مقاربات حول الجندر و الجنسانية

تاريخ النشر:

2016

اعداد بواسطة:

مقاربات حول الجندروالجنسانية *

يمثل الجندر والجنسانية مفهومين نسويين محوريين، إلا أنه لا يوجد توافق حول كيفية تعريفهما أو مقاربة للعلاقة بينهما. استخدم مصطلح الجندر منذ أوائل السبعينات ليشير إلى المنظومة الثقافية التي تشكل الأنوثة والذكورة في مقابل الفروق البيولوجية بين الجنسين. في العادة يضمن مفهوم الجنسانية الهويات والرغبات والممارسات الحسية باعتبارها مفهومًا مميزًا ومغايرًا للجندر وإن كان مرتبطًا به. والمفهومان، الجندر والجنسانية، ينطلقان من مفهوم الجنس، الذي هو في حد ذاته مصطلح مبهم للغاية. في اللغة الانجليزية قد يشير مصطلح “الجنس” إما إلى التمييز بين الذكر والأنثى (باعتبارهما جنسين) أو الجنس باعتباره فعلاً حسيًا (ممارسة الجنس). كذلك فإن كلمة “جنسي” قد تشير إلى أنشطة أو صفات مختلفة لكل من الرجال والنساء، مثل “التقسيم الجنسي للعمل”، أو قد يشير إلى المجال الحسي في الحياة، على سبيل المثال “الخيال الجنسي”. كذلك يمكن استخدام مصطلح “الجنس”، كما يحدث أحيانًا في اللغة الفرنسية وأيضًا في الإنجليزية، للإشارة إلى الأعضاء الجنسية التي هي مناطق حسية وتلك الأجزاء من الجسد التي تميز بين الذكر والأنثى.   هذا الارتباك اللغوي ليس محض مصادفة، وإنما يشير إلى الثقافة التي تهمين عليها العقلية الذكورية والغيرية الجنسية المحيطة بنا. يفترض الناس غالبًا أن الأعضاء التناسلية التي نولد بها تحدد جنسنا (أنثى أو ذكر)، أي أن المرء يصبح أنثويًا أو ذكوريًا “منسجمًا”، وسوف ينخرط في نشاط حسي مع “الجنس الآخر” أي مع شخص له أعضاء تناسلية مختلفة عنه. هذا المنطق الحتمي ساهم في تبرير دونية النساء وتحديد الغيرية الجنسية باعتبارها الشكل الوحيد “الطبيعي” والمشروع للجنسانية. لذلك من إلهام سياسيًا للنسويات الاشتباك مع هذا المنطق في التفكير وكسر السلسلة الأبوية التي تربط ما بين الجنس والجندر والجنسانية كما لو كانت غير قابلة للافتراق أو التغيير. والخطوة الأولى في هذا الاتجاه تكمن في الفصل بين المصطلحات الثلاثة: الجنس (sex) والجندر (gender) والجنسانية (sexuality)، لكي نتمكن من التعرف على العلاقات فيما بينها، إن الفصل ما بين “الجنس” و”الجندر” لا يخدم التأكيد على الأصول الاجتماعية والثقافية للفروق بين النساء والرجال فحسب، وإنما قد يساعد أيضًا على فك لغز كلمة “الجنس”. فإذا كان “الجندر” يستخدم للتمييز بين النساء والرجال، فإن مصطلحات “الجنس” و”الجنسانية” قد تقتصر على الفعل والرغبات والممارسات والهويات الجنسية. مع ذلك فإن هذه التعريفات العملية ليس من السهل دائمًا الإبقاء عليها، كما أن أغلب النسويات لن يوافقن عليها. فعلى سبيل المثال، لطالما عبر المحللون النفسيون عن عدم رضاهم عن ذلك التمييز بين الجندر والجنس، واعتبروا أن مفاهيم الجنس والجندر والجنسانية بينها ارتباط وثيق حتى أنه من الصعب تمييز أحدها عن الآخر، وكثيرًا ما استخدموا مصطلح “الجنسانية” ليشمل ما تطلق عليه نسويات أخريات مصطلح “الجندر” (انظر/ ي: Mitchell 1982). أما مصطلح “الجندر” نفسه فله جذور أنجلو أمريكية، وغالبًا ما يستخدمه المتحدثون باللغة الإنجليزية. أما في فرنسا، على سبيل المثال، فما زالت كلمة “الجنس” هي المفضلة وأحيانًا “الجنس الاجتماعي (انظر/ ي: Mathieu 1995). البعض لا يفضل مصطلح “الجندر” لأنه يترك مفهوم “الجنس” غامضًا (Witting 1992)، على حين يستخدم البعض الآخر مقاربة الجندر ويتساءلون عن مفهوم “الجنس” (Delphy 1984, 1993; Butler 1990, 1993). كذلك هناك من يقاومون فرض مصطلح “الجندر” باسم “الفروق الجنسية” والتي يرون أنها غير قابلة للاختصار في الجنس البيولوجي أو الجندر الاجتماعي والثقافي (Braidotti 1994). هناك إذًا اختلافات نظرية وراء ذلك الخلاف في المصطلحات. وحيث أن هذا الفصل يتناول الجندر وعلاقته بالجنسانية، فسوف أركز بالأساس على هؤلاء المنظرين والمنظرات الذين طوروا مفهوم الجندر وأسهبوا في تناوله، وذلك رغم أنني سوف أشير أيضًا إلى المتشككين بشأن الأمر برمته. إن من يرون أن هناك فائدة في استخدام مفهوم الجندر ليسوا بأي حال من الأحوال مجموعة متجانسة، وإنما يضمون فيما بينهم نسويات ذوات وجهات نظر متباينة للغاية. وسوف أعرض في هذا الفصل تطور الفكر النسوي بشأن الجندر وعلاقته بالجنسانية، مع إلقاء الضوء على بعض الفروق النظرية الجوهرية التي برزت. ولتسهيل الأمور سوف أتناول بداية مفهوم الجندر قبل الانتقال إلى الجنسانية.  

رغم أن مفهوم الجندر لم ينتشر بين النسويات حتى تسعينيات القرن العشرين، إلا أن الفكرة التي يجسدها – أن الفروق بين الرجال والنساء ليست محسومة بيولوجيا فحسب – ظهرت منذ فترة سابقة على ذلك. وقد لخصت سيمون دي بوفوار ذلك حين كتبت في الاربعينيات “نحن لا نولد نساء، وإنما نصبح كذلك”. إن هذه الفكرة – أي كون النساء يتشكلن بدلاً من أن يولدن نساء – كانت شديدة الأهمية في تطور نظريات الجندر. ومن السمات الأخرى الهامة من المنظور النسوي أن مفهوم الجندر مفهوم هرمي. فنحن لا نتعامل مع فروق متماثلة بين النساء والرجال، وإنما في علاقة غير متوازنة وغير متساوية. ومع ذلك يستخدم مصطلح الجندر أحيانًا في سياق “دراسات الجندر” لاستبدال النساء كموضوع مركزي في التحليل لصالح تناول يدمج كلا الجنسين.

كانت آن أوكلي (Ann Oakley 1972) من أوائل من ميزن بين الجنس الذي نولد به والجندر الذي نكتسبه. ولم تخترع أوكلي التمييز بين الجنس والجندر، وإنما استعارته من روبرت ستولر Robert Stoler، وهو معالج نفسي عمل مع الأفراد الذين ولدوا بأعضاء جنسية غير محددة، إذ كان ستولر قد وجد ستولر هذا التمييز بين المصطلحين مفيدًا في وصف حالة الأشخاص الذين اختلف جنسهم البيولوجي عن الجندر الذي أوكِل إليهم عند الميلاد، والذي وجدوا أنفسهم فيه. وبناء على ستولر، طرحت أوكلي أن الجندر ليس نتاجًا مباشرًا للجنس البيولوجي، وعرّفت الجنس بأنه السمات التشريحية والفسيولوجية التي تحدد الذكورة والأنوثة البيولوجية، بينما عرّفت الجندر بأنه الذكورية (masculity) والأنثوية (femininity) المحددة اجتماعيًا. وأن الذكورية والأنثوية لا يتحددان بيولوجيًا وإنما من خلال صفات اجتماعية وثقافية ونفسية مكتسبة يصبح المرء من خلالها رجلاً أو امرأة في مجتمع محدد في وقت محدد.

وقد ساهمت جييل روبين Gayle Rubin إسهامًا مهمًا في موضوع الجندر، فيما أصبح اليوم من كلاسيكيات المقالات ذات الصلة، وذلك في مقالتها عن “الاتجار في النساء: ملاحظات حول الاقتصاد السياسي للجنس” (Rubin 1975). فعلى حين ميزت آن أوكلي الجندر عن الجنس البيولوجي، ربطت جييل روبين ما بين الجندر والجنسانية الإنجابية، وجمعت الاثنين في مصطلح واحد هو “نظام الجنس/ الجندر” (sex/ gender system)، (وهو المصطلح الذي راجعته فيما بعد، انظر/ ي: Rubin 1984). وبحسب روبين فإن لكل مجتمع نظام جنس/ جندر، أي منظومة من الترتيبات تتشكل في إطارها المادة الخام البيولوجية للجنس والإنجاب البشريين بواسطة تدخل إنساني اجتماعي (Rubin 1975, 165). وهذه الترتيبات هي طرق ثقافية مختلفة تنظم العلاقات الجنسية بين البشر من خلال علاقات القرابة والزواج. أما الجندر فهو “تقسيم للجنسين مفروض اجتماعيًا” وهو “نتاج العلاقات الاجتماعية للجنسانية” (Rubin 1975, 179).

وقد ساهمت كل من آن أوكلي وجييل روبين، جنبًا إلى جنب مع كاتبات نسويات أخريات في تلك الفترة، في نقد ما يطلق عليه اليوم اسم “النظرية الجوهرية” (essentialism)، أي ذلك المنهج في التفكير الذي يتعامل مع الظواهر الاجتماعية مثل الجندر والجنسانية باعتبارها قائمة قبل وخارج السياق والممارسات والبنيات الاجتماعية والثقافية التي تؤدي إلى ظهورها. وقد سمحت هذه الأطروحات المبكرة بالتفكير في الذكورة والأنوثة باعتبارهما متغيرات تاريخية وثقافية وليست أمورًا ثابتة وقائمة بذاتها. كذلك، فإن معنى أن يكون المرء امرأة أو رجلاً يتغير داخل أي مجتمع في لحظة بعينها، ويعكس الفروق التي تتقاطع مع الجندر مثل الطبقة أو العرق. فعلى سبيل المثال، كانت الفكرة السائدة في القرن التاسع عشر أن النساء مخلوقات هشة ورقيقة يحتجن إلى حماية الرجال النبلاء والأشداء، وهي الفكرة التي عارضتها تمامًا سوجورنير تروث Sojourner Truth، وكانت من العبيد السود الذين تحرروا، ومن المطالبات بحق الاقتراع للنساء، إذ قالت الآتي:

ذلك الرجل هناك يقول إنه يجب مساعدة النساء على ركوب العربة وتخطي مصارف المياه، وأن تكون أفضل الأماكن لهن. لم يساعدني أحد يومًا على ركوب العربة أو تخطي مصارف المياه أو أعطاني أفضل مكان .. أوّ لست امرأة؟ انظروا إليّ! انظروا إلى ذراعي .. لقد حرثت وزرعت وحصدت وخزنت المحاصيل في الصوامع وتفوقت في ذلك كله على كل الرجال .. أوَ لست امرأة؟ أستطيع أن أعمل مثل أي رجل .. وأن أتحمل الكرباج أيضًا .. أوَ لست امرأة؟ (Quoted in Carby 1982)

رغم تأكيد جييل روبين وآن أوكلي على البنية الثقافية للجندر، إلا أنما افترضتا أساسًا بيولوجيًا لهذا التمييز، فرأت أوكلي أن منشأه الفروق التشريحية بين الجنسين، على حين أرجعته روبين إلى النشاط الجنسي الإنجابي. وتطرح كتابات روبين العلاقة بين الجنسانية والجندر، خاصة مسألة ما إذا كانا مرتبطين ارتباطًا حتميًا، كما ذكرت في البداية، وسوف أعود إلى هذا الأمر فيما بعد أثناء تناولي تطويرها لموقفها لاحقًا. وأود الآن التركيز على إشكالية تمييز أوكلي بين الجنس والجندر. إن السؤال الذي طرحته النسويات هنا هو كالتالي: هل تحدث الفروق الجنسية البيولوجية حالة من الانفصام الطبيعي الذي يشكل الخلفية للتمييز الاجتماعي المجندر، أم أن العلاقة بين الاثنين أكثر تعقيدًا؟

وقد دعت النسويات المعبرات عن توجهات متنوعة، إلى ضرورة التساؤل حول التعارض بين الجنس والجندر. فمنهن من رأين أنه ليس من مصلحة النسويات تكرار وتكريس الازدواجية بين الثقافة والطبيعة السائدة في ثقافتنا. فعلى سبيل المثال، تشير مويرا جاتنس (Mora Gatens 1983) إلى أصل المصطلح خارج إطار النسوية، وتتساءل ما إذا كان هذا التمييز يخدم النسويات فعليًا في فهم الخبرة المجمدة للنساء. وتتجاوز سومر برودريب هذا السؤال وتقول بأننا لا نتعامل هنا مع تعارض مزدوج بين الطبيعة والثقافة فحسب، وإنما مع أيديولوجية أبوية تقدم الثقافة على الطبيعة، وتعتبر أن التركيز على “النوع” الاجتماعي واستبعاد الفروق البيولوجية هو رفض بمثابة رفض للجسد الأنثوي، وترى أن ذلك يمثل تعصبًا جنسيًا وليس تحررًا (Somer Brodribb 1992). كذلك ترى المدافعات عن تناول “الفروق البيولوجية” من أمثال روزي برايدوتي (Rosi Braidotti 1991, 1994) أن مفهوم الجندر غير كاف ليشمل العلاقة بين خصوصية تجسيد النساء والتعريف الاجتماعي والثقافي لهن باعتبارهن “الآخر” الأقل قيمة.

من ناحية أخرى هناك من يتشككون في التمييز بين الجنس والجندر على أساس أنه غير كاف لدحض الجوهرية، لأنه يفترض وجود جنس طبيعي يتشكل الجندر بناء عليه. إذا كان الجندر اجتماعيًا، كما يقولون، يجب علينا أن نفكر في كيفية تكوينه لأفكارنا عن الجنس البيولوجي، ويصبح علينا أن نتساءل بشأن تصنيفات الجندر ذاتها، ولماذا وكيف انقسم العالم الاجتماعي إلى مجموعتين نطلق عليهما اسم “النساء” و”الرجال”. ويتضح هذا الموقف في الكثير من كتابات ما بعد البنيوية وما بعد الحداثة، مثل كتابات جوديث بتلر (Judith Butler 1990) ودينيس رايلي (Denise Riley 1988)، إلا أن أول ظهور له كان في كتابات المادية النسوية الفرنسية في السبعينات.1 وتشمل قائمة المنظرات اللاتي ارتبطت أسماؤهن في أواخر السبعينيات بمجلة “أسئلة نسوية” (Questions Féministes) كل من كريستين دلفي (Christine Delphy) ومونيك وينيج (Monique Wittig) وكوليت جيومين (Colette Guillaumin) ونيكول – كلود ماثيو (Nicole-Claude Mathieu) (انظر/ ي: Adkins and Leonard 1996). وقد استمرت نسويات المدرسة المادية في تطوير نظرياتهن عن الجندر أو “النوع الاجتماعي” (Mathieu 1995) وقدمن الكثير مع نسويات ما بعد الحداثة في تطوير تحليلنا للجندر.

تتساءل النسويات من المدارس المادية وما بعد الحداثية حول وجود تصنيفات الجندر من الأساس، ويدفعن بأن “النساء” و”الرجال” فئات اجتماعية، تُعرف في علاقتها فيما بينها أكثر من الأساس البيولوجي السابق على ما هو اجتماعي. ورغم اشتراك المجموعتين في هذا الموقف الجذري الرافض للجوهرية، إلا أنهن يختلفن في منهج التحليل. فالنسويات من المدرسة المادية يركزن على العلاقات البنيوية الاجتماعية التي تعامل الرجال والنساء كمجموعات اجتماعية في علاقات تتسم بعدم المساواة والاستغلال، في حين تركز نسويات ما بعد الحداثة على تفسيرات ثقافية تنظر إلى “الرجال” و”النساء” باعتبارها فئات تتشكل استطراديًا. وفي هذا القسم من الورقة سوف أبحث في هذين المنظورين وسوف أتناول كريستين دلفي وجوديث بتلر، على التوالي، كمثال على هذين المنظورين.

ينبع الموقف النسوي المادي من الجندر من مقاربة للرجال والنساء باعتبارهم في علاقة شبه طبقية. ومن هذا المنظور لا تستند الهيمنة الأبوية على فروق جنسية حتمية، وإنما يعكس الجندر تقسيمًا اجتماعيًا بسبب الهيمنة الأبوية. ومن ثم فإن الهرمية سابقة على التصنيف. فنجد في كتاب كريستين دلفي وديانا ليونارد القول بأنه “بالنسبة لنا ليس “الرجال” و”النساء” جماعتين موجودتين في الطبيعة بشكل طبيعي، دخلا في لحظة ما في علاقة هرمية، بل إن المجموعتين مختلفتان اجتماعيًا لأن إحداهما تهيمن على الثانية (Delphy and Leonard 1992, 258). وينسجم هذا الرأي مع المنهج الماركسي في التحليل. فالماركسيون يرون أن الطبقات لا تتواجد إلا في علاقة بعضها بالبعض الآخر. ولا يمكن، لا من الناحية النظرية ولا العملية، أن تكون هناك بورجوازية بدون البروليتاريا، والعكس صحيح، كذلك “الرجال” و”النساء” يتواجدون كفئات اجتماعية متمايزة بسبب العلاقة الاستغلالية التي تربط وتفصل فيما بينهما. فمن الناحية النظرية لا يمكن أن تكون هناك “نساء” بدون “رجال” والعكس صحيح، وكما تقول مونيك ويتيج “لن يكون هناك عبيد بدون أسياد” (Monique Witting 1992, 15)

هذا وقد عرضت المقالة الافتتاحية للعدد الأول من مجلة “أسئلة نسوية” النتائج المترتبة على معاملة “الرجال” و”النساء” باعتبارهم فئات اجتماعية، كما تضمنت أيضًا نقد هيئة التحرير للتفسيرات الطبيعية للفروق الجنسية، فيما اعتُبر الأساس النظري لموقفهن النسوي الجذري، كما عارضن أفكار النسويات المتحدثات عن “الفروق الجنسية” وقلن إن فكرة “الاختلاف” الأنثوي تنبع من منطق أبوي ساهم في تبرير والتغطية على استغلال النساء. وفي مواجهة هذه الأيديولوجية رأين أن النسوية الراديكالية يجب أن ترفض أي ذكر “للمرأة” في غير ارتباط بالسياق الاجتماعي.

إن النتيجة المباشرة لهذا الرفض هي جهودنا لتفكيك فكرة “الفروق الجنسية” التي تؤسس لمفهوم “المرأة” وتشكل جزءًا لا يتجزأ من الأيديولوجية الطبيعية. إن الكينونة الاجتماعية للرجال والنساء غير مرتبطة على الإطلاق بطبيعتهم كذكور أو إناث ولا يشكل أعضائهم الجنسية (Questions Féministes 1981, 214- 15).

فمثلما يسعى الصراع الطبقي إلى القضاء على الفروق بين الطبقات، كذلك الصراع النسوي يجب أن يسعى إلى القضاء على التمييز بين الجنسين. ففي مجتمع غير أبوي لن يكون هناك تمييز اجتماعي بين الرجال والنساء، ولا يعني ذلك أن النساء سوف يصبحن كالرجال، حيث أنه لن يكون هناك “رجال” بالمعني المعروف: “ذلك أنه في نفس الوقت الذي سوف نقضي فيه على فكرة “المرأة” بشكل عام، سوف نقضي أيضًا على فكرة “الرجل” (Questions Feministes 1981, 215). 2 كما كتبت دلفي فيما بعد قائلة: “لو أن النساء متساويات بالرجال، يتوقف الرجال عن أن يكونوا متساويين فيما بينهم” (Delphy 1993, 8).

ويتعامل المنظور النسوي المادي مع “الجنس” – الذي يعتبر في العادة هو وجه التمايز “الواضح” والطبيعي بين النساء والرجال – باعتباره هو ذاته نتاج المجتمع والثقافة. ويتضح هذا بأوضح شكل في كتابات كريستين دلفي، التي تختلف عن نسويات المدرسة المادية الفرنسيات في كونها تستخدم مصطلح الجندر، واقترحت أنه بدلاً من أن يستند الجندر إلى اختلافات الجنس البيولوجي، “يصبح الجنس عنصرًا وثيق الصلة بالواقع، ومن ثم يتحول إلى فئة في حد ذاته بسبب وجود الجندر”

(Delphy 1984, 144)، وفي كتاباتها الأحدث، طورت دلفي من فكرتها عن كون الجنس في حد ذاته يتشكل اجتماعيًا، وقالت إن إدراك الاختلاف التشريحي الواضح بين الرجال والنساء هو في حد ذاته فعل اجتماعي، وليس الفرق التشريحي لذاته. إن ما تعنيه فكرة الجندر بالنسبة لدلفي ليس أنها تنزع عن الفروق بين الرجال والنساء صفة الطبيعية، بل هي تركز انتباهنا بالتحديد على انقسام البشرية إلى فئتين على أساس الجندر، وتقول إنه لا يكفي التعامل مع مضمون الجندر کمتغير وافتراض أن الوعاء (فئة المرأة أو الرجل) غير قابلة للتغيير، بل يجب التعامل مع الوعاء ذاته باعتباره منتجًا اجتماعيًا (Delphy 1993).

إن هذا التساؤل الجذري بشأن تصنيف الجندر نجده أيضًا في كتابات جوديث بتلر. ففي كتابها عن “إشكالية الجندر” (Judith Butler, Gender Trouble)، تقول بتلر إنه إذا لم يترتب الجندر تلقائيًا على الجنس، فلا يوجد سبب للاعتقاد أنه لا يوجد سوى نوعان من الجندر: “إن افتراض وجود ثنائية للجندر يتمسك ضمنيًا بالاعتقاد في وجود علاقة تقليدية بين الجندر والجنس، حيث الجندر يماثل الجنس أو يُقيد به” (Butler 1990, 6). وطالما بدأنا في التساؤل حول هذا الارتباط بهذه الطريقة، يجب أن نبدأ في التساؤل أيضًا عما إذا كان الجنس ذاته وليد الطبيعة أو نتاج خطابات علمية بعينها. وترى جوديث بتلر أننا إذا كنا نتشكك في ثبات الجنس، يصبح هذا المنتج المسمى “الجنس” منتجًا ثقافيًا مثله مثل الجندر، بل يجوز أنه كان جندر منذ البداية” (Butler 1990, 7).

وليس من قبيل المصادفة أن يتشابه تفكيك بتلر ما بعد الحداثي لمفهوم الجنس مع طرح دلفي المادي. ذلك أن الرابط بين الاثنين يتضح في طرح نسوي مادي آخر لمونيك ويتيج، التي بلورت نظريتها من الأسس التي أرستها دلفي وجيومين وأخريات، والتي أضافت مساهمة هامة حين عرّفت الجنس باعتباره “تلك الفئة السياسية التي أسست المجتمع على الغيرية الجنسية” (Wittig 1992, 5). وتبني بتلر على نظرية ويتيج حين تحلل “منظومة الغيرية الجنسية” و”النظام الجبري للجنس/ الجندر/ الرغبة” الذي يربط ما بين الجنس والجندر في غيرية جنسية طبيعية عرفيًا (Butler 1990) (normative heterosexuality). إلا أن بتلر تقرأ ويتيج في عزلة عن باقي أعمال النسوية المادية، وتنتقي من تركيز ويتيج على الأشكال البنيوية لعدم المساواة، 3 من ثم نجد أنفسنا أمام انطباع أن ويتيج “تفهم “الجنس” باعتباره خطابًا ينتجه وينشره نظام مضمونه قهر النساء والمثليين والمثليات” (Butler 1990, 113)، ومن ثم تتشكل أعمال ويتيج لتناسب طرح بتلر الخاص بأن الجندر ما هو إلا “خيال تنظيمي”.

تری جوديث بتلر أن الجندر والجنس كلاهما خيالي، بمعنى أنهما يتشكلان من خلال قبول أو رفض الخطاب السائد بشأنهما. إذا كان الجنس، والجندر كذلك، منتجات بنيوية، يترتب على ذلك أن الجسد لا يجمل جنسًا أصليًا سابق التحديد على وجوده، وإنما تتكون الأجساد من خلال الجندر “ولا يمكن القول بأن لها وجودًا ذا دلالة قبل تحديد الجندر الخاص بها” (Butler 1990, 8)، وتكتسب الأجساد الجندر الخاص بها من خلال الأداء المستمر للجندر، ومن ثم فإن الجندر، بدلاً من كونه جزءًا من وجودنا الداخلي، يصبح منتجًا أدائيًا، أي أن تكوني أنثى يعني الأداء كأنثى. وتفسر بتلر هذا الأمر من خلال تشبيهه بالتنكر، الذي تعتبره يسخر من فكرة أن “كينونة الأنثوية” تعبر عن هوية داخلية وحقيقية. فحين يؤدي الرجل في مسرحية تنكرية فيتنكر ويرتدي ملابس النساء، ينظر إليه المشاهد باعتباره يقلد أو يؤدي دور نموذج “أصلي”، أي دور امرأة “حقيقية”. أما ما تود بتلر إبرازه هنا هو أنه لا يوجد نموذج أصلي، حيث أن الجندر هو بنية اجتماعية، وما يستحق السخرية هو فكرة وجود أصل (Butler 1990, 138). إن ذلك التنكر ينزع عن الجندر صفة “الطبيعية” ويفككه إلى عناصره الأدائية ويكشف زيف تماسكه، ويظهر جوهر التقليد في الجندر ذاته (Butler 1990, 137).

وفي تحليلها للجندر باعتباره تكوينًا أدائيًا، لا تعني جوديث بتلر أن الجندر شيء “يرتديه” المرء صباحًا ثم ينزعه حين يريد (انظر/ ي: Butler 1993, x). ففي كتابها اللاحق عن “الأجساد ذات المعنى” (Bodies that Matter) توضح بتلر أننا مقيدون بالجندر. وردًا على النقاد الذين اتهموها بإنكار مادية الجسد، تقول بتلر إن المادية نتيجة للسلطة، وإن الأجساد المصنفة جنسيًا تتحدد ماديًا جبرًا مع الوقت. 4 فبدلاً من التناول “الأدائي” باعتباره تمثيلاً، تلجأ بتلر إلى مفهوم “الأدائية” (performativity) المشتق من علم اللغة، حيث إن الأداء اللغوي نوع من الحديث يبعث ما ينطق به إلى الوجود، مثلما هو الحال على سبيل المثال حين يقول القس أو مسئول السجل المدني “أعلنكما زوجًا وزوجة”.

إن “الأدائية” مؤثرة وفعالة لأنها تقوم على “الاقتباس”، إذ تتضمن اقتباسًا من ممارسات سابقة وتشير إلى عادات قائمة وتردد معايير شائعة. بهذا المعني فإن النطق بجملة “إنها فتاة” لحظة الولادة يبعث المولود إلى الوجود كفتاة ويبدأ ما تصفه بتلر “بتحضير المولود لتصبح فتاة”. وتنجح هذه الطريقة لأن جملة “إنها فتاة” تستند إلى سلطة المعايير السائدة التي تحدد ماهية الفتاة. ومن خلال تحديد جنس المولود نستدعي كل ما هو متعارف عليه من صفات ذلك الجنس، فيتحول الجنس إلى واقع مادي، بحسب بتلر، من خلال شبكة معقدة من الممارسات – التنظيمية والمتفق عليها – ومن ثم تصبح جبرية ومقيدة (حتى وإن لم تكن دائمًا فعالة)، وتبدو بتلر في تركيزها على التأثير المعياري والتنظيمي للأدائية وكأنها تسعى إلى تصور ما لعالم منظم اجتماعيًا، إلا أنها لا تفسر هذا “الاجتماعي”، وفي هذا الصدد تقول كارولين رامازانوجلو (Caroline Ramazanoglu) إن نظرية بتلر لا تترك مجالاً لطرح أسئلة “عن مصدر تلك المعايير، ولماذا تفرض في كثير من الأحوال هيمنة الغيرية الجنسية على دونها، أو الهيمنة الذكورية، أو أي خلل آخر في موازين القوى” (Ramazanoglu 1995, 37) .

إن تناول بتلر للجنس والجندر يعتبر “النساء” تكوينًا لا أصل له أو وجود سابق على السياق والخطاب. وليست بتلر وحدها في هذا الطرح، بل هي سمة شائعة في كثير من نسوية ما بعد الحداثة. فعلى سبيل المثال، تصف دينيس رايلي “النساء” بأنهن شاردات ومتغيرات وغير مستقرات، مثلهم مثل “الهوية المتذبذبة” و”الجماعة المتقلبة” (Denise Riley, Am I That Name? 1998, 1- 2). إن هذا الموقف لا يدعمه فكرة أن “النساء” صيغة ناجمة عن الخطاب السائد فحسب، وإنما تتضمن أيضًا استحضار الفروق فيما بين النساء. بالتالي فإن فئة “النساء” التي تزعم النسويات أنهن يتحدثن باسمهن، محكوم عليها بأن تكون إقصائية وممثلة فقط للنساء البيض الأوفر حظًا. إلا أن منظور ما بعد الحداثة، ومع وضع الفروق بين النساء في الاعتبار، تزعزع الهوبات الأخرى مثل “المثليات” أو “السوداوات”. كما تترك النساء بدون موقع يتحدثن منه باعتبارهن نساء، أو نساء سوداوات أو مثليات، أي بدون موقع يمكن التعبئة السياسية من حوله (Stanley 1990).

وليست هذه المشاكل بغائبة عن النساء من مدرسة ما بعد الحداثة، لذلك يتحدثن كثيرًا عن الضرورة الإستراتيجية “لخطر” الانزلاق إلى الحتمية (انظر/ ي على سبيل المثال: Fuss 1989, Spivak and Rooney 1994). وتنبع هذه “المخاطر” من فرضية أن البديل الوحيد لتفكيك ما بعد الحداثة هو طرح نوع من الفرق الحتمي بين النساء والرجال، وبعض الوحدة الحتمية بين “النساء” كجماعة. لكن ذلك ليس هو البديل الوحيد؛ فالنسويات من المدرسة المادية يطرحن التساؤلات بشأن فئة “النساء” دون إنكار الوجود المادي للنساء كجماعة اجتماعية تتحدد لا بواسطة “جوهرها” وإنما بموقعها داخل هرمية الجندر. وهو منظور يسمح لنا أيضًا بأن نضع في الاعتبار التباين القائم بين النساء فيما يتعلق بمواقعهن المادية المختلفة بسبب الطبقة والجنسانية والجنسية والعرق … إلخ.5

إن ارتباط هذه تفكيك الجندر بمدرسة ما بعد الحداثة واختفاء “النساء” كفئة، يفسر بعضًا من مقاومة النسويات لها. فإذا تعاملنا مع النساء والرجال باعتبارهم فئات ثقافية مجردة، فسوف تختفي حقيقة خبرات النساء من الصورة (Brodribb 1992). كذلك إذا تعاملنا مع الجندر باعتباره تميزًا ثقافيًا فحسب، أو باعتباره مصطلحًا محايدًا يشير إلى الفروق الاجتماعية، فإن المفهوم وقتها يخدم نزع الطبيعة السياسية عن المقاربات النسوية بشأن سيادة الرجال (Thompson 1989, de Groot and Maynard 1993). إلا أن كل ذلك لا يترتب بالضرورة على استخدام مفهوم الجندر، فمن المنظور النسوي المادي ليس الجندر فرقًا بسيطًا فحسب، بل هو تقسيم هرمي مماثل للطبقة، يستند إلى قهر واستغلال ماديين.

من خلال تناولي لأطروحات جوديث بتلر يتضح أن هذه المقاربات بشأن الجندر لها أيضًا آثار على رؤيتنا للجنسانية، خاصة ما يتعلق بالتمييز بين الغيرية الجنسية (heterosexuality) والمثلية الجنسية (homosexuality). إن افتراض أن الجندر يستند إلى فرق بيولوجي أو الجنس الإنجابي يمكن أن يؤدي بسهولة شديدة إلى افتراض أن العلاقات الجنسية الغيرية بين الذكر التشريحي والأنثى التشريحية تنتمي إلى نفس المجال في الطبيعة. الجنسانية هي أحد مجالات الحياة الاجتماعية، وهو مجال عرضة بشكل خاص للحجج الحتمية، واختصار كل تعقيدات الرغبات والممارسات الجنسية البشرية في الغيرية الجنسية الإنجابية وبقاء الجنس البشري. إن هذا الاختزال للغيرية الجنسية في واجب انجذابي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأفكار التي تبحث عن جذورها في الطبيعة فيما يتعلق بالجندر، لذلك كثيرًا ما يفترض أن الفروق بين النساء والرجال يسهل تفسيرها بالبيولوجيا الإنجابية، كذلك فإن الجنسانية تمنح الجندر مصداقيته “الأنوثة” تساوي الانجذاب للرجال؛ كما أن اكتساب النساء يؤكد على الذكورة، ثم يفترض أن الفرق الجنسي أمر ضروری للرغبة الجنسية، وأن “الأضداد” تتجاذب، ومن ثم تعرف الغيرية الجنسية بأنها “الأمر الطبيعي” فيما تسميه تامسين ويلتون “القطبية الغيرية” (Tamsin Wilton 1996).

لذلك تهتم النسويات بالاشتباك مع الأفكار الأساسية عن الجنسانية، إضافة إلى الأطروحات الطبيعوية بشأن الفروق بين النساء والرجال، ومن المؤكد أن بقاء الأنواع لا يستدعي أن ينخرط الجميع في نشاط جنسي إنجابي دونًا عن أية ممارسات أخرى. كما لا يمكن أن نفكر في الجنسانية باعتبارها دافعًا سابق الوجود أي جوهرًا يتعرض “للكبت” أو السيطرة بواسطة القوى الاجتماعية. هذا الفهم الشائع للجنسانية يستند إلى أمر غير قابل للمعرفة: جنسانية “طبيعية” افتراضية غير متأثرة بالعوامل الاجتماعية. وهو فهم لا يفسر التباين الثقافي والتاريخي للجنسانية ولا الفروق بين جنسانية الرجال وجنسانية النساء، إلا باعتبارها منتجًا للطبيعة أو الكبت المتفاوت في درجاته، ومن ثم تصبح الجنسانية “غير المكبوتة” في العادة هي الغيرية الجنسية الذكورية المتعارف عليها. وأخيرًا, فإن التنظيم الاجتماعي للجنسانية في نموذج “اقتصار الدافع” يصبح طاقة سلبية لا تسمح بفهم مسألة توزيع السلطة، التي بدورها “تشكل بنية” الجنسانية. فالعلاقات الجنسية البشرية هي علاقات اجتماعية ومن ثم ذات معنى لأطرافها وتتشكل من خلال السباق الاجتماعي المحيط بها.

وسعيًا إلى بدائل لتلك الحتمية لجأت بعض النسويات إلى مدرسة التحليل النفسي. إلا أن حتى أشكال التحليل النفسي التي لا تتبنى نظرية قدرية البيولوجيا، كثيرًا ما تعتمد على فكرة الدوافع السابقة على الشكل الاجتماعي وتتعامل مع الجندر والجنسانية باعتبارهما متداخلان بحيث يصعب تصور الجنسانية المثلية الذكورية أو الأنثوية بأي شكل إيجابي. وقد يكون من الأفضل للنسوية التعامل مع التصورات التفاعلية للجنسانية (Gagnon and Simon 1974) وتحليل فوكو (Foucault 1981) للجنسانية باعتبارها ظاهرة بنيوية. ورغم التباين الشديد في الخلفية النظرية وراء كل منهما إلا أن الأطروحتين تتشاركان في فرضيات مشتركة، فكلاهما يطرح نقدًا لفكرة الكبت وتقترحان عدم وجود جنسانية “أصلية” منفصلة عن بنيتها الاجتماعية أو الثقافية. كلاهما يطرح أن الممارسات والهويات والرغبات والأعضاء الجسدية المختلفة التي اجتمعت تحت عنوان الجنسانية تحقق وحدتها فقط من خلال سياق وخطاب يضفي عليها كونها “جنسية”. الجنس، في رأي فوكو هو “نموذج تنظيمي مثالي”. وهما تطرحان، جزئيًا على الأقل، أن العلاقة المتبادلة بين الجندر والجنسانية ليست محددة سلفًا بل هي نتيجة لسياقات تاريخية واجتماعية خاصة.6

هذا وقد كان طرح فوكو هو الأكثر تأثيرًا بين منظري النسوية والمثلية الذكورية. وقد كانت جييل روبين من النسويات اللاتي تأثرن كثيرًا بطرح فوكو، فاستندت إلى أعماله في تفكيك أطروحتها بشأن منظومة الجنس/ الجندر (Rubin 1984, 1994). ونجدها في مراجعة لاحقة لآرائها السابقة (Rubin 1975) تطرح روبين أنه لا يجوز التعامل مع الجندر والجنسانية باعتبارهما متمايزين تحليليًا فحسب، بل إنهما يمثلان مجالين منفصلين في التحليل النقدي (Rubin 1984) . وقد رأت روبين تحديدًا أن التركيز على علاقات الجندر وقمع النساء يدفع النسويات إلى تجاهل القمع الآخر الواقع على “الأقليات” الجنسية. وقد توافقت غالبية النسويات على الحاجة إلى التمييز النظري بين الجندر والجنسانية والذي بدونه لا نستطيع أن نبحث في تقاطعاتهما؛ كما قد توافق أغلبهن أيضًا روبين على عدم المبالغة في تمييز الجنسانية عن الجندر، لأن ذلك كفيل بأن يحدد مسبقًا كيفية قراءة تقاطعهما. ومع ذلك فإن معظمهن يؤكدن على أن الجنسانية والجندر مرتبطان.

وقد اهتمت النسويات على وجه الخصوص بالعلاقة بين التقسيم الهرمي بين النساء والرجال ومأسسة الغيرية الجنسية. فكما رأينا، تتقاطع بنية الجندر وجنس الأجساد بالموقع المتعارف عليه والمهيمن للجنسانية الغيرية. والمنظور النسوي المادي يرى أن الخط الفاصل بين الجنسانية الغيرية والجنسانية المثلية يستمد جذوره من الجندر، ففي عالم بدون جندر “يصبح التمييز بين الجنسانية الغيرية والمثلية لا معنى له” (Questions Féministes 1981, 215). وانطلاقًا من هذه النقطة ترى ويتيج أن المثليات، باعتبارهن هاربات من تعاقد الغيرية الجنسية، “لسن نساء” (Witting 1992, 32). وهنالك نسويات أخريات من المدرسة المادية، وعلى وجه الخصوص دلفي، ينتقدن الحتمية الضمنية في التعامل مع الجنسية المثلية الأنثوية باعتبارها تقع خارج إطار البنية الثقافية وعلاقات تنظيم الجندر والجنسانية (انظر/ ي: Jackson 1996)، ومثلها أيضًا كل من فاس وبتلر (Fuss 1989, Butler 1990). وتعتمد الفئات والهويات الجنسية، سواء كانت مثلية أو غيرية، على الوجود السابق للجندر وعلى احتمال الرغبة “في “نفس الجنس” أو “الجنس الآخر” (Jackson 1995).

ويبدو الجندر في هذه الأطروحات وكأنه يولى أولوية سببية على الجنسانية، لكنها ليست الطريقة الوحيدة لتأمل العلاقة فيما بينهما، ذلك أن التحليل النفسي يمنح الأولوية للجنسانية، حيث يؤكد. أن موضوع الرغبة جوهريًا في أن يصبح الشخص فاعلاً جنسيًا، ومن ناحية أخرى ترى بعض النسويات الراديكاليات، ومن منظور مختلف تمامًا، أن التأثير الأقوى هو للجنسانية، إذ ترى كاثرين ماكينون، على سبيل المثال، أن الجنسانية “هي تلك العملية التي تخلق وتنظم وتعبر وترشد الرغبة وتخلق الكائنات الاجتماعية التي تعرفها كنساء ورجال” (Catharine MacKinnon 1982, 516) , ويستند تقسيم الجندر هنا إلى “المتطلبات الاجتماعية للغيرية الجنسية والتي تؤسس السيطرة الجنسية الذكرية والخضوع الجنسي الأنثوي” (Catharine MacKinnon 1982, 533)، ولكن المشكلة في طرح ماكينون هو أنه يختصر الجندر في الجنسانية، ويتجاهل عناصر أخرى غير جنسية في الجندر وفي إخضاع النساء.

وبغض النظر عن المنظور الذي تتخذه النسويات، فإن معظهن واعيات بأن الحدود بين معايير الجندر “الملائمة” والغيرية الجنسية يتم فرضها بأساليب شتى، وأن من يتخطى تلك الحدود عادة ما يوصم، وفي كثير من الأحيان يعاقب. إن الغيرية الجنسية الإجبارية (Rich 1980) تستتبع إخضاع النساء باعتبارهن الطرف الأدنى، مع إبقائهن داخل حدود العلاقة بالرجال. وفيما يتعلق بالحفاظ على تلك الحدود فإن تقسيمات الجندر والغيرية الجنسية المتعارف عليها يدعمان بعضهما البعض, إذ تقول تمسين ويلتون إن المثليات والمثليون يوصمون حين يرفضون أو يتشككون في الجندر الخاص بهم، فهم ليسوا “رجالاً حقيقيون” ولا “نساًء حقيقيات”. ومن ناحية أخرى يجبر الرجال على أن يصبحوا ذكورًا، وإلا وصموا بأنهم مثليوين، كما توصم النساء بالمثليات حين يفتقدن إلى “الأنوثة” (Wilton 1996).

ونحن نقترب من الألفية، أصبحت العلاقة بين الجندر والجنسانية قضية محورية في المحاورات النسوية، وتجدد الاهتمام بنقد الغيرية الجنسية وإعادة إحياء الجدل فيما بين النسويات، وما بين النسويات المثليات والغيريات (wilkinson and Kitzinger 1993, Richardson 1996, Jackson 1998) .في نفس الوقت شاهدنا تطور “نظرية المثلية” ذات الصيغ النسوية المتباينة في أعمال جوديث بتلر وأخريات، وإن كان لها وجود لذاتها خارج الجدال النسوي. إن كلاً من النسوية والمثلية يستتبعان البحث في التصنيفات الثنائية وكلاهما يسعى إلى إزاحة الغيرية الجنسية من موقعها المهيمن والمتعارف عليه بأنه الطبيعي، بينما يتجاوزان ذلك ويختلفان في جوهر كل واحدة منهما. وعلى حين تنطلق النسويات من نقطة قهر النساء، تنطلق نظرية المثلية من الأولويات السياسية والنظرية للمثليين، فالنسويات منشغلات باعتبار الغيرية هي الأمر الطبيعي وبالأساليب التي تستخدم للتأكيد على ذلك إضافة إلى ما يطلق عليه البعض “الأبوية الغيرية” (Kitzinger and Wilkinson 1993)، أي كيفية استخدام الغيرية الجنسية الجبرية لتكريس دونية النساء، وهي قضايا تفترض رؤية هرمية للجندر. ومن ناحية أخرى، يتزايد اهتمام منظّري المثلية، نساًء ورجالاً، باعتبار الغيرية الجنسية هي الحالة الطبيعية ونادرًا ما ينشغلون بمسألة دونية النساء. وبالتالي، فعلى حين يتعامل المثليون والمثليات بجدية مع قضية الجندر، ويجدون فيه دعمًا للحفاظ على هيمنة الغيرية الجنسية، إلا أنهم لا يجدونه بالضرورة هرميًا.

وتنتقد بعض النسويات نظرية المثلية بشدة حيث إنها في النهاية تزيح الهرمية الأبوية للجندر لصالح الغيرية الجنسية باعتبارها العنصر التنظيمي الرئيسي، ويترتب عليها “إخفاء” المثليات (Jeffreys 1994). لكن هناك نسويات أخريات يرحبن بإدماج النظرية المثلية ويشتبكن معها (Wilton 1996, Smart 1996). وما زالت تلك النقاشات مستمرة وقت كتابة هذه الورقة، بل وتتناول حاليًا العلاقة بين الجندر والجنسانية (انظر Richardson 1996, Jackson 1998). ويتعاظم في هذه النقاشات أيضًا الاهتمام بأشكال تجاوز الجندر، بداية من تنظيم معسكرات للممارسات الجندرية غير النمطية (مثل ارتداء الرجال ملابس نسائية) وحتى رعاية ما بعد جراحات تغيير الجنس (انظر/ ي على سبيل المثال: Garber 1992, Herdt 1994). إن هذه الظواهر تثير الكثير من الجدل، فمنظّرو ومنظّرات المثلية يرون فيها التفافًا على التصنيف الثنائي للجنسانية على حين ترى بعض النسويات الراديكاليات أنها ترسخ الجندر (Jeffreys 1996). ومن المثير للاهتمام أن الجدل حول الغيرية الجنسية وتجاوز الجندر يجذب كلاً من النسويات والمنظرين المثليين، نساًء ورجالاً، وقد تعود سخونة هذا النقاش إلى تاريخ من التوترات بين سياسات ونظريات المثليات والمثليين (انظر/ ي: Jackson 1988).

إن القضية الجوهرية الأخرى في هذه اللحظة هي قضية “الجسد”، ذلك أنه من خلال أجسادنا يدرك أحدنا الآخر باعتباره كائنًا له جنس ما، ومن خلالها ننخرط في ممارسات جنسية. وقد كانت قضية الجسد دائمًا مطروحة، بشكل ما أو بآخر، في نقاش النسويات حول الجندر والجنسانية، بل وأصبح الجسد هو الساحة التي يدور عليها ذلك الجدل. وكانت فكرة الجسد “الطبيعي” محل تساؤل ونقاش من أكثر من منظور، ومرة أخرى كان منظرو المثلية ومنظرو ما بعد الحداثة، نساًء ورجالاً، في مقدمة ذلك الاتجاه (Butler 1993, Grosz 1995)، أما من رغبوا في الحفاظ على فكرة الفروق الجنسية فقد أصروا على التأكيد على “خصوصية الخبرة المعاشة للجسد الأنثوي” (Braidotti 1994: 40)، ومن المؤكد أن النسوية لا تستطيع أن تتجاهل الجسد في نظرياتها، حيث إنه ببساطة يمثل المادة الخام التي تحمل خصائص الجندر. ومن ناحية أخرى تتعامل الكثير من النظريات المطروحة مع الجسد باعتباره مسألة تجريدية تحجب “الخبرة الفعلية المعاشة لأجساد النساء” (Hughes and Witz 1997). ومع زيادة تركيز النقاش النسوي حول الجسد وجب علينا أن نبحث في كيفية تأثير الخبرة الجسدية على فهمنا للجندر والجنسانية. وهنالك فعليًا بعض الأعمال التي تتناول هذا الأمر (انظر/ ي على سبيل المثال: Bartky 1990, Scott and Morgan 1993, MacSween 1993 Holland et al. 1994, Ramazanoglu 1995)، وإذ نستمر في النقاش حول “طبيعية” الجسد، نحتاج إلى أن يستند تحليلنا إلى علاقات وممارسات اجتماعية مادية وأن نولي اهتمامًا إلى الأجساد في التفاعل وكذلك الأجساد من حيث موقعها الاجتماعي. حينها يمكننا أن ننتج تحليلات تخاطب مختلف أشكال الواقع المعاش لما يتجسد في الجندر والجنس.

* Stevi Jackson, “Theorising Gender and Sexuality”, Contemporary Feminist Theories, ed. Stevi Jackson and Jackie Jones, Edinburgh University Press, 1988, 131- 47.

1 استندت أسس كتابات ما بعد الحداثة أيضًا بواسطة كتاب سابقين تأثروا بالأنثروبولوجيا الهيكلية وعلم اللغة والتحليل النفسي، مثل هؤلاء الذين ساهموا في كتابات المجلة البريطانية واهتموا بالأساس بقضية كيفية تشكيل النساء. كذلك طرحت جايل روبين أن “الرجال” و”النساء” فئات اجتماعية أكثر منهم فئات طبيعية وأنهم نتاج منظومة الزواج وعلاقات النسب (Rubin 1975, 179).

2 طرحت مونيك ويتيج نفس هذه النقطة لاحقًا, وبنفس الكلمات تقريبًا (Witting 1992, xx).

3 بدلاً من ذلك، تضع بتلر ويتيج ضمن شكل من أشكال النسوية الفرنسية التي اخترعها الكتاب الأنجلو أمريكيون، وهي فئة تستبعد أغلب النسويات الفرنسيات باستثناء قلة مختارة من أمثال كريستيفا (Kristeva) وإيريجاراي (Irigaray)، وتضم العديد من المنظرين الفرنسيين الرجال، مثل لاكان (Lacan) وديريدا (Derrida) وفوكو (Foucault). ولمزيد من مناقشة هذا الإسكات الإمبريالي للنسوية الفرنسية، انظر/ ي: Delphy 1995، ولمزيد من النقاش حول سوء تمثيل بتلر لوينيج، انظر/ ي: Jackson 1996.

4 من خلال تحويل تركيزها نحو مادية الأجساد المجنسنة، ينزاح الجندر كانقسام اجتماعي من مركز الجدال (انظر/ ي: (Hughes and Witz 1997.

5 إن بعض منظري ومنظرات ما بعد الحداثة، الملمين أكثر بالبعد الاجتماعي، يطرحون طرحًا وسطًا لا ينكر السياق المادي لحيوات النساء، وإن كان يطرح رؤية “للنساء” تسمح بتناول مختلف باختلاف المفاهيم المستخدمة. إذ تطرح أيريس ماريون يونج (Iris Marion Young) تحليلاً آخر مستمدًا من سارتر يتعامل مع الجندر باعتباره متوالية والنساء كجماعة متوالية، وهي مجموعة فضفاضة تتكون ممن يعرفن بكونهن نساء، وإن كانت تختلف في موقعها داخل الهرمية والانقسامات الاجتماعية الأخرى. وبالتالي فإن فئة “النساء” تمثل حقيقة اجتماعية وإن كانت متباينة ومعقدة (Young 1994).

6 لا تسمح المساحة هنا بمناقشة الاختلافات بين كلا المنظورين. للاطلاع على نقاش جيد في هذا الشأن انظر/ ي:

Connel and Dowsett 1992.

Adams, Parveen and Elizabeth Cowie (eds) 1990. The Women in Question, London: Verso.

Adkins, Lisa and Diana Leonard (eds) 1996. Sex in Question: French Materialist Feminism. London: Taylor and Francis

Bartky, Sandra 1990. Femininity and Domination. New York: Routledge.

Braidotti, Rodi. 1991. Patterns of Dissonance. Cambridge: Polity; New York: Routledge.

—- 1994. “Feminism By any Other Name” . Interview, Differences, 6 (2/3):27-61.

Brodribb, Somer 1992. Nothing Mat(t)ers: A Feminist Critique of Postmodernism. Melbourne: Spinifex.

Butler, Judith. 1990. Gender Trouble: Feminism and the Subversion of Identity. New York: Routledge.

—1993. Bodies that Matter. New York. Routledge.

—1994.”Against Proper Objects”, Differences6/2/3): 1-26.

Carby, Hazel. 1982. “White Women Listen”, Centre for Contemporary Cultyral Studies (eds) The Empire Strikes Back, London: Hutchinson.

Connell, Robert E. and Gary W. Dowsett. 1992. “The Ynclean Motion of the Generative Parts: Frameworks in Western The ought on Sexuality”, R.W. Connell and G.W. Dowsett (eds.) Rethinking Sex. Melbourne: University of Melbourne Press.

De Groot, Joanna and Mary Maynard (1993). “Facting the Nineties: Problems and Possibilities for Women’s Studies”, J.de Groot and M. Manard (eds) Women’s Studies in the 1990s. Basingstoke: Macmillan

Delphy, Christine. 1984. Close to Home: A Materialist Anlysis of Women’s Oppression.London: Hutchinson.

—-1993. “Rethinling Sex and Gender”, Women’s Studies International Forum, 16(1):1-9

—–1995. “The Invention of French Feminism: An Essential Move”, Yale French Studies 87:190-221.

Delphy, Christine and Diana Leonard. 1992. Familiar Exploitation: A New Analysis of Marriage in Cotemporary Western Societies. Oxford: Polity.

Foucault, Michel. 1981. The History of sexuality, Volume One. Harmondsworth: Penguin.

Fuss, Diana (ed.). 19989. Essentially Speaking. New York: Routledge. Gagonon, John and William Simon. 1974. Sexual Conduct. London: Hutchinson

Garber, Marjorie. 1992. Vested Interests: Cross Dressing and Cultural Anxiety. London: Routledge.

Gatens, Moira. 1983. “A Critique of the Sex/Gender Distinction”, in J. Allen and P.Patton (eds) Beyond Marxism?, New South Wales: Intervention Puplications. Reprinted in Gatens, M., Lmaginary Bodies London: Routledge 1996.

Grodz, Elizabeth. 1995. Space, Time and Perversion. London: Routledge,

Herdt, Gilbert (ed). 1994. Third Sex, Third Gender: Beyond Sexual Dimorphism in Culture and History. New York: Zone Books.

Holland, Janet, Caroline Ramazanoglu, Sue Sharpe and Rachel Thomson. 1994. “Power and Desire: the Embodiment of Female Sexuality”, Feminist Review, 46:21-38.

Hughes, Alex and Anne Witz. 1997. “Feminism and the Matter of Bodies: form de Bouvoir to Butler”, Body and Society, 3(1):47-60.

Jackson, Stevi. 1992. “The Amazing Deconstructing Women: the Perils of Postmodern Feminism”, Trouble and Strife, 25:25-311.

—-1996. Christine Delphy, London: Sage.

—-1998. Concerning Heterosexuality. London: Sage.

Jeffreys, Sheila. 1994. “The Queer Disappearance of Lesbians: Sexuality in the Academy”, Women’s Studies International Forum 17 (5): 459-72.

Jeffreys, Sheila. 1996. “Heterosexuality: Telling in Straight, Buckinham: Open University.

Kitzinger (eds) Heterosexuality: A Feminism and Psychology Reader. London: Sage. Mackinnon, Catharine. 1982. “ Feminism, Marxism. Method and the State: an Agenda for Theory” , Signs 7 (2):515-44.

Macsween, Morag, 1993. Anorexic Bodies. London: Routledge.

Mathieu, Nicole-Claude. 1995. “Sexual, Sexed and Sex-Class Ikentities”. In L. Adkins and D. Leonard (eds) Sex in Question: French Materialist Feminism. London: Taylor and Francis.

Mitchell, Juliet. 1982. “Introduction”, in J. Mitchell and J. Rose (eds) Feminine Sexuality: Jacques Lacan and The Ecole Freudienne. London: Macmillan. Nicolson, Linda. 1994.”Interpreting Gender”, Signs, 20 (1): 79-105.

Oakley, Anne. 1972. Sex, Gender and Society. Oxford: Martin Robertson.

Questions Feminists Collective, 1981. “Variations on a Common Theme”, in E. Marks and L. de Courtivorn (eds). New French Feminism. Brighton: Harvester.

Ramazanoglu, Caroine. 1995. “Back to Basics: Heterosexuality, Biology and Why Men Stay on Top”, M. Maynard and J. Purvis (eds). (Hetero)Sexual Politics. London: Taylor and Francis. Rich, Adrienne. 1980. “Compulsory Heterosexuality and Lesbian Existence”. Signs 594):631-60.

Richardson, Diane (ed.) 1996. Theorising Heterosexuality: Telling it Straight, Buchingam: Open University Press.

Riley, Denise, 1957. Am I That Name? Feminism and the Category of Women in History. London: Macmillan.

Rubin, Gayle. 1975. “The Traffic in Women”, in R. Reiter (ed.) Toward and Anthropology of Women. New York: Monthly Review Press.

—-1984. “Thinking Sex: Notes for a Radical Theory of the politiics of Sexuality”, in C. Vance (ed.). Pleasure and Danger. London: Routledge.

—1994. “Sexual Traffic” (interview with Judith Butler), Differences. 6(2/3):62-99.

Scott, Sue and David Morgan (eds) 1993. Body Matters. London: Falmer. Smart, Carol. 1996. “Collusion, Collaboration and Confession: on Moving Beyond the Heterosecuality Debate”, in D. Richardson (ed.) Theorising Heterosexuality: Telling it Straight. Buckingham: Open University Press.

Spivak, Gayatri Chakravorty and Ellen Roomey. 1994. “In a Word”, interview, in N. Schor and E. Weed (eds). The Essential Sifference. Bloomington: Indiana University Press.

Stanley, Liz. 1990. “Recovering ‘Women’ in History form Historical Deconstructionism”, Women’s Studies International Forum, 13(1/2): 153-5.

Thompsom, 1989. “The Sex/Gender Destinction: A Recondideration”, Australian Feminist Studies 10:23-31.

Wilkinsin, Sue and Celia Kitzinger (eds). 1993. Heterosexuality: A Feminism and Psychology Reader, London: Sage,

Wilton, T. 1996. “Which One’s the Man? The Heterosexualisation of Lesbian Sex”, in D. Richardson (ed.) Theorising Heterosexuality: Telling it Straight, Bukingham: Open University Press.

Witting, Monique. 1992. The Straight Mind and Other Essays. Hemel Hempstead: Harvester Wheatsheaf.

Young, Iris Marion. 1994. “Gender as Seriality: Thinking about Women as a Social Collective”, Signs 19 (3):713-38.

Adkins, Lisa and Diana Leonard, 1995. Sex in Question: French Materialist Feminism. London: Taylor and Francis.

Butler, Judith. 1990. Gender Trouble: Feminism and the Subversion of the Identity. New York: Routledge.

—- (ed.). 1994. More Gender Trouble: Feminism Meets Queer Theory. Special Issue of Differences vol. 6, no. ¾, Bloomington: Indiana University Pres.

Fuss, Diana (ed.) 1991. Inside/Out: Lesbian Theories, Gay Theories, New York: Routledge.

Haraway, Donna, 1991. “Gender for a Marxist Dictionary”, in Simians, Cyborgs and Women. London: Free Association Books.

Jackson, Stevi and Sue Scott. 1996. Feminism and Sexuality: A Reader. Edinburgh: Edinburgh University Press.

—– 1998. Concerning Heterosecuality. London,Sage.

Oakley, Ann. 1972. Sex, Gender and Society. Oxford: Martin Robertson; reprinted in 1984 by Blackwell.

Richardson, Diane. 1996. Theorizing Heterosexuality: Telling it Straight, Bukingham: Open University Press.

Rubin, Gayle, 1975. “The Traffic in Women”, in R. Reiter (ed.). Toward an Anthropology of Women. New York: Monthly Review Press.

—- 1984. “Thinking Sex: Notes for a Radical Theory of the Politics of Sexuality”, in C. Vance (ed.), Pleasure and Danger. London: Routledge.

Schor, Naomi and Elizabeth Weed (eds). 1996. The Essential Difference. Bloomington: Indiana University Press.

الكلمات المفتاحية: مفهوم الجندر, مفهوم الجنسانية
شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي