لا مساومة
ثلاثون سنة سيداو
في سبتمبر القادم تحتفل نساء العالم بمرور ثلاثين سنة على صدور اتفاقية “السيداو” وللأسف ما زالت كثير من نساء العالم وخاصة في عالمنا العربي لا يعرفن ما هي اتفاقية “السيداو” ولذا فمن المهم أن يكون الاحتفال بالذكرى الثلاثين.. فرصة لتعريف أوسع قطاعات المجتمع – وليس النساء فقط – بمضمون الاتفاقية وأهميتها لجعل حقوق النساء واقعًا فعليًا.
جاءت الإتفاقية ۱۹۷۹ نتيجة لتنامي الحركة النسائية الدولية في الستينيات والسبعينيات .. وتطورت الاتفاقية نتيجة تنامى الحركة النسائية سواء دوليًا، أو وطنيًا، قد يستغرب البعض فكرة تطور الاتفاقية، فالإتفاقيات تولد كاملة معبرة عن موازين القوى لحظة صدورها، لكن النساء عملن على السيداو، عملن مع لجنة الخبيرات المسئولات عن مراقبة تنفيذ الدول لالتزاماتها بعد التصديق على الاتفاقية، وأبدعن في استكمال الجوانب التي لم تتضمنها مواد الاتفاقية من خلال التوسع في شرح الاتفاقية عبر آلية التوصيات العامة لتستجيب لاحتياجات النساء الفعلية ولتطور الوعي النسوى، ولعله لا توجد اتفاقية أخرى من اتفاقيات الأمم المتحدة أصدرت هذا الكم من التوصيات العامة التى أصبح لبعضها نفس قوة المواد الأصلية للاتفاقية، ولعل أشهرها هي التوصية العامة 19 سنة ۱۹۹۲، والتى أصبحت الدول بموجبها ملتزمة بأن تدرج في تقاريرها الدولية جهودها للتصدي للعنف ضد النساء.
إذا كانت “السيداو” هي اتفاقية حقوق المرأة فإن انطلقن منها للعمل على كل الآليات الدولية الأخرى لتعميق تلك الحقوق .. عملن من خلال المؤتمرات الدولية, ومن منا لا يذكر المؤتمر الدولى للسكان في القاهرة ١٩٩٤، أو المؤتمر الدولي الرابع للمرأة في بكين ١٩٩٥ ، والمؤتمران شهدا الإقرار بالحقوق الإنجابية للنساء والنقاش الواسع حول الحقوق الجنسية – واللتان لم يردا في إتفاقية “السيداو” ومن منا لا يذكر الإعلان العالمي للقضاء على العنف وتعيين مقررة خاصة للعنف ضد النساء, والذي لم يرد أيضًا في اتفاقية السيداو، ومن منا لا تذكر المحكمة الجنائية الدولية، واعتبار اغتصاب النساء في النزاعات المسلحة جريمة حرب, وهذا أيًا لم يكن اتفاقية “السيداو“.
الأمر المهم الذي يتبعي علينا تذكره، وتذكير أنفسنا به باستمرار هو أن سر حياة السيداو وتطورها هو الحركة النسائية ونضالها دون مساومة من أجل أن تصبح حقوق النساء بالفعل جزءًا أصيلاً من حقوق الإنسان, عبر السنوات الماضية دخلت نساء العالم في مرحلة جديدة من نضالهن من أجل تطوير اتفاقية السيداو, وأقصد الحملة الدولية من أجل التصديق على البروتوكول الاختياري للاتفاقية، والذي يمكن بموجبه أن تستخدم النساء الآليات الدولية إذا ما عجزت الآليات الوطنية عن إنصافهن والحصول على حقوقهن، وقد نجحت الحملة الدولية “حقوقنا ليست اختيارية” في دفع العديد من الدول على التصديق على البروتوكول الاختيارى.
وقد شاركت النساء العربيات في هذه الحملة الدولية وشنت عام ٢٠٠٦ حملتها الاقليمية “مساواة دون تحفظ” من أجل رفع تحفظات الحكومات العربية على اتفاقية “السيداو” بالإضافة إلى الضغط على الحكومات للتصديق على البروتوكول الاختياري، وقد نجحت الحملة عبر عامين في تحقيق نجاحات مهمة، فقد رفعت خمس دول عربية (مصر, الجزائر, الكويت, الأردن, المغرب) بعض من تحفظاتها على الاتفاقية، وصادقت تونس على البروتوكول الاختيارى، كما نجحت الحملة الإقليمية في الدفع باتجاه حملات على المستوى الوطني في عدد من البلدان العربية.
فلنجعل الاحتفال بمرور ثلاثين عامًا على “السيداو” في مصر فرصة للتأكيد على أننا مصرات على الحصول على جميع حقوقنا دون مساومة.
للمشاركة في الحملة الوطنية في مصر … رجاء زيارة موقع “المرأة الجديد“.