الإعلامية ” هالة فهمى“
قبل الثورة كانت فى الميدان مع الأطفال
راهنت على شباب الثورة رأيت عساكر الشرطة وهم يحرقون الأقسام ومازالت قادرة على خلق ثورة بالأطفال وكنت شاهد عيان على أنس الفقي
رفضت الاحتفال بالرحيل .. وطالبت بمحاكمة المسئولين عن دم الشهداء..
-
اختر ما بين الموت المهين والموت الحر“…
عبارة رددتها كثيراً للشباب لتحميهم في معركتهم، وكان لها مفعول السحر، فقد صمدوا حتى النهاية، كانت السند والدعم كلما سقط أحدهم شهيداً, إنها صاحبة المعارك ليس فقط ضد الفساد في وسطها، وإنما ضد كل من يحاول أن يسلبنا حريتنا وكرامتنا وإنسانيتنا على حد تعبيرها, إنها الإعلامية والمناضلة هالة فهمي … عشنا معها يومياتها فى ميدان التحرير وذكرياتها خلال السطور القادمة:
كانت البداية مع معركتها ضد الفساد داخل مبنى الإذاعة والتليفزيون الذي واجهته بـ “ماسبيرو” بالاعتصام في مارس عام ۲۰۰۹ احتجاجًا على استيلاء وزير الإعلام ومعه الشركة التى يملكها “عمرو فودة” والمجلس القومى للأمومة والطفولة وقيادات داخل ماسبيرو على منحة قدرها ٣٥٠ مليون يورو من الاتحاد الأوروبي، وكانت مخصصة لتدريب الإعلاميين وإعداد برامج هادفة.. وفى هذا الوقت وقفت “هالة” مطالبة بحق برامج الأطفال في المنحة, مدافعة عن زملائها أصحاب الحق في هذه الدورة التدريبية التي لم تتم.
وهو الاعتصام الذى أجبر وزير الإعلام السابق أنس الفقى على النزول للشارع أمام مبنى التليفزيون للتحاور مع المعتصمين، وتذكر “هالة” رسالتها إلى وزير الإعلام في رأس السنة: “الواقع المرير يطلعنا على أن مستقبل مصر العام القادم مرير ومزيد من الجحيم وتمنياتي لكم ولأحبابكم بالنجاة” وحدث ما توقعته.
شرارة الثورة
كانت “هالة” دائمًا تراهن على أن المواطن البسيط إذا تم تحليل دمه سنجده مليئًا بالعبقرية, وتري أن شعب مصر هو شعب خاص جداً، ولم یكن يعرف قيمة نفسه حتى جاءت الشرارة وأعاد الشعب اكتشاف نفسه خلال ثورة ٢٥ يناير. وعن البداية تقول “هالة” إنها لم تكن تتوقع هذا الحجم الذى شارك فى الميدان, وأكثر
” رسالتها إلى وزير الإعلام في رأس السنة “الواقع المرير يطلعنا على أن مستقبل مصر العام القادم مرير ومزيد من الجحيم وتمنياتي لكم ولأحبابكم بالنجاة”
ما أفرحها إنه “شباب بكر” وأغلبهم كان من الأطفال الذين سبق وشاركوها برامجها، وكانت تراهن عليهم مسبقًا، خاصة عندما كانت تنزل الشوارع لتصوير برامجها, من داخل عزب الصفيح لترى بعينها بوادر وشرارات سابقة للثورة ومؤكدة لقدومها، وأضافت “هالة” أن أجمل ما في هذه الثورة “العفوية” وعدم الاتفاق على أى خطوات مسبقة ولكن كل شيء كان بتلقائية، حتى استطاع الشعب اختراق كل الأنظمة وفاقت حدود الخيال وهو ما يؤكد تلقائية الرسالة التي كانت بمثابة الشفرة التى تخطت كل شفرات القوى المنظمة بالدول الأوروبية مثلاً .
وتصف “هالة” مجموعة الشباب داخل الميدان حيث الأعمال المختلفة “أطفال – شباب – نساء” من الغنى والفقير, المثقف والبسيط الكل كان سواسية بالميدان.
الدعم النفسي
ركَّزت “هالة” على الدعم النفسي للشباب في معركتهم منذ اليوم الأول خاصة عندما كان يسقط شهيدًا أمام أعينهم كانت تلك المهمة الأولى لها داخل الميدان, حيث تتولى الرعاية والشحن والدعم وتنظم الحلقات النقاشية التي كانت تقام على الرصيف ليلاً, خاصة في أيام المبيت المتتالية والتي كان ليلها أطول بحضور “القناصة” الذين كانوا يتصيدون الشباب بكل خسة ونذالة وغدر واحدًا تلو الآخر. وطالبت “هالة” كغيرها من أهل الميدان بالسلمية منذ اللحظات الأولى وحتى يوم “الأربعاء الدامي” وظهور البلطجية, رغم تحذيراتها المتتالية وتوقعاتها المستمرة بحدوث ذلك، ولم يكن أمام الموجودين إلا الدفاع عن ثورتهم حتى الشهادة.
معارك
وتتذكر “هالة” معارك الميدان بداية من (جمعة الغضب) والتي بدأت بمسيرة سلمية من مدينة نصر وجامع رابعة العدوية وقسم الأزبكية حتى ميدان التحرير والنزول للميدان بالملايين, ولم تضع من ذاكرتها صورة عساكر الشرطة وهم يحرقون القسم بأنفسهم وليس أفراد الشعب كما أدعوا وقتها, بالإضافة إلى (موقعة الجمل) يوم الأربعاء ٢ فبراير, وقد اتصل بها في الثانية والنصف فجرًا في هذا اليوم أحد زملائها بقطاع الهندسة بالتليفزيون ليبلغها بوصول أوامر عليا بتنظيم مسيرة مضادة تقول نعم للتغيير ولا للرحيل، وهو ما عرف بـ ” الثورة المضادة“، وكانت هذه المكالمة هي الدليل الأول على أن “أنس الفقى” أحد المشاركين والمحرضين لتلك الثورة وهذه المعركة. ورغم علمها بالواقعة لكنها لم تكن تتخيل بشاعتها، ولم يكن أمامها إلا أن تنقذ الأطفال والنساء وتدخلهم المساجد القريبة من الميدان، واستمر ذلك حتى الرابعة فجر اليوم الثانى واستمرت “هالة“
” المواطن البسيط إذا تم تحلیل دمه سنجده مليئًا بالعبقرية, وتري أن شعب مصر هو شعب خاص جدًا, ولم يكن يعرف قيمة نفسه حتى جاءت الشرارة وأعاد الشعب اكتشاف نفسه خلال ثورة ٢٥ يناير“
في تشجيعها للشباب لمواصلة الثورة والكفاح حتى جمعة الرحيل والتي كانت ضد الاحتفال فيها بالتنحي, وأصرت على عدم الانسحاب من الميدان، لأن الرحيل لم يكن هو الهدف فحسب وإنما محاكمة الفاسدين والقتلة.
ثورة أطفال
وعن الإعلام المصرى والذي بصم على عدم مصداقيته بنفسه على حد وصفها بمواقفه من أحداث الثورة، فقد رفضت “هالة الانتماء له باعتباره سلاحًا من أسلحة النظام لتضليل الشعب من القائمين عليه، فقد كانت تشعر بأنها “شايلة ذنب جريمة ارتكبها غيرها من العاملين بالإعلام“, ولذلك كانت “هالة” أول من شهد على أنس الفقى بأنه داعم للبلطجة وأقرت بذلك في برنامج “العاشرة مساء” أمام كل الشعب المصري، وكان هذا الاعتراف محركًا للأطفال والشباب والنساء وكان له قوة السحر، ولذلك فهى مازالت تراهن بقدرتها على تحريك ثورة جديدة بالأطفال وستكون أكثر تأثيرًا. موضحة أن السبب الرئيسي لوقف برامجها هو منع رسائلها التي أرادت توصيلها للأطفال حتى تم إتهامها بتحريضهم على الحديث في السياسة وأعتبر ذلك قضية أمن دولة. ورغم كل هذا ستواصل مسيرتها في كشف الفساد في أي مكان وضد أى شخص مهما كانت النتائج
تصاعدت نضالات النساء المصريات خلال السنوات الماضية بداية من عاملات الغزل والنسيج، والمناطق الشعبية حتى برزت مشاركتهن بقوة فى صنع أحداث ثورة ٢٥ يناير العظيمة، وبعد اتهامات طويلة للمرأة المصرية بأنها مغيبة عن العمل السياسي والعمل العام، الآن يعود لمصر وجهها المضيء وتعود للمرأة صورتها الحقيقية مع وجوه مشرفة كانت ضمن المشاركين في ثورة يناير ومازالت تناضل بقوة لأنها الأكثر تأثرًا بالفقر والظلم الاجتماعي، حيث تروى نساء مناضلات – شاركن بقوة في أحداث ثورة ٢٥ يناير – تجاربهن ومشاركتهن.