مشكلة آلام الصدر عند النساء

اعداد بواسطة:

تشيرُ الإحصائيات إلى أن ربع السكان يشكون من ألم في الصدر في وقت من أوقات حياتهم، وتزداد هذه النسبة مع ازدياد العمر وتعاني النساء من هذا المرض أكثر من الرجال، ويرجع ذلك عادة لأمراض القلب، حيثُ إن الشكوى من آلام الصدر تُعد واحدةً من الأسباب الأساسية لزيارة النساء لعيادات أطباء القلب في كثير من بلدان العالم.

ليس كل ما يؤلم قلبًا

 

ويزيد تعقيد تعامل الأطباء مع هذه الشكوى عند النساء عوامل عدة منها:

أن آلام الصدر الناتجة عن ضيق الشرايين التاجية المغذية للقلب قد تظهر عند النساء بصورة غير منطبقة مع ما اتفق عليه من آلام القلب عمومًا: ألم تحت عظمة القفص أو في وسط الصدر يوصف بالثقل أو العصر أو الحرق، ويظهر مع المجهود والانفعال ويختفي في الغالب عند التوقف عن المجهود، أو تعاطي أقراص نيتروجلسرين الموسع لشرايين القلب أو بعد دقائق معدودة، أما الألم غير النمطي فقد يظهر في اليسار من الصدر، وقد يكون حادًا أو متقطعًا ويستمر ثواني أو تبدو فترة طويلة ولا يختفي بالراحة أو تعاطي موسعات الشرايين.

أن معاناة النساء النفسية من قلق أو اكتئاب قد تبدو في صورة الألم بالصدر، والحقيقة أن هذا هو السبب الأول للألم، حيث يكون مسئولاً عن أكثر حالات ألم الصدر في النساء.

في حين تتراجع احتمالات أن يكون وجع الألم ناتجًا عن ضيق الشرايين التاجية إلى ١٢% فقط من الحالات:

ورغم هذا الفارق الهائل بين السببين يظلُّ الهاجس الأول للأطباء هو التأكد من أن مصدر الآلام ليس هو شرايين القلب وذلك لأهمية التعامل الدوائي مع الحالة منعًا لتطورها، وقد يستدعي هذا أحيانًا التوجه لعمل فحوصات شديدة التكلفة للتشخيص.

توجد أسباب أخرى لآلام الصدر، وتصل إلى 36% من الأسباب. أيضًا قد يكون سبب الألم هو التهابات وارتجاعات المرئ، ومشاكل الجهاز الهضمي بما فيها حصوات المرارة (13%)، وقد لوحظ عمومًا أن نسبة 30% من النساء قد يعانين من آلام صدرية نمطية، وتثبت الفحوصات بعد ذلك أن شرايين القلب التاجية سليمة تمامًا، فإذا أضيف إلى هذه الحقائق العلمية ما لاحظته دراسات نسوية عدة من ميل الأطباء إلى إرجاع كثير من أوهام النساء إلى أسباب نفسية مثل القلق والهيستريا والاكتئاب، يمكننا أن نفهم مدى تعقد الموضوع فهل هناك حل لهذة المعضلة؟

من المعروف أن هرمون الإستروجين يشكل حمايةً للنساء من أمراض القلب في فترة الإنجاب ولمدة سنوات بعد انقطاع الطمث، ولكن بعد مرور هذه الفترة تصبح النساء عرضةً لأمراض الشرايين التاجية بنفس القدر، وربما أكثر اعتمادًا على وجود عوامل الخطر التالية:

مرض السكر، والذي يزيد نسبة الخطورة إلى ستة أضعاف، ويعتبر السكر أهم عوامل الخطر المسببة لأمراض الشرايين التاجية.

ارتفاع ضغط الدم المزمن أكثر من ١٢٠/ ۱۰۰، ولا يلتفت هنا إلى الارتفاع الحاد الذي قد يصاحب الانفعال والخوف من وجود أزمة قلبية.

وجود تاريخ لأمراض الشرايين في الأسرة.

التدخين، والذي كان حتى فترة قريبة مقصورًا على الرجال، وهناك ظاهرتان مرتبطان بتدخين النساء، أولاهما: أن بعض النساء قد يرفضن الإقرار بالتدخين لأنه مرفوض اجتماعيًا للنساء، أن التدخين له تأثير أكثر سلبية على شرايين النساء من الرجال.

ارتفاع نسبة الكولسترول ودهون الدم.

السمنة، بالذات تلك التي تتميز بترسب الدهون على منطقة البطن، إذ تضاعف عوامل المخاطرة إلى ثلاث مرات.

قلة الحركة، وعدم ممارسة الرياضة بشكل منتظم.

يلاحظ أن النساء أكثر عرضة لبعض عوامل الخطر لأسباب اجتماعية أحيانًا، مثل حياتهن بالمنزل وما يترتب على ذلك من زيادة الوزن وقلة الحركة، ولكن أهم عوامل التي تحدد احتمالية الذبحة الصدرية هو انقطاع الطمث، وعلى هذا الأساس يقوم الأطباء بتصنيف النساء

اللواتي يشكين من آلام الصدر إلى ثلاث مجموعات.

۱ عالية الاحتمالية: وهن النساء اللاتي يشكين من آلام نمطية بالصدر بعد انقطاع الطمث بعشر سنوات، ويعانين من أكثر من عامل من عوامل الخطورة، بالذات مرضى السكر. يجب أن تخضع هذه الشريحة للفحوصات التي تشخص أمراض الشرايين التاجية بما فيها قسطرة القلب.

۲ متوسطة الاحتمالية: وهن النساء اللاتي يشتكين من آلام غير نمطية، ومرور عشر سنوات على انقطاع الطمث، أو يشتكين من آلام نمطية ويعانين من عامل واحد من عوامل الخطر، وهذه المجموعة تجرى لها بعض الفحوص، ولا تحتاج إلى قسطرة القلب إلا إذا كانت هذه الفحوص إيجابية.

3 – قليلة الاحتمالية: وهن النساء اللاتي يشتكين من آلام نمطية قبل انقطاع الطمث، بدون وجود عوامل خطورة وهذه المجموعة عادة تحتاج إلى اختبارات أو فحوص.

الوقاية:

الوقاية من عوامل الخطر هي أهم خطوة، وهذه يجب أن تبدأ في فترة الشباب وذلك بتبني نمط صحي في الحياة من خلال التغذية المتوازنة، يعتبر تجنب تناول الدهون المشبعة الموجودة في الدهون الحيوانية وقايةً من أمراض تصلب الشرايين بشكل عام، كما أن تقليل تناول ملح الطعام والإكثار من تناول المواد المحتوية على أملاح البوتاسيوم مثل الفاكهة هو وقاية أيضًا من ارتفاع ضغط الدم، كما يمثل مراقبة الوزن وعدم تخطي الحدود المثالية للوزن بممارسة الرياضة بشكل منتظم دورًا مهمًا في الوقاية من أمراض القلب، ويعتبر المشي لمدة نصف ساعة يوميًا إحدى الرياضات السهلة، حيث تساعد الرياضة على مستويات عدة إلى تخفيف الوزن وتقليل تراكم الشحوم وتخفيض ضغط الدم، وتسهم في تخفيف التوتر العصبي الذي أصبح سمةً لحياتنا جميعًا، وقد أثبتت البحوث الطبية أن ممارسة المشي بشكل منتظم يؤدي إلى زيادة كفاءة عضلة القلب من خلاله تحصين شبكة الأوعية الدموية الصغيرة المغذية للقلب. وتساعد التغذية السليمة ومراقبة الوزن، فضلاً عن ممارسة الرياضة، على تقليل احتمالية الإصابة بمرض السكر الذي يعد أحد عوامل الخطر الكبرى لأمراض القلب. ومن المفيد أيضًا للنساء اللاتي يشتكين من الآلام الصدرية معرفة إن كن من المجموعات الأكثر أو الأقل احتمالية لأمراض قصور الشرايين التاجية، حيث تسهم معرفتهن في اتخاذ قرار مبني على معلومات سليمة قبل الدخول في دوامة الفحوص الطبية.

شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات