دور الوساطة القانونية في تسوية منازعات الأسرة وتحسين سبل وصول النساء للعدالة

اعداد بواسطة:

دور الوساطة القانونية في تسوية منازعات الأسرة وتحسين سبل وصول النساء للعدالة

هاني الجبالي

المحامى وإستشارى التدريب والبحوث

تقديم:

،، تعد فكرة الوساطة القانونية واحدة من أهم الأفكار والقضايا المهملة في واقع المنازعات القضائية المصرية، لاسيما عدم إهتمام الدولة والمشرع بالدور الذى لاتزال – تلعبه الوساطة العرفية حتى الآن في معالجة منازعات وجرائم حساسة مثل: ( الثأر والشرف والدم ) فى بعض مناطق صعيد مصر، فضلاً عن دورها العرفي الناجز والمُلزم فى حل بعض منازعات الأحوال الشخصية وقضايا الأسرة في بعض قرى ونجوع ريف مصر!

فالوساطة القانونية فى مجال قضايا ومنازعات الأسرة علم وممارسة لاتهدف وحسب – إلى تدخل شخص محايد محل ثقة وتقدير بالنسبة إلى أطراف النزاع بهدف الوصول إلى حل قانونى بعيدًا عن المحاكم، بل تلعب تلك العملية البناءة في إطارها القانوني المنتظم – دورًا شديد الأهمية في إشاعة أجواء ومجالات من التفاهم والمشاركة والتسامح وتفهم وجهات النظر المتباينة والمتناقضة لطرفي النزاع، مما يسهم بالضرورة في تحسين سبل وصول النساء والأطفال إلى مسارات العدالة بإعتبارهم الأطراف الأضعف في أغلب تلك المنازعات، مع تفهم وتقدير ظروف وقدرات الرجال المادية والنفسية، مما يفضي حتمًا إلى نشر ثقافة الحوار وبث ثقافة تقبل الآخر وتبلور ملامح السلام الإجتماعى الذى بات مهددًا فى الأوانة الأخيرة بفعل تفاقم ممارسات العنف المجتمعي والتباطؤ الملحوظ في مسارات العدالة القضائية في أروقة محاكم الأسرة!

وقد ساهم عدم الفهم الأكاديمي والعملى لمفهوم ودور الوساطة القانونية فى قضايا الأحوال الشخصية إلى عزوف أطراف النزاع الأسرى عن اللجوء إليها بإعتبارها – من وجهة نظرهم – أداة تمنعهم من اللجوء إلى المحاكم، أو أداة تحول دون التمكين من الحق قضائيًا، أو لسبب عدم نفاذها وإنعدام القوة الإلزامية لها، أو لعدم إعتراف الدوائر القضائية بنتيجتها وجهودها أو ماشابه من مفاهيم ملتبسة ومغلوطة لحقيقة ودور الوساطة القانونية في معناها الفقهى والواقعي!!

أن نسلط الضوء على عملية الوساطة وأهميتها المسكوت عنها – إن جاز لنا التعبير – وأن نستعرض أثرها النافذ والإيجابي في تمكين وتحسين سبل الوصول إلى العدالة لكافة أفراد الأسرة دون تحيز أو غبن أو جور مادى ومعنوي، في محاولة لتقديم مشروع قانون مقترح – يُطرح بداية للحوار المجتمعى بهدف تفعيل دور الوساطة القانونية في هذا السياق لما لها من دور بارز وحيوى فى كل ماسلف.

لذا رأينا أن تتلخص محاور هذا الكتيب فى عناصر علمية متراتبة في مباحث مكثفة

المبحث الأول –

التعريف بمفهوم الوساطة القانونية في منازعات الأحوال الشخصية

للوساطة في مفهومها البسيط أسانيد ودلائل شرعية عديدة تجلت في القرآن الكريم في أكثر من موضع تحدث عن دور الإصلاح بين الخصوم وأثره، فقال الله تعالى في سورة النساء:

بسم الله الرحمن الرحيم : ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها إن يريدا إصلاح يوفق الله بينهما إن الله كان عليمًا خبيرا ) (الآية 35 )

وقال تعالى: ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس، ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا ) ( الآية 114) صدق الله العظيم

ويروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنه قال:

( أحيلوا الخصوم الى الإصلاح فان القضاء يورث البغضاء )

ويعتبر الصلح أو التحكيم من أقدم الأساليب القضائية البديلة لحل المنازعات فقد عملت بها قبائل العرب قبل مجيء الإسلام، فقد إحتكم رجال قريش إلى النبي محمد (ص) حول أحقية التشرف بوضع الحجر الأسود في مكانه، وقد ارتضت كافة الأطراف بالحل الذي اقترحه النبي (ص ) وإطمأنت نفوسهم بنتائج تلك التسوية التاريخية والصلح الذي أحله النبى الشريف بينهم بحكمته وفطنته وثقة الأطراف فى رجاحة عقل المحكم الذى إختاروه للفصل بينهم.

وعن تعريف عملية الإصلاح أو ( الصلح ) التى وردت فى مواضع مُشرفة فى القرآن الكريم والأحاديث والأثر، فقد راح فقهاء المذاهب الأربعة بتعريف الصلح كما يلى:

1 – الصلح في الفقه الحنفى: هو عقد يرتفع به التشاجر والتنازع بين الخصوم وهما منشأ الفساد والفتن .

2 – الصلح في الفقه المالكي: هو انتقال حق أو دعوى لرفع نزاع أو خوف وقوعه.

3- الصلح في الفقه الشافعي: هو الذي تنقطع به خصومة المتخاصمين .

4 – الصلح في الفقه الحنبلي: هو معاقدة يتوصل بها إلى موافقة بين مختلفين.

فمن منطلق أن القضاء في أغلب الأحيان يورث البغضاء والكراهية واللدد والعنت بين أفراد الأسرة الواحدة في منازعات الأحوال الشخصية، بحيث يعد عادةً مجرد لجوء أحد الأطراف إلى المحاكم للمطالبة بحقوقه جريمة أو ذنبًا لا يغتفر، حتى بعد إقرار وإحلال المحكمة للصلح بينهما، وغالبًا ما يترك هذا التقاضي جرحًا مجتمعيًا غائرًا في روح الزوج لا يندمل إلا بدرجة رفيعة وراقية من تفهم وثقافة وتسامح كلاً من الأطراف المتنازعة !

وقد تطلب الواقع الإنساني والقضائى أن يبحث عن سبل أكثر ودًا وتسامحًا لعلاج منازعات الأسرة على نحو متحضر لا ينتقص من حقوق أيًا من الأطراف، فكانت فكرة الوساطة القانونية التى تختلف عمليًا وعلميًا عن تعريف ( الصلح أو التحكيم ) كما تختلف عن مفهوم ( المساعي الحميدة ) التى تناولها القانون الدولي ( إتفاقيات لاهای 1889 – 1907 ) فى فض المنازعات بين الدول وديًا.

فقد إتفق الباحثون على تعريف الوساطة القانونية في أبسط صورها على إنها:

( عملية إرادية غير إلزامية، تمثل إحتكام أطراف النزاع إلى شخص محايد لا علاقة له بهما، والذي تكون له السلطة التقريرية في إيجاد الحل الذى يكون فى شكل إقتراحات أو توصيات قد يؤخذ بها، وقد لا يؤخذ بها. فالوسيط هنا يتعامل مع الحلول الممكنة التي يمكن أن تقدمها أطراف الحالة ذاتها، ليخلق لها إطارًا قانونيًا لا يجوز القياس عليه، ويعين الوسيط القانوني إما بالإرادة المشتركة لطرفي النزاع، أو بإرادة المحكمة التي تشرف على النزاع، وتتم المصالحة في مكتب المصالحة، وهنا تكون الوساطة إجبارية فى حين أن الوساطة في الأصل إختيارية )

وقد تفلح الوساطة فى الصلح بين الأطراف المتنازعة في قضايا الأحوال الشخصية، فيتم إقرارها وتقديمها إلى المحكمة لإعتبارها حسمًا للنزاع بالصيغة التى تم الإتفاق عليها بمكتب لدى الوسيط القانوني.

والصلح هنا نوعان:

النوع الأول / الصلح الجزئي :

ويعنى أن يلجأ الطرفان إلى حسم جزء كبير من النزاع بينهما, إما بإنهائه إذا كان قائمًا، أو بتوقيه إذا كان محتملاً, وأن يتنازل كل طرف منهما على وجه التبادل عن جزء من حقوقه، وفيه ينهى الأطراف بعض تفاصيل الحقوق لتقوم المحكمة بالبت فى باقى أوجه النزاع . وليس من الضروري أن ينهى الصلح جميع المسائل المتنازع فيها, على سبيل المثال تدخل الوساطة القانونية للإتفاق على إلزام الأب بنفقة صغار محددة المقدار شهريًا، ويتفقا على أن يُترك للمحكمة البت فى أمر زيادتها لاحقًا. أو أن يتم الإتفاق على التصالح في محاضر الضرب والتبديد وخلافه وتقدير وتعيين الحقوق الشرعية للزوجة، وترك المحكمة لحسم أمر نفقة الصغار ومسكن الحضانة وخلافه من متطلبات.

النوع الثاني / الصلح النهائي:

ويعنى أنه يجوز للطرفين أن يتصالحا لإنهاء النزاع كليًا دون ترك أى تفاصيل لتقدير القضاء، ويتفقان على أن تكون سلطة المحكمة هنا ولائية وحسب ليستصدرا حكمًا من المحكمة بما تصالحا عليه نهائيًا، فيكون هذا صلحًا بالرغم من صدور الحكم.

وهنا يعالج الوسيط القانونى ما تفشل المحكمة فى معالجته من رأب صدع العلاقات الإنسانية بين أطراف الأسرة الواحدة والوصول بهم إلى صيغ تفاهم مشتركة .

 

أسباب اللجوء إلى الوساطة القانونية

لم يكتمل نضج مفهوم عملية الوساطة القانونية إلا مع المرور بمراحل تاريخية كانت الإنسانية فيها أكثر إحتياجًا لبدائل حقوقية حيوية ومرنة وحرة ومبتكرة تجنبًا لولوج المحاكم وما تتركه عملية التقاضي من تداعيات سلبية في نفوس المتنازعين من مشاعر إنتصار أو خسران أو هزيمة أو إنتقامية، فقد أدى تطور المجتمعات وتنوع المعاملات الإقتصادية والإجتماعية إلى مايلي:

1 – تراكم كم هائل وضخم من القضايا التي تطرح على الجهاز القضائي بإختلاف إختصاصاته

2 – إرهاق العاملين بالقضاء سواء كانوا أعضاء نيابة عامة أو قضاه أو موظفين .

3 – طول أمد التقاضي في أغلب القضايا الحساسة التى يلزمها فصل سريع لتحقيق مبدأ العدالة الناجزة، سيما في قضايا الأحوال الشخصية التى تتماس مع إحتياجات مُلحة لنساء وأطفال بلا عائل أو منفق، أو رجال يطالبون بحقوق شرعية ثابتة يعطل لدد وتعسف الزوجات وذويهن من التمكين منها كحق الرؤية وضم الحضانة على سبيل المثال !

4- تشعب وتعقيد الإجراءات القضائية وتضارب الأحكام في بعض الأحيان .

5 – ارتفاع التكلفة المادية التى تثقل كاهل المتقاضين، ولا نخص بالذكر هنا الرسوم القضائية الرمزية وحسب، بل ننظر إلى كل ما يتكبده أطراف النزاع من كلفة مالية متمثلة فى أتعاب محاماه ورسوم أمانات الخبراء والمترجمين والمحكمين وإعلانات المحضرين خاصة لو كانت إعلانات دبلوماسية تعلن خارج البلاد فضلاً عن المطالبات القضائية اللاحقة وخلافه .

التطور التاريخي للوساطة القانونية

إنتبه الغرب في النصف الثانى من القرن الماضى إلى ضرورة البحث عن صيغ قانونية لضبط إيقاع مايسمى ب ( الوساطة القانونية )، إلا إن مراحل التشريع قد قطعت رحلة تاريخية طويلة وشاقة حتى إكتملت تصوراتها الحالية، وكانت كالتالي:

  • عرف العهد القديم فى فرنسا مفهوم المصالحة، وأستخدمت من جديد بعد الثورة الفرنسية عام 1789, وكانت الوساطة القانونية لديهم إجبارية قبل رفع الدعوى في بادئ الأمر، وعندما ظهرت مساوئ تطبيق اللجوء الإجبارى جعلها المشرع الفرنسي إختيارية, وظهر أول قانون وضعى يتضمن هذا الموضوع في يناير من عام 1973، ثم تبعه قانون صدر في 24/ 12/ 1976 والذي تم بموجبه تعيين ماسمى ب ( وسيط الجمهورية).

  • خلال 1977 وفى الولايات المتحدة الأمريكية كانت هناك حاجة ملحة لتقنين ممارسات الوساطة القانونية كرد فعل على الإستياء العام من التعقيدات الإجرائية للعمل القضائي وطول أمده الذي يفوق في بعض الأحيان أجل التقاضي فى حد ذاته، فعلى إثر نزاع طرح أمام القضاء الأمريكي ودام لأكثر من ثلاثة سنوات، إهتدى أطراف النزاع إلى فكرة تشكيل لجنة مصغرة ممن لهم معرفة ودراية بتفاصيل النزاع يرأسها شخص محايد، وبعد جولتين من المفاوضات تم حل النزاع وديًا، ومنذ هذا التاريخ ظهر ما يسمى بالوسيلة البديلة لحل المنازعات أو ماسمته أمريكا لاحقًا ب ( إدارة الدعوى ) أو ( إجتماع التسوية والوساطة )، وتشترط حتى الآن بعض الولايات فى أمريكا وقبل تسجيل الدعوى أمام المحكمة ضرورة اللجوء الإجبارى إلى الوساطة وغيرها من الحلول البديلة لتسوية المنازعات. وقد ظهرت الوساطة القانونية فى المنازعات الأسرية أيضًا في الولايات المتحدة الأمريكية على يد محام أسمه ( كولسن ) حيث لجأ هذا المحامى الشاب إلى العمل على الوساطات الأسرية للتخفيف من الآثار الصادمة للطلاق .

  • وفى بداية أكتوبر من عام 1988 تم فتح مصلحة للوساطة الأسرية فى فرنسا من طرف جمعية أصدقاء (جون بوسكو)، التى نظمت بتعاون مع جمعية الإرتقاء بالوساطة الأسرية المؤتمر الأوربي الأول للوساطة بفرنسا في سنة 1990, والذي حضره أكثر من 500 مشارك من ثماني جنسيات مختلفة، وكان هذا المؤتمر مناسبة لتقديم الوساطة من طرف محترفين وخبراء من آفاق مختلفة.

  • أما في الدول العربية فإن مفهوم الوساطة القضائية لم يعرف سبيله إلى المنظومة التشريعية والقانونية والقضائية إلا في السنوات الأخيرة، وسارعت الجزائر لتطبيق مفهوم الوساطة القانونية المعروف دوليًا كإجراء معتمد قضائيًا منصوص عليه بقانون الإجراءات المدنية والإدارية. حيث تحترم الثقافة والعقلية الشعبية الجزائرية الوساطة القانونية والإحتكام اليها لفض المنازعات سواء بالمجالس العائلية أو بالجماعة أو ما يصطلح عليه فى بعض القرى والمدن هناك بإسم (تاربعت ) او (تاجمعت ).

نصوص الوساطة القانوينة فى قوانين الأحوال الشخصية في مصر

لم يأخذ المشرع المصرى بمنهج الوساطة القانونية بشكل مباشر أو بشكل إختيارى، بل راح يشير إلى أهميتها على نحو غير مباشر من خلال مايسمى ب ( عرض الصلح تقرير المحكمين ) وذلك عبر آلية محددة تابعة لوزارة العدل وذلك على النحو التالي:

في 29/ 1/ 2001 صدر ونشر بالجريدة الرسمية القانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية والمعدل بالقانون رقم (91) لسنة 2000، وقد عالج هذا القانون ونص تفصيلاً على بعض الحالات التي أوجبت على قاضي محكمة الأسرة عرض الصلح على طرفي الدعوى والإستعانة بمحكمين يضعا تقريرهما للمحكمة في الدعوى بعد رفعها، وذلك من خلال تلك النصوص :

المادة 18: ( تلتزم المحكمة في دعاوى الولاية على النفس بعرض الصلح على الخصوم، ويعد من تخلف عن حضور جلسة الصلح مع علمه بها بغير عذر مقبول رافضًا له . وفى دعاوى الطلاق والتطليق لا يحكم بهما إلا بعد أن تبذل المحكمة جهدًا في محاولة الصلح بين الزوجين وتعجز عن ذلك، فإن كان للزوجين ولد تلتزم المحكمة بعرض الصلح مرتين على الأقل تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يومًا ولا تزيد على ستين يومًا )

المادة 19: ( فى دعاوى التطليق التى يوجب فيها القانون ندب حكمين يجب على المحكمة أن تكلف كلا من الزوجين بتسمية حكم من أهله قدر الإمكان فى الجلسة التالية على الأكثر، فإن تقاعس أيهما عن تعيين حكمه أو تخلف عن حضور هذه الجلسة عينت المحكمة حكمًا عنه، وعلى الحكمين المثول أمام المحكمة في الجلسة التالية لتعيينهما ليقررا ما خلصا إليه معًا، فإن اختلف أو تخلف أيهما عن الحضور تسمع المحكمة أقوالهما أو أقوال الحاضر منهما بعد حلف اليمين، وللمحكمة أن تأخذ بما انتهى إليه الحكمان أو بأقوال أيهما، أو بغير ذلك مما تستقيه من أوراق الدعوى

المادة 20: ( للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخلع، فإن لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية وردت عليه الصداق الذي أعطاه لها، حكمت المحكمة بتطليقها عليه ولا تحكم المحكمة بالتطليق للخلع إلا بعد محاولة الصلح بين الزوجين، وندبها لحكمين لموالاة مساعى الصلح بينهما، خلال مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر، وعلى الوجه المبين بالفقرة الثانية من المادة (18) والفقرتين الأولى والثانية من المادة (19) من هذا القانون، وبعد أن تقرر الزوجة صراحة أنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض.

ولا يصح أن يكون مقابل الخلع إسقاط حضانة الصغار، أو نفقتهم أو أى حق من حقوقهم ويقع بالخلع في جميع الأحوال طلاق بائن ويكون الحكم فى جميع الأحوال غير قابل للطعن عليه بأى طريق من طرق الطعن )

المادة 21 : ( لا يعتد فى إثبات الطلاق عند الإنكار، إلا بالإشهاد والتوثيق، وعند طلب الإشهاد عليه وتوثيقه يلتزم الموثق بتبصير الزوجين بمخاطر الطلاق، ويدعوهما إلى اختيار حكم من أهله وحكم من أهلها للتوفيق بينهما. فإن أصر الزوجان معًا على إيقاع الطلاق فورًا، أو قررا معًا أن الطلاق قد وقع ، أو قرر الزوج أنه أوقع الطلاق، وجب توثيق الطلاق بعد الإشهاد عليه )

* في 18/ 3/ 2004 صدر ونُشر بالجريدة الرسمية القانون رقم 10 الصادر بشأن إنشاء محاكم الأسرة، والذي نص لأول مرة على إلى إنشاء مكتبًا أو أكثر في كل محكمة كلية لتسوية المنازعات الأسرية وديًا بدائرة الاختصاص لكل محكمة، على أن يكون تابعًا لوزارة العدل التى تصدر قرارًا يتضمن تشكيل تلك المكاتب ومقر عملها وإجراءات تقديم طلبات التسوية إليها وتحديد جلستها والإجراءات المتبعة للقيام بمهامها ونظرًا لأهمية تلك الوسيلة في حل النزاعات الأسرية، إرتأى المشرع المصرى إلزام الأطراف المتنازعة باللجوء إلى مكتب التسوية أولاً، ثم اللجوء بعد ذلك إلى عرض النزاع على المحكمة.

ويتم اللجوء إلى تلك المكاتب مجانًا دون أداء رسوم محددة، ويرسل المكتب إلى طرفي النزاع كتابًا بالبريد خلال أجل لا يتجاوز 7 أيام من تاريخ تقديم طلب من قبل أى طرف من أطراف النزاع بقصد البت فيه، ويجب أن تنقضي التسوية خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ تقديم الطلب ، ولا يجوز تجاوز تلك المدة إلا بإتفاق الأطراف أنفسهم، فإذا تم الصلح حرر رئيس مكتب التسوية المنازعات الأسرية محضرًا بذلك لإثباته يوقعه أطراف النزاع ويحظى بالصيغة التنفيذية لما تم الاتفاق عليه من حقوق مالية، وإذا لم تنجح الجهود الرامية إلى تسوية النزاع بين الأطراف حُرر محضرًا بذلك وأرفق به تقارير الأخصائيين وتقرير رئيس المكتب، كما أن المشرع ألزم خلال المحاكمة الإستعانة بالأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين لأهميتهما في تسوية النزاعات الأسرية والذين عليهما أن يقدما إلى المحكمة تقريرًا في مجال تخصصهما عن طبيعة النزاع .

وعلى هذا النحو فقد أخذ المشرع بمبادئ الوساطة الأسرية المتمثلة في (الصلح والتحكيم) من دون إصدار قانون خاص يتناول مفهوم وآليات الوساطة القانونية، وبذلك كرس مبادئها بطريقة غير مباشرة بخلاف بعض التشريعات التي قننت مبادئها بشكل مباشر كالتشريع الفرنسى والأمريكي والجزائرى كما أوضحنا سالفًا.

ومما لاشك فيه يعد وجوب اللجوء إلى مايسمى ب (المحكمين) أثناء تداول الدعوى ، أخذًا بمفهوم الوساطة الإجبارية في معناها غير المباشر، إلا إننا نعنى ضرورة أن ينتبه المشرع إلى ضرورة صياغة قانون بإضافة بعض المواد إلى القانون الحالى لتنظم طبيعة وأشكال وإجراءات الوساطة القانونية الإختيارية. وذلك لإختلاف تعريفات ( الصلح والتحكيم والمساعي الحميدة ) عن تعريف الوساطة القانونية بإطارها الأكاديمي المطروح في هذا الكتيب كما أسلفنا.

التعريف بأنواع وإجراءات سير الوساطة القانونية

,,, ولكون الوساطة القانونية تساهم فى تسوية المنازعات الأسرية بصورة ودية تعتمد على التوافق والتراضي بعيدًا عن الضغط والإجبار، ودون أن يكون هناك طرف منتصر أو مهزوم ، ولا مخطئ أو مصيب، ودون أن يترك النزاع في نفوس أطرافه أثرًا سلبيًا أو إحساسًا بالخسران.

فالأصل هنا أن تتم الوساطة القانونية بشكل تراعى فيه السرعة المطلوبة والمصالح المتبادلة للأطراف المتنازعة، فضلاً عن إبتكار إيجابي لحلول توفيقية واقعية لإذابة الخلافات وخلق إطار قانوني خاص لكل حالة يكون من صنع الحالة نفسها ومقبولاً لديهم وقابلاً للتحقيق والوفاء.

أنواع الوساطة القانونية:

ونظراً لأن عملية الوساطة القانونية في جوهرها إختيارية حرة، ولا يمكن تصور قيامها قسرًا على أحد أطراف النزاع دون موافقته أو رضائه، إلا إنه يجب التفرقة بين نوعين من الوساطة (الإلزامي وغير الإلزامي):

1 – وساطة قانونية إلزامية ( لا إرادية ):

وهي التي لا يمكن للمحكمة أن تحكم بدون إتمام إجرائتها وتقديم تقرير بشأن ماتم فيها، وغالباً ماتتم بشكل نمطى لا يسفر عن نجاح حقيقى ولايراعى المعايير المطلوبة لمفهوم وهدف الوساطة الحقيقية!! كما يحدث في طلب محاكم الأسرة لتقرير المحكمين على سبيل المثال !!

2 – وساطة غير إلزامية ( إرادية ):

وهى التى يلجأ إليها الأطراف المتنازعة طواعية إما باللجوء للوساطة القانونية مباشرة بعد إتفاقهما على طبيعة الوسيط وشخصه، أو عبر تقديم طلب إلى رئيس المحكمة المختصة بالنزاع لتعيين وسيط معين، ويتم إثبات إتفاق الطرفين على الوسيط القانوني خطيًا، ويوقع عليه أطراف النزاع ووكلائهم القانونيين. والوسيط الأسرى غالبًا ما يكون محاميًا أو قاضيًا متقاعدًا أو رجل قانون له الإلمام بطرق وتقنيات وإجراءات سير الوساطة في ظل الشرع والقانون والأعراف السائدة.

إجراءات سير الوساطة القانونية:

تمر إجراءات سير الوساطة القانونية بثلاثة مراحل يتمكن من خلالها الوسيط القانونى من تأدية مهامه بمراعاة الترتيب المنطقى لكل مرحلة دون القفز على أى مرحلة قبل المرور وإستكمال المراحل السابقة:

المرحلة الأولى: مرحلة الترحيب بأطراف النزاع والإعداد للوساطة وجمع المعلومات

تعد من أهم وأميز مراحل الوساطة لبعث روح الثقة والطمأنينة في العملية بأكملها، وفيها يقوم الوسيط القانوني بالترحيب بالأطراف والتعريف بمهمته والتركيز على حياديتها وسريتها والتعاون المشترك بين كافة الأطراف للعمل لصالحهم مشيرًا إلى أن دوره لا يتجاوز تنظيم العلاقة القانونية التي سيسفر عنها النقاش والصلح، ويطرح الوسيط القانوني الأسئلة بعناية لجمع معلومات عن جوانب المشكلة، منبهًا كل طرف إلى ضرورة التعاون والموضوعية وعدم إنفعال أو إحتداد أى طرف على الأخر، وإعطاء كل منهما فرصة للآخر كي يعرض وجهة نظره الحرة دون تدخل أو تدليس، وعرض كل طرف لرغبته وإقتراحاته في طريقة إنهاء النزاع بالحل الذي يرأتيه مناسبًا. وتكون الأسئلة التي يطرحها الوسيط ( تراكمية ) ينفذ من خلالها لعمق المشكلة والنزاع دون أن يصدم الأطراف بإنتهاك الخصوصية والتطرق لأمور يعتبرونها خاصة أو حرجة، منبهًا إلى تشابك مصالح الأطفال إن وجدوا مع تلك العملية التى تتم في غيابهم مرحليًا .

المرحلة الثانية: مرحلة التفاوض وطرح الحلول الممكنة

وفيها يطرح الوسيط حلولاً توفيقية في إطار القانون ليفتح المجال أمام المتنازعين لرؤية وجهة نظر أخرى غير المستقرة بأذهانهم وتصوراتهم عن النزاع، مع التأكيد على أن أى حل يكون في الواقع وفقًا لمصلحة الأطفال الفضلي قبل أن يكون لصالحهما، وتلك المرحلة من أدق المهام أمام الوسيط القانوني حيث لا يجب أن يبتكر حلولاً غير واقعية أو عصية على التنفيذ أو تتضمن ظلمًا أو تنازلاً غير متكافئ لأحد الأطراف عن حقوقه في مواجهة الآخر.

المرحلة الثالثة: مرحلة الاتفاق وتسوية النزاع

حيث يتم تتويج مجهودات الوسيط القانونى بالإتفاق الختامي حول الحلول المقترحة لفض النزاع، مما يفرض على شخص الوسيط وضع جدولاً زمنيًا للتنفيذ، سيما الإلتزام المالي: ( نفقات أو أوجور أو بدلات أو مستحقات شرعية مترتبة على ايقاع الطلاق ) أو لتنفيذ أمور تتعلق بالرجوع إلى الصغار المحضونين شخصيًا حرصًا على صحتهم النفسية ومصلحتهم الفضلى كما لو تعلق الأمر بوقت زيارة الأبناء ونقل الحضانة أو بقائها عند الإنفصال أو زواج الأم الحاضنة وولايتهم التعليمية وخلافه،

كما يحرر الوسيط فى هذا الإطار محضرًا يوقع عليه طرفي النزاع في الجلسة الختامية، أما في حالة إخفاق الوسيط في إقناع الطرفين بالتوصل إلى حل قانونی ملائم ، فإنه يعلن لهما ذلك فى الجلسة الختامية المشتركة بأنه سوف يحيل ملف الدعوى إلى المحكمة المختصة للبت فيه طبقًا لرؤية قاضى الأسرة فى الحالة وتقرير الوسيط وتقارير الخبراء النفسيين والإجتماعيين.

والمراحل الثلاثة للوساطة القانونية يجب أن تدار بعناية فائقة من الوسيط القانونى وتتطلب تركيز وجهد وحضور وإبتكار فضلاً عن الحفاظ على ايقاع الجلسات المشتركة، فمن الممكن أن تستمر إلى أكثر من جلسة لحين إعطاء فرصة للطرفين لتوفيق أوضاعهما طبقًا لظروف الحالة والتفكير بروية في الحلول القانونية المبتكرة المطروحة من جانب الوسيط .

الحالات التي ينصح فيها باللجوء إلى الوساطة القانونية

من خلال العمل علي فكرة الوساطة القانونية تم إستخلاص بعض الحالات التي ينصح فيها باللجوء إلى الوساطة، بينما توجد حالات أخرى لا ينصح فيها بذلك، وجميعها على سبيل المثال لا الحصر.

أولاً : حالات ينصح فيها باللجوء الى الوساطة القانونية ونوجزها فيما يلى:

  • إذا كانت هناك حالة إستعجال ومرونة في المنازعة الأسرية.

  • إذا كانت أطراف النزاع ترغب في تقليص النفقات ومصروفات التقاضي.

  • إذا كان حل النزاع يتطلب وقتًا طويلاً أمام القضاء .

  • إذا كانت الأطراف ترغب في الحفاظ على تهدئة أجواء الأسرة والسلام المجتمعى ونبذ الإحتقانات الناجمة عن اللجوء إلى القضاء.

  • اذا كان كل طرف يرغب فى الحفاظ على علاقتة مع الطرف الآخر.

  • اذا كانت الأطراف تبحث عن فرصة منصفة ومقبولة ودائمة من الطرفين.

  • اذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق على جزء من النزاع.

  • اذا كان النزاع ينطوى على مستويات مختلفة (إقتصادية، إجتماعية، الخ….)

  • اذا كانت السرية ضرورة بالنسبة للأطراف المتنازعة .

ثانيًا: الحالات التي لا ينصح فيها باللجوء فيها إلى الوساطة القانونية هي:

* في حالة رفض أحد الطرفين للتفاوض أو التصالح، أو الإعتقاد بأنه لن يثمر كحالات إثبات أو إنكار النسب على سبيل المثال !

  • الرفض المطلق من طرفى النزاع لتدخل طرف ثالث حتى ولو كان محايدًا.

  • الرغبة الملحة من أحد أطراف النزاع فى اللجوء إلى القضاء.

  • في حالة سوء النية غير القابل للتصحيح .

  • اذا كانت هناك تصرفات من أحد أطراف النزاع لإهدار الوقت دون تقديم الحلول لإلحاق الخسارة بالطرف الآخر.

  • عدم القدرة على توفير الحقوق المشتركة.

  • اذا كان التوقيت غير مناسب، ونضج الطرفين غير كاف لحل النزاع وديًا .

ملامح الوساطة القانونية وسمات الوسيط النموذجي

لا يستطيع أن يلعب أحدًا دور الوسيط القانونى إلا إذا كان محاميًا ذو خبرة في منازعات الأسرة وقضايا الأحوال الشخصية، أو قاضيًا متقاعدًا، أو خبيرًا نفسيًا لديه الإطلاع القانونى الكاف، حتى يكون محط ثقة بين طرفي النزاع، ومن خلال عمل مؤسسة قضايا المرأة المصرية في إنشاء مكاتب مساندة قانونية على مستوى (9) محافظات مختلفة منها : ( القاهرة الجيزة الفيومقنا سوهاج بني سويف الشرقية كفر الشيخ الدقهلية ) فقد رأت المؤسسة أن الوساطة العرفية موجودة بشكل كبير وواضح في تلك المحافظات، ويقوم بدور الوسيط فيها رجال ونساء يحظون بثقة كاملة ولهم وضع وكلمة مسموعة داخل القرية أو النجع، ويمكنهم حل المشكلات بطرق ودية، وهناك من يستمع إليهم ويقدر دورهم، فمنهم شيخ البلد أو العمدة أو كبير العائلة، أو إمام الجامع، ولكن ينتقص جزئيًا من وعى هؤلاء إفتقارهم إلى أبسط المعلومات القانونية المطلوبة لإكتمال دورهم في حل المشكلة بشكل صحيح أو بتقديم المشورة القانونية على نحو غير مضلل أو خاطئ اذا ما تتطلب منهم الأمر !!

ذلك ما إستدعى وإستوجب تشكيل رؤية لمؤسسة قضايا المرأة المصرية للإستفادة من هؤلاء الوسطاء أو المحكمين العرفين، فقد قامت المؤسسة بتمكين بعض تلك العناصر ورفع وعيهم حول بعض القوانين اللازمة مثل قوانين الأحوال الشخصية على سبيل المثال، وعمل بعض الزيارات الميدانية والتدريبات لكسب التأييد ورفع وعيهم وخبراتهم العملية في مجال الوساطة القانونية.

إلا أن هناك جملة سمات رئيسة يجب أن تتصف بها عملية الوساطة القانونية، وصفات يجب أن يتحلى بها الوسيط القانوني، ومن ثم تنعكس تلك السمات على نجاح عملية الوساطة ذاتها:

* الإختيارية: حيث يجب أن يؤمن الأطراف في سبيل حل المنازعة الأسرية بعملية الوساطة القانونية، ويلجأون إليها إختيارًا بمحض إرادتهم مقتنعين بهذا الدور لضمان أكبر قدر من التعاون والتشارك في وضع الحلول .

  • الحياد : حيث يجب أن يكون الوسيط القانونى من خلال مهمة الوساطة محايدًا إلى أقصى درجة بين أطراف النزاع ، ولا يميل إلى أى طرف، وإذا اقتضى الأمر للميل فيكون للواجب والقانون والظروف الإنسانية التي تختلف باختلاف الحالة.

  • السرية : حيث يجب أن تكون المعلومات التى يحصل عليها الوسيط على قدر عال من السرية لأنها تخص الحياة الخاصة للأطراف، ولا يمكن أن يستغلها الوسيط فى منازعات أخرى أو تقديمها حتى كدليل ضد أحد الأطراف إذا فشلت الوساطة القانونية !

  • المرونة: حيث يجب أن تتم الوساطة القانونية في أجواء خالية من المشاحنات والتوترات وفي أماكن يتفق عليها الطرفان ويتوافر بها الهدوء النسبي إلى حد كبير ليتمكن الوسيط من التفاعل وتقديم أكبر إقتراحات قانونية ممكنة، ويجب أن تتنوع إقتراحات الوسيط في إطار النصوص القانونية التي يجب أن يكون ملمًا بالحد الأدنى منها.

  • السرعة : حيث أن من أهم ما يدفع الأطراف إلى الوساطة الإختيارية هو سرعة تلك العملية وإنجازها بعيدًا عن تعقيدات المحاكم وبما يضمن عدم إنتقاص حقوق أيًا من الطرفين .

  • مشاركة الأطراف والتفاعل الإيجابي: حيث أن مشاركة الأطراف فى النزاع وسماع شهودهم وإتاحة الفرص إليهم للكشف عن أسرارهم وإعطائهم الفرصة لإعادة تقييمهم لأنفسهم، ودفعهم إلى التعاون الجاد على إدارة النزاع، والسيطرة عليه وحله، يمهد الطريق للوسيط القانوني بغية الوصول إلى حل ودى توافقى يتقبله جميع الأطراف على نحو تلقائي.

وإجمالاً .. يمكن حصر الشروط الواجب توفرها في الوسيط القانوني فيما يلى:

( يمكن لكل شخص طبيعي أن يكون وسيطًا إذا توفرت لديه النزاهة والكفاءة والمعلومة القانونية والقدرة على حل النزاعات وبالنظر إلى المكانة الاجتماعية وألا يكون قد حكم عليه بسبب جناية أو جنحة بإستثناء الجرائم غير العمدية ولم يرد إليه إعتباره قانونًا )

دور مراكز المشورة القانونية والإستماع في تدعيم عملية الوساطة القانونية

تلعب مراكز المشورة والمساندة التى توجد داخل مقرات العديد من منظمات المجتمع المدني العاملة على حل منازعات قضايا الأسرة فى نجاح عمليات الوساطة القانونية فى الكثير من الأحوال، حيث تمارس تلك المراكز دور الوساطة القانونية على نحو غير مباشر وليس بالمعنى الأكاديمى والعلمى لتلك العملية الفاصلة والمحورية في حل النزاعات السرية.

حيث أن دور ورسالة مراكز المشورة والمساندة والإستماع يتلخص فيما يلى:

  • بناء مجتمع أسرى متماسك خالى من العنف بتسليط الضوء على الإحتياجات المجتمعية.

  • تقديم الإستشارات القانونية فى مجال قضايا الأحوال الشخصية والحضور أمام المحاكم والنيابات مع الحالات المتعاملة مع القانون.

  • تقديم المساندة والمساعدة القانونية والدعم للمهمشات والمعنفات وضحايا الإضطهاد والنبذ المجتمعى والنساء المتضررات ضحايا التمييز.

  • نشر الوعى القانوني بحقوق المرأة والطفولة وتمكين تلك الفئات من حقوقهم الدستورية والقانونية.

  • تشجيع الشراكة بين الأسرة ومنظمات المجتمع المدنى وبناء جسور الثقة المجتمعية.

  • مساعدة النساء على التمكين الإقتصادي والإجتماعي من خلال دمجهن بسوق عمل مناسبة.

  • مساعدة المقبلين على الزواج من خلال برامج توعية نفسية وصحية مناسبة.

وعلى هذا النحو تتماس أدوار مراكز المساندة والإستماع وتتشابك مع دور الوساطة القانونية والوسيط بشكل أو بآخر.

ولكن طرحنا هذا يسعى ويهدف فى الأساس إلى صياغة تشريعية مناسبة تجعل من عملية الوساطة القانونية مقننة ومعترف بها أمام محاكم الأسرة، الأمر الذى سيؤدي حتمًا إلى تطورها ونضجها وبلوغ أهدافها الرشيدة، ومن ثم تحسين مستوى وصول النساء للعدالة، بيد أن رفع مستوى الوعى بدور الوساطة القانوينة سيفضي حتمًا إلى حل المنازعات الأسرية بعيدًا عن المحاكم فى أغلب الأحوال، وسيكون دور المحاكم ماهو إلا منظم ومُصدق للإتفاقات والتسويات التي يتم صياغاتها سواءً لدى الوسطاء القانونيين أو لجان تسوية منازعات الأسرة بتشكيلها الحالي المنصوص عليه بالقانون 10 لسنة 2004م .

في نهاية هذا الكتيب أثرنا أن نوجز بعض التوصيات العملية التى استخلصتها مؤسسة قضايا المرأة من خلال عملها الميداني فى تسعة محافظات بالجمهورية لنشر ثقافة الوساطة القانونية، علها تكون سبيلاً أمنًا للحد من تراكم قضايا الأسرة بالمحاكم وعلى النحو الذي يساهم من جانب في تحقيق العدالة الناجزة لأطراف الأسرة الواحدة, ومما يسهم من جانب آخر فى نشر ثقافة التسامح وتعزيز دور القيادات المحلية والشعبية والعمل الجماعي:

  • نشر جمعيات ومنظمات المجتمع المدنى العاملة على قضايا تمكين المرأة والطفل لفكرة وثقافة الوساطة القانونية بمفهومها العلمي والأكاديمى فى محيط ومجال أعمالهم الحقوقية ونشاطاتهم التنموية.

  • تدريب وتأهيل عناصر وقيادات شعبية ومحلية متنوعة ورفع وعيهم بالمعلومات وقوانين الأحوال الشخصية اللازمة لتمكينهم من أداء دور الوسيط القانونى فى مجال منازعات الأسرة.

  • صياغة دليل إرشادى مبسط يوضح كيفية تعامل الوسطاء القانونين فى نطاق منازعات الأسرة يشترك في إعداده شبكة جميعات ومؤسسات أهلية معنية عاملة على قضايا الأسرة فى مختلف المحافظات والقرى.

  • التشبيك بين مراكز المشورة والاستماع والمساعدة بالجمعيات والمؤسسات الأهلية، وبين لجان تسوية المنازعات بمحاكم الأسرة لتبادل الخبرات والإرشاد لطريقة التعامل مع حالات التوفيق والصلح خارج إطار المحاكم وتيسير سبل إعتمادها قانونًا حتى تحظى بالنفاذ.

  • الإطلاع على كافة قوانين الوساطة فى العالم وإختيار أفضل التجارب المقارنة لصياغة مقترح قانوني وطرحه إلى الحوار المجتمعى تمهيدًا لإصدار قانون ينظم عملية الوساطة القانونية والإعتراف بها في منازعات الأحوال الشخصية على نحو مستقل.

  • كارل اسيكيو: ( عندما يحتدم الصراع ) دليل عملي لإستخدام الوساطة في النزاع.

  • عثمان أخديم: ( الوسائل البديلة لحل النزاعات الأسرية نموذجًا )

  • نهلة ياسين حمدان: ( الوساطة في الخلافات العربية المعاصرة ) دار الكتاب العملية الطبعة الأولى 2005 بيروت.

  • محبوب التجاني: ( أهمية الصلح في مدونة الأسرة ) .

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي