حالة الأنظمة الضريبية مصر – تونس

رقم الطبعة:

اﻷولى

حالة الأنظمة الضريبية

مصر تونس

ورقة مصر : اعداد هبة خليل، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية

ورقة تونس اعداد: د. عبد الجليل البدوي، المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية

شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية،

بيروت – لبنان

www.annd.org

الطبعة الأولى

(آب / أغسطس 2014)

تأتي هذه الورقة كجزء من سلسلة أوراق تنشرها الشبكة في اطار عملها لرصد السياسات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية. يصب هذا العمل في اطار أهداف الشبكة الرامية الى تعزيز التحليل والبحث حول السياسات العامة في المنطقة إضافة الى دعم عملية بناء دور قوي للمجتمع المدني في تكوين وجهات نظر بديلة حيال صنع السياسات العامة في المنطقة، خاصة الاقتصادية والاجتماعية منها، حيث تكون متجذرة في الأولويات والحاجات الوطنية.

يمكن الاقتباس والاستشهاد من هذه المنشورة، كما يمكن إعادة إنتاج المعلومات التي تحتويها مع الإشارة إلى شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية مصدرًا للعمل. يتم نشر هذه المطبوعة في اطار الشراكة القائمة بين شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية وبين منظمة كريستيين ايد، غير أن مضمون هذه المنشورة يعبر عن وجهة نظر المؤلفين فقط.

ملخص تنفيذي

المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية يونيو 2014

نتوجه بجزيل الشكر للمنظمات الحقوقية والتنموية المصرية والنقابة المستقلة لضرائب المبيعات ومحصلي ضرائب المبيعات وضرائب الدخل، والشركاء الاقليميين والدوليين على تعليقاتهم التي أثرت هذه الدراسة، وساهمت في خروجها بشكلها الحالي.

يعاني النظام الضريبي من انفصال مزمن بين آمال المواطنين في المساواة والعدالة الاجتماعية من ناحية، وبين الخطط الاقتصادية ولا سيما هيكلة النظام الضريبي من قبل الحكومات المتعاقبة من ناحية أخرى. فالحكومات المتعاقبة جعلت أولويتها الأولى والأخيرة في سد عجز الموازنة العامة، وهو ما ترتب عليه التعامل مع الموازنة العامة للدولة کمستندات حكومية، لا تخص المواطن، وإيلاء الأهمية في إعدادها للتأكيد أن العجز الكلي في الموازنة لا يتسع، أو أنه يتسع بشكل محدود. وهكذا، أضحى النظام الضريبي وسيلة الحكومة من أجل زيادة الموارد، وهي الوسيلة التي أساءت الحكومة استخدامها، فاضطرت إلى اللجوء للاقتراض الخارجي، فلجأت حكومات ببلاوي – محلب” (يوليو 2013 إلى نهاية مايو 2014) إلى الاعتماد على القروض والمنح من دول الخليج العربي، التي وصلت في مجملها إلى نحو 20 مليار دولار (نحو 140 مليار جنيه مصري) وهو ما يمثل نحو 30 % من إجمالي الموارد في الموازنة المعتمدة للعام نفسه 2013 / 2014.

في ظل هذه الخلفية، تناقش الورقة الدور الاجتماعي الذي من شأن النظام الضريبي أن يلعبه، من أجل إعادة توزيع العبء الضريبي من ناحية، وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق وإعادة توزيع الثروة من جانب آخر. ومن هنا تبدأ الورقة بطرح أهم ملامح النظام الضريبي المصري، وأهم الضرائب المفروضة وأسعار الضرائب. بعدها تناقش الورقة باقتضاب تفاعل المواطنين والتزامهم بالضريبة، من خلال التأكيد على نمو الوعي بأنه لا ضرائب بلا تمثيل“.

و لا ضرائب بلا خدمات اجتماعية“. كما ترصد الورقة حال النظام الضريبي المصري، وأنواع الضرائب ونسب مساهمتها في الموارد العامة. كما تتطرق الورقة أيضًا إلى السياسة الاقتصادية والسياسات المالية، محللة بعض أهداف الخطط الاقتصادية للحكومات السابقة، ومقدمة رؤية نقدية لـــ الإصلاحاتالتي طرأت على النظام الضريبي، ومدى كفاءتها من ناحية، ومدى استجابتها لنداءات العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة بشكل عادل، من ناحية أخرى. أخيراً، تتطرق الورقة إلى أهم إشكاليات النظام الضريبي، عارضة أهم البدائل التي لا تزال غائبة عن الخطط الحكومية والسياسات المالية.

يعد النظام الضريبي من أهم محددات العدالة أو الظلم الاجتماعي والاقتصادي في أي دولة. فالإيرادات الضريبية تمثل النسبة الأكبر من إيرادات دولة، كما تمثل نسبة مرتفعة من الناتج المحلي الإجمالي. بالإضافة إلى ذلك، تمثل الإيرادات الضريبية الجزء الأكبر من خزانة الدولة والذي يموله المواطنون، وهكذا فهو يمثل العلاقة بين المواطن والدولة، والتي يستطيع المواطن من خلالها محاسبة حكومته، وسؤالها عن كيفية إنفاق أمواله. لذا فالعدالة الضريبية هي أساس تحقيق العدالة الاجتماعية ووسيلة إعادة هيكلة الموازنة العامة، بما في ذلك إعادة ترتيب أولويات الإنفاق وإعادة النظر في سبل تمويل الخزانة العامة للدولة. ولهذا، فإن للنظام الضريبي دوراً محورياً في الموازنة العامة للدولة، لما يمثله من نسبة كبيرة من مصروفات المواطنين ونسبة أكبر من إيرادات خزانة الدولة كما أن النظام الضريبي من شأنه تحقيق العدالة الاجتماعية أو الإخلال بها، وذلك من خلال طرق عديدة. فمن خلال النظام الضريبي يستطيع صانع السياسة العامة تحديد من يتحمل الكلفة الضريبية الأكبر، ومن يستحق الإعفاء من الضريبة، كما يحدد حجم الإيرادات التي تهدف الدولة إلى جمعها، وأي التعاملات تخضع للضرائب. وكل القرارات التي تؤثر في حياة المواطنين، وفي قدرة الدولة على تمويل خزانتها، وفي توافر الإيرادات لدى الخزانة العامة من أجل الإنفاق على الخدمات الأساسية. كما أن النظام الضريبي من شأنه أن يلعب دوراً هاماً في تشجيع الصناعات والاستثمار، كما يمكن أن يلعب دوراً في تحقيق النمو الاقتصادي، والأهم من ذلك أن السياسة الضريبية من شأنها أن توفر موارد وظروفاً تحقق التنمية والعدالة الاجتماعية.

إدراك أهمية الدور الذي يلعبه النظام الضريبي يستوجب تحديد سياسة ضريبية استراتيجية: خطة واضحة لها أهداف محددة وتجيب عن أسئلة اقتصادية واجتماعية هامة. فمن المهم لأي سياسة ضريبية أن تحدد من الذي سيتحمل عبء دفع الضرائب؟ الأفراد أم الشركات أم الاثنين؟ المواطنون أم الأجانب أم الاثنين؟ وما هي التعاملات التي ستستلزم دفع الضريبة؟ هل ستفرض الضريبة على دخل الأفراد فقط أم على الاستهلاك أم على صافي الأرباح؟ ما هي المعاملات التي ستخضع للضريبة ؟ وكيف ستحدد فئة الضريبة؟ وهل ستكون نسبة الضريبة المستحقة واحدة على كافة مستويات الدخول والأرباح؟ ومن يستحق الإعفاء الضريبي: الفقراء أم المستثمرون الأكبر أم الاثنان؟ وما الهدف من السياسة الضريبية في الأعوام القادمة؟ وأخيرًا وليس آخرًا، يجب أن تجيب السياسة الضريبية عن كيفية زيادة الإيرادات الضريبية، وكيفية الاستفادة من هذه الزيادة لتحقيق العدالة الاجتماعية ولزيادة مخصصات القطاعات الأكثر حاجة للتمويل كالصحة والتعليم والإسكان.

أهم ملامح النظام الضريبي في مصر

تطور النظام الضريبي في مصر، ومر بعدة مراحل منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وصولاً إلى تعديلات مستمرة أدخل بعضها مجلس الشورى المنحل في مصر في النصف الأول من 2013، وتعمل وزارة المالية حالياً على تعديل النظام الضريبي، خاصة في ما يتعلق بالانتقال لضريبة القيمة المضافة بدلاً من الضريبة العامة على المبيعات.

يمكن تقسيم النظام الضريبي في أي دولة بطرق عدة، مثلاً أن نقسم الضرائب حسب الطبيعة الاقتصادية لوعاء الضريبة، فنميز مثلاً بين الضرائب على رؤس الأموال والضرائب على الدخل وضرائب الاستهلاك، ويمكننا أيضًا أن نقسم الضرائب إلى نوعين: ضرائب مباشرة وغير مباشرة، والمقصود هنا بالضرائب المباشرة هي التي تستقر على المكلف ولا يستطيع نقل عبئها إلى آخرين، ومنها : الضريبة على دخل الأفراد والضريبة على دخل الأرباح والضريبة على المبيعات العقارية.

أما الضرائب غير المباشرة فهي الضريبة التي يدفعها مكلف ثم يتم نقل عبئها إلى شخص آخر، كالمستهلكك الأخير لسلعة مثلاً، وتفرض على واقعة معينة من دون إمكانية تحديد المكلف، ومنها: الضرائب الجمركية وضرائب الاستهلاك.

وفي ما يأتي، سنقسم النظام الضريبي المصري للنوعين السابق ذكرهما: الضرائب المباشرة، والضرائب غير المباشرة، مع مناقشة أهم الضرائب التي تقع تحت كل مجموعة. والجدير بالذكر، أن النظام الضريبي المصري قد تطور للاعتماد على الضريبة الموحدة، فيعتمد على تجميع الدخول الصافية للمكلف من كافة المصادر في وعاء واحد ثم فرض الضريبة على مجموع هذه الدخول من دون تمييز بين طبيعة أو مصدر هذه الدخول، واتباع إجراءات موحدة في التحقق والتحصيل، وذلك بعد استبعاد مبالغ معينة لمراعاة الظروف الشخصية للمكلف.

تعد الضريبة العامة على الدخول والأرباح، والتي ينظمها القانون 91 لسنة 2005، من أهم مصادر الإيرادات الضريبية في مصر. والجدير بالذكر أن تلك الضريبة تشمل العديد من الضرائب وتفرض على الدخل المتجدد الناتج عن هذه المصادر:

المرتبات والأجور عن التوظف: وتفرض على المرتبات وما في حكمها (دون المعاشات) التي تدفعها الحكومة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة إلى كل شخص مقيم أو غير مقيم في مصر. كما تسرى على المرتبات وما في حكمها (دون المعاشات) التي تدفعها الجهات الأخرى من شركات ومنشآت وجمعيات وهيئات خاصة وأفراد إلى أي شخص مقيم في مصر أو في الخارج ولكن عن خدمات أديت لمصر.

وفقًا للتعديلات الأخيرة لقانون 91 لسنة 2005، والتي صادق عليها مجلس الشورى في مايو 2013، تحتسب ضريبة الدخل عن الأجور والمرتبات بشكل تصاعدي كالآتي:

الشريحة الأولى من 0 إلى 5000 جنيه سنوياً معفاة من الضريبة.

الشريحة الثانية من 5000 جنيه إلى 30 ألف جنيه سنوياً (10%).

الشريحة الثالثة من 30 ألف جنيه إلى 45 ألف سنوياً (15%).

الشريحة الرابعة: من 45 ألف جنيه إلى 250 ألف جنيه سنوياً (20%).

الشريحة الخامسة: أكثر من 250 ألف جنيه سنوياً (25%).

كما جاء آخر تعديل لقانون الضريبة على الدخل (يونيو 2014) مضيفاً ضريبة مؤقتة نسبتها 5 % على صافي الدخول التي تزيد على مليون جنيه، سواء كانت صافي دخول شركات الأموال أو صافي دخول الأشخاص. (1) وعلى الرغم من أن هذه الضريبة ما هي إلا ضريبة استثنائية، وسيتم فرضها لمدة ثلاثة أعوام فقط، كما أنه يجوز للممول أن يستغل حصيلة هذه الضريبة لتنفيذ أحد مشروعات الحكومة، إلا أنها تظل محاولة لزيادة الايرادات الضريبية من دون المساس بالفئات متوسطة ومحدودة الدخل. وعلى الرغم من ذلك، نأمل أن يكون قانون الضريبة الاستثنائية على الدخل خطوة أولى في اتجاه زيادة تصاعدية ضريبة الدخل، سواء على الأشخاص أو الشركات، من أجل تحميل الفئات الأكثر دخلاً عبئاً يتناسب وثرواتهم.

والجدير بالذكر أن الإعفاء الشخصي من الضريبة قد تمت زيادته من أربعة آلاف جنيه مصري سنوياً، إلى سبعة آلاف جنيه. وعلى الرغم من أهمية إعفاء الدخل المنخفض، بالإضافة إلى أهمية زيادة الإعفاء الشخصي، إلا أن هناك احتياجاً إلى آلية لتحديد نسبة الإعفاء، ولتوسيع الشريحة الأولى من الدخل المعفاة، وذلك لضمان عدم تحميل محدودي الدخل العبء الضريبي، وللتأكيد على تناسب الضريبة المفروضة ومعدلات التضخم وارتفاع الأسعار، خاصة في الفترة الحالية حيث تشهد مصر ارتفاعاً غير مسبوق في الأسعار، وخاصة أسعار المنتجات الغذائية.

كما يتعين علينا الانتباه إلى أن الفئة الأولى من الدخل والتي تعفى من الضريبة، لا تزال فئة يقل دخلها عن الحد الأدنى من قانون الأجور في مصر، البالغ 1.200 جنيه شهرياً، أي 14.400 جنيه سنوياً، في حين تقف الشريحة المعفاة عند 5000 جنيه سنوياً فقط. وهو ما يعني، أن الفئات التي يبلغ دخلها أقل من الحد الأدنى القانوني للأجور لازالت تتحمل دفع ضريبة على الدخل، وهو ما يخل بمبدأ تصاعدية وعدالة الضريبة، ومبدأ إعفاء الفقراء من أداء الضريبة.

من المهم أيضًا الإشارة إلى أن العديد من الإيرادات، كالمعاشات ومقابل الإجازات والعلاوات الخاصة، لا تخضع للوعاء الضريبي. كما أن اشتراكات العاملين في التأمينات تخصم من الوعاء الذي تستحق عليه الضريبة، وذلك طالما لا تزيد هذه المبالغ عن 15% من جملة الإيراد، أو لا تزيد عن مبلغ 3.000 جنيه مصري. (2)

بالإضافة إلى الضرائب المفروضة على الدخل من التوظف والأجور، تحتسب أرباح المهن غير التجارية، والأرباح التجارية والصناعية إلى الوعاء الضريبي:

  • أرباح المهن غير التجارية: وتسري على صافي أرباح المهن الحرة وغيرها من المهن غير التجارية التي يمارسها الشخص بصفة مستقلة ويكون العنصر الأساسي فيها العمل. كما تسري على أرباح كل مهنة أو نشاط لا يخضع لضريبة أخرى، وتضاف إلى الوعاء الضريبي لكل شخص وتحتسب منها ضريبة الدخل.

  • الأرباح التجارية والصناعية: وتسري على الإيراد الناتج من العمل ورأس المال، والذي يتمثل في صافي أرباح المهن والمنشآت التجارية والصناعية أو تلك المتعلقة بالحرف.

الضريبة على شركات الأموال: وتفرض على صافي الأرباح السنوية لشركات الأموال المشتغلة في مصر أيًا كان الغرض منها. ويتحدد وعاؤها بشكل عام بنفس الطريقة التي يتم بها تحديد وعاء الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية. وقد شهدت الضريبة على الشركات العديد من التعديلات في السنوات الأخيرة. فحتى عام 2005 كانت الشركات تخضع لضريبة 40 % عن أرباحها، مع وجود بعض الاستثناءات، ثم جاء القانون رقم 91 لعام 2005 صانعاً شريحتين للضرائب، خضعت لهما شركات الأموال لضريبة 20 %، بينما تم الإبقاء على استثناءات هامة: حيث يخضع كل من البنك المركزي المصري وشركة قناة السويس والهيئة العامة للبترول لضريبة 40.5%، بينما تخضع الشركات المنقبة عن البترول والمنتجة له لضريبة قدرها 40% من الأرباح. أخيرًا جاءت آخر تعديلات لتوحد الضريبة على الشركات 25%، مع الإبقاء على الاستثناءات السابق ذكرها.

الجدير بالذكر أن هناك إعفاءات عديدة وهامة من ضرائب الدخل للشركات، ومن أهمها إعفاءات تتمتع بها شركات الأموال في المناطق الحرة مثلاً، حيث تعفى الشركات التي تعمل داخل تلك المناطق من الضرائب، ولا تتبع قوانين الضرائب التي تمتثل لها باقي الشركات، بل تلتزم بسداد مصاريف سنوية ضئيلة جداً للهيئة العامة للاستثمار، فتلتزم شركات الخدمات مثلاً بداخل تلك المناطق بسداد 1% من الربح الصافي السنوي للهيئة العامة للاستثمار. كما تعفى الشركات في المناطق الاستثمارية الخاصة من الضريبة التي تخضع لها الشركات في مصر (25% على الأرباح السنوية)، وتخضع الشركات في تلك المناطق لضريبة 10% فقط عن صافي الأرباح السنوية. وغيرها من المناطق الخاصة التي تتمتع شركات الأموال فيها بامتيازات خاصة، كالمناطق الاستثمارية والمناطق الصناعية.

الضريبة على الأرباح الرأسمالية: الأرباح والفوائد من الأسهم والسندات، من الشركات المدرجة في البورصة المصرية معفاة تمامًا من ضريبة الدخل. كما أن الفوائد من الأوراق المالية المدرجة في البورصة المصرية معفاة من ضريبة الدخل. والجدير بالذكر أن الحكومة المصرية الأخيرة ( حكومة محلب ) كانت قد أعلنت عن فرض ضريبة سنوية على الأرباح الرأسمالية في البورصة سعرها 10%، كما أكدت الحكومة على اعتزامها فرض ضريبة 10% على التوزيعات النقدية، وضريبة 10% على كل عملية يقوم بها الأجانب في البورصة المصرية. والجدير بالذكر أن تفاصيل الضريبة لا تزال غامضة، ولعل استياء بعض المستثمرين والخسائر التي سجلتها البورصة المصرية في التعاملات اليومية إثر تسريب خبر فرض ضريبة البورصة من أهم أسباب تأخر الحكومة في إصدار القانون، ومن أهم أسباب إعادة تفكير الحكومة في كيفية تخفيف وطأة الضريبة حتى لا تشعل غضب المستثمرين. (3)

وعموماً لا تخضع الأرباح الرأسمالية للضريبة في مصر، إلا حين يتم احتساب الأرباح الرأسمالية فقط من قبل الكيانات التجارية عند بيع الأصول الرأسمالية كجزء من نشاطها، وهنا تضاف المكاسب الرأسمالية إلى الأرباح التي تحتسب منها الضريبة، وذلك مثل كل الأرباح الأخرى وهذا قد يتغير لو صدر قانون الدخل على البورصة كما وعدت الحكومة.

إيرادات الثروة العقارية: وهى ضرائب مفروضة على الإيراد الناتج عن ملكية الثروة العقارية، ولذا تسمى مجازًا الضرائب العقارية. وهناك ضريبتين من هذا النوع: الأولى هي الضريبة على الأطيان الزراعية، ويحكمها القانون 131 لسنة 1939، وهي تفرض على الإيراد الناتج عن الملكية الزراعية وتتخذ وعاء لها القيمة الإيجارية التى تقوم بتقديرها لجان إدارية، والتي تسرى كقاعدة عامة مدة عشر سنوات، والضريبة الثانية هى الضريبة على المباني، وهي تسرى على الإيرادات الناتجة عن ملكية المبانى ويتحملها المالك، وتتخذ وعاء لها صافي القيمة الإيجارية المتخذة أساسًا لربط الضريبة، وكانت تحسب في الماضى عن إجمالي الإيجار التقديري مخصوماً منه 20% لمقابلة المصروفات المختلفة التي يتكبدها المالك بما فيها الصيانة وذلك وفقًا لقانونها القديم رقم 56 لسنة 1954، والآن تحسب على القيمة السوقية للعقار والتي تحددها لجنة أنشأها القانون الجديد رقم 196 لسنة 2008 ومن المزمع البدء في تطبيقه بداية يوليو 2013 وفقًا لتصريحات رئيس مصلحة الضرائب العقارية المصرية. (4)

تخضع الأراضي الزراعية في مصر لضريبة الأطيان والتي تبلغ نسبتها 14% من القيمة الايجارية للفدان الواحد في السنة ويلتزم الممول بسداده للدولة سنوياً، ويحتوي القانون المنظم لتلك الضريبة على إعفاءات، أهمها إعفاء الفلاحين والملاك الذين لا تزيد مساحة أراضيهم على 3 فدادين من الضريبة. وينظم الضريبة القانون رقم 53 لسنة 1935 و القانون رقم 113 / 1939، وينظم الإعفاءات القانون 51 لعام 1973.(5) والجدير بالذكر أن الحكومات المصرية المتعاقبة منذ الثورة، أكدت تعديل القانون وهو ما أثار الجدل حول امكانية زيادة سعر الضريبة، وتأثيره على الملاك، وخاصة على الفلاحين. وحتى اليوم، أكدت الحكومة في 2014 استعدادها لمراجعة أسعار الأراضي وقيمتها التأجيرية، حتى تتماشى مع زيادة الأسعار، تاركة الغموض يحيط بهذه الضريبة وإمكانية زيادة سعرها.

إيرادات رؤوس الأموال المنقولة: وتسري على إيراد رأس المال المنقول كالفوائد وغيرها التي تنتجها السندات، وأذون الخزانة، والقروض، والديون، والودائع والتأمينات.

النوع الثاني من الضرائب هو الضرائب غير المباشرة، وأهمها الضريبة العامة على المبيعات، والضرائب الجمركية وضريبة التمغة.

أهم أنواع الضرائب غير المباشرة هي الضريبة العامة على المبيعات، وينظمها القانون رقم 11 لسنة 1991، والذي استبدل ضريبة الاستهلاك بالضريبة العامة على المبيعات. وتطبق تلك الضريبة على السلع المحلية والمستوردة والخدمات، كما يحتوي القانون على إعفاءات خاصة لبعض السلع والخدمات.

يعد السعر العام للضريبة العامة على المبيعات هو 10%، بينما تخضع بعض السلع

إلى ضرائب متفاوتة من 1.2% إلى 45%، وذلك وفقًا لجداول تحتوي على أسماء السلع والخدمات وأسعار الضريبة المستحقة عليها. فتخضع مثلاً كل الخدمات المتعلقة بأعمال البناء لضرائب تتراوح بين 1.2 % إلى 10%، بينما تخضع العديد من السلع الغذائية لضريبة 5%، وتخضع السيارات المستوردة مثلاً ذات السعة المرتفعة (2000 سي سي) لضريبة 45%. والجدير بالذكر أن السلع المستوردة باستثناء السيارات لا تخضع للضريبة العامة للمبيعات، إنما تخضع لضرائب الجمرك عند دخولها مصر.

ويستثنى العديد من السلع والخدمات من الضريبة العامة على المبيعات، وعلى رأسها السلع والخدمات المتعلقة بالأمن القومي ووزارة الدفاع، كما تستثنى الخدمات المقدمة في المناطق الحرة.

والجدير بالذكر أن الحكومة المصرية تخطط منذ سنوات للانتقال إلى الضريبة على القيمة المضافة، بدلاً من الضريبة العامة للمبيعات، وعادت النقاشات حول ضريبة القيمة المضافة في منتصف 2013، حيث تركزت علاقة الحكومة المصرية بصندوق النقد الدولي على تقديم الثاني الدعم التقني للحكومة المصرية حول تطبيق ضريبة القيمة المضافة بدلاً من الضريبة العامة على المبيعات. وتختلف الضريبة على القيمة المضافة في أمور عديدة: أهمها أنها ضريبة استهلاك يتحملها عادة المستخدمون النهائيون (أي المستهلكون) من السلع والخدمات، وهكذا فهي لا تكلف الشركات أية تكلفة إضافية، بل يتحمل المستهلك الكلفة الضريبية.

لا يوجد حاليًا أي جدول زمني واضح أو خطة مفصلة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة، ولكن من المتوقع حسب إدلاءات المسؤولين في مصر أن يتم ذلك في خلال عام على الأكثر، حيث تم إعداد مشروع قانون لضريبة القيمة المضافة، وهي رهن تحديد سعر الضريبة. الجدير بالذكر أن ضريبة القيمة المضافة، برغم تطبيقها في معظم دول العالم، إلا أنها تعد من الضرائب الأكثر تأثيراً على قدرة المواطن في الوصول لاحتياجاته الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، فضريبة القيمة المضافة لا توثر فقط على الأسر الأكثر احتياجاً، وذلك لأنها عادة ما تنطوي على إعفاءات للسلع الأساسية، بل تؤثر على الأسر ذات الدخول المتوسطة، حيث تدفعهم للدخول في الفقر. وهكذا، فمن المؤسف أن تتجه مصر لتطبيق ضريبة القيمة المضافة في عجالة، ودون دراسة تأثيرها على المواطنين، ليس فقط على الفقراء، ولكن على المواطنين جميعًا، خاصة متوسطي الدخل. (6)

وتشكل ضريبة القيمة المضافة معضلة حقيقية في تحقيق العدالة الضريبية، حيث إنها أكثر الضرائب الرجعية وغير المباشرة المعروفة عالمياً، حيث يتحملها المواطن لاستهلاكه اليومي ولتلقي أي خدمات. وعلى الرغم من ذلك، فهذا لا يعني أن النظام الحالي للضريبة العامة على المبيعات لا يحتاج إلى تعديل. على النقيض النظام الضريبي الحالي، بشكل عام، وخاصة الضريبة العامة على المبيعات شديد التعقيد، ويحتاج إلى مراجعة من أجل تبسيط نظامه، ومن أجل تحقيق العدالة الضريبية في النظام الضريبي، خاصة في ما يتعلق بالسلع المعفاة. والجدير بالذكر، أن النظام الحالي لضريبة المبيعات لا يختلف كثيرًا عن ضريبة القيمة المضافة، من حيث طريقة احتساب الضريبة، والتي تعتمد على خصم سعر الضريبة على مدخلات التصنيع من الضريبة المفروضة، وذلك في كل خطوة من خطوات الإنتاج، أو عند إضافة قيمة جديدة. وهكذا، فتتمثل خطورة الانتقال الكامل لضريبة القيمة المضافة في فرض ضريبة المبيعات على الخدمات، وهي التي ظلت معفاة من ضريبة المبيعات، ولم تخضع إلا عدداً محدوداً من الخدمات للضريبة، كخدمات الاتصالات. كما تتمثل الخطورة في توحيد سعر الضريبة، وهو ما لا يزال غامضًا حتى اليوم. فعلى الرغم من أن الحكومة المصرية قد أجرت مشاورات مغلقة حول ضريبة القيمة المضافة، وقد أعلنت الانتهاء من إعداد مسودة قانون ضريبة القيمة المضافة، الا أن ملامح هذا القانون لا تزال غامضة، ولاسيما سعر الضريبة الذي قد يتراوح بين 10 و 15%. ونذكر أن سعر ضريبة المبيعات الحالي يتراوح بين 1.5% و 45 % على معظم السلع، علماً بأن الكحوليات والسجائر تخضع لضرائب أعلى، ويعتبر متوسط الضريبة على السلع نحو 10%، وعلى بعض السلع الغذائية الاستراتيجية 5%.

ضريبة التمغة من الضرائب غير المباشرة في مصر، وينظمها في الوقت الحالى القانون 111 لسنة 1981 وهى تفرض على المحررات والعقود والأوراق والمطبوعات والسجلات وغيرها، وتمتد هذه الضريبة أيضًا لتشمل غير ذلك من العمليات المختلفة كالمراهنات واليانصيب والموازين وتتضمن أيضًا استهلاك الكهرباء والغاز. كذلك هناك عدد من الضرائب غير المباشرة أقل أهمية مثل رسوم السيارات ورسوم التسجيل ورسوم الملاهي وغيرها.

ومن الضرائب غير المباشرة أيضًا الضرائب الجمركية، وهي الضرائب المفروضة على السلع المستوردة. والجدير بالذكر أن الضرائب الجمركية قد شهدت انخفاضاً ملحوظاً عبر السنوات، وذلك بسبب اتفاقات التجارة الحرة المختلفة، سواء أكانت الاتفاقات الثنائية أو متعددة الأطراف كالجات أو منظمة التجارة العالمية وهو ما نتج عنه انخفاض شديد في إيراد الضريبة الجمركية، والتي مثلت نحو 20 – 30% من إجمالي الضرائب حتى 2000 / 2001، ثم انخفضت لتمثل نحو 4% من إجمالي الإيرادات الضريبية في 2010 / 2011. والجدير بالذكر أن مجلس الشورى المنحل قد صادق على تعديل لبعض الأسعار الضريبية للسلع المستوردة، مركزًا بذلك على زيادة الضريبة على السلع الفاخرة وغير الأساسية، وهو ما يعتبر خطوة جيدة من أجل تحقيق عوائد ضريبية أكبر، بل إن الضرائب على التجارة الخارجية من شأنها أن تؤثر على الصناعات المحلية وحماية السلع المحلية من السلع المستوردة، وهو ما له الأثر الجيد على الاقتصاد.

وقد جاء دستور مصر الجديد لعام 2014 بمادة تضمن تصاعدية الضريبة على الدخل، وربط النظام الضريبي بالعدالة الاجتماعية بالإضافة إلى تنمية الموارد والتنمية الاقتصادية. وهي المادة التي أعلنت وزارة المالية على إثرها اعتزامها مراجعة قوانين الضرائب المصرية للتأكد من عدم تعارضها والدستور(7)، وهو ما لم ينتج عنه حتى اليوم تعديل ملموس لقوانين الضرائب.

المادة 38 من دستور مصر الجديد لعام(8) 2014 تؤكد تصاعدية الضريبة على دخل الأفراد، بينما تقر أن النظام الضريبي يكفل تشجيع الانشطة الاقتصادية كثيفة العمالة، فيأتي نص المادة كالآتي:

يهدف النظام الضريبي وغيره من التكاليف العامة إلى تنمية موارد الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية.

لا يكون إنشاء الضرائب العامة، أو تعديلها، أو إلغاؤها، إلا بقانون، ولا يجوز الإعفاء منها إلا في الأحوال المبينة في القانون. ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب، أو الرسوم، إلا في حدود القانون.

ويراعى في فرض الضرائب أن تكون متعددة المصادر، وتكون الضرائب على دخول الأفراد تصاعدية متعددة الشرائح وفقًا لقدراتهم التكليفية، ويكفل النظام الضريبي تشجيع الأنشطة الاقتصادية كثيفة العمالة، وتحفيز دورها في التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية.

تلتزم الدولة بالارتقاء بالنظام الضريبي، وتبنى النظم الحديثة التي تحقق الكفاءة واليسر والأحكام في تحصيل الضرائب. ويحدد القانون طرق وأدوات تحصيل الضرائب والرسوم، وأى متحصلات سيادية أخرى، وما يودع منها في الخزانة العامة للدولة.

وأداء الضرائب واجب، والتهرب الضريبي جريمة“.

وعلى الرغم من أهمية تلك المادة في الحفاظ على تصاعدية الضريبة على دخل الأفراد، واضعة بذلك أحد أهم مقومات العدالة الضريبية في النص الدستوري، إلا أن المادة اقتصرت على هذا، فيما أقرت دستورية الحوافز الضريبية للأنشطة الصناعية، وتجاهلت تصاعدية الضرائب على دخول الشركات والمنشآت مثلاً، كما أغفلت مبدأ إعفاء الفقراء من الضريبة.

ونذكر مثلاً أن دستور مصر لعام 1954 قد نص على إعفاء الفقراء من الضرائب، في مادة 46 التي جاء فيها:

العدالة الاجتماعية أساس الضرائب وغيرها من التكاليف المالية العامة، وتعفى الطبقات الفقيرة من الضرائب إلى الحد الأدنى الضروري للمعيشة وذلك على الوجه المبين بالقانون“. وأخيرًا، نذكر أن دستوري 1971 و 2012 قد ذكرا عدالة النظام الضريبي، ولو لم يذكرا تصاعدية الضرائب على الدخول.

فقد نص دستور 1971 في المادتين 38 و 119 على الآتي:

يقوم النظام الضريبي على العدالة الاجتماعية“.

إنشاء الضرائب أو تعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون ولا يُعفى أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينه في القانون. ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب والرسوم إلا في حدود القانون“.

أما دستور 2012 فقد جاء بنص مشابه لدستور 1971 في المادة 26:

العدالة الاجتماعية أساس الضرائب وغيرها من التكاليف المالية العامة. ولا يكون إنشاء الضرائب العامة ولا تعديلها ولا إلغاؤها إلا بقانون، ولا يُعفى أحد من أدائها في غير الأحوال المبينه في القانون. ولا يجوز تكليف أحد بأداء غير ذلك من الضرائب والرسوم إلا في حدود القانون“.

وعلى الرغم من أن قانون الضرائب على الدخل رقم 91 لعام 2005 وتعديلاته فيه إعفاءات، سواء كان الإعفاء الشخصي سنوياً، أو كان إعفاء الشريحة الأولى من الدخل، إلا أن النص على الإعفاء في الدستور كان من شأنه أولاً الحفاظ على الإعفاء، وثانياً التأكيد على ضرورة مراجعة الإعفاء، والالتزام بمراجعته بشكل دوري، وذلك لضمان أن يتماشى مع ارتفاع الأسعار، والحد الأدنى للدخول، وتعريف مستويات الفقر.

وقد جاءت المحكمة الدستورية العليا في مصر بالعديد من الأحكام المتعلقة بالعدالة الاجتماعية وعلاقتها بالنظام الضريبي (9)، نذكر بعضها في ما يأتي:

مفهوم العدالة الاجتماعية أن جباية الأموال لا تعد هدفاً يحميه الدستور، بل يجب أن تكون هذه الجباية وفق قواعده وبالتطبيق لأحكامه. تقدير قيمة المال الخاضع للضريبة أمر جوهري. لتحديد دين الضريبة ينبغى أن يكون وعاء الضريبة ممثلاً في المال المحمل بعبئها محققاً ومحدداً على أسس واقعية يمكن معها الوقوف على حقيقته على أكمل وجه“.(10)

كما ذهبت المحكمة الدستورية إلى أن العدالة الاجتماعية تتحقق عندما يكون دين الضريبة متناسبًا مع مقدار الدخل الخاضع لها وعلى ذلك قضت بعدم دستورية قانون الضريبة على العاملين بالخارج الصادر بالقانون رقم 229 لسنة 1989 بحسبان أن هذه الضريبة تتحدد على أساس درجة العامل الوظيفية، ولا تتناسب مع مقدار الدخل الذي يحصل عليه فعلاً في الخارج.(11)

كما اعتبرت المحكمة الدستورية منافاة الضريبة للعدالة الاجتماعية عندما يهتم المشرع بتحصيلها بالصورة التى تضمن أداءها إلى جهة الإدارة ولو أدى ذلك إلى إلزام غير الممول بتوريدها. وتطبيقًا لذلك قضت المحكمة بعدم دستورية فرض الضريبة على التمغة النسبية على رأس المال طبقًا للقانون رقم 11 لسنة 1980 لمنافاة الضريبة للعدالة الاجتماعية (12)

فرض الضريبة ينافى مفهوم العدالة الاجتماعية. إذا كان قانونها منسحبًا بأثره الرجعي إلى واقعة تتمخض تصرفاً قانونياً نافذاً وناقلاً للملكية. وذلك إذا كان تكوينه قد اكتمل قبل صدور القانون الجديد، وكان المكلف بأدائها قد استحال عليه النظر إلى طبيعتها أو مبلغها أن يتوقعها عقلاً حين نقل بإرادته ملكية هذا المال إلى غيره. بل باغته ولم يكن يحسب لها حسابا(13)

وقد جاءت الخطط الاقتصادية لحكومات ما بعد ثورة يناير 2011 مخيبة للآمال، اذ فشلت في مجملها في ترجمة أهدافها المتعلقة بتحقيق العدالة الضريبية والعدالة الاجتماعية إلى سياسات واضحة وتعديلات ملموسة في النظام الضريبي. فإذا نظرنا إلى خطة الحكومة التي تقدم بها نظام الإخوان المسلمين لصندوق النقد الدولي في نوفمبر 2012 عن الأعوام (2012 – 2014) (14)، فلوجدنا أن الهدف الأساسي للخطة هو زيادة الإيرادات الضريبية. فالخطة الاقتصادية لها هدف رئيسي، وهو ما تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي(15): خفض نسبة العجز في الموازنة من 10.9% من الناتج المحلي الإجمالي في 2011 – 2012 وصولاً بالانخفاض لنسبة 8.5% في السنة المالية 2013 – 2014 ثم إلى أقل من 5% في السنة المالية 2016 – 2017. لذا، فالبرنامج الاقتصادي لحكومة مصر 2012 – 2013 كان له ثلاثة محاور رئيسية: أولاً، خفض الإنفاق العام وخاصة من خلال ما يسمى بـ ترشيد الدعم، ثانيًا زيادة موارد الدولة وذلك من خلال ما يسمى بـــ الإصلاحات الضريبية، وثالثًا وأخيراً، إصلاح السياسات النقدية والرقابة على الجهاز المصرفي. وهي الأهداف التي استمرت بعد رحيل نظام الإخوان المسلمين مع مطلع يوليو 2013.

إذا نظرنا إلى أهداف محور الإصلاح الضريبي لوجدنا هدفين أساسيين: أولاً، توسيع القاعدة الضريبية، وثانيًا تدعيم العدالة في النظام الضريبي. هذه الأهداف هامة ومنطقية لدولة تفتقر إلى الموارد المالية وتفتقد إلى العدالة الاجتماعية والاقتصادية. فبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 أضحت مطالب العدالة الاجتماعية هي الأهم والأولى بأن تكون أوليات الدولة في الإنفاق العام على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ورفع نسبة الإنفاق بالنسبة لأهم القطاعات كالتعليم والصحة والضمان الاجتماعي والإسكان الاجتماعي. والنظام الضريبي هو السبيل الأول والأخير من أجل توفير الموارد المالية التي من شأنها أن تنفق على خدمات صحية لكل المواطنين ذات جودة، ونظام تعليمي جديد متوفر للجميع وعالي المستوى وتأمينات ومعاشات وإعانات وخدمات لإسكان محدودي الدخل وذوي الدخول المتوسطة وغيرها من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية التي تحقق العدالة الاجتماعية بدورها، كما نادى بها الشعب المصري في ثورته.

ولكن السؤال يكمن في كيفية تطبيق هذه الأهداف العامة من خلال سياسات محددة. وهكذا، فإن نجاح أو فشل الحكومة في تطبيق الإصلاح الضريبي ستحدده السياسات التي ستُترجم الأهداف الإنشائية إلى واقع عملي وملموس. إذن فزيادة الواردات الضريبية هي ضرورة من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، ولكنها تمثل نصف المعادلة فقط: فلو زادت الإيرادات الضريبية ولم ترتفع نسبة الإنفاق على الصحة والتعليم والقطاعات الأهم لتوفير الحياة الكريمة للمواطن، لكانت الدولة تخل بدورها في هذه المعادلة. فالنظام الضريبي بمثابة عقد اجتماعي بين المواطن والدولة: المواطن يجبر على دفع نسبة كبيرة من راتبه للدولة، بل وتحمل دفع ضريبة عن كل منتج يستهلكه وكل خدمة يتلقاها، وفي المقابل تتعهد الدولة بأن تستغل هذه الإيرادات في توفير الخدمات عالية الجودة للمواطنين بالتساوي. ولعل من أهم وأوضح أسباب غياب ثقافة الالتزام الضريبي في مصر، هو عدم ثقة المواطن في جدوى الإيرادات الضريبية وهو انعدام الثقة الذي نتج عن سنوات اهتمت فيها الحكومات المصرية بتجميع الضرائب على دخول المصريين وممتلكاتهم وعلى استهلاكهم، دون أن يرى المصريون أي تحسّن في الخدمات العامة أو في وصول اسهاماتهم المالية لهم في هيئة خدمات صحية أو تعليم مجاني ذي جودة أو حتى أجور تحترم كرامتهم وضمانات اجتماعية تكفل لهم الحياة الكريمة.

وهكذا، ترددت شعارات قبل الثورة من قبل الحكومة لاقناع المواطنين أن الضرائب مصلحتك أولاً، وهو ما لم ينتج عنه سوى سخرية المواطنين من الحديث عن مصلحة المواطن وربطها بالضرائب التي لا تمثل للمواطن العادي سوى عبء غير مفهوم. ولعل تجربة قرية التحسين وغيرها من القرى المصرية التي قررت عدم الالتزام بالضرائب وإعلان العصيان المدني أفضل مثال. فقد أدرك أهالي التحسين وغيرهم من أهالي قرى الدلتا والصعيد أنهم يتحملون ضرائب أثقلت كاهلهم، وعلى الرغم من ذلك فهم محرومون من أبسط حقوقهم في الخدمات الصحية ومياه الشرب والصرف الصحي والتعليم وغيرها (16). ولم تقف قرية التحسين وحدها مطالبة بالخدمات الأساسية، ومهددة بالانفصال الإداري عن المحافظة التي تتجاهل القرية وتحرمها أبسط الخدمات، بل انضم لقرية التحسين قرى عديدة في الدلتا والصعيد، لعل من أهمها قرى السعدية والشط وخمس قرى أخرى، في محافظة الدقهلية، هددوا بالانفصال الإداري عن محافظة الدقهلية بداية عام 2014 لنقص الخدمات، ولتحملهم تكاليف عديدة لا يناظرها خدمات، وهو ما يزال حال قرى أخرى عديدة في مصر. إذن، فقبل أن نتوغل في حقيقة التعديلات الضريبية، يجب علينا أن ندرك المعادلة التي يجب على الحكومة أن تعيها، وألا تعتبر زيادة إيرادات الدولة الضريبية هدفًا مستقلاً عن الهدف الأسمى والأهم للمواطن، وهو تحقيق العدالة الاجتماعية بتوجيه الإيرادات لخدمة المواطن (17).

وعودة لخطط الحكومات المتعاقبة بعد الثورة، فقد اقتصرت على تحديد أهداف نتفق معها في مجملها، وهي توسيع القاعدة الضريبية، وزيادة العدالة في النظام الضريبي. ولكن هذه الأهداف لم تترجم بعد إلى سياسات ملموسة بشكل واف. فعلى الرغم من أن التعديلات الضريبية الأخيرة قد نجحت في زيادة تصاعدية ضريبة الدخل، ورفع حد الإعفاء الشخصي من أربعة آلاف جنيه إلى سبعة آلاف جنيه سنوياً، إلا أن التعديلات قد فشلت في الحفاظ على تصاعدية الضريبة للدخول الأكبر، كما ستوضح فيما بعد. وفيما نجحت التعديلات الضريبية التي تعود إلى ديسمبر 2012 في توحيد ضريبة الدخل على الشركات، من شريحتين إلى شريحة واحدة، علمًا بأن الشريحتين في النظام السابق لم تمثلا شرائح مختلفة حسب الدخل، ولكن مثلتا شريحتين حسب نوع الشركة. وهنا أيضًا كان من الأحرى خلق شريحتين حسب مستوى ربح الشركات، وهو ما كان منه أن يرفع الضريبة على الشركات والصناعات الأكثر ربحاً، علمًا بأن متوسط ضريبة الدخل على الشركات لا تزال أقل من المتوسطات العالمية.

وعلى الرغم من ذلك، يظل النظام الضريبي المعقد وغياب الشفافية حول مصادر دخل الدولة وأوجه الإنفاق عائقاً أمام قدرة المواطن لفهم النظام الضريبي، وبالتبعية استطاعة المواطنين على الاشتراك في رسم السياسة الضريبية ونقدها. وتعقيد النظام الضريبي ما هو إلا جزء من تعقيد هيكل المالية العامة، بما في ذلك تعقيد هيكل الإيرادات وهيكل المصروفات والموازنة العامة للدولة والتي تعد من أعقد الوثائق الحكومية، وأصعبها فهمًا. وهكذا، فقد وقعت المسؤلية على الخبراء ونشطاء المجتمع المدني، لتبسيط المصطلحات وتقديم المعلومات للمواطنين بلغة مبسطة (18).

وهكذا، فالنظام الضريبي في مصر أصبح مجال اهتمام صناع القرار والعاملين في مجال الاقتصاد والمهتمين بالعدالة الاجتماعية، خاصة بعد اندلاع ثورة يناير 2011، التي طالبت جموع الشعب المصري من خلالها بالعدالة الاجتماعية. فالعدالة الاجتماعية لا يمكن تحقيقها دون إعادة هيكلة النظام الضريبي، وهيكلة أوليات الحكومة من حيث توزيع الإنفاق من ناحية، ومن حيث تعبئة الموارد العامة من ناحية أخرى، ومدى توافق تلك الأوليات مع مطالبات ثورة يناير بالكرامة والعدالة الاجتماعية.

على الرغم من أن نسبة الإيرادات الضريبية من إجمالي الضرائب في تزايد وهو،

يشير إلى اعتماد أكبر على الضرائب كمصدر لدخل الدولة، بدلاً من المصادر الأخرى كالمنح والاقتراض وبيع الأصول، إلا أن الإيرادات الضريبية لا تزال تمثل نسبة أصغر من المرجوة من إجمالي الإيرادات، كما أن نسبة الإيرادات للناتج المحلي الإجمالي في تناقص، وهو ما يشير إلى انخفاض الحصائل الضريبية نسبة للاقتصاد القومي. وعلى الرغم من ارتفاع إجمالي الإيرادات في العام المالي 2013 / 2014، وهو ما صاحبته توقعات حكومية برفع نسبة الإيرادات الضريبية من إجمالي الإيرادات، إلا أننا نلاحظ أنه بعد انتهاء أكثر من نصف العام المالي، يأتي ارتفاع الإيرادات الإجمالية على الرغم من انخفاض في الإيرادات الضريبية، وهو ما أرجعته وزارة المالية في تقريرها الشهري إلى تزايد الاعتماد على المنح (19). وبسبب التغيرات السياسية المستمرة، تظل الخطة الحكومية لزيادة العوائد الضريبية غير واضحة، حيث أهم ملامحها تطبيق التعديلات على قانون ضريبة الدخل رقم 91 لعام 2005، والتي تضمنت فرض ضرائب على الأرباح التي تحققت من قبل الملاك عند بيع ممتلكاتهم (سواء الأشخاص الطبيعيون أو الاعتباريون)، كما أنه من المعتزم أن تفرض الحكومة الضرائب على الأرباح المكتسبة من قبل وسطاء التداول في القطاع العقاري، وهي الخطط التي لم تنفذ بعد على الرغم من إعلان الحكومة عن تنفيذها.

الجدول التالي يبين تطور الإيرادات في مصر في الأعوام الماضية، وتطور نسبة الإيرادات الضريبية لجملة الإيرادات، كما توضح نسبة الإيرادات الضريبية للناتج المحلي الإجمالي، وهي النسبة التي تظل ضئيلة وفي تناقص مستمر على الرغم من توقعات الحكومة المصرية زيادتها لتصل إلى نحو 17% في العام المالي الحالي(20)، وهو الرقم الذي لا يزال مجال شك، حيث لم ترتفع نسبة المتحصلات الضريبية حتى اليوم بالشكل الذي يسمح بارتفاع الإيرادات الضريبية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. ولكن الجدير بالذكر أن فترة تقديم الإقرارات الضريبية للأشخاص الطبيعيين تنتهي في مارس من كل عام، وللأشخاص الاعتبارية (الشركات) تنتهي بنهاية أبريل، وأن جزءاً كبيراً من الحصيلة الضريبية يأتي خلال هذه الشهور، ولكن من المتوقع إلا تأتي الحصيلة بالحجم الذي يحقق الزيادة المرجوة من الإيرادات الضريبية.

2014/ 2013

2013 / 2012

2012 / 2011

1011 / 2010

2010 / 2009

2009 / 2008

2008 / 2007

قطاع الموازنة العامة/

Budget sector

505.499.00

393.475

303.622

265.286

268.114

282.505

221.404

إجمالي الإيرادات / Total Revenues

358.729.00

266.905

207.410

192.072

170.494

163.222

137.195

إجمالي الإيردات الضريبية/ Tax Revenues

70.97%

67.83%

68.31%

72.40%

63.59%

57.78%

61.97%

الإيرادات الضريبية كنسبة من إجمالي الإيرادات/ Tax Revenues as % of total Revenues

17.5%

14.30%

13.40%

14.00%

14.10%

15.70%

15.30%

الإيرادات الضريبية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي/ Tax Revenues as % of GDP

مليون جنيه / Million LE

Mof Projection (see Mof`s Monthly Financial Bullet-in January2014)

الأرقام والإحصائيات المستخدمة تم حسابها على الموازنة العامة للدولة لسنة 2014/ 2013، والموازنة المعدلة لسنة 2013 / 2012 والحساب الختامي للسنوات الأخرى.

عودة للإيرادات الضريبية، ونسبتها لإجمالي الإيرادات، وللناتج المحلي الإجمالي، فلو قارنا حجم الإيرادات الضريبية في مصر لإجمالي الإيرادات، أي نسبة اعتماد الدولة على الضرائب كمصدر أساسي للدخل، لوجدنا أن مصر لا تعتمد بالشكل الكافي على الإيرادات الضريبية. فمتوسط الإيرادات الضريبية من إجمالي الإيرادات في دول الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال يبلغ نحو 89%، وهو ما يعني أن 89% من الإيرادات الإجمالية للدول مصدرها الضرائب (21). وهو ما يشير إلى أن العوائد الضريبية في مصر، والتي بلغت في عام 2012 / 2013 نحو 67% من إجمالي الإيرادات، لا تكفي لتمويل خزانة الدولة، ما يعني احتياج الدولة للاعتماد على مصادر أخرى لتمويل خزانتها، أهمها المنح ومتحصلات الاقتراض والاقتراض الخارجي وبيع الأصول وإصدار الأوراق المالية.

من ناحية أخرى، تشكل الإيرادات الضريبية نسبة منخفضة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يشير إلى ضعف الدخل الضريبي مقارنة بالاقتصاد القومي، فالإيرادات الضريبية بلغت نحو 14.3% من الناتج المحلي الإجمالي في 2012 / 2013، إذا ما قارناها بمتوسط إيرادات دول الاتحاد الأوروبي، حيث وصلت نسبة الإيرادات الضريبية إلى الناتج القومي لنحو 40% في(22) 2012، هذا وتتمتع العديد من الدول النامية ومتوسطة الدخل بنسب أعلى من مصر، كالمغرب وتركيا، حيث تبلغ نسبة الإيرادات الضريبية من الناتج المحلي الإجمالي نحو 25% في الدولتين في عام 2012.

ويشير ذلك الوضع إلى الانخفاض الكبير في مساهمة الضرائب في الاقتصاد القومى والضعف الشديد في الطاقة الضريبة وهو ما يرجع إلى العديد من الأسباب، والتي يجب دراستها من أجل رسم خطة استراتيجية لتعديل النظام الضريبي في مصر، فالطاقة الضريبية الممكنة لا تزال غير مستكشفة، ولا تزال بعيدة المنال، مقارنة بالطاقة الضريبية الفعلية. وهو ما يطرح فرصاً عديدة لاستكشاف سبل زيادة الحصيلة الضريبية، من دون الإخلال بالعدالة الاجتماعية، ومن دون المساس بحق الفقراء والأفراد الأقل دخلاً في الحياة الكريمة، ومن دون التسبب بآثار اقتصادية غير مرجوة.

بالنظر إلى النظام الضريبي المصري، وتطوره عبر السنوات يتضح العديد من الإشكاليات، وتتبلور الفرص المختلفة في الوقت ذاته. فلو اتفقنا مع أهداف خطط الحكومات المتعاقبة في برنامجها، والتي تركزت على زيادة الإيرادات وتحقيق العدالة الاجتماعية، لوجدنا العديد من الإشكاليات التي تحول دون زيادة الحصيلة الضريبية، أولها اتساع القطاع غير الرسمي، والاعتماد على زيادة أسعار الضريبة على المواطنين الذين يلتزمون بالضرائب، من دون الالتفات إلى الحاجة الماسة لتوسيع القاعدة الضريبية، والتأكيد أن مواطنين وشركات وتعاملات لا تخضع للضرائب، تبدأ بالالتزام بالنظام الضريبي. كما أن تصاعدية الضرائب لا تزال في حاجة ماسة للتعديل، للتأكيد أن النظام الضريبي يساهم في إعادة توزيع الثروات بشكل عادل، بدلاً من تحميل الفقراء العبء الضريبي الأكبر. وأخيراً، فالنظام الضريبي، كجزء أساسي من المالية العامة في مصر، يشكو من نقص الخبرات وضعف الإمكانات، وينتشر فيه الفساد كما ينتشر في باقي أجهزة الدولة، متخذاً من انعدام الشفافية ونقص المعلومات وسيلة للتلاعب بالمال العام. لذا فمن شأن صانع القرار أن يحوّل المعضلات التي يواجهها النظام الضريبي إلى فرص، تتيح الاستخدام الأمثل لموارد الدولة، وتعيد بناء الثقة المفقودة بين المواطنين والدولة.

الموازنة العامة للدولة

2014/ 2013

%2014/ 2013

معدلة 2013/ 2013

%2013/ 2012

الموارد

816.972.940.000.00

718.525.000.00

الإيرادات

505.499.000.00

%61.875

393.475.847.000.00

%54.800

الضرائب

358.728.000.00

%70.965

266.905.3999555.000.00

%67.833

إجمالي الضرائب على الدخول والأرباح والمكاسب الرأسمالية

158.950.717.000.00

%44.309

121.654.000.000.00

%45.579

الضرائب على الدخول من التوظف

21.417.000.000.000

%5.970

20.835.000.000.00

%7.806

الضرائب على دخول الأفراد بخلاف التوظف

11.944.000.000.00

%3.330

9.081.000.000.00

%3.402

الضرائب على الأرباح الرأسمالية

4.330.000.000.00

%1.207

98.000.000.00

%0.037

ضريبة الثروة العقارية

490.000.000.00

%0.137

98.000.000.00

%0.037

أخرى

3.840.000.000.00

%1.070

%0.000

الضريبة على أرباح شركات الأموال

121.259.717.000.00

%33.803

89.740.000.000.00

%33.622

من هيئة البترول والشريك الأجنبي

61.248.716.000.000

%17.074

45.816.000.000.00

%17.166

من قناة السويس

16.408.936.000.00

%4.57

14.095.000.000.00

%5.281

من البنك المركزي

6.000.0000.0000.000

%1.673

%0.000

باقي الشركات

37.602.065.000.00

%10.482

29.829.000.000.00

%11.176

أخرى متنوعة

%0.000

1.900.000.000.00

%0.712

تنشيط حصيلة

24.091.809.000.00

%0.000

1.900.000.000.00

%0.712

إجمالي الضرائب على المستهلك

%6.716

19.402.540.540.000.00

%7.269

ضرائب دورية على الممتلكات

2.438.069.000.00

%0.680

1.004.100.000.00

%0.376

ضرائب على العمليات المالية التجارية والرأسمالية

19.045.200.000.00

%5.309

15.554.000.000.00

%5.828

ضرائب ورسوم على السيارات

2.608.540.000.00

%0.727

2.844.440.000.00

%1.066

إجمالي الضرائب على السلع والخدمات

145.184.255.000.00

%40.472

100.702.055.000.00

%37.729

الضريبة العامة على المبيعات

20.759.000.000.00

%5.787

12.512.670.000.00

%4.688

خدمات أخرى

5.959.000.000.00

%1.661

518.000.000.00

%0.194

ضرائب على السلع جدول رقم 1 محلية

43.567.000.000.00

%12.145

27.311.230.000.00

%10.233

ضرائب على السلع جدول رقم 1 المستوردة

98.000.000.00

%0.027

100.100.000.00

%0.038

الضرائب على الخدمات الخاصة

1.323.114.000.00

%0.369

1.062.114.000.00

%0.398

ضرائب الدمغة(عدا دمغة المهايات)

8.608.000.000.00

%2.400

8.568.100.000.00

%3.210

رسم تنمية الموارد (عدا ما يزيد على 18000 وعدا رسم التنمية على السيارات

2.638.000.000.00

%0.735

2.408.600.000.00

%0.902

ضرائب على استخدام السلع والترخيص باستخدامها وتأدية الأنشطة

6.066.141.000.00

%1.691

5.178.241.000.00

%1.940

إجمالي ضرائب التجارة الدولية

21.546.000.000.00

%6.006

20.758.800.000.00

%7.778

ضرائب على الواردات

21.104.000.000.00

%5.883

20.300.000.000.00

%7.606

ضرائب على التجارة الدولية أخرى

442.000.000.00

%0.123

458.800.000.00

%0.172

إجمالي ضرائب أخرى على الأعمال التجارية

8.956.000.000.00

%2.496

4.388.000.000.00

%1.644

الجدول من إعداد البوابة المعرفية بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، استنادًا إلى الموازنة المعتمدة لعام 2013 / 2014 والموازنة المعدلة لعام 2012 / 2013

توسيع القاعدة الضريبية.. على الرغم من أن الحكومات المتعاقبة قبل ثورة يناير وبعدها، طالما ذكرت توسيع القاعدة الضريبيةإلا أن كل الحكومات اشتركت في التعامل بشكل سطحي ومبسط مع القاعدة الضريبية. فقد اهتمت الحكومات المختلفة بزيادة الإيرادات الضريبية، من دون الاحتياج لتعديلات واسعة في النظام الضريبي. وهكذا، ظلت القاعدة الضريبية كما هي، وما حدث من تغيير اقتصر على زيادة معدلات الضرائب على القاعدة الضريبية الموجودة، من دون محاولة توسيعها للوصول إلى أفراد أو معاملات لا تساهم في النظام الضريبي. وقد ترتب على ذلك أن الحكومات المتعاقبة، بدلاً من أن تبحث في سبل توسيع القاعدة الضريبية، اكتفت بزيادة الأعباء على الممولين الملتزمين بأداء الضرائب. لذا، فمن الطبيعي أن يكون من أهم أولويات أي سياسة ضريبية في مصر توسيع القاعدة الضريبية، وذلك من خلال زيادة التعاملات الخاضعة للضرائب، وزيادة الأفراد الملتزمين بالضرائب. وفي ما يأتي نذكر بعض الأمثلة التي تمثل فرصاً ضائعة لتوسيع القاعدة الضريبية. نبدأ من القطاع غير الرسمي، والذي يسيطر على أكثر من 60% من الاقتصاد، وصار مستوعباً للنسبة الغالبة من العاملين بالقطاع الخاص، والتي تقدر بنحو 68%، وترتفع النسبة في المناطق الريفية لتصل إلى 82.3%، مقابل 42.8 % في الحضر. (23) كما أن الإحصاءات تشير إلى أن نسبة العاملين بعقود قانونية في سوق العمل لا تتجاوز 56% من إجمالي العاملين، وأن نسبة المشتركين في التأمينات الاجتماعية نحو 42% وفي التأمين الصحي 33%.(24)

إذن، فبدلاً من تجاهل القطاع غير الرسمي أو التعامل معه كقطاع مجرم في حق المجتمع، يتعين على الدولة دراسة كيفية إعطاء هذا القطاع الفرصة والأسباب ليلتزم بالضريبة، ولن يتم ذلك إلا بمواجهة كافة الإعاقات التي تسببت في انتشار القطاع غير الرسمي من الأصل. مثلاً، يجب دراسة تبسيط النظام الضريبي، وتسهيل تسجيل الشركات، والتسامح مع الأنشطة التي لم تكن مسجلة خاصة من حيث الضرائب، وتوفير الامتيازات لتشجيع المواطنين على الالتزام، كتوفير الأكشاك أو المحلات أو المناطق الصالحة للمشروعات، وغيرها من الأدوار التي من شأن الحكومة أن تلعبها وتنهي بها تهميش القطاع غير الرسمي.

والجدير بالذكر أن العديد من المنظمات قد تقدمت بمقترحات تعتمد على ادخال نظام الفاتورة على نشاطات الحرفيين، وذلك من أجل ضمان تسجيلهم، والتزامهم بالضرائب المستحقة. وقد ربطت تلك المقترحات بين تسجيل الورش المختلفة في مصلحة الضرائب، وبين حصول المسجلين على الضمانات الاجتماعية والصحية، وهو ما يحقق التوازن بين حقوق المكلف وواجباته. فالفاتورة هي المستند الذي يدل على حدوث الصفقة، وتعتبر أساسية في ضبط وتنظيم المجتمع الضريبي في مصر ومواجهة الاقتصاد الوهمي. أكثر الطرق شيوعاً في التهرب الضريبي يتمثل في عدم إصدار فاتورة عن كل صفقة خاضعة للضريبة أو عدم صحة البيانات الواردة فيها.

توسيع القاعدة الضريبية لا يعني فقط زيادة المواطنين الخاضعين للضرائب المعروفة، بل يعني أيضًا إعادة النظر في الإعفاءات، وفي المعاملات المعفاة تماماً من الضرائب، والتي قد يكون لها إسهام هام في زيادة دخل الدولة، وعلى رأسها الضرائب على البورصة وعلى المكاسب الرأسمالية، وهي الضرائب التي حاولت الحكومات المتعاقبة بدء العمل بها، ثم تراجعت خوفًا من استثارة المستثمرين ورجال الأعمال. وليس على الدولة أن تفرض ضرائب مرتفعة على تلك المعاملات، فلو فرضت ضريبة الـ 10% على أرباح المضاربين في البورصة لأثرت في دخل الدولة. كما أن الحكومة من شأنها أن تفتح النقاش مع جمعيات رجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدني، وذلك من أجل ضمان التوافق الشعبي قبل بدء اجراءات كتلك.

ومن أجل توسيع القاعدة الضريبية لتشمل معاملات جديدة، يجب إعادة النظر في الإعفاءات الجمركية، وفي قوانين الضرائب على التجارة الخارجية، خاصة في السلع المتوفرة محلياً، وفي السلع المكملة والفاخرة. فمن ناحية تمثل الضرائب على التجارة الخارجية مصدراً للدخل القومي، ومن ناحية أخرى يمكن لمصر من خلال التحكم في أسعار الضرائب على السلع المستوردة حماية المنتجات المحلية، التي لم ترتق لمنافسة المنتجات المستوردة في الأعوام الماضية. ولعل للتعديلات التي صادق عليها مجلس الشورى بشأن زيادة الجمارك على بعض السلع غير الأساسية دوراً هاماً في زيادة العوائد الضريبية من الجمارك في العامين الماضيين، مقارنة بالأعوام السابقة.

يعتبر الاعتماد الكامل على التقدير البشري من أكبر مشاكل الحصر الضريبي. فآليات الفحص ليست موحدة بين مأموريات الضرائب المختلفة، وهذا يظهر بوضوح في القطاع غير الرسمي والتي لا تستخدم الفواتير مثل الورش والحرفيين. ولذا كان من أبرز الاقتراحات لزيادة كفاءة الحصر الضريبي وبالتالي زيادة الإيرادات الضريبية من خلال توسيع المجتمع الضريبي، هو ضرورة استخدام الفاتورة، مع العلم أن مشكلة القطاع غير الرسمي في مصر، هي بالأساس مشكلة ثقافة، ولذا أصبح الأمر مرهوناً بإنتاج قناعة شعبية أن محاصرة التهرب أساسية لزيادة الإيرادات الضريبية التي ستقلل في النهاية من العبء عليهم وتعود عليهم بنفع أكبر، إضافة إلي أنها الضمان الأساسي للحفاظ على حق المستهلك في الحصول على منتج آمن، وأيضًا إلزام التاجر بألا يغالي في الأسعار، ويضمن حق الدولة في تحصيل

الضريبة. (25) وبالطبع، سيقع العبء الأكبر على الحكومة في إعادة توزيع الإنفاق، من أجل التأكد أن الموازنة العامة، والتي تمولها ضرائب المواطنين، تضع في أولوياتها تحقيق مطالب واحتياجات المواطن.

الضريبة التصاعدية..

الضريبة التصاعدية هي من أفضل المقاييس المعمول بها عالمياً لقياس مدى عدالة أي نظام ضريبي. وعلى الرغم من أن النظام الضريبي المصري يعرف التصاعدية، خاصة في ضرائب الدخل على التوظف إلا أن التصاعدية تشمل الدخول الدنيا والمتوسطة، ولا تمس الدخول المرتفعة التي يجب أن تدفع نسبة أعلى حسب قدرتها المالية. والجدير بالذكر أن رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين قد طالب الحكومة بعدة تعديلات ضريبية، من شأنها زيادة الإيرادات الضريبية للدولة من خلال تحميل الفئات الأعلى دخلاً العبء الضريبي الأكبر، فقد طالب مثلاً برفع مستوى الضريبة الحالية بنسبة 10 % إضافية على من تزيد أرباحه السنوية عن 50 مليون جنيه سواء كان شركةً أو فردًا (لتصبح نسبة الضريبة 35 % بدلاً من 25 % )، وزيادة مستوى الضرائب بنحو 5 % على من يتراوح دخله بين 10 ملايين جنيه حتى 50 مليونًا (لتصبح الضريبة 30 %.(26) إن ما طالب به رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين هو تحقيق تصاعدية حقيقية في النظام الضريبي، بحيث يتحمل أصحاب الدخول الأعلى النسبة الأكبر من العبء الضريبي. الجدير بالذكر أيضًا أن مثل هذه الزيادة في الضرائب على الدخول المرتفعة لا تتعارض حتى مع توصيات المؤسسات المالية الدولية، فتقرير البنك الدولي مثلاً، وهو المهتم بالاستثمار والنمو أكثر من أي شيء آخر، أعطى مصر الإشارة لزيادة الضريبة الإجمالية على الشركات، حيث إنه أظهر أن مصر تحصل ضرائب أقل من المتوسط العالمي.

بالإضافة إلى الاحتياج لتصاعدية أكبر تصل إلى الدخول الأعلى، هناك احتياج أيضًا لإعادة النظر في توحيد الضريبة على الشركات، بنسبة 25% والتي تتشابه ونسبة الضرائب على دخل التوظف. فكيف يتحمل الفرد من دخله النسبة نفسها التي تتحملها الشركات من صافي الربح. وكيف يتحمل المواطن ذو الراتب المتوسط الشريحة الرابعة والذي قد يكون راتبه أربعة آلاف جنيه في الشهر نسبة 20% من كامل دخله للضرائب، بينما تدفع شركة قد يكون رأس مالها ملايين الجنيهات 25% فقط، وذلك من صافي ربحها؟! فالشركات تدفع الضرائب من صافي ربحها، أي بعد خصم كل التكاليف والمصروفات والمشتريات ومرتبات العاملين، بينما يدفع العامل الضريبة عن إجمالي دخله. من الواضح إذن أن نظام الضرائب على الدخل ما زال يفاضل الشرائح الأعلى دخلاً من الشركات والأفراد على المواطنين من محدودي ومتوسطي الدخل. بالإضافة إلى ذلك، فإن التعديلات الضريبية الأخيرة ساوت بين الشركات بضريبة موحدة وغير تصاعدية، تبلغ 25% من الأرباح. السؤال هو، كيف توحد الشركات جميعها تحت مظلة ضريبية واحدة، علمًا بأن أرباحها وأحجامها وأنشتطها تختلف؟ وعلى الرغم من أن العديد من الخبراء يخافون من الضرائب التصاعدية للشركات، حيث قد يؤدي ذلك إلى مزيد من الفساد، ولتسجيل الشركات لأرباح أقل حتى تدفع النسبة الضريبية الأصغر. ولكن أليس هذا سببًا لتقوية مصلحة الضرائب وزيادة قدراتها في مراجعة الحسابات للتأكيد على القضاء على الفساد؟ لذا، فليس من المفروض أن نعتبر ذلك سببًا في عدم ادخال تغيير من شأنه أن يزيد الإيرادات الضريبية، ومن شأنه أن يحقق عدالة أكثر، خاصة للشركات المتوسطة والصغيرة.

ضرائب المبيعات وضريبة القيمة المضافة..

مما لا شك فيه أن الانتقال الكامل إلى ضريبة القيمة المضافة سيكون واقعًا في السنوات القليلة المقبلة. فقد بدأ التخطيط للعمل بهذه الضريبة منذ 2006، وعادت الحكومة إلى نقاشها بعد قيام ثورة يناير، وهو ما صاحب بالأساس الدعم التقني الذي يقدمه صندوق النقد الدولي للحكومة المصرية.

ولكن قبل القبول بالانتقال إلى ضريبة معروفة عالمياً بأنها من أن أكثر الضرائب رجعية، وأنها بالأساس تنقل العبء الضريبي للمستهلك الأخير، وهو ما يخل بالعدالة الضريبية، يتعين علينا دراسة سبل تطوير النظام الحالي دون تطبيق ضريبة القيمة المضافة، علمًا بأن ضريبة المبيعات الحالية تحتوي على العديد من ملامح ضريبة القيمة المضافة، لا سيما طريقة احتساب الضريبة.. ونذكر هنا أن من أهم أسباب الانتقال لضريبة القيمة المضافة هو تبسيط النظام الضريبي من خلال توحيد الضريبة على السلع والخدمات بدلاً من الجداول المعقدة والقوانين الأكثر تعقيدًا والتي لا تصب في صالح الدولة ولا في صالح المواطن. ولكن في الوقت ذاته، الحل لا يمكن أن يكمن في التوجه لمظلة ضريبية، هدفها زيادة الإيراد الضريبية واستبدال النظام المعقد الحالي، ولكن في الوقت ذاته لا يتحمل الكلفة غير المواطن، الذي يدفع بالفعل ضرائب على الدخل، ولا تخصم ضرائب استهلاكه من ضرائب الدخل مثلاً، عكس الشركات التي تخصم كل المصروفات ومنها الضرائب على السلع والخدمات المتعلقة بالعمل من الوعاء الذي تحتسب الضريبة عليه. فاذا راجعنا الجدول السابق لإجمالي الضرائب، لوجدنا أن الضريبة العامة على المبيعات بشكلها الحالي، تمثل 40 % من الحصيلة الضريبية، فيما تمثل ضريبة دخل الشركات نحو 10% من إجمالي الحصيلة (وذلك باستثناء قناة السويس والبنك المركزي وهيئة البترول). فلم تنصب محاولات الدولة على زيادة الحصيلة من بند هو بالفعل الأكثر مساهمة في الضرائب وهو المسؤول عن ارتفاع الأسعار، وهو المرتبط بشكل مباشر بقدرة المواطن الشرائية وقدرته على المعيشة. لذا، فاننا ندعو الحكومة إلى تعطيل العمل بضريبة القيمة المضافة، والعمل على تبسيط نظام الضريبة على المبيعات. الحفاظ على السلع الغذائية والسلع الأساسية في بنود خاصة وبأسعار ضريبية استثنائية، لما لها من دور استراتيجي في الحفاظ على مستوى معيشة المصريين وقدرة المواطن البسيط أن يصل للمأكل والملبس والمسكن.

في كل مرحلة من مراحل الإنتاج، المتحمل الرئيسي للضريبة يكون هو المستهلك. المصانع أو الشركات التي تدفع الضرائب تقوم باسترداد قيمة الضريبة المدفوعة مما يخصم سعر ضريبة المبيعات للمنتجين وللشركات، ولكن المستهلك لا يسترد قيمة الضريبة، وبالتالي هو وحده يتحمل الضريبة وزيادة سعر المنتج المترتبة على تعاقب الضريبة على مراحل الإنتاج. النظام الضريبي المعمول به حالياً يطبق معظم ملامح ضريبة القيمة المضافة. وهكذا، سيمثل الانتقال لضريبة القيمة المضافة نقطتين أساسيتين: أولاهما توحيد فئة الضريبة، والثاني هو تطبيق مبدأ خضوع جميع السلع والخدمات للضريبة بعد أن كانت الخدمات في الأصل معفاة وخضوعها هو الاستثناء. (27)

القضاء على الفساد..

الفساد هو المرض السرطاني الذي صار يلتهم أجهزة الدولة، ويقضي على الأموال العامة وينتهك الثروات التي هي ملك للشعب المصري وللأجيال القادمة. والفساد ليس فقط في النظام الضريبي ولكن في كافة أجهزة ومؤسسات الدولة، بل إنه صار السمة الرئيسية للحياة في مصر، ولذا فمكافحة الفساد يجب أن تكون أولوية صناع السياسة العامة في مصر، سواء أكانت السياسة الضريبية أم سياسة الدعم أو غيرها، حيث إن لمحاربة الفساد الدور الأكبر، ليس فقط في الإصلاح الضريبي، ولكن أيضًا في الإصلاح الاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي الشامل. لقد أثبتت الإحصاءات العالمية أن معدلات فساد القطاع الحكومي والقطاع العام في مصر قد تدهورت عن السابق. فقد جاءت مصر في المركز الــ 118 من عدد 176 دولة في معدلات غياب الفساد: أي أن مصر تحتل المرتبة الــ 58 بين الدول من حيث انتشار الفساد وذلك بعد أن كانت تحتل المرتبة الــ112 في عام 2011 (28). هذا وقد سجلت مصر في مؤشر الفساد رقم “32” على مقياس منظمة الشفافية العالمية، وهو ما يعني أن الدولة في منتهى الفساد، حيث يرمز الرقم “0” إلى الانتشار التام للفساد، وصولاً إلى رقم 100 الذي يعني أن الدولة خالية من الفساد. مقارنة بالدول النامية، نجد أن معدلات الفساد في مصر أعلى من مثيلاتها، وأكبر من أن يتم السكوت عنها في صناعة القرار السياسي. فتونس مثلاً جاءت في المرتبة الــ75 مسجلة معدل برقم “41” في مؤشر الفساد، كما جاءت دولة رواندا في المرتبة الـ 50، مسجلة معدل برقم “53” في مؤشر الفساد، وجاءت دولة الأردن في المرتبة الـ 58 مسجلة معدل برقم “48” في مؤشر الفساد، وغيرهن من الدول التي تفوقت على مصر في محاربة الفساد وتعزيز الشفافية، حتى وإن كان الفساد ما زال سمة لكل تلك الدول وغيرها من الدول النامية. (29)

ولعل من أهم أسباب وفرص انتشار الفساد هو غياب الشفافية وعدم إشراك المواطنين في اتخاذ القرار. فالمواطن، خاصة كممول لخزانة الدولة من خلال الضرائب التي يتحملها، له الحق في معرفة كافة تفاصيل النظام المالي في مصر، وكيفية توزيع الإيرادات، وله الحق ليس فقط أن يعلم، بل أن يشترك في صنع السياسة الاقتصادية، فهو الممول وهو متلقي الخدمة. لذا، فليس من الغريب أن ينتشر الفساد في دولة أضحى فيها المواطن على هامش السياسة العامة، وصارت الدولة بنخبها السياسية والاقتصادية هي الفاعل الأساسي، فغابت الشفافية، وانعدمت المحاسبة. فلو عدنا سريعًا إلى الجدول السابق، لوجدنا العديد من الأسئلة المشروعة عن بنود وأموال غير معروفة الهوية أو المصدر: فما المقصود بكلمة خدمات أخرى، وهو البند الذي استولى وحده على نحو 6 مليارات جنيه في الموازنة الحالية لعام 2013 / 2014، على الرغم من أنه كان بلا مخصصات في الأعوام السابقة، كما أن العام الماضي لم يستول إلا على نحو 500 مليون جنيه. الأسئلة نفسها نطرحها على العديد من البنود غير الواضحة، والتي تظهر فجأة في الموازنة العامة ثم تختفي. فكيف للمواطن أن يفهم حقوقه إذا لم يفهم البيانات التي تقدمها الدولة، التي تكون في منتهى التعقيد، ويصعب فهمها حتى على الخبراء. ولعل من أهم أساليب زيادة الالتزام الضريبي لدى المواطنين والشركات هو رفع الوعي الضريبي من خلال اشراك المواطنين في صنع السياسة الضريبية، وتفعيل دور المواطن كمراقب للدولة ومحاسب لأي فاسد أو مستهتر بالمال العام.

تطوير مصلحة الضرائب..

ومن أجل تفعيل دور المواطن، وإشراكه في اتخاذ القرار ومحاسبة المسؤولين عن تنفيذ السياسة الضريبية، يتعين على صانع القرار أن يولي اهتمامًا أكبر لتبسيط النظام الضريبي، ورفع قدرات مصلحة الضرائب. فقد أكدت تقارير حديثة للبنك الدولي أن مصر تعيش بنظام ضريبي معقد، بل أنه يعتبر من أكثر 40 نظاماً معقداً من بين 185 دولة في العالم.

جاءت مصر في المستوى الـ 145 من بين 185 دولة في سهولة دفع الضرائب، في تقريري البنك الدولي لممارسة أنشطة الأعمال 2013 (30)/ ودفع الضرائب 2013. (31) أهمية الدراسة تكمن في أنها تصنف الدول حسب سهولة عمل الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم فيها، من حيث سهولة اتباع النظام الضريبي. وهكذا، فالقائمون على الدراسة يقارنون النظم الضريبية في 185 دولة من خلال ثلاثة عوامل: عدد الساعات التي تتطلبها شركة متوسطة الحجم لدراسة وفهم وتسجيل الضرائب المستحقة في العام الواحد، وكذلك قياس عدد الدفعات التي تدفع الشركة من خلالها مختلف الضرائب المفروضة عليها، والسعر الإجمالي للضريبة المفروضة على تلك الشركات، وهو السعر النهائي والذي يتضمن الضريبة على الأرباح، والتأمينات الاجتماعية، والتي تتحمل الشركة جزءًا منها عن المؤمن عليه، وضرائب أخرى.

من خلال هذه الدراسة يتبين أن مصر من أصعب الدول من حيث تعقيد النظام الضريبي، وهكذا فهي من أصعب الدول من حيث ممارسة أنشطة الأعمال والاستثمار. فدراسة البنك الدولي السابق ذكرها تنطلق من دور النظام الضريبي في تحقيق النمو وجذب الاستثمار وتشجيع الإنتاجية، إلا أن مصر ظلت طوال السنوات السابقة من أسوأ الدول من حيث سهولة النظام الضريبي، خاصة من حيث عدد الساعات التي يتطلبها النظام الضريبي المعقد من أي شركة سنوياً لفهم وحساب وتسجيل وتسديد الضرائب المستحقة. فالنظام الضريبي المصري يكلف الشركات في المتوسط 392 ساعة كل عام، وهو ما يزيد عن المتوسط العالمي بنحو 125 ساعة. بالإضافة إلى ذلك، فإن المعدل الإجمالي للضرائب المفروضة على الشركات يظل أقل من المعدل العالمي، فما الخطر إذن من رفع الضرائب على الشركات والوصول إلى المعدل العالمي؟ فمن سخرية القدر أن نظامنا الضريبي هو الأعقد، والأكثر كلفة من ناحية الوقت ودفعات السداد، وعلى الرغم من ذلك فإن الدولة لا تحصل من الشركات إلا نسبة أقل من متوسط الإيرادات العالمية.

وأخيراً فإن لتطوير مصلحة الضرائب، ورفع قدراتها، بل وزيادة رواتب العاملين فيها، خاصة من محصلي الضرائب، دورًا أساسياً في الانتقال إلى نظام ضريبي أكثر فعالية وأكثر عدالة. فنذكر مثلاً أن المتأخرات الضريبية، وهي الإيرادات المستحقة للدولة، والتي لم يتم سدادها بعد، في تزايد مستمر. فقد ارتفعت قيمة المتأخرات المستحقة للحكومة والتي لم يتم تحصيلها من 41 مليار جنيه في 2002 إلى 96 ملياراً في 2007، ثم إلى 154.9 مليار جنيه في 2012. (32) والجدير بالذكر أن التهرب الضريبي من أكثر الجرائم التي تؤثر على المجتمع بأثره، وتعصف بحق المواطن، ويرجع التهرب الضريبي في بعض الأحيان إلى مصلحة الضرائب ذاتها، حيث يتسبب غموض القوانين الضريبية وتعقيدها إلى تأخر المأموريات في فحص الملفات الخاصة بالممولين لمدة طويلة يترتب عليه تأخير مستحقات المصلحة، ومن ثم تعرضها للسقوط بالتقادم من جهة أو تراكم هذه المستحقات على الملتزمين بالسداد من جهة أخرى“. (33)

وهو ما يدعو إلى الانتباه للأسباب الكامنة خلف هذا التأخر سواء كانت أسباباً تشريعية

أو أسباباً تتعلق بقدرة المصلحة على التحصيل، فكل هذه أموال مهدورة، من حق الدولة ومن حق المواطن أن يراها تساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية، ورفع مستوى المعيشة لدى المصريين.

كما تعاني مأموريات الضرائب، المسئولة عن حصر المجتمع الضريبي، وتحصيل الضرائب، بمختلف أنواعها، من سوء الإدارة وسوء التنسيق والاعتماد على التقييم البشري لغياب المقاييس الثابتة لتقييم الممول أو النشاط وإذ ما كان سيخضع للضريبة، وأي نوع من الضرائب سيخضع لها. وهو ما يؤدي إلى عدم الكفاءة في حصر المجتمع الضريبي. ولعل من أبرز الإشكاليات هو عدم وجود تعاون بين مأموريات الضرائب لتفيد بعضها. فهناك حاجة ماسة لعمل شبكة معلوماتية تربط بين المصالح الضريبية والتأمينات الاجتماعية والوزارات والجمارك و بين المديريات المختلفة، ويكون هدفها هو خلق قاعدة بيانات واحدة تربط بين المعلومات المختلفة عن الممول الواحد. وهو ما سيساعد بشكل جذري في القضاء على التقديرات الجزافية التي يضطر مأمورو الضرائب اللجوء لها في تقدير حجم الاعمال وتقدير الضريبة. فعند خلق هذه الشبكة المعلوماتية الموحدة، سيقدر موظف الضريبة العقارية على إيجاد المعلومات الخاصة بضريبة الدخل والتأمينات الاجتماعية للمول ذاته، وهو ما سيساعد على تحصيل الضرائب المختلفة بشكل أكثر عدلاً وكفاءة. كل ذلك يصب في فكرة إصلاح المنظومة من الداخل والذي بدوره أن يساهم في تقليل تكلفة تحصيل الجنيه والذي أيضًا يضمن إعادة هيكلة المصالح الضريبية من أجل رفع كفاءتها وكفاءة العاملين بها لزيادة الايرادات الضريبية بشكل عادل وكفؤ وقانوني.

(1) صدر القانون تحت عنوان قرار رئيس جمهورية مصر العربية: بالقانون رقم 44 لسنة 2014 بفرض ضريبة إضافية مؤقتة على الدخل، الجريدة الرسمية. العدد 22 مكرر (ج) في 4 يونية 2014.

(2) أثارت هذه الإعفاءات العديد من النقاشات، خاصة في ما يتعلق بإعفاء العلاوات الخاصة، وذلك حيث إن العاملين بالقطاع العام وبالحكومة يعتمدون بشكل أساسي على العلاوات كمصدر دخل، حيث تسببت منظومة الأجور المصرية إلى أن العلاوات الخاصة تمثل أكثر من 300% من الدخل الأساسي، وهي لا تخضع للضريبة. للمزيد من المعلومات حول النقاشات القانونية حول إعفاء العلاوات الخاصة يرجى العودة الدراسة السياسة الضريبية والعدالة الاجتماعية في مصرلكاتبها أ / عبد الفتاح الجبالي، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، يونيه 2013.

(3) عبد القادر اسماعيل. “ضريبة البورصة.. الجحيم في التفاصيل، 10 يونيو 2014. http://www.alwafd.org

(4) خالد علي العدالة الضريبية: مبدأ قانونية الضريبة“. المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. يونيه 2013

(5) مصلحة الضرائب العقارية. الضريبة على الأطيان. http://www.rta.gov.eg/ar/LandTaxType.aspx

(6) أنجز باحثين في الجامعة الأمريكية ببيروت دراسة عن ضريبة القيمة المضافة في بيروت، أثبتوا من خلالها أن معدلات الفقر ترتفع مع كل نسبة زيادة في سعر ضريبة القيمة المضافة، وأن الزيادة لا تؤثر في الأكثر فقرًا بل تؤثر على الطبقات المتوسطة التي تسقط في الفقر. الدراسة بعنوان:

The Poverty And Equity Implications Of A Rise in the Value Added Tax: A MicroEconomic Simulation for Lebanon. N Salti and J. Chaaban. May 2009. UNDP Capacity Building for Poverty Reducation

(7) أخبار اليوم. ” إعادة النظر في قانوني الضرائب العقارية والدخل لتتوافق مع الدستور“. 31 يناير 2014. http://www.dar.akhbarelyom.com/issuse/detailze.asp?mag=akh&akhbarelyom=&field=news&id=19565

(8) للاطلاع على نص الدستور الجديد لمصر لعام 2014:

http://egelections-2011.appspot.com/Dostour/Dostour-update2013.pdf

(9) “العدالة الضريبية: مبدأ قانونية الضريبة لكاتبه أ / خالد علي، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، يونيه 2013، صــــ 28 و 29

(10) الطعن 9 لسنة 17 قضائية دستورية جلسة 7 سبتمبر 1996 نشر بالجريدة الرسمية، العدد 37 في 19 سبتمبر 1996

(11) الضرائب بين الفكر المالى والقضاء الدستورى دراسة تحليلية لأهم الأحكام بعدم الدستورية وآثارها الدكتور رمضان صدیق محمد – 1997

(12) القضية رقم 9 لسنة 17 قضائية دستورية

(13) القضية رقم 23 لسنة 12 قضائية دستورية الجريدة الرسمية العدد 3 بتاريخ 21 يناير 1993

(14) البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في إطار خطة الحكومة المصرية (2012 – 2014): السياسات المالية والنقدية رئاسة مجلس الوزراء. نوفمبر 2012.

(15) pdf.157-634897169281578176-2012/28/11/http://gate.ahram.org.eg/Media/News/2012 (15) IMF Reaches Staff-Level Agreement with Egypt on a US$ 4.8 Billion Stand-By Arrangement. Press Release No. 12/446/ November 20، 2012. http://www.imf.org/external/np/sec/pr/2012/pr12446.htm

(16) “تم فصلنا.. فانفصلناسكان التحسين وغيرهم من قرى مصر المهمشة. المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. أكتوبر 2012 http://is.gd/VVOoQn.

(17) للمزيد من المناقشات التاريخية حول مبدأ المنفعة العامة للضرائب، يرجى مراجعة العدالة الضريبية: مبدأ قانونية الضريبةلكاتبه أ / خالد علي، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، يونيه 2013.

(18) من أهم الدراسات التي تعمل على تبسيط النظام الضريبي دراسة للأستاذ / رضا عيسى تحت عنوان من يدفع الضرائب في مصر؟، نشرت في ديسمبر 2012، ودراسة السياسة الضريبية والعدالة الاجتماعية في مصرلكاتبها أ / عبد الفتاح الجبالي المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، يونيه 2013

(19) Ministry of Finance: Egypt. The Financial Monthly. January 2014.

http://www.mof.gov.eg/MOFGallerySource/English/Reports/monthly/2014/jan2014/Full%20 version.pdf

(20) طبقًا للموازنة العامة للدولة المعتمدة لعام 2013 / 2014.

(21)- Eurost Date. http/appsso.eurostat.ec/nui/show.do/dataset=gov_a_tax_ag&lang=en

(22)- Eurost Date. http/appsso.eurostat.ec/nui/show.do/dataset=gov_a_tax_ag&lang=en

(23) دراسة السياسة الضريبية والعدالة الاجتماعية في مصرلكاتبها أ / عبد الفتاح الجبالي، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، يونيه 2013.

(24) دراسة السياسة الضريبية والعدالة الاجتماعية في مصرلكاتبها أ / عبد الفتاح الجبالي، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، يونيه 2013

(25) أبو العزم، نهلة الفاتورة الضريبية تلاحق مصانع بير السلم“. الاهرام الرقمي. 2 أغسطس 2010

(26) شريف اليماني. مستثمرون مصريون يقترحون زيادة الضرائب على أصحاب الدخل الكبير وعلى السلع الكمالية والفاخرة. الشرق الأوسط. 25 ديسمبر 2012. http://is.gd/hxsuFt

(27) بحر، هدي. اسماعيل، عبد القادر قانون ضريبة القيمة المضافة إخلال بالمنافسة“. الوفد 18 مارس 2014

(28)Corruption Perception Index 2011. Transparency International.

http://www.transparency.org/cpi2011/results

(29) Corruption Perception Index 2012. Transparency international

http://www.transparency.org/cpi2012/results

(30)Ease of Doing Business in Egypt، Arab Republic of. Doing Business. 2013.

http://www.doingbusiness.org/data/exploreeconomies/egypt#paying-taxes

(31) Paying Taxes 2013: the Global Picture. Doing Business.

http://www.doingbusiness.org/reports/thematic-reports/paying-taxes/

(32) دراسة السياسة الضريبية والعدالة الاجتماعية في مصرلكاتبها أ / عبد الفتاح الجبالي، لمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية يونيه 2013، ص 74

(33) المرجع السابق.

يمثل النظام الجبائي لأي بلد كان، مرآة تعكس التركيبة الاجتماعية والاقتصادية وموازين القوى السائدة بين مختلف الشرائح الاجتماعية ببلد معين وفي مرحلة تاريخية معينة. كما تعكس حركية وطبيعة التنمية، ودور مختلف الأطراف في عملية الإنتاج، ونصيبهم من توزيع الثروة، ومساهمتهم في الموارد الجبائية، ومدى انتفاعهم من النفقات العمومية. وبما أن كل هذه الأوضاع متغيرة، متطورة وغير جامدة، فإن النظام الجبائي يكون بدوره محل تطور مستمر محافظاً بذلك على صفته كمرآة عاكسة للحركية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للبلد.

كما أن النظام الجبائي، هو نظام إجباري لا اختياريًا ولا تطوعيًا تحدد معالمه ومضمونه وتركيبته ونسق تطوره الدولة، عبر اعتماد تشريعات تضبط مكونات هذا النظام، وبالتالي مساهمات كل الأطراف الاجتماعية والاقتصادية. ويقود هذا الوضع إلى تمركز نسبة من الفائض الاجتماعي، أي من الثروة والإنتاج لدى الدولة التي تقوم باستعماله وتوظيفه، في أنشطة عديدة عبر النفقات العمومية ولكي يلعب النظام الجبائي دوراً مهمًا في إقامة العدالة الاجتماعية، يجب أن يندرج هذا النظام في صلب سياسة تهدف إلى إعادة توزيع المداخيل والثروة. وهذه السياسة يجب أن تكون حريصة على ضبط المساهمات الجبائية بصفة عادلة بين الفاعلين الاقتصاديين أي بصفة تعكس نصيبهم من الثروة من جهة، وأن تقوم بتوجيه النفقات العمومية في قطاعات ومشاريع من شأنها أن تحسن من التوزيع الأولي للثروة من جهة أخرى. وكما سنرى من خلال هذا البحث، فإن موقع ومحتوى وأهمية سياسة إعادة توزيع المداخيل، تختلف من فترة زمنية إلى أخرى حسب أهمية دور الدولة وطبيعة نمط التنمية المعتمد.

وفي تونس وإلى حدود الثلاثينات من القرن الماضي كانت الموارد الجبائية متكونة بالأساس من الضرائب الفلاحية والعقارية (الفلاحة كانت تمثل آنذاك أهم قطاع إنتاج) خاصة من المجبةوالعاشوروالقانون“.

وكان جمع هذه الضرائب يقع عبر حملات عسكرية موسمية ذات صبغة قمعية تشارك فيها القبائل الحليفة للسلطة المركزية التي كان على رأسها الباي. وغالبًا ما تكون هذه القبائل الحليفة معفاة من دفع الضرائب.

ومع الحماية الفرنسية التي أبقت شكلياً على سلطة الباي خلافاً لما فعلته بالجزائر، فقد بدأت عملية الانتقال من مجتمع تقليدي مرتكز على الفلاحة والصناعات التقليدية بالأساس، إلى مجتمع تطغى عليه علاقات إنتاج رأس مالية. وقد واكب هذا الانتقال بروز أنشطة جديدة (زراعات كبرى قائمة على المكننة وعلاقات تأجير، استغلال مناجم الفوسفات والحديد، الخظهور بعض الصناعات المعملية خاصة الصناعات الغذائية، ارتفاع أنشطة الخدمات حجم (النقل والتجارة البناء والأشغال العامة بالخصوص، توسع الأنشطة الإدارية….) مع ظهور فئات اجتماعية بحجم أوسع مثل العمال الإجراء في القطاع الخاص، الموظفين في القطاع العام، المهن الحرة من أطباء، محامين، حرفيين في أنشطة جديدة كالميكانيك والكهرباء والصيانة عموماً في مختلف الميادين

وهاته الشرائح الاجتماعية الصاعدة، أصبح دخلها يمثل نسبة هامة ومتطورة من الدخل الوطني، ما أدى إلى ظهور نوع جديد من الضرائب مثل المساهمة الشخصية للدولة سنة 1932، والضريبة على الأجور لسنة 1937. وقد أصبحت هاته الضرائب الجديدة تساهم بقسط متصاعد في حجم الموارد الجبائية. وقد ساهم الأجراء سنة 1949 بـ 32،2 % من الموارد الجبائية تحت عنوان المساهمة الشخصية للدولة، كما أن الضريبة على الأجور أصبحت تمثل 20 بالمائة سنة 1949 من الضرائب المباشرة مقابل 3 % فقط سنة 1933.

وبعد الاستقلال السياسي، ورثت الدولة المستقلة وضعية مالية عموماً وجبائية بالخصوص دون الرغبة والطموح في بناء اقتصاد عصري متطور قائم على التصنيع وتوسيع وتنويع النسيج الاقتصادي، ذلك أنه في فترة الحماية الاستعمارية جرى تثبيت الاقتصاد التونسي في إطار تقسيم دولي للعمل قائم على استغلال الامتيازات التفاضلية القارة في ميدان الإنتاج الفلاحي المنجمي الموجه بالأساس نحو التصدير، مقابل توريد المنتوجات الصناعية المتمثلة في المعدات والآلات والتجهيزات والمواد الاستهلاكية المختلفة (غذاء، لباس…).

وفي هذا الإطار، فقد نتج تراكم بدائي مشوه، تمثل في تحريروفك ارتباط قوى العمل بالأنشطة التقليدية، من خلال افتكاك الأراضي الزراعية الخصبة، وتراجع الاقتصاد العائلي، وبروز ظاهرة المكننة في القطاع الفلاحي، واشتداد المنافسة غير المتكافئة بين إنتاج الصناعات التقليدية والسلع المصنعة المستوردة مع ارتفاع ظاهرة النزوح والبطالة والتهميش والإفقار. وفي مقابل بروز قوى عمل حرة من كل ارتباط مع منظومة الإنتاج التقليدي، لم يقع تمركز رأس المال النقدي داخلياً، نظراً لأن نسبة هامة من الفائض الاقتصادي، كان يحوّل نحو فرنسا، المركز الاستعماري، حيث توجد مقرات الشركات التي تستغل الثروات التونسية.

وقد ورثت دولة الاستقلال هذا التراكم البدائي المبتور، الذي يتميز بوجود قوة عمل حرة من كل القيود، وعاطلة من العمل من دون وجود رأس المال نقدي متمركز، يسمح بتوسيع رقعة التراكم الرأسمالي، ما أدى إلى وجود قطاع خاص ضعيف وهش غير قادر على القيام بدور تنموي معتبر.

وفي هذا الإطار، ستحافظ دولة الاستقلال على النظام الجبائي الموروث من عهد الحماية، مع توسيع القاعدة الجبائية ورفع نسبة الضرائب، قصد تحقيق تمركز نسبة هامة من الفائض الاجتماعي بين أيدي الدولة التي ستتعهد في فترة أولى (1960-1970)، وفي غياب قطاع خاص وطني متطور، ببناء مشروع تنموي قائم على التصنيع في إطار إقامة بعض الأنشطة الصناعية محل الواردات عن طريق بناء قطاع عام هام نسبياً.

علمًا أن النظام الجبائي الموروث قد جرى تركيزه بتونس في فترة ما بين الحربين العالميتين (العيادي 1989 و1996) على الأسس نفسها التي قامت عليها الإصلاحات الجبائية التي حصلت في فرنسا سنة 1917 و 1948. منذ ذلك الوقت وحتى منتصف الثمانينات، لم تُدخل إصلاحات هيكلية هامة على النظام الجبائي التونسي رغم تعدد الإجراءات الهادفة إلى رفع الاقتطاعات الإجبارية عامة (1) ومن الموارد الجبائية بالخصوص قصد تمكين الدولة من أكبر موارد عمومية ممكنة لمجابهة نفقات التنمية والتصنيع المتصاعدة إلى جانب النفقات الاجتماعية. كانت الدولة في الفترة 1985 – 1960 تقوم بدور اقتصادي هام في ميدان سن السياسات القطاعية أولاً وفي ميدان إعادة توزيع المداخيل والثروة ثانياً.

ومع الصعوبات التي عرفها الاقتصاد التونسي في المنتصف الأول من الثمانينات، والتي قادت إلى اعتماد برنامج إصلاح هيكلي سنة 1986، سيشهد النظام الجبائي التونسي إصلاحاً هيكلياً هاماً في مناسبتين: الأولى في ديسمبر 1985 والثانية في ديسمبر 1989. وتشهد سنة 2013 حالياً أعمالاً حثيثة تهدف إلى إدخال إصلاحات جديدة على النظام الجبائي قصد تلافي الاختلالات والنقائص التي يتسم بها النظام الحالي والتي سنتعرض لها لاحقاً.

وأخيراً يجب الإشارة إلى علاقة النظام الجبائي بالنظام السياسي، وتأثير هذا الأخير على نجاح الإصلاحات وعلى المردود الجبائي. ذلك أنه في غياب الديمقراطية والمواطنة وما يهدف إليه من إقامة معادلة واضحة بين الحقوق والواجبات، فإن علاقة المواطن بالجباية وبالإدارة الجبائية تبقى متوترة ومتسمة بعدم احترام الواجب الجبائي من طرف مواطن مسلوب الحقوق وضحية القمع والاستبداد. حيث إن المواطن الرعية في الأنظمة القمعية يجد نفسه مقصى من سن التشريعات الجبائية، بحكم غياب انتخابات حرة وديمقراطية للبرلمانات التي تقوم بسن التشريعات، وبالتالي عدم المشاركة في توظيف الموارد الجبائية. وبالتالي تمثل الجباية عندئذ عملية سطو من طرف سلطة حاكمة تستغل نفوذها خدمة لمصالح عائلية وفئوية. وفي مثل هاته الأنظمة، لا يمكن الحديث عن واجب جبائي وعن مصالحة المواطن مع المصالح الجبائية.

ومن منظور تاريخي، فإن التهرب من الجباية وعدم خلاصها، كان يعتبر نوعاً من أنواع المقاومة ضد ظلم وعنف نظام البايات (ثورة علي بن غذاهم)، وبعدها تواصلت هاته المقاومة ضد الحماية الفرنسية، وفي المرحلة الأخيرة استمرت ضد المحاباة والمحسوبية وخنق الحريات وعدم احترام حقوق المواطن في ظل نظام سياسي قمعي.

إذاً يتضح أن المنظومة الجبائية تثمل إشكالية معقدة لها أبعاد عديدة تتجاوز البعد المالي الضيق.

في هاته الدراسة التي ستركز على فترة الانتقال إلى اقتصاد السوق منذ 1986، سنتعرض في الجزء الأول إلى تقديم سريع لأهم مكونات النظام الجبائي التونسي مع رصد نقائص التشريع الحالي. أما في الجزء الثاني سنتعرض إلى تطور مختلف أنواع الضرائب وإلى الإشكاليات التي تواجه النظام الجبائي. أما الجزء الثالث فسيعالج أهم النواقص والاختلالات التي تميز النظام الجبائي الحالي، وستبحث عن مدى مساهمته في تحقيق أكثر عدالة اجتماعية. وسنختم هاته الدراسة بقراءة نقدية لمشروع الإصلاح الجبائي الحالي وبتقديم جملة من التوصيات التي يجب النضال من أجل تحقيقها حتى يكون النظام الجبائي في خدمة العدالة الاجتماعية.

منذ فترة ما قبل الحماية، كان النظام الجبائي التونسي متطوراً نسبياً مقارنة ببلدان شمال إفريقيا (Ayadi 1996). ذلك أن الضرائب كانت متنوعة معقدة وشاملة جميع المجالات (الدخل، المعاملات، نقل الملكية، الخ…).

وفي فترة الحماية، لم تعمل سلطة الحماية في مرحلة أولى على إلغاء منظومة الجباية الموجودة آنذاك، بل حرصت فقط على تطويرها حسب المنظومة الفرنسية مع الأخذ بالاعتبار خصوصيات الواقع المحلي.

وبعد الحرب العالمية الأولى، بدأت السلطة الفرنسية بتطبيق سياسة تهدف إلى تحديث النظام الجبائي في اتجاه توسيع القاعدة الجبائية على المداخيل، وعدم الاقتصار على المداخيل العقارية والتوسع في اتجاه المداخيل التجارية والصناعية والمهن الحرة والمداخيل المتأتية من الأجراء.

وبالنسبة للضريبة غير المباشرة، كان التطور أكثر بطئًا، ولم يجر اعتماد ضريبة عامة على النفقات، إلا بعد الحرب العالمية: أداء على المعاملات جرى تعويضه فيما بعد بثلاثة أنواع من الأداءات على رقم المعاملات تم العمل بها إلى سنة 1988.

وعند الاستقلال جرى الحفاظ على المنظومة الجبائية نفسها تقريباً مع الحرص على توفير موارد جبائية أكثر لتيسير الانتقال من اقتصاد تقليدي ومن تراكم بدائي مبتور إلى اقتصاد حديث قائم على التصنيع وعلى تراكم رأس مالي برعاية الدولة. وتوفير أكثر موارد جبائية سيعتمد على توسيع القاعدة الجبائية والرفع من نسب الضرائب وضبط نظام امتيازات جبائية قصد تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية، الخوإذا استثنينا المحاولات غير الموفقة لإصلاح النظام الجبائي سنة 1982 و 1985، والتي اقتصرت على الجانب الفني، فإن الإصلاح الهام جرى انطلاق التفكير فيه في فترة انتقالية ثانية، وهي فترة الانتقال إلى اقتصاد السوق مع بداية تطبيق برنامج الإصلاح الهيكلي سنة 1986 التي تزامنت مع بداية تراجع الموارد الريعية النفطية أولاً تلتها تراجع الموارد الجمركية ثانيًا مع بداية تطبيق اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.

وقد مثل إصلاح الضريبة على الدخل أهم إصلاح هيكلي أدخل على المنظومة الجبائية في إطار القانون عدد 114 – 89 بتاريخ 30 ديسمبر 1989. وقد نتج من هذا الإصلاح تعويض عديد الضرائب المسلطة على مختلف المهن من جهة والمساهمة الشخصية للدولة المدفوعة من طرف الجميع من جهة أخرى بضريبة موحدة على الأشخاص الطبيعيين. وبفضل هذا الإصلاح جرى القطع مع نظام جبائي مزدوج يُخضع المطالبين بالأداء مرتين لدفع الضريبة على الدخل: مرة على أساس الانتماء المهني ومرة ثانية على أساس المساهمة الشخصية.

وقد انطلق هذا الإصلاح من تشخيص نقدي للمنظومة الجبائية التي كانت تتميز بالتعقد وازدواجية الضرائب، وعدم الوضوح الكافي للقاعدة الجبائية، وتعدد الضرائب وارتفاع نسبها وتعدد الأنظمة الاستثنائية. كما حرص الإصلاح على مواكبة الانتقال نحو اقتصاد السوق وتوفير الظروف الجبائية المناسبة للمؤسسة قصد إعانتها على مواجهة تحديات المنافسة.

وفي هذا الإطار حرص الإصلاح على تبسيط منظومة الجباية على الدخل، وتقليص نسبة الجباية، والرفع من نجاعة ومردود المنظومة الجبائية. وقد قاد قانون ديمسبر 1989 إلى تغيير جذري للجباية المباشرة التي أصبحت متكونة من عنصرين:

ضريبة على الأشخاص الطبيعيين.

ضريبة على الشركات.

وعموماً مع اعتماد برنامج إصلاح هيكلي سنة 1986 والدخول في مرحلة الانتقال نحو اقتصاد السوق، شهد النظام الجبائي التونسي العديد من الإصلاحات تمثلت بصدور:

مجلة الأداء على القيمة المضافة سنة 1988.

مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات سنة 1990.

مجلة معاليم التسجيل والطابع الجبائي سنة 1993.

مجلة تشجيع الاستثمارات سنة 1993

مجلة الجباية المحلية سنة 1997

مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية سنة 2000

وقد تم سنة 2007، في إطار تخفيض نسب الأداء وتخفيف الضغط الجبائي على المؤسسات:

التخفيض في نسبة الضريبة على الشركات من 35 % إلى 30%

حذف النسبة المرتفعة للأداء على القمية المضافة والتي كانت تبلغ 29 %

وقد نتج عن جملة الإصلاحات نظام جبائي يشمل:

الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين

الضريبة على الشركات

الأداء على القيمة المضافة

المعلوم على الاستهلاك

معاليم التسجيل والطابع الجبائي

المعاليم الراجعة للجماعات المحلية.

معاليم أخرى توظف على رقم المعاملات والنقل والتأمين.

1 – الضرائب المباشرة

تتكون الضرائب المباشرة من الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين ومن الضريبة على الشركات.

1-1 الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين

في هذا المجال يقع التمييز بين صنفين: الأشخاص الطبيعيون المقيمون في تونس، والأشخاص الطبيعيين غير المقيمين. بالنسبة للصنف الأول تستوجب الضريبة على دخلهم الجملي، وبالنسبة للصنف الثاني لا تستوجب الضريبة إلا على المداخيل الناشئة في تونس.

كما أنه في مجال كيفية ضبط الدخل، يجب التمييز بين أرباح المؤسسات من جهة وأصناف المداخيل الأخرى. بالنسبة إلى أرباح المؤسسات يحدد الربح الصافي على أساس محاسبة مطابقة للتشريع المحاسبي للمؤسسات وبعد إعادة معالجته حسب القواعد الجبائية المنصوص عليها بالتشريع الجبائي الجاري به العمل. أما بالنسبة إلى أصناف المداخيل الأخرى فيحدد الدخل الصافي على أساس قاعدة تقديرية تحدد بـ 90 % بالنسبة للأجراء و70 % بالنسبة إلى أصحاب المهن الحرة والمداخيل العقارية.

علمًا أن هناك إعفاءات تخص بعض المداخيل كتلك الناشئة في الخارج، والتي خضعت للضريبة في الخارج، وحصص الأسهم والأرباح المتأتية من التصدير، أو المنتفعة بامتيازات التنمية الجهوية والتنمية الفلاحية.

كما أن الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين تخضع إلى نظام تصاعدي حسب شرائح السلم المعتمد منذ الإصلاح الجبائي لسنة 1990 كما يبينه الجدول رقم 1:

جدول رقم 1: تعريف الضريبة على الدخل

شرائح الدخل الخاضع للضريبة (بالدينار التونسي)

النسب %

0 – 1500

0

1500 – 5000

15

10000 – 20000

20

20000 – 50000

25

ما فوق 50000

35

ومن المتوقع حسب مشروع قانون المالية لسنة 2014، أن يُعفى الأشخاص الذين يحققون مداخيل في صنف الأجور والمرتبات والجرايات دون سواها، والذين لا يتجاوز دخلهم السنوي الصافي بعد طرح التخفيضات تحت عنوان الحالة والأعباء العائلية 5000 دينار من الضريبة على الدخل. علماً أن التخفيضات المشتركة الممنوحة لأصحاب الدخل (التخفيض على رئيس العائلة أو التخفيض على الأطفال وعلى الوالدين في الكفالة) لم تتغير منذ إقرارها سنة 1983 إلى هذا اليوم، في حين أن هذه المؤشرات تحصل بصفة دورية في البلدان الأعضاء منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. إضافة إلى ذلك وحسب المشروع، ستصبح الشريحة الأخيرة خاضعة لنسبة 35% ابتداء من دخل سنوي يبلغ 40000 دينار فما فوق عوضاً عن 50000 دينار فما فوق.

وبالنسبة إلى الأشخاص الذين يحققون مداخيل من صنف الأرباح التجارية أو أرباح المهن غير التجارية، يجب ألا تقل الضريبة عن 0.1% من رقم المعاملات الخام أو من المداخيل الخام دون اعتبار التصدير مع حد أدنى يساوي 200 دينار.

والجدير بالملاحظة أن جانباً هاماً من الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين يخضع إلى النظام التقديري الذي يطبق على المؤسسات الفردية التي تحقق مداخيل من صنف الأرباح الصناعية والتجارية حسب شروط معينة والتي لا تتجاوز رقم معاملاتها السنوي: 100000 دينار بالنسبة إلى أنشطة الشراء لغرض البيع وأنشطة التحويل والاستهلاك إلى المكان عينه. 50000 دينار بالنسبة إلى أنشطة الخدمات،

وتحتسب الضريبة التقديرية على الدخل على أساس نسبة من رقم المعاملات السنوي حسب طبيعة النشاط:

2% بالنسبة إلى أنشطة الشراء لغرض البيع وأنشطة التحويل.

2،5 % بالنسبة إلى الأنشطة الأخرى.

علماً أن هناك حداً أدنى يساوي 50 ديناراً بالنسبة إلى المؤسسات الموجودة خارج المناطق البلدية و 100 دينار بالنسبة إلى المؤسسات الموجودة في المناطق الأخرى.

2-1 الضريبة على الشركات

تستوجب الضريبة على الشركات وعلى شركات رؤوس الأموال وما شابهها الموجودة في تونس والمؤسسات الأجنبية المستقرة في تونس. وتتراوح نسب الضريبة على الشركات من 10 إلى 35% (علمًا أن نسبة الضريبة على الشركات كانت تتراوح قبل الإصلاح من 06 إلى 44%). ومنذ الإصلاح أصبحت النسبة كالآتي:

نسبة عامة تساوي 30%.

نسبة منخفضة بـ10% تطبق على مؤسسات الصناعات التقليدية ومؤسسات الفلاحة والصيد البحري.

نسبة خاصة تبلغ 35 % تعني بعض المؤسسات في القطاع المالي، الاتصالات، التأمين قطاع المحروقات في مستوى الإنتاج والتكرير والنقل والتوزيع بالجملة

كما أن هناك حداً أدنى بالنسبة للضريبة السنوية على الشركات محدداً بـ0.1% من رقم المعاملات من دون اعتبار التصدير ومن دون أن يقل هذا الحد عن:

200 دينار بالنسبة إلى الأشخاص المعنويين الخاضعين للضريبة على الشركات بنسبة 10%. 350 دينارًا بالنسبة إلى الأشخاص المعنويين الخاضعين للضريبة على الشركات بنسبة 35 % أو 30 %.

وفي هذا المجال كذلك، وفي إطار دعم تنافسية المؤسسات، يقترح مشروع قانون المالية لسنة 2014 التخفيض في نسبة الضريبة على الشركات المحددة

بـ 30 % إلى 25%. كما يقترح إخضاع الأرباح الموزعة للضريبة 10 % إذا تم توزيع الأرباح المحققة من السوق المحلية و 5% إذا تم توزيع الأرباح المحققة من التصدير. وفي السياق نفسه ستعفى المؤسسات الصغرى والمتوسطة الناشطة في القطاع الصناعي، والتي لا يتجاوز رقم معاملاتها 600000 دينار والمحدثة خلال سنة 2014 من الضريبة على الأرباح لمدة ثلاث سنوات ابتداء من تاريخ دخولها حيز النشاط.

1-3 طرق دفع الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات

تدفع الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات بطرق عديدة حسب نوع الدخل.

خصم من المورد تحت عنوان الأتعاب، العمولات، معينات الكراء، مداخيل رؤوس الأموال المنقولة، الأتاوات، الأجور، مكافآت الحضور بنسب تتراوح بين 15 و20 %.

ثلاثة أقساط احتياطية يساوي كل منها 30% من الضريبة المستوجبة تحت عنوان السنة السابقة (الشركات والتجار والصناعيون وأصحاب الأرباح غير التجارية).

اقتطاع 10% عند التوريد بالنسبة إلى قائمة من المنتوجات الاستهلاكية

اقتطاع 25 % من أرباح شركات الأشخاص وما شابهها.

وعن طريق تسوية سنوية.

كل هاته الطرق تبرز حرص الدولة على ضمان مداخلها الجبائية، إما باعتماد الخصم من المورد وهي أضمن وسيلة، أو بفرض اقتطاع أو الدفع بأقساط وهي طرق تمثل أقل ضمان نسبياً وأخيراً عن طريق التسوية السنوية.

تتكون هاته الضرائب بالأساس من الأداء على القيمة المضافة ومن المعلوم على الاستهلاك إلى جانب ضرائب أخرى مختلفة.

2-1 الأداء على القيمة المضافة

الأداء على القيمة المضافة جرى إقراره في جويلية 1988 وجاء لتعويض عديد الأداءات على رقم المعاملات (أداء على الإنتاج، أداء على الاستهلاك، أداء على الخدمات). والأداء على القيمة المضافة جرى العمل به بصفة تدريجية حيث طبق أولاً على الواردات والإنتاج الصناعي والخدمات، ثم طبق على تجارة الجملة في أكتوبر 1989، وأخيراً على تجارة التفصيل في جويلية 1996. علمًا أن هذا الأداء عرف متغيرات في مستوى نسبه في اتجاه تبسيط الأداء وتقليص النسب من ثمانية إلى ثلاثة وفي اتجاه إدخال نظام الخصم من المورد في بعض الحالات المحددة من طرف المشرع.

ويشمل الأداء على القيمة المضافة عديد العمليات والأنشطة الخاضعة لهذا الأداء:

عمليات التوريد

عمليات الإنتاج الصناعي والحرفي والخدمات.

العمليات المنجزة من قبل أصحاب المهن الحرة.

تجارة بالجملة باستثناء المواد الغذائية.

تجارة التفصيل بالنسبة إلى التجار الذين يحققون رقم معاملات إجمالي سنوي يساوي أو يفوق 100000 دينار، ويطبق الأداء على القيمة المضافة في النظام الداخلي، على أساس سعر البضائع والأشغال والخدمات والقيمة الديوانية عند التوريد. ويمكن ان ترفع قاعدة الأداء بـ 25% في بعض الحالات تضبطها أوامر. علمًا أن هناك حاليًا ثلاثة أنواع من نسب الأداء. النسبة العامة تساوي 18%.

6 %: الأطباء وأصحاب مخابر التحاليل والممرضين وأصحاب المهن شبه الطبية وعمليات نقل الأشخاص ونقل منتجات الصناعات التقليدية المحلية ومنتجات الفلاحة أو منتجات الصيد البحري من قبل الغير

نسبة 12% في ما يخص خدمات النزل والمطاعم والعمليات المنجزة في إطار نشاطهم من قبل المحامين والعدول المنفذين والمحاسبين والخبراء المحاسبين وعمليات نقل البضائع من غير المنتوجات الفلاحية ومنتوجات الصيد البحري.

كما تنتفع بطرح الأداء على القيمة المضافة بعض العمليات مع الاستثناء من حق الطرح، مثلاً حالة شراء السيارات السياحية المستعملة لنقل الأشخاص التي هي خارج موضوع الاستغلال.

كما أنه مع مراعاة الاستثناء من حق الطرح، يمكن للخاضعين للأداء على القيمة المضافة الانتفاع بنظام تأجيل توظيف الأداء على القيمة المضافة بالنسبة مثلاً للذين يتعاطون نشاطاً يقتصر أو يعتمد أساساً على التصدير.

2-2 المعلوم على الاستهلاك

يوظف المعلوم على الاستهلاك تحت عنوان قائمة من المنتوجات منها خاصة:

السيارات السياحية

المحروقات

التبغ

الخمور والجعة والمشروبات الكحولية

ويطبق المعلوم على الاستهلاك حسب نوعين من النسب.

نسبة مئوية تتراوح بين 10 % و 683 %

تعریفات خصوصية (الوقود، الكحول والجعة والخمور).

3-2 معاليم أخرى موظفة على رقم المعاملات

هاته المعاليم توظف على أنشطة مختلفة يقع استعمال محاصيلها لتحقيق بعض الأهداف الاستراتيجية في المجال الاقتصادي والبيئي والتصرف في الموارد الطبيعية:

معلوم لفائدة صندوق تنمية القدرة التنافسية في قطاعات الصناعة والخدمات والصناعات التقليدية يوظف بنسبة 1% على رقم المعاملات والقيمة الديوانية عند التوريد.

معاليم لفائدة صندوق تنمية القدرة التنافسية في القطاع الفلاحة والصيد البحري.

  • المعلوم على الخضر والغلال يوظف عند التوريد وعلى الإنتاج المحلي بنسبة 2 %.

  • المعلوم على منتجات الصيد البحري يوظف عند التوريد وعلى الإنتاج المحلي بنسبة %2.

معلوم لفائدة صندوق تمويل الراحة البيولوجية في قطاع الصيد البحري يوظف بنسبة 1% على رقم المعاملات و 2% من القيمة الديوانية عند التصدير.

معلوم لفائدة صندوق تنمية القدرة التنافسية في قطاع السياحة يوظف بنسبة 1% على رقم المعاملات المحقق من قبل مستغلي المؤسسات السياحية وبمبلغ 2 دينارين عن كل مقعد معروض بالنسبة إلى وسائل النقل السياحي المستغلة من قبل وكالات السفر المتحصلة على رخصة من صنف أ“.

معلوم لفائدة صندوق مقاومة التلوث يوظف بنسبة 5% من رقم المعاملات والقيمة الديوانية عند التوريد.

4-2 معاليم التسجيل

يترتب على القيام بإجراء التسجيل في أغلب الأحيان استخلاص معاليم قارة أو تصاعدية أو نسبية، ومن أهم العقود الخاضعة لإجراء التسجيل نخص بالذكر:

بيع العقارات الذي يترتب علي استخلاص معاليم تبلغ 5% من قيمة العقار علمًا أن بعض الاقتناءات تنتفع بنظام تفاضلي.

عقود الشركات خاضعة لمعاليم تساوي 150 ديناراً عن كل عقد.

الصفقات 0.5% من قيمة الصفقة

5-2 أداءات ومعاليم أخرى

هاته الأدءات والمعاليم تشمل ميادين مختلفة وموظفة من أجل أهداف متنوعة:

1 – الأداءات على الأجور التي يتحملها المؤجر.

الأداء على التكوين المهني بنسبة 1% من المبلغ الخام للأجور بالنسبة للصناعات المعملية ونسبة 2% بالنسبة إلى القطاعات الأخرى.

المساهمة في صندوق النهوض بالمسكن لفائدة الأجراء بنسبة 1% من المبلغ الخام للأجور يتحملها كل مؤجر عمومي أو خاص مباشر بتونس باستثناء المستغلين الفلاحين الخواص.

2 – المعلوم على عقود التأمين بنسبة 5% على عقود التأمين على أخطار الملاحة البحرية والجوية وبنسبة 10% على عقود التأمين على الأخطار الأخرى.

3- معاليم لفائدة الجماعات المحلية منها: المعلوم على المؤسسات ذات الصبغة الصناعية أو التجارية أو المهنية بنسبة عامة تساوي 0،2% من رقم المعاملات المحلي الخام و 0.1 % بالنسبة إلى المؤسسات التي تروج منتجات خاضعة لنظام المصادقة الإدارية للأسعار مع حد أدنى سنوي يساوي المعلوم على العقارات المبنية المعدة لتعاطي النشاط.

المعلوم على النزل بنسبة 2% من رقم المعاملات الجملي الخام.

المعلوم على العقارات المبنية يحتسب على أساس قاعدة تساوي 2% من الثمن المرجعي للمتر المربع المبني لكل صنف من أصناف العقارات المبنية ضارب مساحة العقار المبنية بنسب تتراوح بين 8 % و 14%.

المعلوم على الأراضي غير المبنية يحتسب على أساس القيمة التجارية الحقيقية للأراضي بنسبة 0،3% وفي غياب هذه القيمة يوظف معلوم على المتر المربع تصاعديًا حسب كثافة المناطق العمرانية المحددة بمثال التهيئة العمرانية.

معاليم مختلفة أخرى توظف مقابل إسداء خدمات.

يتفق كل الدارسين للنظام الجبائي التونسي على عديد النقائص التي تميز التشريع الحالي ومن أهمها:

تشعب وتعدد النصوص الجبائية وتشتتها بين نصوص مدرجة مجالات جبائية وقوانين خاصة وأوامر تطبيقية وأوامر ظرفية وقرارات، ما من شأنه التشجيع على التهرب الجبائي وبالتالي إرساء مبدأ عدم المساواة بين المطالبين بالأداء.

تعدد المعاليم والنسب الموظفة على رقم المعاملات على غرار الأداء على القيمة المضافة والمعاليم الأخرى.

تعدد وتعقيد الواجبات المحمولة على المطالب بالأداء

عدم التحيين الدوري لشرائح السلم المعمول بها منذ 1990 والتخفيضات المشتركة

المعمول بها منذ 1983.

خص المؤسسات الموجهة معاملاتها للأسواق الخارجية بنظام جبائي تفاضلي على حساب المؤسسات الناشطة بالسوق المحلية، ما أثر سلباً على القدرة التنافسية لهذه الأخيرة وأحدث تبايناً بين المؤسسات.

تباين بين النظام التقديري والنظام الحقيقي ساعد على التهرب الجبائي. ذلك أن النظام التقديري المخصص لصغار المستغلين دون سواهم مكن العديد من المطالبين بالضريبة من الاستفادة منه بدون موجب.

تعدد الإعفاءات على مستوى مداخيل وأرباح رأس المال أدى إلى تباين في التعامل بين مداخيل رأس المال ومداخيل الإجراء.

تشعب كيفية تحديد قاعدة الأداء على القيمة المضافة وكيفية استخلاصه مع محدودية ميدان تطبيق الأداء على القيمة المضافة من جراء تعدد الإعفاءات المضمنة بنصوص خاصة واستثناء بعض القطاعات الاقتصادية.

ضعف الاهتمام بالجباية المحلية من جراء ضعف قدرة الجماعات المحلية على التدخل وضبط نسبها وكيفية استخلاصها.

لفهم التطورات والمتغيرات التي طرأت على حجم وهيكلة الموارد الجبائية وتطور الضغط الجبائي حسب الفئات الاجتماعية، يجب وضع هاته المتغيرات في إطار المسيرة التنموية وما عرفته من تطورات ومنعرجات على المدى المتوسط والطويل. ومن أهم هاته المنعرجات على المدى الطويل هو المنعرج الحاصل في أواسط الثمانيات مع انخراط تونس في منطق وفاق واشنطنالذي دفع بالأغلبية الساحقة للبلدان النامية نحو تبني الاختيارات النيوليبرالية عبر تطبيق برامج الإصلاح الهيكلي تحت رعاية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

وهذا المنعرج مثل بداية الانتقال من اقتصاد ريعي، محمي نسبياً من المنافسة الخارجية موجه بالأساس إلى السوق والطلب الداخلي وقائم بنسبة هامة على القطاع العام وعلى دور متميز للدولة نحو اقتصاد منفتح ومندمج في السوق العالمية قائم بنسبة هامة على القطاع الخاص وعلى آليات السوق في تعديل الدورة الاقتصادية وخاضع لمنطق المنافسة. وهذا المنعرج أدى كما ذكرنا سابقًا إلى اعتماد إصلاح هام للمنظومة الجبائية. كما نتج منه تراجع دور الدولة في عديد الميادين خاصة سياسة إعادة توزيع المداخيل وفي مكانة الجباية التي أصبحت خاضعة بالأساس إلى المنطق المالي الحريص على توفير الموارد العمومية وتقليص عجز الميزانية.

1- تطور مكونات الموارد العمومية

منذ بداية الانتقال نحو اقتصاد السوق في أواسط الثمانينات واجهت السلطة السياسية الجديدة المنبثقة عن انقلاب 1987 مشكلتين أساسيتين:

المشكل الأول متمثل في تراجع المداخيل النفطية وضرورة تعويضه بمداخيل أخرى. والمشكل الثاني يخص البحث عن شرعية تمكن من تركيز سلطة سياسية فتية غير منبثقة عن انتخابات ديمقراطية. وهذا الوضع قاد السلطة الجديدة إلى تفادي الرفع من الضغط الجبائي في مرحلة أولى مع اللجوء بالأساس إلى الاقتراض الخارجي والداخلي لتوفير موارد عمومية إضافية تسمح بتأهيل اقتصاد مندمج عالمياً لمواجهة تحدي المنافسة. وهاته المواجهة تتطلب تطوير البنية التحتية والموارد البشرية وتأهيل المؤسسات الصناعية التي ستواجه المنافسة قبل القطاع الفلاحي والخدماتي.

على المدى الطويل سجلت نسبة الموارد العمومية الجملية ( موارد ذاتية و موارد اقتراض عمومي) من الناتج المحلي الخام ارتفاعاً مستمراً إلى حدود أواسط التسعينات حيث بلغت 39.7% سنة 1996 مقابل 33،6% سنة 1987 و 22،5 % سنة 1972. وكما يتضح من الجدول 2 واصلت هاته النسبة الارتفاع بين 1987 و 1996 رغم بداية تطبيق برنامج الإصلاح الهيكلي ابتداءً من 1986. وهذا الارتفاع جرى تحقيقه بالأساس بفضل موارد ريعية نفطية هامة نسبياً (إلى حدود أواخر الثمانينات تقريباً) إلى جانب موارد جبائية جمركية هامة إلى حدود أواسط التسعينات.

جدول رقم 2: تطور نسبة الموارد والنفقات العمومية من الناتج المحلي الخام

1972

1987

1996

2001

2010

2011

2012

2013*

2014**

1)الموارد العمومية الجميلة

22.5

33.6

39.7

37.8

31.9

31.7

32.6

35.5

34.8

أالموارد الذاتية

19.2

27.9

25.2

24.6

24.7

25.6

25.9

24.7

24.5

الموارد الجبائية

16.2

20.6

19.9

21.7

20.2

21.1

20.8

20.7

21.6

الموارد غير الجبائية

9.1

5.3

3

4.5

4.5

5.1

5

2.9

بالاقتراض العمومي

3.3

5.7

14.5

13.2

7.2

5.7

6.7

10.7

10.3

النفقات العمومية الجملية

22.9

34.5

39.2

37.2

31.9

31.7

32.6

35.5

34.8

نفقات التصرف

15.5

21.2

21.1

19.4

19.7

19.1

20.5

22.9

22.2

تسديد الفائدة على الدين

1.3

2.9

4

3.1

2.2

1.8

1.8

1.8

1.8

نفقات التنمية تسديد أصل الدين

7.4

13.3

18.1

17.1

12.9

7.2

6.7

6.5

6.6

تسديد أصل الدين

2

5.1

9.9

9.1

4.2

3.7

4

3.8

3.9

جملة خدمات الدين العمومي

3.3

8

13.9

12.2

6.4

5.5

5.8

5.7

5.7

* : متوقع

** : مشروع قانون المالية

المصدر: وزارة المالية

جدول رقم 2 مكرر: تطور هينكلة الاقتطاعات الإجبارية

1977

1987

1990

1997

2007

2010

ضرائب مباشرة

19.3

16

14.4

19.6

30.3

29.8

ضرائب غير مباشرة

65

66.1

64

55

47.6

45.5

ضرائب محلية

2.3

2.1

1.9

2

1.9

1.7

مساهمات اجتماعية

13.4

15.8

19.8

23.3

20.2

22.8

المصدر: وزارة المالية

وعند بداية تطبيق برنامج الإصلاح الهيكلي سنة 1986 والانقلاب العسكري سنة 1987 كانت الموارد الذاتية للدولة سنة 1987 متكونة من 73% من الموارد الجبائية المباشرة وغير المباشرة ومن 27% من موارد غير جبائية متأتية بالأساس من المداخيل النفطية.

علمًا أن الضرائب الجمركية كانت تمثل 49 % من الجباية غير المباشرة و36،5 من جملة الموارد الجبائية.

من جهتها كانت الموارد غير الجبائية التي تمثل 27% من الموارد الذاتية متكونة بنسبة 58،8% من المداخيل النفطية. وإذا أضفنا لها العائدات المتأتية من أنبوب الغاز الذي يمر عبر تونس لتزويد الاتحاد الأوروبي بالغاز الجزائري فإن المداخيل النفطية تبلغ 65.6% من الموارد غير الجبائية وتمثل 17.5% من جملة الموارد الذاتية للدولة.

وإجمالاً مثلت الموارد الذاتية قرابة 28% من الناتج المحلي الخام لسنة 1987 منها 20،6% موارد جبائية. إلى جانب ذلك كان الاقتراض العمومي لا يمثل إلا 5.7% من الناتج المحلي. ومع وجود سلطة سياسية جديدة وبداية تراجع المداخيل النفطية، نلاحظ أن استمرار نسبة الموارد العمومية الجملية من الناتج المحلي في الارتفاع كان بفضل ارتفاع نسبة الاقتراض العمومي من الناتج المحلي التي بلغت 14،5% سنة 1996 مقابل 5.7% سنة 1987. وهذا الارتفاع جرى بالتوازي مع تراجع نسبة الموارد الذاتية من الناتج المحلي التي مرت من 27،9% سنة 1986 إلى 24،7% سنة 2010 لترتفع إلى 25،5% سنة 2013 من جهة وشبه استقرار نسبة الموارد الجبائية من الناتج المحلي (أي الضغط الجبائي) التي بقيت تتراوح بين 20 و 21% على امتداد كامل الفترة 1987 – 2013.

كما أن الموارد غير الجبائية التي تراجعت نسبتها من الناتج المحلي لتبلغ 3% سنة 2001 مقابل 9.1 سنة 1981 ستعرف بدورها متغيرات أثرت في اتجاهات معاكسة:

أول اتجاه يتمثل في الانخفاض الهام للمقابيض البترولية التي انتقلت من 5% من الناتج الملحي سنة 1987 إلى 0،1% في بداية القرن الحالي.

ثاني اتجاه يتمثل في ارتفاع مداخيل الخوصصة ورسوم الغاز (حق عبور قنوات الغاز على التراب التونسي). من ذلك أن عملية الخوصصة عرفت نسقاً مرتفعاً منذ أواسط التسعينات شملت عديد المؤسسات العمومية. ومن أهم هاته العمليات التفريط في أربع مصانع أسمنت وفرت 775 م.د أثناء الفترة 1997 – 2000 والتفريط في 35% من رأسمال شركة اتصالات تونس (سنة 2006) بقيمة قياسية تجاوزت 3000 م. د ومنذ سنة 2007 تراجعت الموارد الناتجة عن الخوصصة ولم تتجاوز 70 م. د سنة 2013. في المقابل برزت موارد جديدة استثنائية ناتجة عن الممتلكات المصادرة (ممتلكات النظام السابق) والتي ستبلغ 868 م. د حسب قانون المالية التكميلي لسنة 2013.

بعد الفترة الأولى 1987 – 1996 التي شهدت ارتفاع نسبة اللجوء إلى الاقتراض العمومي المحلي والخارجي لمواجهة تراجع المداخيل النفطية من دون اللجوء إلى الرفع من الضغط الجبائي، سوف يواجه الاقتصاد التونسي منعرجاً جديداً في أواسط التسعينات عندما انخرطت تونس في المنظمة العالمية للتجارة سنة 1994 ووقعت اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي سنة 1995 يهدف بالأساس إلى إقامة منطقة تبادل حر بين الطرفين. وبمقتضى هذا الاتفاق التزمت تونس بتفكيك حمايتها الجمركية مع الاتحاد الأوروبي تدريجياً إلى موفى سنة 2008. وهذا الاتفاق سينتج منه بداية تراجع مورد جبائي هام يخص الأداءات الجمركية. كما أن هذا التراجع قد تزامن مع تراجع نسبة الاقتراض العمومي الذي أدى إلى تقلص نسبة الموارد العمومية الجملية من الناتج المحلي في إطار تراجع دور الدولة.

في هذا الإطار العام الذي تميز بمنعرجين أساسيين منذ أواسط الثمانينات ستشهد تونس إصلاحاً هاماً لمنظومة الجباية كما أشرنا إلى ذلك سابقاً. وهذا الإصلاح رغم أنه سوف لا يقود إلى ارتفاع الضغط الجبائي العام إلا أنه سيحدث تغيرات هامة على مستوى هيكلة الجباية وتوزيع العبء الجبائي حسب الأنظمة الضريبية والشرائح الاجتماعية.

يشير الجدول رقم 3 أن نسبة المداخيل الجبائية من الموارد العامة لميزانية الدولة سجلت إجمالاً على المدى الطويل نسق تصاعدي خاصة منذ سنة 1996 بعد إمضاء اتفاق شراكة الاتحاد الأوروبي. وبالتوازي عرفت نسبة موارد الاقتراض تراجعًا بداية من 1996 إلى سنة 2011 حيث استرجعت هاته النسبة نسقها التصاعدي بعد حصول الثورة التونسية. ذلك أنه منذ 2011 عجزت الحكومات الوقتية المتتالية عن تنشيط الاقتصاد رغم السياسات التوسعية المعتمدة، ما أدى إلى تسجيل نسق نمو سلبي -2% سنة 2011 (أول سنة بعد الثورة) وضعيف سنة 2012 و 2013 نتج منه تقلص القاعدة الجبائية نسبياً. وقد زاد في الطين بلة التهرب الجبائي التي توسعت رقعته بحكم تنامي القطاع غير المنظم والانفلات الإداري الحاصل في فترة ما بعد الثورة إلى جانب الصعوبات الاقتصادية التي مرت بها عديد المؤسسات. كل هاته العوامل جعلت نسبة المداخيل الجبائية تتراجع من 67،1 % سنة 2011 إلى 58،5% سنة 2013 كما تراجعت بالتوازي نسبة المداخيل غير جبائية لتبلغ 11،2 % سنة 2013 مقابل 24،4% سنة 1987 (جدول 3)

جدول رقم 3: تطور هيكلة موارد ميزانية الدولة

المداخيل الجبائية

المداخيل غير الجبائية

موارد الاقتراض

1987

55.1

24.4

20.5

1996

50

13.5

36.5

2000

57.1

12

3.8

2010

63.3

14.2

22.5

2011

67.1

14.5

18.4

2012

63.1

15.6

20.4

2013*

58.5

11.2

30.2

2014*

62.2

8.2

29.6

المصدر: وزارة المالية

وبالرجوع إلى تطور هيكل الرسوم الإجبارية (جدول رقم 4) يتضح أن نسبة الأداءات المباشرة هي التي شهدت ارتفاعاً مستمراً حيث مرت من 19% من مجمل الرسوم الإجبارية سنة 1987 إلى 29،4 % سنة 2010.

أما الأداءات غير المباشرة فقد عرفت نسبتها تراجعًا في نفس الفترة وعلى التوالي من 65% إلى 45،5% إلى جانب ذلك شهدت نسبة المساهمات الاجتماعية ارتفاعاً مستمراً لتبليغ 25،1% سنة 2010 مقابل 15،8 سنة 1987.

وتجدر الإشارة إلى أن هاته الهيكلة كانت في بداية الثمانينات تختلف كثيراً عن هيكلة بلدان الاتحاد الأوروبي التي تتميز بأكثر توازن بين أهم مكونات الاقتطاعات الإجبارية التي تخص كل منها بثلث الاقتطاعات تقريبًا من دون اعتبار الضرائب المحلية. لكن منذ بداية التسعينات وعلى إثر الإصلاح الجبائي نلاحظ تطوراً في اتجاه أكثر توازن بين هاته المكونات. وإجمالاً سجلت نسبة الاقتطاعات الإجبارية من الناتج المحلي ارتفاعاً متواصلاً حتى سنة 2000 لتستقر في مستوى 27 – 28 % منذ ذلك الوقت. ورغم ارتفاعها المستمر تبقى هاته النسبة دون معدل النسبة المسجلة في الاتحاد الأوروبي (جدول 5). كما تبقى تتميز بضعف كبير لنسبة الأداءات المحلية من الناتج المحلي.

جدول رقم 4: تطور هيكل الرسوم الإجبارية

السنة

الأداءات المباشرة

الأداءات غير المباشرة

الأداءات المحلية

المساهمات الاجتماعية

الجملة

1977

19

65

2.6

13.4

100

1987

16

66.1

2.1

15.8

100

1996

15.5

54.3

2.3

27.6

100

2001

21.1

51.1

0.0

25.2

100

2010

29.4

45.5

0.0

25.1

100

المصدر: وزارة المالية ومنطقة التعاون للتنميةالاقتصادية (2010)

جدول رقم 5: تطور نسبة الاقتطاعات الإلزامية من الناتج المحلي

الأداءات المباشرة

الإداءات غير المباشرة

الأداءات المحلية

المساهمات الاجتماعية

المجموع تونس

الاتحاد الأوربي

1976

5

14.8

0.6

31.1

23.5

32

1987

4.5

16.5

0.5

5.2

26.7

38.4

2000

6.1

15

0.5

6.7

28.1

41.3

2011

6.7

14.4

0.0

6.5

27.6

وإذا ركزنا التدقيق في تطور هيكل الموارد الجبائية البحتة ( جدول 6) يتضح أن نسبة الأداءات المباشرة من الموارد الجبائية ارتفعت بصفة هامة، حيث مرت من 19،6 % سنة 1987 إلى 44،7% سنة 2013 وهذا الارتفاع نتج عن ارتفاع نسبة الضريبة على الدخل وبنسق أسرع نسبة الضريبة على الشركات. وفي المقابل شهدت نسبة الأداءات غير المباشرة من الموارد الجبائية تراجعًا مستمراً بلغت 55،3 % سنة 2013 مقابل 80،4 % سنة 1987. وهذا التراجع نتج بالأساس عن تراجع المعاليم الديوانية أي الجمركية التي انخفضت نسبتها من 20.9% سنة 1987 إلى 4،4 % سنة 2013 بعد أن جرى تفكيك الحماية الجمركية مع الاتحاد الأوروبي.

جدول رقم 6 : تطور هيكل الموارد الجبائية

الأداءات المباشرة

الأداءات غير المباشرة

الضريبة على الدخل

الضريبة على الشركات

الجملة

المعاليم الديوانية

الأداء على القيمة المضافة

معلوم الاستهلاك

أداءات أخرى

مداخيل لحساب الخزينة

الجملة

1987

12.0

7.6

19.6

20.9

32.2

7.7

18.2

1.4

80.4

1991

10.7

9.8

20.4

23.1

27.5

16.3

11.1

1.6

79.6

1996

14.7

8.9

23.6

19.6

26.7

17.2

8.4

4.8

76.4

2001

18.5

10.9

29.3

10.5

31.2

16.4

6.7

6

70.7

2010

21.7

17.9

39.6

4.4

29.1

13.3

9.4

4.2

60.4

2011

21.1

22.3

43.4

4.1

28

11

13.5

56.6

2012

21.4

19.5

40.9

4.8

29.4

10.7

14

59.1

2013*

22.7

22

44.7

4.4

26.5

9.6

14.7

55.3

2014**

23.6

19.6

43.2

4.3

26.3

9.5

16.5

56.8

* متوقع

** مشروع قانون المالية

المصدر: وزارة المالية

2-1 تطور الأداءات المباشرة

يتميز تطور هيكل الأداءات المباشرة (جدول 7) بتراجع نسبة الضريبة على الدخل من جملة الأداءات المباشرة. وهذا التراجع نتج من تراجع نسبة الضريبة على الدخل من غير الأجور، حيث نزلت هاته النسبة من 20،7 % لسنة 1987 إلى 8،7 % سنة 2013.

جدول رقم 7: تطور هيكل الأداءات المباشرة

الضريبة على الدخل

الضريبة على الشركات

الجملة

الأجور

غير الأجور

الجملة

البترولية

غير البترولية

1987

61.2

40.5

20.7

38.8

16.0

22.8

1991

52.5

35.7

16.8

47.5

16.2

31.3

1996

62.3

44.7

17.6

37.7

5.3

32.4

2011

48.7

39.4

9.3

51.3

17.1

34.2

2012

52

43

9

48

21.1

26.9

2013*

50.7

42

8.7

49.3

24.2

25.1

2014**

54.5

45.4

9.1

45.5

20

25.5

* متوقع ** مشروع قانون المالية

المصدر: وزارة المالية

وفي المقابل ارتفعت نسبة الضريبة على دخل الأجراء من 40.5 % إلى 42 % ومن المرتقب أن تبلغ 45،4 % رغم تجميد الأجور حسب مشروع المالية 2014 الذي أعلن بداية سياسة التقشف بعد فشل سياسات الإنعاش التي أدت إلى ارتفاع التضخم المالي وتفاقم عجز الميزانية العمومية وميزان المدفوعات. والمعلوم أن نسبة مساهمة المرتبات والأجور في الضريبة على الدخل كانت دائمًا في ارتفاع وبلغت 83% سنة 2013، رغم أن نسبة دخل الأجراء من الناتج المحلي لم تتجاوز 36،6% في السنة نفسها. وهذا الوضع يفسر بعوامل عديدة منها تطور نسبة الضرائب على الدخل وخصم الضريبة من المورد بالنسبة للأجراء وعدم تحيين شرائح سلم الضرائب على الدخل إضافة إلى إدراج بعض المنح والمداخيل بداية من سنة 1990 في قاعدة الأجور الخاضعة للضريبة، ما أدى إلى توسيع القاعدة الجبائية للأجراء.. وقد نتج عن هذه الأوضاع ارتفاع نسبة الضغط والعبء الجبائي على الأجراء حيث مثل هذا العبء 3،98 % من الناتج المحلي الخام سنة 2013 و 3،7% سنة 2012 مقابل 3،1 % سنة 2005 و 1.5%، سنة 1990 كما أن داخل شريحة الأجراء تختلف الوضعيات بين الأشخاص. ذلك أن عدم تحيين شرائح سلم الضرائب ومبالغ التخفيضات المشتركة على قاعدة احتساب التضخم أحدث أضراراً للمطالبين بالضريبة وخاصة إذا كان الأجير رئيس عائلة له طفلان وزوجته لا تعمل. ذلك أن الضغط الجبائي تطور بالنسبة لهذا الصنف من الأجراء مقارنة بالأجير الأعزب حيث إن مبالغ التخفيضات المشتركة ( رئيس عائلة، كفالة الأطفال…) لم تحيّن منذ سنة 1983.

إلى جانب الضريبة على الدخل هناك الضريبة على الشركات التي سجلت نسبتها ارتفاعاً من 38،8 % من الأداءات المباشرة سنة 1987 إلى 49،3% سنة 2013. وقد ساهم في هذا الارتفاع بصفة مستمرة الشركات البترولية من جهة والشركات غير البترولية إلى حدود 2011 حيث عرفت تراجعاً منذ ذلك الوقت من جهة أخرى (جدول 7).

في ما يخص نسق الجباية البترولية فإن هذا النسق يبقى خاضعًا لنسق أسعار النفط في الأسواق العالمية التي عرفت تقلبات هامة في السنوات الأخيرة حيث مر معدل سعر النفط برنتمن 97 دولار للبرميل سنة 2008 إلى 61،5 دولار سنة 2009 و 79،5 دولار لسنة 2010 وأكثر من 100 دولار منذ ذلك الوقت.

كما شهدت الفترة الأخيرة وتحديدًا منذ 2010 ارتفاع الإنتاج الوطني للمحروقات إثر دخول حقول جديدة طور الإنتاج (صدر بعل، المعمورة والبركة، الشرقي 6 و 8 السنة القادمة)(2).

ويجدر الملاحظة بأن الضريبة الموظفة على الشركات البترولية تتأتى أساسًا من 45 و46 % باعتبار مساهمتها في جل اللزمات، يليها مؤسسة بريش غاز بنسبة تفوق 20 % ثم شركة إيني، الخوالجدير بالإشارة أنه في إطار تشجيع الاستثمار تتمتع الشركات بعديد الحوافز الجبائية والمالية التي تتسبب في نقص الموارد العمومية. كما سنتعرض إلى ذلك لاحقًا.

ورغم هاته التشجيعات فإن الإسهام الحالي للضريبة على الشركات يبقى دون المأمول بالرجوع إلى نصيب الشركات من الثروة مقارنة بنصيب الأجراء. ذلك أن الضريبة على دخل الإجراء من الأداءات المباشرة فاقت في أغلب الأحيان (جدول 7) نسبة الضريبة على الشركات البترولية وغير البترولية. كما أن انعكاسات هاته التشجيعات باهظة التكلفة على التشغيل والإنتاج والتصدير لم تحظ بدراسات وتقييمات موضوعية، إلا أن بعض المؤشرات تؤكد هاته الانعكاسات كما سنرى ذلك لاحقًا.

إلى جانب ذلك، وعلى الرغم من الارتفاع النسبي المسجل تحت عنوان الضريبة على الشركات بين الفترة 1987 – 2011، فإن إنتاجية (3) هذا الصنف من الأداء بقيت متدنية مقارنة بالدول التي تعتمد الضريبة نفسها، حيث مثلت 0،071 في حين كانت في المغرب 0،087 وإيطاليا 0،099 وفرنسا 0،092 (FMI 2003).

وعموماً فإن ارتفاع نسبة الأداءات المباشرة من مجموع الموارد الجبائية، قد تحقق بفضل أهمية الخصم من المورد الذي يبقى أهم وسيلة لتعبئة الموارد. وقد بلغت حصة الخصم من المورد سنة 2010 نحو 63% من مجموع الأداءات المباشرة. وهاته النسبة تمثل 92،5 % بالنسبة للضريبة على الدخل.

تميزت هيكلة الضرائب غير المباشرة (جدول 8) بانخفاض كبير لنسبة المعاليم الجمركية التي تراجعت من 29،1 سنة 1991 إلى 7،9 سنة 2013، علمًا أن نسق التراجع ارتفع في بداية تطبيق اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. كما تأثرت هاته الهيكلة بانخفاض المقابيض البترولية. ولمواجهة هذا التراجع ارتفعت نسبة الأداء على القيمة المضافة التي أصبحت تمثل قرابة 50% من مجمل الأداءات غير المباشرة سنة 2012 مقابل 34،6% سنة 1991. ويتأتى مردود هذا الأداء بنسبة عالية تفوق 50% من الاستخلاص الموظف على التوريد (النظام الديواني) والبقية من الاستخلاصات بالسوق الداخلية. والأداء المتأتي من النظام الداخلي يتكون بالأساس من الأداء على الصفقات وشركات توزيع البترول والكهرباء والغاز وقطاع الاتصالات، الخوإجمالاً أصبح الأداء على القيمة المضافة يمثل نسبة هامة من مجمل المداخيل الجبائية بلغت 29،4 % سنة 2012، ومثلت أعلى نسبة مقارنة مع مختلف مكونات الموارد الجبائية الجملية (جدول 6).

جدول رقم 8: تطور هيكل الأداءات غير المباشرة

السنة

المعاليم الديوانية

الأداء على القيمة المضافة

معلوم الاستهلاك

أداءات أخرى

مداخيل جبائية موظفة لحساب الخزينة

الجملة

1987

26

39.7

9.6

22.6

2.1

100

1991

29.1

34.6

20.4

13.8

2

100

1996

25.7

34.9

22.2

10.9

6.4

100

2001

14.9

43.9

23.2

9.5

8.5

100

2010

7.4

48.2

22

15.6

6.9

100

2012

8.1

49.8

18.2

23.8

100

2013*

7.9

47.9

17.4

26.6

100

2014**

7.6

46.5

16.8

29

100

* متوقع ** مشروع قانون المالية المصدر: وزارة المالية

أما في ما يخص المعلوم على الاستهلاك فإن نسبته عرفت تراجعًا منذ أوائل القرن الحالي بعد أن شهدت ارتفاعاً مستمراً في الفترة 1987-2011 علمًا أنه غالبًا ما يقع اللجوء إلى الأداء على الاستهلاك لتوفير موارد جبائية للدولة كما هو الحال بالنسبة لميزانية 2014 التي ستلجأ إلى زيادة المعاليم المتأتية من التبغ بنسبة 42% والسيارات بنسبة 16% والمنتجات النفطية بنسبة 15% والمشروبات الكحولية بنسبة 15% والمنتجات الأخرى بنسبة 12%. إلى جانب الأداء على القيمة المضافة والمعلوم على الاستهلاك، هناك أداءات أخرى غير مباشرة ما فتئت نسبتها ترتفع منذ 1996 بعد أن عرفت تراجعاً في الفترة ما بين 1987 و 2001. ومن المتوقع ان تبلغ هاته النسبة 26،6 % سنة 2013.

ومن المعلوم أن الأداءات غير المباشرة تمثل أداءات غير عادلة لأنها تخلق نسباً مضرة أكبر بأصحاب المداخيل الضعيفة.

وفي آخر دراسة قام بها صندوق النقد الدولي (Derbel 2013) جرى التأكيد على أن الأداء على القيمة المضافة لا يمثل آلية ناجعة لتحقيق العدالة الجبائية.

جدول رقم 9: مردود الأداء على القيمة المضافة حسب مستوى الاستهلاك للفرد

استهلاك الفرد

أقل من 1000 دينار

أكثر من 4000 د

العدد النسبي

35%

6%

مساهمة الأداء على القيمة المضافة بـ 18%

11.5%

27%

الإعفاءات

17.4%

17%

النسبة الحقيقية

6.5%

8.9%

المصدر: صندوق النقد الدولي 2012

كما أكدت الدراسة نفسها أن 20% من السكان الأكثر ثراء يتمتعون بـ 40 % من الإعفاءات. وعموماً أعلى نسب التمتع بالإعفاءات لدى الأثرياء تخص الاستهلاك في خدمات الصحة والتعليم، وهاته النسب أقل بالنسبة للسلع الغذائية.

إجمالاً يمكن التأكيد على أهم التطورات التالية:

ارتفاع مستمر لنسب المداخيل الجبائية من موارد ميزانية الدولة خاصة بداية من إصلاح 1990 بفضل الزيادة في نسبة بعض الضرائب وتوسيع قاعدة الأداء وآلية الحجز من المورد والتسبقات وتحسين الاستخلاص وقد نتج هذا التطور عن عدة ترتيبات تشريعية (UGTT 2006). ورغم أهمية هاته الترتيبات التي غالبًا ما تحدث تغييرات هامة على قواعد تحديد أساس الأداء إلا أنها لم تقد إلى تحول جوهري منذ دخول مجلة الأداء على الدخل والأداء على الشركات.

ارتفاع مستمر لنسبة الأداءات المباشرة من جملة الموارد الجبائية مع تراجع نسبة الأداءات غير المباشرة.

على مستوى الأداءات المباشرة جرى تراجع نسبة الضريبة على الدخل، مقابل ارتفاع نسبة الضريبة على الشركات. إلا أن نسبة الضريبة على الأجور سجلت ارتفاعاً مستمراً لتبلغ 42% سنة 2013 مقابل 35،7 % سنة 1991.

على مستوى الأداءات غير المباشرة احتلت الأداءات على القيمة المضافة مرتبة متميزة بلغت نسبتها قرابة 50 % سنة 2012، معوضة بذلك تراجع نسبة المعاليم الديوانية.

إجمالاً جرى تعويض تراجع الموارد النفطية والمعاليم الديوانية بزيادة مستمرة للأداءات المباشرة على الدخل والشركات من جهة وبزيادات هامة على القيمة المضافة من جهة أخرى.

إن تحقيق العدالة الجبائية يمثل أحد المبادئ التي جرى التأكيد عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والشعوب لسنة 1789 في فصله 13 “لصيانة السلطة العمومية والنفقات الإدارية، المساهمة المشتركة ضرورية ويجب أن تكون موزعة بالتساوي بين المواطنين حسب قدراتهم“.

كما أن العدالة الجبائية في تونس كانت دائماً تمثل مبدأً أساسياً يجري التذكير به بصفة مستمرة:

في إعلان عهد الأمان لسنه 1857 وفي دستور 1861 وقع التنصيص على أن الضريبة يقع دفعها من طرف الجميع، غني وفقير بنسبة تتماشى مع أوضاعهم“.

كذلك تعرض أول دستور للجمهورية التونسية سنة 1959 في فصله السادس عشر إلى أن دفع الضرائب والمساهمة في التكاليف العمومية على قاعدة العدالة يمثل واجباً لكل فرد“.

وفي الدستور الثاني للجمهورية التونسية لسنة 2014 جاء في الفصل العاشر بأن أداء الضريبة وتحمل التكاليف العامة واجب وفق نظام عادل ومنصف“.

تضع الدولة الآليات الكفيلة بضمان استخلاص الضريبة ومقاومة التهرب والغش الجبائيين. حسب تحرص الدولة على حسن التصرف في المال العمومي وتتخذ التدابير اللازمة لصرفه حسب أولويات الاقتصاد الوطني وتعمل على منع الفساد وكل ما من شأنه المساس بالسيادة الوطنية“. بجانب التأكيد على العدل والإنصاف في مجال الضريبة أشار هذا الفصل إلى ضرورة مقاومة التهرب والغش الجبائيين من جهة والحرص على حسن التصرف في المال العمومي بجانب حسن توظيفه ومنع الفساد من جهة أخرى.

إن نسبة الموارد الجبائية من الناتج الداخلي الخام بعد أن عرفت ارتفاعاً منذ الاستقلال شهدت ابتداء من 1987 نوعاً من الاستقرار، حيث تراوحت هاته النسبة بين 20 و22 %. 67وهاته النسبة تعتبر دون النسب المسجلة في بلدان منافسة كالمغرب، حيث تبلغ 24 %، أو بلدان أخرى كتركيا والبرتغال الخ

إلا أن توزيع العبء الجبائي يختلف حسب الأصناف المهنية (أجراء وغير أجراء) وحسب النظام الجبائي (نظام حقيقي أو نظام تقديري) وحسب الوضع القانوني للقطاعات الاقتصادية (قطاع منظم وقطاع غير منظم) وحسب نوع الأنشطة الاقتصادية (أنشطة موجهة للتصدير وأنشطة موجهة للسوق الداخلية….) وحسب أشكال الخلاص (الحجز من الموارد أو عدم الحجز من المورد).

بصفة عامة الإحصائيات السنوية المنشورة لا تقدم معلومات ضافية تمكن من تحليل دقيق لجملة الفوارق والتباينات الموجودة، خاصة في غياب ترتيب دافعي الضرائب حسب المهنة والمداخيل والقطاعات والصنف الاجتماعي والجهات. وبالتالي سنحاول انطلاقًا من المعطيات المتاحة، إبراز أهم الفوارق التي تميز المنظومة الجبائية وفي مقدمتها الفوارق بين الأجراء وغير الأجراء عموماً.

1- الارتفاع المتواصل للضغط الجبائي على صنف الأجراء

ما انفكت نسبة الأجراء من الناشطين تزداد من سنة إلى أخرى حيث بلغت 71،2 % لسنة 2012 مقابل 68،2 % سنة 1986 و 57،7% سنة 1971 ونحو 51 % سنة 1961. إلا أن نسبة الأجور من الناتج الداخلي الخام عرفت تراجعاً من 42،2 % سنة 1961 إلى 34،6 % سنة 1991. ثم ارتفعت بعد إعادة إحياء السياسة التعاقدية منذ سنة 1990 لتبلغ 36،6 % لسنة 2013 أي دون المستوى المسجل في أول الفترة.

وهذا التراجع في نسبة الأجور جرى رغم ارتفاع عدد الأجراء وكذلك رغم التطور الحاصل على مستوى هيكلة العمال التي تتميز بتراجع نسبة العمال الفاقدين للمهارات ولمستويات تعليمية مرتفعة مقابل ارتفاع نسب العمال المتحصلين على المستوى الثانوي والعالي. وقد ساهم هذا التطور في تحسين إنتاجية العمل وجودة الإنتاج وتنافسية الاقتصاد. إلا أن التطورات الكمية والنوعية للأجراء لم تمنع من تراجع نصيبهم من الثروة من جهة، كما أن هذا التراجع واكبه ارتفاع للضغط الجبائي وشبه الجبائي المسلط عليهم من جهة أخرى. وبالرجوع إلى الجدول 10 نلاحظ أن نسبة الضريبة المباشرة على دخل الأجراء من حجم الأجور تضاعفت تقريباً حيث أصبحت تمثل 10% سنة 2012 مقابل 5،6 % سنة 1987. وكنتيجة لذلك أصبح الأجير يساهم سنوياً في مجال الأداءات المباشرة بمبلغ قيمته 1146 ديناراً سنة 2012 مقابل 136 سنة 1987، أي أن هاته المساهمة تضاعفت أكثر من ثماني مرات في ظرف 25 سنة. كما أن الجدول نفسه يشير إلى أن سنة 2012 دفع المواطن التونسي معدل 1402 دينارين على كامل الموارد الجبائية، أي ما يقارب 875 دولارًا مقابل 763 دولارًا في المغرب و 625 دولاراً بمصر و4200 أورو بفرنسا.

جدول رقم 10 : بعض المؤشرات حول تطور الضغط الجبائي

1986

1996

2007

2010

2012

معدل الموارد الجبائية الجملية للفرد (دينار)

416

930

1112

1402

معدل الضريبة المباشرة على دخل الأجراء (دينار)

136

340

690

902

1146

نسبة الضريبة المباشرة على دخل الأجراء من حجم الأجور (%).

5.6%

7.3%

8.2%

8.7%

10%

نسبة مساهمة الأجراء في الضريبة على الدخل

73.5%

75.6%

77.2%

82.8%

معدل الضريبة على المرابيح الصناعية والتجارية (نظام تقديري – دينار)

79.2

59.2

جدول رقم 11: تطور هيكلة كلفة التأخير ونسبة الاقتطاعات الإجبارية

1983

1995

2000

2005

2010

كتلة الأجر الصافي

82.2

75.9

73.5

71.5

71.2

جملة المساهمات والأعباء الاجتماعية

12.9

18.7

18.8

20.1

20.1

الأداءات المباشرة المدفوعة من طرف الأجراء

4.8

5.5

7.7

8.5

8.7

الجملة

100

100

100

100

100

المصدر : حسابات قمنا بضبطها انطلاقًا من بنك معلومات معهد الدراسات الكمية ومن الميزانيات الاقتصادية.

وللدلالة على حجم الحيف الجبائي الذي يتعرض له الأجراء يمكن الإشارة إلى أن الضرائب على الدخل التي تمثل 52 % من الأداءات المباشرة سنة 2010 نلخصها (Achraf Ayadi 2013) كالآتي:

81 % مدفوعة من طرف الأجراء

03 % مستخلصة تحت عنوان المرابيح غير التجارية

01 % مستخلصة تحت عنوان المداخيل العقارية

15 % مستخلصة بعناوين مختلفة

علمًا أن معدل الضريبة على الدخل المدفوعة من طرف الأجراء بلغت 1112 ديناراً سنة 2010 مقابل معدل الضريبة على المرابيح غير التجارية التي لم تتجاوز 500 دينار. كما أن معدل الضريبة على المرابيح الصناعية والتجارية في النظام التقديري لا تتجاوز 80 ديناراً للفرد سنوياً (جدول 16 مكرر 1).

وتجدر الإشارة أن نسبة الضرائب على الدخل في تونس تعتبر مرتفعة مقارنة مع بلدان عربية أخرى كما تشير إليه المعطيات الآتية:

معدل الضرائب على دخل يساوي 6000 دولار سنوياً

تونس

16%

المغرب

4.7%

الأردن

7%

لبنان

2%

مصر

10.9%

المصدر: صندوق النقد الدولي 2005

ومع تزايد نسبة الاقتطاعات الإجبارية التي بلغت قرابة 30 % من الأجر الخام سنة 2010 مقابل 17% سنة 1983، فإن نسبة الأجر الصافي أصبحت لا تمثل إلا 71،2 % من الأجر الخام سنة 2010 مقابل 82،2% سنة 1983 (جدول 11). يعني هذا أن على كل 100 دينار أجر خام يتحمله المؤجر كتكلفة لليد العاملة سنة 2010 هناك 8.7 دنانير يقع خصمها وتحويلها تحت عنوان الضريبة المباشرة المسلطة على الأجر و20،1 ديناراً يجري دفعها لصناديق الضمان الاجتماعي. أما العامل الأجير فإنه لا يتحصل إلا على 71،2 ديناراً كأجر صافٍ سنة 2010 مقابل 78،9 ديناراً سنة 1990 و 82،2 ديناراً سنة 1983 علمًا أن الأجر الصافي كان يبلغ قرابة 92 ديناراً في أواسط الستينات بالتالي رغم زيادات الأجور كل ثلاثة سنوات منذ 1990 في إطار السياسة التعاقدية إلا أن ارتفاع نسبة الاقتطاعات الإجبارية قاد في آخر المطاف إلى تآكل مستمر للأجر الصافي.

وارتفاع الضغط الجبائي المباشر الذي مر من 4،8 % سنة 1983 إلى 8،7 % سنة 2010 ليقارب 10 % سنة 2012 يرجع بالأساس إلى عدم تحيين شرائح السلم منذ دخول الإصلاح الجبائي حيز التنفيذ سنة 1990. كما أن التخفيضات المشتركة الممنوحة لأصحاب الدخل كالأجراء مثل التخفيض على رئيس العائلة أو التخفيض على الأطفال وعلى الوالدين في الكفالة لم تتغير منذ إقرارها سنة 1983، في حين أن هذه الإجراءات تحيين بصفة دورية في البلدان الأعضاء بمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. وفي غياب تحيين شرائح السلم، فإن الزيادات في الأجور أدت إلى انتقال الأجراء من سلم إلى سلم آخر مرتفع مع خضوع الأجر إلى نسبة ضريبة أعلى مما ينجر عنه ارتفاع الضغط الجبائي وخسارة هامة للأجير تساهم في تآكل الأجر الصافي.

وقد أنجزنا في الجدول رقم 12 تحييناً للشرائح باعتبار التضخم المالي الحاصل أثناء الفترة 1990 – 2012، كما قمنا بتحيين التخفيضات المشتركة في الجدول 13، وانطلاقًا من هذا التحيين، وإذا أخذنا مثال الأجير المتزوج وله طفلان، فإن هذا الأجير سيتمتع بتخفيضات تساوي سنة 2012 (654 د. تحت عنوان رئيس عائلة و 392 د تحت عنوان الطفل الأول و 327 د تحت عنوان الطفل الثاني أي في المجمل 1373د) بدلاً من (150 + 90 + 75=315 د) في غياب التحيين.

وإذا اعتمدنا في المثال نفسه واعتبرنا الأجير له دخل سنوي صافي بـ 7000 دينار سنوياً بعد التخفيضات المشتركة المنصوص عليها أعلاه، فإن هذا الأجير حسب السلم الحالي غير المحين سيدفع ضريبة على أساس 15% على شريحة 1500 – 5000 د و20 % على شريحة 5000 – 7000 أي في المجمل 925 د. في حين إذا طبقنا الجدول المحين الرقم 11، فإن هذا الأجير سيخضع إلى الشريحة 3815 – 10900 د. بنسبة 15% على قسط الدخل بين 3815 – 7000 وسيدفع ضريبة قيمتها 477.7 د فقط.

وبالتالي يصبح الربح الجبائي لهذا الأجير جراء ضم التخفيضات المشتركة وتطبيق سلم الشرائح المحينة كالآتي:

1505 = (315 – 1373) + (925 – 477) = الربح الناتج عن تحيين التخفيضات المشتركة مع الربح الناتج عن تحيين شرائح السلم.

ويستنتج من ذلك أن هذا التحيين، ومن دون تعقيد العملية الحسابية، سيمك هذا الأجير من زيادة سنوية في أجره تساوي 1505 دينارات أي بزيادة شهرية تقدر بنحو 125 دينار شهرياً.

جدول رقم 12 : ربط شرائح السلم بالتضخم

الشرائح الضريبية السارية المفعول منذ 1990

الشرائح الضريبية باعتبار التضخم إلى حدود سنة 2012

نسبة الضريبة

0 – 1500

0 – 3815

%0

1500 – 5000

3815 – 10900

%15

5000 – 10000

10900 – 23980

%20

10000 – 20000

23980 – 49050

%25

20000 – 50000

49050 – 109000

%30

50000 فما فوق

109000 فما فوق

%35

جدول رقم 13: تحيين الاقتطاعات عن الدخل

المبالغ المعمول بها منذ 1983

المبالغ باعتبار التضخم إلى حدود 2012

راتب واحد

150

654

الطفل الأول

90

392

الطفل الثاني

75

327

الطفل الثالث

60

262

الطفل الرابع

45

196

تحيين جرى إنجازه باعتماد مؤشر الأسعار عند الاستهلاك

تجدر الإشارة إلى أن ارتفاع المساهمات الجبائية للأجراء والضغط الجبائي الناتج من ذلك، قد تزامن مع تراجع دور الدولة في مجال إعادة توزيع المداخيل، ما أدى إلى سلعنة عديد الخدمات الاجتماعية بصفة كاملة أو جزئية. وهاته السلعنة حاصلة في مجال التبادل السلعي عبر تراجع نسبة دعم أسعار عديد السلع الغذائية وغير الغذائية من جهة، وفي مجال الفضاء غير السلعي الذي أصبحت أهم مكوناته (التعليم التكوين، الصحة، الثقافة…) غير مجانية، عبر تحميل الأسر نسبة متصاعدة من تكلفة هاته الخدمات.

ذلك أنه قبل الانتقال إلى اقتصاد السوق كان نسق النمو مرتبطاً بالأساس بالطلب الداخلي. وفي هذا الإطار كان التشغيل والأجور وسياسات إعادة توزيع المداخيل تعتبر إحدى مكونات وآليات تدعيم الطلب الداخلي قصد الرفع من نسق النمو. إلا أنه أثناء المرحلة الانتقالية نحو اقتصاد السوق أصبحت الصادرات والطلب الخارجي تمثل المحرك الأساسي للنمو، وبالتالي أصبح التشغيل والأجور يعتمدان في إطار المرونة كمتغيرات تعديلية للدورة الاقتصادية (التقليص من عدد العمال عند الكساد وتراجع النشاط الاقتصادي والتشغيل عند انطلاق الدورة الاقتصادية) من جهة، كما فقدت الجباية دورها في إعادة توزيع المداخيل وأصبح المنطق المالي وتقليص عجز الميزانية هو الهاجس الأساسي للسياسات المالية من جهة أخرى. وفي هذا الإطار تراجعت نسبة الموارد والنفقات العمومية من الناتج الداخلي الخام منذ 1996 كما تغير توزيع الأعباء الجبائية (إعطاء الأولوية للصادرات وتحفيز أكثر لاستثمارات القطاع الخاص ولاستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر على سبيل المثال) وتوزيع النفقات العمومية.

وفي هذا السياق جرى تقليص الدعم الذي كان يمثل 6،6% من الاستهلاك الخاص سنة 1984، وأصبح لا يمثل إلا 1 % سنة 2006 مع بداية ارتفاع هاته النسبة جراء ارتفاع الأسعار العالمية لعديد الموارد الغذائية (Bedoui 2013). علما أن آخر الدراسات (INS 2010) تفيد أن لدى الفقراء يمثل الدعم 20.6% من نفقات الاستهلاك الغذائي مقابل 11،8 % لدى الطبقة الوسطى و 51% لدى طبقة الأثرياء. وتقليص الدعم يعني التوجه نحو السلعنة الكاملة للفضاء السلعي بحيث إن الأسعار تحدد عن طريق منطق العرض والطلب من دون اعتبار الأبعاد الاجتماعية.

إلى جانب تقليص نسبة نفقات الدعم من نفقات الاستهلاك الخاص، نلاحظ كذلك تراجع دور الدولة عن توفير خدمات اجتماعية ضرورية كالصحة والتعليم بصفة مجانية أو شبه مجانية. وعلى سبيل المثال نلاحظ أن نسبة تحمل العائلات مصاريف الصحة ما فتئت ترتفع باستمرار من 34 % سنة 1985 إلى 55% سنة 2006 (MAS 2010)، وبالتوازي قد انخفضت نسبة النفقات العمومية من 51% سنة 1985 إلى 18.5% فقط سنة 2006 علمًا أن نسبة تدخل صناديق الحماية الاجتماعية شهدت ارتفاعاً بعد تراجع دور الدولة. مع التذكير بأن تدخل الصناديق المذكورة يقع بفضل المساهمات الاجتماعية المخصومة من الأجر الخام. نفس التطور حاصل كذلك في ميدان التعليم والتكوين حيث أصبحت العائلات تتحمل نسبة متصاعدة من النفقات (ارتفاع نفقات التسجيل، نفقات الدروس الخصوصية، نفقات الإقامة بالنسبة للطلبة خارج المبيتات الجامعية، الخ…).

3- التسهيلات والامتيازات والوضعيات الخاصة بالقطاع الخاص

في الوقت الذي كان فيه الأجراء ضحية ارتفاع مستمر للضغط الجبائي ولتهرئة مداخيلهم الصافية وتدهور وضعياتهم المعيشية جراء السلعنة الزاحفة على كل ميادين الحياة، فإن القطاع الخاص كان يتمتع بعديد الامتيازات والوضعيات والآليات التي مكنته من تخفيف العبء الجبائي على العديد من مكوناته ومن التهرب من أداء الواجب الجبائي بالنسبة للمكونات الأخرى.

3-1 التخفيف من العبء الجبائي بفضل نظام الامتيازات الجبائية

يحظى القطاع بعديد الامتيازات الواردة بمجلة التشجيع على الاستثمارات وبعض النصوص الجبائية الأخرى. وهاته الامتيازات نتجت عن إجراءات إعفائية متعددة ومنتشرة اتخذت شكل امتیازات جبائية كالتخفيضات الجبائية والإعفاءات المؤقتة وامتيازات مالية كالمنح والإعانات وتنفيل الفوائد على القروض البنكية وتحمل الدولة المساهمات الاجتماعية، الخ…..

ونظرًا لتعدد هذه الإجراءات وتنوعها فقد تحولت بمرور الوقت إلى نظام متكامل بدل أن تكون إجراءات استثنائية محولة نظام الحق العام الجبائي إلى نظام استثنائي.

وتعتبر هذه الإجراءات نفقات جبائيةينتج عنها عند تطبيقها تخلي الدولة عن موارد جبائية قصد تحقيق بعض الأهداف الاقتصادية تتمثل في الرفع من الاستثمار الخاص ومن خلق مواطن شغل ومن تشجيع الصادرات، الخوباعتبار هاته الإجراءات وجب التساؤل حول تكاليفها وجدواها ومردودها.

منذ صدور مجلة تشجيع الاستثمارات سنة 1993 قامت وزارة المالية سنة 2005 بضبط تكاليف الإجراءات الواردة في هاته المجلة وفي نصوص أخرى مختلفة. علمًا أنه في دراسة استراتيجية (IEQ 1996) جرى التأكيد على أن مجلة الاستثمارات لسنة 1993 التي عوضت ووحدت عديد المجالات القطاعية السابقة قد أدت إلى الترفيع من نسبة التشجيع على الاستثمارات كما يشير إليه الجدول 14.

جدول 14. نسبة تشجيع الاستثمار حسب القطاع: مقارنة بين مجلة 1993 والمجلات السابقة

مجلة الاستثمارات الموحدة لسنة 1993

المجلات السابقة

الصناعات التحويلية

%19.7

16

قطاع السياحة

%14.8

25.4

قطاع الخدمات

%20

18.2

الفلاحة

%35.3

34.1

المعدل الجملي

%22.1

%21.2

المصدر: (IEQ 1996)

ومنذ صدور مجلة 1993 لم تتوقف نسبة التشجيع على الاستثمارات (أي التكلفة) عن الارتفاع لتبلغ 24،2% من حجم الاستثمارات المستفيدة منه. وحسب وزارة المالية، فإن هاته النسبة بلغت في الحقيقة مستوى أرفع ليصل إلى 30% من الاستثمارات سنة 1999 مقابل 26،3 % لسنة 1988، أي خمس سنوات قبل صدور مجلة 1993. وقد أشارت دراسة 2005 التي أنجزتها وزارة المالية أن التكلفة المتراكمة للامتيازات الجبائية والمالية قد بلغت أثناء الفترة 1994-2004 مبلغاً هاماً وصل إلى 5803،7 ملايين دينار تونسي. وقد مثلت الإعفاءات الجبائية 79 % من هذا المبلغ مقابل 21 % تشجيعات مالية، علمًا أن التشجيعات المالية كانت لا تمثل إلا 13% في بداية تطبيق المجلة.

ومن أهم التشجيعات الجبائية تتصدر الإعفاءات والتخفيضات الديوانية (الجمركية) وتلك التي تخص الأداء على القيمة المضافة المرتبة الأولى ( جدول 15) يليها الإعفاءات والتخفيضات التي تشمل المرابيح ومداخيل الشركات. من جهتها تشمل التشجيعات المالية منحة الاستثمار التي عوضت ارتفاع نسبة الفائدة الحاصلة خاصة أثناء السنوات التسعين.

جدول رقم 15: تطور تكلفة التشجيعات العمومية للاستثمار الخاص

أثناء الفترة 1994 – 2004

1994

1995

1996

1997

1998

1999

2000

2001

2002

2003

2004

2005

تكلفة التشجيعات الجبائية

340.9

357.7

367.2

327.5

392.3

510.2

438.7

543.8

573.2

521.3

197.6

4570.7

التشجيعات المالية

51.7

55

60.1

73.6

102

128.5

144.7

155

164.5

157.2

140.6

1233.1

المصدر: وزارة المالية تقرير داخلي

إلى جانب هاته الامتيازات الواردة في مجلة الاستثمارات وفي نصوص وإجراءات أخرى يجب الإشارة إلى أن القطاع الخاص يحظى بعديد البرامج الأخرى المانحة لجملة من التشجيعات من أهمها برنامج تأهيل المؤسسات في القطاع الصناعي ابتداء من سنة 1996 وفي القطاع الخدماتي (سياحة، نزل، بنوك، مؤسسات مالية وإدارية…) منذ 2001 إلى جانب برنامج خاص بالتطوير الصناعي ممول من طرف الاتحاد الأوروبي وبرنامج خاص يدعم التصدير ممول من طرف البنك العالمي (FAMEX) وبرامج عديدة أخرى تخص تدعيم التشغيل عبر تقديم امتیازات مختلفة للمؤسسات.

والجدير بالذكر أن صندوق النقد الدولي (FMI 2005) قد قام من جهته بتحديد تكاليف الامتيازات الجبائية الممنوحة من أجل تشجيع الاستثمار وقدرها بنحو 683 مليون دينار كمعدل سنوي خلال الفترة 2000 – 2003 وهو ما يمثل 2،3% من الناتج الداخلي الخام ومعدل 7،2 % من المقابيض الجبائية.

وقد قامت دراسة صندوق النقد الدولي بتحليل مقارن بين تكلفة التشجيعات الجبائية والضريبة المستوجبة من قبل المؤسسات المستفيدة، أدت إلى التأكيد أن تكلفة التشجيعات تجاوزت بكثير الضريبة المستوجبة من قبل المؤسسات المستفيدة. فبعد أن كانت هذه التكلفة تبلغ 134 مليون دينار سنة 2000 أقل من الضريبة المستوجبة (151 م. د) فقد ارتفعت وتجاوزتها منذ ذلك التاريخ لتصبح ضعفها سنة 2003 (145 م. د ضريبة مقابل 296 م. د تكلفة التشجيعات). وعموماً أشارت الدراسة إلى أن مساهمات المؤسسات المتمتعة بالامتيازات والإعفاءات الجبائية في المقابيض الجبائية بقيت مستقرة في حدود نحو 150 م. د رغم ارتفاع رقم معاملاتها بـ 150% وارتفاع أرباحها بـ 63% في ما بين 2000 – 2003. وعلى الرغم من أن هذه المؤسسات حققت 50% من رقم المعاملات الجملي و40 % من الأرباح المحاسبية خلال سنة 2003، فإن مساهمتها في الضرائب لا تمثل إلا 25%. وقد قادت هاته الدراسة صندوق النقد الدولي إلى اعتبار أن مصداقية النظام الجبائي قد اهتزت بتعدد الامتيازات والإعفاءات إضافة أن النتائج لم تبيّن نجاعة هذه الإجراءات، واقترح أن يوضع حد وبسرعة لكل الإعفاءات من الضريبة على الشركات وعلى الدخل ومواصلة العمل بالامتيازات الجارية إلى حد نهايتها المحددة بالقانون دون تجديد العمل بها. وهذا الموقف الذي يظهر منطقيًا ومعقولاً هو مبني في حقيقة الأمر على اعتبارات إيديولوجية ليبرالية، تهدف إلى تقليص دور الدولة واعتماد منطق السوق في توجيه الدورة الاقتصادية وتحقيق أسعار تعكس قانون العرض والطلب بدون دعم من طرف الدولة.

وفي إطار بديل تنموي يجب العمل على إعادة الاعتبار إلى دور الدولة على صعيدين: الرجوع إلى العمل بالسياسات القطاعية في الميدان الصناعي والفلاحي بالأساس، إلى جانب الرجوع إلى العمل بسياسات إعادة توزيع المداخيل. وفي هذا الإطار يجب أن لا تكون الإعفاءات والامتيازات الجبائية والمالية قائمة على منطق كسب الولاءات السياسية والمواقع الريعية وتتسم بالاستمرارية خارقة بذلك القوانين التي تحدد مدة الانتفاع بالامتيازات. وخرق القانون غالباً ما يمر عبر تغيرات شكلية تخص إبدال اسم الشركة أو مقرها أو برمجة إفلاسها لإعادة التمتع بالامتيازات نفسها لمدة زمنية جديدة، وهكذا دواليك من دون نهاية.

وحتى تخدم الامتيازات والإعفاءات أهداف تنموية استراتيجية يجب أن تخضع للآتي:

أن تعطى الامتيازات الجبائية مقابل التزامات محددة يمكن أن تخص الالتزام من طرف المستفيد بتحقيق نسب تشغيل وتأطير وتصدير، الخفي إطار علاقات تعاقدية خاضعة إلى المراقبة والتقييم والمحاسبة.

يجب أن تعطى الامتيازات لمدة معينة يقع ضبطها واحترامها ومراقبتها ومعاقبة كل مخالف. أن تعطى الامتيازات بصفة تفاضيلة وليس بصفة جملية أي أن الامتيازات والتشجيعات يجب أن تخص بعض الأنشطة المرغوب في تدعيمها من دون سواها، قصد تنويع النسيج الصناعي وتكثيف محتواه التقني وقدرته على استيعاب الكفاءات العالية.

يجب الحرص على تحقيق أكبر مردود لنظام الامتيازات الجبائية. ذلك أن المردود المالي لهذا النظام كان سلبياً كما أشرنا إلى ذلك سابقاً. لكن مردود هذا النظام كان كذلك ضعيفًا في ميدان الاستثمار والإنتاج والتصدير مقارنة مع التجارب الأخرى. ففي ميدان الاستثمار الخاص فإن نسبته من الإنتاج الداخلي الخام بقيت ضعيفة وأقل من 15% مقابل أكثر من 20 % في بلدان جنوب شرق آسيا ودون المستويات المسجلة في المغرب وتركيا ومصر، الخ.. كما أنه في مجال الإنتاج، نلاحظ الضعف نفسه حيث إن الإنتاج لم يتنوع ويتطور، بل اقتصر بالأساس على الأنشطة المستغلة للامتيازات التفاضلية القارة من استغلال الثروات الطبيعية الباطنية (الفوسفات والنفط…) وغير الباطنية (في مجال السياحة) إلى جانب استغلال وفرة يد عاملة ضعيفة الكفاءة وتعمل بأجور متدنية (قطاع النسيج والجلود والخياطة، قطاع الكهرباء، قطاع الصناعات الغذائية)، وقد نتج من مثل هذا النسيج الاقتصادي نسبة ضعيفة للصادرات ذات محتوى تقني عال لم تتجاوز 6.1% سنة 2010 مقابل 7،1% بالمغرب و 1 % بمصر (BAD 2011).

أما في ما يخص مردود الإعفاءات الجبائية وانعكاسها على حجم الصادرات، فالدراسات المقارنة تشير إلى أن استثمار 1 دولار من طرف (Famex) في تشجيع الصادرات لا ينتج عنه إلا زيادة 20 دولار في حجم الصادرات مقابل معدل زيادة بـ 96 دولار في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا و 137 دولار في إفريقيا ما وراء الصحراء و 227 دولار في آسيا (BAD 2011). إلى جانب ضعف مردود نظام الامتيازات الجبائية فإن هذا النظام ساهم في خلق اختلال عميق بين المؤسسات لأنه خص المؤسسات الموجهة معاملاتها للأسواق الخارجية بنظام جبائي تفاضلي على حساب المؤسسات الناشطة بالسوق المحلية. وقد مثلت الضرائب على الشركات 48 % من الأداءات المباشرة سنة 2010 منها:

80 مدفوعة من طرف شركات خاضعة لنسبة ضريبة تبلغ 35%. وهاته الشركات لا تمثل إلا 5 % من مجموع الشركات.

20% مدفوعة من طرف 95% من الشركات.

وبالتالي من الضروري إعادة النظر في هذا النظام انطلاقًا من سن خطة تنموية جديدة ومتكاملة.

إلى جانب الإعفاءات الجبائية المؤقتةالتي أدت إلى شكل جديد من التهرب الجبائي والمتمثل في بعث مؤسسات يتوقف نشاطها بمجرد انتهاء فترة الإعفاء، هناك نظام تقديري مخصص لصغار المشغلين دون سواهم مكن العديد من المطالبين بالضريبة من الاستفادة منه من دون موجب. وقد بلغ عدد المطالبين بالأداء 644248 لسنة 2012 منهم 394976 خاضعون للنظام التقديري، أي ما يقارب 62% من مجمل المطالبين بالأداء.

جدول 16: توزيع المطالبين بالأداء لسنة 2012

الوضعية

النسبة

1) أشخاص طبيعيون

83.04%

نظام تقديري

61.31%

نظام حقيقي

15.16%

مهن غير تجارية

6.57%

2) أشخاص معنويون

16.96%

المصدر: وزارة المالية 2013

جدول 16 مكرر 1 : تطور عدد ومساهمات أصحاب المرابيح الصناعية والتجارية المنخرطين في النظام التقديري

2010

2011

2012

2013

عدد المنخرطين

376000

388000

395000

400000

المساهمات الجبائية السنوية (مليون دينار)

29.8

16.4

23.4

22.3

معدل المساهمة السنوية للفرد بالدينار

79.2

42.2

59.2

55.7

المصدر: وزارة المالية ماي 2014

جدول 16 مكرر 2 : أمثلة من الأنشطة التي جرى إقصاءها من النظام التقديري

المهن

عدد المسجلين

عدد التصاريح الفعلية

المساهمة الجملية بالدينار

معدل المساهمة للفرد

ملابس جاهزة

5571

3368

279816

83

أجهزة منزلة الكتروكهربائية

418

252

36591

145

تجميل

168

117

17731

152

قاعة شاي

154

100

57997

580

ثقافة

7

3

1572

524

الجملة 92 نشاطًا

31435

18405

2664228

145

جملة الأنشطة التابعة للنظام التقديري 338

361738

216526

26616271

104

المصدر: وزارة المالية، مشروع الإصلاح الجبائي، ماي 2014

جدول 16 مكرر 3: المساهمة الجبائية السنوية لأصحاب المرابح غير التجارية والصناعية حسب النظام الجبائي لسنة 2012

المهن

عدد المطالبين بالجباية

المساهمة السنوية

أطباء

6275

7.7

النظام التقديري

4282

7.7

النظام الحقيقي

1993

7.8

محامون

7092

2.5

النظام التقديري

5756

2.2

النظام الحقيقي

1336

3.6

محاسبون

627

14.2

النظام التقديري

156

10.5

النظام الحقيقي

471

15.3

مهندسون معماريون

3249

2.3

النظام التقديري

1563

2.3

النظام الحقيقي

1686

5.3

المصدر: وزارة الاقتصاد والمالية، ماي 2014

والمنضوين تحت النظام التقديري موجودون بالأساس في قطاع الخدمات: 43 % في تجارة التفصيل (منهم 55 في المواد الغذائية و 45 % في مواد أخرى) و52 % في أنشطة خدمات مختلفة (منهم 40% من ميدان نقل الأشخاص والبضائع 10 % ميكانيك عام، 20 % أكلة خفيفة، 10 % حلاقة، الخ…).

ورغم أهميتهم العددية فإن مساهمتهم بلغت 23،4 م. د فقط سنة 2012 (أنظر جدول 16 مكرر 1) أي بنسبة 0،21% من مجموع المداخيل الجبائية في النظام الداخلي مقابل 24،01% للأجراء و 26،8 % للأشخاص المعنويون و 4،78% لنظام حقيقي و 44،19 % تحت عنوان الأداءات غير المباشرة.

والمعلوم أن الخاضعين للنظام التقديري كانوا يمثلون سنة 2004 نحو 310000 دفعوا 12.8 م. د فقط أي 1،7% من مجموع الضريبة على الأرباح الصناعية والتجارية وعلى الضريبة على الشركات. وقد دفع كل خاضع للنظام التقديري لسنة 2004 معدل 42،3 ديناراً و 59 ديناراً سنة 2012 مقابل معدل 984،5 ديناراً بالنسبة لكل خاضع للنظام الحقيقي (FMI 2005) وضعف هاته المساهمات (أنظر جدول 16 مكرر 1 و 2 و 3) تدل على أن النظام التقديري يمثل نقيض الحوكمة الرشيدة لأنه يقوم على عدم التصريح بحقيقة الدخل ورقم المعاملات ويعتمد على تصريحات بعيدة عن الواقع“.

كما أنه يساهم في تعميق الاختلالات بين المؤسسات التي تتحمل الأعباء الجبائية والاجتماعية طبقًا لنظام القانون العام والمؤسسات التي لا تتحمل مثل هاته الأعباء، لأنها تتمتع بامتيازات جبائية وشبه جبائية أو لأنها تنتمي إلى النظام الجبائي التقديري(4).

3-3 التهرب الجبائي

إلى جانب نظام الامتيازات الجبائية والنظام التقديري، يجب الإشارة إلى تنامي ظاهرة التهرب الجبائي الناتجة من عديد الأسباب، منها ما يخص التشريع الجبائي، ومنها ما يخص الهياكل الاقتصادية، ومنها الناتج عن ضعف الإدارة الجبائية، ومنها ما يخص ضعف الحس المدني في غياب دولة القانون والمؤسسات.

ذلك أن التشريع الجبائي يتسم بالتشعب أولاً نظرًا أنه متكون من قوانين وأوامر وقرارات وكراس شروط ومراسلات إدارية، الخوالتضارب بين الأهداف مما يفتح المجال للتأويلات والاجتهادات والمعاملات الذاتية والرشوة والفساد. ثانيًا التشريع الجبائي متعدد: نسب ضرائب تتراوح من 10 إلى 35% من مرابيح الشركات. شرائح سلم مع نسب ضريبة تتراوح من 0 إلى 35 % على مداخيل الأشخاص الطبيعيين إلى جانب نظام معلوم قار حسب رقم المعاملات بالنسبة للنظام التقديري (Karboul 2004). وقد أدى مثل هذا التشريع إلى تشجيع الشركات على تفضيل واختيار نظام أشخاص طبيعيين للاستفادة من نسب ضرائب ينتج عنها أقل عبء جبائي. ذلك أن السجل الوطني لتعداد الشركات يفيد أن 88 % من الشركات ينتمون إلى صنف الأشخاص الطبيعيين مقابل 12% فقط إلى صنف شركات خفية الاسم وشركات ذات المسؤولية المحدودة. إلى جانب ذلك قاد هذا التشريع إلى تفضيل النظام الجبائي التقديري ذلك أن عدد المنخرطين في هذا النظام ارتفع من 149000 لسنة 1989 إلى 270000 لسنة 1999 ليبلغ قرابة 400000 سنة 2012. وهاته الأعداد تساوي نحو خمسة أضعاف المنخرطين في النظام الحقيقي.

وتصاعد هذا العدد جرى تسجيله على الرغم من أنه منذ سنة 2000 يقوم المشرع سنوياً بإعادة تحديد شروط الانخراط في النظام التقديري. إلى جانب تشعب وتعدد مكونات التشريع الجبائي وهشاشة النسيج الاقتصادي يجب كذلك الإشارة إلى الضعف الذي عليه الإدارة الجبائية رغم عديد المجهودات التي بذلت والتي تبقى غير كافية إلى حد الآن (وزارة المالية 2013) على مستوى الموارد البشرية من إطارات وأعوان المراقبة وإطارات وأعوان الاستخلاص. إضافة إلى ذلك هناك ضعف الموارد المادية الذي أدى بدوره إلى ضعف العمل الميداني نتيجة لقلة وسائل النقل (سيارة لكل 16 عوناً سنة 2012) وإلى محدودية التجهيزات الإعلامية (حاسوب لكل 3 أعوان سنة 2012). إلى جانب ضعف الموارد المادية فإن هيكلة هاته الأخيرة تتميز بنسبة عالية لاعتمادات التأجير التي بلغت سنة 2012 نحو 70 % مقابل ضعف اعتمادات التنمية والتسيير، علمًا أنه في البلدان الأوروبية تمثل نسبة نفقات التأجير نحو 50% من مجموع الاعتمادات.

كما أن ضعف الحس المدني ساهم بصفة هامة في التهرب الجبائي. حيث إن غياب دولة القانون والمؤسسات وهيمنة الدولة على المجتمع وتنامي الواجبات في غياب الحقوق وبناء علاقة قائمة على تقديم الامتيازات الاقتصادية مقابل الولاءات السياسية إضافة إلى غياب العدالة الجبائية قاد المواطن إلى التهرب من القيام بواجبه الجبائي لأن الضريبة أصبحت تعتبر بمثابة عملية سطو ونهب المواطن لفائدة دولة ظالمة وفاسدة.

كل هاته العوامل مجتمعة أدت إلى تفاقم ظاهرة التهرب الجبائي الذي بلغت تكلفته مبالغ هامة حسب بعض التصريحات والتقديرات المتوفرة.

تقديرات صندوق النقد الدولي في أواسط الثمانينات تفيد بأن التهرب الجبائي يمثل أكثر من نصف المقابيض المنظرة.

تصريحات المدير العام للمراقبة الجبائية في نهاية التسعينات تقدر التهرب الجبائي كذلك بـ 50% من المقابيض (BM 2006)

تقرير البنك الدولي وتأكيدات وزير المالية (جريدة الصباح 2008) آنذاك بأن 50 % من المؤسسات التونسية تتهرب من الجباية. وقد أكد التقرير المذكور أنه على المؤسسات التحول من وضعية التكتم على وضعياتها المالية والتلاعب بالنتائج قصد التهرب الجبائي، إلى وضعية الشفافية التامة لتترك الأرقام وحدها تعكس الحقيقة“.

أخيراً قام البنك الدولي سنة 2013 بدراسة في إطار الإصلاح الجبائي وتخفيف العبء على المؤسسات الاقتصادية شملت 54731 مؤسسة تبين من خلالها أن 43% من هذه المؤسسات تصرح بنتائج إيجابية في حين أن 38 % منها تصرح بنتائج سلبية بينما 19 % منها تصرح بنتائج تساوي الصفر. ما يعني أن 57% من المؤسسات تحاول التهرب من دفع الضرائب. وقد أدى هذا الوضع إلى تراجع نسبة الإعلان عن التصاريح الجبائية التي مرت من 75،7 % سنة 2009، 65،7 % سنة 2010، 50،8 % سنة 2011 لتصل إلى 40% لسنة 2012 (وزارة المالية 2013).

التهرب الجبائي لا يعني بالضرورة عدم التصريح بل بالأساس عدم الإدلاء بحقيقة النتائج المالية. وفي سنة 2011 جرى الإعلان عن 888289 تصريحاً جبائياً منها 62 % بنتائج تساوي صفرًا وقرابة 16 بنتائج أقل من 1500 دينار. وبالنسبة للأداءات على القيمة المضافة فإن80 % من الخاضعين لهذا الأداء يصرحون برقم معاملات أقل من 100000 د.

وتجدر الإشارة إلى أن التهرب الجبائي يكاد يكون مستحيلاً بالنسبة للخاضعين لنظام الخصم من المورد وخاصة الأجراء منهم. وقد استعملت عبارة مثلث التهربللإشارة إلى القطاعات التي يكثر فيها التهرب الجبائي وهي القطاع الفلاحي وقطاع المهن غير التجارية (المهن الحرة) وقطاع الصناعة والتجارة. وكلها لا تخضع للخصم من المورد إلا في حالات قليلة وبنسبة ضعيفة. ورغم ظاهرة التهرب الجبائي تلجأ الدولة في عديد من الأحيان إلى سن عفو جبائي. ويمكن أن يشمل هذا العفو أصل الدين ويمكن كذلك أن يقتصر على التخلي عن الديون الناتجة من العقوبات ومصاريف التقاضي. وأهم عفو جبائي جرى في سنة 1987 بعد الانقلاب الحاصل في السنة نفسها وانتصاب سلطة سياسية جديدة فاقدة الشرعية ديمقراطية.

وأخيراً يمكن التأكيد أن توزيع العبء الجبائي يقع بصفة غير عادلة على جميع المستويات: على مستوى الشركات حيث أن 5% منها فقط تساهم بـ 80 % من مجموع الضريبة على الشركات، كما أن أكثر من 80% من مجموع الضرائب على الدخل مصدره الأجراء. من جهته النظام التقديري لا تتجاوز مساهمته 0،21% من مجموع أداءات النظام الجبائي الداخلي بالإضافة إلى ذلك فإن القطاع غير المنظم الذي يمثل قرابة 40 % من الناتج المحلي الخام ويشغل أكثر من 50% من العاملين خارج القطاع الفلاحي يكاد يكون غير معني بالجباية ويساهم بقسط لا يذكر.

وبالتوازي مع التوزيع غير العادل للعبء الجبائي الذي تبقى ضحيته الأولى شريحة الأجراء عرفت من جهتها هيكلة النفقات العمومية تغييراً هاماً في توزيع هاته النفقات من الناحية الوظيفية كما يشير إليه الجدول 17.

جدول رقم 17: تطور هيكلة النفقات العمومية (تصرف وتجهيز)

1961

1971

1981

1991

2001

2011

نفقات المصالح المدنية السيادية

18.8

11.3

10.1

14.2

17

13.1

نفقات عسكرية

6.3

6.3

9.8

9.6

7.7

6.1

نفقات اقتصادية (بدون خدمات الدين)

30.2

34.3

39.3

34.5

21.3

30.4

نفقات البنية التحتية

15.5

5.5

9.7

7.1

6.5

10.6

نفقات التعليم

18.9

27.4

18.2

21.7

30.3

26.6

نفقات الصحة

9.7

7.9

8.3

8.2

9.9

6.6

نفقات اجتماعية

0.7

7.3

4.6

4.8

7.3

6.7

نفقات اقتصادية وبنية تحتية

45.6

39.8

49

41.5

27.8

41

نفقات تعليم وصحة واجتماعية

29.3

31.1

34.7

34.7

47.5

39.9

المصدر: بنك معلومات مركز الدراسات الكمية IEQ

وبالرجوع إلى هذا الجدول يتضح تراجع نسبة النفقات الخاصة بالقطاعات الاجتماعية، حيث إن نفقات التعليم تراجعت من 30،1% سنة 2001 إلى 26،6 % سنة 2011. كما أن نفقات الصحة تراجعت نسبتها على التوالي من 9،9% إلى 6،6 %. كما أن النفقات الاجتماعية المختلفة تراجعت نسبتها على التوالي من 7،3% إلى 6،7 %. عموماً فإن مجموع نفقات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية الأخرى تراجعت نسبتها من 47،5 % سنة 2001 إلى 39،9 % سنة 2011 في المقابل ارتفعت نسبة النفقات الاقتصادية (بدون اعتبار خدمات الدين) من 21،3 سنة 2001 إلى 30،4 سنة 2011 كما ارتفعت نفقات البنية التحتية على التوالي من 6،5% إلى 10،6.

إجمالاً يتضح من خلال تطور توزيع الأعباء الجبائية وتوزيع النفقات العمومية، أن فترة الانتقال نحو اقتصاد السوق عرفت تراجعاً لسياسات إعادة توزيع المداخيل لفائدة القطاع الخاص عموماً والشركات المصدرة خصوصاً، كما عرفت انتشار المنطق السلعي وحرص الدولة على توفير الموارد المالية العمومية على حساب العدالة الجبائية والخدمات الاجتماعية التي تدهورت من الناحية الكمية والنوعية على السواء. علماً أن العنصر الإيجابي الذي يكاد يكون الوحيد يتمثل في ارتفاع نسبة الأداءات الجبائية المباشرة وتراجع نسبة الأداءات غير المباشرة المعروفة بعدم عدالتها.

والمعلوم أن تراجع سياسات إعادة توزيع المداخيل نتيجة الاختلالات على مستوى الموارد الجبائية والنفقات العمومية المشار إليها سابقًا من شأنها أن تساهم في تفاقم الفوارق الاجتماعية. ولذلك من الضروري أن يندرج الإصلاح الجبائي من منظور تدعيم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في إطار إعادة إحياء وضبط سياسات إعادة توزيع المداخيل واضحة المعالم. وبالرجوع إلى تجارب البلدان الغربية المصنعة فإن سياسة إعادة التوزيع تساهم بنسبة تبلغ في المعدل 25% في التقليص من الفوارق الاجتماعية عبر الجباية والخدمات الاجتماعية وتبلغ هاته النسبة 30 % بفرنسا (5).

على ضوء ما ورد آنفًا يمكن التأكيد على مجموعة من المقترحات التي تتطلب إعادة النظر في النمط التنموي الحالي. وهذا يتطلب إعادة الاعتبار لدور الدولة في مجالين أساسيين: مجال السياسات القطاعية قصد توسيع وتنويع وتكثيف النسيج الاقتصادي وفي مجال سياسة إعادة توزيع المداخيل في اتجاه تحقيق أكثر عدالة جبائية عبر تحقيق توزيع العبء الجبائي بصفة تعكس نصيب كل طرف من الناتج الداخلي من جهة، والحرص على توزيع النفقات العمومية بصفة تضمن توفير أكثر خدمات اجتماعية ممكنة مع مراعاة الجودة وعدم الإقصاء من جهة أخرى.

في هذا الإطار يمكن تقديم المقترحات الآتية:

التحيين الدوري لشرائح السلم والتخفيضات المشتركة حسب نسبة التضخم والزيادة في عدد الشرائح باعتماد التدرج في نسبة الضريبة بين 0 % و 30 %.

إيقاف العمل بنظام الامتيازات الجبائية الحالي نظرًا لكلفته العالية وضعف مردوديته وتعويضه بنظام جديد في إطار سياسات قطاعية قائمة على علاقات تعاقدية تضمن تقدیم امتيازات وقتية مقابل الالتزام بتحقيق أهداف يقع الاتفاق عليها ومتابعتها وتقديم التعويضات في حالة عدم تحقيقها.

الإلغاء التدريجي للنظام التقديري والتصدي لجيوب الاقتصاد الموازي وشبكات تجارة المواد المهربة باتخاذ إجراءات ردعية جمركية ومالية مع مساعدة القطاع غير المنظم على التنظم في إطار تدعيم الاقتصاد الاجتماعي التضامني عبر تكوين تعاونيات وتعاضديات وجمعيات الخ

إلزام كل المؤسسات باعتماد معايير المحاسبة ومراقبة موازناتها بالاعتماد على معايير المعلومات المالية الدولية المعروفة لدى أوساط المحاسبة بـ International financial (Reporting Standard IFRS)

تبسيط النصوص الجبائية وتجميعها في مجلة موحدة، ما من شأنه الحد من تدخل الإدارة لتفسير وتأويل النصوص الجبائية وتشجيع المطالبين بالأداء على الانخراط في المنظومة الجبائية.

التقليص من عدد نسب الأداء على القيمة المضافة وتبسيط قاعدة احتسابه وكيفية استخلاصه.

التقليص من التباين بين النظام الجبائي للمؤسسات العاملة بالسوق المحلية والمؤسسات الموجهة معاملاتها للأسواق الخارجية.

التقليص من المعاليم الموظفة على رقم المعاملات.

تحسين مردودية الجباية المحلية بمنح الجماعات المحلية صلاحيات جديدة في مجال ضبط نسب المعاليم وطرق الاستخلاص حسب خصوصياتها، ومثل هذا الإجراء يجب أن يندرج في إطار إصلاح الدولة في اتجاه التخلي عن الهيمنة على المجتمع والمركزية والمحورية والعمل الجدي على بناء ديمقراطية محلية تضمن مشاركة المواطن والانطلاق من خصوصياته وحاجياته.

تدعيم الإدارة الجبائية من الناحية البشرية والمادية في إطار إعادة توزيع الموظفين على مستوى الوظيفة العمومية وتفادي انتدابات جديدة لأن الوظيفة العمومية تشغل أكثر من طاقتها ولأن نسب نفقات التصرف والتسيير عالية مقارنة بالبلدان النامية والصاعدة.

1 – اتخاذ إجراءات للرفع من الوعي الجبائي والعمل على التحسيس والتوعية لإرساء ثقافة جبائية. وهذا يتطلب تحقيق نظام جبائي يضمن العدالة الجبائية وتحسين ظروف الاستقبال والتوجيه وتبسيط الإجراءات وتدعيم حقوق المطالب بالأداء وتوفير أكثر حظوظ للمصالحة مع إحداث آليات لتفادي النزاع الجبائي.

2- دعم المراقبة الجبائية بإثراء بنك المعطيات وتطوير نظم المعلومات لضمان تفاعل أنجع مع كافة المتدخلين، مع تأهيل أعوان مصالح الجباية وتنمية قدراتهم ومقاومة كل مظاهر الفساد والرشوة.

3 – تعزيز الشفافية ونشر كل المعطيات وإشهار التهرب الجبائي والمتسبب فيه ومقاومته بكل الوسائل.

3-5 قراءة نقدية أولية في مشروع الإصلاح الجبائي

عملية الإصلاح الجبائي مطالبة بتحقيق توفيق وتوازن صعب ودقيق بين المقتضيات الاقتصادية والمتطلبات الاجتماعية أي بين الجدوى والعدالة بين ضروريات الإنتاج وأهداف التوزيع.

وهذا التوازن كان محل تفكير منذ قرون وقد عبر عنه ابن خلدون سنة 1382 بقوله غالبًا ما تعتمد وتلجأ الإدارة الجبائية إلى زيادة نسب الضرائب بصفة نشطة ينتج منها زيادة مرتفعة لتكاليف الإنتاج وتراجع للدخل الوطني يقود الإدارة الجبائية إلى الاستمرار في الرفع من نسبة الضرائب بحثًا عن تعويض التراجع الحاصل في الدخل الوطني. وهذا التمشي يقود في آخر المطاف إلى إنهيار الحضارة والإنتاج وتلاشي الدولة“.(6)

لتقديم نظرة شاملة ومفصلة عما يمكن أن يكون محتوى مشروع إصلاح النظام الجبائي في وعلى النواقص التي يمكن رصدها من المفيد استعراض ما جاء من مقترحات في مشروع إصلاح المنظومة الجبائية الذي قدمته الإدارة التونسية للحوار الاقتصادي الوطني الذي انطلق في شهر ماي 2014 (أنظر الحوصلة). علماً أن الإصلاح حسب ما هو معلن رسميًا يهدف إلى مراجعة شاملة للنظام الجبائي لتبسيطه وإكسائه مزيداً من النجاعة والعدالة وإلى تعصير إدارة الجباية في إطار يراعي القيود المطروحة.

وللتذكير فقد أقر قانون المالية لسنة 2014 جملة من الإجراءات انطلاقاً من التوصيات الواردة في مشروع إصلاح المنظومة الجبائية. وهاته الإجراءات اعتمدت الأنشطة الآتية وحددت بعض الأهداف:

في مجال النظام التقديري جرى إقصاء أنشطة عديدة بأمر مع الرفع من الحد الأدنى من الجباية من 100 إلى 150 د في المناطق البلدية ومن 50 إلى 75 د. في المناطق الأخرى مع إلزام المنخرطين في النظام التقديري باعتماد الفواتير بالنسبة للمبيعات التي تفوق قيمتها 500 د.

في مجال الضريبة على الشركات (المؤسسات) فقد تقرر خفض نسبتها من 30 بالمائة إلى 25 بالمائة مع رفع هاته النسبة من 0 بالمائة إلى 10 بالمائة بالنسبة للشركات المصدرة ومن 0 بالمائة إلى 5 بالمائة بالنسبة للمرابيح التي يقع توزيعها على حاملي الرقع.

في مجال الضريبة على الأجراء فقد تقرر إعفاء الأجراء الذين يتقاضون أجراً دون 5000 د سنوياً.

في مجال المعاملات تقرر منع التعامل نقداً بالنسبة للمعاملات التي تفوق قيمتها 20000 د. لسنة 2014 و 10000 سنة 2015 و 5000 سنة 2016.

في مجال النظام الضريبي العام تقرر الرفع من الحد الجبائي الأدنى من 0.1 بالمائة إلى 0.2 بالمائة من رقم المعاملات الداخلي ومن 0 بالمائة إلى 0.1 بالمائة بالنسبة للصادرات مع إقرار مبدأ خصم الحد الأدنى أثناء الخمس سنوات النشاط اللاحقة.

الاقتراحات الواردة في مشروع إصلاح المنظومة الجبائية (ماي 2014)

المحاور

المقترحات

1) الضرائب المباشرة

  • مراجعة قاعدة الضريبة على مستوى المؤسسة في اتجاه توسيع مجال طرح المدخرات والترفيع في نسبة طرح المدخرات والترفيع في نسبة طرح المدخرات على مراحل إلى جانب مراجعة بعض شروط طرح الأعباء.

  • مراجعة قاعدة الضريبة على مستوى الأفراد خاصة في اتجاه الترفيع في الطروحات ومراجعة الطرح تحت عنوان المصاريف المهنية ومراجعة شروط الانتفاع بالأنظمة التقديرية.

  • توسيع ميدان تطبيق الضريبة ليشمل اشخاصاً ومداخيل أخرى (الجمعيات التي تنشط خارج غرضها الاجتماعي، ألعاب الحظ، اليانصيب، الخ…).

  • مراجعة نسبة الضريبة على المؤسسة في اتجاه التخفيض في نسبة الضريبة على الشركات المحددة بـ 30 % مع إخضاع المؤسسات المعفاة من الضريبة على الشركات لنسبة منخفضة محددة بـ 10 بالمائة.

  • مراجعة نسب الضريبة على مستوى الأفراد في إطار مراجعة جدول الضريبة على الدخل.

  • مراجعة طرق استخلاص الضريبة في اتجاه التخفيض في نسبة التسبقة تحت عنوان الواردات المحددة بـ 10 بالمائة مع مراجعة قائمة مواد الاستهلاك التي يخضع توريدها لهذه التسبقة.

  • مراجعة الامتيازات الجبائية المتعلقة بالضرائب المباشرة في اتجاه تجميع الامتيازات الجبائية في إطار قانون موحد، وتعويض الامتيازات الجبائية التي سيتم الإبقاء عليها بآلية إرجاع الضريبة في صورة الإنجاز الفعلي للعمليات التي تمنح الحق في الانتفاع بالامتيازاتالجبائية (credit d’impot)

(2) الضرائب غير المباشرة

  • تعميم ميدان تطبيق الأداء على القيمة المضافة عبر حذف بعض الإعفاءات وتعميم تطبيق الأداء على نشاط تجارة الجملة في قطاع التغذية العامة والأدوية والمواد الصيدلية.

  • مراجعة نسب الأداء على القيمة المضافة في اتجاه تطبيق نسبتين على القيمة المضافة: نسبة القانون العام في اتجاه حذف نسبتي 6 بالمائة و 12 بالمائة وتطبيق نسبة منخفضة (بين 8 و 10% ) تهم قائمة محدودة من بعض الأنشطة الخاضعة حاليًا لنسبة 6 % و 12% ونسبة منخفضة جدًا لقائمة محددة من المواد تشمل الأدوية والمواد الصيدلية الخمع الحذف الكلي لإجراء الترفيع في قاعدة الأداء على القيمة المضافة بنسبة 25 بالمائة.

  • تيسير شرط طرح الأداء على القيمة المضافة

  • الحد من وجود فائض الأداء على مستوى المؤسسة بالنظر إلى مراجعة النسب وتحسين شروط وإجراءات الاسترجاع عبر توحيد نسبة التسبقة وتحسين آجال الاسترجاع.

  • التخفيض في نسبة الخصم من المورد في مرحلة أولى وحذفه في مرحلة ثانية.

  • الحد من تعدد المعاليم والأداءات على أرقام المعاملات بالتوازي مع تعميم الأداء على القيمة المضافة عبر إخضاع القطاعات غير الخاضعة للأداء على القيمة المضافة.

  • إدخال أكثر شفافية على الأحكام المنظمة للمعلوم على الاستهلاك مع مزيد تنسيق نسبه.

3 – النظام التقديري

  • استثناء بعض الأنشطة من الانتفاع بهذا النظام

  • إسناد هذا النظام لمدة زمنية معينة (3 أو 4 سنوات) مع إمكانية التجديد حسب شروط

  • إعفاء الخاضعين للنظام التقديري الذين يحققون مداخيل محدودة من القيام بالواجبات الجبائية

  • الترفيع في مبلغ الضريبة الدنيا المستوجبة وملاءمته مع مبلغ الضريبة الدنيا للخاضعين للنظام الحقيقي

  • على المدى المتوسط هناك عديد الفرضيات المطروحة

4- إدماج الاقتصاد الموازي

  • تشجيع الأشخاص على الاندماج التلقائي بالاقتصاد المنظم بمنحهم امتيازات جبائية ومالية.

  • تكثيف استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال بهدف تطوير طرق وأساليب المراقبة وتفعيل الدوريات المشتركة للمراقبة الميدانية.

  • التنسيق الدوري مع الدول المجاورة للتصدي لأعمال التهريب وتنظيم التجارة البينية

  • إنشاء فضاءات مخصصة لإيواء المتدخلين في القطاع غير المنظم.

  • القيام بعمليات البحث الجبائي وعمليات المراقبة الميدانية على كامل تراب الجمهورية

  • نشر التوعية وتشريك المجتمع المدني وسن إجراءات من شأنها أن تحفز المواطنين على الإشعار بالتجاوزات ذات الصبغة الجبائية أو الديوانية.

5 – إصلاح وتعصير الإدارة الجبائية

  • مراجعة الهيكل التنظيمي للمصالح المركزية لإدارة الجباية عبر:

توسيع مهام إدارة المؤسسات الكبرى لتشمل وظيفة الاستخلاص

إحداث هيئة عامة للأداءات تجمع مختلف المهام المتعلقة بالجباية مع جعلها تتمتع بالاستقلالية الإدارية والمالية

إحداث هيكل للأداءات خاص بالمؤسسات المتوسطة بتونس الكبرى

تعميم التجربة بصفة تدريجية على بقية الجهات

تدعيم الخدمات عن بعد عبر:

تركيز فضاء افتراضي يمكن من التواصل مع مصالح الجباية (التصريح ودفع الأداء عن بعد، الاطلاع على الحساب الجبائي، إيداع المطالب ومتابعاتها…)

تطوير محتوى القاعدة الوثائقية

  • تطوير الخدمات الجبائية على المدى المتوسط عبر تطوير منظومة المساندة والإحاطة الجبائية وتحسين جودة الخدمات ومواصلة برنامج تبسيط الشكليات الجبائية، الخ…..

  • تدعيم سياسة الاتصال والتواصل بين الإدارة والمطالب بالأداء

  • تطوير وسائل عمل والتصرف بالإدارة الجبائية تنظيم دورات تكوينية، إدخال تكنولوجيا الإعلامية والاتصال بكافة المصالح، تكوين أرشيف الكتروني……)

6- التصدي للتهرب الجبائي

  • التصدي لأعمال التهرب الجبائي عبر:

التركيز على مهمة جمع المعلومات

وضع أدلة عامة وأدلة فنية وقطاعية على ذمة الأعوان

تعميم واجب إيداع تصاريح المؤجر على حوامل ممغنطة

إحداث هيكل مكلف بالأبحاث ومقاومة التهرب الجبائي

تنظيم نشاط التوطين

تطوير المنظومة الجبائية الجزائية

تكثيف التعاون الدولي ومراقبة تحويل الأرباح عبر الأسعار

  • دعم الشفافية الجبائية وقواعد المنافسة النزيهة عبر:

تكثيف الأدلة الجبائية لتوحيد التعامل

تبسيط المنظومة الجبائية

تفعيل وتشديد العقاب في حالة الرشوة

القطع مع العفو الجبائي مع البحث عن بدائل لتحسين الاستخلاص

تدعيم تكوين ورسكلة أعوان مصالح الجباية وتوفير الإمكانيات المادية لهم.

توسيع مجال حق الاطلاع

ضبط سقف المعاملات النقدية بمبلغ 20000 والنزول به تدرجياً ليبلغ 5000 د مع إرساء عقوبة للغرض

  • دعم ضمانات المطالبين بالأداء

المصدر: وزارة الاقتصاد والمالية مشروع إصلاح المنظومة الجبائية، الحوار الاقتصادي الوطني، تونس، ماي 2014

وبالرجوع إلى المقترحات الواردة بمشروع الإصلاح الجبائي (أنظر الحوصلة) يمكن الإشارة إلى أن هذا المشروع يندرج في إطار النمط التنموي الحالي الذي تطمح عديد القوى والأطراف إلى إيجاد بديل منه نظراً لكونه أدى إلى ارتفاع البطالة وانتشار العمل الهش وتوسع الاقتصاد الموازي وتنامي الفوارق الاجتماعية والجهوية وتدهور الخدمات الاجتماعية، الخ….

وفي هذا الإطار تميز المشروع المعروض بمواصلة خضوعه إلى المنطق المالي وحرصه على توفير الموارد المالية العمومية لتحقيق أكبر نسبة تغطية النفقات العمومية والحد من عجز الميزانية العمومية. كما اكتفى المشروع بمحاولة تبسيط النظام الجبائي والرفع من مردوده عبر توسيع القاعدة الجبائية وتقليص حجم النظام التقديري وتحفيز الاستثمار وتدعيم المصالح الجبائية ماديًا وبشريًا قصد الحد من التهرب الجبائي.

وكان من المفيد قبل ضبط مشروع الإصلاح الجبائي تحديد دور الدولة خاصة في ميدان إعادة توزيع المداخيل قصد تقليص الفوارق الاجتماعية، وفي ميدان السياسات القطاعية القادرة على تنويع وتكثيف النسيج الاقتصادي، وفي ميدان التنمية الجهوية حتى يتسنى الحد من الفوارق الجهوية. وانطلاقًا من تحديد دور الدولة كان بالإمكان ضبط نسبة الضغط والعبء الجبائي القادر على توفير الموارد العمومية الضرورية لكي تتمكن الدولة من المساهمة في تحقيق الأهداف الاقتصادية الاستراتيجية مع التوفيق بين الجدوى الاقتصادية والعدالة الاجتماعية وتكريس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أصبحت لها صبغة دستورية.

ومثل هذا التمشي أصبح ضرورياً للرفع من ميزانية التنمية قصد النهوض بالجهات الداخلية التي تتميز بضعف التنمية وتدعيم اندماجها في النسيج الاقتصادي، كما هو ضروري لتحديد حجم الامتيازات الجبائية وتوجيهها نحو القطاعات التي من شأنها أن تمكن من تنويع النسيج الاقتصادي وتمتينه. كما أن الدولة في حاجة ماسة إلى موارد إضافية ذاتية للنهوض بالخدمات الاجتماعية وتحسين جودتها، خاصة في ميادين التعليم والتكوين المهني والصحة والنقل العمومي.

كما أن الدولة مطالبة دستورياً بتوفير الظروف الملائمة لإنجاز الإصلاحات الضرورية ذات الطابع المؤسساتي خاصة في ميدان تدعيم اللامركزية واللامحورية مع ما تتطلبه من تدعيم الموارد المحلية وخاصة الضرائب المحلية التي تتطلب اهتماماً خاصاً وإجراءات جريئة لم يجر التعرض إليها بما يكفي في المشروع المعروض على الحوار الوطني.

لكن من الأسف أنه ما يمكن التأكيد عليه هو أن هاته المتغيرات الدستورية والسياسية والاجتماعية من جهة والمتطلبات والتطلعات إلى إيجاد بديل تنموي وإعادة النظر في دور الأطراف الاقتصادية وعلاقاتها من جهة أخرى لم تمثل منطلق وهاجس مشروع الإصلاح الجبائي الحالي الذي هيمن عليه المنطق المالي والضغوطات العاجلة (أزمة الميزانية العمومية وشح الموارد الذاتية) على حساب منطق التنمية والبعد الاستراتيجي. ومن المترقب أن يكون الحوار الوطني الاقتصادي في مجال إصلاح المنظومة الجبائية ساخنًا نظرًا لوجود ما لا يقل عن 180 مقترحًا لإصلاح المنظومة الجبائية موضوعة على طاولة وزير المالية منها ما يمكن تنفيذه على المدى القصير في إطار قانون المالية التكميلي لسنة 2014 ومنها ما يمكن تنفيذه على المدى المتوسط. كل هاته المقترحات تم تقديمها من طرف المنظمات المهنية والجمعيات المدنية والأحزاب السياسية وخبراء في الجباية والمحاسبة والاقتصاد. علمًا أن هاته المقترحات ليست شاملة ومتكاملة ومتناسقة. ذلك أن هناك مقترحات تؤكد الجانب الاجتماعي على حساب الجانب الاقتصادي، ومنها ما يؤكد تدعيم الشفافية، ومنها ما يؤكد تدعيم الإدارة الجبائية، الخكما أن هناك عديد المقترحات محل خلاف كرفع السرية المصرفية، وتخفيض نسبة الضريبة على الشركات، وتقليص الامتيازات الجبائية السخية وربطها بالتزامات من طرف المستنفعين، وتعميم الخصم من المورد، واللجوء إلى العفو الاقتصاد مع الجبائي، وتخفيض المصاريف المهنية والاتفاق على نسبها، وطريقة التعامل مع الاقتصاد الموازي ومقاييس ضبط المنتفعين بالنظام الجبائي التقديري، الخ

وفي كل الحالات من الضروري أن يندرج الاصلاح الجبائي في إطار نظرة اقتصادية شاملة منسجمة تعطي الأولوية لقضايا التنمية ولتحقيق أهداف استراتيجية واضحة من شأنها أن تمتن النسيج الاقتصادي وتحقق العدالة الاجتماعية وتدعم التضامن الوطني.

ولتحقيق ذلك يجب الانطلاق من تشخيص موضوعي لمنوال التنمية الحالي، وضبط معالم ومحتوى منوال تنموي بديل قادر على تكريس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الواردة في نص الدستور الجديد للجمهورية التونسية حتى تكون الإصلاحات الاقتصادية مواكبة ومترجمة للاختيارات السياسية الدستورية.

ختامًا يتضح أن عملية الإصلاح الجبائي أصبحت متأكدة نظراً للنواقص والاختلالات العديدة التي تميز النظام الجبائي الحالي. وهذا الإصلاح يمثل عملية معقدة تشمل جوانب عديدة سياسية، ثقافية، اقتصادية واجتماعية وبالتالي لا يمكن أن يقتصر الإصلاح على إجراءات فنية بل يتطلب مراجعة شاملة واعتماد بديل تنموي شامل لضمان نجاعة ومردود المقترحات المقدمة.

والبحث عن بديل في تونس أصبح وارداً لأنه من المفروض أن الحراك الاجتماعي والإطاحة برأس النظام سنة 2011 قد طرح بحدة عجز النمط التنموي الحالي القائم على اختيارات نيوليبرالية على تلبية المطالب والتجاوب مع الشعارات التي رفعها الحراك الاجتماعي من حق في الشغل وفي تنمية تضمن العدالة الاجتماعية وتقلص من الفوارق الجهوية وتعطي أهمية لمقاومة الفساد والرشوة والتملص من القيام بالواجب وعلى رأسه الواجب الجبائي. علمًا أن فترة الانتقال الديمقراطي التي مكنت من عديد الحريات، تمثل فترة سانحة لطرح قضية البديل التنموي ومعالجة مسألة الجباية في هذا الإطار. كما أن الحراك الفكري في الميادين الاجتماعية، وعلى رأسها الميدان الاقتصادي، أصبح يؤكد ضرورة تجاوز اتفاق واشنطن، ما فتح المجال أوسع لطرح مسألة البديل التنموي. كما أن الفترة الحالية سانحة للقيام بإصلاح هام وجوهري نظراً لوجود قناعة واتفاق حول ضرورة إصلاح النظام الجبائي من طرف أهم المنظمات المهنية. فمنظمة الأعراف من جهتها تركز على طبيعة النظام الجبائي وتعتبره معقداً وغير مستقر لأن كل قانون مالي يأتي معه بين 30 و 60 فصلاً يخص الجباية، ما جعل منه نظاماً متضخماً ومتشعباً تتكاثر فيه الفصول وتتناثر النصوص الجبائية. كما تشير المنظمة إلى أن النظام الجبائي الحالي غير عادل نظرًا لوجود مؤسسات معفية تمامًا وأخرى تدفع الضرائب. وتشير الأعراف إلى عدم التصالح بين الأعوان الجبائيين والمطالبين بالأداء، وإلى الاتهامات المتبادلة بينهم. كما يؤكدون ضرورة تعصير القانون الجبائي وتطويره إلى جانب مقاومة القطاع الموازي وإخضاعه للمساهمة الجبائية من جهة والرفع من مساهمة النظام التقديري من جهة أخرى وإقامة نظام رقابة ونزاع يضمن حق الطرفين. وأخيرًا يدعو الأعراف إلى ترشيد النفقات العمومية وضرورة إعطاء المثل قبل مطالبة المواطن بتقديم أكثر تضحيات.

من جهتها تؤكد منظمة العمال على تكريس العدالة الجبائية عبر تحيين سلم الشرائح التخفيضات المشتركة وربطها بالتضخم المالي إلى جانب تقليص نسبة الضرائب ومقاومة القطاع الموازي وإلغاء النظام التقديري ونظام الإعفاءات وتعميم الخصم من المورد مع مقاومة جدية للتهرب الجبائي، ورفع السرية المصرفية وتشديد العقاب على المتهربين، وإصلاح وتدعيم المصالح الجبائية، إلخوفي هذا الإطار تؤكد منظمة العمال على ضرورة بلورة بديل تنموي وإعادة الاعتبار لسياسات إعادة توزيع المداخيل قصد ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتدعيم العدالة الاجتماعية.

كما أن عديد المصالح الجبائية في وزارة المالية تشدد في تقاريرها الداخلية، على أغلب الاختلالات والنواقص الواردة في بيانات ودراسات المنظمات المهنية والجمعيات المدنية. كل هذا يشير إلى وجود إرادة مشتركة إلى جانب الالتقاء حول عديد النقاط التي تهم الإصلاح الجبائي المنتظر. ومشروع الإصلاح الجبائي المعروض من طرف الحكومة للحوار الوطني الاقتصادي يبقى مجرد مشروع يحتوي على نواقص عديدة جرى ذكر بعضها سابقاً. وعلى الحوار الوطني أن يحرص على تأكيد ضبط مشروع تنموي بديل واختيارات استراتيجية تكون الإطار والمنطلق لبلورة إصلاح جبائي يتجاوز المنطق المالي الضيق ويخدم قضايا التنمية والعدالة الاجتماعية.

علمًا أن فترة الانتقال الديمقراطي شهدت تجاذبات وصراعات سياسية حادة في السنوات الماضية لم يجر التغلب عليها إلا بفضل تمشٍّ توافقي أشرفت عليه أهم منظمات المجتمع المدني. وكما كان التوافق ضرورياً في المجال السياسي، فإن المجال الاقتصادي بما فيه الإصلاح الجبائي يتطلب تمشياً تضامنياً ويستدعي أكثر من التنازل على بعض المواقف السياسية لتقريب وجهات النظر، ذلك أنه يستدعي التنازل عن بعض المصالح المادية لتوفير العيش المشترك والتنمية المستدامة.

– A. Bedoui, Le défi de l’emploi de la nécessité de repenser le modele de développement, FTDES, Mars 2013.

– A. Bedoui, Les inégalités et la question sociale dans le contexte de la transitio libérale en Tunisie, « ouvrage collectif » pensée sociale critique pour le XX\ siècle, mélange en l’honneur de Samir Amin, éd. L’Harmattan, Paris

– Faycal Derbel, Politique fiscale, justice sociale, et répartition équitables des richesses, séminaire organisé par la ligne tunisienne des droits de 1’homme,14 novembre 2013, Sfax, Tunisie.

– Habib Ayadi, Le Droit fiscal, CEREP, Tunis, 1989.

– Habib Ayadi, Droit fiscal, impôt sur le revenu des personnes physiques et impôt sur les sociétés, CEREP, Tunis, 1996.

– Banque africaine de développement (BAD), Etude comparative sur les politiques d’exportation de l’Egypte, du Maroc, de la Tunisie et de la Corée du Sud, Tunis, 2011.

– Rapport de la commission préparatoire RCP de la conférence nationale sur la relance de l’investissement privé et la création des entreprises, Ministère de développement économique, Tunis, juillet 2000.

– Achref Ayadi (2013), « Les enjeux de la politique économique en Tunisie >, octobre 2013. http://www.achrafayadi.fr

– Nefissa Karboul (2004), <« Evolution du prélèvement obligatoire », IEQ, Tunis, 2004.

– Rapports du FMI: 2005 et 2012.,

– Neji Baccouche (2009), Environnement fiscal de I’entreprise en Tunisie, IACE, Tunis, 2009.

– Ministère de l’économie et des finances: présentation du projet de réforme fiscale (résumé), Tunis, Mai 2014.

– Documentation française: « Quelle fiscalité pour demain ? >, problèmes économiques, numéro 3039, mars 2012.

– معهد الدراسات الكمية، دراسة استراتيجية عدد 8، تقرير عدد 2، تونس 1996.

– الاتحاد العام التونسي للشغل (UGTT)، الجباية في تونس ومسألة التكافل الاجتماعي، رؤى عمالية، تونس، نوفمبر 2006.

– وزارة المالية التونسية، تكلفة التشجيع على الاستثمار

– وزارة المالية التونسية، تقارير المالية العمومي منذ 1986

– جريدة المغرب 26 نوفمبر 2013، ص. 13.

– برنامج التشغيل استراتيجية وطنية، ديسمبر 2012، وزارة التشغيل والتكوين المهني.

– وزارة الاقتصاد والمالية التونسية: مشروع إصلاح المنظومة الجبائية. الحوار الاقتصادي الوطني، ماي 2014

(1) مجموع الضرائب المباشرة وغير المباشرة والضرائب المحلية والمساهمات الاجتماعية.

(2) جريدة المغرب تونس 02 جانفي 2014.

(3) إنتاجية الضريبة على الشركات: الضريبة على الشركات / نسبة الضريبة على الشركات الناتج المحلي الخام

(4) BACCOUCHE, N. (2009): ” Environnement fiscal de l’entreprise en Tunisie”, Tunis, 2009.

(5) La documentation francaise (2012) ” Quelle fiscalite pour demain ?” Problemes economiques, n3039, mars 2012

(6) Ibn Khaldoun, La Moukaddima, chapitre 36

شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات