبرة مندفعة للقوة البلاغية التي أسـميها عبور الحدود“. وقد جاءت أكوا رج إلى بريطانيا من لاجوس، ويضم الكتاب مجموعة من مقالاتها لمجلة العنصرية اليوم” (1975 ,Race Today)، والتي كتبتها بصوت خاص قوي يحمل لكنة سوداء تتسم بالنقر” (Akra Rugg 1975) (rapping)، إن الاهتمام بمركزية الكتابة (scupto-centric) في النقد الأكاديمي يتعرض بقدر أكبر إلى الاستنكار من أوجونديب ليزلي في طبعتها الخاصة من كتاب بحوث في الأدب الأفريقيومقالة عن النسـاء كفنانات شـفاهيات” ( ogundipe-Leslie and “Boyce Davies, Research in African Literature, “Women as Oral Artists 1994). وقد قامت أوجونديب ليزلي بالتدريس في نيجيريا وفي جامعات أمريكية، وترى أنه يجب على النقد أن يعبر حدود الأدب لينظر إلى الثقافة بوصفها الناتج الإجمالي لـكينونةالشعوب“Ogundipe-Leslie 1984: 81

وتركز مجموعة المقالات على الأشكال المؤنثة، ومنها على سبيل المثال أغاني الميلاد وأغاني الإذاعة الشائعة المعروفة بمسمى كيجاندا، وتفضح أوجونديبليزلي فرضيتين أساسيتين في النقد التقليدي ومفادهما: أن الرجال يسيطرون على الدلالات الأفريقية، وأن النسـاء الأفريقيات لم يملكن صوتا أو مساحة إلى أن بدأن في الكتابة بالحروف الرومانية ( Ogundipe-Leslie and Boyce Davies 1944). وفي النموذج الأسبق والرائع الذي قدمته في العبور النقدي للحدود، هاجمت النقل التقليدي بصـورة أكثر مباشرة في نصها عن المشهد الأدبي النيجيري” ( The Nigerian Literary” ,”Scene” “The Nigerian Literary Scene) في شـكل قصيدة شعرية طويلة على غرار أسلوب الشـاعر بوب (Pope) في استخدام بيتين متتاليين بنفس القافية (heroic couplets)، مع قيامها بتتبع التحيز ضد النساء في تعليم الأدب في نيجيريا:

تتهاوى الأشياء

والمحاضرون هم أكثر الخبراء

في رمي سهم الإله

إلى النهر المتوسط في مداه.

(Ogundipe-Leslie, 1980:6)

وتوجد مجموعات أخرى من الكتب، مثل تجامبيكا” (1986 Ngambika) الذي كتابات النسـاء الأفريقيات، وكتاب الخروج من كمبالا: نسـاء الكاريبي والأدب” (Out of the Kumbala: Caribbean Women and Literature 1990) (وكلاهما اشتركت في تحريرهما كارول بويس ديفيز Carol Boyce Davies)، وهما كتابان يعليان من قدر التعددية والتنوع فيلتفتان إلى أدب الأطفال جنبا إلى جنب أدب الكبار، وهناك جهود تجريبية أخرى لعبور الحدود بأقلام ناقدات نسويات أسيويات – على سبيل المثال المجموعة عن كتابة النساء في الهند” ( Women Writing in India) – والتي تشير إلى أهمية إعادة رواية النصوص الكلاسيكية بأقلام كاتبات أسيويات ( Tharu and Lalita 1993)، ومن الأمثلة الجديرة بالذكر ما قامت به فايديي (Vaidehi) من تفكيك لكتاب اكونتالا” (Shakuntala) من القرن الخامس، حيث تعيد حكي الأسطورة من منظور شخصية شاكونتالا من أجل تركيز الضوء على صداقة النساء وعلى قيام ساشي وديشياندا بتقويض وقلب قصة غانديري التي تم تزويجها من رجل كفيف دون علمها.

وفي مقدمتها لكتاب نحن النسـاء الخاطئات: شـعـر نسـوي أوردو معاصـر، تشير الناقدة روخسـانـا أهمان ( Rukhsana Ahman, ed., We Sinful Women: Contemporary Feminist Poetry) إلى أنه منذ عقد من الزمان لم تكن الكتابة الآسيوية البريطانية تنال أي قدر من الانتباه النقدي، ولكن الآن وبعد سنوات من الإنجازات الإبداعية أصبحت الكتابة الآسيوية تتضمن بالضرورة عبورا لحدود اللغات والثقافات (1990 Ahman)، إن ما تطلق عليه الناقدة النسوية أوما ياراميسواران الغرباء المحليون” ((native aliens يقومون بتقويض التراث المزخرف من الشعر الأوردو والبنغالي كما استوعبوا خلال 30 عاما ما استغرق الغرب 10 أضعاف تلك الأعوام في خلقه” (5 :1993 Jena)

وترى صانعة الأفلام والناقدة ما بعد الكولونيالية، ترينه منه ها (Trinh T. Minh-ha) أن السير على الحواف قد يكون خطرا (1991 Minh-ha). كما توجد مخاطر إضـافية أمام الناقدات والنقاد البيض، ولا يقتصر الأمر ببساطة على قلة المواد المتوفرة في المكتبات العامة والجامعية عن الأدب الأسود وأدب جنوب آسيا، وبالقطع طبقا للكاتبة الأمريكيةالآسيوية ماكسين هونغ كينغستون، فأنا لكوني بيضـاء يمكن اعتباري مجرد شـبح يقوم بالتدريس مثل أشـباح القمامة الأمريكيونوالأشباح قارئة العداداتوهي شخصيات وردت في كتابها عن المحارية” (Maxine Hong Kingston, The Woman Warrior 1976)، ويوجد مجال للرؤية أقل تعجيزا على لسان بات باركر في مقالتها للشخص الأبيض الذي يود معرفة كيفية مصادقتي” ( Pat Parker, For the White “Person Who Wants to Know How to Be My Friend)، حيث تقول فيها: “أول شيء تفعله أن تنسى أني سوداء، وثانيا، يجب ألا تنسى أبدا أني سوداء” (Abel 1993: 495)

ويتمثل الأمر الآخر في التساؤل عن مدى احتمال ضرورة وقوع مفہوم عبور الحدود في المفهوم الرومانسي لـالفنان المغترب” (artist outsider) الشائع في لحظات نهاية القرن التاسع عشر ( fin de siècle)، وكما تشير إيلين شـوولتر في كتابها عن الفوضى الجنسية“. كانت النظرة إلى النساء في نهاية القرن الماضي باعتبارهن شخصيات يمثلن عدم النظام كما يبدو أن التهميش الاجتماعي والثقافي كان يضـعين على حدود النظام الرمزيفي مجتمع يتوق إلى القيود الصارمة على الحدود فيما يتعلق بتعريف الجندر (Elaine Showalter, Seoul Amarech 1992: 8)، إن الوجه الوحيد للمقاومة الحالية والمتفائلة تجاه ذلك المصير المحتمل يكمن في الفارق الأسـاسـي الوحيد بين تسعينيات القرن التاسع عشر وتسعينيات القرن العشرين، ففي أعقاب تسعينيات القرن التاسع عشـر دخلت كتابة النسـاء مرحلة من الانحدار بعد وفاة جورج إليوت، أما الزمن الحالي فيشـهد طفرة في النشر النسوي وكذلك الدراسات النسائية.

نحو الألفية

في فيلم ضـلع آدم” (Adam’s Rib) يقول سـبـسـر تريسي لكاثرين هيبورن تصبحين ظريفة عندما تصبحين متكلمة، وقد كان من الأسباب التي جعلتني أستكشف النظرية الأدبية النسوية هو اكتشافي وللأسف الشديد أنه يبدو وللدهشة أن قليلا من الرجال يتفقون مع سبنسر تريسي، ومن الأمور التي تعلمك إياها النسـوية هي أن اللغات النقدية الأدبية كغيرها ليست مجرد تقنيات للتواصل والاتصـال ولكنها متأثرة بالأحكام القيمية الخاضعة للجندر. ويقدم هذا الفصـل بديلا لذلك من خلال محاولة إدماجك في بعض الرحلات النقدية المعاصرة الأكثر إثارة وتشويقا نحو ما آمل أن يكون مستقبلا نقديا أفضـل حالا. ولا يمكن لأي منا التنبؤ بماهية النسوية العام التالي. ناهيك عن القرن التالي، ولكن المستقل معتاد على المجيء.

وحاليا لا يمكن مقاومة إغراء النظر نحو الألفية، حيث يبدو أن بداية عصر جديد يستحضر حالة ذهنية تنشغل بالتغيرات المجازية كما هو الحال في العمل الجديد“. والنسويات المندمجات في ممارسات أدبية جديدة، بدلا عن مجرد الاندماج في صـور مجازية، يحاولن فهم المعاني الأوسع للتغير، والإشـارة ســريعا إلى بعض ملاحظاتهن توحي بوجود رؤى بديلة لأغراض النقد، أي أن التقييمات النقدية يمكنها الـوصـل بين الخصـوصـيات الأدبية بالهموم العرقية. إن أكثر المراجعات النسوية توليدا للمزيد هي تلك التي تركز على ثلاثة مسائل محورية: السياسة والتربية الاستعراض والموقعية (positionality).

ويمكن تسمية المقاربة الأولى بمسـمى النقد السياسي” (political criticism)، وهو نوع من الكتابة له حضـور شـخصـي واضح يدعو إلى الحوار، ولكنه شديد الولع بالتمسـك بـسـياسـات الاختلاف. وعادة ما تبدأ مثل تلك الكتابات بالأحكام الاجتماعية والسـيـاسـيـة وتقوم بتقييم النصوص برؤية معالثة ومتأملة للذات، والمثال الأبرز على ذلك هو كتاب توني موريسون المبهر اللعب في الظلام البشرة البيضـاء والمخيلة الأدبية” (: Toni Morrison in the Whiteness and the literary Imagination 1972 ) إن قراءات توني موريسـون الشخصية لأدب الأمريكي الكلاسيكي (إدجار آلان بو، وهيرمان ميلفيل، ومارك توين، وفوكار) وربطها بين الواقع العنصري والخيال الأدبي تعمل على تحرير النظرية الأدبية من الاستعمار في عملية مراجعة بليغة وقوية للتراث الأمريكي الرسمي.

أما المقاربة الثانية فيمكن أن يطلق عليها مسمى النقد التربوي أو الاستعراضيوالذي يحاول بالمثل الوصول إلى جمهور أوسـع. إن مسألة كيفية دراسـة الأدب لم يكثر طرحها في بداية الموجة الثانية من النسـوية الأدبية، وتعمل النسويات حاليا على تحويل التربية نفسها إلى عملية لإعادة البناء الثقافي في الوقت نفسه الذي يقمن فيه بتفكيك التراث الرسـمي. والمثال الجيد لذلك الأمر مقالة في في كلارك مقاربة تسوية مقارنة إلى الأدب الكاريبي للنساء” ( :Veve Clark Talking Shop A Comparative Feminist Approach to Caribbean Literature by Women) والذي يتم فيها توظیف مبدأ ماراسا الهايتي، في المقارنة بين النصوص (dyadic) لاستكشاف وتحويل الثنائيات فيما بينها (1994 Clark). إن هذا النوع من التوجه التربوي يتتبع مظاهر التناقض والتكرار التاريخي لمساعدة الطالبات والطلاب والقارئات والقراء على صياغة جدلياتهم الخاصة عن الاختلاف.

وأخيرا توجد مسألة الموقعية التي يتم تناولها في نقد الحدود. إن نقد الحدود (أي النقد المنصب على فضايا الحدود)، ومنه على سبيل المثال كتاب من إعداد وتحرير ماي هندرسون عن التخوم والحدود والأطر ” (Mae Henderson, ed., Borders, Boundaries and Frames) يؤكد على الشفرات الثقافية المختلفة والوقائع ثنائية الفكر التي كثيرا ما يستخدمها الكاتبات والكتاب الذي ينتقلون من بلد إلى بلد (الحدود الجغرافية/ المكانية) أو وسائل التعبير (الحدود الإبداعية) ( Henderson 1995)، وأنا أجد هذه المقاربة تحديدا موحية فيما يتعلق بكتاباتي عن تجارب فرجينيا وولف في استخدام وسائل تعبير مختلفة: التردد على السينما، والمقالات الجمالية وفن التصوير الضوئي وفن الرواية (Humm 1991 and forthcoming). ففي نقد الحدود ليسـت الأدب سـوى واحدا من بين العديد من الممارسات الدالة، حيث يلتفت نقد الحدود على سبيل المثال إلى الاستعراضات الكاشفة عن علاقات الجندر التفاتا جدليا، وذلك من خلال المرئي والأدبي ليتقاطع مع التمييز بين المعاني الذاتية والموضوعية.

وهكذا، فعن طريق نسـف الفكرة القائلة بأن النظرية الأدبية هي كـيـان محـدود، تتحرك القائمات بالتنظير للأدب النسـوي إلى الأمام من مجرد التعرف على حقائقالثقافات الأدبية إلى التحولات الثقافية. “فنحن (النسويات) نوجد في ذلك الموقع التاريخي غير المعتاد نظرا لما حققناه من خطوات إلى الأمام بينما ظل باقي المجتمع غير قادر على الحركة” (Schulman 1996: xii).

ماجي هم، أستاذة الدراسات الثقافية في جامعة إيست لندن ببريطانيا، لها العديد من الكتب حول القضايا النسوية كاستراتيجيات الكتابة النسائية. ومن أهم كتبها قاموس النظرية النسوية الصادر في طبعته الأولى عام 1990،بالإضافة إلى قيامها بتحرير عدد من الكتب في الدراسات النسوية الجندرية. وقد اهتمت في دراساتها الأخيرة بالثقافة البصرية، فألفت كتابا عن النسوية والسينما وعن نساء عصر الحداثة والثقافات البصرية، مع التركيز على أعمال الكاتبة البريطانية فرجينيا وولف والفنانة التشكيلية البريطانية فانيسا بيل، وهي متخصصة في كتابات فيرجينيا وولف وكتابها الأخير الصادر عام ٢٠١٠ هو كتاب من تحريرها ضمت فيه مجموعة من الدراسات عن جماليات الكتابة عند فرجينيا وولف وأثرها على الفنون وحركة النشر والوسائط البصرية.

* Maggie Humm, “Feminist Literary Theory”. Contemporary Feminist Theories, eds, Stevi Jackson and Jackie Jones (New York: New York University Press, 1998), 194-212

Abel. Elizabeth (1993) “Black Writing, White Writing: Race and the Politics of Feminist Interpretation”, Critical Inquiry, 19 (Spring): 470-98.

Ahman, Rukhsana (1990) We Sinful Women: Contemporary Urdu Feminist Poetry, London: The Women’s Press.

Anzaldua, Gloria (1987) Borderlands/La Frontera: The New Mestiza, San Francisco: Spinsters/Aunt Lute Book Company.

Anzaldúa, Gloria (1990) Making Face, Making Soul, San Francisco: Aunt Lute Foundation books.

Bell, Roseann, P., Bettye J. Parker and Beverley Guy Sheftall (eds) (1979) Sturdy Black Bridges: Visions of Black Women in Literature, New York: Anchor Books.

Bono, Paola and Sandra Kemp (eds) (1991) Italian Feminist Thought, Oxford: Blackwell.

Boyce Davies, Carole and Anne Graves (eds) (1986) Ngambika: Studies of Women in African Literature, Trenton NJ: African World Press.

Boyce Davies, Carole and Elaine Fido (eds) (1990) Out of the Kumbala: Caribbean Women and Literature, Trenton NJ: African world Press.

Braxton, Joanne and Andrée McLaughlin (eds) (1990) Wild Women in the Whirlwind, London: Serpent’s Trail.

Christian, Barbara (1987) “The Race for Theory”. Cultural Critique 6 (Spring): 51-63.

Cixous, Hélène and Cathérine Clément (1986) The Newly Born Woman, Manchester: Manchester University Press.

Clark, Vévé A. (1994) “Talking Shop: A Comparative Feminist Approach to Caribbean Literature by Women”, in M. R. Higonnet (ed.) Borderwork: Feminist Engagements with Comparative Literature, Ithaca: Cornell University Press.

Collecott, Diana (1987) “A Double Matrix: Re-Reading H. D.”, in S. Roe (ed.) Women Reading Women’s Writing, Brighton: Harvester Wheatsheaf.

Daly, Mary (1978) Gyn/Ecology, Boston: Beacon Press.

Davidson, C. N. and E. M. Broner (1980) The Lost Tradition, New York: Frederick Ungar.

Deleuze, Gilles and Félix Guattari (1986) “What is a Minor Literature?”, in D. Polan, trans.. Kafka Towards a Minor Literature, Minneapolis: University of Minnesota Press.

Du Plessis, Rachel Blau (1990) The Pink Guitar: Writing as a Feminist Practice, London: Routledge.

Du Plessis, Rachel Blau (1992) “For the Etruscans”, in M. Humm (ed.) Feminisms: A Reader, Hemel Hempstead: Harvester Wheatsheaf.

Eagleton, Terry (1970) Exiles and Emigrés: Studies in Modern Literature, New York: Schocken Books.

Ellmann, Mary (1968) Thinking About Women, New York: Harcourt Brace Jovanovich.

Fetterley, Judith (1978) The Resisting Reader, Bloomington: Indiana University Press.

Friedman, Sandra S. (1990) “H. D. Introduction”, in B. K. Scott (ed.) The Gender of Modernism, Bloomington: Indiana University Press.

Gardiner, Judith et al. (1982) “An Interchange on Feminist Criticism”, Feminist Studies, 8 (Fall): 629-75.

Gibaldi, John (ed.) (1992) Introduction to Scholarship in Modern Languages and Literatures 2/E. New York: Modern Language Association.

Gilbert, Sandra and Susan Gubar (1979) The Madwoman in the Attic: The Woman Writer and the Nineteenth Century Literary Imagination, New Haven: Yale University Press.

Gilbert, Sandra and Susan Gubar (1988) No Man’s Land, 3 vols, New Haven: Yale University Press.

Greer, Germaine (1971) The Female Eunuch, London: Paladin.

Grosz, Elizabeth (1994) Volatile Bodies, Bloomington: Indiana University Press.

Henderson, Mae (ed.) (1955) Borders, Boundaries and Frames: Cultural Criticism and Cultural Studies, London: Routledge.

Hong Kingston, Maxine (1976) The Woman Warrior, New York: Alfred A. Knopf.

Hull, Gloria T., Patricia Bell Scott and Barbara Smith (eds) (1981) All the Women are White. All the Blacks are Men, But Some of Us Are Brave: Black Women’s Studies, New York: Feminist Press.

Humm, Maggie (1991) Border Traffic: Strategies of Contemporary Women Writers, Manchester. Manchester University Press.

Humm, Maggie (1994) A Reader’s Guide to Contemporary Feminist Literary Criticism, Hemel Hempstead: Harvester Wheatsheaf.

Humm, Maggie (forthcoming) Borderline, Edinburgh: Edinburgh University Press.

Irigaray, Luce (1974) Speculum de l’autre femme, Paris: Edition Minuits.

Jardine, Alice (1988a) Gynesis: Configurations of Woman and Modernity, Ithaca: Cornell University Press:

Jardine, Alice (1988b) “In the Name of the Modern: Feminist Questions d’après Gynesis”, in S. Sheridan (ed.) Grafts, London: Verso.

Jena. Seema (1993) “Editor’s Note”, Daskhat, 2 (Spring/Summer): 4-5.

Jouve, Nicole Ward (1991) White Woman Speaks with Forked Tongue. Criticism as Autobiography, London: Routledge.

Keller, Evelyn Fox (1985) Reflection on Gender and Science, New Haven, CT: Yale University Press.

Kelly-Gadol, Joan (1992) “The Social Relation of the Sexes”, in M. Humm (ed.) Feminisms: A Reader, Hemel Hempstead: Harvester Wheatsheaf.

Lawrence, David H. (1932) Etruscan Places, London: Martin Secker.

Larde, Audre (1982) Zami, London: Sheba.

Lorde, Audre (1984) Sister Outsider, Trumansburg. NY: Crossing Press.

Miller, Nancy (1991) Getting Personal, London: Routledge.

Millet Kate (1970) Sexual Politics, New York: Doubleday. Modelski, Tania (1991) Feminism Without Women, London: Routledge.

Moers, Ellen (1976) Literary Women, New York: Doubleday. Moi, Toril (1992) Sexual/Textual Politics, London: Methuen.

Morrison, Toni (1992) Playing Dark: Whiteness and the Literary Imagination, Cambridge: Harvard University Press.

Ögundipe-Leslie, Molara (1980) “The Nigerian Literary Scene”, Kiabara, 2: 3, pp. 6-10.

Ogundipe-Leslie, Molara (1984) “African Woman, Culture and Another Development”, Journal of African Marxism, 5:77-92.

Ogundipe-Leslie, Molara and Carole Boyce Davies (1994) “Special Issue: Women as Oral Artists”. Research in African Literature, 25: 3 (Fall)

Pinker, Steven (1994) The Language Instinct, Harmondsworth: Penguin,

Pryse, Marjorie and Hortense Spillers (eds) (1985) Conjuring: Black Women, Fiction and the Literary Tradition, Bloomington: Indiana University Press.

Reagon, Bernice Johnson (1982) “My Black Mothers and Sisters: Or On Beginning a Cultural Autobiography, Feminist Studies, 8 (Spring): 81-96.

Rich, Adrienne (1976) Of Woman Born, New York: W. W. Norton.

Rich, Adrienne (1980) “When We Dead Awaken”, in On Lies Secrets and Silence, London: Virago.

Rugg. Akua (1984) Brickbats and Bouquers: Black Women’s Critique: Literature Theatre Film, London: Race Today Publications.

Schulmann, Sarah (1996) “Introduction”, in 1. Zahara (ed.) Feminism The Third Generation in Fiction, Boulder: Westview Press.

Scott, Joan (1988) Gender and the Politics of History, New York: Columbia University Press.

Sedgwick, Eve Kosofsky (1985) Between Men, New York: Columbia University Press.

Showalter, Elaine (1977) A Literature of Their Own, Princeton: Princeton University Press.

Showalter, Elaine (ed.) (1985) The New Feminist Criticism, New York: Pantheon.

Showalter, Elaine (ed.) (1989) Speaking of Gender, London: Routledge.

Showalter, Elaine (1992) Sexual Anarchy: Gender and the Culture at the Fin de Siècle, London: Virago Smith, A. (1985) “Me Washoe, you Mother”, The Guardian, 14 July: 12.

Smith, Barbara (1977) Toward a Black Feminist Criticism, Brooklyn, New York: Out and Out Books Smith,

Barbara (ed.) (1983) Home Girls: A Black Feminist Anthology, New York: Kitchen Table Press

Smith, Valerie (1989) “Black Feminist Theory and the Representation of the ‘Other”, in C.A. Wall (ed)

Changing Our Own Words, New Brunswick: Rutgers University Press.

Spivak, Gayatri (1990) The Post-Colonial Critic, London: Routledge.

Tharu, Susie and K. Lalita (1993) Women Writing in India Vol. 2: The Twentieth Century, London: Pandora.

Trinh, T. Minh-ha (1991) Framer Framed, Routledge: London.

Walker, Alice (1984) In Search of Our Mothers’ Gardens, London: The Women’s Press.

النظرية النسوية

Benstock, Shari (ed.) (1987) Feminist Issues in Literary Scholarship, Bloomington: Indiana University Press.

Humm, Maggie (1995) The Dictionary of Feminist Theory 2/E, Hemel Hempstead: Harvester Wheatsheaf.

Moi, Toril (ed.) (1987) French Feminist Thought, Oxford: Blackwell.

كتب القراءات المتخصصة

Belsey, Catherine and Jane Moore (eds) (1989) The Feminist Readers: Essays in Gender and the Politics of Literary Criticism, London: Macmillan.

Eagleton, Mary (ed.) Feminist Literary Criticism, London: Longman.

Humm, Maggie (ed.) (1992) Feminisms: A Reader, Hemel Hempstead: Harvester Wheatsheaf.

Warhol, Robyn and diane P. Herndl (eds) (1991) Feminisms: An Anthology of Literary Theory and Criticism New Brunswick: Rutgers University Press.

مقدمات في كتب

Braxton, Joanne and Andrée McLaughlin (eds) (1990) Wild Women in the Whirlwind, London: Serpent’s Tail

Humm, Maggie (1994) A Reader’s Guide to Contemporary Feminist Literary Criticism, Hemel Hempstead: Harvester Wheatsheaf.

Humm, Maggie (1995) Practising Feminist Criticism, Hemel Hempstead: Harvester Wheatsheaf, Jay, Karla and Joanne Glasgow (eds) (1990) Lesbian Texts and Contexts, New York: New York University Press.

نصوص تكميلية

Smith, Sidonie and Julia Watson (eds) (1992) De/Colonizing the Subject, Minneapolis: University of Minnesota Press.

اصدارات متعلقة

أزمات متوازية، ما نصيب النساء منها؟
الانتقام الإباحي.. تهديد رقمي يلاحق النساء ويقتلهن أحيانا
هل يجب علينا الاهتمام بالتغيرات المناخية
نص مليون من العاملين / ات بالخدمات المنزلية منزوعين/ ات الحقوق
التغيرات المناخية تمثل خطر كبير علي صحة الحوامل والأجنية بشكل خاص
“تمكين النساء لمواجهة التغيّرات المناخية”… مبادرة “عالم بالألوان” في مصر
نساء السعودية.. حقوق منقوصة وقمع متواصل
العنف الأسري ضد المرأة