المشاركة السياسية للمرأة محلك سر
مع أن قضايا المرأة حظيت باهتمام كبير في الآونة الأخيرة ومع أن أوضاع المرأة العربية بدأت في التحسن النسبي. إلا أنه لا تزال هناك عقبات تعترض نهوضها ومساهمتنا الكاملة في تنمية مجتمعاتها من خلال توليها المناصب القيادية فعلى المستوى السياسي لا تزال المرأة في معظم البلدان العربية بعيدة عن مواقع اتخاذ القرار.
وتسعى الحكومات العربية لتحقيق الحكم الجيد بخصائصه المختلفة إلا أن غياب المرأة عن المشاركة الكاملة في إدارة الحكم من خلال توليها للمناصب العامة في بعض هذه البلاد يثير النقد، إذ لم يعد مقبولاً تبرير ذلك على أساس الثقافة أو الدين، خاصة وقد وصلت المرأة في بلاد عربية أخرى لها نفس الثقافة والدين إلى جميع المناصب العليا.
ومع أن الدستور المصرري يكفل المساواة بين الرجل والمرأة إلا أن هذه المساواة لم تتحقق في الكثير من الممارسات العامة في الدولة، خاصة في مجال تولى المناصب القيادية في الدولة وفي المشاركة في الحياة السياسية والعامة، فعلى سبيل المثال رغم وصول المرأة إلى سلك هيئة التدريبات في مختلف الجامعات المصرية وتتلمذ العديد من الطلاب من الرجال على أيديهن لكنها لم تتح لها فرصة تقلد منصب رئيس جامعة. أيضًا حرمت المرأة من المشاركة في العديد من المناصب القيادية في مجالات الخدمة العامة وخاصة في مجال المحليات، وعلى الرغم من تقلدها لمنصب وزيرة وسفيرة لكنها حرمت من الوصول إلى منصب المحافظ والنائب العام. وهما من المناصب القيادية التي يتم الوصول إليها بالتعيين.
المرأة في الأحزاب
وبالنسبة لمشاركة المرأة في الأحزاب السياسية لم يختلف الوضع كثيرًا، فما زالت الفرصة المتاحة أمامها داخل الأحزاب محصورة ومقيدة، بالإضافة إلى أن بعض هذه الأحزاب لم تتح للمرأة فيها فرصة الترشيح ضمن القوائم الخاصة بهم نظرًا لإيمانهم بضعف فرصتها في النجاح، ومعظم السيدات اللاتي خضن المعركة الانتخابية من المستقلات.
ففي انتخابات عام ٢٠٠٠ وصل عدد السيدات المرشحات إلى 109 سيدات من إجمالي ٤٢٥٠ مرشحًا بنسبة ٥٦.٢% وهي نسبة مرتفعة عن مثيلتها عام 1995، وترجع هذه الزيادة إلى ارتفاع نسبة المستقلات، فقد كان الوضع في الأحزاب لا يعبر عن أي مساندة للمرأة ولا لترشيحها فقد، رشح الحزب الوطني 11 سيدة من إجمالي ٤٤٤ مرشحًا بنسبة 2.84% بينما رشح حزب الوفد 8 سيدات من إجالي ٢٧٢ مرشحًا بنسبة 2.94% ورشح حزب التجمع 3 سيدات من إجمالي 51 مرشحًا بنسبة بلغت 5.88% وهي التي وضعته على قائمة الأحزاب الأفضل في ترشيح النساء.
وقد أشارت الكاتبة الصحفية أمينة شفيق في مقال لها في الأهرام العدد ٤٣١٢٦ إلى أن المشاركة النسائية في مجلسي الشعب والشورى وصلت إلى ٢.٤% في حين أن المشاركة النسائية العربية تصل إلى 6.4% وبذلك تأتي مصر في الترتيب الـ 117 من المؤشر العالمي وتسبقها بلدان عربية كثيرة ولا تأتي بعد مصر في هذا المؤتمر سوى 4 دول عربية فقط ما زالت المرأة فيها لم تحصل على حقوقها السياسية.
وهذا يشير إلى حقيقة تحيط بالمرأة المصرية، أبسط ما يمكن أن يقال عن هذه المشكلة أن ثمة مناخًا سائدًا قانونيًا وإداريًا وسياسيًا وحزبيًا وثقافيًا عامًا يقيد حركة المرأة ويعزلها عن المشاركة سياسيًا وهي التي تمثل نصف المجموعة الإنسانية المصرية، فإن المفهوم والمسار الديمقراطيين في مصر يظلان محلاً للشكوك منا ومن الآخرين.
كما أكدت أن الواقع المصري الحالي يحتاج إلى إعادة النظر في الظروف التي تحيط بمشاركة المرأة المصرية في الحياة السياسية سواء كانت ظروفًا قانونية أو اجتماعية أو ثقافية، تمامًا كما حدث في العديد من البلدان النامية عامة والعربية خاصة وإلا استمرت المرأة المصرية مهمشة في مجتمعها ومعزولة عن حركة بنائه، وفي ذات الوقت معزولة عن هذه الاستنهاضة العالمية التي تشارك فيها كل نساء العالم وبلدانه المتقدمة والنامية.
المرأة والمشاركة العربية
أين الريادة المصرية الغائبة؟
المرأة في الدول العربية تخطت المصرية
حتى الأحزاب السياسية غيبت المرأة
وقد حققت الدول العربية ما لم تحققه مصر، حيث حصلت النساء في الانتخابات البرلمانية الأخيرة على نسبة 30% من المقاعد بعد أن تحرك المجتمع والأحزاب من أجل وضع النساء بإعداد وفي القائمة الوطنية ثم إقرارها.
وفي جيبوتي فقد أقنعت الدولة القبائل والعشائر واتفقوا على أن تحصل المرأة على 14% من مقاعد البرلمان.
بينما وصلت نسبة تمثيل المرأة السورية في البرلمان إلى ١٢% وفي السودان إلى 9.7%. وفي تونس ارتفعت نسبة عضوية النساء في البرلمان لتصل إلى ٢٨% وفي الجزائر وصلت إلى 7.5%. أما في العراق فقد اشترط قانون الانتخاب على أن تضم قائمة الترشيح نسبة ٢٥% من النساء ويتوقعون أن تحصل المرأة على نسبة عضوية برلمانية تتراوح ما بين الانتخابات القادمة. ٢٥% و ٣١% في الانتخابات القادمة.
وهذا يؤكد أن كثيرًا من الدول العربية حققت ما لم تحققه مصر في مجال المشاركة السياسية.
ففي البحرين تم تعديل الدستور بشكل مباشر وصريح كي يمكن المرأة من ممارسة حقوقها السياسية، وحقها في تقلد المناصب القيادية، وقد كلفت (د. مريم بنت حسن آل خليفة) عام ٢٠٠٣ لرئاسة جامعة البحرين لتكون أول إمرأة تصل إلى هذا الموقع الحيوي.
أيضًا على الرغم من كل ما يقال عن المجتمع القبلي التقليدي وعن الظروف المكبلة لحركة المرأة فيه إلا أن الإمارات العربية التي تنتمي لهذه المجتمعات رشحت في عام ٢٠٠٢ (د. رفيعة غباشي) لتكون رئيسة جامعة الخليج العربي.
والجدير بالذكر أن هناك العديد من الدول العربية بخلاف البحرين والإمارات وصلت فيها المرأة إلى منصب رئيس جامعة منها اليمن والمغرب.
أما في سوريا ففي عام 1998 تم اختيار السيدة ( غادة مراد) لمنصب النائب لعام الجمهوري حيث تدرجت في المناصب من رئيس نيابة حتى وصلت إلى منصب محام عام، ثم إلى رئاسة محاکم استئناف دمشق وريفها، ثم إلى النائب العام.
بينما تقلدت السيدة “حكمة حسن أحمد” منصب محافظ الخرطوم عام ٢٠٠٣ بعد أن تم إصدار قانون الحكم المحلي لعام ٢٠٠٣ والذي بموجيه تم استبدال لقب المحافظ بالمعتمد، وقد تم انتخاب السيدة حكمة من قبل الأمانة العامة للحزب من بين جميع المرشحين ثم رفع القرار على رئيس الجمهورية الذي قام بإصدار القرار وتولت السيدة حكمة منصب المعتمد أو المحافظ.
وقد أصدر ملتقى تنمية المرأة بعض التوصيات الخاصة بالنهوض بالمرأة وضرورة العمل على مشاركتها الكاملة.
وتضمنت التوصيات وضع برامج لتأهيل النساء سياسيًا.
-
الأخذ بنظام الحصة كتدبير انتقال مؤقت حتى تدخل النساء إلى العمل السياسي كجماعات.
-
الاستفادة من تجربة ربيع المساواة في المغرب التي أدت إلى دخول ٢٥ امرأة في كل الأحزاب إلى البرلمان بعد التفاهم مع الحركة النسائية الديمقراطية من جهة والأحزاب السياسية من جهة أخرى.
-
تكاتف منظمات المجتمع المدني لخلق برنامج تثقيفي شامل لتنمية الوعي السياسي لدى جماهير النساء والاهتمام الخاص بالريفيات.
-
التوافق حول التمثيل الحقيقي لكل القوى الاجتماعية والسياسية في المجلس القومي للمرأة.
-
العمل المشترك لرسم خريطة أولية بالتنسيق بين كل منظمات المرأة والبحوث حول وضع المرأة في المجتمع من كل زواياه.
-
محاربة العادات والتقاليد البالية التي تميز ضد المرأة بايجاد وشائج بين منظمات المجتمع المدني والإعلام.
-
إعادة النظر في برامج التنشئة الاجتماعية داخل الأسرة والمدرسة وعبر الإعلام الذي يقدم صورًا نمطية للمرأة ومناقشتها مع المسئولين للتوافق مع الاتفاقية الدولية لإلغاء التمييز ضد المرأة.
-
وقضية المشاركة السياسية تحتاج في الفترة القادمة إلى تكاتف كل الجهود: منظمات مجتمع مدني وأحزاب بالإضافة إلى وعي القيادة السياسية بأهمية مشاركة المرأة أسوة بباقي الدول العربية.