محطات للمهانة تقرير عن الانتهاكات الجنسانية ضد النساء وذوات الهويات الجنسية غير النمطية في منظومة العدالة الجنائية
تاريخ النشر:
2021
محطات للمهانة
تقرير عن الانتهاكات الجنسانية ضد النساء وذوات الهويات الجنسية غير النمطية في منظومة العدالة الجنائية
ورد في ديباجة الصيغة المحدثة للاستراتيجيات النموذجية والتدابير العملية للقضاء على العنف والتمييز ضد المرأة في مجال منع الجريمة والعدالة الجنائية “كثيرًا ما يكون العنف ضد المرأة متأصلاً في القيم الاجتماعية والأنماط والممارسات الثقافية ومعززًا بها، ونظرًا لأن نظام العدالة الجنائية والمشرعين ليسوا بمنأى عن هذه القيم. لم يعالج العنف والتمييز ضد المرأة بالجدية ذاتها التي عولجت بها أشكال العنف الأخرى1.
ولهذا فإن التمييز أو العنف الذي تواجهه النساء في أماكن الاحتجاز ليس منفصلاً عن التمييز والعنف الذي يواجهنه خارج أسوار أماكن الاحتجاز، وإنما يعد امتدادًا له. جاءت قواعد الأمم المتحدة لمعاملة السجينات والتدابير غير الاحتجازية للمجرمات “قواعد بانكوك2” لتمثل حجر الأساس نحو الاعتراف بالحاجات الجندرية المختلفة للنساء أثناء مروروهن بنظم العدالة الجنائية، بالإضافة إلى ذلك فقد أرست قواعد وضمانات لمنع التعذيب وسوء المعاملة في أماكن الاحتجاز، وذلك بسبب تعرض النساء على وجه الخصوص إلى سوء المعاملة والعنف، ولا سيما العنف الجندري المتعلق بعدم تلبية الاحتياجات الجنسانية والجندرية في أماكن الاحتجاز، مثل احتياجهن إلى الفوط الصحية أو رعاية صحية خاصة لا سيما للأمهات والحوامل ومن تصطحبن أطفالهن معهن أثناء فترة الاحتجاز ووقوع الضرر على كل من الأمهات والأطفال.
في بعض الظروف يرقى إهمال الاحتياجات الجندرية للنساء إلى درجة المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، فقد ذكرت اللجنة الفرعية لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهيئة أن نطاق العمل الوقائي واسع ويشمل منع أي شكل من أشكال الإساءة للأشخاص المحرومين من حريتهم والتى إن لم ترتدع قد تستفحل لتصل إلى درجة التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية.3
1 – النساء المحرومات من الحرية: منع التعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة في أماكن الاحتجاز من خلال مراعاة الاعتبارات الجندرية، متاح عبر:
http://www.primena.org/portal/PagepublicationDocumentphp?uri=http://primena.org/admin/Uptoad/Component/womenindetentionAR1_1421589246.pdf
2-Guidance Document and Index of Implementation on the UN Bangkok Rules, available via.2
https://www.penaireform.org/resource/bangkok-rules-guidance document index implementation/
3 – تقرير المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، مانفريد نواك، 15 يناير/ كانون الثاني HRC/A/73 2008، النساء المحرومات من الحرية: منع التعذيب وغيره من اشكال سؤ المعاملة في اماكن الاحتجاز من خلال مراعاة الاعتبارات الجندرية. المنظمة الدولية للاصلاح الجنائى. متاح عبر
يهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على أوضاع النساء أثناء مرورهن في نظام العدالة الجنائية المصري، في حالة كونهن ضحايا عنف يستعن بالنظام القضائي للإبلاغ، أو في حالة كونهن محتجزات في أحد أماكن الاحتجاز التابعة للدولة. وبشكل أساسي يلقي التقرير الضوء على أنماط الانتهاكات المتكررة التي تتعرض لها السيدات في النيابات وأماكن الاحتجاز من أقسام شرطة وسجون، ويلقي التقرير الضوء في شقه الأول على التعامل مع النساء أثناء مرورهن في نظام العدالة الجنائية المصري على أساس كونهن ضحايا للإبلاغ عن شكاوى العنف. وثق التقرير مع محامين يعملون في الدفاع عن ضحايا العنف بداية من تسجيل الشكوى في أقسام الشرطة، حيث يتوقف شكل الإجراءات من ناحية تسجيل الواقعة أو الاهتمام بواقعة العنف الجسدي أو الجنسي وفقًا لعدة عوامل منها وعي الضابط القائم بتسجيل الواقعة، المكان الجغرافي لحدوث الواقعة والطبقة الاجتماعية أو الاقتصادية في تسجيل وقائع التحرش والانتهاكات الجنسية. سجل المحامون أيضًا أنه في كثير من الأحيان يقوم أمناء الشرطة تحديدًا بممارسة دور أبوي مع الفتيات ضحايا العنف مطالبين إياهن عدم تحرير محضر ضد المتهم وعدم سلوك المسلك القانوني لعدم تضييع مستقبله والاكتفاء بأن يتم تأديبه أو ضربه. وفي أحوال أخرى قد يشير أمين الشرطة على الجاني تسجيل محضر مضاد. بالطبع كل هذا يؤثر بشكل مباشر وحاد على نسبة وصول البلاغات للنيابة بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد في القانون المصري ما ينص على حماية المعنفات أو السيدات اللواتي تعرضن للعنف أو هناك احتمالية بتعرضهن للعنف. ووفقًا لمقابلات مع المحامين، في حالة تلقي الضحية تهديدات لأمانها أو حياتها وذهاب الضحية إلى أقسام الشرطة لعمل بلاغات، لا يعني الموظفون بذلك طالما لم تحدث واقعة عنف فجة. في أفضل الأحوال يقوم الموظف بعمل محضر عدم تعرض، ولكنه لا يأخذ أي إجراء وقائي أو حماية للشاكية وبالتالي تظل معرضة للخطر وواقعة تحت التهديد بلا إجراء يحميها. يظهر ذلك أيضًا في حالات بلاغات العنف الأسري، فعندما تبلغ المرأة بتعرضها للعنف الأسري غالبًا ما تعيدها الشرطة إلى بيتها دون أن تتخذ أي إجراء، وذلك لأن العنف المنزلي يعد في نظر المجتمع والموظفين المكلفين بتنفيذ القانون “مشكلة أسرية“، وحتى في حالة إجراء تحقيق، لا تستطيع الدولة في أغلب الأحيان توفير الحماية للضحايا، وفي كثير من الأحيان تؤدي طبيعة التحقيقات وأساليبها إلى تعرض الضحايا للأذى مجددًا.
كذلك يناقش التقرير تعامل النيابات مع وقائع العنف الجنسي. فالنيابات في مصر ليس لديها كود معين فيما يخص حماية بيانات ضحايا العنف، فلا توفر النيابة أي حماية لبيانات الشاكية، حيث يمكن الاطلاع على بيانات الشاكية الشخصية من الاسم والعنوان وخلافه من قبل العاملين في النيابة أو المحامين، الأمر الذي قد يعرض الضحية لاحقًا لخطر المطاردة من قبل الجاني أو ذويه. بالإضافة إلى ذلك فوكلاء النيابة والعاملون في النيابات غير مدربين على التعامل مع حالات وضحايا العنف الجنسي.
أيضًا يشتبك التقرير مع معركة النساء لتولي مناصب في القضاء، ففي غياب نساء منخرطات في النيابة تجد الفتيات أنفسهن مضطرات لراوية واقعة تحرش أو اعتداء جنسي أو اغتصاب لوكيل النيابة، في الوقت الذي تعاني فيه من صدمة انتهاكها جنسيًا بناءً على نوعها الاجتماعي من رجل آخر، وبالتالي قد يصعب عليها رواية الواقعة. بالإضافة إلى ذلك وثق التقرير من خلال المقابلات مع المحامين حدوث تمييز في الأحكام الصادرة في قضايا العنف الجسدي أو الجنسي بسبب عدم وجود نساء في القضاء حيث تصدر أغلب الأحكام في قضايا العنف الجسدي أو الجنسي مخففة إذ يستخدم عامة القضاة صلاحية الرأفة لتخفيف الأحكام الصادرة ضد الجاني.
الشق الثاني من التقرير يتناول أوضاع النساء أثناء مرورهن في نظام العدالة الجنائية كمتهمات ومحتجزات في أقسام الشرطة وعرضهن على النيابات ثم إدراجهن في السجون المصرية. ينقسم هذا الجزء إلى فصل عن الانتهاكات التي تتعرض لها النساء في أقسام الشرطة، منها انتهاكات عنف جسدي أو جنسي، حيث يتم التطبيع مع استخدام العنف في أقسام الشرطة بصفته إجراء لحفظ النظام في الأقسام، أو بغرض السيطرة وفرض الرهبة، أو بغرض التحقيق وانتزاع الاعترافات. وفيما يتعلق بالعنف الجنسي، فلا توجد إحصائيات حول نسب التحرش الجنسي والاعتداءات الجنسية في السجون إلا أن احتمالات تعرض النساء للعنف الجنسي أو التحرش في الأقسام قد تكون مرتفعة خاصة مع عدم وجود سلطة مراقبة فعالة على التعامل مع النساء في الحجز، ويترك ذلك لسلطة الضباط وأمناء الشرطة أو السجانات في السجون بلا رقيب ولا حسيب. بالتالي تزداد احتمالات وقوع انتهاكات جنسية أو التهديد بها على المحتجزات سواءً من قبل السجانات في السجون أو أمناء الشرطة وخاصة ضد الجنائيات، فيتخذ شكل التحرش أو الاعتداء الجنسي أو استغلال النفوذ، لعدم قدرة المحتجزات على تسجيل بلاغات بشأن الانتهاكات التي يتعرضن لها سواءً لعدم معرفتهن بالانتهاكات نفسها أو الإجراءات اللاحقة للانتهاك أو عدم قدرتهن على اتخاذها.
أيضًا يغطي التقرير أنماط من ظروف الحبس المهينة والحاطة من الكرامة الإنسانية التي تتعرض لها المحتجزات. فقد وثق التقرير من خلال مقابلات مع المحامين والضحايا ومراجعة الحالات التابعة القاعدة بيانات المفوضية المصرية الخاصة بالسجون، أنه في كثير من الأحيان يتم استخدام التفتيش كوسيلة تتكيل بالمحتجزات كوسيلة لإخضاعهن في أماكن الاحتجاز. وأنه في بعض أقسام الشرطة بالقاهرة لا يتم مراعاة خصوصية النساء أثناء التفتيش وقد يتم تهديدهن بتفتيشهن ذاتيًا من قبل عساكر أو أمناء شرطة إذا تمنعن أو رفضن خلع ملابسهن، بالإضافة إلى ذلك وثق التقرير تعرض بعض السجينات للتحرش من قبل السجانات أثناء عملية تفتيشهن ذاتيًا في أقسام الشرطة. ولا تتمتع النساء بأي قدر من الخصوصية في أقسام الشرطة، حيث يتم الدخول لتفتيش الزنازين في أي وقت من اليوم بدون مراعاة لخصوصية وضعهن.
يشتبك التقرير أيضًا مع الاحتياجات المتعلقة بالنوع الاجتماعي ومدى توافر الفوط الصحية في أقسام الشرطة، حيث وثق التقرير صعوبة حصول النساء على فوط صحية في أقسام الشرطة، وتباع الفوط الصحية في الكانتين في السجون بعدة أضعاف ثمنها في الخارج، الأمر الذي يجعل العديد من النساء لا يستطعن تحمل تكلفتها وخاصة من الطبقات الأدنى اقتصاديًا وهم الفئة الغالبة في أقسام الشرطة أو السجون. تحصل النساء على الفوط الصحية إما من الزيارات أو تستخدم قطع من القماش لفترات طويلة للغاية الأمر الذي يعرضهن لمخاطر صحية مثل الالتهابات الجلدية والتهابات المسالك البولية. في أحيان أخرى قد لا تتوافر أي من هذه الأشياء وتجلس النساء بدماء الطمث لعدم وجود فوط صحية أو قماش، الأمر الذي يعرضهن وزميلاتهن في الحجز لمشاكل صحية نتيجة عدم وجود أدوات نظافة في القسم، بالتالي تكون غرف الاحتجاز معرضة لتفشي الأوبئة والجراثيم. بالإضافة إلى ذلك هناك وضع الحوامل والأمهات في أقسام الشرطة، فلا تحظى النساء الحوامل والأمهات بأي رعاية طبية حقيقة في أقسام الشرطة، بل في الواقع قد يكن أكثر عرضة للانتهاكات بمنع الرعاية الصحية عنهن، وقد وثق التقرير مع إحدى المحتجزات تعرضها أثناء تواجدها في أحد أقسام الشرطة لاقتحام الزنزانة وتغريق الحجز بالماء وتكسير كل ما فيه والاعتداء عليها بالضرب والسحل وكذلك بعض السجينات الأخريات أثناء تواجد طفلة في الحجز لم تتخط عمر التسع شهور.
يتناول التقرير أيضًا انتهاكات تتعرض لها النساء في النيابة أثناء التحقيق معهن كمتهمات، فيناقش التقرير إدانة المتهمات على أسس أحكام أخلاقية مسبقة أو وجود تحيز أخلاقي من وكيل النيابة في التحقيقات، حيث وثقت المفوضية المصرية للحقوق والحريات مع سجينات سابقات تعرضن للتمييز المبني على النوع الاجتماعي من حيث توجيه أسئلة أخلاقية لا علاقة لها بمجرى القضية أو الاتهامات الموجهة إليهن. كما وثق التقرير أيضًا اعتداد النيابة بالاعترافات المنتزعة تحت التهديد بالاغتصاب والتحرش بالمحتجزات وعدم اعتباره تعذيبًا، مثل تعرض النساء للتعذيب المعنوي منذ لحظة القبض عليهن، وتهديدهن بالتعرية والاغتصاب والتحرش وتصويرهن عاريات، وقد يصل الأمر إلى التحرش بهن بالفعل أو إجبارهن على خلع ملابسهن، الأمر الذي يجعل الفتيات يصبن بالانهيار العصبي ويعترفن بما لم يقمن بارتكابه بالضرورة. وفي أغلب الأحوال لا يعتد القضاء بشكاوى التعذيب المثبتة من الضحايا في النيابة وإنما يعتد بالاتهامات التي وجهتها النيابة، حيث يكتفي القاضي بفحص تحريات محاضر أمن الدولة ولا ينظر عادة في أقوال الفتيات ولا يعتد بكونها منتزعة تحت إكراه أو تهديد أو تعذيب، بالإضافة إلى ذلك، كثيرًا ما تمتنع النيابات عن فتح تحقيق منفصل في الشكاوى الخاصة بالتحرش والعنف ضد المحتجزات، وترفض القيام بمهمتها كسلطة تحقيق بالإضافة لكونها سلطة. ويغطي التقرير أوضاع النساء في السجون من ناحية التفتيش الذاتي المهين والحاط من الكرامة الإنسانية التي تتعرض له النساء فور وصولهن السجن كإجراء روتيني لإدراجهن كسجينات، ووثق التقرير تعرض العديد من المحتجزات إلى التحرش الجنسي بهن أثناء تفتيشهن ذاتيًا، وقد وثقت العديد من المحتجزات استخدام التفتيش الذاتي كوسيلة للتنكيل بهن بالإضافة إلى تفتيشهن مهبليًا – بكيس غير نظيف – ويتم تفتيشهن بنفس “الكيس” الأمر الذي يعرضهن لمشاكل صحية خطيرة وينقل العدوى أو البكتيريا من محتجزة لباقي المحتجزات. بالإضافة إلى ذلك فقد شكت العديد من المحتجزات من تعرضهن لنزيف من الرحم أو الشرج بعد تعرضهن لتفتيش مهين من قبل السجانات غير المدربات على الكشف أو الفحص الطبي الملائم.
أيضًا يتناول التقرير مسألة الكشوف الطبية غير الضرورية موثقًا من خلال محتجزة سياسية تم ترحيلها لسجن القناطر مع مجموعة من المتهمات في قضايا الآداب تعرضها وكذلك الجنائيات إلى كشف طبي شمل كشف عذرية وفحص شرجي في مستشفى القناطر العام بدون داعٍ وإنما كأحد إجراءات دخول السجن، بالإضافة إلى تواجد السجينات في ظروف حبس مهينة وحاطة من الكرامة الإنسانية. يعد الوضع في السجون المصرية وخاصة في أماكن احتجاز النساء كارثيًاـ فيما يتعلق بالمعايير الصحية المتفق عليها دوليًا، من ناحية سوء أوضاع الاحتجاز بشكل عام من تكدس الزنازين وعدم توافر تهوية جيدة أو نظام غذائي يحافظ على صحة السجينات البدنية. وفيما يتعلق بالنظافة الشخصية تعاني السجينات من تفشي العديد من الأمراض الجلدية بسبب عدم قدرتهن على العناية بنظافتهن الشخصية لسوء أوضاع أماكن الاحتجاز. بالإضافة إلى ذلك فقد اشتكت المحتجزات في سجن القناطر من تردي أوضاع الاحتجاز إلى حد عدم قدرتهن على استخدام مياه نظيفة. وسجلت النساء على لسان محاميهن وجود مادة مجهولة في المياه تتسبب في تساقط الشعر وتغير لون الجلد، والمياه نفسها عادة ما تكون ملوثة ولونها داكن وفي بعض الأحيان يوجد بها حشرات، ويتم استخدام هذه المياه في الاستحمام فقط، ومع ذلك يتغير لون جلد البشرة ويتساقط الشعر ويلتهب الجلد. وتضطر النساء لاستخدام هذه المياه لأنها المياه الوحيدة المتوفرة مجانًا. وفيما يتعلق بمراعاة الاحتياجات المتعلقة بالنوع الاجتماعي فإن الفوط الصحية المتاحة في السجن متاحة فقط عبر كانتين السجن، والأسعار في الكانتين مرتفعة للغاية وبالتالي تعتمد السجينات على ما يصل إليهن من زيارات ذويهم. أما في الحالات التي منعت أو قللت فيها إدارة السجن الزيارات – كما حدث مع تفشي فيروس كورونا – أصبحت أحوال السجينات غاية في السوء من ناحية عدم توافر طعام مناسب أو أدوات رعاية شخصية مثل الفوط الصحية. في كثير من الحالات التي لا تمتلك فيها المحتجزات القدرة المادية على شراء الفوط الصحية تضطر إلى العمل داخل السجن بالتنظيف أو الغسيل أو خدمة سجينات أخريات بمقابل مادي يمكنهن من شراء فوط صحية وغيرها من الأدوات. وفي حالة عدم توافر هذا الخيار، تلجأ المحتجزات إلى وسائل قديمة مثل استخدام قماشة وإعادة غسلها أو قطن بديل للفوط الصحية. كل هذه الأحوال تؤثر على الصحة الجسدية والنفسية للسجينات. يتناول التقرير أيضًا أوضاع النساء من الأمهات والحوامل في السجون، حيث وثقنا عدم وجود كشف طبي معمق على صحة الحوامل وأوضاع حملهن أثناء إدراجهن كسجينات وإنما يتم سؤالهن شفهيًا لو كن يعانين من أية أمراض أو شكاوى صحية، ويذهبن إلى المستشفى كل أسبوعين لمتابعة الحمل شكليًا. في بعض الحالات تم التعسف مع أمهات حوامل من المحتجزات على ذمة قضايا سياسية للتنكيل بهن بالإضافة إلى أن الوضع العام في عنبر الأمهات غير مهيأ لوجود أطفال وذلك بسبب التكدس الشديد وضعف الرعاية الصحية وسوء التهوية وضيق المكان. وقد وثق التقرير تعرض العديد من الأطفال وأمهاتهم إلى مشاكل صحية بسبب سوء الأوضاع في عنابر الاحتجاز، بالإضافة إلى أنه حتى في هذه الأحوال لا تقدم إدارة السجون أي رعاية صحية حقيقة للمحتجزات. ذكرت سجينات سابقات في سجن القناطر أن أغلب الأدوية المتوفرة في مستشفى السجن هي مسكنات عامة وضعيفة للغاية، ولا يوجد أطباء مقيمين في السجن من التخصصات المختلفة وإنما هو طبيب النسا العام، ولا توجد رعاية صحية للحوامل مثل كشف السونار أو ما شابه من إجراءات العناية الطبية بالحوامل والأمهات. حتى نوعية الأكل المقدم للأمهات والحوامل ليس أفضل من الأكل العام في السجن بأي حال من الأحوال. وتضطر الأمهات والحوامل إلى الاعتماد على الطعام الذي يحصلن عليه في الزيارات. بالإضافة إلى ذلك لا توجد أي متابعة نفسية للسيدات الحوامل أو اللواتي وضعن أطفالهن، فمن المعروف طبيًا أن النساء أثناء فترة الحمل والولادة يمررن بأعراض نفسية مختلفة وفي كثير من الأحوال تصاب الأمهات بعد الوضع بـ “اكتئاب ما بعد الولادة“، وفي هذه الحالات لا يقدم لتلك النسوة أي نوع من الرعاية النفسية.
الفصل الأخير من التقرير يناقش الانتهاكات التي تمارس على النساء من ذوات الهويات الجنسية غير النمطية أثناء مرورهن في نظام العدالة الجنائية المصري، فيشتبك التقرير مع الانتهاكات التي يتعرض لها في النيابة، مثل سؤالهن أسئلة أخلاقية أو جنسية لا علاقة لها بالقضية أو يتعرضن للحط من شأنهن كما في حالة سارة حجازي حينما سألها وكيل النيابة إذا ما كانت “تقبل النوم مع الحيوانات” لأنها مثلية، وذلك بالإضافة إلى الانتهاكات التي يتعرضن لها في أقسام الشرطة حيث تزداد معدلات العنف سواء من أمناء الشرطة أو من السجينات أو السجانات. على سبيل المثال في حالة سارة حجازي، تعرضت للضرب والتحرش من قبل السجينات في قسم السيدة زينب، بإيعاز من رئيس المباحث لضريها والتحرش بها بغرض تخويفها وكسر إرادتها والحط من شأنها لميولها الجنسية. هناك أيضًا الانتهاكات التي يتعرضن لها أثناء احتجازهن، مثل عدم تواجد أماكن احتجاز مخصصة للعابرات جنسيًا كما في حالة ملك الكاشف والتي قضت فترة عقوبتها في حبس انفرادي، الأمر الذي أثر على حالتها النفسية لدرجة محاولتها الانتحار. كذلك تعرضهن للتحرش والتهديد بالاعتداءات الجنسية من قبل السجانات والموظفين والمحتجزات أنفسهن أحيانًا، بالإضافة إلى تعرضهن لكشوف طبية لا ضرورة لها بالرغم من تقديمهن الأوراق التي تثبت حالتهن، كما في حالة ملك الكاشف حيث قام طبيب السجن بعمل تحليل حمل لها وهي عابرة جنسيًا، وأيضًا في حالة إيمان الحلو وحسام أحمد. وما يترتب على ذلك من آثار نفسية بحق النساء من ذوي الهويات الجنسية غير النمطية، وكيف أثرت أوضاع الاحتجاز على حالتهن النفسية أثناء وجودهن في السجن وكذلك بعد خروجهن.
ويخلص التقرير إلى مجموعة من التوصيات فيما يتعلق بالسياسات والتعديلات القانونية المطلوبة ومن أهمها توقيع مصر على “قواعد بانكوك” الصادرة عن الأمم المتحدة بشأن معاملة السجينات والتدابير غير الاحتجازية للمجرمات، واستصدار قانون يحمي المعنفات. وفيما يتعلق بالنيابات، ضمان وجود نسبة من النساء في النيابات، تمهيدًا لإدراج النساء في النيابات والقضاء بنسب متوازنة جندريًا وذلك لضمان عدم التمييز ضد النساء في قضايا العنف الجنسي واستخدام القضاة للحق في استعمال الرأفة الواردة في المادة رقم 17 من قانون العقوبات، الإصدار أحكام مخففة. كذلك، الالتزام بالدستور المصري وعدم الاعتداد بالاعترافات المنتزعة تحت التحرش أو التهديد بالاغتصاب واعتباره تعذيبًا وفتح تحقيق منفصل في الشكاوى الخاصة بالتحرش والعنف ضد المحتجزات في أماكن الاحتجاز. وفيما يتعلق بأقسام الشرطة، وجوب وجود عناصر نسائية – موظفات – بصفة دائمة في أقسام الشرطة وذلك لعمليات التفتيش والإشراف على المحتجزات وحفاظًا على أمان النساء، مراعاة الاحتياجات الجندرية للنساء وتوفير الفوط الصحية بنفس أسعارها خارج أماكن الاحتجاز. أيضًا يوصي التقرير باستخدام بدائل التفتيش الذاتي الحديثة كما أوصت “قواعد نيلسون مانديلا” و “قواعد بانكوك” فيما يخص استخدام تقنيات حديثة للكشف بالأشعة الحرارية أو تحت الحمراء أو المرور عبر بوابة إلكترونية كاشفة، خاصة وأن هذه البدائل متوفرة بسهولة. ويوصي التقرير بالالتزام باتفاقية نيلسون مانديلا فيما يتعلق بتوفير الرعاية الصحية للنساء والحوامل سواء في أقسام الشرطة أو في السجون العمومية، مع وجوب الكشف على الأمهات والحوامل باستمرار في مستشفيات تابعة للدولة نظرًا لضعف إمكانيات مستشفى السجن وتوفير الرعاية الصحية اللازمة لهن بما فيها المتابعة النفسية. وكذلك إيقاف الكشوف الطبية غير الضرورية في حالة النساء من الهويات الجنسية غير النمطية، وتخصيص أماكن احتجاز للعابرات/ ين جنسيًا وذلك منعًا للتعدي عليهن أو تعرضهن لانتهاكات جنسية أو جسدية في السجون، بالإضافة إلى السماح لهن باستكمال العلاج الهرموني والمتابعة الطبية والنفسية.
“خريط التعذيب” هي مبادرة أطلقتها المفوضية المصرية للحقوق والحريات ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان ضد الأشخاص في أماكن الاحتجاز في مصر، من خلال توثيق حالات الاختفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة لتسهيل الحصول على العدالة للناجين من الاختفاء القسري والتعديب وتعزيز مراحل العدالة الانتقالية المحتملة.
وتقوم خريطة التعذيب بعرض:
-
الأشكال المختلفة من التعذيب وسوء المعاملة: تعذيب جسدي، تعذيب نفسي، تأديب، حبس انفرادي، تحرش واعتداء جنسي.
-
سوء ظروف الاحتجاز بما تشمله: الاكتظاظ عدم توافر المياه والطعام، الحرمان من الرعاية الصحية، فرض القيود على التواصل مع الأهل والمحامين، الوفيات داخل أماكن الاحتجاز.
-
تقديم الدعم القانوني لضحايا التعذيب وسوء المعاملة والإهمال الطبي في أماكن الاحتجاز ولضحايا الاختفاء القسري وأسرهم.
-
بالتعاون مع مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب يتم توفير الرعاية الطبية والنفسية على المدى القصير والطويل وإعادة التأهيل للرجال والنساء والأطفال الذين تعرضوا لأي شكل من أشكال التعذيب ورعاية أسرهم التي تعاني من الصدمات الثانوية.
-
تدشين الحملات لدعم ومناصرة ضحايا الانتهاكات التي ترصدها وتوثقها خريطة التعذيب، والتوعية بشأن خطورة التعذيب والعواقب المترتبة عليه.
* الموقع الإلكتروني لخريطة التعذيب، متاح على الرابط: http://torturemap.org
استمارة تقديم شكوى “تعذيب، إهمال طبي، سوء معاملة، سوء أوضاع احتجاز“، متاح على الرابط: https://bit.ly/2GCa8v4
تهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن أوضاع النساء أثناء مرورهن في نظام العدالة الجنائية المصري، كالنيابات وأماكن الاحتجاز من أقسام الشرطة وسجون، سواءً كن ضحايا أو محتجزات في أحد أماكن الاحتجاز التابعة للدولة فيما يتعلق بالرعاية الصحية للنساء والأمهات والحوامل، التفتيش الذاتي المهين والحاط من الكرامة الإنسانية، والاعتداء الجسدي والجنسي في أماكن الاحتجاز. بالإضافة إلى تعامل النيابات مع وقائع العنف للضحايا خارج وداخل أماكن الاحتجاز، وأخيرًا أوضاع النساء من ذوي الهويات الجنسية غير النمطية في أماكن الاحتجاز والآثار النفسية المترتبة على الانتهاكات التي تعرضن لها. يستبعد التقرير الانتهاكات التي تتعرض لها النساء غير المبنية على النوع الاجتماعي مثل الاختفاء القسري والتعذيب وغيرها من أشكال سوء المعاملة في أماكن الاحتجاز، والحبس الانفرادي والمنع من الزيارة وغيرها، وتم التركيز على الانتهاكات المتعلقة بالنوع الاجتماعي فقط. أيضًا تعذر عقد مقابلات مع سيدات جنائيات، ولكنه تم الاستدلال على الانتهاكات التي يتعرضن لها من خلال المقابلات مع المحامين وبعض المحتجزات سابقًا على ذمة قضايا سياسية.
لإعداد هذا التقرير تم عقد 14 مقابلة بحثية مقسمة لسبع مقابلات بحثية مع محامين وسبع مقابلات بحثية مع ضحايا ومحتجزات سابقات في السجون المصرية من محافظتي القاهرة والجيزة أثناء الخمس أعوام السابقة، بالإضافة إلى ذلك فقد تم الاستعانة بقاعدة بيانات المفوضية المصرية للحقوق والحريات في دراسة وتحليل أكثر من 50 حالة. تم الاطلاع على الدراسات السابقة والبيانات الصحفية التي تتناول هذا الموضوع، وكذلك مراجعة عدد من القضايا والبلاغات والشكاوى فيما يتعلق بالعنف ضد النساء في أماكن الاحتجاز. بالإضافة إلى ذلك تم الاطلاع على المعاهدات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق النساء في أماكن الاحتجاز والتعامل معهن بما لا يحط من الكرامة الإنسانية، وبما يحافظ على حقوق الإنسان، مثل القواعد النموذجية الدنيا للتعامل مع السجناء والمعروفة بـ “قواعد نيلسون مانديلا“، وقواعد الأمم المتحدة لمعاملة السجينات والتدابير غير الاحتجازية للتعامل مع المجرمات المعروفة بقواعد بانكوك، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
يجهل التقرير كافة الأسماء حفاظًا على أمن وسلامة الضحايا والمحامين من التعرض لأي خطر أمني.
4 – 1 عنف مضاعف:
تعامل أقسام الشرطة مع شكاوى العنف الجنسي
تتواجد النساء في أقسام الشرطة إما كمتهمات أو محتجزات، أو كضحية للإبلاغ عن اعتداء أو انتهاك تعرضن له، مثل شكاوى العنف الجسدي أو الجنسي. لا يوجد إجراء ثابت أو كود أو بروتوكول محدد فيما يتعلق بتسجيل شكاوى العنف الجنسي، بالتالي فالأمر متروك تمامًا لضابط الشرطة القائم على تسجيل الواقعة أو نقيب الشرطة أو أمناء الشرطة عند تحرير المحضر. أيضًا وفقًا لشهادة المحامين فإن الموقع الجغرافي لتسجيل شكوى عنف جنسي أو تحرير محضر الشرطة يؤثر على التعامل مع الضحية. على سبيل المثال يقول محامي مختص بالدفاع عن حقوق ضحايا العنف1 “لو الواقعة بتتسجل في منطقة كالمعادي أو التجمع أو المهندسين، يكون التعامل مختلف تمامًا عن أماكن جغرافية مثل فيصل أو إمبابة، فقد يتم توفير مكان به نوع من الخصوصية لتسجيل الواقعة على وجه مثالي، أو التعامل مع إجراءات التسجيل بشكل جاد أكثر“. وبناءً عليه فإن الموقع الجغرافي والوضع الاقتصادي للضحية والجاني، وفقًا لشهادة المحامين والضحايا يؤثر في عملية وإجراءات تسجيل الشكاوى من ضمن متغيرات أخرى. في كثير من الأوقات يقوم أمناء الشرطة تحديدًا بممارسة دور أبوي مع الفتيات ضحايا العنف، فعلى سبيل المثال قد يقوم أمين الشرطة بتقديم عروض مثل ضرب الشاب أو إحضار المتهم للفتاة وضربه في مقابل عدم تسجيلها لمحضر بالواقعة، وفي بعض الأحوال وفقًا لشهادات الضحايا، قد يقوم أمين الشرطة بنصح المتهم بعمل محضر مقابل لمحضر الضحية. وذلك لتخويف الضحية من قضاء ليلتها في الحبس وفقًا للقانون، فتقوم الضحية بسحب المحضر حتي لا تتعرض للمزيد من الصدمات أو المخاطر بقضائها ليلة في الحبس مع متهمات جنائيات بالإضافة إلى صدمة العنف أو الانتهاك الجنسي الذي تعرضت له. ويعد هذا من الأمثلة على السلوك المجتمعي مع النساء والذي يؤثر على التعامل القانوني في حالات العنف والتمييز ضدهن. بالطبع كل هذا يؤثر بشكل مباشر وحاد على نسبة وصول البلاغات للنيابة، ففي حديث مع أحد المحامين المختصين بالدفاع عن ضحايا العنف الجنسي والجسدي، يقول إن في تقديره الشخصي أكثر من 50% من بلاغات وشكاوى العنف الجنسي لا تصل إلى النيابة بسبب تخويف الضحايا داخل أقسام الشرطة وكثير من الصعوبات الأخرى التي تتعرض لها النساء في حالة تسجيل شكوى عنف جنسي أو جسدي، فطوال مرور الضحايا في مراحل وإجراءات الإبلاغ بداية من قسم الشرطة وحتى الذهاب للنيابة تقرر الكثير من الفتيات عدم استكمال اجراءات تسجيل الشكوى بسبب هذه الصعوبات
4 – 2 حماية المعنفات:
لا يوجد في القانون المصري ما ينص على حماية المعنفات أو السيدات اللواتي تعرضن للعنف، أو هناك احتمالية بتعرضهن للعنف وتلقي تهديدات تهدد أمانهن وسلامتهن الشخصية. ففي أغلب الدول الأوروبية هناك نص قانوني يدعي بأمر التقييد Restraining order، والذي يعنى بشكل أساسي بحماية المعنفات، ووضع أمر تقييد على المعنف بعدم الاقتراب من الضحية لمسافة معينة يتم تحديدها وفق القانون، أما في مصر فلا يوجد قانون يحمي المعنفات أو بالأخص المهددات بالعنف، ووفقًا لمقابلات مع المحامين في حالة تلقي الضحية تهديدات تهدد أمانها أو حياتها وذهاب الضحية إلى أقسام الشرطة لعمل بلاغات، لا يعنى الموظفين بذلك، طالما لم تحدث واقعة عنف فجة “أيوة يعني هو عملك حاجة… لو عملك حاجة تعالي اشتكي“. في أفضل الأحوال يقوم الموظف بعمل محضر عدم تعرض، ولكنه لا يأخذ أي إجراء وقائي أو حماية للشاكية، وبالتالي تظل معرضة للخطر وواقعة تحت التهديد بلا إجراء يحميها. على سبيل المثال واقعة سمية “فتاة المول“، والتي طاردها المعنف وجرح وجهها بسلاح أبيض. وبالتالي فإنه من الضرورة وجود قانون يحمي المعنفات قبل تعرضهن للعنف2. بالإضافة إلى ذلك، يظهر في حالات بلاغات العنف الأسري، أنه عندما تبلغ المرأة بتعرضها للعنف الأسري فغالبًا ما تعيدها الشرطة إلى بيتها دون أن تتخذ أي إجراء، وذلك لأن العنف المنزلي يعد في نظر المجتمع والموظفين المكلفين بتنفيذ القانون “مشكلة أسرية“. وحتى في حالة إجراء تحقيق لا تستطيع الدولة في أغلب الأحيان توفير الحماية للضحايا، وفي كثير من الأحيان تؤدي طبيعة التحقيقات وأساليبها إلى تعرض الضحايا للأذى مجددًا.
4 – 3 تعامل أقسام الشرطة مع النساء المحتجزات
تعد أقسام الشرطة بشكل عام أماكن غير آمنة للنساء سواء كمحتجزات أو كضحايا قادمات لتسجيل نوع من الشكاوى. في أغلب أقسام الشرطة لا توجد عناصر شرطة نسائية بشكل مستمر، وإذا وجدت فهي توجد صباحًا ولا توجد أي نبطشيات نسائية مسائية. بالإضافة إلى ذلك فالكثير من أماكن احتجاز النساء لا تراعي خصوصية النساء في أماكن الاحتجاز، فعلى وجه المثال توجد غرفة حجز النساء في قسم قصر النيل في أسفل الحجز، وتسبق غرفة حجز الرجال مباشرة، بحيث ينبغي المرور على غرفة حجز النساء من أجل الوصول إلى حجز الرجال. وكثيرًا ما يتلفظ أمناء الشرطة بتلميحات جنسية أو كلام مهين أثناء مرورهن بغرفة حجز النساء، ولو كانت هذه الغرفة تضم محتجزات عاملات بالجنس، ترتفع بشكل تلقائي وتيرة التحرش والتعليقات الجنسية وفقًا لشهادات المحامين والمحاميات والضحايا في هذا الصدد. التعامل مع الجنائيات في كثير من الأحيان يكون أكثر عنفًا من التعامل مع السياسيات، وذلك لقدرة السياسيات النسبية على التسجيل والإبلاغ وتقديم شكاوى بشأن الانتهاك الذي يتعرض له. كذلك لامتلاكهن علاقات أوسع وقدرات أوسع لنشر ما يتعرضن له من انتهاكات في أماكن الاحتجاز، بالإضافة إلى معرفتهم النسبية بحقوقهن وتواصلهن مع محامين حقوقيين بشكل أفضل. وقد تم توثيق تعرض الجنائيات للعنف اللفظي باستمرار مثل الشتم والسب بالأب والأم، والطلب منهن جلوس القرفصاء باستمرار، وكلما كانت المحتجزة من طبقة اجتماعية دنيا، كلما كان تعرضها للإهانة أكبر وأعنف، وقد تم تسجيل ذلك سواءً في التعامل في الأقسام أو السجون. وفي كثير من الأقسام أيضًا لا توجد سجانة، وخاصة في وقت الليل، بالتالي يطلب من الجنائيات تفتيش السياسيات جسديًا، كما في حالة سارة حجازي والتي اعتقلت في 22 سبتمبر 2017، حيث تعرضت لاعتداء جسدي بالضرب والتهديد، وأيضًا الاعتداء الجنسي والتحرش، بإيعاز وتحريض من رئيس مباحث قسم السيدة زينب أثناء احتجازها هنالك قبل ترحيلها للنيابة في أكتوبر 2017 حيث طلب رئيس المباحث من الجنائيات مضايقتها وتكديرها، وفقًا لرواية محامي سارة حجازي، ولم يتدخل أي من الضباط وأمناء الشرطة لحمايتها، وتم إثبات ما تعرضت له سارة في محضر الجلسة التالية، ولكن لم يتم تحويلها للطب الشرعي لعدم وجود إصابات ظاهرة.
4 – 4 الاعتداءات الجنسية في أقسام الشرطة
تزداد احتمالات تعرض النساء للعنف الجنسي أو التحرش في الأقسام وخاصة مع عدم وجود سلطة مراقبة فعالة أعلى، وترك التعامل مع النساء في الحجز لسلطة الضباط وأمناء الشرطة بلا خوف من رقيب ولا حسيب، وبالتالي تزداد احتمالات الاعتداء الجنسي على المحتجزات سواءً من قبل الموظفات أو أمناء وأمينات الشرطة والضباط. فوفقًا لشهادة إحدى المحتجزات السابقات؛ أنها أثناء تواجدها بالقسم لقضاء فترة المراقبة اللاحقة لاحتجازها، تعرضت لتحرش جنسي داخل القسم التي كانت تمضي فيه فترة المراقبة، حيث قالت:
“كان بلوكامين المباحث قفل علينا الباب، وحاول يمسك صدري، ولما قعدت أزعق، وأقوله أنت بتعمل إيه؟ قالي: في إيه؟ ده أنا كنت عايز أتصور معاكي… وفي مرة تانية، حاول يحضني ويشيلني، وفي مرة أخرى، قام ضابط بالاستمناء أمامي، وأنا وقفت متنحة، ومقدرتش أعمل أي حاجة، وخرجت عيطت عياط شدید“.
وتكمل:
“مرة ثانية، المراقبين اتجمعوا عليَّ، وواحد منهم قالهم: ياجماعة سيبوها في حالها، قاموا اتخانقوا… المفروض نظريًا في فصل بين المراقبات النساء والرجال، لكن أنا كنوع من الإذلال ليَّ، كانوا حاطني مع الرجال، في حلقة خاصة بيهم، مقفولة عليهم، وما حدش من القسم كان بيمر علينا كتير، واحد منهم قال: دي بتاعتي النهارده، وأنا رحت مزعقة، وقولتلهم: أنا هعرفكوا مين هيبقى بتاع مين النهارده، وروحت طالعة، قابلت الضابط في وشي، قولتله: فلان وفلان جوه اتحرشوا بيَّ قالي: ما عندهم حق برضو يا لوزة، وراح حادفلي بوسة بصباعه اللي في النص، وروحت طالعة بقى للمباحث، ورحت داخلة عالبلوكمين، قولتله: عايزة أعمل محضر دلوقتي، قالي: هاتي بطاقتك، عايزة تعملي محضر لمين؟ قولتله: عايزة أعمل محضر للظابط وللمراقبين، قالي: ما عندناش محاضر بتتعمل لظباط، وأنتِ اتجننتي ولا إيه؟ طب ادخلي بقى لرئيس المباحث، فقالي: أنتِ ما ينفعش تعملي محضر لظابط ، قولتله: بص، أنا هعمل محضر للظابط مع المراقبين، لأن كلهم اتحرشوا بيَّ، وأنا مش هميز بين متحرش والتاني، قالي: طب أنا عندي حل… أنا هعاقبهملك زي ما أنتِ عايزة، وهبهدلهملك، ونلغي موضوع المحضر خالص، وإلا يبقي أنتِ نَفسك مش مروحة، قولتله: أنا مش مروحة، وفضلت قاعدة في القسم فترة طويلة… في اليوم ده طَلَع المراقبين صف كلهم، وحصل ضرب شديد جدًا، وبهدلوا المراقبين، وقالوا إنهم ضايقوا الضابط [المتحرش] وعنفوه لفظيًا، ما أعرفش إذا كان ده حصل ولا لأ، بس هو متعرضليش تاني“.
بالرغم من كل ما تتعرض له النساء السياسيات في أماكن الاحتجاز من اعتداءات وانتهاكات، إلا أنه وفقا لشهادات وآراء المحامين والضحايا، تكون نسب تعرض المحتجزات الجنائيات للاعتداء بشكل عام وخاصة الجنسي بكل صوره أعلى في الوتيرة والقوة من المحتجزات السياسيات، وذلك لأسباب متعلقة بخوف أمناء الشرطة والضباط من أن تبلغ السياسيات عن الانتهاك، سواء للنيابات أو عبر منصات التواصل الاجتماعي عن طريق محاميهن وأصدقائهن، بالتالي تكون نسب الاعتداء الجنسي على الجنائيات سواء عبر الاستغلال الجنسي أو التحرش، أكبر من السياسيات، تحكي إحدى المحتجزات السابقات أثناء فترة احتجازها في إحدى الأقسام3 حول التحرش الجنسي في أماكن الاحتجاز، فتقول بنص شهادتها:
“وأنا موجودة في الحجز، دخل قدامي أمين شرطة وزنق واحدة من الجنائيات في الحيطة، وحاول يبوسها بالعافية، وكان حرفيًا بيمسك كل حته في جسمها، ولما قعدت أصوت وأزعق، وعرف إني سياسية، خرج وما دخلش الحجز تاني، وفي مرة أخرى، دخلت أوضة ظابط ، واستخدمت حمام شخصي لأحد الظباط، فلقيت کاندم [واق ذكري] في الحمام، طب سبب وجوده إيه جوه حمام جوه القسم؟ فيه بعض السجينات بتضطر تقدم قدر من التنازلات أو الخدمات الجنسية لتيسير أمورها، لكن لو قعدتي معاها، هتلاقي إنها متعذبة بسبب الأمر ده“.
لا توجد إحصائيات حول نسب التحرش الجنسي أو الاستغلال الجنسي في السجون4، وخاصة مع الجنائيات، لكن وفقًا لشهادات الضحايا والمحامين فكثيرًا ما يقوم أمناء الشرطة أو الضباط باستغلال نفوذهم وسلطتهم بممارسة استغلال جنسي على المحتجزات، لإعطائهن أبسط حقوقهن، أو ليحصلن على بعض الأمان في القسم، وفي حالة رفض الفتيات، قد يتعرضن لمعاملة سيئة لا يحتملنها.
5– 4 ظروف حبس مهينة وحاطة من الكرامة الإنسانية
-
5 – 4 – 1 التفتيش الذاتي المهين والحاط من الكرامة الإنسانية
نصت القواعد النموذجية الدنيا للأمم المتحدة المعروفة بـ “قواعد نيلسون مانديلا” في موادها من رقم 50 وحتى 53، على أن تكون القوانين واللوائح التنظيمية التي تحكم إجراءات تفتيش السجناء والزنازين متوافقة مع الالتزامات التي يفرضها القانون الدولي، وأن تأخذ في الحسبان المعايير والقواعد الدولية، وأن يجري التفتيش بطريقة لا تمس الكرامة الإنسانية المتأصلة للشخص الخاضع للتفتيش ولخصوصيته، فضلاً عن مبادئ التناسب والمشروعية والضرورة. كما نصت على ألا يتم استخدام التفتيش للتحرش بسجين أو لتخويفه أو التطفل دون داعٍ على خصوصيته، وألا يحدث ذلك إلا في حالات الضرورة القصوى. كما شجعت على استخدام بدائل مناسبة لعملية التفتيش الاقتحامي الذي يتم فيه تعرية الجسد والتفتيش في تجاويف الجسم، وأقرت على وجوب حدوث عملية التفتيش في مكان تتوفر فيه الخصوصية، وأن يقوم بها موظفون مدربون من نفس جنس السجين5.
إلا أنه في كثير من الأحيان يتم استخدام التفتيش كوسيلة تنكيل بالمحتجزات من النساء ووسيلة لإخضاعهن في أماكن الاحتجاز، بحسب ما وثقنا من خلال المقابلات البحثية مع ضحايا ومحامين، ففي مقابلة مع محامية، أكدت أنه: في قسم قصر النيل يحدث التفتيش الذاتي في غرفة بشباك كبير، وكثيرًا ما يقف أمامه العساكر لمشاهدة الفتيات أو التلصص عليهن، ويحدث أن تترك السجانات شباك الغرفة مفتوحًا بغرض كسر السجينات والحط من شأنهم أو تخويفهن في حالات أخرى. وتقول إحدى المحتجزات السابقات في نص شهادتها حول التفتيش الذاتي:
“نزلت أمينة شرطة للحجز، الست دي عمري ما هنساها، قالتلي إقلعي: قولتلها ما كل الناس ما قلعتش اشمعنى أنا؟ قالتلي: لأ، إحنا بنفتش، إقلعي هدومك، وريني الشنطة اللي معاكي… وخدتها رميتها كلها في عين الحمام، وقالتلي: طيب ما فيهاش حاجة، اقلعي، قولتلها: أنا مش هقدر أقلع، الناس واقفة، في شباك كبير أوي مفتوح، لأن إحنا ما عندناش منفذ هوا ، إحنا تحت الأرض فالظابط واقف، قولتلها: أنتِ شايفة الناس اللي واقفين شايفنا وباصين علينا؟! قالتلي: أنا ما يخصنيش طالما في شباك وعليه شبكة يبقي فين الناس؟ أنا مش شايفة ناس! قولتلها: أنا مش هقلع، قالتلي: طب هقلعك أنا، وراحت رفعتلي التي شيرت، وراحت مقلعاني البرا، وراحت مقلعاني البنطلون، وراحت ماسكة صدري كده، وقالتلي: هو ده بقي صدر بنت، ده صدر مره يا حبيبتي. أنتِ جاية تضحكي علينا“.
وتتابع في نص شهادتها:
“قلعوني ملط، قدام صف عساكر كان المفروض إن ده تفتيش، بس هو بيمرر الانتهاك وسط الإجراءات العادية، وإن انعدام الخصوصية بيسمحله بده، لأن القسم مفيهوش مكان مخصص للتفتيش، فتم داخل الحجز بتاع القسم، غير إن القسم ما كانش فيه مكان احتجاز للستات أصلاً، في حاجة اسمها أوضة الغسيل، عبارة عن مكان تحت الأرض بباب حديد وفيه شفاط هوا عشان منموتش بس، المكان ده لمّا كنَّا بنحتجز فيه 35 سيدة. كنا بنقف على رجل واحدة طول الليل، عشان المكان يقدي. ده مخليني لحد دلوقتي مش قادرة أعدي من الشارع بتاع القسم حتى!”.6
4 – 5 – 2 عدم مراعاة خصوصية النساء في أماكن الاحتجاز وظروف احتجاز مهينة
لا تتمتع النساء في أقسام الشرطة بأي قدر من الخصوصية، حيث يتم الدخول لتفتيش الزنازين في أي وقت من اليوم، بدون مراعاة لخصوصية وضع النساء ويسبب عدم وجود سجانات أو موظفات نساء بصورة مستمرة، تتعرض النساء إلى اقتحام عنابر احتجازهن لتفتيشها من قبل موظفين ذكور، وفي الأغلب يحدث ذلك في فترات مسائية، وتكون أغلب النساء إما نائمات أو جالسات بملابس مكشوفة أو يرضعن أطفالهن أو يقمن بالاستحمام في حمام بلا باب، وهو المعتاد عليه في أقسام الشرطة، وفي الغالب يقوم الموظفين بالتحرش بالنساء لفظيًا أو بصريًا وفقًا لما تم توثيقه، فتقول إحدى المحتجزات السابقات في نص شهادتها:
“أي ظابط أو أمين شرطة من حقه يدخل أي وقت حجز الستات بدون تنبيه قبلها، بيخش عليكِ عريانة، وبعدين يقولك قومي البسي، لو مسموح إنك تقومي تلبسي… ممكن الأمين مثلاً يقرر يدخل يقلب الزنزانة الساعة 3 الفجر واحنا نايمين وقالعين أو يخلينا نقف للصبح أو يجيب كل الفرش ويخلينا نحطه في ميه عشان ما ننامش، لو متضايق من واحدة أو عايز النبطشية تدفع فلوس، بس في كل الحالات هو عنده إمكانية يدخل أي وقت يعمل اللي هو عايزه“.
وتتابع: “في الحجز لا توجد موظفات نساء بصورة دائمة، فيدخل أمين الشرطة في أي وقت، وبيكون في طريقتين للتفتيش، إما بيجيبوا أقدم سجينة تفتش أو البنت تفتش نفسها، وحضرت الموقفين، ففي مرة أمين الشرطة طلب مني أفتش بنت، وأنا رفضت، وقلتله: إني لا يمكن أمسك جسم إنسان ما لوش رغبة في ده، قالي: لو أنت ما فتشتيهاش، أنا هقوم أفتشها، قولتله: أنا ما أقدرش، قالي طب ماشي، وأنا هفتشها قدامك، قالها: إقلعي السونتيان اللي لابساه من تحت العباية، وفعلا قلعته ورمته على الأرض، وقالها تقلع كل ملابسها الداخلية، وأي ملابس تحت العباية بعدها خلاها تمسك صدرها بإيديها، وتقوم وتقعد على الأرض كذا مرة، وبعد كده مشاها“.
بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد مكان في القسم تمتع فيه النساء بأي قدر من الخصوصية، حتى أثناء استخدامهن للحمام، فنادرًا ما يوجد حمام بباب في أقسام الشرطة، فوفقًا لشهادة إحدى المحتجزات:
“في القسم أو السجن ما ينفعش يبقى فيه حمام مقفول عليكِ، ولو الحمام له باب بيخرموا فيه دايرة كبيرة عشان نبطشية الحجز تبص عليكِ وأنتِ في الحمام، تحت أي مبرر“.
بالتالي، لا تمتع النساء حتى بالحق في الحفاظ على خصوصية أجسادهن، وإنما يتم استباحة مساحاتهن الجسدية والشخصية باستمرار.
وعن أنه لا توجد أي خصوصية للنساء في العنبر، وكثيرًا ما يقتحم الضباط العنابر والزنازين في أوقات متأخرة من الليل، تقول إحدى المحتجزات السابقات في قسم الهرم:
“اللي هو تحسي إنه داخل يتفرج علينا، بالإضافة إلى ذلك مفيش باب للحمام، هي ستارة لا تغطي ولا تستر، وقد حدث معي شخصيًا: كان في تفتيش، وأنا كنت بستحمي، والضابط دخل لحد الحمام… بالإضافة كمان للكلام اللي بيرميه أمناء الشرطة والضباط في الحالات دي، واللي يعد أغلبه تحرش لفظي، وفي أحوال أخرى بيبقي فيه تحرشات بشعة، خاصة بالسجينات الجنائيات، وبيكون فيه استغلال سلطة من الضباط، عشان يحدث ممارسات جنسية مع السجينات، وخاصة الجنائيات أو العاملات بالجنس، من أجل حصولهن على حقوقهن، أو عشان يتجنبن غضب الضباط أو عقابهم، وفي هذه الأحوال ده يعد اعتداء واستغلال سلطة لاستقبال خدمات جنسية وليس جنسًا بالتراضي“.
4 – 5 – 3 الاحتياجات المتعلقة بالنوع الاجتماعي: الفوط الصحية في أقسام الشرطة
لا تتم مراعاة احتياجات النساء الجندرية، مثل احتياجهن للفوط الصحية، وحيث لا توجد الفوط الصحية في الأقسام، فإن العديد من النساء لا يستطعن تحمل تكلفتها. بالتالي تضطر النساء إلى خوض العديد من الصعوبات لمحاولة الحصول على فوط صحية، فتقوم النساء بالحصول عليها من الزيارات إذا كانت هناك زيارة، لأنه في كثير من الأحوال قد تمنع بعض المحتجزات من الزيارة، أو بعض المحتجزات لا تأتيهن زيارة، وقد وثقنا أنه في أغلب الأحيان تقوم النساء بطلب فوط صحية كثيرة إذا كان هناك زيارة قادمة لها، وذلك لها ولزميلاتها في القسم، لأن هذه واحدة من أهم الاحتياجات في السجن نتيجة عدم توفرها، ولكن في أغلب الأحيان تضطر النساء إلى ارتداء الفوط الصحية لفترات طويلة جدًا، مما يعرضهن لمشاكل صحية مثل الالتهابات الجلدية والتهابات الجهاز التناسلي، أو استخدام نفس القماشة لفترات طويلة ومرات متكررة، وفي أحوال أخرى عديدة تظل النساء بدماء الطمث لعدم وجود فوط صحية أو قماش، الأمر الذي يعرضها، ليست هي فحسب لمشاكل صحية، ولكن لزميلاتها في الحجز أيضًا، نتيجة عدم وجود أدوات نظافة في القسم، بالتالي تكون العنابر معرضة لتفشي الأوبئة والجراثيم، تقول إحدى المحتجزات السابقات:
“رغم اختلاف القسم عن السجن في بعض الحاجات، إلا إنهم بيتشابهوا في فكرة الطبقات، إن فيه ناس معاها فلوس وناس معهاش، كانت فيه بنت، كانت في القسم لما جات لها البريود، كانت لابسة عباية قماشتها مش بتمتص العرق، بالتالي الدم كان بيسيل على السلم وهي قاعدة، وده أدى لتفشي البكتريا، نتيجة تعفن الدم على الأرض. وطبعًا ما كانش في أدوات نظافة أو مقشات وده أثر علينا صحيًا كلنا في الحجز“.
4 – 5 – 4 وضع الحوامل والأطفال في أقسام الشرطة
لا تحظى النساء الحوامل والأمهات بأي رعاية طبية حقيقة في أقسام الشرطة، بل في الواقع قد يكن أكثر عرضة للانتهاكات بمنع الرعاية الصحية عنهن، ففي نص شهادة إحدى المحتجزات السابقات في أحد أقسام الشرطة في القاهرة:
“أنا كنت حضرت بنت، في قسم قصر النيل، ولدت واحنا في الحجز، وكانت مربوطة بالكلابشات أثناء الولادة، ورابطين دراعتها بالكلابشات، في مستشفى المنيرة، وهي انهارت تمامًا، وجالها انهيار عصبي“.
بالإضافة إلى ذلك فقد وثقنا مع محتجزة سابقة أخرى في أحد أقسام الشرطة بالجيزة، عن اقتحام حجز النساء بعد اعتراضهن على نقلهن إلى زنزانة ضيقة للغاية لدرجة أن السجينات لم يتمكن من الجلوس، وكان عليهن الوقوف طوال الوقت لتسعهن الزنزانة، وتعرضت العديد من النساء إلى حالات اختناق، بالإضافة إلى ذلك كانت توجد طفلة لم تكمل التسعة أشهر، بالتالي كان تواجدها في غرفة بهذا الضيق مع التدخين يعرضها لمخاطر صحية عديدة، وتقول الشاهدة في نص شهادتها:
“بعدما تم نقلنا، حصل احتجاجات من السجينات، لضيق وسوء ظروف غرفة الاحتجاز الجديدة، وحدوث حالات اختناق عديدة، دخل ضابط المباحث، فتح باب الزنزانة، غرق المكان كله ميه، والدة الطفلة اديتني الطفلة لرعايتها. حيث كنت معتادة على الاعتناء بها بعض الأوقات، قعدت على شلته على الأرض، في محاولة لحماية الطفلة، دخل الضباط وقاموا بتكسير المكان على دماغنا – حرفيًا –، غرقوا الزنزانة ميه، الضابط قلع حزام بنطلونه، ونزل ضرب في البنات بالحزام، وأنا قاعدة وراه، والطفلة في حالة رعب غير عادي، فقلتله: مش كفاية كده؟ أنا قلت كده، والقيامة قامت، رئيس المباحث قالي: تعالي هنا، روحت اديت الطفلة لأمها، وقام سألني أنتِ جاية في إيه؟ على مدار خبرتي الضابط بيسأل السؤال ده عشان يحدد مدى عنف تعامله معاكِ، لو أنت جنائية أو سياسية، وكذلك الطبقة الاجتماعية اللي أنتِ جاية منها، يعني على سبيل المثال: لو أنتِ جاية في قضية آداب، ففي الأغلب هتتضربي علقة محترمة، فمكنتش عايزة أقوله إني سياسة، قلتله: أنا ما أعرفش أنا جاية في إيه، لأني لو قلتله إني سياسة أو صحفية، هيقولي خشي جوه مثلاً، فقولتله: اسأله، وشاورت على أمين شرطة، قام قالي أسأله؟! وقام ضربني بالقلم على وشي بشكل صعب جدًا، وقام جايبني من شعري سحلني في الكوريدور، وقطع شعري – حرفيًا – وضربني بالبونيات في وشي، وفي جسمي كله، يعني – حرفيًا – حسيت كأن إسرائيلي قفش في فلسطيني وهيموته، والبنات تصوت والطفلة تعيط، وأنا جاتلي لحظة من كتر الضرب ما عدتش حاسة بحاجة، وكنت بقع على الأرض، جاب خرطوم مايه وغرقني بيه، وبدأ يهددني إنه هيرحلني حالاً، جاب ورقي واكتشف إني صحفية جايه في قضية سياسة، فاختفى تمامًا… جه مأمور القسم قعد يشتم فيَّ، وأنا أشتمه، نائب المأمور أمر يشيلوني غصب، ويرموني في الحجز، اليوم ده أنا فاكرة إن من كتر ما شعري اتقطع، اتقص بمقص من كتر بشاعة المنظر، رفضت إدارة السجن تجيبلي دكتور للكشف عليَّ، بعد صعوبة شديدة، جابوا حد من الإسعاف يبص عليَّ داخل الحجز، كان عندي كدمات بشعة في كل جسمي، حتى الآن بعد 3 سنين من الواقعة، بيحصلي تنميل في أعصاب وشي اللي اتضربت عليه، البنات عادة بتسكت عن اللي بيحصل ده خاصة لو جنائيات، بس أنا ما سكتش، وفضحته، وقدمت شكوى، وجبت شهود، بالرغم من إنه كان فيه ضغط وتهديد بشع للبنات الشهود“.7
تدل هذه الأحداث على نمط من الانتهاكات بحق الأمهات وأطفالهن، ووضعهن في ظروف احتجاز قاسية وغير آدمية، بالإضافة إلى مخالفة كل قواعد ومواثيق حماية الطفل وحقوق الطفل، وكذلك مخالفتها لقواعد حقوق الإنسان، في الحق في الكرامة والسلامة الجسدية. تنص معاهدة حقوق الطفل على أن “يعامل الطفل المحروم من حريته بإنسانية، واحترام للكرامة، المتأصلة في الإنسان، وبطريقة تراعي احتياجات الأشخاص الذين بلغوا سنه” بالإضافة إلى ذلك، فقد أقرت في مادتها رقم 2 على “أن تحترم الدول الأطراف الحقوق الموضحة في هذه الاتفاقية، وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها، دون أي نوع من أنواع التمييز، بغض النظر عن عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم أو دينهم أو رأيهم السياسي أو غيره أو أصلهم القومي أو الإثني أو الاجتماعي، أو ثروتهم، أو عجزهم، أو مولدهم، أو أي وضع آخر، وأن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتكفل للطفل الحماية من جميع أشكال التمييز أو العقاب القائمة على أساس مركز والدي الطفل أو الأوصياء القانونيين عليه أو أعضاء الأسرة، أو أنشطتهم أو آرائهم المعبر عنها أو معتقداتهم“.8
1 – مقابلة بحثية مع مجامي يعمل على قضايا العنف الجسدي والجنسي حول قضايا العنف الجنسي في مصر وحماية المعنفات، 25 فبراير 2021.
2 – مقابلة بحثية مع مجامي يعمل على قضايا العنف الجسدي والجنسي حول قضايا العنف الجنسي في مصر وحماية المعنفات، 25 فبراير 2021.
3- تم تجهيل أسماء الأقسام بعد طلب الضحايا لخوفهن من التنكيل بمن لاحقًا من الدولة.
4- الاستغلال الجنسي هو الاستغلال الفعلي أو محاولة استغلال لحالة ضعف أو لتفاوت في النفوذ أو الثقة من أجل تحقيق مآرب جنسية، برتوكول الأمم المتحدة بشأن تقديم المساعدة إلى ضحايا الاستغلال والانتهاك الجنسي، 12 ديسمبر 2019، متاح عبر:
https://www.un.org/preventing-sexuarexploitation-and- abuse/sites/www.un.org.preventing-sexuarexploitation- and-abuse/files/un victim assistance protocol arabic finger
5- القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، قواعد نيلسون مانديلا، ديسمبر 2015، متاح عبر:
https://www.unodc.org/documents/justice-and-prison-reform/GARESOLUTIONAebookpdf
6 – من مقابلة بحثية مع محتجزة سابقة في أحد أقسام القاهرة، حول أوضاع النساء في أقسام الشرطة والتفتيش الذاتي، يناير 2021
7 – مقابلة شخصية مع محتجزة سابقًا (أ.ز) بشأن الانتهاكات التي تعرضت لها أثناء مرورها في نظام العدالة الجنائية المصري، فبراير 2021.
8 – نص القافية حماية حقوق الطفل، متاح عبر:
https://www.unicef.org/ar/%D9%86%D8%B5%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D8%AD%D9%82%D9%88%D9%82
5 – 1 قضايا العنف الجنسي
5 – 1 – 1 عامل النيابة مع قضايا العنف الجنسي
تمر النساء في النظام القضائي المصري لحالتين، إما بسبب كونهم متهمات أو محتجزات، أو نتيجة كونهن ضحايا، خاصة ضحايا العنف. ليس لدى النيابات في مصر كود معين للتعامل مع ضحايا العنف الجنسي مثل حالات التحرش أو هتك العرض وخلافه، من حيث حماية خصوصيتهن وحمايتهن شخصيًا، بالإضافة إلى ذلك فوكلاء النيابة والعاملون في النيابات غير مدربين على التعامل مع حالات وضحايا العنف الجنسي. في مقابلة مع محامي مختص بالدفاع عن ضحايا العنف الجنسي يعلق قائلاً: إنه من إحدى الانتهاكات التي تقوم بها النيابة، هي عدم مراعاتها لضمان سرية بيانات الناجيات من العنف، فتكون البيانات الشخصية الخاصة بهن من أرقام هواتفهن وعناوينهن المذكورة في المحضر، متاحة لمحامي الخصم أو أهله أو العاملين بالنيابة، بدون وجود أي آلية للحفاظ على سرية البيانات، بالتالي يتوصل أهل الجاني إلى الضحايا في خلال أيام، وتجد الفتيات أنفسهن أمام ذوي الجاني أو أمام بيوتهن محاولين ترهيبهن أو ترغبيهن للتنازل عن المحضر.
مشكلة أخرى تواجهها ضحايا العنف الجنسي أو الجسدي، هو عدم وجود آلية مناسبة لتسجيل الشكوى بما يراعي حالات ضحايا العنف، فعلى مستوى تشكيل العاملين بالنيابات، لا توجد نساء في النيابة، وبالتالي تجد الفتيات أنفسهن مضطرات الراوية واقعة تحرش أو اعتداء جنسي أو اغتصاب لوكيل نيابة رجل، في الوقت الذي يعانين فيه من صدمة انتهاكهن جنسيًا بناءً على نوعهن الاجتماعي من رجل آخر، بالتالي قد يصعب رواية الواقعة على الضحية نفسيًا.
بالإضافة إلى ذلك، لا توجد آلية لفصل الضحية أو الناجية عن المتهم في حالة تسجيل شكوى عنف جنسي، فيكون الوضع أن تنتظر الضحية، والمعتدي وذووه، في ممر الانتظار لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات لحين استدعائها، مما يعرض الشاكيات لضغط نفسي شديد، ويعرضهن للابتزاز النفسي أو التهديد من قبل ذوي الجاني.
وهناك أيضًا مشكلة فيما يتعلق بمكان تسجيل شكوى العنف، فيتم في بعض الأحيان تسجيل شكاوى العنف الجنسي في غرفة كبيرة بها وكيلي نيابة، وسكرتير لكل وكيل، بالإضافة إلى إمكانية وجود متهم آخر يتم تسجيل أقواله مع وكيل نيابة آخر، بالتالي تكون الفتاة ضحية العنف مضطرة لرواية واقعة اغتصاب على وجه المثال، أو هتك عرض على مسمع من خمس أفراد من وكلاء النيابة والمتهمين الذين يجري التحقيق معهم في نفس الغرفة، بدون أي اعتبار لحالة الضحية النفسية والذهنية.
“بالإضافة إلى ذلك، تكون طريقة العرض نفسها صعبة وصادمة للضحية، حيث تجلس الضحية على كرسي بجانب وكيل النيابة ويدخل المعتدي لعرضه على الضحية وأحيانًا يحدث هذا بشكل مفاجئ للضحية، الأمر الذي يؤثر على الضحايا ويشعرهن بحالة الخطر مجددًا، كرد فعل للصدمة التي تعرضن لها… يحدث التحقيق بدون أي مراعاة لنفسية الضحايا وبشكل روتيني للغاية، ويخرج الضحايا بعدها إلى الممر بالإضافة إلى الجاني وذويه، بدون أي حماية للضحية، الأمر الذي يعرض الضحايا لنوع من الابتزاز النفسي أو التهديد من ذوي الجاني، وفي كثير من المرات طلبت كمحامي توفير حرس يرافقنا حتى بوابة المحكمة لحماية الضحايا“.1
كذلك تواجه الضحايا معضلة أخرى. وهي العرض على الطب الشرعي، وهو إجراء المفترض منه إثبات الحق ولكن في كثير من الأحيان يتم التعامل مع الضحايا من قبل أمناء الشرطة كأنهن متهمات أو مقبوض عليهن أثناء نزولهن من النيابة، ويحكي محامي مختص بالدفاع عن ضحايا العنف حول ذلك فيقول:
“بيحصل أحيانًا إن البنات وهم طالعين من النيابة على الطب الشرعي، بناءً على جواب من النيابة، إنهم للأسف بينزلوا مع حد من النيابة كأنه مقبوض عليهم… مرة كنت نازل مع واحدة رايحة الطب الشرعي، الموظف اللي جي معاها ورايح بيها للطب الشرعي ومعاه المحضر بتاعها، رفض يركب مع البنت العربية الخاصة بالمحامي، وماسكها من إيديها كأنه مقبوض عليها، ورافض يركب عربية عادية، ومصر يركب عربية خاصة بالنيابة، كأنه إجراء موجه ضدها مش لصالحها… ذهنية الموظف كأنه نازل مع متهم واخد حبس 4 أيام، وروح التعامل كأنها عهدة، بدون أي مراعاة للوضع النفسي للضحية“.
بالإضافة إلى ذلك، أحيانًا تكون طريقة الكشف الطبى على الضحية مهينة، كأن يتم تعرية الجسد كله، بينما من المفترض أن يفحص الجسد بشكل غير مهين، ولا حاط من الكرامة الإنسانية للمفحوص، فيكشف عن أجزاء الجسد بالتبعية، ولا يتم تعريته تمامًا، وفقًا لبروتوكول الفحص، ولكن أحيانًا لا يلتزم بعض الأطباء بالبروتوكولات الطبية، مما يضع الشاكيات في ضغط وإهانة وحالة نفسية سيئة بسبب شعورهن بالاستباحة لأجسادهن، وليس فقط بسبب الانتهاكات التي تعرضن لها، ولكن لمرورهن بالإجراءات القانونية أيضًا.
5 – 1 – 2 التمييز ضد النساء في الأحكام الصادرة في قضايا العنف
هناك مشكلة كبيرة جدًا وتؤثر بشكل مباشر على مسار ومراحل التقاضي في شكاوى العنف الجسدي أو الجنسي، وهي عدم وجود نساء في النيابة العامة أو في القضاء، هذه المشكلة غير متعلقة فقط بمراحل وإجراءات تسجيل شكاوى الاعتداءات والعنف الجنسي والجسدي من حيث مراعاة خصوصية وحساسية واقعة الاعتداء على الضحية. ولكن أيضًا فيما يتعلق بالأحكام الصادرة في قضايا العنف الجنسي والجسدي ضد النساء، ففي أغلب قضايا العنف الجنسي أو الجسدي وبعد كل المعوقات والصعوبات التي تواجهها الضحايا للوصول إلى النيابة، ومعوقات الوصم الاجتماعي، تصدر أغلب الأحكام في النهاية مخففة، حيث يستخدم القضاة حد الرأفة، على سبيل المثال: “في قضايا هتك العرض والتي تعتبر جناية يكون الحكم فيها من 3 سنوات إلى 15 سنة، نجد أن أغلب الأحكام في حدود سنة سجن أو 6 شهور، بالرغم من أن الحد الأدنى في قضايا هتك العرض هو 3 سنوات على الأقل، إلا أنه من النادر أن تجد عقوبة هتك عرض بالحبس 3 سنوات فيما أكثر، بينما في قضايا جنح مثل التزوير أو غيره قد تجد عقوبات تتجاوز الثلاث سنوات، بالرغم من أنها جنحة وليست جناية كما في حالات قضايا هتك العرض على سبيل المثال لا الحصر، حيث يستخدم القضاة الحق في استعمال الرأفة لتخفيف الأحكام الصادرة على الجناة في قضايا العنف الجنسي“. 2
والحق في استعمال الرأفة هو سلطة مطلقة للقاضي، بلا رقيب أو حسيب، والقاضي غير مطالب بتحديد أسباب استخدامه لحق الرأفة، وليس من حق محكمة النقض مراجعة القاضي في استخدامه لحق الرأفة في القضايا، وبالتالي فوجود نساء في القضاء سيوازن من استخدام القضاة لحق الرأفة في قضايا العنف الجنسي، وبالتالي قد يقلل من التمييز ضد النساء في صدور أحكام مخففة في قضايا العنف الجنسي 3.
5 – 2 معاملة النساء في النيابة كمتهمات ومحتجزات
5 – 2 – 1 إدانة المتهمات على أساس أحكام أخلاقية أو تحيز أخلاقي من وكيل النيابة
ينبغي أن يقوم عمل وكلاء النيابة على التحقيق القانوني مع المتهمات أو المحتجزات فيما يتعلق بالاتهامات الموجهة إليهن، وفي حدود مهامهم الوظيفية كممثلين للقانون، ولكن بالرغم من ذلك فقد وثقت المفوضية المصرية للحقوق والحريات مع سجينات سابقات تعرضهن للتمييز المبني على النوع الاجتماعي في التحقيق، من ناحية توجيه أسئلة أخلاقية ولا علاقة لها بمجرى القضية والاتهامات الموجهة إليهن وإدانتهن بناءً على الأجوبة الصادرة عنهن، فعلى سبيل المثال، في قضية سارة حجازي بالرغم من أن الاتهام الأساسي لسارة كان الانضمام إلى جماعة إرهابية إلا أن معظم أسئلة النيابة كانت متعلقة بأمور جنسية، ووفقًا لمحامي سارة حجازي نقلاً عن سارة:
“كانت أغلب أسئلة وكيل النيابة مقتبسة من “الأفلام الإباحية” للمثليات وكان وكيل النيابة وكأنه يحاول أن يحصل على إجابات مثيرة لخيالاته… استمر التحقيق في أول عرض على النيابة حوالي 8 ساعات واستكمل لليوم التالي، وعلى مدار جلسات التحقيق كان وكيل النيابة يتعمد إيذائها نفسيًا، وسؤالها عن خصوصيتها ومناقشة قناعتها بقصد السخرية والحط منها، ففي أول تحقيق لها أمام النيابة سألها وكيل النيابة إذا كانت تدعم الفضائيين مثلما تدعم مجتمع الميم، وحين قابلت سؤاله بالضحك؛ غضب بشدة وطلب منها الوقوف و“قعد يزعق“، وفي موقف آخر، سألها عن رأيها في مضاجعة الحيوانات “طب هو أنتِ عادي إن أسد ينام معاكِ؟” بالإضافة إلى ذلك، فقد أفصح وكيل النيابة في نهاية التحقيقات عن أنه كان في انتظار أن تقر سارة بمثليتها الجنسية ليقوم بحبسها وتوجيه الاتهام لها، تبعًا لقانون مكافحة الدعارة، حيث قال لها في نهاية التحقيقات “لا بس أنتِ شاطرة، أنا كنت مجهزلك قضية دعارة“4.
أيضًا في حالة أخرى، وثقت إحدى المحتجزات السابقات، أنه أثناء التحقيق معها، كانت هناك العديد من الأسئلة التي تحمل طابعًا أخلاقيًا، ولا علاقة لها بالاتهامات الموجهة إليها، حيث وجهت إليها اتهامات بنشر أخبار كاذبة، إلا أنه كانت هناك العديد من الأسئلة الأخلاقية في التحقيق، فعلى سبيل المثال سألها وكيل النيابة إذا ما كنت تشرب كحوليات، وإذا ما كانت تؤيد المثلية الجنسية، وأنه من ضمن العبارات التي قيلت في التحقيق “اللي عملك التحريات عملهالك وحشة أوي، أنتِ أخلاقياتك مش وحشة أوي كده“5.
وقد تكرر الأمر مع وكيل النيابة ذاته في واقعة أخرى بعد فترة، حين تعرضت ناجية لواقعة اعتداء وعنف داخل قسم الشرطة المحتجزة به:
“لما تعرضت لاعتداء بالضرب في القسم، أهلي راحوا عملوا تلغرافات، وأمي راحت النيابة، قابلت وكيل النيابة نفسه اللي حقق معايا أول يوم، قالها أنتِ فاكرة بنتك دي إيه؟ نبي؟ أنتِ ما تعرفيش هي بتعمل إيه من وراك؟“.
وأيضًا، وثقت إحدى المحتجزات السابقات مع المفوضية المصرية أن كثيرًا من الأسئلة التي وجهت إليها في تحقيق وكيل النيابة كانت شخصية للغاية، وليس لها أي علاقة بالاتهامات الموجهة إليها، فعلى وجه المثال، تم سؤالها عن علاقاتها الشخصية ومتى بدأت وإذا كانت مارست الجنس مع الأشخاص الذين ارتبطت بهم في علاقات، بل وحتى وصلت الأسئلة إلى سؤالها عن الأماكن التي كانوا يتقابلون فيها واذا كانت أماكن خاصة أو عامة وما هي تلك الأماكن، الأمر الذي ليست له أية علاقة من قريب أو من بعيد بالاتهامات الموجهة إليها أو الظروف التي تم اعتقالها فيها حيث كانت محتجزة سياسية. وأضافت أن وكلاء النيابة كثيراً ما يستغلون الهشاشة النفسية التي تكون فيها الفتيات في هذا الوضع ويحاولن اجتذاب الفتيات عاطفيًا بحيث تعترف بالمعلومات التي تسأل عنها.
5 – 2 – 2 الاعتداد بالاعترافات المنتزعة تحت التحرش أو التهديد بالاغتصاب وعدم اعتبارها تعذيبًا
تقر المادة رقم 55 من الدستور المصري حق أي متهم في عدم التعرض للتعذيب وألا يعامل معاملة قاسية أو مهيئة للكرامة وكذلك تنص على الحق في الصمت، بالإضافة إلى ذلك فقد أقرت أن أي تصريح ثبت أن المحتجز أدلى به نتيجة التعذيب أو الإكراه أو الأذى البدني أو العقلي لا يعتد به ويعتبر لاغيًا وباطلاً. بالإضافة إلى ذلك، تنص المادة 40 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه “لا يجوز القبض على أي شخص أو حبسه إلا بموجب أمر صادر من السلطات المختصة قانونًا، ويجب أن يعامل الأشخاص بكرامة، ولا يجوز أن يتعرضوا للإيذاء الجسدي أو المعنوي“.5
بالرغم من ذلك، لا تحمي الإجراءات القانونية الفعلية المحتجزات من التعرض للتعذيب أو التهديد بالاغتصاب أو التحرش ونتيجة لذلك يدلين باعترافات قسرية نتيجة التعذيب. وعندما تتم إحالتهن إلى النيابة تعتد النيابة في أغلب الحالات باعترافاتهن المنتزعة تحت التهديد أو التعذيب. وفقًا لمقابلة بحثية مع محامية عملت بالدفاع عن نساء محتجزات في قضايا سياسية تقول أنه: منذ لحظة القبض على الفتيات يمارس عليهن تعذيب معنوي وتهديدات بممارسات جنسية مثل التعرية والاغتصاب والتحرش، وتهديدات بتصوير الفتيات عاريات أو تهديدات باغتصابهن وتصويرهن، بالتالي تنهار الفتيات وتعترف باعترافات ليس من الضروري أن تكون ارتكبتها بأي حال من الأحوال ولكن في محاولة لتأمين ذواتهن. ووفقًا للمحامية، تعرضت كثير من المحتجزات في القضية رقم 277 لسنة 2019 المعروفة إعلاميا بـ “اللهم ثورة“، إلى تهديدات جنسية بشعة بالاغتصاب وتصويرهن عرايا، وتعرضت بعض الفتيات منهن للتعذيب، حيث أثبتت إحدى الفتيات في تحقيق نيابة أمن الدولة تعرضها للتعذيب الجنسي حيث أجبرها الضابط على خلع ملابسها وإبقائها بملابسها الداخلية فقط مع تهديدها بالاغتصاب، وكان رد وكيل النيابة “يعني مغتصبوكيش دول هددوكي بس؟” فتاة أخرى في نفس القضية خلع الضابط ملابسها ووضع وجهه في وجهها ويده على جسدها وقال لها “هتقولي ولا نبدأ؟” القضية دي تحديدًا حدث فيها انتهاكات جنسية مرعبة ومع ذلك اكتفى وكيل النيابة بإثبات كلامها في محضر الجلسة، ولم يتم فتح تحقيق منفصل، بل إنه اعتمد الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب.
بالإضافة إلى ذلك، تتعرض السيدات والفتيات في القضايا المتعلقة بمحافظة سيناء تحديدًا إلى تهديدات وعنف جنسي يصل إلى حد الاغتصاب الفعلي، وثق ذلك على الأقل مع إحدى المتهمات في القضية رقم 750 لسنة 2020، حيث كان هنالك فتاة اختفت قسريًا لمدة 4 شهور في الكتيبة رقم 101 في سيناء، وأثبتت في النيابة تعرضها للاغتصاب، حيث قالت لوكيل النيابة أنه: تم اغتصابها وأنها تشتبه في كونها حامل نتيجة هذا الاغتصاب، ومع ذلك اكتفت النيابة بإثبات أقوالها في محضر التحقيق ولم تفتح تحقيقًا منفصلاً بالواقعة. أيضًا الطبيبة بسمة رفعت، المتهمة في قضية مقتل النائب العام، أثبتت في أقوالها تعرضها للتعذيب في فيديو أمام محكمة جنايات القاهرة18 وقالت إن اعترافاتها انتزعت تحت التهديد بالاغتصاب، إلا أن ذلك لم يؤثر في قرار المحكمة، التي حكمت عليها في وقت لاحق بالسجن خمسة عشر عامًا.
في أغلب الأحوال لا يعتد القضاء بشكاوى التعذيب المثبتة في النيابة وإنما يعتد بالاتهامات التي وجهتها النيابة، حيث يكتفي القاضي بفحص تحريات محاضر ضباط الأمن الوطني، ولا ينظر عادة في أقوال الفتيات ولا يعتد بكونها منتزعة تحت إكراه أو تهديد أو تعذيب.7
5 – 2 – 3 عدم فتح تحقيق منفصل في الشكاوى الخاصة بالتحرش والعنف ضد المحتجزات (تعامل النيابة مع شكاوى العنف الجسدي والجنسي للمحتجزات)
عند القبض على الفتيات، ومن أجل إجبارهن على الاعتراف، يتعرضن لتهديدات بالتحرش والاغتصاب وفي أحوال عديدة تتحول تلك التهديدات إلى واقع. وتتعرض الفتيات للتحرش أو
التعرية أو الاغتصاب الفعلي. في أغلب الأحوال ترفض النيابة فتح تحقيق منفصل في وقائع التحرش أو الاغتصاب للمحتجزات في عهدة الدولة، وترفض القيام بمهمتها كسلطة تحقيق وليس سلطة اتهام فقط. فعلى سبيل المثال هناك بلاغات في نيابة القناطر ضد سجن القناطر ممثلاً في رئيس المباحث السابق “عمرو هشام” بسبب سوء المعاملة والتفتيش المهين والتحرش بالمحتجزات، لم يتم فتح تحقيق فيها حتى الآن ولم يتم استدعاء أيًا من المسئولين. أيضًا في واقعة تحرش وهتك عرض قامت بها سجانة تدعى هانم، وقد أثبتت الضحية تلك الواقعة في حضور محاميها أمام نيابة أمن الدولة، وقد توجه المحامي لتحرير محضر بالواقعة في نيابة القناطر، إلا أنها رفضت تحرير البلاغ فاضطر للتوجه للنائب العام وتقديم البلاغ والذي تم تحويله إلى نيابة القناطر. وقد جاء في البلاغ الذي حمل أرقام 9517 لسنة 2019 عرائض النائب العام، أن السجانة أجبرت الضحية على خلع ملابسها حتى الداخلية منها أثناء ارتداء ملابس السجن، وعندما رفضت بحجة أن الملابس الداخلية ليست مخالفة، قامت السجانة بانتزاع الملابس الداخلية للمحتجزة بالقوة، وقامت بالعبث بجسدها وأعضائها التناسلية، حتى انهارت ودخلت في نوبة من البكاء الشديد. إلا أنه بالرغم من ذلك لم يتم مجازاة السجانة جزاءً جنائيًا أو حبسها على أساس اتهامها في جناية هتك عرض بل تم الاكتفاء بمجازاتها إداريًا، ولم يتم التحقيق مع إدارة السجن أو رئيس المباحث بشأن حدوث هذه الواقعة في السجن مما يحمله هو أيضًا المسئولية.
أيضًا هناك واقعة التحرش بملك الكاشف من قبل أمين شرطة حيث وضع يده أعلي فخذها وأخبرها أنها لو خلعت ملابسها وزوجته خلعت ملابسها هي الأخرى، فسيقوم بمضاجعتها هي [ملك]، وقد أثبت محامي الكاشف واقعة التحرش في النيابة فقام رئيس النيابة باستدعاء أمين الشرطة وقام بتوبيخه ولكنه لم يحقق في البلاغ أو يقوم بفتح تحقيق منفصل بصفته سلطة تحقيق.
وفي مقابلة بحثية مع محتجزة سابقة بسجن القناطر، قالت إنها تعرضت في أمن الدولة إلى التحرش وإلى التهديدات بالاغتصاب والتصوير والتهديد بالمد على القدمين، بالإضافة إلى تعرضها للضرب والكهرباء من قبل الضباط في الأمن الوطني، وقد ذهبت إلى النيابة في حالة يرثى لها حيث كانت تمر بدورتها الشهرية ولم يتم توفير أي فوط صحية لها، أو يسمح حتى بدخولها الحمام، وقد تركت هكذا طوال مدة وجودها في مقر احتجاز تابع للأمن الوطني، مع تعرضها للتحرش والتعذيب والصعق وعدم تقديم أي طعام لها. عند وصولها إلى مكتب وكيل النيابة فقدت الوعي وقام وكيل النيابة بإعطائها ماء بسكر، وعندما استيقظت أصابتها حالة هيسترية من البكاء وحاولت أن تحكي له بشكل متقطع ماذا حدث معها فأخبرته أنها تعرضت للتعذيب والصعق والتحرش وكادت أن تغتصب وهددت بالقتل والتعرية. طلب منها وكيل النيابة التوقف عن الكلام لحين أن تهدأ وقام بتوفير شنطة بها ملابس نظيفة وفوط صحية نظرا للحالة التي وصلت عليها إلى النيابة حيث كانت مغطاة بدماء الدورة الشهرية، الأمر الذي يعرضها ليس فقط لمخاطر صحية وإنما أيضًا كان له أسوأ الأثر النفسي عليها. في التحقيق نفسه لم يتم توفير محامٍ لها بالرغم من أنها رأت محاميها أثناء صعودها إلى مكتب التحقيقات.
وثقت “وفاء” أنها طلبت من وكيل النيابة إثبات التعذيب والتحرش الذي تعرضت له في الأمن الوطني، فكتب وكيل النيابة “تلقت لكمة من ملقي القبض عليها” فأصرت على تسجيل كامل لما تعرضت له. رفض وكيل النيابة وقال لها: لما المحامي يحضر معاكي ابقي اثبتي اللي أنت عايزاه. بالإضافة إلى ذلك فقد طلبت تحويلها للعرض على الطب الشرعي لإثبات الإصابات التي تعرضت لها ولكن وكيل النيابة قال لها: “أنتِ لسه صغيرة على الكلام ده، ولا هما عملوا معاكِ حاجة تانية“. وفي النهاية قال لها وكيل النيابة: “أنا مطلوب مني أسجل كل الاعترافات بتاعتك زي ما اعترفتِ في أمن الدولة بالظبط، ولو محصلش هرجعك العباسية تاني“، أي هدد بإعادتها إلى مقر الأمن الوطني مرة أخرى.
أيضًا في حالة أخرى، وهي محتجزة سابقة في سجن القناطر، قالت إنه: أثناء تفتيشها ذاتيًا وضعت السجانة أصابعها في المهبل مع معرفتها بأنها عذراء، حيث أنه في الوضع المعتاد إذا كانت السجينة عذراء فالسجانة أو القائمة على التفتيش لا تضع يديها في المهبل وإنما تطلب منهـا الحركة لأعلى وأسفل عدة مرات، ولكن في هذه المرة قامت السجانة بفحصها مهبليًا بشكل مهين. وعندما اعترضت قامت السجانة بشتمها وضربها. وقد شملت هذه الواقعة الاعتداء على سجينتين غير الشاهدة، وقد اعتبر وكيل النيابة الواقعة جريمة هتك عرض، لكنه لم يحقق فيها ولم يتم استدعاء الجناة للتحقيق، واكتفى بتوجيه المحامية لعمل بلاغ منفصل في النيابة، وبالفعل قامت المحامية بعمل محضر بالواقعة في مكتب النائب العام وأحيل المحضر إلى نيابة القناطر، حيث تجاهلت نيابة القناطر البلاغ بشكل كامل ولم تستدعِ الضحية أو المدعى عليهم للمثول أمامها للتحقيق.
1- مقابلة بحثية مع محامي يعمل في قضايا العنف الجسدي والجنسي، فبراير 2021
2 – من مقابلة بحثية مع محامي يعمل في قضايا العنف الجسدي والجنسي حول التمييز ضد النساء في الأحكام الصادرة في قضايا العنف فبراير 2021
3 – مقابلة بحثية مع محامي يعمل مع ضحايا العنف الجسدي والجنسي فبراير 2021.
4 – مقابلة بحثية مع محامي سارة حجازي، فبراير 2021.
5 – من مقابلة بحثية مع سجينة سابقة في سجن القناطر، يناير 2021.
6 – منشورات قانونية، الدستور المصري 2019، المادة رقم 55 متاح عبر: https://manshurt.org/node/14675
المادة 55: “كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا، ولا يكون حجزه أو جنسه إلا في أماكن مخصصة لذلك، لائقة إنسانيًا وصحيًا، وتلتزم الدولة بتوفير وسائل الإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة. ومخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقًا للقانون، وللمتهم حق الصمت، وكل قول يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة شيء مما تقدم، أو التهديد بشيء منه، يهدر ولا يعول عليه“
7 – فيديو لبسمة رفعت توثق فيه تعرضها للتعذيب أمام محكمة جنايات القاهرة، 17 سبتمبر 2016، متاح عبر:
https://www.youtube.com/watch?=207bzOBITdo
8 – من مقابلة بحثية مع محامية عملت في قضايا نساء محتجزات سياسيًا، فبراير 2021.
6 – 1 التفتيش المهين والحاط من الكرامة الإنسانية
6 – 1 – 1 التفتيش الذاتي
أقرت قواعد بانكوك في قاعدتها رقم 19، أن “تتخذ التدابير الفعالة لحماية كرامة السجينات واحترامهن أثناء عملية التفتيش الجسدي التي لا تجريها سوي موظفات تلقين التدريب المناسب على استخدام أساليب التفتيش الملائمة، ووفقًا لإجراءات التفتيش المقررة“. وفي قاعدتها رقم 20 تنص على “تستحدث أساليب فحص بديلة من قبيل استخدام أجهزة مسح تحل محل عمليات التفتيش التي تنزع فيها الملابس، وعمليات التفتيش الجسدي الذي يتخطى حدود الحرمات، من أجل تفادي الآثار النفسية والجسدية الضارة التي من المحتمل أن تترتب على عمليات التفتيش الجسدي الذي يتخطى حدود الحرمات“.1
تمر السيدات أثناء خضوعهن للنظام القضائي في مصر لعدد من الإجراءات الصعبة والمهينة بداية من استيقافهن وتواجدهن في الأقسام والتي تعد بيئة غير آمنة للسيدات بشكل عام، مرورًا بالتفتيش الذاتي والذي يعد واحدًا من أقسى هذه الإجراءات، ليس فقط لطبيعته التي بها نوع من الانتهاك لخصوصية الجسد، وإنما بشكل أساسي بسبب الطريقة التي يتم ممارسة هذا الإجراء بها والتي تنتهك الكرامة الإنسانية للنساء وخاصة في حالات التحرش الجنسي التي تتعرض لها النساء أثناء تفتيشهن ذاتيًا، والذي في كثير من الأحيان ما يتم ممارسته بهدف التنكيل بهن وتخويفهن.
وفقا لـ “قواعد نيلسون مانديلا” عن إجراءات تفتيش السجناء في القاعدة رقم 51 “لا يستخدم التفتيش للتحرش بسجين أو لتخويفه ويجب على إدارة السجن الاحتفاظ بسجلات تقيد فيها إجراءات التفتيش وأسبابها والقائمين عليها وخاصة إجراءات تفتيش الجسد العاري وتفتيش تجاويف الجسم“. وتنص “قواعد نيلسون مانديلا” في قاعدتها رقم 52 على أنه “لا يلجأ إلى إجراءات التفتيش الاقتحامي بما في ذلك تفتيش الجسد العاري أو تفتيش تجاويف الجسم إلا في حالات الضرورة القصوى، وتشجع إدارات السجون على وضع بدائل مناسبة وتطبيق هذه البدائل، واستخدامها ويجب أن تتم إجراءات التفتيش الاقتحامي في مكان تتوفر فيه الخصوصية، وأن يتولى القيام بها موظفون مدربون من نفس جنس السجين“.2
في مقابلة مع محامية في المفوضية المصرية للحقوق والحريات حول التفتيش الذاتي للسجينات، قالت إنه:
“وفقًا للقانون قد يتم التفتيش في تجاويف الجسم للحفاظ على الأمن العام في السجون، وهو إجراء متبع ولكن يشترط عدم انتهاك أجساد الخاضعين للتفتيش. الفكرة في أنه توجد الآن بدائل عديدة للتفتيش غير التفتيش اليدوي، فهناك أجهزة تفتيش حرارية وبوابات الكترونية وطرق تفتيش عديدة، يمكن استخدامها من قبل إدارة السجن، وهذا الأمر شجعت عليه “قواعد نيلسون مانديلا” حتى في حالات التفتيش المهبلي، فلا بد أن يتم التعامل بشكل طبي ومن خلال مسئول الرعاية الصحية، وليس من خلال سجانة أو سجينة، وأن يتم في بيئة تحفظ الخصوصية وهذا ما نصت عليه “قواعد بانكوك“. أن يكون هناك إذن من النيابة لتفتيش السجينات يدويًا – داخليًا – وتوثق إجراءات هذا التفتيش في محضر، ويتم ذكر فيه المسئولين عن هذا التفتيش والقائمين عليه، ولكن في أغلب الحالات في السجون المصرية يتم استخدام التفتيش الجسدي بغرض كسر إرادة وكرامة السجين وإشعاره بأنه فاقد للسيطرة حتى على جسده، خاصة وأنه أصبح خاضعًا لسيطرة الدولة“.3
في مقابلة أخرى مع محامية إحدى السجينات السياسيات حول التفتيش الذاتي، قالت: إن النساء يتعرض للتفتيش الذاتي بصورة متكررة بداية من الوصول إلى السجن في المرة الأولى، وكذلك مع كل مرة تخرج السجينة فيها لحضور جلسات النيابة عند عودتها للسجن.
“التفتيش الذاتي أكثر إجراء بيحصل فيه تمييز بناءً على النوع الاجتماعي، في البداية بيقلعوا البنات ” ملط ” قدام بعض، مش بيدخلوهم في مكان مخصص لحفظ خصوصيتهم، السجانة بتفتش جسمهم وبتدخل إيديها وتضغط داخل المهبل أكثر من مرة، ولو البنت مش متزوجة بتقولها قومي واقعدي كتير 3 أو 4 مرات، وأحيانًا السجانات بتستخدم إيديها مع البنات العذراء عادي، وده حصل قبل كده ولما البنت اعترضت؛ السجانة شتمتها وضربتها، وقالت لها: أنتِ جاية تعملي علينا شريفة ؟!4 بالإضافة إلى ذلك، فقد تم تفتيشها مهبليًا باستخدام كيس ملقي على الأرض. في الوضع المعتاد إذا كانت الفتاة التي تتعرض للتفتيش مهبليًا عذراء، لا تضع السجانة أو القائمة على التفتيش يدها في المهبل، وإنما تطلب منها الحركة لأسفل وأعلى، لكن هذه المرة قامت السجانة بوضع أصابعها وتفتيشها داخليًا بغرض تخويفها وكسرها“.
بالإضافة إلى ذلك، في إحدى الوقائع التي تم توثيقها لإعداد هذا التقرير، تقدمت محتجزة سابقة في سجن القناطر ببلاغ إلى النيابة العامة بتعرضها للتحرش أثناء تفتيشها لإدراجها بسجن القناطر بتاريخ 23/ 6/ 2019 حيث أجبرت السجانة – اسمها هانم – الضحية على خلع ملابسها، حتى الداخلية منها، أثناء ارتداء ملابس السجن بحجة التفتيش. في البداية طلبت منها خلع ملابسها المدنية لاستبدالها بملابس السجن، وعندما امتثلت للأمر طلبت منها خلع ملابسها الداخلية أمامها، وعندما رفضت لأن الملابس الداخلية ليست مخالفة، قامت السجانة بالهجوم عليها وانتزعت الملابس الداخلية بالقوة، وقامت بالعبث بجسدها وأعضائها التناسلية، حتى انهارت الضحية ودخلت في نوبة من البكاء الشديد. وقد أثبتت الضحية تلك الواقعة في حضور محاميها أمام نيابة أمن الدولة، وقد توجه المحامي لتحرير محضر بالواقعة في نيابة القناطر، إلا أنها رفضت تحرير البلاغ فاضطر للتوجه للنائب العام وتقديم البلاغ، الذي تم تحويله إلى نيابة القناطر، التي استدعت المحتجزة من محبسها لأخذ أقوالها في الواقعة. وقد جاء في البلاغ الذي حمل أرقام 9517 لسنة 2019 عرائض النائب العام، أن السجانة أجبرت الضحية على خلع ملابسها حتى الداخلية أثناء ارتداء ملابس السجن، وعندما رفضت بحجة أن الملابس الداخلية ليست مخالفة قامت السجانة بانتزاع الملابس الداخلية للمحتجزة بالقوة، وقامت بالعبث بجسدها وأعضائها التناسلية، حتى انهارت ودخلت في نوبة من البكاء الشديد.5 بعد هذه الواقعة قامت إدارة السجن باستخراج الأجهزة المخصصة للتفتيش والتي كانت مخزنة بدون استخدام، وبدأوا في استخدامها لتفتيش السجينات السياسات فقط، منعًا للمشاكل واستمر ذلك لفترة من الوقت ثم عادوا لنفس طريقة التفتيش مرة أخرى، الأمر الذي يدل على أن هناك تعمد في استخدام التفتيش اليدوي لإهانة السجينات والحط من شأنهن، خاصة وأن المعدات موجودة بالفعل ولكن لا يتم استخدامها.
وفي توثيق مع محتجزة سابقة أخرى بسجن القناطر أيضًا عن التفتيش الذاتي، أنه بعد الدخول لمكان يشبه الحمام للتفتيش تقوم المحتجزة بناءً على أمر من السجانة بخلع ملابسها كلها، ثم تمسك بكيس وتضع إصبعها في فتحة الشرج إذا كانت الفتاة عذراء، أو في المهبل إذا كانت غير عذراء، وبالطبع لعدم وجود خلفية طبية لدى السجانات، كثيرًا ما يحدث للسيدات نزيف من المهبل بسبب التفتيش المهبلي أو الشرجي أو حدوث ألم رهيب. بالإضافة إلى ذلك فقد وثقنا مع محتجزة سابقة بسجن القناطر حيث تحكي في نص شهادتها:
“أنا وصلت السجن مع مجموعة جنائيات، خلوني آخر واحدة خالص في التفتيش، ورحت مع اثنين سجانات واحدة اسمها هانم وواحدة اسمها سعدية، دخلنا الحمام وطلبت مني أقلع هدومي بالكامل، وبدأت تفتشني بأنها تمشي إيديها على جسمي وصدري رغم إني قالعة بالكامل، وواضحة قدامها، وبعدها قالتلي: لفي. لفيت. ووطي: وطيت. وقامت بإيدها فتحت عند فتحة الشرج، ودخلت صباعها لجوه، بعدها طلبت مني أطلع وأنزل، كإني بعمل سكوات كده، حوالي 3 أو 4 مرات، وفي الآخر قالتلي أعمل حمام ميه قدامها، قولتلها: بس أنا مش عايزة. قالتلي: خلاص خلينا قاعدين ساعة“.
وفي مقابلة مع محتجزة سابقة أخرى في سجن القناطر حول التفتيش المهين، قالت في نص شهادتها:
“لما بندخل السجن بيتمموا على حالتنا الصحية وتاريخنا المرضي عشان لو حد تعبان السجن يكون مش مسئول، والمفروض إنه بيترفض… ثم كشف العذرية بتاع السجانة، أو ما يسمونه، بالتفتيش، وهو عن طريق كيس بلاستيك في إيديها، أي كيس من بتوع التلاجة… طبعًا لازم نكون واقفين ملط، وتقول لفي، وبعزم ما فيها تدب صباعها في فتحة الشرج، عشان لو في حاجة متخبية تقع، ولو عرفت إن البنت عذراء، بتقولها تقوم وتقعد أكثر من مرة، ولو مش عذراء بنفس الكيس بتحط إيدها في مهبلها، ولازم تعمل حمام ميه قدامها“.
ذكرت قواعد “بانكوك” في التعقيب اللاحق على التفتيش الجسدي للنساء، أنه في حالة التفتيش الذاتي أو الجسدي الذي يتطلب خلع الملابس. يجب ألا يتعرض أي سجين مهما كان نوعه الاجتماعي للإذلال، ولا يطلب منه أن يتجرد تجردًا كاملاً من ملابسه، ويمكن إجراء عمليات التفتيش هذه بكشف مواقع من الجسد تباعًا، لصون كرامة وخصوصية الشخص الذي يتعرض للتفتيش، أما في حالة النساء فينبغي التحلي بالكياسة معهن، إذ من المحتمل أن يشعرن بمهانة الخضوع لأي تفتيش جسدي على وجه الخصوص. بالإضافة إلى إقرارها بأن عمليات التفتيش الجسدي الذي تنزع فيه الملابس وتنتهك فيه حرمات النساء، ينبغي ألا تجري إذا كانت ستجري أصلاً إلا في ظروف شديدة الاستثنائية يحددها القانون.6
كذلك أقرت “قواعد بانكوك” وجوب أن يقوم بالتفتيش موظفين من نفس نوع الجنس للسجين، وقد ذكرت القواعد لتسجيلهم للعديد من الحالات التي يحدث فيها تفتيش جسدي أمام موظفين ذكور، وقد تتعرض المحتجزات للإذلال خلال هذه العملية. بالإضافة إلى ذلك فقد أقرت الوثائق تسجيلها لورود تقارير حول عمليات إيذاء للنفس بعد التعرض لمعاملة غير آدمية أو غير لائقة خلال التفتيش.
6 – 1 – 2 تفتيش الزنازين
“يجب أن تكون القوانين واللوائح التنظيمية التي تحكم إجراءات تفتيش السجناء والزنازين متوافقة مع الالتزامات التي يفرضها القانون الدولي، وأن تأخذ في الحسبان المعايير والقواعد الدولية، ويجري التفتيش بطريقة تحترم الكرامة الإنسانية المتأصلة للشخص الخاضع للتفتيش وخصوصيته، فضلاً عن مبادئ التناسب والمشروعية والضرورة“، من قواعد نيلسون مانديلا، القاعدة رقم 50 في تفتيش السجناء والزنازين.
فيما يتعلق بتفتيش الزنازين فقد وثقنا مع عدد من المحتجزات السابقات في سجون النساء مثل سجن القناطر وسجن دمنهور عن عدم مراعاة خصوصية النساء أثناء تفتيش الزنازين، ففي أي وقت يقوم ضابط السجن والمأمور بتفتيش الزنازين عشوائيًا مع إعطاء تنبيه سريع قبل الدخول مباشرة، وقد تكن النساء في حاجة إلى تغيير ملابسهن أو رضاعة أطفالهن أو الاستحمام.
وهناك حالة أخرى هي التفتيش على السياسيين من الأمن الوطني وليس من إدارة السجن، ففي نص شهادة إحدى المحتجزات السابقات:
“لما يبقى فيه تفتيش على السياسي من الأمن الوطني مش إدارة السجن، بيهجموا على العنابر فجأة بلا أي تنبيه قبلها أو اعتبار لكونهم ذكور في سجن للنساء، ولا بيهمه سواء قالعة ولا لابسه، بلا تنبيه مسبق إلا لو شافتهم السجانة من بعيد فبتجري تقولنا استروا نفسكوا الأمن جي، الأمن الوطني مبيديش إنذارات“.
6 – 2 كشوف السجن الطبية غير الضرورية
تجري كشوف العذرية بالأساس على السجينات الجنائيات من العاملات بالجنس، أو ما يعرف بقضايا الآداب، من ضمن إجراءات دخولهم السجن، حيث يتم المرور على مستشفى عام ويقوم أحد الأطباء العاملين بإجراء مناظرة للأعضاء التناسلية ومناظرة جميع أجزاء الجسد وكتابة تقرير بالمناظرة. وتعرف كشوف العذرية وفقًا لـ “ويكي جندر“7 بأنها “عملية فحص مهبل المرأة إجباريًا للتأكد من وجود غشاء البكارة بدعوى معرفة إذا ما كانت المرأة بكرًا أم لا. وتعتبر المنظمات الحقوقية هذا الفحص شكلاً من أشكال العنف الجنسي وانتهاكات جسد المرأة“.
تمكنا من التوثيق مع محتجزة سياسية تم ترحيلها مع مجموعة من الجنائيات وبالتالي خضعت لكشف العذرية والفحص الشرجي، قالت الشاهدة في نص شهادتها:
“کشوف العذرية حسب معرفتي واللي شوفته إننا بنمر على مستشفيين حكوميتين عاديتين، فيها زوار مواطنين وأخرى مستشفى القناطر العامة، ودي مش مستشفى السجن دي مستشفى تانية ومفيش حاجة اسمها ترفضي، اللي بيرفض بياكل بالجزمة، من الآخر مفيش حاجة اسمها رفض، الأمر قطعا هيتنفذ، مفيش رفض، برضه ممكن يبقي تصريح بالرفض، ولكن ده لا ينفي تنفيذه… بس كمان فيه كشف خاص لبنات قضايا الآداب زي كشف هيئة كده، وأنا برضه مريت بده رغم إني مش آداب، وقعدت أعيط، وانهرت من البكاء لدرجة إني صعبت على المستشفى كلها من كتر صريخي… مدير المستشفى نزل من مكتبه وقعد يقولي معلش استحملي إنشاء الله تخرجي قريب.
اللي بيحصل بقى بيكون مكان في عنبر كبير متقفل بستاير، بس مش للآخر، يعني اللي واقف يشوف إيه بيحصل جوا، بييجي دكتور (راجل) قرفان من وجودي في الحياة لأني سجينة، ودي معاملة أفضل من بتوع الآداب، بيقولي إقلعي، واديني ضهرك، ووطي، وافتحيها “اللي هي لا مؤاخذه خلفية البني آدم” بعدها نامي على ضهرك، وافتحي رجلك، بعدها قومي أمسكي صدرك اليمين وارفعيه، والشمال وارفعيه… بعدها بيسأل في أي رسومات وشم في جسمك أنا لسه مشوفتهاش؟ وبعدها البسي، ويكتب التقرير.. بعدها بتيجي ممرضة ترشق حقنة في دراعي بمنتهي القسوة عشان تعملي اختبار حمل، بعدها بعمل اختبار حمل بول، حتى لو فيرجين لازم يتعمل!”.
في دعوى أقامتها ضحية كشف عذرية في 2011 في شقها العاجل، ورفعها محامون من مركز هشام مبارك للقانون ومركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ضد إجراء كشف العذرية بالسجن الحربي لـ 18 فتاة في أحداث فض اعتصام التحرير في 9 مارس 2011، قبل أن يتم إطلاق سراحهن بعدها بأربعة أيام قررت محكمة القضاء الإداري قبول الدعوى ووقف تنفيذ القرار السلبي بفحص عذرية المشاركات في التظاهرات، ما يعني – حسب قانونيين – الامتناع عن إجراء فحوص عذرية بحق المتظاهرات مستقبلاً، حيث قال القاضي علي فكري، رئيس محكمة القضاء الإداري، إن المحكمة قررت “وقف تنفيذ قرار إجراء كشف العذرية على الفتيات داخل السجون العسكرية“8. بالرغم من ذلك تستمر تلك الفحوصات في السجن، وخاصة مع النساء المحتجزات جنائيًا، بسبب عدم قدرتهن على الإبلاغ عن الانتهاكات أو معرفتهن بأن ما يتعرضن له في الأصل انتهاك.
6 – 3 ظروف حبس مهينة وحاطة من الكرامة الإنسانية
تنص “قواعد نيلسون مانديلا” على قواعد أساسية فيما يتعلق بمعايير أماكن الاحتجاز، بحيث تكون ملائمة إنسانيًا وصحيًا للسجناء أثناء فترة إقامتهم في مؤسسات الاحتجاز، على وجه المثال:
في القاعدة رقم 15 و16، تنص على أن “تكون أماكن الاحتجاز ذات مساحة مناسبة للمحتجزين بداخلها وأن تكون على وجه المثال المراحيض كافية لتمكين كل سجين من قضاء حاجته عند الضرورة بصورة نظيفة ولائقة، وأنه يجب أن تتوفر مرافق مناسبة للاستحمام والاغتسال بالدش بحيث يكون في مقدور كل سجين ومفروضًا عليه أن يغتسل بدرجة حرارة متكيفة مع الطقس، وبالقدر الذي تتطلبه الصحة العامة تبعًا للفصل والموقع الجغرافي لمؤسسة الاحتجاز، على ألا يقل ذلك عن مرة واحدة أسبوعيًا في الأماكن المعتدلة المناخ.9
يعد الوضع في السجون المصرية، وخاصة في أماكن احتجاز النساء كارثيًا فيما يتعلق بالمعايير الصحية المتفق عليها دوليًا، من ناحية سوء أوضاع الاحتجاز بشكل عام وتكدس الزنازين وعدم توافر تهوية جيدة أو نظام غذائي يحافظ على صحة السجينات البدنية. وفيما يتعلق بالنظافة الشخصية تعاني السجينات من تفشي العديد من الأمراض الجلدية بسبب عدم قدرتهن على العناية بنظافتهن الشخصية لسوء أوضاع أماكن الاحتجاز، فوفقًا للمقابلات التي تمت مع المحامين والضحايا، فإن الوضع الصحي في السجون ردىء للغاية، وفي الأغلب تُمنع السجينات من الاستحمام بشكل منتظم أثناء فترة الإيراد، بالإضافة إلى أن الحمامات ليس لها أبواب وإنما مجرد ستائر. وأغلب حمامات السجون هي “حمامات بلدي” وهي غير مناسبة إطلاقًا للنساء الكبيرات في السن أو اللواتي يعانين من مشاكل صحية كخشونة الركبة أو مشاكل في العظام.
وثقت المحتجزات في سجن القناطر تردي أوضاع الاحتجاز إلى حد عدم قدرتهن استخدام مياه نظيفة، وسجلت النساء على لسان محاميهن وجود مادة مجهولة في المياه تتسبب في تساقط الشعر وتغير لون الجلد، والمياه نفسها ملوثة ولونها داكن وأحيانًا يكون بها حشرات، وعندما تحاول النساء علي المياه تترسب كتل سوداء في الإناء، ويتم استخدام هذه المياه في الاستحمام فقط، ومع ذلك يتغير لون جلد البشرة وتتسبب في تساقط الشعر وأحيانًا تسبب التهابات الجلد، وتضطر النساء لاستخدام هذه المياه لأن المياه النظيفة الوحيدة المتوفرة، متوفرة في كانتين السجن بأسعار مبالغ فيها لا تستطيع النساء وخاصة من الطبقات الدنيا تحمل تكلفتها الشهرية.
بالإضافة إلى ذلك، طعام السجن رديء جدًا من ناحية الجودة وقليل جدًا من ناحية الكمية، وثقت السجينات أن طعام السجن غير صالح للأكل الآدمي، فيكون في أغلب الأوقات، وفقا لمحتجزات سابقات في سجن القناطر:
“عبارة عن بطاطس بقشرها وطينها غير مغسولة حتى، ورز مسلوق محجر أو معجن، وفول أسود أو فاسد، وأكل لا يصلح إطلاقًا للتناول الآدمي. طعام السجن المتوفر في الكانتين غالي جدًا، لدرجة إنه مش هيكفيكي آلاف الجنيهات عشان تاكلي كويس في السجن، أول فترة احتجازي كانت وجبة طعام جيدة يوميًا تكلف 800 ج شهريًا، ثم أصبحت 1000 جنيه ثم 1200 ثم عند وقت خروجي كانت بـ 2000 جنيه، لتناول وجبة واحدة جيدة في اليوم شهريًا، ده غير الميه عشان تشربي ميه نضيفة لازم تشتريها من الكانتين بأسعار مبالغ فيها، إقامتك جوه السجن بتكلفك كإنك قاعدة في الهيلتون بس هيلتون السجن“.
تقول إحدى المحتجزات السابقات في سجن القناطر حول الأوضاع الصحية في السجون:
“أكثر حاجة بتتمنيها في السجن إنك تفضلي بصحتك، التكدس بشع، الناس تجلس على الأرض وفي الحمامات وفي كل مكان بسبب ضيق أماكن الاحتجاز، في أكثر من مرة، وأنا رايحة الحمام أقع على حد من كتر التكدس، الميه هناك ملوثة جدًا جدًا وبتعمل التهابات للستات في المهبل، وممكن تسبب أمراض تناسلية حرفيًا، مفيش ولا مرة فتحت حنفية الميه ونزلتلي ميه نضيفة، مع إن فيه حنفيه ميه نضيفة بتروح للضباط، حتى الحموم هناك باستئذان، في أشد درجات الحرارة لو استحميتي مرة زيادة بتتعاقبي وممكن تباتي في الحمام أو التأديب… الميه السخنة ممنوعة تمامًا في الصيف، وفي الشتاء موجودة بشكل متقطع، عدد المساجين كبير جدًا على سخان واحد فالسخان بيبوظ وغالبًا بتتحمل السجينات تكلفة إصلاحه… الستات في الصيف بتحتاج تاخد شاور بميه سخنة لأسباب صحية، لو مثلاً عندها التهاب وده وارد جدًا في السجن، لكن ده ممنوع في السجن… النباطشيات كمان مفتريين جدًا – السيدات اللاتي تعين من قبل ضابط المباحث للإشراف على السجينات – طول الوقت عايزين فلوس من الستات عشان أبسط حقوقهم، واللي مش معاها فلوس بتشغلها خدامة ليها حرفيًا، تمسح العنبر وتغسلها هدومها وكده“.10
في المنظومة الاقتصادية بشكل عام، النساء وضعهم أصعب اقتصاديًا من الرجال، بالإضافة إلى أن فرص العمل في سجن النساء تكاد تكون معدومة، وتكون بالواسطة للجنائيات وممنوعة للسياسيات من الأصل، بالتالي الستات من الطبقات الدنيا أو الكادحة يعانين في السجن بشكل لا يمكن تخيله، وتظهر الفروق الطبقية بشكل فاحش في سجون النساء وتعد أبسط خدمات النظافة الشخصية رفاهية في السجن لمن تمتلك القدرة المادية على ذلك.
6 – 4 مراعاة الاحتياجات المتعلقة بالنوع الاجتماعي “الفوط الصحية في السجون“
مقومات الحياة الأساسية كالطعام والماء النظيف والتهوية الجيدة غير موجودة بالسجن حتى بحدها الأدنى، بالتالي يعد الحصول على أدوات الرعاية الصحية مثل الصابون وفرش الأسنان والفوط الصحية للنساء رفاهية كبرى لا تقدر كل النساء عليها، الفوط الصحية المتاحة في السجن، متاحة فقط عبر كانتين السجن، والأسعار في الكانتين غالية جدًا بالتالي تعتمد السجينات على ما يصل إليهن في زيارات ذويهن، وفي الحالات التي تمنع فيها إدارة السجن الزيارات – كما في أوضاع تفشي فيروس كورونا – تكون أحوال السجينات غاية في السوء من ناحية عدم توفر طعام مناسب أو أدوات رعاية شخصية مثل الفوط الصحية. في كثير من الحالات التي لا تمتلك فيها المحتجزات القدرة المادية على شراء الفوط الصحية تضطر إلى العمل داخل السجن بالتنظيف أو الغسيل أو خدمة سجينات أخريات بمقابل مادي يمكنهن من شراء فوط صحية والاحتياجات الأخرى، وفي حالة عدم توفر هذا الخيار تلجأ المحتجزات إلى وسائل قديمة مثل استخدام قماشة وإعادة غسلها أو قطن بديل للفوط الصحية.11
كل هذه الأحوال تؤثر على الصحة الجسدية والنفسية للسجينات، فقد أقرت “قواعد نيلسون مانديلا” فيما يتعلق بالنظافة الشخصية في قاعدتها رقم 18، أنه “يجب أن تفرض على السجناء العناية بنظافتهم الشخصية، ومن أجل ذلك يجب أن يوفر للمحتجزين الماء وما تتطلبه الصحة والنظافة من أدوات. بالإضافة إلى ذلك، وبغية تمكين السجناء من الحفاظ على مظهر مناسب يساعدهم على احترام ذواتهم، يزود السجن بالتسهيلات اللازمة للعناية بالشعر والذقن، وتتاح للذكور إمكانية الحلاقة بانتظام“. وضعت “قواعد نيلسون مانديلا” الحدود الدنيا التي يجب مراعاتها في أماكن الاحتجاز، ولكنها لا تشير صراحة إلى متطلبات النظافة الخاصة بالسجينات، وقد جاءت قواعد بانكوك فيما يتعلق بالتعامل مع المحتجزات لتضع الحدود الدنيا فيما يتعلق بمستلزمات النظافة الشخصية الخاصة بالسجينات من النساء. وقد نصت في قاعدتها رقم 5 والتي تكمل على القاعدة رقم 15 و16 في “قواعد نيلسون مانديلا” على أنه: “يجب أن توفر للسجينات في أماكن إيوائهن المرافق والمواد الضرورية لتلبية احتياجاتهن الخاصة من حيث النظافة الشخصية، بما في ذلك الحفاضات الصحية مجانًا والإمداد بالمياه بصورة منتظمة لأعراض العناية الشخصية بالنساء والأطفال، ولا سيما النساء الحوامل أو المرضعات أو اللواتي يجيئهن الحيض“.12
في مقابلة مع محتجزة سابقة في سجن القناطر حول الفوط الصحية في السجن وكيف تتعامل النساء مع الدورة الشهرية في ظل عدم توافر فوط صحية أو توافرها بأسعار مرتفعة للغاية، قالت:
“في السجن تستخدم أغلب النساء من الطبقات الأدنى اقتصاديًا، قماشة أو بيستخدموا “بامبرز” بيشيلوا اللزق وبيعملوها مستطيلة، والحفاضة الواحدة بتقعد يوم أو اتنين على حسب كل ست، الستات الفقيرة ممكن تشتري الحفاضة ب 5 جنيه تقعد معاها يومين، ده طبعًا بيأثر على صحة الناس وأنا بشكل شخصي خرجت من السجن بأمراض جلدية… في ستات بتحط قماشة تطبقها كذا تطبيقه وتبدل فيهم، وده أنا عيشته فترة كنت ممنوعة من الزيارة ومش معايا فلوس فاضطريت أعمل كده. وده أثر عليَّ صحيًا بعدها، نتيجة الضغط والاكتئاب اللي عشته في السجن انقطعت عني الدورة الشهرية لفترة“.13
أطلقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حملة حول الدورة الشهرية في السجون من أجل اعتراف القانون بالاحتياجات الجسدية للنساء، حيث أطلقت الحملة كنوع من الضغط حتى يعترف القانون بالاحتياجات الجسدية للنساء، ودعت الحملة قطاع مصلحة السجون إلى توفير الفوط الصحية للنساء المحتجزات بدون مقابل بالإضافة إلى تهيئة الظروف الهيكلية للصحة داخل مرافق السجن. وثقت الحملة العبء الاقتصادي الواقع على السجينات نتيجة لاحتياجات الدورة الشهرية، وأكدت على اعتماد السجينات على الزيارات للحصول على الفوط الصحية، ولكن في كثير من الأحوال وخاصة في حالة الجنائيات قد لا تأتيهن زيارات منتظمة، ولا يكون أمامهن سوى شراء الفوط الصحية من كانتين السجن بأضعاف ثمنها العادي أو من المحتجزات الأخريات. نتيجة لكل هذه الصعوبات، يحدث أن ترتدي السجينات الفوط لفترات أطول مما ينبغي، ويؤثر ذلك على صحتهن العامة ويعرضهن لمخاطر صحية جسيمة، حيث أن ارتداء فوط صحية لفترات طويلة (أكثر من 6 ساعات) يعرض النساء لمخاطر الطفح الجلدي أو الالتهابات المهبلية والتهابات المسالك البولية. بالإضافة إلى عدم توفر ماء نظيف للاغتسال أو دخول دورات المياه بشكل منتظم. كل هذا يضع النساء أمام مخاطر صحية جسيمة نظرًا لأن هذه هي الحالة العامة في السجون، فلا تهتم الإدارة بالمشاكل الصحية الناتجة عن ذلك كالالتهاب الجلدي أو المهبلي، بالإضافة إلى عدم توفر الأدوية المناسبة لعلاج المشاكل الصحية الناتجة عن تلك الظروف. 14
6 – 5 الاعتداءات الجنسية في السجون
فيما يتعلق بالاعتداء الجنسية في السجون. تتعرض العديد من السجينات للتحرش الجنسي من السجانات. قالت إحدى المحاميات:
“السجانات بتتحرش لفظيًا وعن طريق التلامس، وهناك عدد من الحالات التي أثبتها أثناء عملي أمام النيابة بتعرض المحتجزات للتحرش من قبل السجانات، وتم إثبات هذا أمام وكيل النيابة، ولكن لم يتم التحقيق فيها، على وجه المثال في سجانة اسمها هانم، في سجن القناطر مشهور عنها كونها متحرشة، وبتتحرش لفظيًا أو بالتلامس مع السجينات سواء في التفتيش أو غيره وسواء كانت السجينة سياسية أو جنائية، ومرة واحدة جنائية اعترضت على التحرش وزعقت لها وقالت لها إيه اللي بتعمليه ده، راحت قلعت الشبشب وضربتها على وشها بالشبشب“15
أيضًا حالة إحدى المحتجزات على ذمة قضية سياسية في سجن القناطر والتي وثقت تعرضها للعنف الجسدي والجنسي، حيث تعرضت أثناء احتجازها للضرب والتهديد والتحرش والسحل من قبل الأمن الوطني، وقد وثقت عن طريق محاميها أنه:
“في يوم 29 نوفمبر 2020 في الساعة 11 مساءً، جاءت لزنزاتها 3 سجانات وأخذوها إلى خارج العنبر وقاموا بتعصيب عينها واصطحبوها إلى غرفة كان بها شخص مجهول قال لها: أنا اللي هخرجك من هنا لو سمعتي كلامي وعايزك تجاوبي على كل الأسئلة اللي هسألهالك، في محاولة لتجنيدها لانتزاع أسماء أشخاص آخرين أو الحصول على معلومات للإرشاد عنهم، وعندما رفضت قام بتهديدها بعدم رؤية طفلها مرة أخرى وإيذاء زوجها وقام بالتحرش بها“
بالإضافة إلى أنه أثناء خروج المحتجزة من السجن لحضور جلسة تجديد الحبس في يناير 2020، أجبرتها موظفات السجن على خلع ملابسها كاملة للتفتيش وتفتيشها داخليًا بشكل سيئ للغاية، ثم سحلها من قبل أحد أمناء الشرطة من غرفة التفتيش وحتى سيارة الترحيلات. بالإضافة إلى ذلك فقد عانت الضحية من نزيف حاد بالرحم نتيجة إجراء إدارة السجن كشفًا قسريًا غير مبرر على الرحم أصيبت على إثره بنزيف حاد في الرحم، رغم إفادتها بخضوعها لعملية استئصال ورم من الرحم، وأفادت والدتها بعد آخر زيارة لها يوم 27 يناير 2020 أن ابنتها بدت في حالة إعياء شديدة ولم تستطع السير بمفردها.
وقامت وزارة الداخلية بالرد على هذه الاتهامات ونفت تعرضها لأى انتهاكات داخل السجن، وأكدت أن النزيلة حالتها جيدة ويتم تقديم كل أوجه الرعاية لها. كما أصدرت بيانًا للرد على تعرض المحتجزة للضرب والتحرش أنه: “بالفحص تبين أن ما تم تداوله فى هذا الصدد عارٍ تمامًا من الصحة جملة وتفصيلاً، وأن المذكورة مودعة بالسجن على ذمة إحدى القضايا رفقة أخريات، وحالتها الصحية جيدة وعلاماتها الحيوية في معدلاتها الطبيعية واختتم بيان الداخلية أنه “يتم تقديم كافة أوجه الرعاية المختلفة لها أسوة بباقى النزيلات، ويأتى ذلك الإدعاء في سياق دأب الأبواق الإعلامية الموالية لجماعة الإخوان الإرهابية لنشر الأكاذيب والشائعات فى محاولة لتأليب الرأي العام، تم اتخاذ الإجراءات القانونية“.16
6 – 6 أوضاع الرعاية الصحية للأمهات والحوامل في السجون
تنص قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء والمعروفة “بقواعد نيلسون مانديلا” فيما يتعلق بخدمات الرعاية الصحية، في القاعدة رقم 24 و25 و27، على أن: “تتولى الدولة مسؤولية توفير الرعاية الصحية للسجناء، ويكون لهم الحق في الحصول على الخدمات الطبية الضرورية مجانًا ودون تمييز على أساس وضعهم القانوني كسجناء، وعلى أن تكون في نفس مستوى الرعاية الصحية المتاح في المجتمع. كما يجب أن يكون في كل سجن دائرة لخدمات الرعاية الصحية مكلفة بتقييم ورعاية الصحة البدنية والنفسية للسجناء، على أن تتألف دائرة الرعاية الصحية من فريق متعدد التخصصات من ضمنها الطب النفسي وطب الأسنان. بالإضافة إلى ذلك تكفل جميع السجون إمكانية الحصول الفوري على الرعاية الطبية في الحالات العاجلة، أما الحالات التي تتطلب عناية متخصصة أو جراحة ينقلون إلى مستشفيات مدنية أو مؤسسات متخصصة. ويجب أن تتوفر في السجن بجانب دائرة الخدمات الصحية، مرافق مستشفى مزودة بما يكفي من الموظفين والمعدات لتوفير خدمات العلاج والرعاية المناسبة للسجناء المحالين إليها“17.
فيما يتعلق بخدمات الرعاية الصحية المقدمة للنساء تنص “قواعد نيلسون مانديلا” على أن: “تزود سجون النساء بالمرافق الخاصة الضرورية لتوفير الرعاية والعلاج قبل الولادة وبعدها، وتتخذ حيثما أمكن ترتيبات الولادة في مستشفى خارج السجن، وفي حالة ولادة طفل داخل السجن لا يسجل ذلك في شهادة الميلاد. ويستند قرار إبقاء الطفل مع والديه في السجن إلى مصلحة الطفل الفضلى، وفي حالة بقاء الطفل مع أحد والديه في السجن تتخذ ترتيبات لتأمين مرافق داخلية وخارجية لرعاية الأطفال يقوم عليها أشخاص مؤهلون يودع فيها الأطفال عندما لا يكونون تحت رعاية والديهم، وتوفر خدمات رعاية صحية خاصة بالأطفال، بما في ذلك الفحص الصحي عند دخولهم ورصد نموهم باستمرار من قبل متخصصين، ولا يعامل الأطفال المرافقين لوالديهم إطلاقًا على أنهم سجناء“. 18
كما تنص “قواعد بانكوك” في قاعدتها رقم 48 على أن: “تتلقى السجينات الحوامل أو المرضعات توجيهات بشأن صحتهن والنظام الغذائي الخاص بهن، يعده ويراقبه أخصائي صحي مؤهل، وتؤمن أغذية كافية وفق جدول زمني مناسب وتوفر بيئة صحية وفرص ممارسة التمارين بانتظام للنساء الحوامل والرضع والأطفال والأمهات المرضعات مجانًا، وتدرج في برامج العلاج الاحتياجات الطبية والتغذوية للسجينات اللواتي وضعن مواليدهن حديثًا“.19
هذه القواعد لا تطبق بأي حال من الأحوال عند إدراج السجينات في نظام العدالة الجنائية المصري، حيث وثقنا عدم وجود كشف طبي شامل للنساء الحوامل، وإنما يتم سؤالهن شفهيًا إذا كن يعانين من أية أمراض أو شكاوى صحية، ويذهبن إلى المستشفى كل أسبوعين لمتابعة الحمل شكليًا، في حالة لو كانت المحتجزة، محتجزة سياسًا ومشدد عليها أمنيًا لا يتم مراعاة كونها حاملاً أم لا، فقد وثقنا حالة سجينة سياسية في سجن القناطر، حبست حبسًا انفراديًا بأمر من الأمن الوطني، وكانت السجانة المسؤولة عن السجن توقظها مساءً كل يوم لمسح الزنازين الانفرادي بملابس خفيفة للغاية في فصل الشتاء، وكانت تجبرها على حمل جرادل المياه أثناء حملها، حتى أصابها نزيف حاد في الرحم بسبب ذلك وأثبتت ذلك في النيابة ولكن لم يتم فتح تحقيق في الواقعة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الوضع العام في عنبر الأمهات غير مهيأ لوجود أطفال، وذلك بسبب التكدس الشديد وضعف الرعاية الصحية وسوء التهوية وضيق المكان. على سبيل المثال اضطرت إحدى الأمهات السجينات في سجن القناطر أن تسلم ابنتها لأهلها بعد أسبوع واحد فقط من الدخول للسجن، بسبب تكدس العنبر لدرجة أن المراوح تعمل طول الوقت، والأطفال متكدسين فوق بعضهم البعض – حرفيًا – وفقًا لإحدى المحاميات، وفي حالة إصابة أحد الأطفال بالكحة أو البرد يصاب جميع الأطفال الآخرين بالتبعية. بالتالي مرضت ابنتها وارتفعت درجة حرارتها وتعرضت لسعال قوي جدًا، وبالتالي اضطرت الأم أن تسلم الطفلة لأهلها، كذلك وثقنا وصف عنابر الأمهات من خلال المقابلات مع الضحايا حيث لا تسمح إدارة السجن بتواجد الأطفال خارج عنبر الاحتجاز خاصة في حالة السجينات السياسيات لتكديرهن، فيمنع الأطفال من الخروج للمشي أو اللعب ويبقى الأطفال محبوسين مع ذويهم طول الوقت، مع التكدس في العنابر، كما أن كثيرًا من الأمهات يفترشن الأرض مع أطفالهن بسبب عدم وجود مرتبات كافية لجميع المحتجزات كما في حالة تلك الأم التي افترشت هي وابنتها الأرض حتى مرضت ابنتها واضطرت لتسليم الطفلة لأهلها حفاظًا على صحتها.
وبالطبع تؤثر كل هذه الأحوال غير الصحية بشكل شديد على صحة النساء وخاصة الحوامل أو الأمهات في السجن، حيث يتسبب النوم على الأرض مثلاً في التهاب في العظام والأعصاب بالنسبة للسجينات وخاصة اللواتي يعانين من حالة صحية ضعيفة بسبب الحمل والولادة والرضاعة.
حتى في هذه الأحوال، لا تقدم إدارة السجون أي رعاية صحية حقيقة للمحتجزات، وثقت سجينات سابقات في سجن القناطر، أن: أغلب الأدوية الموجودة في مستشفي السجن هي مسكنات عامة وضعيفة للغاية، ولا يوجد أطباء مقيمين في السجن من تخصصات مختلفة وإنما هو طبيب النساء العام، ولا توجد رعاية صحية للحوامل مثل كشف السونار أو ما شابه من إجراءات العناية الطبية بالحوامل والأمهات، حتى نوعية الأكل المقدم للأمهات والحوامل ليس أفضل من تعيين السجن المعتاد وتضطر الأمهات والحوامل إلى الاعتماد على أكل الزيارات. بالإضافة إلى ذلك لا توجد أي متابعة نفسية للسيدات الحوامل أو اللواتي وضعن أطفالهن، فمن المعروف طبيًا أن النساء أثناء فترة الحمل والولادة يمررن بأعراض نفسية مختلفة، وفي كثير من الأحوال تصاب الأمهات بعد الوضع بما يعرف بـ “اكتئاب ما بعد الولادة” وفي هذه الحالات لا يقدم لتلك النسوة أي نوع من الرعاية النفسية، حيث وثقنا مع إحدى السجينات السابقات بسجن القناطر مشاهدتها هناك لفتاة محتجزة جنائيًا تعرضت لانتهاكات جسيمة بالرغم من حملها، ثم وضعها لطفلها حيث قالت الشاهدة في نص شهادتها:
“كان من الواضح أن البنت نفسيًا غير متزنة وكانت حامل، والبنت ولدت قيصري في ظروف صعبة جدًا وتدهورت حالتها النفسية وبدأت تشتم وتضرب في السجينات، فالبنت دي كان واضح جدًا إنها محتاجة طبيب نفسي، وكان في هناك سيدة مشرفة معروفة اسمها (سيدة)، سيدة دي خلت المساجين يضربوها ويسحلوها ويجرجروها من هدومها وشعرها لمسافة زي شارع طويل كده، وفي الآخر رموها في حته فيها مواسير ومجاري قعدت فيها لمدة أسبوع وكانت لسه والدة من كام يوم وكل ده عشان هي كانت نفسيًا مش متزنة وبتشتم أي حد من النبطشية، وعلى مدار الفترة التي سجنت فيها كنت بشوف البنت دي كل شوية تزعق وتشتم فيسحبوا منها بنتها ويرموها في الحمام ولا أي مراعاة لخلفة أو حمل أو ولادة ولا أي حاجة خالص“.20
1 – وثيقة إرشادية حول قواعد للأمم المتحدة لمعاملة السجينات والتدابير غير الاحتجازية للمجرمات (قواعد بانكوك)، القاعدة رقم 19، 22 ديسمبر 2010، متاح عبر:
https://cdn.penaireform.org/wp-content/uploads/2013/09/Bangkok-guidance-arabic-web.pdf
2 – قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، قواعد ليلسون مانديلا، القاعدة رقم 51 و52 حول تفتيش السجناء، 17 ديسمبر 2015، متاح عبر:
https://www.unodc.org/documents/justice-and-prisonreform/GA-RESOLUTIONA
3 – مقابلة مع محامية بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات حول أوضاع النساء في نظام العدالة الجنائية في مصر، يناير 2021
4 – مقابلة مع محامية إحدى السجينات السياسيات حول التفتيش الذاتي المهين والحاط من الكرامة الإنسانية، يناير 2021.
5 – من مقابلة بحثية حول التفتيش الذاتي المهين والحاط من الكرامة الإنسانية، فبراير 2021.
6 – وثيقة إرشادية حول قواعد الأمم المتحدة لمعاملة السجينات والتدابير غير الاحتجازية للمجرمات “قواعد بانكوك” تعليق حول تطبيق القاعدة رقم 19، 22 ديسمبر 2010، متاح عبر:
https://cdn.penaireform.org/wp-content/uploads/2013/09/Bangkok-guidance-arabic-web.pdf
7 – ويكي جندر، تعريف كشوف العذرية، 2019 متاح عبر:
https://genderiyyaxyz/wiki/D9%83%D8%B4%D9%81_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B0%D8%B1%D9%8A%D8%A9
8 – حكم محكمة القضاء الإداري بوقف كشوف العذرية للمحتجزات في السجون العسكرية 27 ديسمبر 2011، متاح عبر:
http://arabic.arabianbusiness.com/politics-economics/2011/dec/27/66788
9 – قواعد الأمم المتحدة الدنيا لمعاملة السجناء، قواعد نيلسون مانديلا من رقم 15 – 17، 17 ديسمبر 2015 متاح عبر:
https://www.unodc.org/documents/justice-and-prison-reform/GA-RESOLUTIONAebook.pdf
109 – من مقابلة بحثية مع إحدى المحتجزات السابقات في سجن القناطر، حول ظروف الحبس المهيئة والحاطة من الكرامة الإنسانية، فبراير 2021.
11 – من مقابلة بحثية مع سجينة سابقة بسجن القناطر، حول الفوط الصحية في السجون، يناير 2021.
12 – وثيقة إرشادية حول قواعد الأمم المتحدة لمعاملة السجينات والتدابير غير الاحتجازية للمجرمات (قواعد بالكوك): القاعدة رقم 5، 22 ديسمبر 2010، متاح عبر:
https://cdn.penairrform.org/wp-content/uploads/2013/09/Bangkok-guidance-arabic-web.pdf
13 – من مقابلة بحثية حول أوضاع النساء في السجون، الفوط الصحية في أماكن الاحتجاز، الأغراض إعداد هذا التقرير، فبراير 2021
14 – في اليوم العالمي للمرأة الدورة الشهرية في السجون من أجل اعتراف القانون بالاحتياجات الجسدية للنساء، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، 8 مارس 2019 متاح عبر:
hps://epr.org/press/2019/03/%D9%81%D9%8A%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A-%D9%84%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%AC%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%A3%D8%AC%D9%84- %D8%A7%D8%B9%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86- %D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D8%AC%D8%A7%D8%AA
15 – مقابلة بحثية مع محامية عملت في الدفاع عن محتجزات على خلفية قضايا سياسية، حول الاعتداءات الجنسية في السجون، فبراير 2021.
16 – موقع درب، 6 منظمات حقوقية تطالب بالتحقيق في بلاغ انتهاك سولافة مجدي، 9 فبراير 2021، متاح عبر:
17 – قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، قواعد نيلسون مانديلا القاعدة رقم 24، 25، 26، بتاريخ 17 ديسمبر 2015، متاح عبر:
https://www.unoac.org/documents/justice-and-prison-reform/GA-RESOLUTIONA_ebookpdf
18 – قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، قواعد نيلسون مانديلا، قاعدتها رقم 28 و29 بشأن تقديم الرعاية الصحية للسجينات الحوامل أو الأمهات، ديسمبر 2015 متاح عبر:
https://www.unode.org/documents/justice-and-prison-reform/GARESOLUTIONAebookpdf
19 – وثيقة إرشادية حول قواعد الأمم المتحدة لمعاملة السجينات والتدابير غير الاحتجازية للمجرمات (قواعد بانكوك). القاعدة رقم 48، 22 ديسمبر 2010.
https://cdn.penaireform.org/wp-content/uploads/2013/09/Bangkok-guidancearabic-web.pdf
20 – من مقابلة بحثية مع محتجزة سابقة في قسم القناطر، حول أوضاع الأمهات والحوامل في السجون، يناير 2021.
تعاني العابرات والعابرون جنسيًا، والأشخاص من ذوي الهويات الجنسية غير النمطية في مصر، من شتى أنواع العنف المجتمعي للدرجة التي تهدد حياتهم وأمانهم الجسدي والشخصي بالإضافة إلى لفظهم مجتمعيًا من دوائر الأصدقاء والعائلة، الأمر الذي يؤثر على صحتهم النفسية بأشكال لا حصر لها، ولا تنتهي معاناتهم عند هذا الحد وإنما تزداد المخاطر إلى حد بعيد. في حالة تعرضهم للمرور في منظومة العدالة القضائية لأي سبب من الأسباب.
7 – 1 انتهاكات بحق النساء ذوات الهويات الجنسية غير النمطية من قبل النيابة
تتعرض العابرات والعابرون جنسيًا في مصر إلى كافة أشكال الوصم المجتمعي، ويكون الأمر أسوأ في حال اضطرارهن المرور من منظومة العدالة الجنائية في مصر، وتزداد فرص تعرضهن للانتهاكات والاعتداءات أثناء تواجدهن في أماكن الاحتجاز أو حتى أثناء التحقيقات مع النيابة، فعلى سبيل المثال هناك حالة سارة حجازي، وهي كاتبة مصرية اشتراكية، وناشطة مدافعة عن حقوق مجتمع الميم، حيث تم القبض عليها وسجنها وتعذيبها لمدة ثلاث أشهر، بعد رفع علم قوس قزح في حفل مشروع ليلي في عام 2017 في القاهرة للتضامن مع مجتمع الميم في مصر.
عند التحقيق مع سارة في النيابة، كان التحقيق، وفقًا لمقابلة بحثية مع محاميها1، مليء بالأسئلة الجنسية والمهينة والمقتبسة في أغلبها من “الأفلام الإباحية للمثليات” بحسب محاميها. حيث تم توجيه أسئلة من قبيل، “طب أنتِ عادي تنامي مع فضائيين أو حيوانات؟ هل أنتِ معندكيش مشكلة إن الناس تنام مع حيوانات؟ معندكيش مشكلة أسد مثلاً ينام معاك؟ في محاولات للحط والسخرية منها وتعمد إهانتها، واستمر التحقيق لمدة 8 ساعات بهذا الشكل، وفي نهاية التحقيق أفصح وكيل النيابة عن أنه كان في انتظار أن تقر سارة بمثليتها ليقوم بحبسها وتوجيه الاتهام لها تبعًا لقانون مكافحة الدعارة، حيث قال لها: “أنتِ شاطرة أنا كنت مجهزلك تهمة دعارة“. بالإضافة إلى اتهامها باتهامات أخلاقية غير قانونية، لم يتم التحقيق في شكواها عما تعرضت له من اعتداء بقسم الشرطة، وتم اتهامها بالانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون تهدف إلى تكدير السلم العام والسلم الاجتماعي (نشر الفسق والفجور، بحسب ما جاء في التحقيقات)، واستمر تجديد حبسها أمام النيابة لثلاثة أشهر، ومع كل تجديد لمدة 15 يوم يتم رفض طلب الاستئناف على قرار الحبس، وفي المرة الوحيدة التي تم قبول الاستئناف على قرار الحبس وتم نظره أمام قاضٍ جزئي حصلت سارة على إخلاء سبيل.
7 – 2 انتهاكات بحق النساء ذوي الهويات الجنسية غير النمطية في أقسام الشرطة
تعاني النساء ذوات الهويات الجنسية غير النمطية كالمثلية الجنسية أو العابرات جنسيًا. في أقسام الشرطة بشكل مضاعف حيث تزداد معدلات تعرضهن للعنف سواءً من أمناء الشرطة أو من السجينات أو السجانات، على سبيل المثال تعرضت سارة حجازي للضرب والتحرش من قبل السجينات في قسم السيدة زينب بإيعاز من رئيس المباحث، بغرض تخويفها وكسر إرادتها والحط من شأنها لميولها الجنسية. 2
أيضًا في حالة ملك الكاشف، وهي ناشطة نسوية وعابرة جنسيًا ومدافعة عن حقوق مجتمع الميم في مصر، تعرضت للاعتقال في فجر يوم 6 مارس 2019، ثم تعرضت للعنف منذ لحظة إلقاء القبض عليها حيث تعرضت للصفع والشد من شعرها أثناء اعتقالها، وتم تغمية عينيها ووضع الكلابشات في يديها منذ لحظة اعتقالها وحتى لحظة خروجها من الأمن الوطني. تحكي ملك الكاشف في مقابلة بحثية حول ما تعرضت له أثناء فترة احتجازها في قسم الشرطة. عن تعرضها لأشكال عديدة من الانتهاكات والتهديدات، حيث هددها ضابط الشرطة بإدخالها حجز الرجال “هندخلك حجز الرجالة وهخليهم يزفوك” الأمر الذي رفضته ملك بشكل قاطع وطلبت الحديث مع المأمور والذي أدخلها غرفة انفرادي وحجزت فيها لمدة يومين ممنوعة من التواصل مع أهلها أو محاميها. بعد محاولات عديدة استطاعت ملك التواصل مع أهلها وعندما حاولوا سؤال مأمور القسم عنها قام بتهديدهم بترحيلها إذا عرف أحد من الصحافة أو المحامين مكان تواجدها.
بالإضافة إلى ذلك فقد تعرضت ملك إلى تحرش من قبل أمين الشرطة المكلف بها من القسم بعد الكشف عليها من الطب الشرعي، حيث قالت ملك في نص شهادتها:
“بعد خروجي من الغرفة، جلست أنتظر وقتها جاء أمين الشرطة ومسكني من فخذ رجلي وطلع بإيده لفوق ناحية المنطقة الحساسة، فزقيت إيده وزعقت بصوت عالي فقالي: “عارف أنتِ لو قلعت هدومك ملط ، ومراتي قلعت هدومها ملط، هيقف عليك أنتِ” قلتله: بكرة مراتك تخلعك، قام حاول يتهجم عليَّ بالضرب، وقام الضباط بمنعه عن ضربي، حيث حاول التهجم عليَّ حينها“.
7 – 3 انتهاكات بحق النساء من ذوات الهويات الجنسية غير النمطية في السجون
في حالة ملك الكاشف تم اصطحابها لطبيب السجن، بإشراف سجانين، حيث أجبرها طبيب السجن على خلع ملابسها بالكامل دفعة واحدة أمام العساكر، رغم أنه من المفترض قانونًا أن تخلع ملابس المحتجز للكشف ثم تغطي منطقة وتكشف منطقة أخرى، ثم أدخلت ملك إلى عتبر مشدد انفرادي، وطلب من ملك حلق شعر رأسها بالكامل، وتمت مناداتها باسم “عبد الرحمن الكاشف” أكثر من مرة، فتجنبت ملك الرد على أمناء الشرطة وضباط السجن حتى نادوها باسم “ملك“.
بعد مرور 11 يومًا كان من المفترض أن تتلقى ملك الزيارات، ولكن إدارة السجن أنكرت أن أحدًا من ذويها قام بالسؤال عنها، أو حتى زيارتها أو ترك لها مال أو طعام، الأمر الذي تقول ملك إنه أثر عليها نفسيًا للغاية، وشعرت أنه تم التخلي عنها، إذ قالت ملك في نص شهادتها:
“بعد مرور 11 يومًا، قلتلهم المفروض أبدأ آخد زيارات أهلي أو المحامين، قالولي محدش جه يزورك، ومحدش جالنا يسأل عليكِ، وده طبعًا أثر نفسيًا عليَّ بشكل مرعب، مرت 4 أيام كمان مكنتش باكل، روحت الجلسة، وأنا تعبانة جدًا على كل المستويات، جسديًا ونفسيًا وعقليًا، لما روحت النيابة تعرضت لحالة إغماء نتيجة انهياري الجسدي والنفسي، عرفت هناك إنهم كانوا مانعين أهلي والمحامين من زيارتي، وإن المحامين قدموا طلب زيارة واترفض، وأهلي كانوا بيجولي، وكان بيترفض دخولهم باستمرار. بعد رجوعي للسجن، كنت باخد أدوية نفسية، رفضتها ورفضت آخد الأكل، كنت في حالة نفسية سيئة للغاية، بدأت حياتي داخل السجن. اتمنعت من التريض زياراتي ما كانتش بتعدي 10 – 12 دقيقة، بيخرجوني بملاية فوقي عشان محدش ياخد باله مني، رفضوا استمارتي للكتب، وبعدين لما وافقوا كل ما اختار كتاب يرفضوا استعارتي ليه لأسباب أمنية“.3
أيضًا في حالة سارة حجازي تعرضت إلى تفتيش مهين فور وصولها إلى سجن القناطر، حيث قامت السجانة بإجبارها على خلع ملابسها بالكامل وملامسة جميع أجزاء جسدها بشكل مهين، رغبة منها في إهانتها والخط من شأنها. بعد ذلك تم إيداعها زنزانة انفرادية لعدة أيام، ممنوعة من أي شكل من أشكال التواصل مع العالم الخارجي، سواءً بالحديث أو القراءة أو ممارسة أي نشاط مثل التريض. ثم انتقلت إلى عنبر النساء حيث كانت هناك قواعد مشددة من رئيس المباحث بعدم الحديث معها إطلاقًا أو الرد عليها، وفي حالة تواصل السجينات معاها فسيتم معاقبة السجينة التي تحدثت إليها. وكانت ممنوعة من التريض وممنوعة من شراء منتجات من الكانتين، إلى جانب عدم تسليمها ملابس شتوية ثقيلة وتركها تشعر بالبرد، وقد أثبتت ذلك في تحقيقات النيابة إلا أن الإدارة تعنتت معها مرة أخرى برفض إدخال ملابس شتوية في الزيارة. أما الزيارة فكانت تتم في ظروف مشددة تتسم بالعزلة أيضًا، حيث تنتظر انتهاء جميع الزيارات أولاً ثم تتم الزيارة في حضور أمين شرطة معه دفتر وقلم يقوم بتسجيل جميع ما يقال ويطلب منهم التحدث بوضوح حتى يستطيع تسجيل الحوار كاملاً وتسليمه لضابط مباحث السجن. واستكمالاً لظروف الحبس السيئة التي مرت بها فقد كانت الزنزانة تفتقد لأبسط التجهيزات الآدمية واحترام الخصوصية، فكانت دورة المياه بلا أبواب ولا يوجد سوى ملائتين مربوطتين. وحين سمح لها بدخول نوتة وقلم أصبح لزامًا عليها أن تتم مراجعة كل ما تكتبه سواءً من قبل السجانة المسؤولة عن العنبر أو من إحدى زميلات العنبر (بالأمر). حاولت سارة التغلب على عزلتها المتعمدة بالرسم على جدار الزنزانة إلا أن إدارة السجن كانت تمحو الرسومات إمعانًا في الضغط عليها وزيادة عزلتها.4
أيضًا في حالة ح. أ الذي ألقي القبض عليه في 28 فبراير 2019 مع أ. أ، واحتجز في مكان غير معلوم لمدة أربعة أيام قبل المثول أمام نيابة أمن الدولة في 4 مارس 2019، والتي قررت حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق في اتهامات بمشاركته جماعة إرهابية، واستخدام حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك لارتكاب جريمة يعاقب عليها القانون طبقًا لقضية أمن الدولة رقم 1739 لسنة 2019، حيث تم اتهامهما بالانضمام لجماعة إرهابية، تم احتجاز ح. أ في مركز شرطة عابدين في الزنزانة المخصصة للنساء، حيث واجه التحرش والبلطجة من نزلاء وزوار القسم.
7 – 4 الكشوف الطبية غير الضرورية
تتعرض العابرات والعابرون جنسيًا إلى كشوف طيبة غير ضرورية على الإطلاق من أجل تكديرهن أو الحط من شأنهم. ففي حالة ملك الكشف، قالت:
“اترحلت على مستشفى بولاق العام، واتعملي تحليل حمل، بدون داعي لذلك بيولوجيًا، وذهبت لدكتور نسا للكشف على، وكتب في التقرير إنه غير قادر على تحديد هل أنا أنثى أم ذكر، وطلب تحويلي للطب الشرعي. ثم عدت مرة أخرى إلى المستشفى ودخلت أوضة مع دكتور، حيث قام بالكشف عليَّ، وجعلني أخلع ملابسي كاملة أمام أمين الشرطة، وقام بفحصي شرجيًا، كل ده وأنا مش فاهمة ليه بيحصلي كده لأني مش ممسوكة في قضية عاملين أو عاملات بالجنس التجاري، بالتالي لم أفهم ضرورة هذه الفحوصات سوى لتكديري وإهانتي على الأغلب“.
وأيضًا في حالة ح. أ المذكور أعلاه، حرمته السلطات من العلاج الهرموني خاصته، وأجبرته مصلحة السجون على الخضوع لفحص بدني كامل، وفحص أعضائه التناسلية دون أمر من النيابة العامة، رغم أن لديه شهادة طبية صادرة عن مستشفى عام تصف حالته التي تستلزم طبيًا علاج التحول الجنسي، وتفيد بعدم خضوعه لأي عمليات جراحية، من الناحية الطبية، كان الفحص غير ضروري ويشكل اعتداء جسديًا ونفسيًا.
حيث قال في شهادته: “أنا أول ما اتمسكت مكانش في حد فاهم أنا إيه، كانوا فاكرني راجل عادي، بس أول ما طلعوا البطاقة اتصدموا، وندهوا الضابط ادوله البطاقة والتقرير الطبي – كان معايا تقرير طبي من مستشفي الحسين وهي مستشفي حكومي أزهري بحالتي الصحية – ثم اصطحبوني إلى المباحث، وغموا عيني وكلبشوني للتحقيق معي. سألني عن اسمي الأول، قلتله: اللي في البطاقة ولا اللي بينادوني بيه، فشتمني، وقالي: اللي في البطاقة. سألني كنت قاعد عند – فلان بتعمل إيه؟ فشرحتله إني اتطردت من البيت بسبب حالتي الصحية، وقاعد عند صديق ليَّ في بيت أخته لحين ما آلاقي شغل وسكن. قالي: يعني مش بتعمل علاقة مع – فلان –؟ طبعًا قالها باللفظ الثاني، قلتله: حضرتك مفيش الكلام ده والوضع زي ما شرحته لحضرتك. بعد كده خرجني بره وقعدت في أوضة متغمي حوالي 3 ساعات أو أكثر وبعدين أخذوني للتحقيق تاني، وبعدين رجعوني الأوضة اللي كنت قاعد فيها، وشالوا القماش اللي على عيني وكلبشوني في الكرسي اللي أنا قاعد عليه، وفضلت على الحال ده 6 أيام، بيجبولي أكل الصبح ساندوتشات فول وطعمية وبالليل طاجن كشري، وكل يوم يدخل عليَّ أمين شرطة شكل، كل واحد فيهم بيقعد يسألني عن حالتي وأنا ليه شكلي كده وبطاقتي كده، وكنت بجاوب لأني عندي مبدأ اسألني وافهم بدل ما تتنمر عليَّ“.
وتابع في نص شهادته: “كل ما أسأل إحنا هنا في إيه ؟ يقولوا: هتعرف بعدين، أنتو هنا ضيوفنا. لحد ما عدى 6 أيام نزلونا “حجز الحريم“، والضابط نده على اللي ماسكة الأوضة تفتشنا تفتيش ذاتي، قلعتنا هدومنا كلها في الحمام وفتشتنا، عرفت منها بعدين إن الضابط وشوشها وقالها شوفيلي ده ولد ولا بنت. وأول ما دخلنا كانت العين ما بتنزلش من علينا ومستغربين شكلنا. كانت اللي بتفتش بس هي اللي شايفانا أثناء التفتيش، والتفتيش كان إني أقلع كل هدومي وهي تتفرج بس من غير ما تلمسني، وأول ما تقولي خلاص؛ ألبس هدومي تاني، واتحرّج عليهم إنهم يدونا تليفون أو نعمل مكالمة. بعدها بساعتين نزلت أخدونا ودونا نيابة أمن الدولة اللي في التجمع الخامس، لما دخلت لوكيل النيابة، قالي: انضمام لجماعة إرهابية وزعزعة أمن واستقرار الوطن ونشر منشورات كاذبة والدعوة للتظاهر على فيسبوك. قلتله: حضرتك ما حصلش كل ده، وأصلاً ما عنديش فيسبوك بقالي 4 سنين، وما فيش عندي وقت أتفرج عالتلفزيون أو أفتح فيسبوك أو كده، أنا بقالي 3 سنين مهتم بحالتي الصحية والإجراءات بتاعتها وبس. وسألني عن سبب وجودي في القاهرة قلتله: بنزل كل فترة أقعد مع صحابي، والمرة دي نازل بدور علي شغل وللمتابعة العلاجية.
واتفاجئنا بعد ما دخلنا عربية الترحيلات عشان نرجع على القسم إننا أخدنا 15 يوم على ذمة التحقيق. وبعدين بدأنا نختلط باللي في الحجز وكله سألني أنا إيه، ووضحت لهم وشرحت وفي كتير تقبلوا الموضوع إن ما كانش كلهم يعني. وبدأت كل ما حد جديد يدخل علينا يتفاجئ بإن في راجل في حجز الستات، وأوقات للعب بأعصاب اللي داخلين جديد يقولولي: خد استلم وانبسط. في اللحظة دي اللي داخلة بتبقي ميتة من الرعب وفاكرة إني ممكن أعمل حاجة على حسب ما هما صورلوها فوق، وكل ما الأمناء والضباط يحبوا يضايقوني يسألوني بالاسم اللي في البطاقة، وفي ضابط منهم سماني رضا عشان اسمي هو اسم أبوه، ومش شايف إنه يتشرف بإن اسمي يبقي على اسم أبوه. بعد ما تدخل الناس إلى الحجز يتشرحلها أنا إيه وتهدا، ومع الوقت بقيت أنا اللي ماسك الأوضة. مر عليَّ سيدات كثير، منهم اللي اتحرشت بيَّ وأنا نايم، واللي في الحجز معايا قفشوها وقلبت خناقة نزل فيها الضابط وعنفنا كلنا وفتش الأوضة على سبيل الرخامة، وكتير كان بيتم توجيه ألفاظ نابية وكلمات إباحية للسيدات في الحجز على اعتبار وجودي معهم كرجل“.
لم أتعرض لعنف جسدي في الحجز من ناحية الضرب، ولكن تعرضت لعنف نفسي من أمناء الشرطة، كان بيتقالي كلام وحش جدًا من أمناء الشرطة، وكل شوية كانوا بينزلوا يتجسسوا عليَّ يشوفوا أنا بعمل إيه مع البنات، أكثر كلمتين يا واد يا بت، وأنت بقي من تحت عندك إيه، وأخدوا قبل كده 3 بنات ضربوهم وعلقوهم عشان البنات تقولهم أنا بعمل إيه في الحجز مع البنات. وجت عليهم فترة منعوا فيها إن نور الأوضة يطفي عشان ينزلوا يتجسسوا علينا ويشوفونا بنعمل إيه. وفي مرة أمين شرطة وأنا خارج زيارة قالي: مبروك يا عريس وجعل واحدة صاحبتي كانت قريبة مني خارجة قالها مبروك يا عروسة وعلى الحال ده كل شوية. أي حد بيقرب مني بيتقاله كلام يحمل إيحاءات جنسية رهيب وبشع“.
هناك أيضا حالة أ. أ المذكورة أعلاه. بعد التحقيق معها تمت إعادتها لمحبسها بقسم عابدين ثم ترحيلها إلى سجن القناطر نساء، وبعد إلزامها بتغيير ملابسها إلى ملابس السجن البيضاء جعلوها ترتدي ملابسها العادية مرة أخرى وأعادوها إلى قسم عابدين. أمضت هناك ليلة واحدة وفي الصباح ذهبوا بها إلى مستشفى القصر العيني، حيث أدخلوها إلى طبيبة طلبت منها خلع ملابسها بالكامل وقامت بالكشف على منطقة الصدر لديها وكذلك منطقة الفرج والأعضاء التناسلية، ثم قاموا بعرضها على 3 أطباء رجال بقسم أمراض الذكورة والذين قاموا بذات الكشف عليها وهي عارية تمامًا من ملابسها بعد أن طلبوا منها النوم على أحد الأسرة بغرفة الكشف. بعد ذلك أخبروها أنهم سوف يعيدوها إلى مستشفى القصر العيني لإجراء الأشعة والسونار للكشف عن وجود أعضاء تناسلية ذكورية لديها بداخل جسدها من عدمه. علمت بعد ذلك أن هذه الإجراءات كانت بناءً على طلب من طبيبة سجن القناطر نساء قبل الموافقة على تسكينها بالسجن، وذلك كله بغير قرار من النيابة أو طلب من المتهمة مما يعد معه هذه الإجراءات انتهاكًا لحرمة جسدها. تم إثبات كل ذلك بجلسة نظر أمر تجديد حبسها، حيث قالت: “أنا مش عارفة هما بيعملوا معايا كده ليه. أنا بنت في البطاقة وشهادة الميلاد مكتوب فيهم أنثى“.
إجبار سلطة السجون لها على الخضوع لفحص بدني خارجي كامل، وفحص أعضائها التناسلية، نفذه أطباء في مستشفى عام، ضد إرادتها وبدون أي أسباب طبية، مما يشكل اعتداءً واضحًا على جسدها وعلى سلامتها النفسية.
بناءً على ما تعرضا له، أصدرت عدة منظمات محلية ودولية بيانًا حول الانتهاك الفج لمعايير حقوق الإنسان الذي يتعرض له أ. أوح. أ، حيث دعت المنظمات الحقوقية، مقررين الخواص بالأمم المتحدة وأعضاء البرلمان الأوروبي إلى التدخل العاجل والتواصل مع السلطات المصرية للإفراج الفوري عنهم. وكفالة معاملتهما وفق المعايير الدولية الضامنة لحقوقهما وخاصة حقهما في السلامة الجسدية وعدم التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، حيث اعتبرت المنظمات الموقعة على البيان أن تعرض أ. أوح. أ إلى فحوصات بدنية قسريًا هو انتهاك لحقهما في الخصوصية وانتهاك لكرامتهما الإنسانية، بالإضافة إلى أن هذه الفحوصات تعد تمييزًا ضد مجموعات الأقليات الجنسية في مصر وتعد شكلاً من أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية التي تصل حد التعذيب. وفي عام 2009، ذكر الفريق الأممي العامل المعني بالاحتجاز التعسفي أن الفحوصات الشرجية القسرية التي تجريها السلطات المصرية ليس لها أي قيمة طبية في تحديد ما إذا كان شخص ما قد مارس أيًا من الممارسات الجنسية المثلية، كما اعتبر هذه الفحوصات انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتتعارض مع حظر التعذيب بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب لعام 1984. كما أوصى تقرير لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب لعام 2002 بأن تتخذ مصر الخطوات اللازمة لإنهاء جميع أشكال المعاملة المهينة أثناء الفحوصات البدنية. وأوصت المفوضة السامية لحقوق الإنسان بحظر الإجراءات الطبية القسرية التي تفرضها بعض البلدان على الأشخاص العابرين جنسيًا، كما أوصت بضمان حقهم في الحصول على أوراق هوية تعكس هويتهم الجنسية التي اختاروها.5
7 – 5 الآثار النفسية المترتبة على الانتهاكات بحق النساء من الهويات الجنسية غير النمطية أثناء وبعد خروجهن من السجن
في السجن ليست الآثار الجسدية هي الأكثر تأثيرًا بالرغم من حدتها وقوتها نتيجة سوء أوضاع الاحتجاز، وإنما الآثار النفسية هي التي تترك بصمتها على المسجونين يشكل عميق للحد الذي قد يأخذ عشرات السنين من أعمارهم لتخطي تجربة السجن. تحكي الكاشف بأنها كانت محبوسة انفراديًا، ممنوعة من التريض زياراتها لا تتخطى العشر دقائق كل أسبوعين، فمعنى هذا أنها لم تر أو تحادث أي كائن حي إلا مدة 10 دقائق كل أسبوعين، تحكي ملك:
“في خلال هذه الفترة كنت بفضل في الزنزانة لوحدي تمامًا، بلا أي شيء يشتتني ده كان بيتطلب مجهود ضخم عشان متتجنش، قعدت أيام طويلة مبتكلمش خالص، وفي أيام تانية كنت بتكلم مع نفسي عشان محتاجة أسمع صوتي، في التجديد السادس وصلت لمرحلة الانهيار العصبي التي كنت أخشاها، انهرت عصبيًا وفضلت أصرخ وأرمي كل حاجة في الزنزانة وأهبد في الباب لحد ما معصم إيدي اتشرخ. وفي يوم آخر حاولت أنتحر فيه، كسرت ساعة أهلي كانوا جايبينهالي وعورت إيدي في محاولة مني لإنهاء حياتي وقتها رحت خيطت الجرح في مستشفى السجن.
تم إثبات محاولة انتحار ملك الكاشف أثناء وجودها بالسجن في النيابة وتم تحويلها إلى مستشفى لمعالجة الجروح الناتجة عن ذلك ولكن لم يتم احتجازها في مصحة أو مكان يراعي حالتها النفسية وتم رفض طلب إخلاء سبيلها.
“في الواقع، وللغرابة، أول ما خرجت من القسم حسيت إن كل حاجة بتبتدي دلوقتي. التماسك أو الصمود بدأ يروح عشان أشعر بكل الآثار النفسية دفعة واحدة، بعد 5 أيام من خروجي شربت مادة كاوية، ولمدة الـ 6 شهور اللاحقة بعد خروجي روحت مركز السموم 7 مرات انتحار. أنا كنت مريضة اكتئاب قبل دخولي السجن، كنت بتعالج وباخد أدوية، ولحد اللحظة الحالية الدكاترة بيزودولي الأدوية والجرعة وقوة المادة الفعالة، بالإضافة لذلك دخلت مصحة شهر يناير الماضي، كنت حاسة إني مش هقدر أحافظ على حياتي، الحل الوحيد اللي كنت شايفاه هو إني أقوم أرمي نفسي من الشباك. اضطراب بعد الصدمة في حالتي كان سيء جدًا وعنيف جدًا، في مرة من المرات أثناء تواجدي في المصحة، صحيت كانت كل حاجة بالأبيض، افتكرت نفسي في السجن وجاتلي بانيك أتاك عنيفة جدًا وانهيار، بالإضافة إلى إنه حصلي حالة من الوسواس القهري، طول الوقت ببعت لصحابي لوكيشن لمكاني وصور بطاقتي، أي صوت مفاجئ أي حركة بتخضني كل مرة بسمع صوت سيارة إسعاف فيفتكر إن هيتقبض عليَّ. لحد دلوقتي لسه بتعالج، روحت لـ 7 دكاترة على مدار سنة وكل شوية حد بيجرب أدوية في دماغك كتير بقعد بالشهور مش بنزل من بيتي لأني مش عارفة أتعامل مع العالم إزاي، لما بسمع صوت عربية الإسعاف بنهار عصبيًا، في حاجات مش عارفة أفتكرها، وحاجات مش عارفه أنساها وحاجات لسه حتى مش مستوعباها“.
عاشت سارة حجازي مع اضطراب ما بعد الصدمة الناتج عن تجربة السجن التي مرت بها والتي لم تستطع تجاوزها حتى انتحارها في 13 يونيو 2020، في مقابلة بحثية مع محامي سارة للحديث حول ما تعرضت له سارة في السجن وكيفية تأثيره على حالتها النفسية والذهنية والتي أدت في النهاية إلى انتحارها، قال:
“في البداية سارة كانت شايفة إنهم يومين وهيعدوا، بعد مرور أول 15 يوم كانت بدأت تشعر بالخوف واليأس، قعدت فترة بتحاول تتحلى بالأمل، لما روحتلها في أول زيارة بعد قرار تاني 15 يوم، بدأت ألاحظ عليها مراحل الصمت والانسحاب، بدأت تفقد وزنها بشكل كبير وبدأت تصل إلى حالة من اليأس إنها هتفضل قاعدة في السجن طول حياتها، بعد فترة ونتيجة حالة الصمت اللي إدارة السجن فرضاها على سارة، بدأت قدراتها اللغوية تتأثر، بدأت تتهته في الكلام ولما كنت بسألها كانت بتقولي: “معلش ما اتكلمتش بقالي كتير” وبدأ يحصل لها انفصال عن الواقع وبدأت تسرح كتير، أعتقد كانت بتهرب من حبستها في السجن للحرية في الخيال. في هذا الوقت كانت والدتها تمر بظرف صحي حيث كانت مصابة بالسرطان ولم تخبرها سارة بمرضها وإنما استمرت في علاجها بدون أن تخبرها إن ده علاج سرطان عشان حالة والدتها النفسية، بعد القضية حصل بينها وبين عائلتها ووالدتها تباعد كبير، الأمر اللي دمر نفسيتها تمامًا. في المذكرة قبل الاخيرة، قالت: أنتو عايزين تقتلوني، أنتو قتلوني خلاص. كل هذه الظروف أثرت على صحة سارة النفسية والذهنية بشدة وقد كانت سارة تعاني بالفعل من الاكتئاب قبل دخولها للسجن، وبالتالي ازدادت حالتها سوءًا في السجن، حيث بدأت في رؤية خيالات وهلاوس، مكنش ليها أصدقاء هناك خالص غير الكتابة والحيطة اللي بترسم عليها. بعدما خرجت سارة من السجن، لم تستطع تخطي هذه التجربة، لحد يوم وفاتها لسانها ما رجعش يتكلم طبيعي، فضلت تعاني من التأتأه والتهتهة، استمرت في التعرض لنوبات انفصال عن الواقع، بدأت تتعرض لنوبات هلع Panic Attacks حادة للغاية بدأت منذ دخولها إلى السجن وحتى وفاتها. دخلت مصحة في مصر قبل ما تسافر ودخلت مصحة بعد سفرها وكان يتم علاجها بالصدمات الكهربائية لتردي حالتها النفسية. في بداية سفرها لكندا توفت والدتها، وحملت سارة نفسها مسئولية ما حدث، واعتادت أن تقول لي لو مكنتش دخلت السجن، أمي ما كانتش هتعرف إنها مصابة بالسرطان، وما كانتش هتعرف عن هويتي الجنسية وما كانتش هتموت“.
تركت سارة رسالة أخيرة قبل انتحارها كتبت فيها: “إلى إخوتي: حاولت النجاة وفشلت، فسامحوني. إلى أصدقائي: التجربة قاسية وأنا أضعف من أن أقاومها، سامحوني. إلى العالم: لقد كنت قاسيًا إلى حد بعيد ولكني أسامح“.
وتوفيت سارة حجازي في تاريخ 13 يونيو 6.2020
1- من مقابلة بحثية مع محامي سارة حجازي حول ما تعرضت له سارة حجازي أثناء فترة احتجازها، فبراير 2021
2 – من مقابلة بحثية مع محامي سارة حجازي حول ما تعرضت له أثناء فترة احتجازها، فبراير 2021
3 – من مقابلة بحثية مع ملك الكاشف حول ظروف احتجازها، فبراير 2021.
4- من مقابلة بحثية مع محامي سارة حجازي حول ظروف احتجازها، فبراير 2021
5- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بيان بشأن الإفراج الفوري عن إيمان الحلو وحسام أحمد، 20 نوفمبر 2019، متاح عبر:
https://cihrs.org/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%86%D8%AF%D8%A7%D8%A1-%D8%B9%D8%A7%D8%AC%D9%84
6- من مقابلة بحثية مع محامي سارة حجازي للحديث حول الآثار النفسية التي تعرضت لها سارة بعد احتجازها وأثرها على انتحارها، فبراير 2021.
8 -1 من ناحية السياسات المطلوبة والتعديلات القانونية المطلوبة
1 – التزام مصر بقواعد الأمم المتحدة لمعاملة السجينات والتدابير غير الاحتجازية للمجرمات “قواعد بانكوك“.
2 – إدراج سياسات وتدريبات مختصة بكيفية التعامل مع وقائع العنف الجنسي في الأقسام والنيابات.
3 – إصدار قانون يحمي المعنفات والناجيات من حوادث العنف الجنسي والجسدي كأمر تقييد للمتهم.
8 – 2 فيما يتعلق بالنيابات
1 – وجود أماكن مخصصة في النيابات وملائمة لاستقبال شكاوى العنف الجنسي والتحقيق فيها.
2 – تدريب وكلاء وأعضاء النيابة على كيفية التعامل مع ضحايا العنف الجسدي والجنسي من النساء.
3 – ضمان خصوصية بيانات النساء سواءً كن ضحايا أو محتجزات.
4 – ضمان وجود النساء في النيابات، تمهيدًا لإدراج النساء في النيابات والقضاء بنسب متوازنة جندريًا وذلك لضمان عدم التمييز ضد النساء في قضايا العنف الجنسي واستخدام القضاة للحق في الرأفة لإصدار أحكام مخففة.
5 – مراعاة الاحتياجات الأساسية للنساء في النيابة مثل توفير حمام خاص بالنساء في النيابات العامة سواءً للمتهمات أو الضحايا أو المحاميات.
6 – الالتزام بمعايير التحقيق القانونية في التحقيق مع المهتمات وتجنب الأحكام الأخلاقية.
7 – الالتزام بالدستور المصري وعدم الاعتداد بالاعترافات المنتزعة تحت التحرش أو التهديد بالاغتصاب واعتباره تعذيبًا.
8 – فتح تحقيق منفصل في الشكاوى الخاصة بالتحرش والعنف ضد المحتجزات في أماكن الاحتجاز.
8 –3 فيما يتعلق بأقسام الشرطة
1 – وجود أماكن مخصصة في أقسام الشرطة وملائمة لاستقبال بلاغات العنف الجسدي والجنسي.
2 – تدريب لعناصر الشرطة حول كيفية التعامل مع بلاغات العنف الجنسي وكيفية التعامل مع ضحايا العنف أثناء التحقيق.
3 – وجوب وجود عناصر نسائية – موظفات – بصفة دائمة في أقسام الشرطة وذلك لعمليات التفتيش والإشراف على المحتجزات وحفاظًا على أمان النساء.
4 – تخصيص أماكن حجز للنساء تراعي المعايير الدولية من حيث مساحة الزنازين والتهوية الجيدة والإضاءة الجيدة وتكون متوازنة مع عدد السجينات في القسم.
5 – توفير حجز خاص بالنساء الحوامل أو الأمهات مع توفير رعاية صحية مناسبة لهن أثناء فترة تواجدهن في القسم.
6 – مراعاة خصوصية النساء في الأقسام من خلال توفير دورة مياه مغلقة وليست مكشوفة وذلك الحماية للسيدات من التحرش سواءً من السجينات أو السجانات أو أمناء الشرطة، بالإضافة إلى عدم اقتحام الزنازين قبل تنبيه النساء.
7 – توفير على الأقل طبيب واحد في القسم في حالة حدوث أي طوارئ مثل حالة ولادة أو نزيف.
8 – وجود آلية للحفاظ على أمان النساء من التحرش والاعتداءات الجنسية أو استغلال النفوذ والسلطة التي يقوم بها أمناء الشرطة أو النبطشية أو المحتجزات بوجود مراقبة مستمرة من إدارة السجن على السجينات والمشرفات أو المشرفين.
9 – وجود مكان مخصص للتفتيش في القسم بحيث يحافظ على خصوصية النساء.
10 – توفير مياه نظيفة في الأقسام وإتاحة الاستحمام للمحتجزات وفقًا لـ “قواعد نيلسون مانديلا” فيما يتعلق بالتعامل مع المحتجزين، بالإضافة إلى توفير مياه نظيفة مجانية للشرب.
11 – توفير فوط صحية بنفس سعرها الخارجي في كانتين القسم.
8 – 4 فيما يتعلق بالسجون
1 – الالتزام بقواعد الأمم المتحدة الدنيا للتعامل مع السجناء “قواعد نيلسون مانديلا” فيما يتعلق بأوضاع أماكن الاحتجاز من حيث مساحة الزنازين وتوفير مياه نظيفة للشرب والاستحمام ومراعاة نظافة السجناء والزنازين.
2 – إعادة هيكلة المنظومة الصحية في السجون من ناحية توافر أطباء متخصصين في كافة المجالات، بالإضافة إلى توفير المعدات والأدوية بكافة أشكالها لضمان مراعاة احتياجات النساء الصحية مع التأكيد على أهمية وجود طبيب/ة نفسية في السجن.
3 – توفير رعاية صحية خاصة للنساء من الأمهات والحوامل، بإشراف طبيب/ة نساء متخصصين إما في مستشفي السجن أو بالمتابعة مع مستشفيات الدولة.
4 – إيجاد سبل لتنظيم وحدوث الزيارات للنساء من ذويهن خاصة في أوضاع الكورونا وذلك لأن السجن غير مؤهل لمراعاة احتياجات النساء الصحية والجندرية والأساسية في الأكل والشرب وبالتالي أغلب النساء يعتمدن على ذويهم لتوفير أبسط الاحتياجات مثل الفوط الصحية.
5 – مراعاة الاحتياجات المتعلقة بالنوع الاجتماعي وتوفير الفوط الصحية باستمرار وبنفس أسعار بيعها أو مجانًا للسجينات واعتبارها سلعة أساسية وليست ترفيهية.
6 – إشراف إدارة السجن الدائم على السجانات وتعاملهن مع المحتجزات وتسجيل شكاوى الاعتداء الجنسي والتحقيق فيها.
7 – تطوير البنية التحتية في سجن القناطر، حيث تم تسجيل وجود حشرات وزواحف وثعابين به بسبب موقعه إلى جانب المياه بالإضافة لضعف هيكلية السجن وعدم اهتمام إدارة السجن بتحسينه، وهو الأمر الذي له بالغ الأثر على صحة المحتجزات في سجن القناطر.
8 – تحويل السجانات المذكورة في التقرير في سجن القناطر إلى التحقيق بسبب تحرشهن الدائم بالسجينات، والاعتداء الجسدي والجنسي عليهن، ووقفها عن العمل وعقابها وفقًا للقانون.
9 – وقف الحبس الانفرادي بكل أشكاله وأنواعه كوسيلة عقاب وتأديب للنساء وخاصة الحوامل والأمهات منهن.
8 – 5 فيما يتعلق بالتفتيش الذاتي
1 – الالتزام بقواعد الأمم المتحدة لمعاملة السجينات والتدابير غير الاحتجازية للمجرمات “قواعد بانكوك” فيما يتعلق بالتفتيش الذاتي للسجينات.
2 – أن يكون التفتيش الذاتي، إن كانت هناك ضرورة حقيقية له، في مكان مخصص لذلك ويحافظ على خصوصية السجينات، وأن يتم من خلال طبيب/ة السجن ومن خلال موظف من نفس جنس السجين.
3 – أن يراعي التفتيش الذاتي في هذه الحالة، حرمة الجسد، وألا يعرض المحتجز إلى الإذلال أو الحط من الكرامة الإنسانية، وأن يتم بشكل يراعي الصحة العامة.
4 – استخدام بدائل التفتيش الذاتي الحديثة كما أوصت “قواعد نيلسون مانديلا” و“قواعد بانكوك” من حيث تقنيات حديثة للكشف بالأشعة الحرارية أو تحت الحمراء أو المرور عبر بوابة إلكترونية كاشفة، خاصة وأن هذه البدائل متوفرة بسهولة.
5 – فتح تحقيق في الشكاوى المتعلقة بالتحرش أثناء التفتيش الذاتي، وخاصة فيما يتعلق بالسجانات في سجن القناطر والذي وثق هذا التقرير تحرشهن بالسجينات.
8 – 6 فيما يتعلق بالأمهات والنساء الحوامل
1 – الالتزام بـ “قواعد نيلسون مانديلا” فيما يتعلق بتوفير الرعاية الصحية للنساء والحوامل سواءً في أقسام الشرطة أو في السجون العمومية.
2 – الكشف الطبي والصحي المعمق على الأمهات والحوامل باستخدام أدوات طبية حديثة كالسونار وخلافه أثناء إدراجهن في نظام السجون.
3 – إعادة هيكلة عنابر الأمهات والحوامل في السجن، من ناحية المساحة ونظافة الزنازين والتهوية الجيدة.
4 – توفير المأكولات والمشروبات المغذية لصحة الأم والجنين والتعامل مع الأمهات والحوامل بقدر من اللين لظروفهن الصحية والنفسية الصعبة سواءً في الأقسام أو السجون.
5 – وجوب الكشف على الأمهات والحوامل باستمرار في مستشفيات تابعة للدولة نظرًا لضعف إمكانات مستشفيات السجون.
6 – الاحتفاظ بكشف طبي لكل الأمهات يوثق حالتهن الصحية وحالة الجنين أو الطفل مع الإجراءات الصحية التي تم اتخاذها.
8 – 7 فيما يتعلق بالكشوف الطبية وخاصة على النساء من ذوي الهويات الجنسية غير النمطية
1 – يوصي التقرير بأن تتم الكشوف الطبية بأمر من النيابة، وأن يقوم بها طبيب أو طبيبة مدربين، ومن موظفين من نفس جنس السجين/ة.
2 – لا يتم الكشف الطبي إلا في حالة وجوب ذلك، وأن يتم ذلك بشكل يراعي حرمة الجسد وحرمة النساء وخصوصيتهن، وألا يعرضهن للحط من شأنهن وكرامتهن الإنسانية، كأن يقفن عرايا تمامًا. وإنما ينبغي فحص جزء ثم تغطيته والانتقال إلى الجزء الآخر.
3 – إيقاف ممارسات الفحص الجنسي الشرجي، حيث إدخال أي آلة أو عضو في بدن شخص بدون موافقته بعد اغتصابًا وشكلاً من أشكال التعذيب، ويخالف احترام الكرامة الإنسانية.
4 – اعتبار الفحوصات الشرجية القسرية تعذيبًا وفقًا لتعقيبات الفريق الأممي العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في عام 2009 حول اعتبار هذه الفحوصات انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي الحقوق الإنسان، وتتعارض مع حظر التعذيب بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب لعام 1984.
5 – تخصيص أماكن احتجاز للعابرات والعابرين جنسيًا وذلك منعًا للتعدي عليهن أو تعرضهن لانتهاكات جنسية أو جسدية في السجون، بالإضافة إلى السماح لهن باستكمال علاجهن الهرموني والمتابعة الطبية والنفسية.
المفوضية المصرية تنشر أماكن تقديم الدعم القانوني والنفسي للنساء
يوليو 27, 2023
طلب الدعم القانوني والاستشارات القانونية:-
الدعم القانوني والمشورة الإجتماعية:-
1- مكتب شكاوى المرأة التابع للمجلس القومي للمرأة
الاتصال من الساعة 9 صباحًا إلى الساعة 9 مساءًا
تليفون : 15115
البريد الإلكتروني: [email protected]
الفاكس: 68-23490066 (02)
واتساب : 01007525600
2- يُمكن التواصل مع المجلس القومي للطفولة والأمومة حال العلم بتعريض أي طفل للخطر، من خلال خط نجدة الطفل على رقم الخط الساخن، وهو 16000. أو شكاوى المركز القومي للطفولة من خلال تطبيق الواتس آب على الرقم 01102121600.
3- أرقام شكاوى المرأة لوزارة الداخلية
01126977444 – 01125977333 – 01126977222
– حملة هُــن:- [email protected]
الدعم النفسي:-
1- منصة وزارة الصحة النفسية وعلاج الإدمان، تقدم الاستشارات والدعم النفسي
عبر الرابط التالي: https://nmhp.mohp.gov.eg/mental/web/ar
2- مستشفى العباسية للصحة النفسية، العيادات يوميًا من الساعة 9 صباحًا إلى 12 ظهرًا، يمكن التواصل عبر الرقم عبر الهاتف 22616255
العنوان 1 شارع صلاح سالم بجوار أرض المعارض – مدينة نصر – القاهرة,
3- مستشفى الدمرداش
مركز الطب النفسي، المواعيد من الأحد إلى الأربعاء من 9 صباحًا إلى 2 مساءًا والسبت والخميس والجمعة على مدار اليوم.
العنوان: محطة مترو الدمرداش، شارع رمسيس بجوار مسجد النور العباسية.
4- مستشفى مصر الجديدة للصحة النفسية “مستشفى المطار”
عيادات الصحة النفسية يوميًا من 9 صباحًا إلى 1:30 ظهرًا عدا الجمعة.
العنوان: طريق المطار – بجوار المجمع الإداري لمصر للطيران
5- طب نفسي القصر العيني
عيادات الطب النفسي، يوميًا من 8 صباحًا إلى 12 صباحًا/ الأحد من 8 صباحًا إلى 10صباحًا.
6- العيادات النفسية للهلال الأحمر:
فرع زينهم، الاثنين والأربع يمكن الإتصال على الرقم التالي: 223638068
7- مستشفى حلوان للصحة النفسية: في امتداد شارع منصور– بين العزبتين –حلوان
المحافظات:-
1- بنها: مستشفى بنها للصحة النفسية العنوان شارع كلية العلوم بجوار مركز تدريب مديرية الصحة بالقليوبية.
2- الشرقية: مستشفى العزازي للصحة النفسية في قرية كفر العزازي بمركز أبوحماد .
3- المنوفية: مستشفى شبين الكوم للصحة النفسية مجمع المستشفيات بقرية ميت خلف –شبين الكوم.
4- بني سويف: مستشفى بني سويف للصحة النفسية: كورنيش النيل– خلف مستشفى بني سويف العام
5- القليوبية: مستشفى الخانكة للصحة النفسية بالخانكة
6- بورسعيد: مستشفى بورسعيد للصحة النفسية – امتداد شارع 23 ديسمبر، متقاطع مع شارع قناة السويس– حي الزهور.
7- أسيوط: مستشفى أسيوط للصحة النفسية– 4 شارع الملك فيصل، بجوار مديرية الشئون الصحية والسكان.