الدعوة لتعدد الزوجات .. وضل الحيطة
تغطية:
الدعوة لتعدد الزوجات .. وضل الحيطة
مَن يهين مَن .. أم أن كل الأطراف مهانة دون أن تدرى؟
ماذا حدث لمصر وللمصريين؟ سؤال يواجهنا يوميًا على مدار ساعات يقظتنا ، وربما يتخفى بأشكال كابوسية في أحلامنا أيضًا، لأن التغيير الذي حدث كبير وتفاصيله كثيرة، ولن نقول أننا قادرون على رصدها بل نحن نعيشها في ظواهر كثيرة تضرب بمعول حاد ثقافة شعب عريق، وتجاوزت حدود المظهر إلى دعاوى تخطيط للحياة ومنها تلك الدعوة لتعدد الزوجات تحت زعم حل مشاكل العنوسة رغم أن الدعوة مهينة ليس للمرأة فحسب بل وللرجل أيضًا الذي يختزل في كونه “فحل جنس” يحتاج للتعدد لإشباع غرائزه أولاً، ثم لكونه قادرًا على إشباع المحرومات مع إيجاد شرعية دينية وسند فقهي لهذه الدعوة ، وهي التي لن نطرحها بل سنترك التجارب ترد على هذه المزاعم
انكسر قلبي
هالة “زوجة ثانية” شابة في الثلاثين جميلة, متعلمة، وتعمل, عن تجربتها قالت: “غلطة باتمنى الزمن يرجع وما أعملهاش, لأني حبيته صدقت إنه حزين، ومش متحقق في جوازه, وإنه فعلاً بيحبني، وعايز يتجوزني لإن علاقته بزوجته الأولى انتهت, كان عنده بنت واحدة وافقت، ورفضت اسمع من أي حد نصيحة أو رفض فرضت على الكل الموافقة.
بعد سنتين من الجواز لما عرفت إن مراته حامل حسيت إن قلبي انكسر كنت خلفت ابننا الأول وماكنش ممكن أسيبه, بقى عندنا دلوقتي ولدين وابتدت المشاكل، غيرة مجنونة منه، بيقارن طول الوقت بيني وبينها ما بتخرجش ما بتشتغلش بتلبس عبايات مدارياها, الولاد كبرو بنته كبرت وبقت محتاجاه زي ما بيقول, بقى بيقضي وقت كبير بعيد عني وعن الأولاد, وولادي كمان كبروا وبيسألوه: رايح فين يابابا ، ولما يقول لهم رايح الشغل يقولوا له انت بتكدب في حد بيبات في الشغل، الأولاد بيغيروا من بعض ابني الكبير بيقوله انت بتحب أخويا أكثر مني علشان بتبات جنبه لما بتروح هناك وأنا لأ، لما الأولاد جم يدخلوا المدرسة كان معايا فلوس لأني بشتغل ادخلهم مدارس لغات وأبوهم رفض لأن أولاده من زوجته الأولى في مدارس عادية، وقال لي دا هيفرق بين الأخوات، لقيت نفسي مع أنه عنده حق حاسة بالذنب، حاسة إني باختياري حرمت أولادي من فرص مهمة في الحياة، لما حملت للمرة التالتة وعرف غضب جدًا وقال لي مش هاقدر على خمس أولاد كان لازم اتصرف اجهضت الطفل وأنا مؤمنة إني كان لازم اعمل كده، لكن لو كنت زوجة وحيدة لجوزي بالتأكيد كنت قدرت اختار اختيارات تانية في الحياة، ندمانة بجد ندمانة مش قادرة أقول غير غلطة“.
الدعوة رجعية والوسيلة إلكترونية
على المواقع الإلكترونية انفتحت المساحة ليس فقط للتعارف ولكن للنشر والترويج
على مواقع تدعو للتعدد وتفتح مساحة لتعارف الرجال الراغبين بالزواج من زوجة ثانية ونساء يوافقن على هذا الزواج وترفع شعارات منها:
الزوجة الثانية أحسن من الصديقة, حل مشكلة العنوسة, نعم لتعدد الزوجات، وزوجة واحدة لا تكفي، نعم لتعدد الزوجات العادل ولا للمساس بالقرآن، بلغت العضوية في أحد هذه المواقع 1375 عضوًا, ومن أبرز مبررات دعوتهم للتعدد أن عدد النساء أكبر من عدد الرجال، السبب الثاني هو العنوسة: وحل مشكلة العنوسة وسببها في رأيهم مبني على السبب الأول، وهو زيادة عدد الإناث في مصر، ولم يلتفتوا إلى ارتفاع سن الزواج وفقًا لدراسة أعدها المجلس القومي للمرأة كشفت عن وجود كشفت عن وجود 9 ملايين شاب وفتاة في مصر بدون زواج منهم ٥.٥ مليون شاب و ٣,٥ مليون فتاة فوق سن الـ ٣٥ مما يعني أن هناك مشكلة اقتصادية واجتماعية وراء هذا التأخير، وأن تعدد الزوجات سيزيد من المشكلة ويعقدها.
الرجل والمرأة للجنس والإنجاب
السبب الثالث الذي ورد في إحدى تلك المدونات هو أن الرجل يكون مستعدًا لوظيفة النسل من البلوغ إلى نهاية العمر الطبيعي، وهو في المتوسط ثمانون سنة، قد تزيد قيلاً أو تنقص، وأن فترة الإخصاب عند المرأة تقف عند سن اليأس وتكون هذه السن عند بعضهن في الأربعين، وعند البعض الآخر في الخامسة والأربعين، والغالبية في الخمسين من العمر، ويكون الفارق هذا قرابة ثلاثين سنة بين فترتي الإخصاب عند الرجل والمرأة ومن الطبيعي أن يستفاد من هذا الفرق في الإخصاب لعمران الأرض بالتكاثر والتناسل ولا أملك هنا تعليقًا.
فهي إذًا في مجملها تتعامل مع الرجل كأداة للجنس لا يمكنه السيطرة على رغباته أو أداة لإنجاب عدد غير محدود من الأبناء للتباهي بهم، أما عن التعامل مع مصالح المجتمع وحقوق الأرامل واليتامى والمطلقات التي لن ينصلح حالهم إلا بالزواج من رجل متزوج, إنه استغلال شعار إصلاح المجتمع للدعوة للتعدد دون إيجاد حلول جذرية لمشاكل البطالة والحرمان من الحقوق الاقتصادية من تأمينات ومعاشات وخدمات يجب أن تكفلها الدولة لهذه الفئة، دون السعي لتغيير نظرة المجتمع للنساء المطلقات والأرامل باعتبارهن عارًا وفضيحة يجب سترها أو دفنها بعقد زواج ليستقر المجتمع ولو على حسابهن, إنه التعامل مع الرجال كظل لا كشريك.
بيت بلا أب
نعود هذه المرة ليس لتجربة زوجة ثانية؛ ولكن لتجربة الأبناء, في أحد التدريبات الخاصة بالعنف ضد المرأة كانت المشاركات وهن سيدات وفتيات في فصول محو الأمية في إحدى جمعيات دار السلام من بسطاء هذا الوطن يكتبن على أوراق ملونة أشكال العنف التي تعرضن له, كتبت فتاة في الرابعة عشرة من عمرها “الحرمان من حب في ظل انشغال الأب بزوجة أخرى” وكتبت أخرى “أن استيقظ صباحًا في بيت لا أب يدعى أنه مسافر للعمل ونعلم جميعًا أنه في بيت زوجة أخرى ولا يجرؤ أحد على مواجهته حتى لا يهجرنا“, وعن ظاهرة انتشار الترويج لفكرة تعدد الزوجات سواء على مواقع الإنترنت أو في القنوات الفضائية, علقت “كريمة كمال” الكاتبة والصحفية أن هذا الترويج مبني على إعطاء المجتمع لمعلومات مغلوطة حول إباحة الدين لهذا التعدد, والناس البسيطة لا تناقش النص هذا بجانب الترويج لكذبة أن عدد النساء أكبر من عدد الرجال، ولا حل العنوسة سوى تعدد الزوجات، وحتى النساء في المجتمع يفكرن في بناتهن وفي حقهن في الزواج بغض النظر أن يصبحن زوجة ثانية أو حتى ثالثة وتجاهل الظروف الإجتماعية والاقتصادية وراء ارتفاع سن الزواج يشير إلى أن المجتمع بيتلعب عليه لعبة، أن تعدد الزوجات لم يكن مطروحًا في أي مرحلة تاريخية كقاعدة في المجتمع المصري، إنها محاولة لتغيير المجتمع من منطلق أننا مجتمع متدين, والحقيقة أن ما يحدث هو السعي لتبني الثقافة الخليجية وهي سائدة في كل مظاهر الحياة، وهذا نوع من الإحلال والتبديل للثقافة المصرية التي كانت سائدة لوقت طويل، فمثلاً هل ناقش المجتمع المصري، أو كنا نتصور أنه سيناقش يومًا زواج المسيار, الآن تتم مناقشته بل وتنتصر له المؤسس الدينية، كذلك تعدد الزوجات، كما تم تغيير نمط الملبس ونمط الاستهلاك يتم الآن محاولة لتغيير نمط العلاقات في مصر.