السعي للرعاية الصحية الإنجابية المراهقات المتزوجات

في ماهاراشترا الهند

ملخص: أغلب المراهقات (١٥ – ١٩ سنة) في الهند متزوجات. وقد أجريت دراسة في مقاطعة أحمد ناجور في ماهاراشترا بالهند من عام ۱۹۹5 إلى ۱۹۹۷ لمعرفة هل هناك تلبية لاحتياجات الصحة الإنجابية للفتيات في هذه الشريحة السنية أم لا، وكيف يتم ذلك خاصة فيما يتعلق بأمراض النساء، وتنظيم الأسرة، ومشاكل الخصوبة السائدة. تضمن البحث مسحاً مع ۳۰۲ فتاه متزوجة في هذه السن ومقابلات معمقة مع ٧٤ فتاة و٣٧ زوج و ٣ حماة. وأوضح البحث أن الفتيات يعالجن على الفور من الأمراض التي تعوقهن عن القيام بالأعمال المنزلية، بينما لم يتم علاج اضطرابات الدورة الشهرية وأعراض التهاب القناة الإنجابية، كما أنه من المتوقع أن تحمل الزوجات المراهقات في السنة الأولى للزواج وإضافة إلى ذلك كانت هناك حاجة متنامية لتأخير الحمل والمباعدة بين الحمل والآخر مع رسوخ مبدأ تحديد النسل. ومن أقوى العوامل المؤثرة على عملية السعي إلى العلاج من الأمراض الإنجابية كثرة الأعمال المنزلية، الحفاظ على الخصوبة، والصمت الناتج عن الحرج من المشاكل المتعلقة بالصحة الجنسية. عادة ما يتخذ الأزواج قرار حصول زوجاتهم على العلاج اللازم وتؤثر الحموات أحياناً على هذا القرار. أما الزوجات فلا يملكن سلطة اتخاذ القرار ولا التأثير عليه، وتمثل هذه الدراسة إسهامًا قيمًا ومفيدًا لبرنامج الصحة الإنجابية وصحة الطفل في ماهاراشترا .

كلمات مفتاحية: الفتيات المراهقات، الزواج، الصحة الإنجابية، الهند.

تشكل المراهقات (۱٥ ۱۹) سنة) في الهند نحو ١٠% من السكان. تتزوج حوالي 40% من المراهقات قبل سن ١٨ أي في سن ١٦ سنة في المتوسط وهو انتهاك للسن القانوني المحدد (۱۸) سنة(1)، وقد بدأ الاهتمام في الآونة الأخيرة بالمعلومات الصحية بين المراهقين غير المتزوجين في الهند(2، 3)، ولكن لا توجد معلومات كافية عن المراهقات المتزوجات لمعرفة ما إذا كانت احتياجات الصحة الإنجابية لهن تلبى أم لا، وكيف يتم ذلك.

المراهقة هي مرحلة تحولات مفاجئة للبنات في الهند. تترك الفتيات حديثات الزواج بيوت أهلهن ليسكنّ مع عائلة الزوج، ويجدن أنفسهن كالأغراب تماماً، حيث يكن في موقع ثانوي بالنسبة لباقي أفراد العائلة (4-6). تواجه الفتيات ضغوطاً اجتماعية وعائلية هائلة حتى يحملن بعد الزواج مباشرةً ، الأمر الذي غالبًا ترحب به الفتيات لتحسين وضعهن في العائلة. تنتج عن الزواج والحمل مشاكل صحية جديدة، خاصة تلك التي تتعلق بالصحة الإنجابية . وبالرغم من ذلك، نادراً ما تسعى الفتيات المراهقات للعلاج(2، 3)، وهي حقيقة لا يفيها حقها من التفسير نقص الخدمات الصحية وحسب.

فرغم أنه من الصحيح أن خدمات الرعاية الصحية قليلة أو منعدمة في بعض المناطق، إلا أنه من الصحيح أيضًا أن النساء الهنديات لا يستخدمن الخدمات المتوفرة في المعتاد. وليس من الواضح لماذا يسعين للعلاج من بعض الأمراض دون الأخرى، أو تحديد نوع المتاعب الصحية التي تتم مواجهتها بسرعة. سجلت العديد من الدراسات ميل أكبر إلى اللجوء إلى الرعاية العلاجية واستخدام أقل، نسبيًا، للخدمات الوقائية(9 – ١١). بعض النساء يؤخرن العلاج أو يمتنعن عنه بسبب الواجبات المنزلية(10، 12، 14)، ولكنهن يلجان إليه بسرعة إذا كانت حالتهن الصحية تمنعهن عن القيام بالمهام المنزلية(9، 11، 15). بعض الحالات، مثل التهابات القناة الإنجابية على وجه التحديد، لا ينتبه إليها بالقدر الكافي، لأن المسائل الجنسية وأمراض النساء تكون عادة مدفونة في ثقافة الصمت والحرج والخجل واللوم. ومن ثم قد تعتبر بعض الأعراض مثل الإفرازات المهبلية طبيعيةوبالتالي لا تستدعي العلاج(۱۷).

في أجزاء عديدة من الهند ليست النساء صانعات القرار عندما يتعلق الأمر بالسعي للعلاج(5، 11، 18)، وإنما يقرر أعضاء آخرون من العائلة ما إذا كانت الحالة تستوجب العلاج أم لا، وكذلك نوع الرعاية التي يجب أن تتلقاها. وهذا هو حال الفتيات المراهقات اللاتي يتأخر علاجهن إلى حين تنتهي العائلة من عملية اتخاذ القرار.

والزوج في الهند له دور ملحوظ في اتخاذ القرارات الخاصة باستخدام وسائل منع الحمل والإنفاق على الرعاية الصحية، إلا أن الحماة تلعب أيضًا دوراً مسيطراً يصل إلى حد تحديد السلوك التناسلي للزوجين الصغيرين. وفي دراسة على ۱۰۰ سيدة حامل في سن الخصوبة في منطقة أوتار برادش، أرجعت ٥٦% من النساء عملية اتخاذ القرار في المسائل الصحية إلى حمواتهن، و ١٥% إلى أزواجهن (۱۸).

وتقدم هذه الورقة تقريراً عن البحث الذي أجري من عام ١٩٩٥ إلى ۱۹۹۷ حول الأنماط والدوافع المتعلقة بسلوكيات السعي للعلاج من الأمراض العامة وأمراض النساء بين المراهقات المتزوجات (١٥ ١٩ سنة) في منطقة ماهاراشتراغرب الهند. كما يتحرى البحث عما إذا كانت المراهقات المتزوجات يستطعن الحصول على الرعاية الصحية بشكل أفضل عندما تتوافق مشاكلهن الصحية مع رغبات حمواتهن أو أزواجهن أو الاثنين معاً. ومع وضع اهتمام الحموات بخصوبة زوجات أبنائهن في الاعتبار، يتحرى البحث أيضًا مدى استجابة عائلة الزوج لاحتياجات الزوجة الخاصة بالصحة الإنجابية، بما في ذلك أعراض أمراض النساء وتنظيم الأسرة وتأخر الحمل. أما الاحتياجات الخاصة بالتوليد، فسيتم مناقشتها بشكل منفصل (۲۱). كما تضمن البحث الاحتياجات الخاصة بالأمراض العامة للمقارنة.

تم إجراء الدراسة في منطقة بارنر في مقاطعة أحمد ناجار في ولاية ماهاراشترا التي تعد من الولايات التقدمية في الهند من حيث حجم التنمية الاقتصادية والاجتماعية بها (جدول رقم ۱)، والتي تقع على بعد ۱۲۰ كم شمال شرق مدينة بيون وتعتبر واحدة من أكبر المقاطعات وأفضلهم أداء في الولاية (جدول رقم ۲).

ومنطقة بارنر التي تم اختيارها في هذه المقاطعة هي منطقة ريفية في المقام الأول، ويبلغ تعداد سكانها ۲۱۰۰۰۰ نسمة في ۱۳۱ قرية. وقد دخلت الكهرباء جميع القرى، ويوجد بها مصدر واحد آمن على الأقل للمياه. وتعد الزراعة هي المصدر الأساسي لحياة السكان ولكن نقص الري، وشبه الجفاف المتكرر، وقلة فرص العمل أدت إلى هجرة الرجال إلى منطقة بيون المجاورة، بل إلى مومباي أيضاً. وتتضمن البنية الأساسية للرعاية الصحية فى المنطقة سبعة مراكز صحية رئيسية، و٣٨ مركزاً فرعيًا ومستشفى ريفيًا واحد به

۳۰ سريراً، بالإضافة إلى جهات رعاية صحية خاصة أخرى. وهناك انقسام واضح في توصيل الخدمات من الحكومة ومن القطاع الخاص، حيث تركز الخدمات الصحية الحكومية بشكل كبير على الرعاية الصحية العامة من خلال نظام توصيل الخدمات على ثلاثة مستويات، منها نظام القابلة الذي يعتبر جهة هامشية لتقديم الرعاية الصحية، حيث يخدم حوالي 5000 نسمة. وفى المقابل يتكون القطاع الخاص من الممارسين في مجال الطب الحديثAllopathic وممارسين لأنظمة طبية بديلة مثل اليورفيدا والمعالجة المثلية، ويقدم بشكل رئيسي خدمات الرعاية العلاجية.

ومنذ عام ۱۹۹٤، ساعدت مؤسسة أبحاث النظام الصحي مديرية ماهاراشترا للخدمات الصحية على اختبار جدوى تقديم برنامج للصحة الإنجابية وصحة الطفل في منطقة بارنر، وقد نبعت فكرة هذه الدراسة من هذا العمل.

جدول رقم 1

المؤشرات الاجتماعية الاقتصادية (٢٢)

المؤشر

الهند

ولاية ماهاراشترا

بيوت بها كهرباء

60%

82%

بيوت بها مياه شرب آمنة

78%

82%

تعليم النساء

51%

61%

النساء العاملات

39%

56%

متوسط السن عند الزواج (للفتيات)

19.7%

19.8%

جدول رقم ٢

مؤشرات الصحة الإنجابية(23)

المؤشر

ولاية ماهاراشترا %

مقاطعة احمد ناجار%

فتيات تزوجن قبل سن الـ ١٨

35

41

ترتيب المواليد ٣+

35

34

تلقي رعاية صحية أثناء الحمل

89

91

الولادة في المؤسسات الصحية

53

60

فتيات يعانين من عدوى الجهاز التناسلي

27

21

معدل انتشار وسائل منع الحمل

59

65

تم عمل مسح كمي بين ۳۰۲ فتاة متزوجة (١٥ ١٩ سنة)، وقد تم اختيارهن عشوائياً من ۳۳ قرية بناء على عدد المراهقات المتزوجات في المنطقة. تم اختيار القرى من إحصاء السكان لعام ۱۹۹۱ ، بحيث يتناسب احتمال الاختيار مع عدد السكان. وقد تم تدعيم المسح بمقابلات شخصية مستفيضة سئل فيها عن معلومات حول البيت، وسلوكيات السعي للعلاج أثناء المرض، والرعاية قبل وأثناء وبعد الولادة، وأمراض النساء والأمراض المنقولة جنسياً، والعقم وتنظيم الأسرة والإجهاض. كانت المقابلات شبه منتظمة، وركزت على آراء وقرارات المجيبين على الأسئلة. وقد تم عمل المقابلات مع عينة من القرية نفسها التي تم عمل المسح بها. تمت المقابلات مع ٧٤ فتاة، و ٣٧ زوجاً لفتاة مراهقة و٥٣ حماة لمراهقات و٧ عاملين طبيين و٣٧ قابلة في مراكز الرعاية الصحية الرئيسية السبع. وبالإضافة إلى ذلك، تمت مقابلة ۲۰ طبيباً خاصاً يقدمون خدماتهم الطبية إلى الفتيات بشكل رئيسي وكان بينهم ممارسين للطب البديل. وقد تم اختيار المشاركين في المقابلات لهدف محدد، وهو أن تكون لديهم شجاعة الرد على الأسئلة ولديهم الرغبة في إجراء المقابلة. الأزواج والحموات لم يكونوا بالضرورة مرتبطين بالفتيات اللاتي شملهن المسح. تراوح عمر جميع الأزواج بین ۲۰ ۲۹ عاماً عدا واحد بلغ عمره ٣٥ عاماً، وبشكل مماثل أقر 87% من الفتيات في المسح أن أعمار أزواجهن تتراوح بين ۲۰ ۲۹ سنة و٧% من ٣٠ ٣٨ سنة و٦% من ١٨ ٢٠ سنة. وقد قام بجمع البيانات خمسة أخصائيين اجتماعيين طبيين مؤهلين ومدربين، تتراوح أعمارهم بين ٢٠ ٢٢ سنة بينهم أربع سيدات ورجل واحد، ولهم خبرة في مجال جمع البيانات، وكانوا جميعاً من المنطقة نفسها وبالتالي يجيدون اللهجة واللغة المحلية.

أكثر من ٨٠٪ من الفتيات اللاتي شملهن المسح تزوجن قبل أن يبلغن ١٨ عاماً، %۲۸ تزوجن أبناء عمومتهن، وبالتالي ابتعدن عن بيت الأسرة. خمس العينة كانت أمية، وقد وصف الوضع الاقتصادي لـ ١٦% منهن بالفقر، أما باقي العينة فكن أفضل حالاً. تحول ٦٠% من العينة إلى ربات بيوت، بينما عمل ٣٥% في حقولهن الخاصة و٥% موظفات. وقد حملت حوالي 67% من الفتيات على الأقل مرة واحدة، وكان متوسط أعمارهن عند أول حمل ١٧ سنة. وقد انتهى حمل 14% من الفتيات اللاتي حملن بسقوط الحمل و٥% بولادة جنين ميت و٤% بوفاة الجنين بعد الولادة. أما بالنسبة للمراهقات اللاتي شاركن في المقابلات المعمقة فقد مثلن شريحة مشابهة لمن شاركن في المسح من حيث العمر، وسن الزواج، وعدد مرات الحمل، وتاريخ الولادات وإن كان مستوى التعليم أفضل بشكل بسيط، نسبة الأمية ١٤%.

أقرت ۱۱۸ فتاة (۳۹%) في المسح بأنهن كن يعانين من أمراض عامة في الشهر السابق (مثل السعال ونزلات البرد وارتفاع درجة الحرارة مع الرعشة والصداع)، وقد استفادت 97% منهن من الخدمات الطبية المتاحة (جدول رقم ٣). أقرت نصف العينة بأنهن يعانين من المتاعب النسائية، حتى قبل الزواج بالنسبة لبعضهن . كانت أكثر المتاعب شيوعاً هي اضطرابات الدورة الشهرية (۲۷%) آلام أسفل الظهر (25%) آلام أسفل البطن (۱۲%) الإفرازات المهبلية (٦%) حرقان البول (٥%) وهبوط الرحم (2%) . وقد سعي نصف العينة هي فقط ممن لديهن متاعب نسائية للعلاج.

جدول رقم 3

مدى استخدام الخدمات الصحية (عدد ۳۰۲)

المؤشر

الاحتياج للخدمة

السعي للخدمة

العدد

%

العدد

%

الأمراض العامة

118

39

114

97

أمراض النساء

153

51

75

49

الفترة الزمنية بين كل طفل وآخر

24

80

43

17

تحديد النسل

243

80

3

1

مشاكل الخصوبة: فتيات لم يحملن ولا يستخدمن وسائل منع الحمل

7

8

جاءت نسبة الحاجة إلى إطالة الفترة بين كل حمل والرغبة في تحديد النسل عالية، حيث بلغت ۸۰%، ومن بين الفتيات اللاتي لم يحملن أو يعقمن وقت عمل المسح، استخدم 17% فقط منهن وسيلة لتأخير الحمل.

أما فيما يخص مشاكل الخصوبة، فإن ۸۹ فتاة كن يعاشرن أزواجهن ولا يستخدمن وسائل منع الحمل ولكنهن لم يحملن منذ أن تزوجن. إلا إنه لم يتم سؤالهن عما إذا كن يعتبرن أنفسهن عقيمات. تم حساب نسبة استخدام الخدمات الصحية الخاصة بالعقم بناء على هذه العينة المكونة من ۸۹ فتاة بدلاً من العينة المكونة من عدد أقل من الفتيات، واللاتي اعتبرن أنفسهن عقيمات. لجأت ۷ فتيات فقط من بين الـ ۸۹ فتاة إلى العلاج ليساعدهن على الحمل. لم تكن هناك فترة زمنية محددة تعتبر هي الحد الفاصل للعقم، لأن محور الاهتمام كان النظرة إلى مفهوم العقم.

لذلك تفاوتت نسبة السعي إلى العلاج بشكل واسع حسب المشكلة الصحية التي يتم التعامل معها، حيث وصلت إلى 97% للأمراض البسيطة العامة في حين لم تتعد 8% في الأمراض التي تؤدي إلى الفشل في إحداث الحمل. وقد أوضحت المقابلات الشخصية مع الفتيات والأزواج والحموات وبعض البيانات أسباب هذا التفاوت.

أشارت البيانات أن ظهور عرض ما أو حدوث حالة مرضية يؤدي إلى بداية عملية رباعية الخطوات التحديد مدى الحاجة للرعاية الصحية وإمكانية الحصول عليها

شكل رقم (1).

شكل رقم 1

تبدأ هذه العملية مع ظهور عرض تتعرف عليه الفتاة وتشعر معه بالحاجة إلى العلاج، ثم تخبر أحد أفراد العائلة بهذه الحاجة، ثم اتفاق أعضاء العائلة على أن هذه الحالة تستوجب العلاج، ثم الخطوات العملية التي تتخذها العائلة، وجهات تقديم الرعاية الصحية للسعي للعلاج وتقديمه. ولا يمكن عمل أي شيء لإيقاف هذه العملية في أي من هذه الخطوات. أما عن مدى تقدم الحاجة إلى الرعاية الصحية نحو العلاج، فتختلف باختلاف العرض أو الحالة، وكذلك باختلاف المشاركات كما هو موضح فيما يلي.

سعت نحو 97% من النساء اللاتي أصبن ببعض الأمراض العامة في الشهر السابق للمسح للرعاية الصحية لعلاج هذه الأمراض. وكشفت المقابلات التي تمت مع ٣٧ زوجاً أنهم أدركوا مدى الاحتياج، وشجعوا زوجاتهم على السعي إلى الرعاية الصحية لأمراضهن العامة على الفور، حتى لا يتأثر الروتين اليومي لأعمال البيت.

إذا حدث ومرضت زوجتي نأخذها إلى طبيب خاص؛ فمرضها يؤثر على الروتين اليومي لجميع من في المنزل بشكل كبير، ولا يتأثر العمل الخاص بها وحسب، بل كذلك يتأثر عمل الشخص الذي يصطحبها إلى الطبيب، كما أن مرضها يربك ميزانيتنا الشهرية أيضاً.

في البداية عندما تشعر الفتاة بأول عرض، تخبر عادة كل من حماتها وزوجها. أبلغت 69% من الفتيات اللاتي شعرن بأعراض مرضية عائلتهن في يوم بداية ظهور الأعراض. ونسبة السعي للعلاج عالية بالرغم من تشكك الحموات في مصداقية هذه الأعراض، فقد وصفت نحو ثلث الحموات اللاتي شاركن في المقابلات هذه الأمراض بأنها تحدث بسبب الإهمال أو بسبب حياة التدليل التي عاشتها الزوجات في بيوت أمهاتهن قبل الزواج، والتي جعلتهن غير قادرات على تحمل القليل من المجهود البدني الإضافي في بيوت أزواجهن. وقد اعتبرن الأمراض البسيطة التي أصابت زوجات أبنائهن نوعاً من الهروب من القيام بالأعمال المنزلية.

سونيتا تمرض كل شهر تقريباً، وتظل طريحة الفراش طوال فترة مرضها. أعتقد أنها تدعي المرض وشكاواها زائفة، فربما تكون غير قادرة على تحمل أعمال البيت وهذه هي طريقتها لتنال بعض الراحة.

وقد أضافت اثنتان من الحموات أنهما تسمحان لزوجات أبنائهن بتلقي العلاج فقط لدرء الشائعات، حيث تؤدي تلك الأمراض إلى الكثير من القيل والقال في الحي عن صحة الزوجات، وبالرغم من أن تشكك الحموات يواجه بالرفض القاطع، إلا أنه ينجح في تأخير تلقي العلاج لبضعة أيام. وقد اعتقدت الحموات، وكذلك الفتيات، أثناء المقابلات أن أي تراخٍ عن أداء الأعمال المنزلية يعتبر رفاهية لا يمكن تحملها. تجرب الفتيات العلاج في المنزل أولاً، ثم لا يسعين إلى الرعاية الطبية إلا عندما يصعب عليهن القيام بواجباتهن المنزلية. ومع وجود الأعمال المنزلية كحافز مشجع، تم اجتياز الإطار العام للاحتياجات بسرعة معقولة بالنسبة للأمراض العامة.

أقرت نصف الفتيات في المسح بأنهن مررن ببعض مشاكل أمراض النساء (٥١%)، وقد اعتبرن آلام الدورة الشهرية أو قلتها أو عدم انتظامها من المتاعب البسيطة، بينما نظرن إلى الإفرازات المهبلية بيضاء وحمراء اللون على أنها أكثر خطورة، حيث يُعتقد أنها تؤدي إلى الإصابة بالسرطان. قالت إحدى الحموات:

يجب على النساء اللاتي يعانين من الإفرازات المهبلية البيضاء أو الحمراء أن يجرين جراحة كحت أو استئصال للرحم مبكراً، وإلا تنمو الجراثيم في دمائهن أثناء الدورة الشهرية ويصبن بالسرطان…”

طبقاً للمسح، لم يتحدث ثلثا الفتيات اللاتي مررن بمتاعب نسائية عن تلك المتاعب مع أي أحد في البداية. اعتقد بعضهن أن تلك المتاعب مزمنة، وأنها جزء من كونهن نساء وبسبب الحمل والإنجاب، وقد عبر البعض الآخر عن شعورهن بالخزي والعار من متاعبهن:

لقد عانيت من إفرازات بيضاء غزيرة منذ أن تزوجت، بل إن الحالة تسوء عندما أتصل جنسياً مع زوجي. لقد أخبرت زوجي فقط عن حالتي وليس حماتي، لأنني أخجل من أن أتحدث إليها عن هذا الأمر“.

لجأ ثلث الفتيات إلى أمهاتهن في حالات مثل حرقان البول واضطرابات الدورة الشهرية، خاصة إذا بدات تلك الحالات قبل الزواج، بينما يلجأن إلى أزواجهن في

حالات الإفرازات المهبلية والحكة، والرائحة الكريهة، والشعور بالألم أثناء ممارسة الجنس، إلا أنهن لم يذكرن تلك المتاعب الحمواتهن.

لم يكن أغلب الأزواج (۳۳ من ۳۷) مقتنعين أثناء المقابلة أن زوجاتهم يحتجن إلى الرعاية الطبية عند ظهور أية مشكلة نسائية ولم يولوا أهمية للأمر برمته، بل واعتقدوا أن مثل هذه المشاكل يمكن أن تحل عن طريق الاعتناء بالنظافة الشخصية بصورة أفضل.

لا أعرف أية أمراض خاصة يمكن أن تصيب من هن في مثل سنها، وهي لا تعاني من أية أمراض. وحتى إذا كن يعانين من بعضها، لا أحد يهتم بهذه الأمراض، فهناك أمور أخرى أساسية مثل المعيشة اليومية يجب أن نهتم بها“.

أما الأزواج القليلون الذين اعتبروا هذه المشاكل أعراضاً لمرض ما، فقد شعروا أنه لا يجب على زوجاتهم أن يتحدثوا عن تلك المتاعب، وأن عليهن السعي للعلاج بمفردهن. وكان هناك عدد أقل من الأزواج الذين يرغبون في اصطحاب زوجاتهم إلى المركز الطبي، إلا أن الفتيات لم يرغبن في الذهاب بمفردهن.

لم تخبر الفتيات حمواتهن بحاجتهن للعلاج في حالة الإفرازات البيضاء والحمراء بالرغم من أن الحموات اللاتي تمت مقابلتهن أشرن إلى أنهن كن سيتقبلن طلب العلاج في مثل تلك الحالات، فأمراض النساء بالنسبة للحموات تمثل تهديداً للخصوبة التي تعد شغلهن الشاغل، حيث إن على زوجات أبناءهن أن يحملن وينجبن أطفالاً خلال العام الأول للزواج:

“… الطفل يربط المرأة ببيتها الجديد“.

تشعر الحموات أنه يجب السعي إلى العلاج الطبي سريعاً. الأن بعض أمراض النساء تكون لها تبعات خطيرة تؤثر على الخصوبة فيما بعد:

قد تعاني النساء من بعض المشاكل مثل الإفرازات البيضاء والحمراء والسرطان وتعفن الرحم. بدأت أكبر زوجات أبنائي تعاني من الإفرازات البيضاء بعد أن أجرت عملية جراحية، وقد أخبرتني بالأمر وذهبنا إلى الطبيب الذي أعطاها مرهمًا وحقنتين بالإضافة إلى بعض الأقراص. أما هذه الأيام، فتخجل الفتيات من التحدث عن مثل تلك الأمور ويخفين الأعراض التي يعانين منها وهو ما لا يجب أن يفعلنه، بل عليهن أن يستشرن الطبيب على الفور“.

نصف الفتيات المشاركات في المسح تقريباً (٤٩%) واللاتي عانين من أمراض النساء سعين إلى العلاج، إلا أن نصفهن فعلن ذلك قبل الزواج بمساعدة أمهاتهن. فأمراض النساء بين الفتيات غير المتزوجات هي حالة تستوجب العلاج السريع حتى إذا كن قاصرات، لأنه يعتقد أن أمراض النساء تحد من فرص الزواج. أما من بين الفتيات المتزوجات، سعت بعضهن للعلاج فقط عندما تفاقمت الأعراض حتى أعاقتهن عن القيام بأعمالهن المنزلية. أما البعض الآخر فكان طريق الحركة عبر الإطار العام للاحتياجات مسدوداً أمامهن في كل مرحلة.

استخدم عدد قليل من الأزواج وسائل تنظيم الأسرة قبل الحمل الأول (۱۱% من المائة فتاة اللاتي شاركن في المسح). واستخدم ٧ أزواج الوسائل الحديثة لإطالة الفترة بين كل حمل وآخر فيما بين السنة الأولى إلى السادسة من الزواج. إلا أن لتأخير الحمل الأول وضعاً مختلفاً عن تأخير إنجاب الطفل التالي، وذلك بسبب سيطرة القلق على خصوبة الزوجة. ولعل صلابة رأي الحموات في هذا الأمر يجعل الفتيات يشعرن بوطأة الضغط عليهن حتى يحملن للمرة الأولى. وبالرغم من ذلك نجد أن ثلث الأزواج يرغبون في تأخير الحمل الأول لزوجاتهم، وتتضمن الأسباب التي ساقوها المشاكل الصحية وضعف المولود وانخفاض المتعة الجنسية نتيجة الولادات المتكررة. وقد أرجع أحد الأزواج تأخير الحمل الأول إلى أسباب مادية.

أعتقد أنه يجب تأخير إنجاب الطفل الأول خاصة إذا كان سن الزوجة أقل من ١٩ سنة. وفي حالتي الخاصة، فإن عائلتي ليست ميسورة الحال ونعاني من ضائقة مادية في البيت، وفي مثل هذا الوضع لن نستطيع توفير الدواء والغذاء المناسبين لزوجتي إلا أنها لا توافق على ذلك وتريد أن تنجب طفلاً على الفور“.

وقد أفاد مقدمو الخدمات الصحية بأن البعض يلجأ للإجهاض من وقت للآخر. أجمع الأطباء الحكوميون السبع الذين تمت مقابلتهم على عدم تشجيعهم لإنهاء الحمل الأول. وعلى النقيض، أكد ١٥ طبيباً خاصاً من ۲۰ طبيباً تمت مقابلتهم، على أنهم بالرغم من عدم تشجيعهم لإجهاض الحمل الأول، إلا أنهم يقدمون بعض الاستثناءات عندما يشعرون أن الزوجين ما زالا صغيرين غير قادرين على أن يعولا طفلاً.

نجد من نتائج المسح أن 80% من الفتيات عبرن عن رغبتهن في إطالة الفترة بين كل حمل وآخر. وفي المقابلات أجمعت الفتيات والأزواج على رغبتهم في إطالة الفترة قبل إنجاب طفل آخر. وقد أجمعت أغلب الفتيات المتزوجات، وكذلك الأزواج، أن المدة المثلى بين الولادتين هي ثلاث سنوات.

على الصعيد الآخر، عارضت أغلب الحموات استخدام وسائل تأخير الحمل الحديثة (٣٠ من ٥٤) واعتقدن أنه يتعين استخدام أساليب التأخير الطبيعيةأو عدم الاتصال الجنسي من أجل تأخير الحمل لعدة سنوات بعد آخر ولادة. وقد عبرت إحدى الحموات عن وجهة نظر الكثيرات حين قالت:

لقد استخدمت أساليب التأخير الطبيعية، وكان الفارق بين أبنائي أربع سنوات؛ وأتوقع من زوجة ابني أن تجعل المدة بين الولادات ثلاث سنوات على الأقل. لقد نصحتها بعدم الاتصال الجنسي لمدة عامين. أنا على دراية بوسائل تنظيم الأسرة المختلفة مثل الغشاء الذي يركبه الأطباء واللولب النحاسي وحبوب منع الحمل والواقي الذكري وربط الأنابيب. لقد رأيت الكثير عن هذه الوسائل على التليفزيون، ولكني ضدها جميعاً، لأنها تسبب مشكلات عديدة، ولن أسمح لابني وزوجته باستخدامها“.

أما عن كيف تتعامل الفتيات وأزواجهن مع الاحتياج لعمل مسافة بين كل حملين، فهو أمر صعب التحديد بصورة كمية، فمن ناحية يمكن أن تحدث المدة بشكل طبيعي كما ذكرت إحدى الفتيات:

أنا شخصياً لم استخدم أي شيء لأن الدورة تحدث عندي بشكل طبيعي. تزوجت بعد شهر من بلوغي وحملت بعد سبعة أشهر من الزواج. كانت أول دورة شهرية لي بعد أن أنجبت طفلي الأول بعد الولادة بعامين، ثم حملت مرة أخرى ولذلك لم استخدم أي شيء في تلك الفترة“.

إلا أن 15% فقط من الفتيات أكدن في المقابلات أن الإطالة الطبيعية للفترات بين كل حمل وآخر تعمل بكفاءة لفترات طويلة، وتتيح مدة مناسبة وكافية بين الولادات دون استخدام الوسائل الحديثة. ومن المثير للاهتمام أن جميع الفتيات اللاتي أجرين المقابلة لم يذكرن الرضاعة الطبيعية كوسيلة طبيعية لتأخير الحمل. استخدم ۱۷ أو 18% فقط من الأزواج وسائل تنظيم الأسرة الحديثة كما ذكرت الفتيات في المقابلات والمسح بالترتيب. يرجع انخفاض نسبة استخدام الوسائل الحديثة، كما أوضحت أغلب الفتيات، إلى عدم مناقشتهن هذا الموضوع مع أزواجهن، لأنهن يجدن فيه حرجاً. كان أزواج الأربعين فتاة اللاتي استخدمن الوسائل الحديثة على علم بما تستخدمه زوجاتهم، بل إن الزوج في واقع الأمر إما يتخذ القرار بنفسه (12) أو بمشاركة زوجته(23) أما الفتيات الخمس المتبقيات، فقد اتخذن قرار استخدام الوسيلة المناسبة بأنفسهن. وبالإضافة إلى ذلك، ذكر العديد من الفتيات اللاتي استخدمن وسيلة حديثة(24) أن أفراد العائلة موافقون على ذلك.

وقد أظهرت البيانات النوعية استعداد بعض الأزواج لقبول الإجهاض كوسيلة لإطالة الفترة بين كل حمل وآخر. إلا إن تلك البيانات لم توضح نسبة هؤلاء الأزواج. كما ظهر أن الأزواج هم الذين يتخذون القرار بشأن الإجهاض.

لا أريدها أن تنجب مرة أخرى قبل عامين، وإذا حملت في هذه الفترة، سوف أجعلها تجهض الحمل“.

وعادة ما يطلق على أسلوب الإجهاض اسم التوسيع والكحت، إلا أن هذا الأسلوب يستخدم أيضًا لإيقاف النزيف بعد سقوط الحمل. وبينما أقرت ١٦ من الـ ٢٨ فتاة اللاتي شاركن في المقابلات واللاتي حدث لهن إجهاض طبيعي بأنهن لم يحتجن إلى أية رعاية طبية بعد الإجهاض، ذهبت ۱۲ فتاة إلى إجراء عملية التوسيع والكحت. وبالرغم من أن معظم حالات الإجهاض كانت طبيعية بين الـ ١٢ فتاة. إلا أنه من المحتمل أن يكون بعض منها متعمداً.

الإجهاض المتعمد كخيار مطروح أمام المراهقات المتزوجات وأزواجهن بدا مفهوماً لدى بعض الحموات اللاتي لا يوافقن عليه ويشعرن بالقلق منه. وقد قالت إحدى الفتيات:

لم أرغب في إنجاب طفل بعد الزواج مباشرة، ولكن حماتي أرادت أن أحتفظ بالطفل، ولم تأخذني للطبيب لمدة ستة أشهر. في واقع الأمر كانت حماتي تشعر بالرعب من أن أذهب للطبيب لأنهي الحمل، ولذلك كانت لا تسمح لي مطلقاً بالذهاب للطبيب“.

كانت نسبة الحاجة إلى تحديد النسل بنفس الارتفاع (۸۰%) كإطالة الفترة بين كل حمل وآخر وكانت عادة تعني أن تجري المرأة جراحة تعقيم. ومادام أحد الأطفال ذكر، يتوقع من الأم أن تجري جراحة التعقيم بعد أن تنجب طفلين أو ثلاثة. ذكرت جميع الفتيات وأزواجهن في المقابلات أنهم يرغبون في تحديد عدد أطفالهم باثنين أو ثلاثة وذلك عن طريق تعقيم الزوجة، وقد اتفقت الحموات مع الأزواج في الرأي. وقد ظهر في المسح أن ثلاث فتيات قد أجرين جراحة التعقيم بالفعل مع بلوغهن ١٩ سنة، حيث إنهن قد وصلن بالفعل إلى العدد المرجو لأفراد أسرهن.

تشعر بعض الفنيات وحمواتهن بالقلق عندما لا تحمل الفتاة في خلال عام من الزواج بالرغم من الاتصال الجنسي المنتظم مع الزوج دون استخدام وسائل منع الحمل. والشعور بضرورة الحمل خلال العام الأول للزواج يكون ملحاً جداً عند الفتيات والحموات وبعض الأزواج. إلا أن سبع فنيات فقط في المسح (8% من اللاتي لم يحملن بعد) سعين إلى العلاج. بعض الفتيات ممن لم يحملن ش عرن بأنه لا يمكن علاجهن. لأن القدر أو الأرواح أو السحر أو الحسد هي الأشياء التي تقرر قدرتهن على الإنجاب. وقد عبر بعضهن عن شعورهن بالحرج من فكرة السعي إلى العلاج:

نحن لا نفعل أي شيء لمنع الحمل. جميع من في المنزل يريدونني أن أحمل مبكراً، ولكن الحمل لن يحدث إلا عندما يكون مقدراً له أن يحدث .. هذا شيء ليس في أيدينا “.

عبرت بعض الفتيات عن مخاوفهن من العقم لأزواجهن. وأفاد الأزواج الذين لم تحمل زوجاتهم (٤ من 37) أن الزوجات عادة ما يكن أكثر قلقاً على حدوث الحمل من الأزواج. وقد أكدت الفتيات اللاتي لم يحملن (۷ من ٧٤) ذلك في المقابلات، أما الأزواج فقد عبروا عن قلقهم على مستويات متفاوتة:

نحن متزوجان من عامين ولكن زوجتي لم تحمل بعد، ولأنني لست متلهفاً على الإنجاب لمدة عامين آخرين، فإني لست قلقاً ولذلك لم آخذها لأي مكان للفحص، ولكنها متلهفة جداً على الفحص والعلاج.” “نحن متزوجان من عام ونتصل جنسياً كل يوم ولكنها لم تحمل بعد. كلانا يريد إنجاب طفل ولا نعرف أين نذهب ولا من نستشر. نحن نشعر بالخجل من مشكلتنا.”

تفضل الحموات أن تلجأ زوجات أبنائهن إلى العلاج الروحاني، لأنهن يعتقدن أن عدم القدرة على الإنجاب يكون بسبب الأرواح والقدر. إذا لم يحدث الحمل خلال عامين أو ثلاثة من الزواج، يتم اللجوء إلى الطب الحديث على الفور، بالرغم من أن هذا النوع من العلاج يستغرق وقتًا طويلاً ومكلف وغير مضمون النجاح.

أظهرت النتائج أن الرغبة في الحفاظ على قدرة الفتيات المتزوجات على القيام بأعمال المنزل وحماية خصوبتهن والتأثير السلبي للحرج والشعور بالخزي والعار الذي يحيط بالمسائل الجنسية، هي كلها من أقوى العوامل المؤثرة على مدى الاستجابة لاحتياجات الصحة الإنجابية للفتيات المتزوجات.

عندما يتفق الأزواج والحموات والفتيات على وجود حاجة صحية ملحة، يتم الاستجابة لها بسرعة. والأمثلة الشائعة على ذلك في هذه الدراسة هي الأمراض العامة وتعقيم النساء لتحديد النسل. أما فيما يخص تعقيم النساء، فيتم اتخاذ القرار مقدماً، حيث إن التحول إلى الأسرة الصغيرة أصبحت نظاماً اجتماعياً مقبولاً.

لا يستجاب لبعض احتياجات الصحة الإنجابية بنفس السرعة في المعتاد، وفي بعض الحالات لا يستجاب لها بالمرة. بعض الحالات لم تشعر بضرورة العلاج لأن أصحابها شعروا بأن تلك الأعراض طبيعيةمثل بعض التهابات القناة الإنجابية. حتى عندما يكون هناك شعور بالحاجة إلى العلاج، لا يفصح عنها بسبب الشعور بالخزي أو الحرج، وإذا حدث وأعلن عنها، فقد يقرر الزوج أن الحالة لا تستوجب العلاج، مثل اعتقاد بعضهم أنه يمكن علاج بعض أمراض النساء عن طريق الاهتمام بالنظافة الشخصية. وأخيراً، حتى إذا وافق الأزواج أحياناً على ضرورة علاج زوجاتهم من أمراض النساء، فإنهم يفضلون أن تسعى الزوجات إلى العلاج بمفردهن، وهو الأمر الذي شعرت بعض المراهقات المتزوجات بعدم قدرتهن على فعله.

وبعيداً عن الشعور بالحاجة إلى العلاج والإفصاح عن هذا الشعور، لا تلعب الفتيات المتزوجات في هذه الدراسة أي دور تقريباً في اتخاذ القرار الخاص بالسعي إلى العلاج من أعراض أمراض النساء فقد تلبى احتياجاتهن الصحية أو لا حسبما يرى الزوج الذي يتخذ القرار.

لم يبد أن للحموات سلطة لاتخاذ القرار في هذا الأمر. وإن كان لهن تأثير لا بأس به على أبنائهن. أما أقوى تأثير للحموات كما أظهرت الدراسة، فهو ممارسة الضغط على زوجات أبنائهن حتى يحملن في خلال السنة الأولى للزواج. أظهر موضوع تأخير الحمل الأول أن أغلب الأزواج شعروا بضرورته ولكنهم لم يتخذوا أية خطوات عملية في هذا الشأن بسبب تأثير أمهاتهم عليهم في غالب الأمر. وقد عبر كل من الفتيات المتزوجات والأزواج والحموات بشكل قوي عن الاتجاه المتنامي لتنظيم الأسرة والاكتفاء بطفلين أو ثلاثة. تتم عمليات التعقيم بشكل منتظم ودون أية قيود ظاهرة وقد يبدو التعقيم مفاجئاً للفتيات في هذه السن الصغيرة، لكن الحمل والوصول إلى عدد الأسرة المرغوب فيه يحدثان في سن مبكرة في الهند، كما أظهرت نتائج دراسة أخرى في كيرالا (٢٤).

أظهرت هذه الدراسة أيضًا رغبة الفتيات والأزواج والحموات في إطالة الفترة بين كل حمل وآخر ولكن ظهر أيضًا بعض الخلاف حول الاعتماد على الوسائل الطبيعية بين الفتيات الصغيرات و استخدام الأساليب الحديثة لمنع الحمل. كان رأي الحموات عادة ضد وسائل منع الحمل الحديثة، ومع ذلك استخدمتها بعض الفتيات وأزواجهن، وذكر عدد قليل من الأزواج أنهم قد يدفعون زوجاتهم للإجهاض عند الضرورة لضمان إطالة الفترة بين كل حمل وآخر.

كانت أكثر الآراء تشدداً في هذه الدراسة تلك التي تتعلق بعدم تأخير أول حمل، فقد عارضت الحموات أي تأخير، وأظهرت الفتيات رغبتهن في الإنجاب خلال العام الأول للزواج حتى يلبين تلك الرغبة الاجتماعية، وهو الأمر الذي كان على الأزواج أن يتماشوا معه. والبدائل للحمل المبكر قليلة جدا في منطقة تنال فيها المراهقات المتزوجات قسطاً ضئيلاً من التعليم وغالبيتهن يعملن بالمنزل كل الوقت. وبالرغم من ذلك استخدمت ۱۱ فتاة في هذه الدراسة وسائل منع الحمل الحديثة لمدة وصلت إلى ست سنوات.

تنفذ الحكومة الهندية حالياً برنامجاً قومياً للصحة الإنجابية وصحة الطفل من خلال نظام الرعاية الصحية الأولية الحالي. والمقصود لهذا البرنامج أن يتضمن تقديم الرعاية في حالات الولادة المتعثرة وعلاج التهابات القناة الإنجابية بالإضافة إلى الاستجابة للجماعات الجديدة من المستفيدين بالخدمات مثل المراهقين من الجنسين، وحكومة ولاية ماهاراشترا بصدد تطبيق هذه التغييرات.

توفر هذه الدراسة معلومات قيمة ومفيدة لتصميم البرامج الجديدة، وذلك عن طريق إلقاء الضوء على الأسلوب الذي تتعامل به العائلات مع نظام الرعاية الصحية فيما يتعلق بصحة المراهقات المتزوجات وتوقيت وأسباب السعي لعلاجهن. أما فيما يتعلق بإطالة الفترة بين كل حمل وآخر، فقد استطاع العاملون في مجال الرعاية الصحية أن يفعلوا الكثير للترويج لاستخدام وسائل منع الحمل الحديثة، وإعلام النساء الصغيرات بتأثير الرضاعة الطبيعية على منع الحمل في الشهور الأولى بعد الولادة. ومن الأشياء بالغة الأهمية ضمان وصول الرسائل المناسبة وتطويع عملية اختيار الوسيلة طبقاً لاحتياجات الفتيات، وربما يمكن تفصيل بعض الرسائل لتخاطب احتياجات الأزواج أيضاً.

لم نسأل المراهقات المتزوجات في هذه الدراسة أبن أجرين عمليات الإجهاض ولكن يجب أن تعتبر الإمكانيات المتاحة لتقديم خدمات الإجهاض من الجوانب المهمة

في برنامج الصحة الإنجابية وصحة الطفل الجديد. وبالرغم من أن الإجهاض قانوني في الهند، إلا إنه ليس آمناً دائماً، كما هو الحال في جنوب الهند، حيث تلجأ النساء الفقيرات إلى جهات غير مدربة لإجراء عمليات الإجهاض باستخدام أساليب غير قياسية خاصة في المناطق الريفية.

وبما أن بعض الأزواج الصغار يستخدمون وسائل منع الحمل الحديثة لتأخير أول حمل وكذلك لإطالة الفترة بين كل حمل، تمكن البرنامج الجديد من توفير الأساليب المناسبة لذلك.

نصف المراهقات المتزوجات تقريباً في هذه الدراسة جرین اضطرابات الدورة الشهرية والإفرازات المهبلية والحكة والرائحة الكريهة أو الألم أثناء الاتصال الجنسي ولكن سعي نصفهن فقط للعلاج.

يجب أن يقدم البرنامج الجديد الكثير من المعلومات ويجعل العلاج متوفراً بصورة أكبر للنساء الصغيرات (ولأزواجهن في حالات عديدة) . ومن المناسب أيضًا في هذا الصدد إعداد برامج تعليمية محلية للفتيات المتزوجات وأزواجهن.

وأخيراً، تجد الإشارة إلى أنه يجب أن يكون للفتيات المتزوجات الحق في اتخاذ قرار السعي للعلاج من أمراض النساء بكامل إرادتهن عندما يشعرن بالحاجة إليه، وهذه ليست قضية متروكة لجهات الرعاية الصحية لحلها، وإنما تتطلب حركة اجتماعية واسعة

بالغ امتناننا لمؤسسة روكفللر لدعمهم لهذا البحث. كما نشكر كارى ماكويرى من المركز الدولي لبحوث المرأة ود. آشا بندی, ود. نیرمالا مورثی، ود. م شاه لمساهمتهم القيمة

Alka Barua, Foundation for Research in Health Sustems. 6 Gurukrupa, 183 Azad Society, Ahmedabad 380 015, India. Tel/ Fax: 91-79-674-0437. E-mail: [email protected]

* الطب الألوباثي (الحديث): هو نظام الرعاية الطبية التي تعتمد على استخدام عقاقير تؤدي إلى تأثير مغاير للآثار الناجمة عن المرض (خفض الحرارة المرتفعة مثلاً) بينما يعتمد نظام الهوميوباثي (المعالجة المثلية) على تقديم جرعات صغيرة جدًا من عقاقير تؤدي إلى آثار مشابهة للمرض إن أعطيت بكميات كبيرة. (المحررة)

** اليوريفيدا تعني علم الحياة، وهي ليست نظامًا طبيًابالمعنى المفهوم بل تعتمد على التزام الإنسان بنظم مختلفة في حياته اليومية (الطعام/ النوم/ الجنس). (المحررة)

لمزيد من المعلومات يمكن الرجوع إلى كتاب

Traditional Medicine and Health Care Coverage. Robert H. Bannerman John Burton, Ch, en Wen-chien. WHO, Geneva, 1983.

1-International Institute for Population Sciences , 1995. National Family Health Survey ( MCH and Family planning ) India 1992-1993 . IIPS , Bombay .

2-Abraham L , Kumar KA , 1999. Sexual experiences and their correlates among college students in Mumbai City , India . International Family Planning Perspectives 25 ( 3 ) : 139-46 .

3-Mutatkar RK , Apte H , 1999. Sexual behaviour among adolescents in rural Western Maharashtra . AIDS Research and review 2 ( 2 ) : 89-94 .

4-Jejeebhoy SJ , 1998. Adolescent sexual and reproductive behavior : a review of the evidence from India . Social Science and Medicine 46 ( 10 ) : 1275-90 .

5-Santow G , 1995. Social roles and physical health : the case of female disadvantage in poor countries .

Social Science and Medicine 40 ( 2 ) : 147-61 .

6-Dyson T , Moore M , 1983. On kinship structure , female autonomy , and demographic behaviour in India . Population and Development Review 9 ( 1 ) : 35-60 .

7-Barnett B , 1998. Family planning use often a family decision . Network 18 ( 4 ) : 10-14 .

8-Singh MM , Devi R , Gupta SS , 1999. Awareness and health seeking behaviour of rural adolescent school girls on menstrual and reproductive health problems . Indian Journal of Medical science 53 ( 10 ) : 439-43 .

9-Basu AM , 1990. Cultural influences on health care use : two regional groups in India . Studies in Family planning 21 ( 5 ) : 275-86 .

10-Murthy N , 1982. Reluctant patients : the women of India . World Health Forum 3 ( 3 ) : 315-16 .

11-Bandopadhyay M , MacPherson S , 1998. Women and Health : Tradition and Culture in Rural India . Ashgate Publishing co , Vermont , USA .

12-Vissandjee B , Barlow R , Fraser DW , 1997. Utilization of health services among rural women in Gujarat , India . Public Health 111 ( 3 ) : 135-48 .

13-Improving women’s Health in India . World Bank , Washington DC , 1996 .

14-Leslie J , Gupta GR , 1989. Utilization of Formal Services for Maternal Nutrition and Health Care . International Center for Research on women , Washington DC .

15-Evans C , Lambert H , 1995. An ethnographic study of sexual health and related health – seeking behaviour among commercial sex workers and poor women in northern Calcutta slum . London School of Hygiene and Tropical Medicine .

16-Antrobus P , Germain A , Nowojee S , 1994. Challenging the Culture of Silence : Building Alliances to End Reproductive Tract Infections . International Women’s Health Coalition , New York .

17-Dixon – Mueller R , Wasserheit J , 1991. The Culture of Silence : Reproductive Tract Infections among women in the Third World . International Women’s Health Coalition , New York .

18-Prakash A , Swain S , Negi KS , 1994. Who decides ? Indian Pediatrics 31 ( 8 ) : 978-80 .

19-Singh K , Bloom S , Ong Tsui A , 1998. Husbands ‘ reproductive health knowledge , attitudes , and behaviour in Uttar Pradesh , India . Studies in family planning 29 ( 4 ) : 388-99 .

20-Sharma V , Sharma A , 1993. The status of women , fertility and family planning among tribals of South Rajasthan . Journal of Family Welfare 39 ( 4 ) : 20-25 .

21-Barua A , Kurz K. Health seeking by married adolescent girls during pregnancy , childbirth and post partum period . ( forthcoming )

22-International Institute for Population Sciences , 2000. National Family Health Survey ( NFHS – 2 ) India 1998-99 , IIPS / ORC Macro International , Bombay Calverton , MD , USA .

23-International Institute for Population Sciences , 2000. Reproductive and Child Health Project , Rapid Household Survey , India 1998-99 . IIPS , Mumbai .

24-Padmadas SSP , 2000. Intergenerational Transmission of Health . Thela Thesis , Amsterdam .

25-Varkey P , Balakrishna PP , Prasad JH et al , 2000. The reality of unsafe abortion in a rural community in South India . Reproductive Health Matters 8 ( 16 ) : 83-91 .

الكلمات المفتاحية: الزواج, الفتيات المراهقات, الهند
شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات