دور المنظمات الأهلية المصرية في تعليم الكبار

تاريخ النشر:

2007

كتابة:

دور المنظمات الأهلية المصرية في تعليم الكبار(*)

مفهوم العمل الأهلي في مصر المنظمات الأهلية والمجتمع المدني

تشير بعض البحوث المرتبطة بتحليل مواقع القوة داخل أي مجتمع من الناحية السوسيولوجية (أي من منظور علم الاجتماع)(1) إلى أنه يمكن النظر إليها على الوجه التالي: هناك قوة الحكومات والتي تدعى في الأدبيات الاجتماعية بالأمير” The prince. وهناك القوة الاقتصادية التي تسمى ب التاجر “The merchant. أما ما تبقى، فهي قوة مستقلة بدرجة أو بأخرى، قد تأخذ استقلاليتها أشكالا متميزة تماما كما قد تكون في أحيان أخرى بصورة خافتة، هذه القوة هي الناس” The people، أو كما تسمى في مجتمعاتنا العربية الأهالي، ومنها جاءت صفة أهليةلتنطبق على المبادرات النابعة من الناس والتي يفترض فيها صفة الاستقلالية. كذلك استعملت في العقود الأخيرة تعبيرات أخرى مثل تعبير المجتمع المدني” The civil society، وتعبير القطاع الثالث” The Third Sector، وتعبير القطاع المستقل” The independent sector، وكذلك تعبير أو مصطلح القطاع غير “Non-Profit Sector. وهي كلها تعبيرات تجعلنا نقترب بطريقة أو بأخرى من الأساس الذي يقوم عليه نشاط ما تعودنا على تسميته بالجمعيات الأهلية. ويمكن القول أن هذه المصطلحات تشير بصفة عامة إلى مجموعة من المنظمات تنبع من مبادرات المواطنين وتحتل موقعا وسط بين مشروعات القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية، حيث لا تستهدف هذه المنظمات تحقيق الربح بل تسعى في المقام الأول إلى تحقيق النفع العام في إطار ما الربحي الخاصة تصدره الحكومات من تشريعات تنظم عمل هذا القطاع“(2)، كما أن مصطلح القطاع غير الهادف للربح Non profit sector أو القطاع المستقل Independent sector، أو مصطلح القطاع الثالث Third sector هي مصطلحات غير شائعة الاستخدام، إلا في بعض الأدبيات والمحافل العلمية. وفي غالبية الأحوال يتم التعبير عن هذا القطاع بمصطلح القطاع الأهلي، وهي كلمة تشير معانيها في اللغة العربية إلى الارتباط بالأهالي أو المجتمع أو السكان. ومن ثم فهي تعكس علاقة التفاعل بين هذا القطاع ومنظماته من جانب ومبادرات المجتمع التطوعية من جانب آخر “(3). ويشير بحث آخر إلى تنوع المسميات التي ارتبطت بهذا القطاع كما يضيف إلى ما سبق بعض المصطلحات الأخرى منها القطاع الخيري” Philanthropy and charitable sector، والقطاع التطوعي” Voluntary sector والمنظمات الخاصة التطوعية” Private voluntary organizations، والقطاع المعفي من الضرائب” Tax exempted sector، والقطاع الاتحادي” Associational sector والمنظمات غير الحكومية” Non-governmental organizations. ويذهب البحث المشار إليه إلى أنه يمكن اعتبار التسمية العربية، أي القطاع الأهليأو المنظمات الأهلية” “إبداعا عربيا يصف بشكل صادق العلاقة التاريخية بين الشعب والحكومة في المنطقة العربية، والتي كثيرا ما سيطرت عليها حكومات أجنبية غازية والتي نتجت عنها ثنائية حكومة وأهاليالتي كثيرا ما تستعمل حتى بالنسبة للحكومات الوطنية للتعبير عن وجود فضاء خاص بكل منها يجعلها في بعض الأحيان في موقف انفصال ومواجهة“(4). هكذا يتضح أنه ليس هناك مصطلح واحد صارم، بل أن هناك عدة مصطلحات ترتبط بطريقة أو بأخرى بالأدوار المختلفة التي تضطلع بها تلك المنظمات، وبعلاقتها ببقية أقطاب المجتمع، وبرؤيتها لنفسها وللآخرين، وبمدى إسهامها الفعلي في حل مشاكل هذا المجتمع، وبقدرتها على المواجهة والحسم، وبالفلسفة التي تسيّر عملها وحركتها.

إلا أنه ينبغي التنويه هنا إلى أن تعبير المجتمع المدنييشير إلى قطاع أوسع من مجرد المنظمات الأهلية. فهو يضم العديد من أوجه النشاط الأخرى التي قد تكون حتى أكثر استقلالية في علاقتها بالحكومات. إذ يضم المجتمع المدني تنظيمات مثل الأندية الرياضية، والنقابات، والأحزاب السياسية، الخ. ويستند أحد الباحثين المهتمين بالمجتمع المدني إلى تعريف هذا الأخير على أنه يتشكل أساسا من منظمات، وخاصة منظمات تطوعية، ومن حركات اجتماعية وأشكال للاتصال الاجتماعي” (5).

غير أننا سوف نقتصر في هذه الورقة على تناول ما اتفق على تسميته بالمنظمات الأهلية في مصر، بعد استعراض بعض أوجه تطورها التاريخي، ووضعها في الإطار الدولي الآني، وصولا إلى الأدوار الفعلية التي تقوم بها – خاصة بالنظر إلى تعليم الكبار مع التركيز على مجال محو الأمية لأهميته البالغة في الأوضاع الراهنة – ومدى علاقة هذا الدور بمفهوم التنمية الشاملة.

ومن هذا المنطلق، يمكن النظر إلى طبيعة الدور الذي يلعبه القطاع الأهلي في مجتمعاتنا العربية المعاصرة على أنه يقوم بأحد دورين: إما دور إلحاقي أو دور مؤسسي. تميل المقاربة الأولى في النظر إلى الخدمات التي يؤديها القطاع الأهلي داخل البنية الاجتماعية من منظور معالجة المشكلات بعد حدوثها، أي أنه دور إلحاقي للدولة. أما المقاربة الثانية، فهي تنظر إلى القطاع الثالث من المنظور التالي:

أنه يجب أن يقوم بدور توازني وليس إلحاقي.

أنه يجب أن يقوم بدور دائم وليس طارئ.

أنه يجب أن يقوم بدور مخطط وليس ظرفي.

أنه يجب أن يقوم بدور مؤسسي وليس مجرد تنظيم.

من خلال هذا التعريف يمكن أن تحمل المنظمات غير الحكومية معنى الفاعل الاجتماعي social agent.(6)

إن الانطلاق من هذا المنظور لأدوار القطاع الأهلي بمقدوره تفعيل دور هذا القطاع وجعله أكثر إيجابية بها لا يقاس في المساهمة في التخفيف من قضايا الفقر والتهميش.

 

ما من شك في أن بداية المبادرات الأهلية في مصر تعود إلى النصف الأول من القرن التاسع عشر حيث بدأت الجاليات الأجنبية في عشرينيات ذلك القرن في إنشاء جمعيات لرعاية أبنائها(7). وهذا ما يؤكده بحث آخر (8) يشير إلى أن تزايد أبناء تلك الجاليات الأجنبية قد أدى إلى تأسيس منظمات لخدمة مصالح هؤلاء الناس. ويذهب أحد الباحثين إلى تأكيد نفس الاستنتاج الذي يشير إلى وجود بوادر للمجتمع المدني في مصر مع بدايات القرن التاسع عشر وذلك في تقديمه لأحد الأبحاث حول المجتمع المدني في مصر(9). ونتيجة لتزايد الجمعيات التي تدافع عن مصالح أبناء الجاليات الأجنبية، وإلى نفوذها المتصاعد في المجتمع المصري، بدأ الوعي الوطني يشعر بأهمية تشكيل منظماته الخاصة في مواجهة هذا المد الأجنبي. ففي عام 1859 تم إنشاء جمعية معهد مصروتوالى بعد ذلك تأسيس الجمعيات الثقافية مثل جمعية المعارف والجمعية الجغرافية. كما تم إنشاء جمعيات ذات طابع إسلامي أو مسيحي نشطت في ثمانينيات القرن الماضي ومنها الجمعية الخيرية الإسلامية (1878) التي اهتم فيها الشيخ عبد الله النديم بتوفير ونشر التعليم وجمعية المساعي الخيرية القبطية (1881). ومن جهة أخرى، يبدو أن هذه الجمعيات جاءت كاستكمال للدور التقليدي الذي اضطلعت به الأوقاف ولعبته على مدى سنوات طويلة من تاريخ هذا البلد كشأن ما حدث في أقطار أخرى من المنطقة العربية. وقد استلهمت تلك المنظمات مبادئها من الديانات السماوية، فكان لها طابعا دينيا متميزا. إلا أن ذلك لم يحول بينها وبين القيام بواجبها الوطني، فناضلت على تأكيد الهوية الوطنية في مواجهة الاستعمار وسعت لغرس مفاهيم المواطنة والانتماء الوطني من خلال تقديم خدمات في مجالات الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية(10). وهناك ما يشير إلى اهتمام المثقفين المصريين بالجانب التعليمي والتنويري من خلال حركة إصلاحية استهدفت مقاومة أشكال التخلف المحلية غير القادرة على مواجهة الاستعمار، كما برزت في هذه الحركة ثلاث اتجاهات رئيسية: اتجاه ليبرالي، وآخر إسلامي (إصلاحي وأصولي) وثالث اشتراكي تقدمي. وكانت المنظمات التطوعية الخاصة بوتقة امتزجت فيها الأنشطة السياسية بالأنشطة الاجتماعية والثقافية “(11). في نفس الفترة التي بدأت فيها الجمعيات الأهلية تطفو على سطح المجتمع المصري ويتعاظم دورها، كانت هناك بوادر لحركة نسائية مصرية تخطو أولى الخطوات نحو التنظيم. وقد جاءت هذه الإرهاصات كنتيجة لمحاولة الحكام المصريين تحديث الهياكل التعليمية والثقافية للبلاد. فقد تم إنشاء مدارس للذكور والإناث بواسطة الدولة – كجزء من مخططها التحديثي كما تكاثرت الإرساليات التبشيرية(12). وقد أولت النساء في مصر اهتماما كبيرا لموضوع التعليم، ومن أبرز الإسهامات في هذا الصدد تبرع الأميرة فاطمة إسماعيل – ابنة الخديوي إسماعيل وشقيقة الملك فؤاد بقطعة أرض مساحتها 15.000 متر مربع إضافة إلى تخصيص وقف مقداره 661 فدانا وتخصيص عائده لأهداف تعليمية وكذلك أموال لبناء الجامعة المصرية التي عرفت باسم جامعة فؤاد الأول (13). وقد امتد عطاء المنظمات الأهلية في. مصر على مدى سنوات طويلة تخللها ثورة 1919 وأحداث تاريخية أخرى. إلا أنه يمكن القول إن العمل الأهلي قد ذهب في اتجاهين: إما عمل أهلي ذو طابع خيري، غالبا ما اقترن بأسماء النساء من الطبقات العليا التي وجهت جهودها نحو التخفيف من أعباء الفقر، ومن الفروق الاجتماعية، من خلال تقديم العون في مجالات التعليم والصحة، وفي الإغاثة في حالات الأوبئة والكوارث القومية. أما الاتجاه الآخر، فقد اهتم أساسا بما يسمى بالدفاع الاجتماعي” advocacy للدفاع عن الهوية الوطنية، أو المطالبة بالحقوق المدنية للمواطنين، أو الدفاع عن حقوق النساء، الخ. ولنتذكر هنا أحد الشعارات التي رفعتها المجموعات النسائية في افتتاح أول برلمان لمصر بعد الاستقلال في عام 1924 (14):

علموا بناتكم، احترموا حقوق نسائكم، المرأة مقياس رقي الأمة“. وإذا كان ذلك ينطبق على حق المرأة في الحصول على التعليم، فإنه ينطبق أيضا – بصورة لا تقل أهمية – على محتوى مناهج التعليم والصور النمطية التي تقدمها للنساء. ولكنه لا يمكن القول بأن الاتجاهين ظلا منفصلين، فقد ظلت فيها بينها مناطق مشتركة. هذا على الرغم من أن الاتجاه الأول ظل يكرس بطريقة أو بأخرى الأوضاع القائمة – خاصة على الصعيد الاجتماعي بينما سعى الاتجاه الثاني إلى تغيير تلك الأوضاع على المستويات الاجتماعية والسياسية والثقافية.

في نهاية ثلاثينيات القرن العشرين بدأ التدخل الحكومي في أنشطة المنظمات الأهلية، فقد أسست حكومة أحمد ماهر في عام 1939 أول وزارة للشئون الاجتماعية. وبدأت هذه الأخيرة في التدخل في مسار العمل الأهلي. كما فرضت حكومة إسماعيل صدقي (1946) قيودا أخرى على العمل الأهلي ولا سيما على الأنشطة اليسارية التي كانت قد بدأت تعم البلاد وصولا إلى حركة العمال والطلبة التي تجلت في اللجنة الوطنية للعمال والطلبة. ويمكن تبرير هذا التدخل نظرا لأن الأنشطة ذات الطابع التقدمي تهدف عامة إلى تعزيز قدرات الناس وفي هذا ما يزعج الحكومات عموما. ولكن ذلك لم يمنع المنظمات الأهلية المصرية من استمرار نشاطها حتى قيام ثورة 1952.

لقد اتسم النظام المصري بعد ثورة 23 يوليو التي قام بها مجموعة من الضباط الشبان المتحمسين لقضايا الوطن ولكن في نفس الوقت المتشككين في نوايا كل من عداهم بمركزية عالية للسلطة ومسك الأمور بيد من حديد. ورغم أن هذه السلطة الجديدة قد سعت إلى مزيد من العدل الاجتماعي ومن تكافؤ الفرص بين المواطنين، إلا أن ذلك جاء بطريقة فوقية، في غياب مشاركة شعبية وأهلية حقيقية، بل ومن خلال نظرة متوجسة تجاه أي مبادرات تأتي من أسفل. فبدأ الأمر بحل الأحزاب السياسية التي أدينت بسبب التفسخ والانحلال المستشري داخل صفوفها وحل محلها نظام الحزب أو التنظيم الأوحد. ثم تلا ذلك مجموعة من الإجراءات أصابت الحياة المدنية المصرية بشلل. في هذا الإطار تم صدور القانون رقم 32 لعام 1964 الذي حل محل القانون المدني الذي كان معمولا به فيما قبل وأعطي لوزارة الشئون الاجتماعية حقوقا رقابية في التشكيل والإشراف المالي والتفتيش التدخلات وإعطاء التراخيص وطلب حل الجمعيات. وقد جاء هذا القانون بعد سلسلة من التدخلات في حياة الجمعيات وحل البعض منها مثل الاتحاد النسائي الذي تم حله في عام 1956 وحل محله التنظيم النسائي بالاتحاد القومي ثم بالاتحاد الاشتراكي، وهي، كلها تنظيمات تشكلت بطريقة فوقية وبارتباط وثيق بالسلطة(15). اتسمت إذن هذه الفترة بصفة عامة بركود في العمل الأهلي وخاصة العمل الذي يتسم ببعض الاستقلالية(16). فقد تشكلت بعض المنظمات بمبادرة من الدولة اهتمت بالرعاية الاجتماعية وتبنت بعض الجهود الاجتماعية لمقابلة احتياجات الإناث في الريف والحضر وأقامت دور الحضانة كما قامت بالإشراف على أنشطة الأسر المنتجة، الخ. هكذا جاءت الأنشطة التي يقوم بها القطاع الأهلي الضعيف في تلك الفترة متطابقة مع أولويات النظام الذي أخرجها إلى النور. وكما هو الحال بالنسبة للجمعيات الأهلية الموجودة في ظل هذا النظام، فإن هذا النظام بدوره كان موجودا في ظل جو عام أملى عليه من جهة التشدد والحذر تجاه أي محاولات للقضاء عليه، كما تواجد هذا النظام في مرحلة سيادة نمطين من الأنظمة على الصعيد الدولي: فمن ناحية هناك الدول الاستعمارية التي لم تكف لحظة واحدة عن محاولة القضاء على حركات التحرر في الدول النامية، ومن ناحية أخرى كان هناك نموذج الدول الشمولية التي ارتبطت بمحاولات فرض شكل من أشكال العدالة الاجتماعية ولكن بطريقة فوقية. وقد كان الاختيار المصري آنذاك لهذا النمط الأخير. ورغم أننا لا نمتلك معلومات وافية حول جهود المنظمات الأهلية في هذه الفترة فيما تعلق بالتعليم، إلا أنه يمكن الاستنتاج أنها اتسمت بنفس الشكل غير النابع من إرادات شعبية. ولم توجد في هذه الفترة الأنماط غير التقليدية لتعليم الكبار مثل التوعية الصحية أو التوعية القانونية أو تعلم حرف، الخ. إضافة إلى أن نسب الأمية المرتفعة استمرت خلال هذه الفترة، كما استمرت الفجوة بين الإناث والذكور.

شكلت هزيمة 1967 نقطة تحول ليس فقط على الصعيد العسكري والسياسي بل أيضا على الصعيد الاجتماعي، حيث بدأت تتعالى الأصوات المطالبة بالمشاركة الشعبية وبمشاركة المجتمع بصفة عامة في القرار السياسي(17). ثم شهدت مرحلة السبعينيات بدايات الانفتاح الاقتصادي مع تصاعد الأصوات الأصولية وتفعيل دورها على الصعيد المجتمعي. وفي نفس الفترة ظهر عدد من التكوينات السياسية الشرعية عرفت في البداية باسم المنابروسرعان ما تحولت إلى أحزاب اليمين واليسار والوسط. إلا أنها ظلت في أغلبيتها تلعب دورا صوريا ولاسيما في المجال التعليمي عموما وفي مجال تعليم الكبار بوجه خاص.

أما على المستوى الدولي، فقد بدأ الاهتمام خلال الثمانينات بدور المنظمات غير الحكومية، حيث خصص لها بطريقة منتظمة منتدى على هامش مؤتمرات الأمم المتحدة الكبرى، تجتمع فيها لتناقش أوضاعها وتمثل ضغطا على الوفود الحكومية المجتمعة في الجانب الرسمي. كما تزايدت فرص الأنشطة التحضيرية المحلية والإقليمية والدولية للاستعداد لتلك المؤتمرات فبدأت المنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية تتعلم قواعد هذه اللعبة. كذلك، فإن تطور تقنيات الاتصال وتبادل المعلومات قد مكن أعداد متزايدة من المنظمات غير الحكومية في مصر من الاطلاع على الدور الهام الذي تلعبه مثيلاتها في مناطق أخرى من العالم، وخاصة في بلدان العالم الثالث. وما من شك في أن هذا الاهتمام الدولي بدور المنظمات غير الحكومية يأتي في ظل تراجع دور الدول في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين مع انتشار برامج إعادة الهيكلة الاجتماعية والخصخصة، وما يؤدي إليه ذلك من خلل اجتماعي يستوجب التدخل من قبل قوة ما لضمان نوع من الاستقرار السياسي النسبي الذي يمكن الأنظمة والقطاع الخاص من الاستمرار في سياساتهم. كذلك بدأت المجتمعات المختلفة تنادي بمفاهيم جديدة للتنمية والتي لم تعد مقتصرة على تنمية الموارد الاقتصادية بل أصبحت تشمل كافة نواحي حياة الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والترفيهية وفي مجال حقوق الإنسان، فيما عرف بالتنمية البشرية خاصة بعد تبني برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لهذا المصطلح في التسعينيات. كما ساهم هذا المفهوم المتطور للتنمية في إلقاء الضوء على الفئات المهمشة اجتماعيا مثل النساء، الأطفال، المعوقين، المسنين، الخ. هكذا تطور مفهوم التنميةتطورا كبيرا خلال عقد التسعينيات وأصبح يضم مكونات تفوق مجرد الزيادة في مؤشرات الإنتاج والاستهلاك، وأصبح المفهوم الجديد يحظى بتقارير منتظمة من قبل برنامج الأمم لهذا المتحدة الإنمائي، ومن أجل قياس مدى النجاح على إنجاز التنمية البشرية، هناك عدد المؤشرات تعتمدها الأمم المتحدة منها انخفاض نسب الوفيات، ونوعية الخدمات الصحية المقدمة، والقدرة على المشاركة في اتخاذ القرار، الخ.. وتشير إحدى الدراسات (18) إلى أن فريق العمل المكلف بإعداد تقرير التنمية البشرية لعام 1997 قد حاول أن يضع معايير إضافية لقياس الفقر في العالم الثالث، تكون مختلفة عن تلك المعايير المرتبطة فقط بدخل الأفراد. وقد تمخض هذا الاجتهاد عن وضع المعايير التالية:

نسبة الأفراد الذين يتعرضون للوفاة قبل سن الأربعين.

نسبة الأميين من الكبار.

الخدمات التي يقدمها الاقتصاد إجمالا.

وهكذا فإن مفهوم التنمية قد تطور من مجرد أرقام مرتبطة بالثروات المادية إلى خدمات مثل الصحة والتعليم وإلى حقوق مثل الحماية القانونية والإعمال بمبادئ حقوق الإنسان. ومن أجل تحقيق ما يسمى بالتنمية المتواصلة أو التنمية المستدامة، تقول إحدى الباحثات(19) “إن الهدف النهائي للتنمية الاجتماعية هو تحسين وتطوير نوعية حياة جميع البشر (…). إن الوسائل المؤدية إلى التنمية الاجتماعية تتضمن تعزيز قدرات كافة الناس (الرجال والنساء على حد سواء) من أجل المشاركة الإيجابية في عملية التنمية وفي القضايا التي تشغل المجتمعات المحلية التي يعيشون فيها“.

ويشير تقرير اليونسكو المقدم عام 1997 إلى المنتدى الدولي الاستشاري حول التعليم للجميع (20) إلى الآثار المترتبة على العولمة في حياة الإنسان. فالتقرير يفند الجوانب الإيجابية لتلك العولمة التي من شأنها تقريب المسافات بين الناس وإتاحة الأدوات التي تمكنهم من مواجهة المشاكل التي تعترض حياتهم بدءا بالصحة والرفاهية الاقتصادية وصولا إلى تحقيق ذاتهم، إلي أن يشير أيضا إلى الآثار المدمرة التي قد تحملها العولمة حينها يظل العالم منقسما إلى أقوياء من جهة وإلى مهمشين من جهة أخرى غير قادرين على الإمساك بالأدوات التي تمكنهم من المشاركة الفعلية والفعالة في أنشطة المجتمع. ذلك أن التهميش يحدث عندما يتم استبعاد الناس بطريقة منظمة من المشاركة في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية أو أية أنشطة أخرى تتعلق بحياة البشر مما يمنعهم من تحقيق ذاتهم إنسانيا. أما تعزيز القدرات، فهو بالضبط على نقيض مفهوم التهميش ويمكن اعتبار التعليم الأساسي كأحد المفاتيح الرئيسية لتعزيز قدرات البشر والمجموعات وتمكينها.

لم تنج مصر من الأوضاع السائدة على مستوى العالم بصفة عامة وعلى صعيد الدول النامية بصفة خاصة، إذ تفاقمت الأوضاع على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي وانتشرت البطالة بين صفوف الشباب وازداد الأغنياء غنى والفقراء فقرا. كذلك تدهورت حياة الأغلبية العظمى من الشعب المصري في مجالات مثل الصحة والتعليم وتوافر فرص الكسب ناهيك عن المشاركة في اتخاذ القرار. وما يعنينا هنا في المقام الأول هو حال التعليم، حيث خفتت تماما شعارات الخمسينيات والستينيات التي كانت تنادي بحق الجميع في العلم وفي الثقافة وفي المعرفة. يصف أحد الباحثين حالة التعليم الحالية بالكلمات التالية: “من المدهش أن. نظام التعليم في مصر يفوق المائة والخمسين عاما، وقد احتفلت مصر هذا العام بمرور مائة وعشرين سنة على افتتاح أول مدرسة لتعليم البنات. ورغم ذلك، فإن معدلات الأمية تقدر رسميا بحوالي 50%. والواقع أن هذا الرقم يخفي حقيقة الأمية في مصر، حيث يقوم على افتراض أن إتمام أربع صفوف من التعليم الابتدائي في مصر يكفي لمحو الأمية الوظيفية“. ولكن تشير كل الدلائل المتاحة أن إتمام هذه الصفوف الأربع لا يكفي لاكتساب أساسيات القراءة والكتابة والحساب، أي مجرد الأمية الهجائية“. وبالإضافة، فإن الفئات الاجتماعية الأضعف، النساء، والفقراء، يعانون معدلات أعلى من الأمية“(21). يشير تقرير التنمية البشرية لعام 1998(22) أن نسبة من يعرفون القراءة والكتابة عام 1995 في مصر كان يصل إلى 38.81% عند الإناث و63.62% عند الذكور. وإذا ما أخذنا في الاعتبار أن مصر كانت تحتل المرتبة رقم 112 ثم تراجعت إلى المرتبة رقم 120 في تقرير التنمية البشرية لعام 1999(23) يمكن أن نتصور تراجعا لأكثر من مؤشر متعلق بالتنمية البشرية.

أما إذا ركزنا على أوضاع المرأة المصرية نظرا لتدني الحالة التعليمية للنساء بصفة عامة، نجد أن التقرير الرسمي للحكومة المصرية المقدم إلى المؤتمر الدولي الرابع للمرأة في بكين(24) – رغم ميله الواضح إلى التخفيف من حدة الأوضاع التي تعيشها المرأة المصرية وإبراز بعض الجوانب الإيجابية – قد اضطر إلى الاعتراف ببعض الأمور الجوهرية ومنها على سبيل المثال لا الحصر: أن النساء يعانون أكثر من الرجال من آثار الفقر خاصة في حالة النساء المعيلات لأسر حيث يقل دخل هذه الأسر بنسبة 37% عن متوسط دخل الأسر التي يعولها رجل، وأن هناك تفضيلاً لتشغيل الذكور عند أرباب العمل، وأن نسبة أمية المرأة الحضرية قد بلغت 45% في عام 1986 و 76% بالنسبة للمرأة الريفية، وأن أعلى مجال لعمل المرأة المصرية هو الزراعة والصيد وتربية الماشية (36.4%) بينما تنخفض النسبة إلى 1.0% في مجالات الإدارة العليا. كما تشير إحدى الباحثات (25) – استنادا على تقرير التنمية البشرية لمصر لعام 1995 – إلى أن نسبة الأمية الإجمالية تصل إلى 51.2% بالنسبة للسكان فوق سن 15 سنة مقسمة ما بين 35.6% في المناطق الحضرية و 64.6% في المناطق الريفية. كما ازدادت نسبة الأمية بين الإناث في الحضر من 45% عام 1986 إلى 47% عام 1992، وفي الريف من 76% عام 1986 إلى 80% عام 1992. وفي تقرير حول تعليم الكبار في العالم لعام 1995 (26)، نجد بيانات حول نسب المتعلمين، والأعداد التقديرية للأميين، ونسب الإنفاق العام على التعليم ضمن ميزانيات الدول وهو العامل الذي يؤثر بطريقة مباشرة على تنامي أعداد الأميين. البيانات المتعلقة بمصر تشير إلى تزايد نسبة المتعلمين من الذكور من 53.9% عام 1980 إلى 63.6% عام 1995، وللإناث من 25.5% عام 1980 إلى 38.8% عام 1995. هذا بينما تقول البيانات إن الأعداد التقديرية للأميين قد ازدادت من 15 مليون و 946 ألف أمي عام 1980 إلى 18 مليون 954 ألف أمي عام 1995، أي أن هناك ما يقرب من 3 مليون أميًا إضافيًا في مصر خلال فترة خمسة عشر عاما تمثل فيه الإناث نسبة 62%. وأخيرا فإن مخصصات التعليم تمثل 5.56% من إجمالي الدخل العام. وتقول الإحصائيات أن عدد الأطفال العاملين في المرحلة العمرية من 6 -14 عاما يبلغ 1.4 مليون طفل وأن 26% من هؤلاء الأطفال لم يلتحقوا أصلا بالتعليم كما ترتفع نسبة المتسربين من التعليم إلى 19% (27).

وفيما تعلق بالحق في التعليم، فإن الاتجاه المتفق عليه دوليا – والذي تتبناه مصر هو اعتبار الحق في التعليم كأحد الحقوق الأساسية من حقوق الإنسان وشرط ضروري لممارسة حقوق الإنسان الأخرى بطريقة فعالة. كما أصبح القائمين على التربية على مستوى العالم مقتنعين أكثر فأكثر بأهمية توسيع مفاهيم تعليم الكبار والعمل على التغلب على ندرة الموارد المتوفرة حاليا وتفعيل وتطوير فرص التعليم مدى الحياة بناءا على كسر الحواجز التقليدية بين التعليم الأساسي والتعليم المستمر واعتبار أن ما يوفره التعليم الأساسي لا يمكن أن يكفي لسد ثغرات المعرفة، خاصة مع التغييرات السريعة التي تطرأ يوميا في مجال العلم والمهارات المطلوبة لمواجهة تلك المستجدات.(28) كما يتعين أن تكون عملية التعلم والقراءة فرصة للبشر لكي يعرفوا ما يعنيه فعلا نطق الكلمة من فعل بشري يتضمن التفكير والعمل بما بعد في حد ذاته حقا إنسانيا أساسيا وليس امتيازا لقلة“(29).

إن أهمية الأرقام سابقة الذكر تكمن في إلقائها الضوء على أهمية تدخل المنظمات الأهلية المصرية، خاصة في تلك المرحلة التي تشهد تراجعا معلنا لدور الدولة في تقديم الخدمات للمواطنين. فكيف يمكن أن نصف الدور الذي تلعبه الجمعيات الأهلية في مصر اليوم؟

عند رسمه لخريطة واتجاهات المنظمات الأهلية العربية المعاصرة، يقوم أحد الباحثين(30) بتقسيمها إلى خمس مستويات من الوعي:

1 – منظمات لا تحمل رؤية نقدية وهي عادة ما تكون منظمات أنشئت بإرادة حكومية وتعرف في الأدبيات العالمية باسم -Governmentally organized non. governmental organizations (GONGOs)

2 – منظمات في مرحلة التكيف مع الواقع السياسيالاجتماعي وهي عادة منظمات مستقلة وعلى معرفة ودراية بتفاوتات القوة ولكنها لا تدخل في صدام بسبب ذلك، بل تكتفي بما يتيحه لها الواقع. غالبا ما ترتبط هذه المنظمات بجهات مانحة دولية وتقوم بتطبيق جدول أعمال أو أولويات تلك الجهات.

3 – منظمات في مرحلة ما قبل النقدية، بمعنى أنها تمتلك ناصية من الفهم والوعي لواقع علاقات القوي في المجتمع وأثر ذلك على الوضع المجتمعي، وغالبا ما تنتمي منظمات المناصرة والدفاع الاجتماعي إلى هذا النمط.

4 – منظمات وصلت إلى مرحلة ممارسة النقد وعادة ما يهتم هذا النوع من المنظمات بالبحوث وتوفير البدائل والرؤى المغايرة والتصورات المستقبلية.

5 – منظمات في مرحلة التحرر تكون غالبا منهمكة في الفعل الاجتماعي السياسي لمحو مظاهر عدم المساواة الفردية والاجتماعية، وغالبا ما تأخذ أشكال العمل النقابي، أي ما يشير إلى انتهائها للمجتمع المدني بالمعنى الواسع للكلمة.

ويمكن القول بصفة عامة ومن خلال المشاهدة المباشرة إن أغلبية المنظمات الأهلية في مصر تنتمي إلى الفئات الثلاثة الأولى. غير أن العقد الأخير من القرن العشرين قد شهد نموا هاما في تكاثر وتأسيس منظمات من الفئة الرابعة ومن الفئة الخامسة. أما عن أعداد المنظمات الأهلية ومجالات عملها الأساسية، تشير أحد المراجع إلى أن تصريحات حديثة لوزيرة الشئون الاجتماعية تضمنت أن الجمعيات قد وصل عددها عام 1996 إلى أكثر من 15.000 جمعية.

كما يضيف هذا المرجع أن الجمعيات تتوزع على نمطين رئيسيين أولها جمعيات الرعاية الاجتماعية (وهي تصل إلى 10048) وثانيها جمعيات التنمية (3478 جمعية) وأن أول ما يمكن ملاحظته من خريطة التوزيع الجغرافي للجمعيات هو عدم التوازن في التوزيع بين الريف والحضر وذلك لصالح المناطق الحضرية على وجه العموم(31). وهذا يشير إلى تغلب الطابع الخيري الرعائي على الجمعيات الأهلية المصرية مما يضعف من فعالية مساهمتها في عملية التنمية.

أما بالنسبة لقضية تعليم الكبار، فتقوم وزارة الشئون الاجتماعية بمساندة الجمعيات الأهلية في مشروع محو الأمية حيث بلغ عدد الفصول حوالي 200 فصل تستوعب 40 ألف متعلم(32).

فإذا ما نظرنا إلى خريطة الجمعيات الأهلية في مصر – وهي في واقع الحال خريطة غير واضحة المعالم وخاضعة للتصنيف الضيق لوزارة الشئون الاجتماعية – وإلى رؤية الجمعيات الأهلية لنفسها نجد أن معظمها يصف نفسه على أنه يقدم خدمات مرتبطة بطريقة أو بأخرى بتعليم الكبار. وهذا أمر يصعب تصديقه إذا ما قارناه مع الأعداد الغفيرة من الأميين ناحية وإلى عدم تماثل مفهوم تعليم الكبار على الصعيد المجتمعي من ناحية أخرى.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن مرحلة التسعينيات قد شهدت على المستوى الدولي تفعيلاً مهمًا لدور وقيمة المجتمع المدني. فقد تكاثرت الأبحاث والمنظمات التي كشفت أهمية الدور الذي يلعبه وجود مجتمع مدني قوي في الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي وفي التخفيف من حدة الفقر وفي محاولة توفير قدر من تكافؤ الفرص، الخ. وقد أثر هذا الجو العام على الأوضاع الداخلية في مصر، فحظيت بعض المنظمات بمساحات أكبر نسبيا للتحرك. كذلك تميز هذا العقد بانعقاد سلسلة متتالية من مؤتمرات الأمم المتحدة منها المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان (فيينا، 1993)، المؤتمر الدولي للسكان والتنمية (القاهرة، 1994)، المؤتمر الدولي للمرأة (بكين، 1995)، وغيرها. ولا يمكن هنا أن نغفل الدور الفريد الذي لعبه المؤتمر الدولي للسكان والتنمية (القاهرة، 1994) في دفع المنظمات الأهلية المصرية للمشاركة بطريقة نشطة في فعاليات ذلك المؤتمر وفي دفع الحكومة المصرية على استثارة هذا الدور رغبة منها في الظهور بمظهر لائق وبوجه ديمقراطي أمام المجتمع الدولي. وقد لوحظ من خلال المشاركة الأهلية المصرية في هذا المؤتمر أنه رغم وجود ما يقرب من 14.000 جمعية في مصر حسب الأرقام الرسمية، إلا أن النشيط منها لا يتعدى الخمسمائة. هذا وقد سبق المؤتمر المذكور أعمال تحضيرية على مدى عام 1993 امتدت إلى الوجهين القبلي والبحري إضافة إلى القاهرة الكبرى، وتمثلت هذه الأعمال في إعداد البحوث، وتنظيم ورش العمل، وعقد الندوات وحلقات التشاور وصولا إلى إصدار وثيقة(33) تعبر عن التوافق الذي توصلت إليه الجمعيات المشاركة حول القضايا التي ناقشها المؤتمر. وقد خصت بعض أجزاء هذه الوثيقة موضوع التعليم، إذ توصي الوثيقة المنظمات الدولية على العمل على توفير الموارد اللازم تخصيصها للمعونة الخارجية للدول النامية لتمويل خطط التنمية الاجتماعية والبشرية وخاصة الرعاية الصحية الأولية والتعليم الأساسي للجميع..” كما توصي الحكومة المصرية بـ زيادة الإنفاق العام على التعليم والصحة والثقافة..” وبأن يكون للمنظمات غير الحكومية دور رئيسي ومستمر في صياغة وتنفيذ ومراقبة تنفيذ السياسة السكانية المصرية من خلال لجان تنسيق ومتابعة على المستوى المحلي والإقليمي والقومي حيث أن المشاركة الشعبية في صنع سياسة السكان والتنمية وتنفيذها شرط هام من شروط نجاحها واستمرارها، كما شهدت مرحلة ما بعد مؤتمر السكان زيادة في عدد المنظمات غير الحكومية خاصة تلك التي توجه أنشطتها نحو النساء.

وعند البحث عن الأدوار التي تقوم بها المنظمات الأهلية المصرية، نجد أنها تواجه “… المشاكل الناجمة عن الفقر من خلال وسائل تقليدية (العمل الخيري) وغير تقليدية (التدريب المهني وتوفير فرص العمل). كما يجد النمو السكاني، الذي يعد مشكلة من المشاكل التي تعاني منها بلدان هذه المجموعة، الاهتمام والعناية من جانب المنظمات المعنية بتنظيم الأسرة والخدمات المتصلة به (…) أما المشاكل التي نجمت عن سياسات الإصلاح الاقتصادي التي تطبقها حكومات هذه البلدان، فتتصدى لها منظرات طوعية خاصة تساعد المجموعات المهمشة والأسر الفقيرة على الانخراط في العمل المنتج، وذلك بتدريبها على بعض المهارات. وتتولد فرص العمل عن طريق تشجيع الصناعات الصغيرة” (34).

فإذا ما نظرنا إلى تلك الأدوار المتعلقة بالتعليم من خلال الوسائل التقليدية، تقوم بعض الجمعيات المتمحورة حول المساجد والجمعيات الدينية بتقديم خدمات مثل دروس التقوية لتلاميذ المدارس، والدروس المتعلقة بالتعاليم الدينية (الإسلامية والمسيحية)، وتوفير بعض مستلزمات التعليم مثل الكتب والكراسات والزي المدرسي، ودروس التقوية، الخ.. كذلك تقوم بعض الجمعيات المرتبطة ارتباطا وثيقا بوزارة الشئون الاجتماعية بتوفير فصول محو الأمية على أساس المناهج الرسمية المعتمدة من الدولة، أي على أساس منهج الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار. ويمكن لهذه الهيئة أن تقوم بدور هام في القضاء على الأمية في مصر. ذلك أن الهيئة تحصل على إعانات كبيرة من قبل الدولة وصلت في عام95/ 1995 إلى 78.980.000 جنيه مصري إضافة إلى الإعانات التي يقدمها الصندوق الاجتماعي للتنمية والتي بلغت 105 مليون جنيه مصري(35). وهذا يتطلب مزيدًا من التنسيق والمرونة والتفاهم بين الهيئة من جهة والجمعيات الأهلية من جهة أخرى. فلا يمكن أن نتصور تقدم البلاد في مجال التنمية بدون القضاء على الأمية. كما لا يمكن أن نتصور المضي في عملية التنمية بدون مشاركة فعالة ونشيطة للجمعيات الأهلية باعتبارها شريك كامل الأهلية وليس مجرد منفذ لسياسات. ويتطلب ذلك أيضا أن تضطلع الجمعيات الأهلية فعليا بالقيام بدور الشريك الذي يقتسم المسئولية ويساهم في تخطيط ورسم السياسات ويعمل على مستوى التنفيذ ويرصد الواقع ويتدخل بوعي من أجل تصويب الأخطاء.

أما فيما تعلق بالأدوار التي تقوم بها بعض المنظمات غير الحكومية في مجال التعليم من خلال الوسائل نصف التقليدية أو غير التقليدية، فإننا نلاحظ وجود تنوع كبير في هذا المجال قد يحمل ميزة التعدد والابتكار إلا أنه لا يشير بالضرورة إلى ظاهرة إيجابية. ذلك أن جهود تلك المنظمات تبدو مشتتة ومتناثرة، لا يوجد بينها تكامل واضح، بل قد يكون هناك شكل من أشكال التكرار لجهود عشوائية. ومهما كان الأمر، علينا أن نلقي بعض الضوء على تلك الجهود للتعرف على مدى إمكانية الاستفادة منها مستقبلا.

هناك على سبيل المثال لا الحصر بعض الجمعيات الكبرى التي نشأت منذ سنوات طويلة وعملت أساسا خارج العاصمة، بل انصب أهم جزء من نشاطها في صعيد مصر، وحصلت من خلال هذا النشاط على اعتراف كبير من قبل أهالي هذه المناطق. نذكر من هذه الجمعيات على سبيل المثال لا الحصر الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، وجمعية الصعيد للتربية والتنمية، وجمعية كاريتاس مصر. هذه الجمعيات الثلاثة هي جمعيات مسيحية انطلقت من أساس تبشيري، ولكنها سرعان ما تخطت هذه الحدود من خلال تواكبها مع مستجدات العصر ويمكن القول أيضا من خلال إيمانها العميق بأهمية تطوير هذا الوطن والعناية بأكثر الفئات فقرا ومعاناة. فأغلبية تلك المنظمات تبنت المفاهيم الجديدة للتنمية وحاول أن تطبقها في الممارسة العملية. صحيح أن بعض المبادرات التي قامت بها تلك الجمعيات لم تتوج بالنجاح إلى حد ما. إلا أن ما بذل من جهد في هذا المضمار يستحق الالتفات إليه، وسوف تعرض دراسات الحالة الملحقة دور إحدى هذه الجمعيات الكبرى وهي جمعية كاريتاس – مصر.

هناك أيضا تجارب لجمعيات أصغر حجما اهتمت بتطوير المجتمعات المحلية ومنها تجربة جمعية حماية البيئة من التلوث التي تتم منذ عام 1988 والتي تجري في حي الزبالين بالمقطم. وهي تجربة تعليم الإناث من زوجات وأخوات وبنات الزبالين على إعادة تدوير القماش المتخلف من المصانع واستعمالها في منتوجات يدوية متنوعة (حقائب، سلال، كليم،…) وذلك إلى جانب إكسابهن المعلومات الصحية بأساليب غير مباشرة لا تعتمد على معرفة القراءة والكتابة“(36) إضافة إلى تنفيذ برنامج تعليمي مرتبط بالنشاط الذي تقوم به المتدربات يتضمن البرنامج دروس تعليم قراءة وكتابة قوائم بأساء العملاء والأجور وأسعار السلع التي ينتجونها ويؤهل الدارسات على اجتياز اختبارات القراءة الوظيفية والتي تختلف عن امتحان القراءة القومي، كما يحررهن من مجرد الاعتماد على الذاكرة. والجدير بالذكر أن أغلبية الحقائب التي تم توزيعها على المشاركين في المؤتمر الدولي للسكان والتنمية (القاهرة، 1994) من إنتاج هذه الجمعية.

كذلك انتشرت بطريقة واسعة خلال الخمس سنوات الأخيرة أشكال أخرى من تعليم الكبار – وخاصة النساء – من خلال تقديم برامج توعية صحية وقانونية ومدنية، منها نشير إلى مشروع الحقوق المدنية لتوعية وتعليم المرأة(37) الذي تتبناه جمعية تنمية المجتمع للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بمحافظة سوهاج. تتضمن الموضوعات التي يتم التدريب عليها معلومات حول قوانين التأمينات الاجتماعية، وقانون الأحوال الشخصية، وكيفية استخراج المستندات الرسمية مثل البطاقة الشخصية والبطاقة الانتخابية، التعريف ببعض العادات الريفية الضارة، موضوعات حول الصحة تتعلق بالتطعيمات الأساسية للأطفال وبالتغذية السليمة، وبالرعاية الطبيعية وبأمراض الصيف.

ولا يمكن هنا أن نغفل الدور الرائد الذي تقوم به جمعية الصعيد للتربية والتنمية والتي تمتد خبرتها إلى أربعة وخمسين عاما. وهي جمعية تنشط أساسا في إطار التعليم النظامي حيث تتبنى وتمول ما يقرب من 38 مدرسة تضم 12،000 تلميذة وتلميذًا. إلا أنه إلى جانب ذلك هناك أيضا 400 تلميذًا وتلميذة تخوض بهم بعض مدارس الجمعية تجربة جديدة يطلق عليها داخل الجمعية المدرسة الموازيةأو مدرسة الشارع” (.. والتي اهتمت) بالأطفال في الفئة العمرية من 8-10 سنوات، والذين لا يذهبون إلى المدرسة لأي سبب.. (38)”، وهي تجربة تتوجه لأولئك الأطفال الذين حرموا مـن الحـق في التعليم النظامي، فتوفر لهم الجمعية إمكانية تعلم أساسيات القراءة والكتابة والحساب وبعض المهارات الفنية التي تؤهلهم للعمل. وتتميز هذه التجربة بالمرونة في مواعيد عقد الفصول نظرا لانشغال الأطفال الذين تتوجه إليهم بالعمل سواء داخل أو خارج نطاق الأسرة. وينفذ البرنامج مـن خـلال يوم دراسي يمتد لمدة ثلاث ساعات على مدار الأسبوع وهو يلتزم بالوصول بالطفل إلى مستوى المهارات التعليمية لنهاية الحلقة الأولى من التعليم الأساسي بعـد نهـايـة أربع سنوات من الالتحاق. إلا أن المشروع يتضمن بعض نقاط الضعف ومنها أنه غير قادر على الحيلولة دون تسرب الأطفال إلى سوق العمل، وأن المهارات التي يتم تدريب الأطفال عليهـا غير كافية لمواجهة احتياجات السوق، وأن هناك قصورًا في الموارد المالية للمشروع. إضافة إلى ذلك ورغم أهمية هذه التجربة نلاحظ الفارق الضخم بين الاهتمام بالتعليم النظامي والتعليم غير النظامي الذي لا يمثل سوى 3% من الجهود التي توجهها جمعية الصعيد للتربية والتنمية في مجال التعليم.

بالإضافة إلى ما سبق، فإن هناك عدد من المنظمات التي ظهرت في السنوات الأخيرة والتي ارتبطت بالدفاع عن حقوق الإنسان. وعادة ما اتخذت تلك المنظمات الطابع العـام للدفاع عن حقوق الإنسان، فتناولت موضوعات متعـددة متعلقة أساسا بالانتهاكات الجسدية والنفسية التي يتعرض لها المواطنين. وقد قام عدد من تلك المنظمات ببرامج تدريبية في مجال حقوق الإنسان كان ضمنها برامج تدرب الناس على كيفية رصد الانتهاكات، وعلى كيفية تأهيل ضحايا العنف، وعلى تكوين مجموعات ضغط، وعلى التعريف بالحقوق المدنية للمواطنين(39)، الخ.. کما اضطلع البعض الآخر من هذه المنظمات بقضايا أكثر خصوصية مثل قضايا النساء، أو الشباب، أو المعوقين، أو أطفال الشوارع(40). ويكـون عـادة مـدخـل هـذه المنظمات في تعليم الكبار هو التوعية من خلال الندوات، وورش العمل، والموائد المستديرة، والمؤتمرات، وكذلك، من خلال إجراء البحوث الموجهة نحو الفعل action-oriented research. وغالبا ما تتخذ هذه المنظمات لنفسها دور الدفاع الاجتماعي advocacy. هذا وسوف نعرض في دراسات الحالة الملحقة تجربة إحدى هذه المنظمات وهي مركز قضايا المرأة المصرية. وقد كان الاختيار لهذه المنظمة الأخيرة لتكون دراسة الحالة الثانية في مبحثنا حتى يمكن عقد مقارنة بين منظمتين، إحداهما منظمة كبرى مشهرة حسب القانون 32 الذي ما زال يحكم حتى الآن عمل المنظمات الأهلية في مصر، تتمتع بموارد مالية هامة وبالتالي يعمل بها عدد لا بأس به من العاملين والمتطوعين، ومنظمة أكثر تواضعا، غير مسجلة تحت رعاية وزارة الشئون الاجتماعية، أصغر حجما بما لا يقاس من حيث الإمكانيات المادية وعدد العاملين بها، لكنها تنشط في نفس المجال.

من ضمن التجارب الملفتة للنظر أيضا تلك التي تقوم بها جمعية السينمائيات المصريات بالتعاون مع الصندوق الاجتماعي للتنمية وذلك من خلال مشروع إكساب الشباب مهارات لدعم سوق العمل في مجال التوثيق التنموي“. هذا وتشير مطوية المشروع(41) إلى أهمية صناعة الفيديو الاجتماعي (أفلام الفيديو المهتمة بتجارب التنمية) لما له من تأثير هام ومباشر على مجالات التنمية المختلفة“. والمشروع عبارة عن إنشاء ورش تدريبية للخريجين والخريجات من المعاهد الفنية والسينمائية والمهتمين بالتنمية وكذلك السيدات اللاتي منعتهن ظروفهن الحياتية من متابعة التقدم التقني والفني بشكل كامل، والعاملين بالهيئات التنموية، والمجتمعات موضع التنمية. المنتج النهائي لهذه الورش عبارة عن أفلام توثق بعض تجارب التنمية بطريقة بسيطة وواضحة تكون في خدمة المنظمات الأهلية والعاملين في مجال التنمية. وقد قام المشروع بعقد ما يقرب من ثمان ندوات و 18 ورشة عمل موزعة على الوجه التالي: 8 دورات تدريبية مستوى تمهيدي لعدد (81) مستفيدة ومستفيد، 6 دورات تدريبية مستوى متوسط لعدد (52) مستفيدة ومستفيد، 4 دورات تدريبية مستوى متقدم لعدد (33) مستفيدة ومستفيد. كما تم إعداد عدد من الأفلام تناولت موضوعات متنوعة منها مشروعات لمحو الأمية ومشروعات تتعلق بالتنمية الشاملة، ومشروعات للرعاية الصحية، ومشروعات خاصة بالبيئة، الخ. وتشير البيانات المتوفرة(42) إلى أن إجمالي فرص العمل الدائمة والمؤقتة التي وفرها المشروع عبارة عن 217 فرصة عمل.

كذلك تشير إحدى الدراسات الميدانية إلى أن المنظمات الأهلية نفسها تحتاج إلى دورات تدريبية لتطوير كفاءة أدائها ونوعية الخدمات التي تقدمها للمجتمع، وهذا ما يندرج أيضا تحت مسمى برامج تعليم الكبار. وحيث أن هذا المفهوم يتسع إلى ما هو أشمل من محو الأمية الأبجدية ليضم مسائل تتعلق بتطوير قدرات الأفراد والمجموعات على الأداء الأفضل، يمكن وضع مسألة التطوير الإداري والبناء المؤسسي ل للجمعيات الأهلية كأحد الاحتياجات الملحة لدى قطاع قد يضم بضعة آلاف من المواطنين الذين يحتاجون إلى أنواع من التدريب لتحسين أدائهم في العمل التطوعي الذي ارتأوا أن يختاروه. إذن يمكن اعتبار الجمعيات الأهلية فئة مستهدفة من تعليم الكبار إلى جانب كونها تساهم في توفير خدمة تعليم الكبار للمجتمع. وبعبارة أخرى هي فاعل اجتماعي يحتاج باستمرار إلى تفعيل دوره من خلال تعلم المهارات الحديثة في الإدارة والتنظيم والتدريب وتحديد احتياجات المجتمع المحيط، وكذلك من خلال اكتساب مبادئ الديمقراطية والشفافية والمحاسبية. كما يحتاج هذا القطاع من الجمعيات إلى المزيد من الاحتكاك والاستيعاب للمفاهيم المتطورة لتعليم الكبار ولحق الجميع في الحصول على التعليم مدى الحياة.

إن مسألة الاهتمام بحق الجميع في التعليم مدى الحياة تحتاج إلى تضافر الجهود على المستوى القومي، أو بمعنى أصح اعتبار مسألة توفير التعليم للجميع وعلى امتداد حياتهم قضية قومية. فلا يمكن للمنظمات الأهلية ولا للأجهزة الحكومية أن تتحمل هذا العبء وحدها. وهذا يستدعي إقامة حوار واسع النطاق تشارك فيه كافة الأطراف المعنية، يدار على قدر عال من الشفافية والموضوعية والاقتناع بحسن نوايا الآخر والقدرة على ممارسة الحوار والاختلاف، وذلك بهدف التعرف على الحقيقة الراهنة وصولا إلى ابتكار الوسائل والطرق التي تمكن بلد مثل مصر من العبور إلى الألفية الثالثة بأقل قدر من التلفيات.

كما يستدعي، ذلك استرجاع خبرات ماضية قد تعود إلى تاريخ مصر القديمة وإلى خبرات تعليم الكبار في التراث الإسلامي وإلى التاريخ الديني بصفة عامة، وإلى تاريخ المجتمع المدني في هذا المجال. وهي كلها خبرات تجعلنا نوصل أصالتنا من جهة بل ونستدعيها، كما قد تبين لنا وسائل سبق استخدامها والتأكد من صلاحيتها أو التعلم من دروس ومواضع الإخفاق السابقة بهدف تجنبها.

يتضح من النماذج المتنوعة والمتعددة السابق ذكرها أن الجمعيات الأهلية أو المنظمات غير الحكومية في مصر تضطلع بدور لا يستهان به في نشر المعرفة وتوفير التعليم خاصة فيما يتعلق بالكبار، أي الذين فاتتهم فرص التعلم من خلال القنوات النظامية أو أولئك الذين يحتاجون أو يتطلعون إلى مزيد من التعلم في مجالات محددة. كما تمثل الجمعيات الأهلية الأماكن الأكثر حرصا على توصيل المعلومات دون مقابل أو بما لا يتجاوز سعر التكلفة الفعلية، فهي لا تتطلع إلى تحقيق الربح بل تعمل من أجل النفع العام. إلا أننا هنا لا بد وأن ننظر إلى كل تلك المحاولات – ليس فقط بعين الاستحسان ولكن أيضا بعين النقد، أو بعين القياس بين المرجو من أشكال التعليم التي يتم تقديمها وبين مفهوم التنمية البشرية كما تم الإشارة إليه في مواضع سابقة من هذه الورقة.

ينبغي أن يتم إعادة نظر في المناهج والبرامج التعليمية بحيث يتم إدراج النوع من منظور تعزيز القدرة والتمكين بدلا من الاستمرار في تكريس الصور النمطية للنساء في أدوارهن الضيقة المرسومة لهن اجتماعيًا، أي بحيث يتم بث وعي وإدراك جديدين بأن المرأة ليست فقط أم، وزوجة، وابنة، وأخت، مغلوبة على أمرها، وظيفتها الأساسية في الحياة السهر على راحة من حولها من الذكور، بل على أنها عضو كامل الأهلية له واجباته كما له حقوقه، وأنها قادرة على الإبداع مثلها مثل سائر الكائنات البشرية الأخرى. وإذا كان ما تقدم صحيحا بالنسبة للمناهج الدراسية التي تشكل وعي وإدراك النشء، فإنه ينطبق أيضا على الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام التي يتعين عليها الالتزام بالأمانة في تقديم المرأة في أدوارها المتعددة التي تمارسها في الحياة اليومية، وعدم حصرها في بوتقة من الافتراضات غير الواقعية عن طبيعتها وعن دورها الأساسي، وهي افتراضات يدحضها الواقع المعاش للمرأة التي تعمل طوال الوقت، وتساهم بإيجابية في صنع الحضارة والمجتمع” (43)

وإذا كان الهدف من التعليم هو مجرد محو الأمية الأبجدية، أي تعليم القراءة والكتابة، لنا أن نتساءل لماذا أخفقت معظم البرامج الموجهة نحو تعليم الكبار عن تحقيق أهدافها. فما زالت نسب الأمية الأبجدية مرتفعة في بلد مثل مصر هذا إذا ما وضعنا جانبا أشكال أخرى من الأمية لا تقل أهمية عن الأمية الأبجدية. إن محو الأمية الأبجدية والحضارية والقضاء على الأمية عموما لن يتأتى إلا من خلال تعزيز قدرات الناس وتحفيز دوافعهم نحو التعلم.

لابد من تغيير النظرة إلى الأمي الأبجدي الذي نعلق عليه كل مصائبنا. وهو وإن كان سببا فهو نتيجة في نفس الوقت لسياسات لا تهدف إلى تفعيل الإنسان واستنفار كافة قدراته – الظاهرة منها والكامنة – بل هي تنبع من نظرة فلسفية إلى البشر والمجتمع وإلى علاقات القوي المرجوة فيه. ومن جهة أخرى، لا يمكن قبول النظر إلى أي بشر على أنهم أدنى من بشر آخرين لمجرد أنهم لا يمتلكون مهارات القراءة والكتابة. وقد بينت البحوث والدراسات القدرة الفائقة على التحليل لدى أولئك وقدر المعارف التي يتمتعون بها (44). على أساس هذه النظرة يتحدد مدى الرغبة لدى صانعي القرار في أي مجتمع كان في تعزيز قدرات الإنسان وتمكينه حتى يصبح في قلب عملية التنمية الاجتماعية وكأحد أدواتها الفاعلة. وما من شك في أن التربية والتعليم أدوات هامة في هذا المضمار، حيث يشكلا أحد الأسلحة الرئيسية في تشكيل وتكوين الوعي لدى لبشر.

ويأتي ذلك في ظل هيمنة فكر سيطر خلال السنوات الأخيرة على الإدراك والوعي العالمي من خلال انتشار تكنولوجيا الاتصال السريعة ومن خلال الهيمنة الاقتصادية والعسكرية على مقدرات العالم، وهو ما اعترف على تسميته بالعولمة. وإن كانت العولمة أمر واقع على مستوى العالم، فإن علينا التعامل معها بأحسن ما تقدمه لنا، إذ علينا أن نعيد النظر في بعض مواقفنا التي قد تتسم بالانعزالية تجاه ما يحدث على صعيد العالم ونتساءل: هل كل ما يتصل بالعولمة سلبي؟ بكل تأكيد هناك سلبيات عديدة ومتعددة متعلقة بالعولمة التي غالبا ما تفهم كضرورة حتمية للسير في ركاب نظام معين. وهذا النظام – بكل سلبياته – هو الذي أتاح لنا التعرف على ما يجري في مناطق أخرى من العالم من نضالات في سبيل تحرير الإنسان، وهو الذي غذانا بمعلومات حول ما يسمى بمنظومة حقوق الإنسان، وهو الذي يجعل المعرفة متوفرة بدون قيد شريطة أن نمتلك سبل الحصول على هذه المعرفة بل وأن نعرف كيفية استخدامها لمصلحة أوطاننا.

وفي هذا المجال يرى أحد الباحثين العرب(45) “أن النتائج الأساسية الثلاثة للخصخصة والعولمة تتمثل فيما يلي:

1 – اتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء اتساعا متزايدا يجعل الحياة المعاصرة في كل بلد مطبوعة بالازدواجية والانشطار اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.

2 – اتساع الهوة بين أطفال الأغنياء وأطفال الفقراء وظهور جيل منقسم إلى قسمين لكل منها عالمه الخاص، مما يجعل التواصل داخل الجيل الواحد أصعب من التواصل بين الأجيال المتعاقبة (وأيضا تكريس الهوة بين الطبقات مستقبلا).

3 – إقصاء وتغييب البعد الإنساني في النشاط التجاري والتنموي، وتكريس مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، مع جعل الربح هو الغاية الوحيدة والقيمة الأسمى.”

في مواجهة هذه الآثار السلبية والتي تمس البعد الإنساني ككل، يقترح الباحث على المنظمات الأهلية إعادة تعريف نفسها وإعادة صياغة أدوارها وأهدافها وصياغة وسائل عملها. فلم يعد الفقر ولا البطالة ولا الفوارق الاجتماعية ولا الطفولة المشردة ظواهر فردية أو حالات ظرفية. هناك دور من الدفاع عن حقوق الإنسان يجب أن تضطلع. به تلك المنظمات وقد تكون هذه المنظمات مؤهلة أكثر من غيرها للقيام بهذا الدور. فهي وحدها التي قامت لخدمة المجتمع ككل، والمفترض ألا تكون لها مصالح خاصة، وبالتالي قد تكون هي وحدها مؤهلة لتجنيد منظمات ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى من أجل الوقوف في وجه ذلك الاتجاه اللاإنساني الذي يطبع نظام الخصخصة والعولمة في الوقت الراهن.

إلا أننا يمكن أن نتساءل مع أحد مفكرينا(46) “ما السبل التي تجعلنا نواجه العولمة بطريقة إيجابية خلاقة؟“. في سبيل ذلك يقترح علينا عددًا من السيناريوهات. فهو ينقد الاتجاهات السائدة في الخطاب العربي المعاصر التي تتعامل مع العولمة إما كشر مطلق أو كخير مطلق. ثم إنه يؤكد على أهمية التفريق بين مذهب العولمةوإجراءات العولمة“. فالأولى قائمة على فكرة هيمنة قوة عظمى بينما الثانية هي التي تتيح لنا أدوات مكافحة هذه الهيمنة. كا أنه ينادي المثقفين العرب بصياغة البدائل السياسية والاقتصادية والثقافية لإجراءات العولمة المتعددة، أي امتلاك أدوات العولمة مع تطوير سياساتنا مع القيام بتحديث حقيقي وجذري لمؤسساتنا السياسية والاجتماعية والثقافية“.

كما يمكن أن ننظر للأدوار المختلفة التي يلعبها القطاع الأهلي في علاقته بالفئات المستفيدة من منظور علاقة خيرية تقليدية تؤدي إلى التخفيف من بعض مظاهر الظلم الاجتماعي ولكنها لا تهدف إلى القضاء على هذا الظلم انطلاقا من أن البشر ولدوا ولا بد أن يبقوا مبتاينين، أو من منظور علاقة متكافئة تستهدف تفعيل كلا الطرفين وصولا إلى دور الفاعل الاجتماعي Social agent المستند على قدرة وقوة الطرفين معا. من الواضح أن من ينحاز إلى التنمية من منظور تعزيز قدرات الإنسان سوف يختار الخيار الثاني وهو ما يتطلب من المنظمات الأهلية تجاوز المفاهيم الخيرية التقليدية وصولا إلى نموذج للتنمية قابل للديمومة.

وإذا نظرنا من خلال هذا المنظور الأخير إلى العديد من برامج تعليم الكبار التي تقوم بتنفيذها مؤسسات المجتمع المدني، سنجد أنه حتى في حالة إخفاق بعضها عن تفهم أو تنفيذ برامج تتطابق تماما مع مفهوم التنمية البشرية المبنية على تعزيز قدرات الإنسان، إلا أنها تمثل خطوات هامة على طريق طرح بدائل أكثر استجابة لمتطلبات واحتياجات الناس، خاصة في مجال تعليم الكبار.

كما أننا في مبحثنا حول دور الجمعيات الأهلية والمنظمات التطوعية في تعليم الكبار يجب أن ننظر إلى مدى حرية الحركة التي تتمتع بها هذه المنظمات. فالتشريعات التي تحكم هذه المنظمات ما زالت تشريعات مقيدة، تنطلق من فلسفة مبنية على الشك في حسن النوايا. إن هذه التشريعات وما تثيره من جدل في المرحلة الحالية تحتاج إلى إعادة نظر حتى تكون عامل حافز بدلا من أن تعرقل الدور الكبير الذي يمكن أن تقوم به.

كذلك تحتاج المنظمات الأهلية في مصر – وخاصة تلك العاملة في مجال التنمية – إلى الاتفاق حول جدول أعمال محدد وإلى تحديد واضح لأولويات التنمية. ذلك أننا رأينا النسب المحدودة التي تعمل على سبيل المثال في مجال مثل التعليم، هذا من ناحية. ومن الناحية الأخرى، فإنه في ظل عدم التنسيق وتعدد الجهود المعزولة تزداد مخاطر الازدواج والتضارب وعدم التخطيط السليم. من أجل تحقيق هذا التنسيق المطلوب، لابد أيضا ومرة أخرى من تذليل العقبات أمام حق الجمعيات في اللقاء وتكوين الشبكات النوعية والاتصال فيها بينها. كما يرتبط بذلك أهمية القيام بحملات توعية موجهة بالأخص إلى النشطاء في الجمعيات. وينبغي أن تتضمن هذه الحملات شق يتعلق بمفاهيم التنمية البشرية وشق آخر يتعلق بمفاهيم تعليم الكبار وبحق الجميع في التعليم وبمفهوم التعليم مدى الحياة. كما سبق الإشارة إلى أهمية تنسيق الجهود على أوسع نطاق ما بين الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار من جهة والجمعيات الأهلية من جهة أخرى على أساس مبدأ الشراكة الحقيقية بين الطرفين.

ومن جهة أخرى، فإن المنظمات الأهلية المصرية تحتاج إلى الدخول في طور جديد من النضج بحيث تصبح قادرة على تحديد أولويات المجتمع الذي تتوجه إليه وعلى تحديد أولوياتها هي بطريقة واعية بعيدا عن أولويات الجهات المانحة أيا ما كانت. فهي القادرة على معرفة احتياجات الفئات المستهدفة من عملها وعلى تحديد كيفية الاقتراب منها ومن همومها ومن قضاياها الملحة. وفي هذا الصدد يجدر الإشارة إلى أهمية تفعيل دور القطاع الخاص أو قطاع الأعمال في مساندة هذه الجهود التطوعية. كما ينبغي بذل جهد خاص يتعلق بتغيير المفاهيم داخل المنظمات الأهلية حول أدوارها من جهة وحول المفاهيم التي تسير عملها. فعلى سبيل المثال لا الرصد يمكن للجمعيات الأهلية أن تضطلع بدور الراصد الاجتماعي، كما أن مفهوم التطوع قد تطور كثيرا خلال العقد الأخير على المستوى الدولي ولم يعد مقتصرا على مفهوم التطوع بالمعنى التقليدي، أي الأقرب إلى مفهوم العمل الخيري. وقد اكتشف آلاف النشطاء على مستوى العالم أنه من أجل تطوير كفاءة وفاعلية الأداء لابد من التفكير في أشكال جديدة تضم التطوع بجزء من الوقت أو الأجر مع تقديم الخدمات بأجر في الجزء الآخر منه. فلم يعد العاملين في المنظمات الأهلية مقتصرين على الأفراد من الطبقات العليا في المجتمع والقادرين عن الاستغناء عن أجر مقابل الخدمات التي يقومون بها، كما أصبح ينظر إلى هذه الخدمات من منظور المساهمة في التنمية وليس من منظور الأداء الخيري.

من أجل الوصول إلى ما تقدم، لابد من وجود تيار جارف يعمل على تبني فلسفة جديدة للتعليم في مصر تكون قائمة فعليا على احترام المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان ومتسقة مع مفهوم التنمية البشرية. وهذا يتطلب تدخل جهات متعددة: منها الدوائر القائمة على صنع السياسات واتخاذ القرارات وتطبيقها، أي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، ومنها من يقوم بنشر هذه المفاهيم وتأصيلها لدى الناس، أي وسائل الإعلام، ومنها من يدفع نحو تبني المفاهيم ويراقب ويرصد تطبيقاتها، أي المجتمع المدني، ومنها من يوفر الدعم المادي لها، أي القطاع الخاص، ومنها الأفراد والهيئات الذين يحولون عمليا هذه الأفكار والمفاهيم إلى مادة ملموسة قابلة للتطبيق ثم يقومون بتطبيقها، أي التربويين والمعلمين والمؤسسات التربوية. إن هذه الأطراف متعددة ومتنوعة ومتباينة في مواقفها وقدرتها على الضغط والتأثير والتغيير حتى داخل كل فته على حدة، فهل من أمل في أن يحدث التغيير المنشود؟

هناك أيضا أهمية بمكان لتحفيز المبادرات لخلق المواد الملاءمة لمرحلة ما بعد الأمية وذلك ضمانا لعدم ارتداد الأمي إلى أميته نتيجة عدم استعمال ما تعلمه.

كما ينبغي الاهتمام بطريقة عاجلة بظاهرة عدم إقبال الرجال على برامج محو الأمية ودراسة كيفية تخطي هذه الظاهرة. وفي هذا الصدد يجدر الالتفات إلى خبرات دولية أخرى، خاصة تلك التي تجري في مناطق مشابهة من العالم. کما أن تطوير برامج تعليم الكبار في مصر لا يمكن أن يعتمد فقط على النوايا الحسنة للمتطوعين، بل يحتاج إلى إجراء دراسات كيفية متعمقة حول إدراك المواطنين لأهمية التعليم، وأسباب إحجامهم عنه، والآليات التي تؤدي إلى إبعاد الإناث عن التعليم، وتحديد الاحتياجات التعليمية مجتمعيا، الخ. وهذا الدور يمكن أن تضطلع به بعض الجمعيات الوسيطة من نمط مراكز الأبحاث على أن يكون مدخلها إلى الفئات المستهدفة من خلال الجمعيات الأهلية التي تعمل مع القواعد grassroots organizations. وبهذا الصدد يجدر الإشارة إلى أهمية الدور الذي يجب أن يلعبه التعليم النظامي. سواء ذلك الدور الذي ينمي حافزية الأفراد على التعلم وخاصة على التعلم الذاتي، أو الدور الذي يمكن أن تلعبه الجامعات في خلق وعي مجتمعي بأهمية التعلم مدى الحياة وفي تطوير الأبحاث والدراسات والمناهج.

كذلك، فإن وسائل الإعلام مطالبة بأن تضطلع بدور هام في هذا المجال. فهي قادرة على الوصول إلى إدراك الناس والتأثير على وعيهم وحثهم على الإقبال على التعليم. وقد وصلت بالفعل هذه الوسائل إلى معظم البيوت المصرية حتى في النجوع والمناطق النائية. كما أنها مطالبة بإبراز دور الجمعيات الأهلية وإظهار المبادرات الرائدة وبث المعلومات حولها وحث المزيد من الناس للالتفاف حولها ونقل الخبرات الناجحة إلى مناطق أخرى من البلاد. كذلك من شأن وسائل الإعلام تنظيم أيام مخصصة لحملات محو الأمية وتعليم الكبار من خلال تفعيل دور رجال الأعمال في دعم أنشطة الجمعيات في هذا المجال. وهي أيضا قادرة على التأثير في اتجاه إدراك أهمية تعليم الإناث وعدم التمييز بين الجنسين في هذا المجال.

(1) الحالة الأولى: جمعية كاريتاس مصر(47)

نشأت جمعية كاريتاس مصر في أعقاب حرب يونيو 1965 والتي تطلبت بذل المزيد من الجهود التطوعية من أجل التخفيف من الآلام التي نتجت عن هذه الحرب وكان ذلك بمبادرة من الفاتيكان(48). بدأت الجمعية بعاملين فقط ثم تطور العدد إلى 550 عاملا إضافة إلى ما يقرب من ألف عامل مؤقت ومتطوع كما وصل رصيد مصروفات المشروعات في عام 1998 إلى ما يقرب من 27 مليون جنيه مصري(49). ومن هنا يمكن القول أن هذه الجمعية من الجمعيات الكبرى نظرا لحجم العاملين ولحجم الميزانيات المتاحة. تقوم الجمعية بأنشطة متعددة، منها المساعدات الاجتماعية للحالات العاجلة وللطلاب الجامعيين، وتأسيس المراكز الطبية، وتقديم المعونات الغذائية، ودعم المشروعات الصغيرة، وإقامة حضانات للأطفال، والاهتمام بأحوال اللاجئين الأفارقة، وتوفير خدمات للشباب، ومكافحة الجذام، وتوفير التدريب المهني، وتنظيم فصول محو الأمية، ومكافحة الإدمان، والاهتمام بالصحة النفسية، إلخ. ويقدر إجمالي من استفادوا من خدمات الجمعية على امتداد عام 1998 بعدد 401.654 مستفيد ومستفيدة بما في ذلك دورات تدريبية للمنسقين والمنسقات 22.550 مستفيدا منهم 15.320 من الأميين و 7.230 منسق ومنسقة.

أما عن برنامج: الأمية فقد بدأ التفكير فيه في عام 1972 بمبادرة من مجموعة من المنظمات الأهلية في مصر ضمت جمعية الصعيد للتربية والتنمية، وجمعية كاريتاس مصر والهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، وأسقفية الخدمات الاجتماعية، وتم تكوين ما باللجنة المسكونية. إلا أن الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية قد انسحبت من اللجنة المسكونية في السنة الأولى لبداية المشروع نظرا لوجود برنامج متكامل لديها خاص بالتنمية ولانشغالها في أكثر من مجال. ويعد أ. صلاح سبيع، المدير الفني لقطاع الأمية في محو سمي كاريتاس مصر هو في نفس الوقت ميسر/ منشط اللجنة المسكونية. هذا وقد تحمست المجموعة المؤسسة منذ البداية لتبني منطق تحرري في التعليم مبني على أساس فلسفة باولو فريري وكان ذلك بعد أن حضروا تجربة حية لتطبيق هذه الأفكار في لبنان عام 1972. وقد بدأت الفكرة كمحاولة لتخطي المشاكل الناجمة عن صعوبة تعميم البرامج الرسمية لتعليم الكبار وعن ارتداد الكثير من الدارسين للأمية وعن الأعداد المذهلة للأميين في مصر(50). وتعتمد فلسفتهم في تعليم الكبار على أن المطلوب من برامج مكافحة الأمية، ليس خلق قوالب جامدة من التفكير يعتبرها واضعو هذه البرامج هي التحرر المطلوب، ولكن أن تدرب الأمي على أن يحرر نفسه أي أن يعي حاضره ويفكر فيه ويجد الأسلوب المناسب لتحرير هذا الواقع (…) إن مكافحة الأمية هي تحرير ذوات وليس تعليم أشياء جامدة، اكتشاف الإنسان لذاته وليس حفر كلمات في المخ (…) إنها ليست عملية تحفظ لحروف أو كليات ومقاطع من كتاب معين ولكنها بالأكثر مناقشة ناقدة لمحتويات هذا الكتاب، حتى يمكن إقامة حوار ليس فقط بين المدرب والأمي، بل أيضا بين الأمي وعالمه.. أي تتحول العلاقة إلى علاقة جدلية. ولأن أي حوار لا يقوم إلا على فكرة ولأن أي فكر ملموس لابد وأن يتناول الواقع المحيط بنا فإن مكافحة الأمية تصبح إذن عملية للتعرف على الحياة نفسها واتصالنا بالعالم والتأثير فيه “(51).

في عام 1974 تم إصدار أول نسخة من برنامج تعلم.. تحرركما تم تطوير هذا البرنامج ثلاثة مرات حتى الآن من خلال اللجنة المسكونية التي تضطلع بإعداد برنامج نابع من احتياجات الواقع المصري ومستلهم من فكر باولو فريري، ثم بعقد الدورات التدريبية اللازمة لتنفيذ البرنامج. وقد تبين منذ البداية أن تعليم اللغة العربية ليس بالأمر السهل، خاصة وأن المجموعة اكتشفت مبكرا أن معظم من يعمل في مجال محو الأمية لا يمتلك المهارات والمعلومات اللازمة مما قد يؤدي إلى تقويض البرنامج بأكمله. ومن هنا ظهرت الحاجة الملحة إلى تدريب الميسرين الذين يقومون بتنفيذ البرنامج. تقوم اللجنة المسكونية إذن بتدريب المدرسين (أو الميسرين) ومتابعتهم، إلا أنها لا تمتلك صفة التدخل في سياسات واختيارات الجمعيات الممثلة فيها، فهي بمثابة دعم فني للجمعيات ولجنة استشارية ومركز للموارد المهارية ولتطوير المناهج وهي لا تمتلك الصفة الإشرافية، ويتم تطوير المناهج بمشاركة الميسرين من خلال عقد مجموعات عمل وبلورة الأدوات الجديدة للعمل، أما عن تدريب الميسرين فإنه يتضمن ثلاثة أركان ويتم على أساس مبدأ المشاركة الجماعية خلال: participatory approach وذلك من خلال:

1 – تقديم للبرنامج ولفلسفته وللأسس التي يقوم عليها.

2 – بعد الاندراج في العمل يقوم الميسرين بتقديم ملاحظاتهم والصعوبات التي يواجهونها.

3 – قيام المدربين الأساسيين باقتسام خبراتهم مع الميسرين الجدد.

عند مناقشة المسئول حول تدريب الميسرين، اتضح أنه ليس هناك تدريب بالملاحظة، أي بحضور الميسرين لفصل على الطبيعة لأن ذلك قد يؤدي إلى بعض القلق لدى الدارسين وهذا الأمر غير مرغوب فيه، خاصة في ظل تبني رؤية باولو فريري لتعليم الكبار. إلا أن الميسرين الجدد لديهم الفرصة في بداية ممارستهم العملية من أن يكونوا مدربين مساعدين لمدة ما يقرب من شهر إلى جانب المدرب الأساسي ومن ثم يستكملون تدريبهم تحت إشراف ومتابعة ونصائح ذلك المدرب الأساسي. جدير بالذكر أن الحد الأدنى من المستوى التعليمي المطلوب لهؤلاء الميسرين هو الحصول على الشهادة الإعدادية أو ما يوازيها. كما أن العديد منهم حاصل بالفعل على دبلوم فني أو تجاري. وأغلبية هؤلاء الميسرون من الإناث.

أما بالنسبة لجمعية كاريتاس مصر، فإنه يتضح أن لديها ما يقرب من 900 فصل موزع على محافظات القاهرة، والإسكندرية، والبحيرة، والفيوم، والسويس، وبني سويف، والمنيا، وأسيوط، وسوهاج، والأقصر، وأسوان. وتقوم كاريتاس بتدريب 290 فصل من خلال دعم منظمة اليونيسيف وذلك بالتوازي مع مدارس المجتمع. وفي هذه الحالة تقوم الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار بدفع أجور الميسرين بينها تتولى منظمة اليونيسيف تمويل فتح الفصول. كذلك فإن هناك تنسيق مع وزارة الشئون الاجتماعية حيث عقدت اتفاقية في عام 1984 بين الجمعية والوزارة فحواها الاستفادة من أفراد الخدمة العامة وتدريبهم على برنامج تعلم..تحرر“. وفي هذه الحالة تقوم الوزارة بتحديد المدربين والمواقع التي يتم فيها تنفيذ البرنامج وتدبير المكان.

في عام 1994 قامت كاريتاس مصر بتقييم إنجازاتها في مجال محو الأمية وقد تبين للجمعية أن هناك قصور في الاهتمام بالذكور في هذا المجال. فزاد الوعي بتوجيه اهتمام أكبر بالرجال وبفتح فصول لهم حيث أن انطلاقة المرأة في القرية تحتاج إلى توعية موازية للرجال “(52). إلا أن الإقبال على فصول محو الأمية يحظى بأغلبية نسائية حتى الآن وذلك انشغال الرجال في العمل أو ربما لعدم ارتياحهم الدخول في نوع من التقييم لقدراتهم على التعلم حسبها تم الاتفاق عليه خلال اللقاء. وحيث أن أغلبية الجمهور الذي يتوجهون إليه من النساء فإن هذا يبرر كون أغلبية الميسرين من الإناث.

عند السؤال حول التقسيم العمري للفصول، اتضح أن من هم تحت سن 15 سنة يتم إدراجهم في فصول منفصلة وذلك بسبب الاختلافات النفسية التي تفصل ما بين الطفولة والرشد والتي قد تؤدي إلى خلق مشكلات تعليمية وتربوية. كذلك فإن مدة الدراسة عبارة عن 18 شهر متصلة تتم على مدى أربعة أيام أسبوعيا لمدة 2- 3 ساعات. وقد تم الاتفاق مع الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار على قبول هذا التدرج حيث أن برنامج الهيئة يتم تنفيذه على مدى زمني مختلف. كذلك فإن هناك حصص للتوعية الصحية يتم تنفيذها بطريقة عن البرنامج الأصلي.

في نهاية كل مرحلة دراسية يقوم المتدربين باجتياز امتحان الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار. وهو الامتحان الذي تم وضعه بدعم من هيئة المعونة الفنية الألمانية (GTZ) والجامعة العمالية وبواسطة مشروع لجنة الامتحانات. وقد تم التأكيد على أن الامتحانات التي يتم وضعها هي امتحانات حيادية قائمة على قياس مستوى التحصيل وليس على أساس مضمون النص. بخصوص سؤال حول تسرب الدارسين، قيل أن التسرب لا يمثل ظاهرة فهو لا يتخطى نسبة 10%.

إلا أن هناك مشكلة تتمثل في الخوف من خوض تجربة الامتحانات. وبالتالي، فإن عدد لا بأس به من المنتظمين طوال فترة الدراسة لا يحضر الامتحانات. وإن كان هذا يعني إحصائيا أن هناك تسرب إلا أنه لا ينفي حصول هؤلاء الأفراد على قدر من التعليم. وهذا ما يمثل مشكلة بالنسبة للجمعية، حيث تحتاج الجهات الممولة لسجلات تفيد بأعداد من قاموا باجتياز الامتحان.

عند السؤال حول متابعة الأميين في مرحلة ما بعد الأمية، كان الجواب واضحا وصريحا وهو أن الجمعية تحاول أن يكون لها برنامج متابعة ولكن ذلك صعب بسبب عدم وجود أطر مجتمعية تساعد على هذا. فلا توجد مواد مبسطة مثل جريدة يومية تصدر كملحق لجريدة الأهرام على سبيل المثال – موجهة لحديثي التخلص من الأمية. وبالطبع لا يعقل أن تفي كتب الأطفال بغرض مواصلة التعلم في مر رحلة ما بعد الأمية بالنسبة للكبار.

اختتم المسئول في جمعية كاريتاس مصر حديثه بأن هناك الآن مناخ أفضل في النظرة إلى محو الأمية على صعيد المجتمع بصفة عامة وفي الجمعية بصفة خاصة حيث يتم توظيف كافة القطاعات الأخرى لصالح قطاع محو الأمية. إلا أننا نلاحظ هنا أن عدد المستفيدين من قطاع محو الأمية لا يساوي سوى 5.6% من إجمالي المستفيدين من خدمات الجمعية لعام 1998 وهذا ما يتفق مع بيانات أخرى سبق ذكرها في متن هذا التقرير.

وأخيرا، فقد عبر المسئول عن قطاع محو الأمية في الجمعية عن عدد من التوصيات المستقبلية. من المقترحات والتوصيات أننا لن نخرج من موضوع الأمية بدون مشاركة المجتمع المدني والعاملين في مجال علم الاجتماع. كما قال أن محو الأمية ليست فقط عملية تعليمية بل هي عملية حضارية تتطلب تضافر جهات متعددة منها الإعلام ووزارة الثقافة ومجموعة من الجهات الأخرى. وأفاد بأنهم يحاولون إنشاء مكتبات لمن تخرجوا من فصول محو الأمية ولكن ذلك يحتاج إلى وجود مادة متاحة في هذه المكتبات.

الحالة الثانية: مركز قضايا المرأة المصرية(53).

مركز قضايا المرأة المصرية لميس جمعية مشهرة تحت القانون، بل هو منظمة مسجلة وفقا للقانون المدني كشركة مدنية لا تهدف إلى الربح التجاري (54)(*). هذا وقد تأسس المركز في شهر نوفمبر من عام 1995 على أساس الشعور بأن النساء يحتاجون إلى مساعدة قانونية لا يتم توفيرها لهم. ولكن سرعان ما شعر القائمون على المركز بأن توفير المساعدة القانونية أمر غير كافي في حد ذاته، فتطورت الأنشطة على مدى السنوات الماضية في مجال الدفاع الاجتماعي وأصبحت تضم اليوم إلى جانب الوحدة القانونية التي تتبنى القضايا الخاصة بالنساء وتقدم لهن الاستشارة القانونية، وحدة توعية قانونية تقوم بتوفير التدريب للنساء للتعرف على حقوقهن القانونية كما تتعرض لموضوع ختان الإناث، ووحدة الخدمات الاجتماعية التي تساعد النساء على استخراج الأوراق الرسمية والحصول على إعانات الهجر والشيخوخة والترمل، ووحدة التوثيق والأرشيف، ووحدة البحوث الاجتماعية التي لا تكتفي بإجراء الدراسات والبحوث الموجهة نحو الفعل بل تقوم بفتح ملف شامل لكل سيدة تتوجه إليهم، إضافة إلى وحدة محو الأمية. كما يجدر الإشارة إلى أن المركز لا يتوجه فقط نحو النساء بل أن 10% من الجمهور المستفيد من خدماته من الرجال. ويتم ذلك بطريقة قصدية.

تمت الزيارة في أحد مقرات مركز قضايا المرأة المصرية والذي يقع في حي بولاق الدكرور، وهو حي مكتظ بالسكان ويتميز بتكاثر الإسكان العشوائي بما يعني هذا من عدم وجود بنية تحتية متطورة. والمقر عبارة عن صالة ضيقة يتم فيها عقد دورات محو الأمية إضافة إلى حجرتان صغيرتان للإدارة.

وقد بدأ التخطيط لنشاط محو الأمية في عام 1995 وهو يتم وفقا لبرنامج الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار تعلم.. تنور“. الجمهور الأساسي لهذا النشاط يتكون من النساء وهناك فصل واحد يضم 5 رجال. فقد تم الانتباه مؤخرا إلى أهمية توجيه عناية خاصة للرجال نظرا لأنهم يؤثرون من جهة في رفع وعي نساؤهم، كما أنهم يحتاجون هم أنفسهم إلى التوعية. بالإضافة إلى ذلك يوجد حاليا فصلين من النساء. عند السؤال حول الشريحة العمرية التي يتوجه إليها هذا النشاط كانت الإجابة أن أغلبية المشاركات والمشاركين ينتمون إلى الفئة العمرية من 12-30 سنة، إلا أن هناك البعض الذين يصلون إلى 45 -50 سنة. وقد اتضح أنه يتم توزيع الدارسين على أساس المستوى التعليمي ولا يوجد تقسيم على أساس العمر مما استدعى التساؤل حول إمكانية حدوث مشاكل ناجمة عن تباين مستويات النضج. وقد أفادت المسئولة أن حدث مرة واحدة مشكلة بسبب سخرية إحدى الفتيات الصغيرات من خطأ ارتكبته سيدة أكبر سنا وأمكن تخطي المشكلة من خلال دعابة جماعية (!).

هذا وقد سبق تنفيذ نشاط محو الأمية القيام بمسح شامل للشوارع القريبة للمركز ومن خلال استبيان تم حصر الأميين ودعوتهم للمشاركة في نشاط محو الأمية. كما تم الإعلان في الجوامع عن بدء فصول محو الأمية وبعدها تم تحديد يوم لاستقبال الراغبين في المشاركة. تم تحديد مواعيد الدراسة بناء على رغبة الفئة المستهدفة التي اتفقت على أن أفضل موعد هو الساعة السادسة مساءا لمدة ساعتين قد تمتد إلى ساعتين ونصف وذلك ثلاثة مرات أسبوعيا. وقد طلبت المشاركات مؤخرا بزيادة أيام الدراسة. أما الرجال، تبدأ فصولهم الساعة التاسعة مساءا وليس لديهم حرج من أن تقوم نساء بالتدريس لهم. وتتكون أغلبية الفصول من ربات بيوت ما عدا حالة واحدة أفادت المشرفة أنها تعمل بالحياكة في المنزل. إلا أنه أثناء مقابلة الدارسات اتضح أنها تعمل بالحياكة في مستشفى العجوزة.

بدأت الفصول خلال العام الدراسي 1995-1996 وكانت عبارة عن فصلين ضمت 30 دارسة إلا أن هذا العدد انخفض في نهاية السنة إلى 23 دارسة مما يعني أن نسبة المتسرب بلغت ما يقرب من 25%، وكانت نسبة النجاح لمن أدوا الامتحان 100 %. أما في العام الدراسي الحالي (1998 -1999) فقد انضم لأول مرة خمسة رجال إضافة إلى 50 سيدة وآنسة. ولكن عدد من قيد في الامتحان بلغ عدد 25 من الإناث و ثلاثة ذكور وهذا يعني أن نسبة التسرب بين الإناث بلغت 50% كما بلغت 40 % بين المذكور أما نسبة المتسرب الإجمالية فقد وصلت إلى ما يقرب من نصف المجموعة وهذه النسبة مرتفعة وهي تستدعي البحث في أسباب الظاهرة. إلا أن المشرفة ترى أن العامل الأول للتسرب يعود إلى انشغال الدارسات بأطفالهن وقت الدراسة حيث يخشون ترك الأطفال وحدهم مع المدرسين الذين يأتون إلى المنازل للدروس الخاصة. كذلك قد تحدث حالات يمنع فيها الأزواج زوجاتهم من الحضور. وفي هذه الحالة يكونوا هم أنفسهم من الأميين ويشعرون بالغيرة تجاه تعلم زوجاتهم دونهم. كما أشارت إلى أن هناك حالة واحدة تقوم فيها الزوجة بالتدريس لزوجها في المنزل بعد العودة من الفصل كما تقوم المشرفة بإرسال الواجبات إليه في المنزل. وبالتالي يمكن اعتبار هذه الحالة نموذج من التعليم الذاتي. وأخيرا، أفادت بأنها تذهب بنفسها إلى منزل الدارسة عند تغيبها ثلاثة مرات متتالية لتشجيعها على معاودة الحضور.

يتم اختيار المدرسات من الجامعيات المنتميات إلى البيئة المحلية إضافة إلى استعدادهن للتدريس. كما تقوم المشرفة على النشاط بتوفير التدريب مباشرة للمدرسات الجدد من خلال شرح المنهج وعندما تقوم الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار بعقد دورات تدريبية، يتم أحيانا إرسال المدرسات للمشاركة في تلك الدورات واكتساب المزيد من الخبرة.

عند السؤال حول مدى إقبال الرجال على هذا النشاط كان الرد أنهم لا يقبلون عليه نظرا لانشغالهم في أعمال لا تتيح لهم الوقت الكافي للحضور إضافة إلى الإجهاد الذي يشعرون به في نهاية يوم عمل شاق.

بخصوص اختيار برنامج أتعلم.. أتنورأفادت المشرفة أنه بالرغم من علمها بوجود برنامج تعلم.. تحرروإعجابها به، إلا أنها تفضل التعامل مع الهيئة لقرب المسافة من ناحية ولعدم انتشار برنامج كاريتاس انتشارا واسعا. كما أشارت إلى أنها قد طلبت مقابلة أ. صلاح سبيع، المدير الفني لقطاع محو الأمية في كاريتاس، لكنها لم تتمكن من مقابلته نظرا لانشغاله الشديد. إلا أنها أشارت في نفس الوقت إلى بعض المشاكل التي حدثت مع الهيئة لتدخلها في تحديد أعداد الدارسين عندما تتولى تمويل الفصول والمدرسين وكذلك لقيام بعض ممثلي الهيئة التعامل بطريقة منفرة مع الدارسات عند زيارتهم للمركز. لذلك قرر مركز قضايا المرأة المصرية الاستغناء عن دعم الهيئة واكتفوا بالحصول على الكتب. إلا أن الهيئة قد أثارت مشاكل أخرى عندما ذهبوا إليها للحصول على الامتحان حيث أنها لا تقوم بالإشراف على المركز مما أدى إلى تأخر عقد الامتحان بضعة أسابيع. والجدير بالذكر أن المركز لا يتقاضى أية رسوم من الدارسين، بل يقدم لهم أحيانا بعض الحوافز المعنوية في حالة النجاح على سبيل المثال – وتكون على هيئة كراسة، مسطرة، ممحاة، قلم. كما يتم توزيع نفس الأدوات في بدلية العام للدراسي. إلى جلنب برنامج اتعلم.. أتنوريقوم من وقت لآخر مركز قضايا المرأة المصرية بتوفير جلسات توعية قانونية للدارسات.

کما تم طرح سؤال حول مدى تخوف الدارسين من أداء الامتحان، وأجابت المشرفة أنه لا توجد مشكلة حيث يقوموا بعقد امتحان بعد انتهاء كل عشرة دروس ويكون امتحان قريب من نمط امتحانات الهيئة، أي أنه نوع من التدريب المسبق على امتحان نهاية العام الدراسي، ولذلك فليس هناك حاجز نفسي أمام دخولهن الامتحان.

تم طرح موضوع المتابعة في مرحلة ما بعد الحصول على شهادة محو الأمية. بهذا الخصوص فكر مركز قضايا المرأة المصرية في تنظيم مكتبات تضم بعض القصص البسيطة بحيث تجتمع النساء مرة في الأسبوع على سبيل المثال لمناقشة وعرض ما تم قراءته. كما طلب المركز بالفعل من الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار تصريح بفتح فصول للمرحلة الإعدادية لمواصلة المسيرة مع المجموعات التي تخرجت من المركز.

أخيرا، تم لقاء الدارسات في أحد الفصول الذي تضمن بنتين في حدود 12 سنة، إضافة إلى أغلبية من الشابات وبعض النساء فيها بين 40-50 سنة. وقد أفادت أغلبية السيدات أنهن أقدمن على محو أميتهن لخجلهن من أطفالهن أو لمساعدة هؤلاء في دروسهم. كما أشارت بعضهن إلى الرغبة في قراءة القرآن وفي معرفة ما يحدث في العالم عن طريق قراءة الجرائد. وقد عبرت السيدة العاملة إلى حاجتها إلى العلم لتطوير عملها. أما الآنسات، فقد تحدثن عن أهمية العلم لتكوين مستقبل أفضل، وأفادت إحداهن أنها تخجل من جهلها لأن كل أولاد عمها متعلمين وكان سبب الحضور لأخرى هو التشبه بصديقاتها اللاتي يتعلمن. والجدير بالذكر أن إحدى البنات الصغيرات قد رفضت الحديث تماما. وقد حضر رجلين أثناء هذه الجلسة، فقال أحدهم أنه يتعلم للحصول على رخصة قيادة. أما الرجل الآخر وهو شاب في مقتبل العمر – فقد قرر أنه يريد استئناف دراسته حتى الجامعة. وقد عبرت كل النساء عن تقديرهن العالي لجلسات التوعية القانونية التي تقدم لهن معلومات ثرية في هذا المجال.

أما عن العقبات التي تعترض هذا النشاط فقد تم حصره في الأسباب التالية:

بيروقراطية الهيئة العامة لتعليم الكبار.

تزمت الهيئة.

تسرب الدارسين.

وقد قدمت المشرفة على النشاط في نهاية الجلسة بعض التوصيات منها:

التقليل من فترة الثلاثة شهور التي تفصل بين نهاية الامتحان وظهور الشهادة حيث أن طول هذه الفترة يؤدي في أحيان كثيرة إلى الارتداد للأمية.

أن يقوم بالتدريس في فصول محو الأمية أشخاص ينتمون إلى مهن مختلفة بشرط أن يتم تدريبهم تدريبا جيدا حتى يتمكنوا من نقل المعلومات اللازمة.

أن يتم وضع خطة على أسس سليمة.

الحالة الثالثة: جمعية قرية الأمل(55)

قرية الأمل هي جمعية معنية بأطفال الشوارع، تأسست في عام 1998 بمبادرة من مجموعة من رجال وسيدات الأعمال. تشير مديرة الجمعية إلى أنه لا يوجد هناك تعريف محدد عن أطفال الشوارع، إلا أنها تميز بين عمالة الأطفال وطفل الشارع الذي يقيم إقامة كاملة في الشارع ويعمل كي يعيش. إذن، هو طفل يعيش بدون أسرة طبيعية، ولذا تقوم الجمعية كإجراء أولي – بالبحث عن أسر هؤلاء الأطفال ومحاولة إقناعهم وإقناع الطفل بالعودة إلى المنزل وذلك بعد إجراء الأبحاث الأسرية التي يقوم بها أخصائيون اجتماعيون ونفسيون مدربون تدريبا علميا وفنيا على كيفية التعامل مع هذه الحالات حتى يمكن تنشئة الطفل في بيئته الطبيعية التي حرم منها“(56). كما تضيف المسئولة أنه من الصعب حصر عدد أطفال الشوارع بدقة. يعمل بالجمعية 74 موظفة وموظف، مما يعني أنها جمعية متوسطة الحجم إذا ما قارناها بجمعية كاريتاس مصر من جهة وبمركز قضايا المرأة المصرية من جهة أخرى.

وقد بدأت الجمعية نشاطها من خلال مركز واحد للإيواء، إلا أن الأحوال تطورت على مدى السنين فأصبح للجمعية ثمان مراكز موزعة على الوجه التالي: مركزين لاستقبال الأطفال من سن 4- 15 سنة أحدهما في السيدة زينب والثاني في حي شبرا. مركزين للاستقبال المؤقت تأهيلا إلى الاستقبال الدائم. أحد هذه المراكز يقع في حدائق القبة والثاني موجود في 11 -16 سنة، أما مركز المقطم فهو يقدم خدماته إلى الشريحة العمرية من 4 -11 سنة. أما مراكز الاستقبال الدائم، فهناك ثلاث مراكز في مدينة نصر ومركز في العاشر من رمضان. ويلاحظ أن لكل مركز من هذه المراكز قصته الخاصة التي تتحدث عنها مديرة الجمعية بحماس واضح. فعلى سبيل المثال لا الحصر، مركز السيدة زينب يستقبل أطفال الشوارع أثناء اليوم ثم يرجعون ليلا إلى الشارع. ورغم أن خدمات الجمعية تتوجه في أغلبها إلى الصبيان، إلا أنه في حالة مراكز الاستقبال وحينما يوجد أخوين أحدهما ذكر والآخر أنثى، لا يقوم المسئولون بالتفريق بينهما بل يتم استقبالهما معا والتعامل معهما. كان أهل الحي المحيط بهذا المركز ينفرون من وجود هؤلاء الأطفال بينهم، فقامت الجمعية بإدراجهم في بعض الأنشطة البيئية المفيدة للحي مثل تشجير الشوارع ودهان جدران المنازل، مما جعل أهل الحي يقبلون هؤلاء الأطفال بطريقة أفضل.

في مراكز الاستقبال يتعلم الأطفال مبادئ النظافة الجسدية كما يتم فيها بعض الأنشطة الترفيهية إضافة إلى محاولة تعليمهم بعض الأشياء المفيدة. في إطار ذلك، تم تنفيذ برنامج من طفل إلى طفلفي مراكز الاستقبال، أي ما تطلق عليه الجمعية مراكز الرعاية الترددية. “ويهدف هذا البرنامج إلى نقل المعلومات والسلوكيات الصحية السليمة للأطفال المقيمين في الشارع بواسطة زملائهم من الأطفال المترددين على مراكز الاستقبال“(57). وقد تم التعرف على المشاكل التي يعاني منها هؤلاء الأطفال ووضع أولويات لهذه المشاكل بواسطة الأطفال أنفسهم. أي تم استخدام مبدأ الشراكة في التعامل، وهو المبدأ الذي من شأنه تعزيز القدرات والإحساس بالكيان، ودعم الكرامة الآدمية. اكتشف المسئولين بالجمعية أن من أهم المخاطر الصحية التي تواجه أطفال الشوارع هي ظاهرة شم الكلةوهي وسيلة للهروب من الواقع القاسي با يتضمنه من حرمان، ومن معاملة سيئة، ومن اعتداءات جنسية، الخ.. كانت الخطوة التالية عبارة عن اختيار عينة من الأطفال المترددين بانتظام على المركز وتوعيتهم بمخاطر هذه العادة، وذلك باستخدام الأساليب العلمية والفنية البسيطة. ومن ثم تم تدريب هؤلاء الأطفال على كيفية نقل هذه المعلومات إلى زملائهم في المجتمع الخارجي. وتشير مطوية الجمعية إلى إقلاع العينة التي تم اختيارها عن هذه العادة، كما تضيف إلى زيادة عدد الأطفال المترددين على المركز وإلى رغبة الكثير منهم في العودة إلى أسرهم. وقد أفادت مديرة الجمعية أن هناك ما بين 40 -70 طفل يترددون يوميا على مراكز الاستقبال.

تقوم مراكز الرعاية والإقامة المؤقتة بدور تأهيلي لاستيعاب الأطفال مستقبلا في المراكز الدائمة. وهي تعتبر مرحلة انتقالية ما بين الحياة في الشارع بما يتضمنه ذلك من حرية مطلقة للطفل وما بين الحياة المنضبطة التي توفرها المراكز الدائمة. يتم إرسال هؤلاء الأطفال إلى المدارس المحيطة بالمركز كما يتم توفير فصول محو أمية لمن فاتتهم فرصة المدرسة النظامية. كما يتم تدريب هؤلاء الأطفال على مجموعة من الحرف من خلال إلحاقهم ببرامج تدريبية في بعض الورش والمتاجر المحيطة بالجمعية. ويهدف ذلك إلى ربط الطفل بالمجتمع المحيط وإلى قبول المجتمع المحيط لهذا الطفل. كذلك يتم تدريبهم في مقر الجمعية على بعض المهارات اليدوية مثل صناعة السجاد وأعمال الصدف. من التجارب الهامة التي نتوقف عندها في مراكز الرعاية المؤقتة، تجربة مركز المقطم الذي يعمل أساسا مع أطفال الأسر التي تم توطينها في هذه المنطقة بعد زلزال 1992. وقد وجد أن عدد كبير من هؤلاء الأطفال يتسربون من المدارس نتيجة عدم الاستقرار داخل منزل الأسرة، وعدم الوعي بأهمية التعليم، والظروف المعيشية الصعبة، واختلال التوازن النفسي، والبطالة المستشرية بين الأهل، الخ.. وهؤلاء الأطفال يختلفون إلى حد ما عن أطفال الشوارع، ذلك أنهم يقضون الليل في منزل الأسرة. إلا أنه لوحظ تسربهم من الفصول المتوفرة في الجمعية. على أساس إدراكها بهذه الأوضاع وبأهمية إشراك الأهل في توفير فرص التعليم لأطفالهم، قررت الجمعية في عام 1996 الخوض في تجربة جديدة بالنسبة لها وهي عبارة عن فتح فصول محو أمية للأطفال مع فتح فصول محو أمية بالتوازي للأمهات. في فصول تعليم السيدات التي تستغرق ساعتين يوميا يتم التدريب على الإسعافات الأولية، كما أن هناك توعية صحية وتعليم بعض المهارات اليدوية مثل التريكو والتفصيل والطهي إضافة إلى كيفية استخراج بعض الأوراق مثل البطاقة الشخصية. وقد تم حتى الآن محو أمية 180 طفل تماما كما تم محو أمية 30 أم. والجدير بالذكر أن تسرب الأطفال من هذا التعليم قد انتهى بعد التحاق السيدات بالفصول.

في المقرات الدائمة للجمعية يذهب كل الأطفال إلى المدرسة، كما أن بعضهم قد التحق بالجامعة وشارف على الانتهاء منها. وتحدثنا مديرة الجمعية عن مشروع الصوبة الزراعية في العاشر من رمضان وهو أول مشروع تدريبي إنتاجي للجمعية، حيث تم تدريب 40 شاب ممن لم يستكملوا تعليمهم. من أجل ذلك تم إحضار خبير أمريكي بواسطة ودعم هيئة المعونة الأمريكية قام بتدريب هؤلاء الشبان على أسلوب مبتكر في الزراعة يتم في مواسير وهو ما يسمى بنظام الهيدروبونيك الذي يعتمد على الزراعة في الماء بعيدا عن الأرض الطينية وبدون استخدام أي مواد عضوية. وبذلك فإن هذا النوع من التدريب يعتمد على وسائل تكنولوجية حديثة ويبتعد عن الطرق التقليدية التي تقوم على تعلم مهارات متكررة وغير مفيدة فعليا لمن يتعلمها بحيث أنها لا تلبي احتياجات السوق.

تتعامل الجمعية مع الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار والعلاقة بين الجمعية والهيئة علاقة جيدة، كما تقوم الهيئة بتوفير الكتب والمواد المدرسية اللازمة لفصول محو الأمية. إلا أن الجمعية قد تبنت في مجال محو الأمية طريقة تتم في عدد من البلدان تحت رعاية الروتاري الدولي أطلق عليها التناول المكثف لاستخدامات وفنية اللغة” Concentrated Language Encounters Techniques وهي. عبارة عن سرد قصة مصورة، ثم يقوم الأطفال بتمثيل القصة، أو ما فهموه منها، ثم يحكي كل طفل القصة حسب إدراكه الخاص لها، ثم تبدأ المعلمة بكتابة القصة كما يمليها عليها الأطفال. والخطوة الأخيرة هي القراءة. وقد لوحظ أن الأطفال محيت أميتهم تماما في ظرف 6 شهور. وتقوم الجمعية حاليا بتدريب المدربين الذين يقومون بالتعليم بهذه الطريقة.

أما فيما تعلق بالصعوبات التي تعترض الجمعية، فقد تمت الإشارة إلى صعوبة إقناع الناس بأهمية التعليم وضرورة أن يكون هناك حافزا للتعلم غالبا ما يكون ماديا. هذا وقد تم التغلب على هذه الصعوبة بتقديم بعض الحوافز مثل الوجبات الغذائية وبعض الهدايا العينية الرمزية. كذلك هناك ضغط من بعض الأزواج لمنع زوجاتهم من الالتحاق بفصول محو الأمية. وقد تم افتتاح بعض الفصول المسائية للرجال وهناك إقبال متوسط على هذه الفصول.

وأخيرًا يلاحظ أن نشاط هذه الجمعية يتركز في القاهرة ولم نسمع عن وجود نشاط مماثل في المحافظات الأخرى. كما يمكن ملاحظة أهمية اندراج بعض رجال وسيدات الأعمال في أنشطة من هذه النوعية.

الحالة الرابعة: جمعية التحرير الخدمة الاجتماعية(58)

تقع الجمعية في حي مصر الجديدة، وقد تم اختيارها على أساس أنها تهتم بالمسنين وبهدف اكتشاف مدى الاهتمام بتوفير التعليم على مدى حياة الإنسان، المقر الرئيسي للجمعية عبارة عن مبان جديدة نظيفة لها حوش جميل يجلس فيه عدد قليل من المسنين. وقد لوحظ بالعين المجردة أن هؤلاء ينتمون إلى فئات اجتماعية متوسطة. كمدخل للحديث، أشارت الباحثة إلى الاتجاهات العالمية الحديثة التي تولي اهتماما بتعليم الناس من كل الأعمار وأينما وجدوا. ولكن لم يكن واضحا أن هذا المدخل يلقي فهما من الطرف الآخر، كما أن كل المكالمات الهاتفية التي قاطعت الحديث انصبت على السؤال حول إمكانية إيجاد مكان لنزيل إضافي في الدار والرد بأنه يمكن توفير هذا المكان مع دفع المصروفات المقررة التي لم يذكر مقدارها، مما قد يشير إلى أنها مصروفات رمزية أو على العكس إلى أنها ترتفع نسبيا.

وقد أفاد الرئيس بأن الجمعية تقدم ثلاث مستويات من الخدمة:

دار الصفا التي تضم 75 مسن ومسنة من القادرين على العناية بأنفسهم.

دار المروة التي تضم 12 مسن ومسنة من غير القادرين على خدمة أنفسهم.

نادي الصفا لرعاية المسنين التي تخدم 204 مسن ومسنة ممن يسكنون في بيوتهم ويترددون على الدار للمشاركة في الأنشطة التي تنظمها.

مما تقدم، تبين أن نادي الصفا هو أقرب الأنشطة استهدافا لهذا البحث. ويتم اجتماع أسبوعي في نادي الصفا يجتمع فيه المشاركون وتنظم لهم أنشطة متنوعة، منها دورات الشطرنج والطاولة والبنج بونج. كما تنظم رحلات إلى مدن أخرى مثل الإسكندرية وبورسعيد أو حتى داخل القاهرة، وتقام أعياد الميلاد بطريقة منتظمة. أما حول علاقة نشاط هذا النادي بتعليم الكبار، فقد اتضح أن ما يقدم في هذا المجال عبارة عن محاضرات دينية يشارك فيها متطوعون من خارج الجمعية خاصة خلال شهر رمضان حيث تعقد ندوة أسبوعية.

كما أضاف رئيس الجمعية وجود جهاز تليفزيون وفيديو في كل جناح للترفيه عن المسنين وكذلك وجود جامع ملحق لإقامة الصلاة.

والجدير بالذكر أن الجمعية تقوم بتوفير دروس محو أمية لعدد 22 سيدة من السيدات المقيمات بالحي المحيط وعند السؤال عن انتماءاتهن العمرية اتضح إنهن سيدات ما بين 30 -40 سنة، أي أن مثل هذه الخدمات لا توجه إلى المسنين، بل إلى شريحة عمرية أدنى قد يرى في الاستثمار في تعليمها أهمية أكبر.

نولة درويش: عضوة مؤسسة بمؤسسة المرأة الجديدة.

(*) تم تطوير هذا البحث في إطار هذا العدد لمجلة طيبة عن نسخة أولية كتبت عام 1999 حول مشروع مصر 2020 من منتدي العالم الثالث سند 1999.

(1) دارم البصام، العمل الأهلي العربي المشترك، ورقة مناقشة مقدمة للمؤتمر الثاني للمنظمات الأهلية العربية، القاهرة و 17-19 مايو 1997.

(2) أماني قنديل، القطاع الثالث في العالم العربي، مواطنون: دعم المجتمع المدني في العالم، سيفيكس التحالف العالمي لمشاركة المواطنين، دار المستقبل العري، القاهرة، 1994 ص.149.

(3) أماني قنديل، المجتمع المدني في العالم العربيدراسة للجمعيات الأهلية العربية، سيفيكس.. محددات الواقع منظمة التحالف العالمي لمشاركة المواطنين، دار المستقبل العربي، القاهرة، 1994، ص. 24.

(4) شهيدة الباز، المنظمات الأهلية العربية على مشارف القرن الحادي والعشرين.. محددات الواقع وآفاق المستقبل، لجنة المتابعة لمؤتمر التنظيمات الأهلية العربية، القاهرة، 1997، ص.40.

(5) Moheb Zaki, Civil Society & Democratization in Egypt, 1981-1994, Konrad-Adenauer Stiftung and the Ibn Khladoun Center, Cairo, 1997, p. 4.

(6) دارم البصام، مرجع سابق

(7) شهيدة الباز، مرجع سابق، ص.47.

(8) أماني قنديل، المجتمع المدني في العالم العربي، مرجع سابق، ص ص 36-38.

(9) Moheb Zaki, op cit. p. v.

(10) أماني قنديل، المجتمع المدني في العالم العربي، مرجع سابق، ص. 154.

(11) أماني قنديل، القطاع الثالث في العالم العربي، مرجع سابق، ص.158.

(12) Leila Ahmed, Women and Gender in Islam: The Roots of a Historical Debate. Yale University Press, 1993, pp. 135-139.

(13) Les Grandes Figures Feminines d’Egypte: SA la Princesse Fatma Ismail, L’Egyptienne, Mars 1925.

(14) سعد الدين إبراهيم، المرأة في الحياة العامة المصرية، تحرير عبد المجيد صفوت ونجاح إبراهيم، مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، القاهرة، د.ت.، ص. 25.

(15) مركز دراسات المرأة الجديدة، الحركة النسائية العربية.. أبحاث ومداخلات من أربع بلدان عربية، دار المستقبل العربي، القاهرة، 1995.
(16) أماني قنديل، العمل الأهلي والتغير الاجتماعي.. منظات المرأة والدفاع والرأي والتنمية في مصر، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، القاهرة، 1998، ص. ص 42- 46.

(17) مركز دراسات المرأة الجديدة، بحث المرأة في المنظمات الأهلية.. حالة مصر، دراسة لم تنشر بعد تمت بالتعاون بين مركز دراسات المرأة الجديدة والشبكة العربية للمنظمات الأهلية في إطار بحث مقارن بين 6 أقطار عربية، القاهرة، 1998.

(18) Eric Toussaint, La Bourse ou la Vie, Comite pour l’Annulation de la Dette du Tiers Monde, Brussels, 1998.

(19) نادية رمسيس فرح، التنمية البشرية والمجتمع المدني في العالم العربي، ورقة بحث مقدمة إلى المؤتمر الثاني للمنظمات الأهلية العربية، القاهرة، 17-19 مايو 1997.

(20) UNESCO, Adult Education in a Polarizing World – Education for All Status and Trends/1997, France, 1997.

(21) نادر فرجاني، التنمية البشرية في مصر.. رؤية بديلة، المشكاة، القاهرة، مايو 1994، ص.12.

(22) UNDP, HDR 1998-Gender-related Development Index, 7/12/99.https://www.undp.org/hdro/98gdi.htm

(23) جريدة الوفد، 12 يوليو 1999، ص. 1.

(24) Arab Republic of Egypt, The National Council for Childhood and Motherhood, Women in Egypt. A Summary of Egypt’s Report Presented at the Fourth International Conference on Women, 1995.

(25) Nadia Ramsis Farah, Mainstreaming Gender in Egypt’s Fourth Five Year Plan (1996/97 -2001/02), paper presented to UNICEF-Cairo, 1996, p. 15.

(26) UNESCO, op cit, p. 41.

(27) ناهد رمزي، ظاهرة عمالة الأطفال في الدول العربية..نحو استراتيجية عربية لمواجهة الظاهرة المجلس العربي للطفولة والتنمية، القاهرة، 1998، ص ص 30-31.

(28) UNESCO, op cit, p.17-19.

(29) باولو فريري، الفعل الثقافي في سبيل الحرية، ترجمة إبراهيم الكرداوي، مركز الدراسات والمعلومات القانونية لحقوق الإنسان، القاهرة، 1995.

(30) دارم البصام، مرجع سابق.

(31) أماني قنديل، العمل الأهلي والتغير الاجتماعي..، مرجع سابق، ص. ص 128- 131.

(32) تصريح لوزيرة الشئون الاجتماعية، جريدة الأهرام، 22/ 12/ 1997.

(33) اللجنة القومية للمنظمات غير الحكومية، وثيقة الجمعيات الأهلية المصرية إلى المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، القاهرة، 5-13 سبتمبر 1995.

(34) أماني قنديل، القطاع الثالث في العالم العربي، مرجع سابق، ص.178.

(35) المصدر السابق.

(36) ليلى اسكندر كامل، التعليم غير الرسمي للفتيات والنساء.. مركز إعادة تدوير القماش بالمقطم/ “هاجر كتاب المرأة، العدد 5/ 6، دار نصوص للنشر، القاهرة، 1998، ص، ص 68 -70.

(37) أين صديق محمود، مشروع الحقوق المدنية لتوعية وتعليم المرأة، المظلة، عدد رقم 13، يونيو 1998.

(38) عماد ثروت وعاد صيام، التعليم حـق للجميع.. تجربة جمعية الصعيد للتربية والتنمية تعليم الحق، حـق التعليم، مركز الدراسات والمعلومـات القانونية لحقوق الإنسان، القاهرة، 1997، ص. 108.

(39) من هذه المنظمات، مركـز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، المنظمـة المصرية لحقوق الإنـسان مركز دراسات المرأة الجديدة، مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف، ومنظمات أخرى.

(40) مثل مركز الجيل للدراسات الشبابية وقرية الأمل لأطفال الشوارع.

(41) السينمائيات المصريات، برنامج تنمية المجتمع، مشروع إكساب الشباب مهارات لدعم سوق العمل في مجال التوثيق التنموي، د.ت.

(42) السينمائيات المصريات، بيان بأنشطة مشروع التوثيق التنمية بجمعية السينمائيات المصريات، د.ت.

(43) هدى الصدة، النماذج النمطية للمرأة في الإعلام وأثرها على وعي النساء، هاجر كتاب المرأة، العدد 6/5، دار نصوص للنشر، القاهرة، 1998، ص، 53.

(44) Rajesh Tandon, Knowledge, Participation and Empowerment, “Adult Education and Development”, No. 50, Bonn, 1998, P. 86.

(45) عابد الجابري، أي دور للمنظمات الأهلية في زمن الخصخصة والعولمة، ورقة مناقشة مقدمة للمؤتمر الثاني للمنظمات الأهلية العربية، القاهرة، 17 -19 مايو 1997.

(46) السيد يسين، تحرير المواطن في زمن العولمة، جريدة الأهرام، 8 إبريل 1999، ص. 29.

(47) لقاء مع أستاذ صلاح سبيع، المدير الفني لقطاع مكافحة الأمية بالجمعية، يوم الجمعة الموافق 9/ 7/ 1999.

(48) كاريتاس مصر، التقرير السنوي 1998، ص. 7.

(49) المصدر السابق، ص. 53.

(50) اللجنة المسكونية لمكافحة الأمية، تعلم.. تحرر، كتاب المنسق، د.ت.

(51) المصدر السابق.

(52) لقاء مع أ. صلاح سبيع، مصدر سابق.

(53) لقاء مع أ. ماجدة سليان هاشم، المسئولة عن برنامج محو الأمية بالمركز، يوم الخميس الموافق. 15/ 7/ 1999.

(54) وقد تكاثر هذا النوع من المنظمات خلال السنوات الأخيرة – وبالأخص منذ بدايات عقد التسعينيات – كمحاولة للخروج من تحت العبء البيروقراطي الذي تفرضه وزارة الشئون الاجتماعية على الجمعيات الأهلية في مصر. وصل عدد هذه المراكز إلى ما يقرب من مائة مركز وقد تم الاعتراف بها دوليا باعتبارها منظمات غير حكومية (NGOs)، أما على المستوى المحلي فقد دار جدل طويل حول تلك المنظمات، وفي خلال عملية التشاور التي دارت بين وزارة الشئون الاجتماعية والمنظمات الأهلية المصرية على مدار ما يقرب من سنة حول إصدار قانون جديد لتنظيم العمل الأهلي في مصر، لعبت الشركات المدنية دور مميز لما لها من ارتباط بقضايا تفعيل دور المجتمع المدني، وقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان. (*) تم إشهار هذه المؤسسة عام 2003.

(55) لقاء مع أ. عبلة إسماعليل البدري، المدير العام للجمعية، بتاريخ 25/ 9/ 1999.

(56) جمعية قرية الأمل، مطوية مصورة، د.ت.

(57) المرجع السابق.

(58) لقاء مع د. مصطفى عيسي، رئيس مجلس إدارة الجمعية، بتاريخ 2/ 10/ 1999.

1. المراجع العربية

أماني قنديل، العمل الأهلي والتغير الاجتماعي.. منظمات المرأة والدفاع والرأي والتنمية في مصر، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، القاهرة، 1998.

أماني قنديل، القطاع الثالث في العالم العربي، مواطنون: دعم المجتمع المدني في العالم، سيفيكس التحالف العالمي لمشاركة المواطنين، دار المستقبل العربي، القاهرة، 1994.

أماني قنديل، المجتمع المدني في العالم العربيدراسة للجمعيات الأهلية العربية، سيفيكس منظمة التحالف العالمي لمشاركة المواطنين، دار المستقبل العربي، القاهرة، 1994.

أماني قنديل، تنمية الموارد البشرية والقدرات التنظيمية للمنظمات الأهلية العربية.. دراسة لواقع ومستقبل تدريب الجمعيات في العالم العربي، لجنة متابعة مؤتمر المنظمات الأهلية، العربية، القاهرة، 1997.

أيمن صديق محمود، مشروع الحقوق المدنية لتوعية وتعليم المرأة، المظلة، عدد رقم 13، يونيو 1998.

السيد يسين، تحرير المواطن في زمن العولمة، جريدة الأهرام، 8 إبريل 1999. – السينمائيات المصريات، برنامج تنمية المجتمع، مشروع إكساب الشباب مهارات لدعم سوق العمل في مجال التوثيق التنموي، د.ت.

السينمائيات المصريات، بيان بأنشطة مشروع التوثيق التنمية بجمعية السينمائيات المصريات، د.ت.

اللجنة القومية للمنظمات غير الحكومية، وثيقة الجمعيات الأهلية المصرية إلى المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، القاهرة، 5- 13 سبتمبر 1995.

اللجنة المسكونية لمكافحة الأمية، تعلم..تحرر، كتاب المنسق، د.ت.

باولو فرير، الفعل الثقافي في سبيل الحرية، ترجمة إبراهيم الكرداوي، مركز الدراسات والمعلومات القانونية لحقوق الإنسان، القاهرة، 1995.

تصريح لوزيرة الشئون الاجتماعية، جريدة الأهرام، 22/12/1997

جريدة الوفد، 12 يوليو 1999.

جمعية قرية الأمل، مطوية مصورة، د.ت.

دارم البصام، العمل الأهلي العربي المشترك، ورقة مناقشة مقدمة للمؤتمر الثاني للمنظمات الأهلية العربية، القاهرة، 17-19 مايو 1997.

سعد الدين إبراهيم، المرأة في الحياة العامة المصرية، تحرير عبد المجيد صفوت ونجاح إبراهيم، مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، القاهرة، د.ت.

شهيدة الباز، المنظمات الأهلية العربية على مشارف القرن الحادي والعشرين.. محددات الواقع وآفاق المستقبل، لجنة المتابعة لمؤتمر التنظيمات الأهلية العربية، القاهرة، 1997.

عابد الجابري، أي دور للمنظمات الأهلية في زمن الخصخصة والعولمة، ورقة مناقشة مقدمة للمؤتمر الثاني للمنظمات الأهلية العربية، القاهرة، 17- 19 مايو 1997.

علاء شكر الله وهاني سراج، خطة العمل للمرحلة الثانية من المشروع (1999-2001)، مشروع الدعم الفني والمؤسسي للمنظمات غير الحكومية لتنفيذ وثيقة بكين، منظمة الأمم المتحدة للأطفال (اليونيسيف)، أغسطس 1999.

عماد ثروت وعاد صيام، التعليم حق للجميع.. تجربة جمعية الصعيد للتربية والتنمية، تعليم الحق.. حق التعليم، مركز الدراسات والمعلومات القانونية لحقوق الإنسان، القاهرة، 1997.

كاريتاس مصر، التقرير السنوي 1998.

لقاء مع أ. صلاح سبيع، المدير الفني لقطاع مكافحة الأمية بالجمعية، يوم الجمعة الموافق9/ 7/ 1999.

لقاء مع أ. ماجدة سليمان هاشم، المسئولة عن برنامج محو الأمية بالمركز، يوم الخميس الموافق 15/ 7/ 1999.

لقاء مع أ. عبلة إسماعليل البدري، المدير العام للجمعية، بتاريخ 25/ 9/ 1999.

لقاء مع د. مصطفى عيسى، رئيس مجلس إدارة الجمعية، بتاريخ 2/ 10/ 1999.

ليلى اسكندر كامل، التعليم غير الرسمي للفتيات والنساء.. مركز إعادة تدوير القماش بالمقطم/ “هاجر كتاب المرأة، العدد 6 ظ 5، دار نصوص للنشر، القاهرة، 1998.

مركز دراسات المرأة الجديدة، الحركة النسائية العربية.. أبحاث ومداخلات من أربع بلدان عربية، دار المستقبل العربي، القاهرة، 1995.

مركز دراسات المرأة الجديدة، بحث المرأة في المنظمات الأهلية.. حالة مصر، دراسة لم تنشر بعد تمت بالتعاون بين مركز دراسات المرأة الجديدة والشبكة العربية للمنظمات الأهلية في إطار بحث مقارن بين 6 أقطار عربية، القاهرة، دار المستقبل العربي، القاهرة،1999.

من التقرير السنوي للشبكة العربية للمنظمات الأهلية لعام 1998.

نادر فرجاني، التنمية البشرية في مصر.. رؤية بديلة، المشكاة، القاهرة، مايو 1994.

نادية رمسيس فرح، التنمية البشرية والمجتمع المدني في العالم العربي، ورقة بحث مقدمة إلى المؤتمر الثاني للمنظمات الأهلية العربية، القاهرة، 17 -19 مايو 1997.

ناهد رمزي، ظاهرة عمالة الأطفال في الدول العربية. نحو استراتيجية عربية لمواجهة الظاهرة، المجلس العربي للطفولة والتنمية، القاهرة، 1998.

هدى الصدة، النماذج النمطية للمرأة في الإعلام وأثرها على وعي النساء، هاجر كتاب المرأة، العدد 5/ 6، دار نصوص للنشر، القاهرة، 1998.

2. المراجع الأجنبية

Arab Republic of Egypt The National Council for Childhood and Motherhood. Women in Egypt, A Summary of Egypt’s Report Presented at the Fourth International Conference on Women. 1995.

Eric Toussaint, La Bourse ou la Vie, Comite Pour l’ Annulation de la Dette du Tiers Monde, Burssels, 1998.

Leila Ahmed, Women and Gender in Islam: The Roots of a Historiacal Debate. Yale University Press, 1993.

Les Grandes Figures Feminies d’Egypte; SA la Princesse Fatma Ismail, L’Egyptienne, Mars 1925

Mohab Zaki, Civil Society & Democratization in Egypt, 1981 -1994,

Konrad -Adenauer – Stiftung and the Ibn Khaldoun Center, Cairo, 1997.

Nadia Ramsis Farah, Mainstreaming Gender in Egypt’s Fourth Five Year Plan (1996/97 – 2001/02), Paper Presented to UNICEF-Cairo, 1996.

Rajesh Tandon, Knowledge, Participation and Empowement, “Adult Education and Development” , No. 50, Bonn, 1998.

UNDP, HDR 1998 – Gender-related Development Index,

https://www.undp/org/hdro/98gdi/htm, 7/12/99.

UNESCO, Adult Education in a Polarizing world – Education for All Status and Trands/1997, france, 1997.

Arab Fund, “Human Capital and arab Labor Markets in a Changing World, “ Labor Market and Unemployment in Arab Countries, pp. 57-132, 2003.

Arab Monetary Fund, “Economic Growth and Unemployment in Arab countries, pp. 113-178, 2002.

Arab women Training and Research Centre, Arab Women: Labor conditions and Outlook: Anatycal Book, 1998.

Economic and Social Commission for West Asia (ESCWA): Strategy for improving the status of Arab Women in West Asia until 2000.

Economic and Social Commission for West Asia (ESCWA): Social Statistics and Indicators Group, No. 5, New York, 2002.

Al Hammoud, Modi, “the Female Manager and Work Pressure, “Women and Decision-Making Forum: The Road to Equality, Cultural Sokal Female Association, 6-9 May, 1996.

Al Kandary, Mariam, “Social Upbringing and its Effects on Women’s Parricipationin Development” , conference on the Role of Women in Cultural, Social and economic Development, Kuwait, Cultural and Social emale Association, 1996.

Al Nakeeb, Khaldoun, “Women and social Status Change Potential, Women and Decision-Making forum: The Road to Euuity, Cultural and Social Female Association, 6-9 May 1996.

Al Nagar, Bakker, “social and Economic Determinants of the Status of Women in the Arab Gulf: Preliminary Reading: Women and Labor, Women’s Third Regional Conference in the gulf and the Arabian Peninsula, 1984.

Al Saadoun, Gasem, “Planning the Needs of Female qualification in Development Programs,” Conference on the Role of Women in Cultural, Social and Economic Development, Kuwait, cultural and Social Female Association, 1996.

Lotfi, soheir, “critical Eeading on the Role of women between Development Mechanisms and Culture,” Conference on the Role of Women in Cultural, social and Economic Development, Kuwait, Cultural and Social Female Association, 1996.

Al Remeihy, Mohamed, social and Economic Obstacles in Gulf Communitites.

Selim, Mariam, Arab Women Between the Present Reality and Emancipation Prospects, Gulf Studies Centre, 1999.

UNDP .Human Development Report 1999, New York: Ocford University Press, 1999

UNDP .Human Development Report 1995, New York: Ocford University Press, 1995

UNDP .Human Development Report 2000, New York: Ocford University Press, 2000

UNDP .Human Development Report 2003, New york: Ocford University Press, 2003

United Nation, The World’s Women: Trends and Statistics, New York, 2002

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي