الولاية التعليمية على الصغير

اعداد بواسطة:

بسم الله الرحمن الرحيم

مكانة الأم واستحقاقات الأمومة في الإسلام

ماهي مكانة الأم فى بناء الأسرة، وماقيمة الأمومة في الإسلام؟

الأم حجر الأساس فى مؤسسة الأسغرة، فهى اللبنة الأولى التى يتكون منها صرح الأسرة، إليها يسكن الرجل، وهى منشأ البنيان السوى والفطرى للعلاقة بين الرجل والمرأة، فى ظلال المودة والرحمة كما أشار القرآن الكريم: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة، أن في ذلك لآيات لقوم يتفكرونالروم /21 “

وكان لزامًا أن يحتفي الشرع بالأم، وإن يرفع شأن الأمومة وأن يوجب تقدير الأم، بحسن رعايتها، والوفاء لها بحقوقها حبًا وكرامة، واستحقاقًا وتشريعًا، فالرجل الحق هو الودود بأهله: بالأم والأطفال بقول الرسول صلى الله عليه وسلم خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلىوهذا ما يجب أن يتنافس فيه الرجال وفاءً بحق الأم والطفولة.

ويتجلى هذا الاهتمام بالأم في إعلاء شأنها، وتفوقها فى المنزلة عن الأب فرفعها مكانًا عليًا، ألى الدرجة العليا، ووضعها في الصدارة من إكرام المنزله وحسن الصحبة، في قول الرسول صلى الله عليه وسلم لمن سأله: من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك، قال ثم من قال أمك، قال ثم من قال أمك، قال ثم من قال أبوكوهى شهادة على استحقاقات واجبة للأم والأمومة، لا يطاوله استحقاق الأب والأبوه، يبلغ بها المكانة الرفيعة.

وانما كانت للأم تلك الخصوصية فى التكريم والحفاوة لعمق إحساسها بالأمومة في داخلها لأنها وعاء البنوة تعيش فيها، وتتخذ من كيانها في باطنها المستودع والمستقر الآمن الذى تستشعر به قيمة حياتها، وأهمية رسالتها الدينية والمجتمعية.

وفي تصوير القرآن لمعاناة الأم، وحرصها على القيام بواجب الأمومة يقول تعالى: ووصينا الانسان بوالديه إحسانًا حملته أمه كرهًا ووضعته كرهًا وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا ، حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والدى وأن أعمل صالحًا ترضاه وأصلح في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمينالاحقاف / 15″

من أجل ذلك، فحق على الأب والأبناء والمجتمع أن يدرك حقيقة الأم والأمومة في تأسيس الأسرة وتشييد الوحدة الاجتماعية الأولى، وأن يستعيد منزلتها السامية إحياءً لفريضة دينية ومجتمعية حتى إن الخالق مالك الكون، جعل دار كرامته حقًا للأمهات الصالحات، بما جاء في حديث: الجنة تحت أقدام الأمهاتفهل بعد هذا الحديث يسوغ الانتقاص من حق الأم.

نظرة الإسلام إلى الطفولة

كيف ينظر الإسلام إلى الطفولة، وما أول ما يجب أن يتعلمه الطفل عند خروجه إلى الحياة؟ الطفولة ثمرة الأمومة وغايتها النبيلة المرجوة من علاقة الزواج بين الرجل والمرأة، ومطلب أثير يحرص عليه الطرفان لتأسيس أجيال إنسانية تعمر الكون والحياة، وكم يتوق شريكًا الحياة إلى الطفولة، لذلك كان دعاء عباد الرحمان ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا الفرقان : 74″

إن المشاهد الملموس فى عالم الأسرة أن الحياة بعد أن تضع الأم طفلها يكون لها مذاق آخر أكثر إشراقًا وأسعد حالاً، وأقبالاً على الحياة، فتنفجر ينابيع الحب بين القرينين الأب والأم، ويلتف كل منهما حول المولود الجديد، وتصبح الحياة أكثر بهجة، إذ تتفتح الآمال حول جيل الناشئة الذى هو عنوان استمرار الحياة وبقاء الخليقة.

هذا التحول الجديد في مسيرة الأسرة، يتطلب أن يكون له دستور يتعامل به مع الطفولة، بحب ولطف وتهذيب وتقويم، لذلك جاء فى الأثر: لاعب ولدك سبعًا، وأدبه سبعًا وآخه سبعًا، ثم اطلق حبله على غاربوهي سبل يستطيع بها الأم والأب تربية الناشئة بما يتناسب مع نمو الطفل وتطور مداركه النفسية والعضوية والعقلية، فملكات الطفل ليست واحدة فى المرحله العمرية الأولى بشهادة قوله تعالى: والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئًاالنحل / 78″ فإنه كلما نما هذا الكيان الواعد كلما احتاج إلى وسيلة للتربية والتقويم، تكون عنصرًا فعالاً لإصلاح شأنه وتقويم وجوده وتهذيب أخلاقه، وترسيخ تعاليم دينه ووضعه على طريق الاستقامة ومعالم الإيمان الصحيح، وهو عمود التربية الأول: بقوله تعالى: واذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابنى لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم” / لقمان 13 “

إذ ليس أعظم مكونًا لإنسانية الطفل من غرس الإيمان فى أعماق نفسه، وتزويده برصيد المعرفة الصحيحة بالله رب الخلائق جميعًا، فهو الأساس للتنشئة القويمة، وعنوان الحياة الصالحة، وعماد الشخصية المتوازنة والمتكاملة.

الولاية التعليمية على الصغير

طرأت أحداث ومستجدات على أوضاع الأسرة والطفولة فى العصر الحديث، مما يستدعى أخذها في الاعتبار، خاصة فيما يتعلق بحاضر ومستقبل الطفل بعد انفصال الأب والأم، وانهاء العلاقة الزوجية.

ومن أخص هذه الأمور تنظيم وتقنين وضع الطفولة، وتنظيم ما يتعلق بشأن تربيته وتعليمه بما يكفل تنشئته تنشئه سليمة تجعله عضوًا نافعًا لنفسه ولأمه ولأبيه وللمجتمع.

ولا شك أن الولاية التعليمية، مسأله بالغة الأهمية على مستقبل الطفل برمته، لأنها تتعلق بتهذيبه وتقويمه وتوفر له الحياة الأفضل، وتحدث أثرًا كبيرًا على صحته النفسية والجسدية، لكن مما يؤسف له أن حالة التوتر في العلاقة بين الأم والأب بعد الإنفصال، وتداعيات الماضي الأليم، وذكريات الخلاف والشقاق تظل ماثلة في الأذهان، وتؤثر سلبًا على حياة الطفل، ومن ثم يكون الطفل هو ضحية تلك الصراعات الطافية على السطح، المستترة أحيانًا والمعلنة في أغلب الأحيان.

علمًا بأن تقنين قضية الطفولة بعد الانفصال هو الأمر الجدير والحقيق بالاهتمام على نحو يضمن التوازن في الحقوق والواجبات بين الأم والأب، على نحو يعمل على تصفية الخلافات بينهما بدلاً من أن تكون خصمًا من الحياة الآمنه والمستقرة للطفل بما يؤدى إلى منع الضرر والأضرار عن الطفل والأم والأب جميعًا، مصداقًا لقول الحق تعالى: لا تضار والده بولدها ولا مولود له بولده البقرة” / 233.

وبقول الرسول صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرارفإذا التزم الأب والأم ذلك، وعقل كل منهما الآثار المدمرة لاستمرار الصراعات بينهما على الطفل، فإن ذلك من شأنه أن يحول دون وقوع ضرر عليه كما يكفل المصلحة الفضلى للطفل، ويضمن التنشئة السوية للصغير، والحياة القويمة ويوفر له الصحة النفسية والجسدية والاخلاقية والتعليمية.

علاقة الشراكة فى الحقوق بين الأم والأب على الطفل

الطفل نتاج الأم والأب معًا، وهو ثمرة العلاقة المقدسة التى ربطتهما بالزواج، والتي اعتبرها الإسلام ميثاقًا غليظًا فإذا كان العقد قد انتهى، فإن هذا الميثاق المقدس ينبغى أن يتحقق فى الصغير الذي يجمع بينهما وهو قرة العين والفؤاد، عبر مراحل حياته المختلفه وأخصها عند الحضانة والانفاق والرعاية الصحية والنفسية والتقويمية والتعليمية، ذلك أن الشريعة تجعل للأم حق الحضانه والقيام على رعاية صغيرها، وفي ذات الوقت تخول الأب الحق في الولاية على النفس ومتابعة أحواله والمشاركة في تنظيم شئونه، ويجب تنظيم هذين الحقين لمصلحة الصغير، وإشاعة ثقافة الفهم السديد للأحكام الشرعية باعتراف كل من الأب والأم، بحق الآخر على الطفل، لأنه ابن لهما معًا.

وحيث تتمتع الأم بحق الحضانة تأسيسًا على قول الرسول صلوات الله عليه أنت أحق به ما لم تنكحىوعلى أساس العلاقة العضوية بينها وبين صغيرها الذى هو جزء منها حيث أنها حديثة عهد بولادته في الأجل القريب، فإن الأب يجب التسليم لها بهذا الحق تحقيقًا لمصلحة الطفل، واعترافًا بهذه العلاقة الأشد خصوصية بين الأم والطفل، لكن جنبًا إلى ذلك فإن على الأم أن تعترف بحق الأب في المشاركة في تسيير شئونه، الصحية والتعليمية والتهذيبية، لأنه المتولى للإنفاق وتوفير المقومات الضرورية للحياه.

ويقينًا فإن قناعه كل منهما بحق الآخر هو طريق النجاح لتنظيم العلاقة بينهما فى هذه المرحلة العصيبة بعد الانفصال بينهما، ولكنها ضرورة لمنع الضرر بالطفل، وحسن تنشئته، حتى يتذكرها الابن ويردد قوله تعالى: وقل رب ارحمهما كما ربيان صغيرًاالإسراء : 24.

وإذا كانت الظروف المعاصرة لتطور مؤسسة التربية والتعليم نظرًا لانها تختلف قطعًا عن الظروف والأوضاع التي كانت سائدة في العصر الإسلامى الأول، من حيث طريقة التعليم ونوعه والتنظم المؤسسى للعملية التعليمية، وارتفاع المستوى الثقافى والتعليمى للأم عن ذي قبل، وانخراطها فى العمل وإسهامها في رعاية الصغير، والاهتمام بأحواله، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، لا يوجد نص قطعي في القرآن الكريم أو السنة النبوية لسن الحضانة، والقيام على الولاية التعليمية ، فإن الأمر يقتضى البحث عن المصلحة الفضلى للصغير ويضمن عدم الإضرار به على أية صورة ، مما تحفل به الأحوال البائسة للطفولة الغضة نتيجه التفكك الأسرى وحالة التردى التى يشقى بها الصغير، دون وعى بما جاء فى قوله تعالى : وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافًا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديدًاالنساء / 9.

وقد يلزم لذلك ضرورة فهم أن سن الحضانه وما يتصل بها من الولاية التعليمية مسألة اجتهادية مصلحية لا نص عليها، سواء قلنا إنها سن 7 سنوات، 9 سنوات أو 10 سنوات ، 12 سنوات للابن والبنت وكذا سن التمييز، أو سن 15 كما تقرر مؤخرًا فى القانون.

لمن تكون الولاية التعليمية

وفقًا لما نصت عليه المادة 54 من قانون الطفل ، التي أضيفت عام 2008م، وهى مادة الولاية التعليمية: تكون الولاية التعليمية على الطفل للحاضن، وعند الخلاف على ما يحقق مصلحه الطفل الفضلي، يرفع أى من ذوى الشأن الأمر إلى رئيس محكمة الأسرة بصفته قاضيًا للأمور الوقتية، ليصدر قراره بأمر على عريضة مراعيًا يسار ولى الأمر، وذلك دون مساس بحق الحاضن في الولاية التعليمية.

وهذا يعنى أن حق الولاية التعليمية مقرر للحاضن كقاعدة عامة، فإذا ما حدث خلاف بين الأم والأب حول أمر من الأمور المتعلقه بالصغير فى الممارسة العملية لهذا الحق، مثل اختيار نوع التعليم المحلي أو الأجنبى ، الدينى أو المدنى أو مكان الدراسة وغير ذلك، فإنه يجوز للأب أو الأم أن يلجأ إلى محكمة الأسرة باعتبارها مسألة وقتيه يفصل فيها قاضى الأسره بصفته قاضيًا للأمور الوقتيه بما يحقق المصلحة الفضلى للطفل، على ألا يخل ذلك بحال من الأحوال بحق الحاضن (وهي الأم في الغالب) في الولاية التعليمية.

ومؤدى ذلك أن القانون اعتبر حق الولاية التعليمية تابعًا للحق فى الحضانة، ومرتبطًا به، على سند أن صاحبة الحق في الحضانة هى الأولى والأقوى فى تحقيق مصلحة الصغير واختيار العملية التعليمية المناسبة، ما لم ير قاضي الأمور الوقتية خلاف ذلك دون مساس بحق الحاضن في الحضانة بحسبانه الحق الأصلي الثابت للحاضن شرعًا.

ونظرًا لأن صاحب الأولوية فى الحق فى الحضانه النساء وفقًا لدرجة وقوة القرابة من الصغير، وتأخر مرتبة الأب في استحقاق الطفل، فإن الحاضنة هى التى تتولى الولاية التعليمية وتحديد مستقبل الطفل في الغالب الأعم، طبقًا لما يجرى عليه الترتيب فى استحقاق الحضانة، مما يحرم الأب من هذا التحديد المستقبل الصغير.

لذلك أثير خلاف ومنازعات كثيرة بين الأمهات والآباء بشأن الأحقية، وادعاء كل طرف بأنه صاحب الحق والمؤهل لذلك شرعًا وقانونًا، وأنه الأجدر بممارسته والقيام به.

رأى المؤسسة الدينية

ومن رأى دار الافتاء فى قضية الحضانة والاستضافة والولاية التعليمية:

1- أن مسألة الحضانة والرؤية والاستضافة والرعاية والمتابعة [الولاية التعليمية] يجب أن تقوم أساسًا على مصلحة المحضون الجسدية والنفسية في حاضره ومستقبله.

وأن هذا المجال يتعلق بأخص دائرة فى الأحوال الشخصية ويمتد أثره إلى أطراف كثيرة (الأب ، والأم، والجد، والجده ، والأقارب، وزجة الأب، وزوج الأم…. إلخ) وأنه يتعلق أيضًا بالنفقة والرعاية الطبية والخوف الشديد الذى يؤدى إلى اتخاذ القرارات الخاطئة من كل الأطراف، وكذلك الحرص الشديد وتداعى الأمور إلى دائرة الانتقام.

ولما كانت طبيعة مسائل الأحوال الشخصية غاية فى التركيب والتداخل، ولم يرد في الكتاب والسنة أمر تفصيلي بشأن هذه الأمور، بل هي مبنية على العدالة والانصاف والمصلحة ، تختلف باختلاف الزمان والمكان والأشخاص والأحوال ، وتتحول إلى قضايا أعيان ، فإننى أقترح أن تعطى سلطة تقديرية ذات مساحة واسعة للقاضي للفصل السريع لكل حالة على حدة فى أى من المشكلات القائمة، يتغير حكمة بتغير الأحوال، كلما عرضت عليه المشكلة ويتغيا مصلحة الطفل على كل حال، وبذلك نقترح ألا ينص القانون أصلاً على سن للحضانة ولا تنظيم للرؤية أو الاستضافة ونحوها، وأن يترك للقاضي أن يحدد الإجابة الشرعية على كل الأسئلة الواردة وغيرها.

رأى لجنة البحوث الفقهية بمجمع البحوث الإسلامية.

ترى اللجنة:

أن الولاية التعليمية تكون للأب سواء كانت ولاية على النفس، وهى الإشراف على شئون القاصر الشخصية من صيانة وحفظ وتأديب وتعليم وتزويج وتطبيبأو ولاية على المال، وهي: الاشراف على شئون القاصر المالية من حفظ المال وابرام العقود، وسائر التصرفات المتعلقة بالمال.

كما ترى اللجنة: أن منح الوالد حق الولاية التعليمية ليست حقًا مطلقًا، إذ عليه اشراك الأم وجوبيًا في اختيار نوع التعليم والمدرسة التي يريد إلحاق إبنه بها.

وفي حال التنازع فى إلحاقه بنوع من التعليم عالى التكاليف بحيث لا يقدر الأب على تغطية متطلباته وأبدت الأم استعدادها لدفع الزيادة على المقدور عليه من الولى الذى هو الأب، حينئذ لا يجوز للأب التعنت على نقل إبنه من هذا النوع من التعليم، ما لم يترتب على بقاء المحضون في هذه المدرسة لحوق ضرر ديني أو أخلاقي أو بعد مكاني.

وفي هذه الحالة على القاضي أن يفصل في هذا التنازع فى ضوء ما يحقق مصلحة المحضون، وفي ضوء ما يشير إليه قوله تعالى: ” لا تضار والده بولدها ولا مولود له بولدهالبقرة / 233.

وعلى هذا الأساس، فإن المجمع يرى أن الولاية التعليمية من حق الأب، لكن عليه اشراك الأم وجوبيًا فى هذا الشأن فهو حق مقيد لا يستقل به وحده ، ولا يؤدى إلى مصادرة حق الأم ، وبما يحدث التوازن بين حق الحضانة المقرر لها، وحق الأب في متابعه أحوال الطفل التعليمية، والصحية وغيرها ، وألا يمنع الأم من تنفيذ رغبتها فى نقل الطفل إلى مدرسة أفضل متى كانت مستعدة لتحمل الزيادة المالية التى تمثل الفرق بين ما يدفعه الأب بالفعل، وما تفرضه المدرسة المنقول إليها، بشرط ألا يترتب على ذلك ضرر ديني أو أخلاقي أو بعد مكاني.

واعتقد أن ذلك الرأى يحقق التوازن فى الحقوق والواجبات ، ويستهدف مصلحة الصغير، ويعطى مساحه للاتفاق ، ويفتح المجال لإشاعة ثقافة التفاهم بين الأب والأم، ليضعا نصب أعينهما مصلحة الطفل.

وتجدر الإشارة إلى أن مسألة الفصل فى النزاع بين الأم والأب على أمر من أمور الولاية التعليمية إنما يختص به قاضي الأمور الوقتية، لتوافر حاله الاستعجال التى تقتضى الفصل فيها بسرعة حرصًا على الاستقرار الواجب أن يتحقق للصغير الأمر الذى يجعل الولاية التعليمية حقًا مشتركًا بين الأب والأم.

التوصية بشأن تقرير الحق فى الولاية التعليمية على الصغير

وعلى هذا الأساس فإن تقرير حق الولاية التعليمية على الصغير مبناه المصلحة الفضلى للصغير وهذه المصلحة ينبغى أن تتقرر على أرض الواقع بأن يتواصل الأم والأب على تحقيق ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر بينهما فإذا تعذر ذلك فإن الفيصل في تقرير الحق يكون للقاضي

والمناط في ذلك يكون بالتعرف على رغبة الصغير فى الدراسة التى يريد الاستمرار فيها وأن تراعى هذه الرغبه فى اختيار نوع الدراسة دون ضغوط ولا إملاء من جانب الأم أو الأب في هذا الصدد، وإذا كان ذلك أمرًا هامًا فإن تحديد هذا الاختيار يتم بالتفاهم بين الأم والأب أو القضاء.

ولا يجوز إغفال الظروف المادية للأب فى حالة إختيار الصغير لدراسة مكلفة مادية تتطلب مصروفات ورسوم دراسية كما هو الشأن فى المدارس الأجنبية، وبمعنى آخر فإن الصغير إذا أصر على هذا النوع من الدراسة وانحازت الأم إلى إختياره مع ضعف قدرات الأب المالية، فإن الأم تلتزم بالمساهمة المالية للوفاء بقيمة المصروفات والرسوم الدراسية تحقيقًا لإختيارها وتلبية لمطلب الصغير ودون إفقار للأب.

 

نوجز هذه التوصيات فيما يأتي:

1- التعليم حق دينى وإنساني من حقوق الطفل يتعين على الأب والأم أن يوفره للطفل منذ نعومة أظفاره وعلى المجتمع أن يهيئ الظروف لحصول الطفل على هذا التعليم فهو ليس منحة من الأم والأب والمجتمع.

2- أن تعليم الطفل هو ولاية من الولايات التى تعلو بحق الطفولة فى الحصول على القدر المناسب للطفل بما يتناسب مع قدراته وإمكانياته ولا يجوز بأي حال من الأحوال حرمان الطفل من ممارسة حقه في ذلك المقرر بقول الرسول صلى الله عليه وسلم طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة“.

3- ان الولاية التعليمية حق لكل من الأب والأم يتعاونان معًا في سبيل القيام بها وتحقيقها للطفل على أحسن وضع وأفضل تحصيل بما يتناسب مع ميول الطفل وقابليته لنوع من التعليم فالأجدر بهما أن يتوافقا على هذا التعليم ولا يتصارعان أو يستأثر أحدهما بالطفل دون الآخر.

4- أنه يجب على الأم أن تراعى إمكانية الأب المالية فلا ترهقه من أمرة عسرًا، وسبيل ذلك ان يكون إختيار نوع التعليم وفقًا هذه الامكانية للأب وفى حدود قدراته المالية كما يعبر عن ذلك القرآن لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها

5 – إنه اذا قصرت الامكانيات المالية للأب على توفير التعليم الذى اختاره الطفل وأيدت الأم هذا الاختيار أو كانت وراءه فى ذلك، فعلى الأم أن تساهم في استكمال المال اللازم لهذا النوع من التعليم.

6 – إن حق الأب في الولاية التعليمية راجح لأنه يتمتع بحق الولاية على النفس وهي ولاية تأديب وتهذيب وتقويم وتوجية ورعاية فهو المسئول عن الصغير ومن ثم فإن له سلطة عليه استنادًا إلى القاعدة الأصولية: ” على قدر المسئولية تكون السلطةوقاعدة كل حق يقابلة واجب

هذا وبالله التوفيق

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي