تجربة في الدوريات المهتمة بقضايا المرأة …”طيبة”

التصنيفات: النظرية النسوية

تاريخ النشر:

2007

طيبة“… تجربة في الدوريات المهتمة بقضايا المرأة

مر تاريخ الحركات النسائية المستقلة عن الدولة بثلاث مراحل، ارتبطت كل مرحلة بجيل من أجيال، بحيث نستطيع أن نؤرخ لثلاثة أجيال من الحركات النسائية في مصر، وفي كل جيل من تلك الأجيال كانت هناك منظمة يمكن أن نعتبرها المنظمة الرئيسية في الحركة النسائية، وكان لكل من تلك المنظمات مجلاتها وصحفها التي تعبر عنها.

ارتبطت المرحلة الأولى بثورة 1919 وخروج المرأة القوي إلى ساحة النضال السياسي، وكان الاتحاد النسائي المصريالذي تأسس سنة 1923 بقيادة هدى شعراوي العلامة الدالة على تلك المرحلة، وكانت مجلة المصريةالتي صدرت باللغة الفرنسية عام 1925. والتي رأست تحريرها سيزا نبراوي، لسان حال الاتحاد النسائي المصري.

وفي الأربعينيات مواكبة لموجة جديدة من المد الوطني والديمقراطي والاجتماعي ظهر جيل جديد من الناشطات النسويات والحركات النسائية، عاش الجيل الثاني جنبًا إلى جنب مع الجيل الأول، وتعد منظمة اتحاد بنت النيلبرئاسة درية شفيق التي تأسست في أواخر الأربعينيات علامة تلك المرحلة، وكانت درية شفيق قد أصدرت مجلة بنت النيلاعتبارا من سنة 1945، وفي عام 1953 في الصحوة الأخيرة للديمقراطية تحول الاتحاد إلى حزب بنت النيل.

وبعد انقلاب يوليو 1952 وتصفية الحياة الديمقراطية، اختفت الحركات المستقلة المعبرة عن قضايا المرأة مثلها اختفت كل التنظيمات السياسية المستقلة ومنظمات المجتمع المدني، ولم تعد الحياة إلى تلك المنظمات إلا في أعقاب هزيمة يونيو 1967 والخروج العفوي للجماهير إلى الشارع في مواجهات متوالية مع النظام، وقد أسفر هذا الوضع عن ظهور جيل جديد من الحركات السياسية ومنظمات المجتمع المدني أخذت تتزايد تدريجيا خلال السبعينيات والثمانينيات.

وفيما يتعلق بقضايا المرأة كانت المرأة الجديدةواحدة من أقدم الحركات المعنية بتلك القضايا التي تنتمي إلى هذا الجيل الذي يمكن أن نصفه بأنه الجيل الثالث للحركة النسائية المصرية، وتعد المرأة الجديدة“. من أهم هذه الحركات وأبرزها وأكثرها تميزا، من حيث الاستمرارية والنشاط والتاريخ.

ومنذ ميلاد المرأة الجديدة في الثمانينيات من القرن الماضي والحركة تملك وعيا بأهمية الدور التثقيفي الذي ينبغي أن تقوم به في القضايا السياسية وقضايا المرأة على السواء.

تميزت حركة المرأة الجديدة بوعي سياسي ووعي بقضايا المرأة في آن واحد، فلم تتبنى مواقف نسوية بعيدة عن ربط هذه القضايا بالوضع السياسي العام، كما أنها امتلكت رؤية نسائية واضحة؛ لم تغيب هذا الجانب – أي قضايا المرأة لصالح الجانب السياسي.

وكان إصدار دورية أو بمعنى أدق غير دوريةهما للمرأة الجديدة منذ ميلادها، كانت البداية بمجلة المرأة الجديدةغير الدورية التي كانت تجمع بين الدراسات والتقارير. بهذا المعنى لا تعد طيبةالتي صدرت اعتبارا من عام 2002 البداية بالنسبة للمرأة الجديدة في نشر الوعي النسويمن خلال الدوريات، كما لا تعد الإصدارة الوحيدة الآن، فلحركة المرأة الجديدة تاريخ مع الصحافة النسائية.

هناك عدد من الدوريات التي تصدر عن المرأة الجديدة: فإلى جانب المرأة الجديدة” “القديمةالتي توقفت في الثمانينات بعد صدور عددين أو ثلاثة، هناك المرأة الجديدة” “الجديدةالتي أخذت شكل المجلة الصحفية، فهي مجلة تتضمن أخبارا وتقارير إخبارية ومقالات وأحاديث صحفية وموضوعات صغيرة متنوعة، وفك الجدائلللجيل الجديد من الفتيات والشابات الصغيرات في المرأة الجديدة، وقضايا الصحة الإنجابيةالمتخصصة في ذلك المجال، ثم تأتي طيبةمجلة نسوية نظرية كما تشير ترويستها لتتوج هذه المجموعة المتميزة من الإصدارات.

وقد صدر من طيبةبين يناير 2002 وديسمبر 2006 ثمانية أعداد، بما يقارب عددين كل عام، والمتابع للأعداد يتبين له أنه كان لكل عدد من تلك الأعداد الثمانية موضوع أو محور رئيسي، على النحو التالي:

يناير 2002 العدد التجريبي النسوية والهوية“.

يناير 2003 العدد الثاني النساء والمقاومة“.

مايو 2003 العدد الثالث النساء والخطابات الثقافية“.

مارس 2004 العدد الرابع النساء والسلطة“.

سبتمبر 2004 العدد الخامس النساء والفضاء الخاص“.

ديسمبر 2005 العدد السادس الحركات النسائية العالمية“.

يونيه 2006 العدد السابع الحركة النسائية المصرية المعاصرة الآفاق والتحديات“.

ديسمبر 2006 العدد الثامن النساء والعمل“.

ومن زاوية التوثيق الببليوجرافي هناك بعض الملاحظات:

أولاً: ليس هناك عدد أول في المجلة، بل عدد تجريبي صدر في يناير 2002، يعقبه العدد الثاني في يناير 2003، الأمر الذي يحتاج إلى إيضاح، فأي موثق ببليوجرافي سيقع في حيرة أمام هذا الوضع.

ثانيًا: اختلاف جهة الإصدار في بعض الأعداد، مع استمرار اسم الدورية والشعار المميز لها، الأمر الذي يرجع إلى عقبات قانونية صادفت المرأة الجديدةفي مرحلة تعديل قانون الجمعيات الأهلية، وسعي المرأة الجديدةإلى توفيق أوضاعها في ظل هذا القانون، والتحول من شكل الشركة المدنية الذي شاع منذ منتصف الثمانينات بين منظمات المجتمع المدني للتخلص من قيود قانون الجمعيات إلى شكل متوافق مع القانون الجديد، وربما تكون هذه الحلقة البحثية فرصة لإثبات حقيقة أن جهة الإصدار كانت واحدة دائما رغم تغير المسمى.

ثالثًا: تغير هيئة التحرير، ورئاسة التحرير كذلك، فقد صدر العدد التجريبي ( (الأول) برئاسة تحرير أماني أبو زيد، وصدرت الأعداد من الثاني إلى السادس برئاسة تحرير منى إبراهيم، وجاء العدد السابع يحمل اسم آمال عبد الهادي ومنى إبراهيم كرئيستين للتحرير، وفي العدد الثامن عاد اسم منى إبراهيم منفردا كرئيسة للتحرير، وللعدد السابع طبيعة خاصة بين أعداد المجلة فرضت هذا الوضع، فالعدد يضم أعمال الندوة التي نظمتها المرأة الجديدة بمناسبة مرور عشرون عاما على تأسيسها، والتي حملت عنوان: “الحركة النسائية المصرية اعتبار المعاصرة الآفاق والتحديات، وقد كانت آمال عبد الهادي مقررة لتلك الندوة، ويمكن هذا العدد كتابا للندوة أكثر منه عددًا من أعداد المجلة.

باستعراض الأبواب التي تحويها المجلة نلاحظ أن هناك أبوابا ثابتة مثل:

الافتتاحية للأعداد الثانية.

الدراسات التي تشكل العمود الفقري للمجلة.

عروض الكتب التي تتناول المرأة وقضاياها وقد ورد هذا الباب في سبعة من الأعداد الثمانية، حيث غاب فقط في العدد السابع المتضمن أبحاث ندوة الحركة النسائية المصرية.

ثم يأتي باب الوثائق الذي ظهر في ستة أعداد، اعتبارًا من العدد الثاني، وقد تضمن هذا الباب نشر أو عرض أو تحليل ودراسة لوثائق تتعلق بالمرأة، وكانت موضوعاته على النحو التالي:

العدد الثاني وثائق ترتبط بمقاومة النساء، العدد الثالث وثائق للطلاق والوقف تسعى لتقديم صورة لوضع المرأة في المجتمع، العدد الرابع دراسة معتمدة على الوثائق والبيانات عن المرأة والبرلمان وتختلف تماما عن سياق باب الوثائق في باقي الأعداد، أما العدد الخامس فيضم في هذا الباب موضوعًا عن محددات الزواج عند الحكيمات، ويتضمن باب الوثائق في العدد السادس إعلان حقوق المرأة، أما العدد الثامن فيضم نصًا لعقد زواج فيه محاولة للتنقيب عن أدوار النساء في المجتمع من خلال الوثائق، تحقيقا للهدف من هذا الباب، وينبغي هنا أن ننتبه إلى أن الوثائق حمالة أوجه، وإلى أنها ليست صادقة دائما، كما أن الاختيارات للوثائق انتقائية ولا تعبر بالضرورة عن الحالة العامة في العصر التي صدرت فيه.

يأتي بعد ذلك باب الترجمات في خمسة من أعداد المجلة، وتقدم من خلاله ترجمات لدراسات مهمة حول المرأة وقضاياها.

وفي عدد واحد من أعداد المجلة (العدد التجريبي) كانت هناك قصة قصيرة، وفي تقديري أن عدم تكرار التجربة أمر إيجابي في تطور طيبة، حيث إن وجود الأعمال الأدبية يخل بالطابع البحثى للمجلة.

ومن اللافت للنظر أيضا الاهتمام بالقضية الفلسطينية، الذي ظهر في أكثر من موضوع وأكثر من عدد، ومنذ البداية كان هناك توجه مقصود من المجلة لأن تتضمن بابا ثابتا حول قضية المرأة الفلسطينية، وقد نجحت هيئة التحرير إلى حد ما في تحقيق هذا التوجه، الذي يعكس في تقديري أمرين، الأول انتماء المؤسسات للحركة لجيل ارتبط نضاله السياسي بالقضية الفلسطينية، والثاني ظهور طيبةفي فترة احتدام للقضية.

هناك ثلاث ملاحظات إيجابية أخيرة:

الأولى: انعكاس توجه الحركة على موضوعات المجلة، فالمرأة الجديدة ليست حركة نسوية، وليست جناح نسائي لحركة سياسية، بل حركة تتبنى قضايا المرأة وتدرك خصوصيتها في إطار مجمل القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وهذا يشكل أهم عناصر تميزها، الأمر الذي ينبغي أن يظهر في شعار المجلة.

الثانية: تنوع توجهات من يكتبون في المجلة، وإتاحة مساحة لاختلاف وجهات النظر، الأمر الذي يضيف إلى طيبةعنصر قوة.

الثالثة: المشاركة من جانب الرجال في الكتابة في المجلة، وعدم اقتصارها على الكاتبات فقط.

 

إعداد:

عماد أبو غازي: باحث في التاريخ والوثائق ومهتم بقضايا المرأة.

شارك:

اصدارات متعلقة

أزمات متوازية، ما نصيب النساء منها؟
الانتقام الإباحي.. تهديد رقمي يلاحق النساء ويقتلهن أحيانا
هل يجب علينا الاهتمام بالتغيرات المناخية
نص مليون من العاملين / ات بالخدمات المنزلية منزوعين/ ات الحقوق
التغيرات المناخية تمثل خطر كبير علي صحة الحوامل والأجنية بشكل خاص
“تمكين النساء لمواجهة التغيّرات المناخية”… مبادرة “عالم بالألوان” في مصر
نساء السعودية.. حقوق منقوصة وقمع متواصل
العنف الأسري ضد المرأة