شاهندة مقلد وجه بطلة قصة نادرة متهمة في قضية نشر

التصنيفات: أرشيف صحفي, الحركات

اعداد بواسطة:

شاهندة مقلدبطلة قصة وصفها الكاتب الكبير الراحل أحمد بهاء الدين بأنها قصة نادرةفصاحبتها تفتح وعيها المبكر على واقع السخرة والإذلال للفلاحين، وعلى واقع قهر غير إنساني مارسه الإقطاع في قريتها كمشيش بمحافظة المنوفية هي زوجة الشهيد صلاح حسينالذي دفع حياته ثمنًا لدفاعه عن حق الفلاحين في الحياة والأرض وشقيقة شهيد حرب الاستنزاف ضابط طيار أشرف مقلد“.

شاهندة مقلد

وهي عضوة اللجنة المركزية لحزب التجمع المنتخبة من المؤتمر العام بأعلى الأصوات وعضو مجلس إدارة اتحاد الفلاحين تحت التأسيس، ومن مؤسسي اللجنة المصرية الشعبية لدعم الانتفاضة الفلسطينية.

وهي جزء من تاريخ الاعتقال السياسي في مصر، ومؤخرًا هي من حكمت عليها محكمة جنح مدينة نصر في ١٦/ 10/ 2005 بالسجن لمدة 6 أشهر وغرامة 5 آلاف جنيه وتعويض مؤقت ۲۰۰۱ جنيه بتهمة القذف في حق عائلة الفقى وهي العائلة الإقطاعية التي ملكت الأرض والبشر في كمشيش، ويتم الحكم عليها بموجب قوانين الحبس في قضايا النشر. تلك القوانين التي نطالب بإسقاطها ليس لأننا نطالب بامتياز يخص الصحفيين، ولكننا نطالب به كحق لكل صاحب رأى وكلمة، عائلة فما فعلته شاهندة أنها أدلت بوقائع تاريخ عائلة الفقي في معركة الفلاحين مع عائلة الفقى، فما كان مطلوبًا منها أن تقدم شهادة عن محطات الرحلة التي عاشتها، تلك الرحلة الطويلة التي خرجت منها أرملة وهي في السابعة والعشرين من عمرها حاملة مع عمرها أطفالها الثلاثة ناجي ووسيم وبسمة أصبحوا الآن رجلين وفتاة.

فهي رحلة لوجه معجون بطين الأرض، له رائحة العجين الخمران في مواجيرالفلاحين ورائحة الزرع المروي بعرقهم، رحلة الابنة الكبرى للواء شرطة عبد الحميد مقلد الوفدي الذي تعرض للظلم بسبب موقفه السياسي، وهي ابنة قرية كمشيش التي رأت أسوأ أنواع الإقطاع في معركتها والتي تمثلت في التعذيب والسخرة والاغتصاب، وهذه شهادتها التي اعتبرتها عائلة الفقى سبًا وقذفًا.

ولم تكن قد غادرت طفولتها واسم فلسطين يتردد في بيتهم مقرونًا بتطوع صلاح حسينابن عمتها في صفوف الفدائيين للدفاع عن فلسطين، ما أن وقفت على عتبات الصبا حتى التقت بمعلمتها العظيمة وداد متریعام ١٩٥٣ في مدرسة شبين الكوم الإعدادية. ويحدث مع اللقاء نقلة من نقلات وعيها الكبرى، فتشارك في حملات قيد النساء في جداول الانتخابات بشبين الكوم، وفي فصول محو الأمية وفي مظاهرات تطالب بتخفيف عقوبة الإعدام عن جميلة بوحريد.

رسالة من صلاح حسين إلى شاهندة يوم الصباحية:

جاءتني حبيبتي حقيقة كالأمل تحمل معها غدنا البسام“. جاءت ولا أدنى أثر لذلك الجهد الرائع يعلق بثيابها. لقد غسل الحب المنتصر كل شوائب الرجعية وزادها حبًا، ولم يبق من الماضي غير عزيمة الإنسانية. أثرت منزلي الغرفة الواحدة والأثاث الهرم على وثير العيش. إنها حقا بداية جميلة لأناس يحبون الشعب.

وفي العدوان الثلاثي على مصر تنضم للمقاومة الشعبية وتحصل على الدرجة النهائية في ضرب النار إلا أنها تفشل في الإمساك بالحقنة.

ابنة لواء الشرطة التي هربت لتتزوج حبيبها المناضل

وتصل في الرحلة إلى أهم المحطات محطة حب جمعها بإبن عمتها صلاح حسينالثائر والمناضل الذي فضح وتصدي لتهريب الإقطاع للأرض وسيطرتهم على الإصلاح الزراعي وأحبته شاهندة وأحبها وتقدم لخطبتها فكان رد أمها: “سوف أمزقها مائة قطعة وأرميها للكلاب ولن ينال صلاح منها قطعة واحدة“.

لم تجد تلميذة الإعدادية آنذاك من وسيلة إلا الهرب من بيت أهلها والزواج من صلاح حسين. وتعيش في بيته الصغير المكون من شقة حجرة وصالة ليس بها سوى سرير وكنبة ودولاب ووابور جاز وهي شاهندةهانم (وهذا اسمها في شهادة الميلاد) التي تحكي عن أول تجربة غسيل في حياتها عندما جلست أمام الطشت وبكت.

في 56 تعلمت ضرب النار وفشلت في الإمساك بالحقنة

ومع معركة الحياة البسيطة المملوءة بالحب شارکت صلاح حسين معاركه ضد الإقطاع الذي لم يستسلم وواصل تهريب الأرض إذلالاً للفلاحين، وكان لابد أن يضع الإقطاع نهاية للصراع بطريقته فقام بالتحريض على قتل صلاح حسين في إبريل عام 1966. استشهد صلاح حسين في الأرض التي دافع عنها بروحه ورواها بدمه، وقد اتهم في صلاح الفقي بالتحريض على اغتيال صلاح حسين وأورد حكم محكمة أمن الدولة العليا في حيثياته إدانة صريحة لعائلة الفقى. وفي القضية خطاب جمال عبد الناصر في ٢ مايو 1967 أى بعد أيام من الذكرى الأولى لاستشهاد صلاح حسين قال: إن علينا أن نكتشف عناصر الثورة المضادة في كل مكان ونقضي عليهاالسنة اللي فاتت مات الشهيد صلاح حسين في كمشيشلأنه بينادي بحق الفلاحينوبينادي بإنسانية الفلاحين.

رسالة من أشرف مقلد إليها قبل استشهاده في حرب الاستنزاف:

أعيش في انتظار يوم أستطيع أن أقدم فيه روحي هدية لبلدي من أجل أن يعيش ناجي ووسيم وبسمة مرفوعي الرأس، ومن أجل أن يستعيد المصري كرامته. أخوك ملازم طيار فلاح أشرف مقلد
وبكت إمام طشت الغسيل

وتضع شاهندة دم زوجها الشهيد تاجًا على رأسها وتواصل المعركة انحيازًا للفلاحين وعشقًا للوطن، ويكون الثمن المدفوع للانحياز والعشق أن تحصل بجدارة على لقب المعتقلة الدائمة ففي عهد السادات لم تكن تخرج من المعتقل إلا لتدخله، ويبدو أن المعركة مع عائلة الفقى لم تنته فها هي في حوار صحفي مع مجلة نصف الدنيا، شاهدة عما حدث بالفعل وما حدث ذكره جمال عبد الناصر وأحمد بهاء الدين، وحكم المحكمة ومحاضر التحقيق، فهل كان مطلوبًا من شاهندة مقلد أن تشيد بالإقطاع أو أن تسمى عائلة إقطاعية أخرى بدلاً من عائلة الفقي؟ هل كان عليها أن تمحو من ذاكرتها ومن كتب التاريخ وقائع الإذلال والعبودية التي مارسها الإقطاع في بلادنا عمومًا وفي كمشيش على وجه الخصوص؟

عندما يكتب العمر بدم الشهداء

وهنا نتوقف عندما جاء في مذكرة هيئة الدفاع عنها المكونة من الأساتذة أحمد نبيل الهلالي ومحسن شاشة وصفاء زكي مراد، فقد أكدوا على انتفاء الركن الشرعي للجريمة لتوافر سبب من أسباب الإباحة وهو ممارسة حق النقد التاريخي، وإلا كان من حق عائلة الفقي أن تعود بالحق المدني على أسرة الزعيم أحمد عرابي الذي سجل في مذكراته أن جدهم الأكبر السيد أفندي الفقي كان واحدًا من خمسة خانوا عرابي في حربه ومقاومته للاستعمار الإنجليزي سنة ١٨٨٢.

ما ذكرناه جزء يسير من رحلة شاهندة مقلد التي لم ترهبها السجون والمعتقلات ولا رصاصات خسيسة اخترقت صدر زوجها، ولن يرهبها أن تحاكم بقوانين العار المسماة بقوانين العقوبات في قضايا النشر.

شاهندة مقلد الشامخة والقوية هي التي كما قال عنها في رسالته إليها الشهيد صلاح حسين، جاءت حبيبتي حقيقة كالأمل تحمل معها أضواء غدنا البسام!!.

تضامنوا مع شاهندة مقلد، ينظر الاستئناف بمحكمة العباسية يوم 16 مايو.

 
شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي