تصوير المرأة في كتابة جامايكا في الفترة ما بين عامي 1900 – 1950
عرض:
تصوير المرأة في كتابة جامايكا
في الفترة ما بين عامي 1900 – 1950
لقد اهتمت النسويات في جزر الكاريبي بكيفية فهم المرأة الهندية الغربية في كتابات الهند الغربية، ومن هنا تتم إعادة تقييم الكتابات الذكورية في جزر الكاريبي المتحدثة بالإنجليزية من وجهة نظر الجدل المثار في الأوساط النسوية فقد تم إخضاع الكتاب لتحليلات نسوية كما تم إجراء أبحاث تاريخية واسعة النطاق على الأدب.
في أوائل القرن العشرين، تمتعت المرأة في جامايكا بقدر كبير من الاستقلال، فقد كانت مستقلة اقتصادياً وجنسياً على العكس تماماً من المرأة في إنجلترا في الفترة اللاحقة للعصر الفيكتوري. وترجع أصول نمط الحياة المستقل للمرأة إلى الأنماط الاجتماعية التي نشأت في فترة العبودية. فكما يزعم النسويون في جزر الكاريبي، تعمد ملاك العبيد في جزر الهند الغربية إهمال الدور التقليدي الثانوي للمرأة في القطاع الإنتاجي، ولهذا فقد دفعوا المرأة للعمل بنفس قوة الرجل وعاقبوها بنفس الشدة ولم يشجعوا العلاقات المستقرة بين الجنسين في المزارع، كما لم يشجعوا الإماء على إنجاب الأطفال. وقد خدم موقف ملاك العبيد تجاه الحياة الأسرية مصالحهم الخاصة حيث لم تكتف النساء بإظهار قدرة أكبر من الرجال على تحمل ظروف العمل الشاقة، بل وسهل كون العبيد غير متزوجين من عمليات بيع أفراد العبيد أو نقلهم بدون صعوبات. وبالإضافة إلى ذلك، وفر ملاك العبيد عن طريق عدم تشجيع الإماء على إنجاب الأطفال على أنفسهم الخسارة التي قد تنتج عن خفض فاعلية النساء في ميدان العمل وتكاليف الإنفاق على إطعام وكساء العبد الطفل حتى يكبر ويصبح صالحاً للعمل.
وبعد عام ۱۸۳۸ وبالرغم من أن تحرير العبيد قد شجع النساء على الزواج وإنجاب الأطفال، إلا أن النمط الاجتماعي الذي نشأ في ظل العبودية قد ظل سائداً، حيث بقيت النساء المتزوجات وغير المتزوجات مستقلات مادياً عن الرجال. ومع نهاية القرن ظهر نمط حياة أنثوية معينة بين الجيل الثاني من النساء السود الأحرار، فقد اكتسبت المرأة قدرة على التكيف والعمل المنزلي غير المستقر، مما أكد على قوتها واستقلالها، فقد عاشت مستقلة داخل الجماعة أو على رأس العائلة الممتدة التي لم يعتبر وجود عائل دائم من الذكور لها ضرورياً.
أيتها النساء … كاسرات الأحجار
أيتها المطارق والصخور … صانعات الأطفال المتعبات
فساتين عشوائية
فخذ قوى.. رأس صلبة
تنحني قريبًا من … أكوام صلبة بيضاء من الأحجار
تحت سماء ساخنة … في قاع المجرى
لا إبتسامة.. لا تنهيدة.. لا تأوهات
أيتها النساء حاملات الأطفال … أيتها الفساتين الحوامل
أيتها العاملات بتصميم … يامن تشكلن القدر
يامن تصنعن التاريخ … أيتها المطارق والصخور
وقد دعمت هجرة أعداد كبيرة من الرجال من جامايكا إلى الخارج كعمال ما بين عامي ۱۸۸۱ – ۱۹۲۱ هذا النمط من حياة النساء فقد أصبحت المرأة هي العائل الوحيد للأسرة وغالباً ما حل مكان هؤلاء الرجال الذين عملوا بالخارج رجال آخرون في عواطف نسائهم، وقد احتفظت هذه الظروف للمرأة بدرجة من الاستقلال المادي والجنسي، خاصة وأن معظم نساء الطبقة العاملة كن يعملن لحساب أنفسهن أو في المنازل ولهذا – وعلى عكس الرجال – لم يتأثرن بإنخفاض أجور العمالة في جامايكا.
وتصوير المرأة في جامايكا في كتابات الذكور من نفس المنطقة متناقض يجمع بين ضدين ودائم التغير خلال فترة ما بعد التحرير وفترة ما قبل الاستقلال ( ۱۹۰۰ – 1950). أما بالنسبة للثقافة السائدة فإن صفات ونمط حياة امرأة الطبقة العاملة تمثل تناقضاً، فكل الكتابات في جامايكا في الفترة ما قبل عام ۱۹۲۰ تقريباً كانت تركز بشدة على وضع المرأة، فقد أراد الكتاب تبرير وضع المرأة تبريراً منطقياً بطريقة مقبولة من الثقافة السائدة، أي ثقافة الطبقة المتوسطة المتعلمة من الملونين الذين تشبعوا بقيم الوطن الأم البريطاني.
ولكن كيف أمكن للمجتمع في جامايكا إخضاع وضع امرأة الطبقة العاملة لحكم العقل وهي التي يتم التفكير فيها على أنها متفوقة في العمل بدرجة غير معتادة ومتحررة جنسياً بدون تمييز في نفس الوقت؟ كيف يمكن لهذه السمات أن تجد مكاناً أو تصبح مقبولة في ثقافة سائدة نتجت عن الاستعمار البريطاني وإزالة الهوية، تقدس المثل الفيكتورية للعفة والحياة الأسرية والدور البرجوازي للمرأة كزوجة وأم بالإضافة إلى انفصالها عن القطاع الإنتاجي للاقتصاد، وربطها عن طريق الضرورة الاقتصادية بالاعتماد على رجل واحد والإخلاص له، فضلاً عن شغلها دوراً ثانوياً داخل الأسرة الصغيرة؟
رانيا عبد الرحمن. مدرسة مساعدة بقسم اللغة الإنجليزية – جامعة القاهرة. باحثة بملتقى المرأة والذاكرة.