التعليم الجنسي القائم على الوعي الذاتي: فنزويلا

التعليم الجنسي القائم على الوعي الذاتي

منهج نظري وعملي في فنزويلا

ملخص:

لبضعة عقود ماضية، كان من الطبيعى، بل من المفضل فى أمريكا اللاتينية أن تحمل الشابات المتزوجات قبل سن العشرين، بينما يتوقع أن يكون الفتيان نشطين جنسياً بمجرد أن يصلوا إلى سن البلوغ، بدون أي اهتمام بالمخاطر المحتملة التي يمكن أن يتعرضوا لها، أو مع من يفعلون ذلك مادام امرأة. ولكن هذه النظرة تغيرت، يبدو أن هناك إجماعاً عاماً أن التعليممهم لمنع حدوث حمل فى سن المراهقة، وحدوث الإجهاض، والإصابة بالعدوى المنقولة جنسياً، أو فيروس نقص المناعة البشرية، والإيذاء الجنسى. وقد فشلت محاولات الوصول إلى اتفاق بشأن نوع التعليم ومكانه، وكذلك كيفية ووقت تقديمه: وذلك بسبب تناقض الآراء حول الشئون الجنسية. وتناقش هذه المقالة المفاهيم المتعارضة حول الشئون الجنسية، وتعرض النظرية النقدية للتعليم التى اتبعتها منظمة أفيزا (AVESA*) وهي منظمة فنزويلية غير حكومية تركز عملها على الشئون الجنسية ومشاكلها والتعليم الجنسي البديل وتصف المقالة التجربة العملية لمنظمة أفيزا في تدريب موجهى الشباب، وإقامة برامج مستمرة للتعليم حول الصحة الجنسية والإنجابية من أجل الشباب. وتدعو أفيزا إلى بديل تعليمى يؤسس الوعى الذاتي والفهم الصحيح للواقع الاجتماعي. “نحن نشجع الأفراد للمشاركة كل بتاريخه وظروفه الخاصين، كي يتمكنوا من خوض تجربتهم الجنسية بطريقة شاملة ومسئولة وممتعة ومشروعة.

كلمات مفتاحية: المراهقون، التعليم الجنسي، الشئون الجنسية، العلاقات الجنسية فنزويلا

في كل عام، تلد حوالى خمسة عشر مليون فتاة، تترواح أعمارهن من ١٥ – ١٩ سنة أطفال، وتتعرض أربعة ملايين أخريات للإجهاض، ويصاب مائة مليون فتى وفتاه في سن المراهقة بعدوى الأمراض المنقولة جنسياً والقابلة للعلاج، بينما تصبح ٢ مليون فتاة أخرى عاهرات(1). مما لا شك فيه أن الواقع الذى تعكسه هذه البيانات يمثل مشكلة خطيرة، لها عواقب لا يمكن حسابها على قطاع المراهقين من السكان، وخاصة الفتيات. كما أن لها أيضًا تأثير حاسم على التنمية الوطنية ونوعية الحياة في الدول الأكثر تأثراً وهي بالطبع الدول الأكثر فقراً.

ولقد حدث تقدم محدود في أمريكا اللاتينية، فيما يتعلق بالإقرار بأن هذا الوضع هو قضية صحة عامة.

ولبضعة عقود ماضية، كان من الطبيعي، بل من المفضل في أمريكا اللاتينية أن تحمل الشابات المتزوجات قبل سن العشرين، بينما يتوقع أن يكون الفتيان نشطين جنسياً بمجرد أن يصلوا إلى سن البلوغ، بدون أي اهتمام بالمخاطر المحتملة التي يمكن أن يتعرضوا لها، أو مع من يفعلون ذلك ما دام امرأة. اليوم، هناك اتفاق على الأقل بين المسئولين عن السياسة العامة والتخطيط الاجتماعي وبرامجه في جميع أنحاء المنطقة، أنه من الأفضل ألا تنجب الفتيات إلا بعد تجاوز سن المراهقة، أى في سن العشرين أو أكبر، بغض النظر عن الحالة الاجتماعية، وذلك لأسباب لها علاقة بالصحة والاقتصاد والنضج النفسي.

عامة، يتم تناول قضايا حمل المراهقات وعدوى الأمراض المنقولة جنسياً وفيروس نقص المناعة البشرية والإيذاء الجنسى للأطفال والقصر كقضايا مستقلة ومنفصلة، من خلال البرامج الوقائية والتدخلات التي يكون لها أهداف واستراتيجيات متعارضة، بل متناقضة أحيانًا. وعلى الرغم من أن المناهج الطبية والنفسية للتعامل مع مثل هذه المشاكل تتطلب استراتيجيات مختلفة، فإننى سابرهن على أنه عندما نتناول قضية الوقاية، على الأقل بالنسبة للمراهقين، يكون هناك عامل أساسي مشترك بين المشكلات الثلاث، ألا وهو التعليم.

ويبدو أن هناك إجماعاً عاماً على أن التعليمله أهمية كبرى في تناول هذه المشكلات، ولكن أي محاولة للوصول إلى اتفاق على نوع التعليم ومكانه وكيفية ووقت تقديمه عادة، بل حتمياً تصطدم بمعايير مختلفة لو لم تكن متعارضة. ولا يمكننا أن نفكر في مقترحات البرامج التعليمية عن الصحة الجنسية والإنجابية والشئون الجنسية، بما في ذلك هيكلها ومحتواها واستراتيجيات التدريس والمواد التعليمية، على أنها مسائل تقنية حيادية يمكن فصلها عن أيديولوجيات المجتمع أو الأحداث التي تقع فيه مثل الاقتصاد والثقافة والسياسة(2)، بل على النقيض فإن التعليم الجنسى له مضامين سياسية وايديولوجية خطيرة.

باختصار، بعد التعليم الجنسي للمراهقين مسألة مثيرة الجدل وتتبع الاختلافات في وجهات النظر حول أهداف التعليم الجنسي ومحتواه من أمور كثيرة، منها: تصوراتنا حول ما يعنيه كون المرء إنساناً، والأهمية التي تعلقها على الشئون والعلاقات الجنسية في حياتنا، وفهمنا ومعتقداتنا من أدوار النوع الاجتماعي، وما إذا كان الشباب حقوق أم لا، ذلك من ضمن أشياء أخرى، وإذا انطلقنا من تصنيف آلتر، فإنه يمكن تحديد الميول التالية (من الناحية المعنى الأيديولوجي) فيما يتعلقـ بالتعليم الجنسي(3):

  • الميل الأخلاقي: يهدف إلى الحفاظ على، والدفاع عن القيم الاجتماعية الداخلية، مثل العذرية والعفة والنقاء“. وتقوم استراتيجيات التعليم ومناهجه المتعلقة بهذا الاتجاه على التخويف من الجنس عن طريق تضخيم مخاطره، كما أنه يفرض أيضًا الأعراف المتعلقة بالسلوك الصحى، ولا يسمح بمناقشتها أو طرح التساؤلات حولها. * الاتجاه الإنجابي: يتعامل مع الجنس على أنه وظيفة بيولوجية للإنجاب. ويرى هذا الاتجاه أن الأعضاء الجنسية توجد فقط بسبب وظيفتها الإنجابية، وهو الأمر الذى يشرط كل أشكال التعبير عن الشئون الجنسية كل مناحي الحياة الشخصية والاجتماعية.

  • الاتجاه الميكانيكي: يختصر كلاً من النشاط الجنسي ومحتوى التعليم الجنسى إلى مجرد سلسلة من السلوكيات والتقنيات والتي يفترض أن ينتج عن ممارستها الاستمتاع بالحياة الجنسية بشكل شامل أصيل.

  • الاتجاه المرضي: يركز على الجوانب الإشكالية للشئون الجنسية من المنظور الطبي والنفسي والاجتماعي. وتعتبر النواحى المرضية للجنس جزءاً أصيلاً من الشئون الجنسية، ولا علاقة لها بالنواحي الاجتماعية. ويسير هذا الاتجاه جنبًا إلى جنب مع الاتجاه الأخلاقي. معاً، يعمل الاتجاهان على تشويه معنى المتعة الجنسية. * اتجاه الوعى الذاتى من خلال الحوار: يدعو إلى الحوار والتأمل النقدى كأدوات أساسية لرفع الوعى بالشئون الجنسية، بهدف تحقق حياة جنسية كاملة وممتعة ومسئولة. ويقوم هذا الاتجاه على مبدأ أن الشئون الجنسية ليست مجرد مسائل تناسلية فقط، ولكن لها تداعيات فى مختلف جوانب التجربة الإنسانية، من أكثر تلك الجوانب خصوصية وحميمية، إلى تلك الجوانب العامة والاجتماعية.

ويشترك أولئك الذين يتفقون مع الاتجاه الأخير، في الإيمان أيضًا بمفهوم الصحة الجنسية والإنجابية، كما تم التعبير عنه في مؤتمر القاهرة:

الصحة الإنجابية هي حالة من اكتمال السلامة الجسدية والعقلية والاجتماعية، وليست فقط غياب المرض أو العجز: في كل الأمور المتعلقة بالجهاز الإنجابي ووظائفه وعملياته“. ويهدف عملنا في منظمة أفيزافي فنزويلا إلى المساهمة في تحقيق حقوق الإنسان (بما في ذلك الحقوق الجنسية والإنجابية) النابعة من هذا المفهوم.

الجمعية الفنزويلية للتعليم الجنسي البديل (أفيزا)

أفيزا منظمة غير حكومية تأسست في كاراكاس منذ ستة عشر عاماً، وقد كرست جهودها لمساعدة ضحايا العنف الأسري والجنسى، وتقديم التعليم الجنسي للمجتمع، وتعزيز الصحة الجنسية والإنجابية. ونحن، في أفيزا، نتبع اتجاه الوعى الذاتي من خلال الحوارالموصوف أعلاه. ونركز عملنا على ثلاث مجالات أساسية: الشئون الجنسية، والمشاكل المتعلقة بها والتعليم الجنسي البديل.

وترى أفيزا أن الشئون الجنسية هي جزء أساسي ولا يتجزأ من الحياة، فإنها لا تتعلق فقط بالجنس والعلاقات الجنسية، ولكنها توجد فى حياتنا منذ الولادة وحتى الموت، وتؤمن المنظمة بأن العوامل العاطفية والثقافية تحدد خبرة الناس ومفهومهم عن الشئون الجنسية، وعلى عكس ما ينسب عادة للحيوانات الأخرى، فإن الشئون الجنسية للبشر لا تتحدد بالعوامل البيولوجية فقط. “ترتبط الشئون الجنسية بأكثر جوانب ذواتنا خصوصية .. بمشاعرنا، وبأكثر أشكال التمثيل المجتمعي عمومية: السياسات الحكومية(4)

في عملية تشكيلنا المجتمعية، نتعلم التفكير في الشئون الجنسية باعتبارها إشكالية. وتعلمنا أن نختزل معنى الكينونة الجنسية إلى مصطلحات فيسيولوجية وتناسلية. إننا نحول الشئون الجنسية إلى تناسلية. تعلمنا أن نعرف الجنسبـ الغريزةوالحيوانوالإثم“. بهذه الطريقة، نقوم بامتهان الشئون الجنسية، ونكرس العلاقات المتعارضة وغير المتساوية بين طرفي النوع الاجتماعي، ونتقبل بشكل غير واعٍ علاقات القوة بين الرجال والنساء كما لو كانت طبيعية.

وتكشف المعايير المستخدمة في تصميم استراتيجيات معالجة موضوعات الصحة الجنسية والإنجابية عن نظرة إشكالية للشئون الجنسية، وخاصة عندما تتعلق بالشباب. على سبيل المثال، يتم تناول موضوع حمل المراهقات كمشكلة تتعلق حصراً بالفتيات. ولا يتم الإشارة أو إجراء الأبحاث عن الآخر، الطرف الأساسى الآخر للحمل، المراهق أو الرجل إلا بشكل محدود. ولذا تؤمن أفيزا أنه لا يمكن تجنب التأمل النقدي للمفاهيم والتجارب التي تعلمناها عن الشئون الجنسية، وأنه يجب تناول الخدمات والتعليم الخاص بالصحة الجنسية والإنجابية للمراهقين من منظور الحوار، ورفع الوعى، ومبدأ أن الأطفال والمراهقين هم فاعلون مستقلون، وليسوا أشياء.

هناك منهج نظري واحد يعامل علم التدريس على أنه أداة أساسية فى تحويل علاقات القوة التي تعوق تكوين أعضاء المجتمع كأفراد مستقلين وديموقراطيين، على وعى كامل بمسئولياتهم وحقوقهم كمواطنين. ويوصف هذا المنهج التعليمي بـ علم التدريس النقدي(5)

وتدعو أفيزا إلى تعليم بديل يحبذ، من ناحية، فصل الأيديولوجيا عن الشئون الجنسية، ذلك أننا نرى أن النظر إلى الشئون الجنسية باعتبارها إشكالية هو ظاهرة أيديولوجية، تحجب فيها الأيديولوجيا الواقع. من ناحية أخرى، تدعو أفيزا إلى تعليم بديل يعزز الوعى الذاتي عن طريق تشجيع الفهم النقدى للواقع الاجتماعى. وهذا البديل يشجع الأفراد على الاشتباك بفاعلية مع تاريخهم وظروفهم الشخصية للتغلب على المعوقات الثقافية الاجتماعية، والتي تؤثر على قدرتهم على خوض تجاربهم الجنسية بطريقة شاملة ومسئولة وممتعة وعادلة نويتكون هذا المنهج من طرق تعليمية تقوم على نماذج نظرية محددة، مغايرة للممارسات التعليمية التقليدية المعتادة، وتسعى إلى تنمية البعد السياسي للنشاط التعليمي.

ويشكك هيرماس فى افتراض وجود معرفة خالصة أو محايدة. لقد أسس هيرماس ثلاث مجالات يؤدى فيها الاهتمام الإنسانى إلى توليد المعرفة: النظرية والعملية والتحريرية. وتتطلب المعرفة التحريرية التغلب على الظروف الثقافية والاجتماعية والسياسية، والتي تشكل المدلول الذاتى الفردى. وتتبنى نظرية علم التدريس النقدى هذا المفهوم في سعيها إلى تغيير الوعى أو النظرة إلى العالم، والتي تقود الفرد إلى التغلب على تناقضاته الخاصة، وبالتالى على التناقضات المتعلقة بالسلوك الاجتماعي(7).

ويدمج النموذج التعليمى التى تدعو إليه منظمة أفيزا العديد من المناهج النظرية والعملية والتي تعد أساسية، في تجربتنا ، لكى يمكن للتعليم أن يسهم في تكوين فاعلين مستقلين ومسئولين ونقديين فيما يتعلق بالشئون الجنسية. وتتضمن تلك المناهج ما يلى:

  • ثلاثة مبادئ أساسية ومهمة فى علم التدريس النقدى، وضعها باولو فرارى، المعلم البرازيلى ومؤلف كتاب تعليم المقهورين“:

(1) ضرورة أن يكون المتعلمون مشاركين فاعلين في العملية التعليمية.

(٢) يجب أن تكون التجربة التعليمية ذات مغزى للمتعلم.

(۳) يجب أن يكون التعليم نقدياً في توجهه. وفى هذا السياق فإن هذا النوع من التعليم، كما وصفه فراري، يطرح منظوراً يحرر المتعلمين ويمكنهم، ويجعلهم هم المتحكمين في المعرفة (8).

الواقع أننى لم أكن أهتم بأى شيء أى شيء له علاقة بالشئون الجنسية على الإطلاق. الآن اكتشفت منظمة أفيزا وورش العمل لقد غيرت كثيرًا من طريقة تفكيرى. أنا الآن أكثر نضجاً في فهم الأشياء. أعنى، ليس فقط ما يتعلق بالشئون الجنسية ولكن أهمية حياة الناس، وطريقتهم في معايشة شئونهم الجنسية.” (شابة تبلغ العشرين، عضوة نشطة في منظمة أفيزا).

  • البحوث ذات التوجه العملي (action – research) والذي يتضمن رفع الممارسات التعليمية القائمة على منهج الحقيقة والفاعلية (truth and action approach) إلى الحقائق الاجتماعية والتاريخية. ويستخدم هذا المنهج القدرة النقدية والتفسيرية للمشاركين في تحليل وكشف المدركات المشوهة للواقع، وربط التأمل بالفعل للتغلب على تلك المظاهر المتعلقة بالنظام الاجتماعي، والتي تعوق التغير العقلى. ويعتبر البحث ذو التوجه العملي عملية جدلية يغير فيها الناس من طريقتهم في عمل شئ معين بسبب مفاهيم جديدة. ووفقاً لهذه الطريقة يرتبط الفعل والتأمل بالتخطيط والملاحظة. يتم التأمل والتخطيط على مستوى الخطاب (أي من خلال اللغة)، بينما يتم الربط بين الفعل والملاحظة من خلال التطبيق وتطوير الممارسة (9).

لا تتوقع أفيزا رد فعل فورى، مثل تناول هذه الرسالة، بل إنها تعطيك الفرصة لتأخذ كل شيء لتتأمله فيما بعد، ثم تستوعبه داخلك، لذا فإنك تدخل في عملية كاملة” (شاب يبلغ ۲۱ عاماً، عضو فعال من شباب أفيزا)

  • النظرة البناءة للمعرفة، كما تم تطبيقها على التعليم الجنسي، توضح أنه لا يمكن اختصار الجنس إلى مجرد وظيفة بيولوجية، وأن المعرفة البيولوجية هي معرفة اجتماعية وثقافية. ومن ثم فإن مهمة الميسر هي تنسيق النشاط الإدراكى للمشاركين، وبذلك يتحولون إلى أشخاص يبنون معرفتهم بنشاط (10).

بعد أفيزا .. تقولين لنفسك، أنت التي ستقررين“. ولا تشعرين بالخوف من أن تقولي لا لاللجنس. أعني.. إنك تقررين ما إذا كنت تريدين أن تقولي نعم أو لا عندما ترغبين، وإذا كان ذلك هو ما تشعرين به، فلا يجب أن تكتمى مشاعرك، يجب أن يشعر الطرف الآخر بذلك أيضًا .. صديقاتي يقلن في غالب الأحوال: دعي صديقك يقرر” .. أنهن لا يعبرن عن آرائهن بوضوح، ولا يقلن الكثير .. ونادراً ما يتخذن قراراً، لماذا لا؟ إنهن يخشين أن يفقدن رفقاءهن، ويخفن من أشياء كثيرة (٦). (شابة في الرابعة والعشرين، عضوة غير منتظمة من شباب منظمة أفيزا)

  • يجب الدفاع عن الحساسية والرقة باعتبارها حقاً من حقوق الإنسان، هذا ما يقوله لويس كارلوس رستريبو، انطلاقا من قناعته بأن “… الحساسية والرقة هي نموذج العلاقات الإنسانية التى يجب تحققها في المناطق التي يسود فيها كل ما هو محب ومنتج وسياسي، بحيث يتم – خطوة فخطوة – انتزاع كل المناطق التي هيمنت عليها لعدة قرون قيم الانتقام والإخضاع والغزو والاستيلاء (11)

أعتقد أنني قد حصلت على وضع متميز، لأن هناك أشخاصاً ارتكبوا أخطاء كثيرة في كل شيء تحدثا عنه. على سبيل المثال، ما الذي يمكن عمله تجاه العنف الجنسي؟ أو وسائل منع الحمل؟ وكيف تتعامل مع حمل المراهقات؟.. إنهم لا يعرفوا ماذا يفعلون لمنع حدوث هذه الأشياء. لقد رأيت أشخاصاً لا يعرفون ماذا يفعلون، لأنه ليس لديهم معلومات. على الجانب الآخر فإن كل فرد منا .. نحن الذين شاركنا في هذا المقرر لقد رأيت أن كل فرد يخرج منه يكون مستعداً” (شابة تبلغ العشرين، عضوة غير نشطة من شباب أفيزا)

يلعب التعليم دوراً رائداً في مساعدة الناس للوصول إلى البعد السياسي للحساسية، ولذلك تسعى أفيزا، عن وعي، لتكون الحساسية عنصراً أساسياً في أساليب التعليم. فالاتصال الاجتماعي الذي يعبر عنه باللمس والنظر والضحك والابتسام والمداعبة والتحدث بلطف يسمح لنا بالتأثير والتأثر الكامل بحضور ويتفرد كل شخص وخصوصية كل لحظة. والحق في الحساسية من وجهة نظرنا. متطلب أساسي ليعيش المرء تجربة جنسية صحية ومسئولة وممتعة.

قبل الانضمام إلى أفيزا فإنك لا تدركين شيئاً، أما بعدها، فتصبحين على الأقل – لديك فكرة ويمكنك القول من الآن فصاعدًا – أنك تعتقدين بأنك شخص متحضر، لأنك تعرفين الآن شيئاً لم تكوني تعرفيه من قبل، أعنى أنك حققت تقدماً هذا كله يحدث معى. لقد رأيت كيف أصبح الناس الذين جاءوا إلى هنا أكثر غنى إنها تجربة شديدة الثراء من الناحية الأخلاقية (شابة تبلغ الثالثة والعشرين، عضوة غير منتظمة من شباب أفيزا)

  • يقوم علم تدريس الجسد على فكرة أن التحكم العاطفي يحمل لنا درجة أكبر من الموضوعية، مع إدراك أن ضبط النفس يتطلب السكون والصمت. والحقيقة أن ربط أي شكل من أشكال الاتصال الجسدي بالرغبة الجنسية والشهوانية أدى إلى انفصالنا عن أجسادنا. تلعب المدرسة والأسرة وكل المؤسسات الاجتماعية الأخرى دوراً جوهرياً فى تشكيل إحساس الناس بأجسادهم. يجب أن ندرك كمعلمين وأيضًا كآباء وأمهات أن حضورنا الجسدي ومواقفنا تجاه الجسد هي بحد ذاتها لغة. ونحتاج، كمدافعين عن رؤية شاملة للشئون الجنسية، إلى تضمين هذه المفاهيم تجاه أجسادنا ومساعدة أولئك الذين نأمل في توجيههم في هذه العملية أن يفعلوا المثل
    (12). والهدف من تطبيق هذه المناهج التعليمية، هو منع وقوع المشاكل التي تؤثر على الصحة الجنسية والإنجابية للشباب. وتعتقد منظمة أفيزا أن الطريقة المثلى للوصول إلى اتفاق على أكثر الطرق تأثيراً فى معالجة هذه المشكلات من منظور تعليمى، هو إخراج المناقشة من المجال السياسي إلى المجال الأكاديمي، وذلك عن طريق دراسة المعلومات الناتجة عن المشروعات والبرامج التى تم تنفيذها بالفعل.

لقد كان البرنامج التدريبي للشباب لموجهي الشباب عن الصحة الجنسية والإنجابية جزءاً من مشروع أفيزا لتعزيز الصحة في الفترة من ۱۹۹5 – ۱۹۹۷ وبنهاية البرنامج، تم تدريب مائة وسبعين موجهاً وموجهة، جميعهم طلاب في أربع مدارس ثانوية تقع بالقرب من مكتب أفيزا في دائرة سان جوزيه فى كاراكاس. وكان الهدف العام للبرنامج هو تسهيل عملية التحليل والتأمل والتعليم والتنمية الذاتية التي من شأنها إعداد مشاركين للعمل من أجل التغيير، قادرين على تصميم وتنفيذ استراتيجيات لتعزيز المسئولية عن الشئون الجنسية بين الشباب.

تم تنظيم البرنامج التدريبي لمدة خمسة شهور، عبر ٢٠ جلسة أسبوعية تستغرق كل منها أربع ساعات باستخدام مناهج متماشية مع مبادئ علم التدريس في أفيزا ، والتي تضمنت مجموعة من الأنشطة التجريبية والتشاركية والوثائقية. في المرحلة الأولى استخدمت مناهج تعليمية مثل التمثيل والتفكير النقدي والمناقشة الجماعية وتحليل النصوص والمناظرات والأنشطة والألعاب الجماعية المرتبطة بفهم طبيعة الجسد والصحة الجنسية والإنجابية والشئون الجنسية والتثقيف الجنسى فى الحياة اليومية، والنظرة الإشكالية للشئون الجنسية، وعدم المساواة بين الجنسين، وتأهيل الفتيات والفتيان جنسياً، وحمل المراهقات، والأمراض المنقولة جنسياً، والوقاية منها ومن حدوث الحمل، والعنف الجنسي والأسري، والمسئولية فيما يتعلق بالشئون الجنسية، والحقوق الجنسية والإنجابية، والمراهقة. كما يتضمن البرنامج أيضًا التطور الشخصي والقيادة. والاتصال الجماعي.

وفى المرحلة الثانية. يتلقى الشباب والفتيات تدريباً على الاتصال، باستخدام استراتيجيات تربط المعلومات التي حصلوا عليها فى المرحلة الأولى مع التدريب التقنى لإصدار المطبوعات، والتنويهات الإذاعية وأفلام الفيديو. ولقد أصدر المشاركون 52 تنويهاً إذاعياً وتسعة شرائط فيديو وست نشرات إخبارية، تتبع جميعها معايير وضعها المشاركون في مجموعات تحت إشراف متخصصين في هذا المجال.

خرجت فكرة شباب أفيزا من برنامج تدريب موجهي الشباب في عام ۱۹۹۷، بهدف تعزيز الصحة الجنسية والإنجابية بين المراهقين باستخدام استراتيجية التعليم المستمر بين الأقران وتحت شعار (من صديق إلى صديق: أنت تقرر) أنتجت المنظمة ٣٦ تنويهاً إذاعياً، ونظمت سبع موضوعات للتحدث عن:

  • التحريمات المتعلقة بالأمور الجنسية

  • البلوغ

  • المسئولية فيما يتعلق بالشئون الجنسية

  • العنف الجنسي

  • الحصول على المعلومات

  • الأمراض المنقولة جنسياً، وفيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز

  • الهوية الجنسية

وتؤلف هذه الشرائط السمعية، مع سلسلة من تسعة شرائط فيديو قصيرة بعنوان (نافذة على الشئون الجنسية)، بالإضافة إلى دليل الموجهين، مجموعة تعليمية ستوزع قريباً في جميع أنحاء البلاد كمورد تعليمي لتعزيز المسئولية فى الشئون الجنسية بين المراهقين.

لقد كنت فى حالة رائعة فى ذلك الوقت لأن دوري كموجه فتح لى قنوات الاتصال داخلياً وخارجياً، داخلياً .. أصبحت قادراً على إدراك أشياء بداخلى، وفهم ما يحدث لى، وفهم ما أمر به كمراهق: وكانت أشياء مهمة جداً فى حالة الارتباك التي كنت أمر بها. ولا أظن أننى كنت سأصل لما أنا فيه الآن لو لم تدخل أفيزا حياتي. إنها تماماً مثل الوقوع في الحب. لم أكن لأكون الشخص نفسه لو لم أكن من شباب أفيزا” (شاب يبلغ من العمر ٢١ عاماً، عضو نشط من شباب أفيزا)

لقد قام شباب أفيزا بنشر تسعة موضوعات في نشرة للشباب ومطوية معلوماتية (تجاوز القيود)، وأنتجوا مسرحية (الشيء المطاطي: اتخاذ إجراء ضد مرض الإيدز)، وبرنامج إذاعي استمر لمدة عام (التحدث أكثر فيما لا يتحدث فيه أحد)، كما قاموا بتنظيم العديد من اللقاءات الإذاعية والتليفزيونية، وتبنى حملات إعلامية عن التثقيف الجنسى الملائم وخدمات الصحة الجنسية والإنجابية للشباب (كجزء من أنشطة اليوم العالمي لصحة المرأة فى الثامن والعشرين من مايو): فضلاً عن مشاركتهم في العديد من اللقاءات والمؤتمرات الوطنية والدولية للشباب.

إننا نعمل في منظمة أفيزا على تشجيع الشباب للتعبير عن رأيهم بوضوح. نحن مقتنعون بقدرتهم على خوض تجاربهم الجنسية بوعى. ونحن ندافع عن حقهم في خوض تجاربهم الجنسية بطريقة صحية ومسئولة، ونحن نعتقد أنهم مثل سائر البشر، عندما يحصلون على المعلومات الدقيقة ويتملكون القدرة على تحديد العوائق الثقافية وتحليلها بشكل نقدى، سوف يتخذون القرارات التي ترفع من نوعية حياتهم أثناء تجاربهم الجنسية. “أعتقد أننى خضت تجربتى الجنسية بطريقة متكاملة وممتعةوأنى أحترم جسدي كثيراً وأعطى له اهتماماً كل يوم. وأعتقد أيضًا أننى كنت مسئولة جداً في علاقتي الجنسية، وهذا هو الشيء المهم. وأعتقد أننى احترمت جسد الطرف الآخر وخصوصيته وجنسيته، ولخوض تجربتي الجنسية كاملة، طالبت بأن يحترم جسدى بالطريقة نفسها” (شابة تبلغ من العمر ۲۲ عاماً، عضوة نشطة من شباب أفيزا)

وفي دفاعنا عن حقوق المراهقين الجنسية والإنجابية نحن نضع ثقتنا في الديمقراطية، والمشاركة الاجتماعية (المواطنة) والإبداع. نحن نصبو إلى بلد أو عالم (إن كان ممكنًا) لا يتعرض فيه غالبية الشباب والشابات، بما في ذلك الأكثر فقرًا، للحمل غير المرغوب فيه، أو الإجهاض، أو الأمراض المنقولة جنسياً والإيدز، أو الإيذاء الجنسي، أو البغاء .. إلخ، مما يحفل به الواقع حاليًا.

* افيزا هو اختصار لاسم الجمعية الفنزويلية للتعليم الجنسي البديل

1-Salud Reproductiva de los Adolescentes : Los Programas que Marcan la Diferencia . Out – look . 1999 ; 116 ( 13 ) .

2-Torres J , 1996. El Curriculum Oculto . Morata , Madrid . p14 .

3-Aller LM , 1992. Pedagogía de la Sexualidad Humana . Memorias Congreso Iberoamericano de Educatión Sexual . Compiled by Jorge Paniagua , Medellín . p55-63 .

4-Muñoz M. 1995. Aprendamos a hablar de sexualidad : Cartillas para adolescents sobre sexaulidad responsable . AVESA , Caracas .

5-Gore JM , 1996. controverias en la Pedagogía . Morata , Madrid .

6-The quotes from young people in this article are taken from interviews with six young women and six young men trained by AVESA Youth , as part of a qualitative research project about the impact of the youth promoter training programme on the sexual and reproductive health of the participating adolescents and in their role as social promoters trained to provide alternative sex education .

7-Carr W , Kemmis S , 1986. Teoría Crítica de la Ensenanza . Martínez Roca , Barcelona .

8-Freire P , 1973. Pedagogía del Oprimido . Siglo XXI , Buenos Aires .

9-Grundy S , 1994. Producto o Praxis del Curriculum . Morata , Madrid .

10-Barragan F , 1991. La Educatión Sexual : Guía Teórica y Práctica . Paidós , Barcelona .

11-Restrepo LC , 1994. El Derecho a la Ternura . Arango , Bogotá . p17 .

12-Baz M , 1996. Metáforas sobre el Cuerpo . Un Estudio sobre la Mujer y la Danza . PUEG , México .

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات