ليست القضية هي قضية هند الحناوى وأحمد الفيشاوى، إنها قضية مجتمع بأكمله، ذلك المجتمع الذي تتحمل فيه المرأة كل التبعات وكأنها هي الفاعل الوحيد للخطايا والدليل أن محاكم مصر تنظر الآن ٢١ ألف قضية إثبات نسب، وهذا الرقم هو ما سجلته المحاكم، أما الرقم الحقيقى فلم يحاول أحد بشجاعة الاقتراب منه.
الحكاية ليست فيلمًا
بطولة النجم أحمد الفيشاوى.. وأبوه فاروق وأمه سمية.!! خرجت علينا الصحف يوم ٢٧ أبريل تعلن رفض الممثل الشاب والداعية الإسلامي الكبير أحمد الفيشاوي لعمل تحليل D.N.A مع اعترافه في إقراره أمام لجنة الطب الشرعي بوجود علاقة غير شرعية ربطته بهند، ربما كان ثمرتها الطفلة لينا محل النزاع. وربما يتساءل أحدهم، هل يضعف رفضه إجراء التحليل موقفه في القضية
رد على هذا السؤال المستشار محمود خليل رئيس محكمة استئناف قنا للأحوال الشخصية في جريدة الأهرام في صفحة الحوادث بتاريخ ٢٧ أبريل ٢٠٠٥ بأن قرار المحكمة غير ملزم للفيشاوي بإجراء التحليل، لأن إجراءه وسيلة دفاع أتاحتها له المحكمة لإثبات نفي نسب الطفلة إليه، وإمتناعه عن إجراء التحليل يصبح قرينة ضده وليس في مصلحته، إذا فالرفض يضعف موقفه في القضية خاصة مع أعترافه بقيام علاقة، فلماذا إذا أخذ هذه الخطوة؟ أعتقد – والله أعلم – أن هذا يرجع إلى أن هذه الطفلة ابنته.. فلو لم تكن لقام بعمل التحليل وأثبت عدم انتسابها إليه وأراح واستراح، هذا هو السبب الأساسي وأما السببان الآخران فهما: تعذيب هذه الطفلة “ابنته” طوال عمرها، فهذه الطفلة في ظل هذا قانون يتيح لأبيها رفض عمل تحليل يثبت بشكل قاطع نسبها إليه من عدمه، ستعيش في مجتمع يرفضها ويشك في نسبها…
والسبب الثاني هو الانتقام من هند بنفيه واقعة الزواج العرفى، واتهامه لها في محضر رسمي بقيام علاقة غير شرعية بينهما مما يعرضها طوال الوقت لنظرة دونية وسخيفة من مجتمع يحترف النميمة، ويحمل المرأة وحدها مسئولية قيام هذة العلاقات نتيجة لظروفه الاقتصادية التي رفعت سن الزواج في ظل كبت سياسي، وحرمان من مشاركة حقيقية في شتى جوانب الحياة، ولم يعد للشباب متنفس لتفريغ طاقته إلا الزواج العرفي أو العلاقات غير الرسمية التي صار اسمها الرسمي الآن “العلاقات غير الشرعية” مادمنا الآن نبحث عن شرعية كل الأشياء من أول دخول الحمام بالقدم اليسرى إلى التعبير عن أفراحنا بالزغاريد والتي أفتى بحرمتها الشيخ عطية صقر مؤخرًا، والحمد لله الذي جعلني أولد في زمن تم فيه حسم شرعية تعليمي القراءة والكتابة بعد أن أفتى الأئمة في زمن ما بحرمة ذلك خوفًا من أن أدنس القلم بكتابة الخطابات العاطفية، وعلى ذكر الشرعية فربما يكون الداعية الشاب اهتم بإثبات عدم شرعية العلاقة في أوراق رسمية للاستفادة من الفتوى التي يطلقها بعض “معممينا” بعدم أحقية ابن الزني في نسبه لأبيه أو أحقيته في الميراث بعد موته، ولأني لست داعية إسلامية على طريقة الشيخ أحمد الفيشاوي والحمد لله، ولا تعرض لي قناة “أقرأ” برنامجا أقوم بدعوة الشباب من خلاله للصلاح والفلاح وسرقة أوراق الزواج العرفي السابقة من عدمه. إلا أن د. أحمد صبحي منصور أخذ على عاتقه تفنيد هذه الفتوى وإثبات عدم شرعيتها مستندًا إلى القرآن والسنة وأحداث تاريخية شهيرة في الإسلام منها إلحاق نسب عمرو بن العاص وزيادة بن أبيه إلى آبائهم الحقيقيين رغم أنهما كانا ثمرتين لعلاقات غير شرعية، وقد نشر رأي د. أحمد صبحي منصور كاملاً في جريدة الغد الأسبوعية التي تصدر عن حزب الغد بتاريخ 4 مايو ٢٠٠٥، وأعفاني ذلك من ارتداء عباءة المشيخة وعمتها والتي رفض أحمد ارتداءها على طريقة الدعاة الجدد، بل فضل أن يكبسها على رؤوسنا نحن ويعممنا مع كل من صدقه واتخذه قدوة، كما كانت تهلل والدته العزيزة سمية في وسائل الإعلام مستنجدة من الهجمة الشرسة على رمز الشباب المتدين الصادق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، بل اعتبرتها واعتبرها البعض هجمة على الإسلام في شخص الابن العزيز صديق الداعية الكبير، وأرسلت سيادتها غير مشكورة رسائل تتهم فيها هند بمحاولة إلصاق ابنتها مجهولة الهوية لأي أب، ولم تجد أمامها غير ابنها المسكين، ولم تستح الأم الرؤوم من توجيه اللوم لأسرة هند لفضحهم ابنتهم وموافقتهم على أن تبيت ابنتهم خارج المنزل. ولا أملك سوى أن أتساءل كيف سمحت لنفسها فنانة أحببناها جميعًا أن تستخدم أسلحة ابتزاز المجتمع بتقاليده ضد هند التي كسرت هي نفسها تقاليده يومًا عندما احترفت التمثيل. ولولا موقف المتنورين والمثقفين بجوارها لما أصبحت سمية الألفي الفنانة، ولتسمح لي أن أسألها هل كانت تشترط في عقود عملها أن يتم التصوير نهارًا لأن وجود المرأة خارج بيتها ليلاً عار؟ أم أن السيدة الفاضلة لم تجد في جعبتها غير سلاح ينافي مبادئها ولكن لا بأس ما دامت الغاية في مجتمعنا تبرر الوسيلة.
كلمة أخيرة
لا يمكنني إنهاء هذا المقال دون تسجيل عميق الاحترام للأب حمدي الحناوي البطل الحقيقي وصاحب الدور المشرف الذي أخذ على عاتقه تحمل مسئولية مواجهة المجتمع وكشف قناعه الزائف. وليتك تستطيعين يا هند نسب طفلتك إليه فسيشرفها كثيرًا أن تكون ابنة لرجل يحترم واجباته ويقدر مسئولياته وليس أب يهرب من المسئولية ويزيف الحقائق.