مليون ابن لمصريات ينتظرون قانون الجنسية

استشاري الدراسة:

بقلم: انتصار بدر

إضافة (أو) للقانون يمنح المواطنة للأبناء

إضافة (أو) للقانون يمنح المواطنة للأبناء

رغم حالة الارتياح التي ساءت أوساط المجتمع، بعد إعلان رئيس الجمهورية من قرب إصدار قانون جديد يمنح الجنسية لأبناء الأم المصرية، فإن القرار يفتح باب التقدم لطلب الجنسية لأبناء المصريات المتزوجات من أجانب وفق شروط منح الجنسية للأجانب في القانون الحالي – يعني أن سياسة التمييز ضد المرأة المصرية حالة مستمرة وأن الأزمة التي خلفها القانون ستظل قائمة.

فالقانون المزمع إصداره والذي ما زال قيد المناقشة وفق تصريحات المسئولين، يقتصر تطبيقه فقط على المرأة التي ستتزوج من أجنبي، وتنجب بعد صدوره: مما يعني الآن أن الأمهات وأبناءهن سيظلون تحت رحمة القانون القديم، وهو في حد ذاته تمييز جديد بين امرأة تزوجت قبل صدور القانون، وأخرى تزوجت بعد صدوره، ومن ثم فإننا ندور في الدائرة نفسها.

فعلى الرغم مما يبدو من تحسن نسبي في موقف الحكومة وتخليها عن الرفض المطلق لمناقشة الجنسية، وما تضمنه إعلان رئيس الجمهورية من عدم دستورية القانون الحالي.. فإن الإجراءات التي تم اتخاذها حيال من تقدموا للحصول على الجنسية لم تقدم جديدًا بل كرست للوضع القائم، وبدلاً من أن تمنح الحكومة الجنسية مباشرة لأبناء الأم المصرية أو حتى الانتظار لحين صدور القانون الجديد، أصرت على معاملتهن، مثلما يتم التعامل مع الأجنبي الذي يرغب في الحصول على الجنسية المصرية، وفق شروط باب التجنس للأجانب في القانون الحالي، وهي شروط متعسفة وشديدة الصعوبة.

ومن المعروف أن عدد ان النساء المصريات المتزوجات من أجانب حسب التصريحات الرسمية، حوالي ٢٦٨ ألف المرأة تقترب أعداد أبنائهن من المليون، القليل منهم فقط من سيحصل على الجنسية في حالة نجاحهم في اجتياز الشروط، التي أعلنتها وزارة الداخلية، والتي أقل ما يقال عنها شروطًا تعجيزية، يأتي في مقدمتها شرط وجود مصدر للكسب المشروع، سيقف الكثيرون ممن أنهوا مراحل تعليمهم عاجزين أمامه، نظرًا لندرة فرص العمل في مصر والتي تكاد تكون مستحيلة للأجانب: بسبب صعوبة استخراج تصاريح عمل لهم واشتراط دفع رواتبهم بالدولار سواء في القطاع الخاص أو الاستثماري المتاح لهم وتبقى لهم فرص ضئيلة، ويصعب إثباتها في القطاع غير الرسمي.

ثم يأتي بعد ذلك شروط الإقامة المتواصلة في مصر لمدة عشر سنوات: ليستبعد أعدادًا أخرى ممن سافروا للبحث عن فرص عمل في بلدان أخرى أو التعليم أقل تكلفة، وهؤلاء عادة ما تسقط عنهم الإقامة إذا لم يقوموا بتجديدها خلال ستة أشهر. وهو ما يحدث في الغالب لأغلبهم: إذ يتركونها أثناء السفر على أمل تجديدها بعد عودتهم.

أسوأ الشروط على الإطلاق.. إلا يكون الشخص معاقًا حتى لا يكون عالة عالة على الدولة، وهو شرط لا إنساني ومعيب في حق الدولة، وكان الأجدر به بدلاً من عقاب المرأة مرتين الأولى على اختيار شريك حياتها، والثانية على ابتلاء الابن بالمرض.. كان عليها أن تشملها بالرعاية، فالأم التي تعاني الأمرين في تعليم أبنائها بالعملة الصعبة، وتجديد إقامتهم برسوم مغالي فيها واحتواء احباطاتهم النفسية لعدم قدرتهم في كثير من الأحيان على مواصلة تعليمهم وعدم القدرة على الزواج والعمل. وممارسة أي نشاط كغيرهم، وحيرتهم الدائمة نتيجة لمعاملتهم كأجانب في مجتمع ينتمون إليه بحكم التنشئة.. هذه الأم تصبح معاناتها أشد وطأة في وجود ابن معاق يحتاج لرعاية مضاعفة. كما أن هذا الشرط المجحف سيضعها في موقف شاذ هي وأولادها الآخرين، إذا وافقت الحكومة على منحهم الجنسية دون أخيهم المعاق، فيصبح الأخوة مصريين والمعاق أجنبيًا.

 

ثمن الجنسية

على الرغم من تلال الشكاوي والالتماسات التي تحتفظ بها الحكومة لإعفاء أبناء المصريات من سلسلة الرسوم الطويلة التي تحاصرهم، أضافت إليها رسومًا جديدة كشرط لتقديم الطلبات التي حددتها للفرد الواحد بـ ١٢٠٠ جنيه: مما يضع عائقًا جديدًا أمامهم وبالذات الأسر الفقيرة، وهي في معظمها فقيرة كما أكدت الدراسات.

فأغلب الزيجات كانت من بلدان عربية، يأتي في مقدمتها السودان وبعضهم مقيم في مصر منذ عقود طويلة بحكم عمق العلاقات المصرية السودانية وأحوالهم لا تختلف كثيرًا عن أحوال المصريين، والبعض الآخر دفعت به الحرب الأهلية للجوء إلى مصر وهؤلاء أحوالهم أسوأ بكثير.

يأتي بعد ذلك الفلسطينيون اللاجئون في مصر من بعد عام ١٩٤٨ وماتلاه أو الذين ينتمون منهم لقبائل البدو الساكنة بين الحدود المصرية الفلسطينية وهؤلاء جميعًا رغم استبعادهم ضاعفت الانتفاضة الحالية وظروف الاحتلال من معاناتهم يليهم العراقيون الذين ارتفعت معدلات زواج المصريات منهم أثناء هجرة العمالة المصرية لدول النفط من بعد عام 1973 يعيشون ظروفًا معيشية متدنية بسبب الحرب مع إيران وحرب الخليج الأولى، مرورًا بسنوات الحصار ثم الاحتلال الأمريكي، ولا يختلف الوضع كثيرًا بالنسبة لليبين الذين تأثرت أوضاعهم بسبب الحصار المفروض عليهم منذ سنوات طويلة، وكذلك اللبنانيون الذين ما زالوا يدفعون فاتورة الحرب الأهلية وسنين احتلالهم من إسرائيل من قوت يومهم، وقبل أولئك وهؤلاء الأرامل والمطلقات الذين فقدوا عوائلهم ويعيشون على حد الكفاف.

وضع شروط للتجنس استمرار للتمييز ضد المرأة

خارج دائرة الرحمة

أبناء الفلسطينيين تمت الإطاحة بهم، بعد إعلان الحكومة استثناءهم من طلب الجنسية، تحت مبررات الحفاظ على الهوية الفلسطينية وحماية حق العودة للاجئين، مدعية التزامها بقرار الجامعة العربية وهي مبررات وإن بدت معتمة فهي مغلوطة: فالجامعة العربية أصدرت توصية غير ملزمة في هذا الشأن عام 1959 ووفق ظروف مغايرة للوضع الحالي كانت تقتضي الحفاظ بكل الوسائل على الوجود الفلسطيني المهدد في ذلك الحين بالضياع. وكسب الاعتراف الدولي به على أوسع نطاق ممكن، ولها ممثلون في المنظمات الدولية، ولكن يمكن الرد على حرمان الفلسطيني من الجنسية المصرية بالسماح بإزدواج الجنسية: مما يسمح لهؤلاء بالحصول على الجنسية المصرية، وفي ذات الوقت احتفاظهم بوثيقة لاجيء : ومن ثم لا يسقط عنهم حقهم في العودة إلى فلسطين.

ومع آلاف الأمهات اللواتي تزوجن من أجانب، ومليون طفل أو شاب معلقون بين الوجود والعدم، ننتظر صدور قانون الجنسية وتؤكد حق الأمهات المصريات وأبنائهن في تعديل قانون الجنسية المصرية، الذي ينص على منحها لمجهولي النسب أي اللقطاء، ولمن ليس له جنسية أي بدون جنسية، وكل طفل أو طفلة ولد من أب مصري، ومنح هذا الحق لن يتأتي إلا بإضافة أو ليصبح نص القانون منح الجنسية المصرية لكل طفل ولد من أب مصري أو أم مصرية.

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي