العامل المشاغب….. عطية الصيرف
عم“عطية” عامل مصري بسيط زي كل الشقيانين المكافحين في بلدنا. في عينيه ترى طيبة ورقة كل عشاق الحياة وصلابة المناضلين الذين لا يعرفون مهادنة أو انحناء…. عمره ما خاف من سلطان أو من حبس أو اعتقال أو فقر لكنه عرف أن من حقه أن يقهر هذا الفقر والنظام المستغل الذي ينتجه ويسببه.
-
ولد بحي“كفر البرابرة” بمدينة ميت غمر في عشرينيات القرن العشرين.
-
أبوه الأوسطي“علي الصيرفي” الطباخ لدى الأثرياء ، وأمه الأوسطي“هانم” الخياطة المشهورة في ميت غمر.
-
مات الأب وترك عطية طفلاً لم يتجاوز سنواته الثلاث ، فربته الأم المكافحة فنفخت فيه من روحها وعزمها وصبرها.
-
بعد المرور على التعلم في الكتاتيب ، دفعت به الأم لسوق العمل في الورش حتى يكتسب حرفة تقيه الحاجة.
-
عمل صبى في ورش النحاس وورش الحدادة في ميت غمر ، لكن الأم لم تتحمل ذلك علي الصبي فدفعت به إلى التعليم في المدرسة الأولية ، وحماها ذكاء الطفل ومثابرته على التعليم من قسوة توفير مصاريف المدرسة ، التي دفعتها إلى نقله من المدرسة إلى“جمعية تحفيظ القرآن” ليحفظ القرآن ويكمل تعليمه، لكن بدون مصاريف.
-
يتفوق الصبي في حفظ القرآن ويحوز المركز الأول على بلده. وفي حقل تكريمه يحصل علي علقه ساخنة لأنه تجرأ وجلس على كرسى شيخ المعهد.
-
انتقل إلى المعهد الديني بالزقازيق ليكمل تعليمه ، إلا أن الفقر والتمرد حالا دون ذلك ، فترك المعهد بعد السنة الأولى.
-
عرف فضل أمه فكان لا يغضب عند سماعه من يصفه بأنه“ابن مرة” بل كان دائماً فخوراً بأمه.
-
التحق بالعمل في شركة مصر المحلة للغزل والنسيج كصبي عامل ، والتقي بالصحبة العمالية وعرف الوعي والارتباط بالعمال.
-
هرب من غارات طيارات الألمان على المحلة في الحرب العالمية الثانية ، لكنه التحق مع قريب له بالعمل في معسكرات الجيش الإنجليزي في التل الكبير ، وكان يفرح عندما يسمع عن السطو عليها تحت شعار“هذه أموالنا ردت إلينا“.
-
التحق بالعمل“كمساري” بشركة اتحاد الأتوبيس بزفتى وميت غمر بأجر قدره 13.5 قرش في اليوم سنة ١٩٤٣.
-
أقر بشكوى لم يقدمها، حتى لا يضعف موقف زملائه العمال فالتفوا حوله وأكبروا فيه ذلك ، وعرفوا خلال ذلك موهبته في الكتابة وأصبح“عرضحالجي” العمال. وكان لابد لكاتب شكاوى العمال من المعرفة فقرأ قانون النقابات العمالية وقانون العمل والقرارات الوزارية الخاصة بعلاقات العمل وغيرها حتى أصبح مثقفًا عمالياً.
-
انتقلت أخباره النضالية بين عمال النقل فأصبح أصغر عضو بمجلس إدارة“نقابة عمال النقل المشترك” ، قبل أن يكمل ٢١ سنة في مايو ١٩٤٥. وشارك في تأسيس الاتحاد العام لعمال النقل المشترك الذي كان في نهاية الأربعينيات أقوي تنظيم نقابي في مصر.
-
تعددت معاركه النقابية حتى أطلق عليه مفتشي مكتب العمل بمديرية طنطا“النقابي الأحمر” ، ولم يكن يعرف معناها حتى شرحه له مفتش مكتب العمل ذات مرة فعرف أنها تعنى أنه نقابي شيوعي يؤمن بحق العمال في الحصول علي حقوقهم ومحاربة استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.
تزوج زواجاً متعسراً ، حيث جمع الزواج بين فقير وفقيرة في منزل فقير ولكنه جمع أحلام كبيره لتغيير العالم إلى عالم يسوده العدل والمساواة.
-
عرف طريقه للسجون والمعتقلات في كل العهود ابتداء من عهد الملك فاروق ، والرئيس عبد الناصرن والرئيس السادات ، والرئيس مبارك، ثمنًا لدفاعه عن حقوق العمال وتمسكه بعقيدته وقناعاته، واستمر بالكفاح العمالي والنقابي ، لكنه لم يستطع العودة إلى عمله مرة أخرى بعد خروجه من المعتقل في ظل حكم“عبد الناصر” وحتى وفاته.
-
من المحطات الهامة في سيرة عم عطية أنه قد رشح نفسه لمجلس الشعب عن مدينة“ميت غمر عام ۱۹۹۰ وحصل على ٤٥ ألف صوت ولكن لم 11 يدخل مجلس الشعب بسبب التزوير ضده.
إنها حقًا حياة مكافح صلب من أجل حياة أفضل للعمال ولجميع المواطنين ، ومن أجل مستقبل أفضل للوطن إن حياة“عطية الصيرفى” تستحق أن تكون سيرة تكتب وتقرأ وتتناقل للأجيال ، إنها بحق وكما يحب عم“عطية” أن يطلق عليها“سيرة عامل مشاغب“