حق العصمة بين قبول الأهل ورفض المأذون

 

الحق ذلك الحلم القريب إلى قلوبنا جدًا البعيد عن منال الكثيرات وحتى اللواتي حصلن على حقوقهن ترى كم قابلن من صعوبات، وقدمن من تضحيات والعصمة حق للمرأة كفله لها الشرع والقانون، ولكن كان للمجتمع رأي آخر فوقف ضد هذا الحق بشدة، ولأن مركز دراسات المرأة الجديدة يهتم بكل ما يخص المرأة ويحاول دائمًا إلقاء الضوء على حقوقها تمهيدًا لسعيها للحصول عليه فقد عقد المركز ندوة حول عقد الزواج الجديد تناول فيه موضوعات عدة منها أهم الشروط التي يمكن للمرأة إلحاقها بالعقد الجديد، وبعد عام تقريبًا قام منتدى شابات مركز دراسات المرأة الجديدة بعقد ندوة أخرى لإظهار تجربة أربع فتيات قمن بوضع حق العصمة ضمن شروط عقد زواجهن، وكان لكل فتاة تجربتها الخاصة التي ربما تشابهت في بعض تفاصيلها وبالطبع كان لكل تجربة خصوصيتها. أحلام، لمياء، يافا، نهى، دعونا نقترب منهن دعونا نعرض لتجربتهن.

يوافق الأهل ويرفض المأذون!!

لم يحتج الأمر بالنسبة ليافا ومحمد إلى كثير من المناقشة فقد كانا يعتقدان أن العقد الجديد متضمن لهذا الشرط وعندما علما أنه غير مكتوب بل يضاف كشرط، طلبا من المأذون كتابته فيافا ومحمد يؤمنان بالمساواة بين الرجل والمرأة أي أن لزوجته نفس الحقوق كما أن عليها نفس الواجبات، وبالنسبة للأهل تقول يافا: لم يتطلب الأمر مجهودًا لإقناعهم، فقد اعتبروا أن علاقتنا تخصنا فلم يعلقوا، لكن الغريب في الأمر أن الوحيد الذي أعطى لنفسه حق الاعتراض هو المأذون فأخذ يقنع محمد بأن ما يفعله حرام وأنه بذلك يفرط في أحد حقوق القوامة، كما أخذ يقنعها أن النساء ناقصات عقل ودين وأنها قد توقع الطلاق في لحظة غضب، ولكن مع تمسكهما برأيهما اضطر للنزول على رغبتهما ووضع ليافا حق تطليق نفسها.

 

المشكلة ليست في الزوج وحده

التجربة الثانية كانت تجربة لمياء وصلاح وعلى عكس يافا الأمر لم يكن مسلمًا به حتى بالنسبة لها فقد كانت في البداية تنوى وضع شروط أخرى كحق السفر والعمل إلا أنها بعد تفكير وجدت أنه من حقها مثلما دخلت علاقة بإرادتها أن تنهيها بإرادتها دون انتظار لطرف آخر يحدد لها مصير حياتها، وعندما عرضت الأمر على خطيبها كان رد فعله الدهشة في البداية إلا أنه وافق بسرعة لم تتوقعها، إلى هنا والمنطق يقول إنه ليست هناك مشكلة ولكن في الحقيقة وبموافقة الزوج بدأت المشاكل، لم يوافق الأب واعتبر أن ما تقوله ابنته خروج على التقاليد والأدب، وأنها بذلك تحاول تعجيز زوجها ولم يوافق إلا بعد أن ذهب صلاح إليه وأقنعه بالموافقة، وللمرة الثانية رفض المأذون وحاول إقناعه ألا يضع هذا الشرط وكان لصلاح في الحقيقة دور كبير في إقناع المأذون وكل الحضور بأهمية وضع هذا الشرط لا إرضاءً للمياء فقط بل ولاقتناعه الكامل بأن هذا حقها.

لم أتزوج بعد ولكنى مصرة على وضع هذا الشرط

على عكس يافا ولمياء اللذين كتبا العقد بالفعل جاءت نهى وهي لم تتزوج بعد ولكنها مخطوبة، وتؤكد أنها لن تتنازل عن وضع حق العصمة في وثيقة الزواج وبسؤالها لماذا هذا الإصرار قالت إن هذا حقها فلماذا لا تستخدمه وخاصة أنه لا أحد يعلم ما يمكن أن يحدث في الزمن القادم، وبدلاً من اللجوء للمحاكم يكون لي الحرية في اختيار حياتي والاستمرار فيها، وعن أهلها قالت إن أهلها قد وافقوا بسهولة على كتابة هذا الشرط فقد شجعوها واعتبروا أن هذا حق لها ماداما قد اتفقا على ذلك، ولكنها تعرب عن قلقها من أهل أحمد” – خطيبها وتتوقع رفضهم لوضع هذا الشرط في عقد الزواج ولكنها أيضًا ترى أن بإمكانهما معًا مواجهة أهله والإصرار على كتابة هذا الشرط.

لماذا وثيقة الزواج المشروطة

وثيقة الزواج عقد ينظم العلاقة التي يعتبرها الناس أكثر العلاقات أهمية وقدسية، وأكثر العلاقات احتواء على الخلافات والمنازعات، ربما لأنها الرابطة التي تنبع عن اختيار ويفترض أطرافها أنها ستكون أبدية. وهي الفترة الأخيرة أثار هذا العقد الكثير من الأسئلة والعديد من التحفظات بسبب إضافة مكان في الوثيقة لإضافة بعض الشروط، وهو ما عرف بعقد الزواج الجديد“. لقد أثيرت تساؤلات مثل: هل يتوافق ذلك مع الشريعة؟ هل هذا العقد في مصلحة المرأة وضد مصلحة الرجل؟ هل سيؤدي هذا العقد إلى تعقيد الزواج وجعله أكثر صعوبة بالنسبة للشباب؟

حاول مركز دراسات المرأة الجديدة تناول هذه التساؤلات ومحاولة الرد عليها من خلال ندوة بعنوان وثيقة الزواجعقدت في شهر نوفمبر ۲۰۰۱، وتحدث فيها كل من الأستاذ محمود غنيم والأستاذة منى ذو الفقار كما قامت إيمان عبد الواحد بإدارة الندوة.

الزواج عبر التاريخ

بدأت الندوة بكلمة الأستاذة منى ذو الفقار التي تناولت مجموعة من الموضوعات المهمة. فقد أكدت في البداية على أن هذا العقد رضائي، أي أنه يحدث في الأصل برضاء الطرفين. وأشارت إلى أنه تم العثور على بردية فرعونية تتضمن وثيقة زواج يتفق فيها الطرفان على الخلع. كما أخذت أ. منى ذو الفقار الحاضرين في جولة بانورامية عبر العصور وشكل الزواج فيها. ففي العصر الروماني مثلاً كان الزواج بمثابة عقد ملكية يكرس امتلاك الرجل للمرأة. وفي الجزيرة العربية قبل الإسلام كان التعدد مباحاً بلا قيد ولا شرط. ثم تطرق حديثها إلى عقد الزواج في مصر وتطوره. فمنذ بداية القرن العشرين وحتى عام 1937، كانت عقود الزواج تتضمن شروطًا كحسن المعاملة على سبيل المثال. ثم قرر المشرع المصري تنظيم المسألة للمصلحة العامة وتقرر إلغاء كل الشروط فيما عدا شرط العصمة، وفي عام ١٩٨٥ جاءت محاولة وضع بعض الشروط في عقد الزواج على أساس أنه عقد يتم بالتراضي بين الطرفين. إلا أن هذه المحاولات قوبلت باتهام محاولة التشبه بالغرب، على الرغم من أنه كان إحياء لتراث أصيل وجد في مصر لمدة طويلة. من ضمن الشروط المطروحة أن إلزام الرجل بإبلاغ الزوجة في حالة زواجه من أخرى وحق الزوجة الأولى في التطليق دون إثبات الضرر خلال عام. بعد ذلك تحدث المستشار محمود غنيم عن الزواج في الإسلام الذي كان عبارة عن إيجاب وقبول وإشهاد وإشهار، ثم ظهرت الحاجة إلى توثيق الزواج وهو الأمر الذي رفضه المجتمع في بادئ الأمر بسبب عدم ثقة الناس في السلطة في ذلك الوقت. وفي هذا ما يشير إلى تغير المفاهيم عبر العصور، ثم أصبح من الضروري، مع تطور الزمن، إدخال التطويرات المناسبة على عقد الزواج، ومنها الاتفاق على ملكية المنقولات الموجودة بمنزل الزوجية. وتحديد من له الحق في منزل الزوجية بعد الطلاق، والاتفاق على رصد مبلغ مقطوع (بخلاف الصداق) أو راتب دوري في حالة التحلل من العقد بإرادة منفردة، إلخ. ثم تطرق إلى مسألة تدريب المأذونين على عقد الزواج الجديد. كما أشار إلى أن هذا العقد تطلب تطوير المحاكم التي أصبحت تضم مكاتب للاحتياجات الاجتماعية.

أعقب ذلك مجموعة من الأسئلة من جانب المشاركين في الندوة تناولت بعضها مسألة الزواج العرفى. والقانون رقم ۱/ 2001 الخاص بتسهيل التقاضي في قضايا الأحوال الشخصية. وجاء سؤال حول الموقف الذي يمكن اتخاذه في مواجهة المأذون الذي يرفض إدخال شروط على عقد الزواج، فأوضح المستشار محمود غنيم أنه يمكن في هذه الحالة إرسال شكوى إلى السيد وزير العدل، إدارة المأذونين بالوزارة.

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي