بناء حركاتنا النسوية: أثر التقنيات الرقمية
توثيق:
ترجمة:
بناء حركاتنا النسوية: أثر التقنيات الرقمية
نُشر النص الأصلي باللغة الإنجليزية على موقع Genderlt في نوفمبر 2017.
حوار بين سريلاثا باتليوالا 1 و “الثورة البنفسجية“
“أثارت سلسلة من الهجمات ضد النساء في شوارع عاصمة المكسيسك الغضب عبر شبكات التواصل الاجتماعي. في مارس ٢٠١٦، شد رجل اللباس الداخلي للصحفية أندريا نويل، التي تعمل في جريدة vice، وذلك أثناء سيرها في الحي حيث تسكن. لاحظت جابريالا، طالبة جامعية، وهي تستقل القطار أن هناك رجل يسجل لها فيديو تحت تنورتها. نشر جيراردو أوريتز، مغني مشهور, فيديو وهو يشعل النيران في سيارة بينما هناك إمرأة محتجزة داخل صندوقها“
تدعو ناشطة نسوية ما للحشد العام، فيتم بناء الزخم. استجابت المجموعات النسوية للدعوة وبدأن في تنظيم أنفسهن إلكترونيًا وفي الشوارع، وتم تحديد موعد لاستعادة الشارع. 24 أبريل 2016, ولد ونشأ الربيع البنفسجي (الثورة البنفسجية) كحراك قوي لمناهضة التحرش الجنسي في الشارع.”
عندما تلتقي مجموعات متعددة من النساء ليتحدثن مع بعضهن البعض، يعدن النظر في تجاربهن الفردية مع العنف، والتي أعتقدن أنها كانت بسبب أخطائهن، أو حظهن السيء أو “كارما” من حياة سابقة. ثم يدركن أن التجارب الفردية لم تكن “فريدة من نوعها“، بل هي تجارب معتادة ترسخت في نظام يسمح بحدوث العنف بشكل مكثف، وليس ضد إمرأة واحدة فقط، وهذا ما يسمي “تعزيز الإدراك النسوي“2 وهذا ما تحاول سريلاثا باتليوالا أن تقوله – وهي أكاديمية شغوفة تعمل منذ أكثر من ثلاثين عامًا على إنتاج معرفة تساعد على فهم وبناء حركات نسوية قوية من أجل التغيير المجتمعي. التقينا للحديث عن الحركات النسوية في العصر الرقمي، على هامش اجتماع “خلق إنترنت نسوي” الذي عُقد في ماليزيا عام ٢٠١٧.
تقول سريلاثا: إنه من الحقيقي أن التقنيات الرقمية قد أثرت علي حركتنا النسوية بقوة وبشكل يفوق تخيلاتنا، سواء على مستوى تنظيماتنا، أو الاستراتيجيات التي نستخدمها، أو اختراق الحواجز الناتجة عن الحدود الجغرافية ، أو هدم سلطة الدولة، أو خلق معرفة وبناء شبكات للتضامن. وعلى الفور فكرت في ثلاثة أمثلة من المكسيك:
-
إتاحة / المشاركة المعرفة حول مسألة الإجهاض من خلال شبكة الإنترنت بتشكيل مجموعات داعم معنوي للنساء، وتوفير معلومات، وخلق شبكات مؤاذرة لتمكنهن من متابعة حيواتهن كما تمنين.
-
غرد عدد كبير من النساء عند مقتل الطالبة ليسفي بيرلين في عاصمة المكسيك، اعتراضًا على تصريحات المسؤولين الرسميين التي وجهت اللوم للضحية بدلاً من محاولة العثور على قاتلها، مما يعتبر تجلٍ آخر للسياسات الكارهة للنساء.
-
تنظيم أكبر مظاهرة مناهضة للعنف ضد النساء في تاريخنا, في عشرين مدينة مكسيكية في ٢٤ أبريل عام ٢٠١٦ ، وكانت المظاهرة نتيجة مزيج قوي من التنظيم الإلكتروني وعلي الأرض.
نعم!! هذه أدوات أكبر لممارسة حقوقنا الجنسية والإنجابية بفرحة وأمان ومتعة – إعادة تعريف الطريقة التي تحقق بها مع مؤسسات الدولة في المجال العام, وتعزيز قدراتنا على التواصل بشكل غير مسبوق، وتجميع أفراد ومجموعات معًا لتوسيع تعريف مجتمعاتنا التضامنية، ونجعل حركاتنا تنمو لتكون أكثر قوة.. أليس كذلك؟
لماذا أتساءل ؟ لأن هذا ما تفعله النسويات – نتساءل ….
سألت سريلاثا في تحد لطرحها السابق – هل من الممكن أن تخلق التكنولوجيا وهمًا عن بناء الحركة؟ هل نحن بالفعل مؤثرين، وكيف نقيس هذا الأثر؟
تقول سريلاثا: هناك قوة مغرية للتكنولوجيا، ألا تقدم الشبكات الاجتماعية نفسها إحساسًا بالتأثير؟ كيف نفسر كنسويات “المشاركة” و“الإعجاب” على موقع فيسبوك؟ وما الذي تخبرنا به فعلاً أدوات القياس؟ وما هي آليات القوة الأخرى الموجودة داخل حركاتنا، مثل تصدر الشخصيات المعروفة للمشهد؟ هل هذا يسهم في بناء قوتنا الجمعية؟
دعينا نتوقف ونأخذ خطوة للوراء. دعينا نفصل أنفسنا عن الآليات المحمومة المرتبطة بالنشر اللحظي. ومن رغبتنا أن “تكون لاعبات أساسيات – انفلونسرز” في الساحة أو أن نصبح التغريدة التي تظهر الآن، أو فيسبوك لايف، أو من عدد الإشعارات الذي يظهر على شاشة المحمول، الجرس والرنين والاهتزاز، تخلي عن “مخاوفك من أن يفوتك أمر ما” (FOMO)4.
تنفسي وتخلصي من تلك السموم. لنضع حياة النساء في المقدمة ونسأل أنفسنا: ما هو التغيير بالنسبة لنا الان؟ وهل تغير أي شيء في واقع امرأة واحدة؟
وسيظل هذا بالنسبة لـ سريلاثا السؤال الجوهري عندما تفكر في قياس التأثير..” ما هو وعلى من؟“
كيف تعرفين الحركة؟
تبدأ الحركة بمجموعة من الأشخاص الذين يتشاركون الظلم، أو التمييز، أو الوصم، أو أي شيء يشعرهم بالإقصاء. أو ربما لديهم اهتمام مشترك. ويريدون تغيير شيء، ومستعدون للعمل سويًا لتحقيقه. ومن ثم يجتمعون سويًا لكسر عزلة تجربة الظلم ويبنون معًا القوة التعاونية من أجل التغيير.
هل اختلف أي شيء في حياة امرأة واحدة بعد مظاهرات ٢٤ أبريل24A#5 ؟ نعم، أجبت فورًا، ليس لدي أي شك في ذلك. هل كان التغيير متوقعًا ؟ أجبت في الأغلب لا. لم تتنبأ اجتماعاتنا الأسبوعية بهذه الاستجابة العارمة. تغيرت الرؤية النمطية للكثير من الشابات بعد المظاهرة تجاه النسوية كشئ لا يخصهن ولا يعنيهن. تقبلن أنفسهن كنسويات في العلن. اجتمعت أجيال أصغر من الناشطات النسويات غير المنضمات لأي تنظيمات لتعزيز مجتمعاتهن: نشأت مجموعات جديدة من الناشطات النسويات والإعلاميات المهتمات بالعمل العام.
قبل ليلة واحدة من النزول إلى الشارع، سيطرت أكثر من مئة ألف امرأة علي تويتر باستخدام هاشتاج MiPrimerAcoso# # أول مرة تحرش المستوحى من الهاشتاج البرازيلي بنفس الاسم #PrimeiroAssedio قبله بشهور . بدأت القصص تتدفق، وكانت الاكتشافات مذهلة: معظم النساء تم التحرش بهن لأول مرة عندما كن طفلات يبلغن من العمر ثمانية أعوام. خلقت هذه المحادثة الضخمة لحظة قوية، عملت كمساحة آمنة تسمح بالكشف عن التجارب المؤلمة التي دًفنت على مدار العمر.
بدل الخوف والوصمة أماكنهم.
عندما غردت شقيقتان قصتهن عن التحرش في تلك الليلة، أدركن أنهن ضحية نفس الأخ في طفولتهما واجتمعتا سويًا في عناقٍ باكٍ، واتخذتا القرار بأنهما ستخبران عائلتهما، وذهبتا لبيت المتحرش لمواجهته.
غردت خمس ممثلات شابات مستخدمات نفس الهاشتاج، إذ اكتشفن أنهن ضحايا نفس المعتدي؛ وهو مخرج مسرحي درّس لهن. فاقتحمن واحدة من مسرحياته أثناء عرضها وواجهته بأفعاله.
اقترحت سريلاثا علي أهمية مسائلة حركاتنا عن السلبيات والمجهولات. أشعر أن هذا سيساعدنا فقط للاحتفاء بهم ويمكننا أيضًا من إدراك التحديات والقيود التي يمكن أن تواجهها الصراعات والحركات التي تبنيها.
كان الإنهاك أول السلبيات الواضحة التي أحبطت قدرتنا على التنظيم طويل الأمد. بالإضافة إلي الاختلافات الشديدة في مواقفنا السياسية التي تم إغفالها من أجل التظاهر، لكن أصبح من المستحيل التعامل معها لاحقًا.
لم يكن هناك أي اتفاق على أجندة سياسة مشتركة.
المفاجأة الأكبر كانت المجهولات، وهي درس جوهري عن السلبيات والإيجابيات للفضاء الإلكتروني وعلى الأرض.
-
استخدمت المساحة التي اكتسبتها الناشطات على الفضاء الإلكتروني للتظاهر ضدهن، إذ أبلغت العديدات منهن عن تعرضهن للاعتداء على الأرض، أو العنف والمراقبة على الفضاء الإلكتروني.
-
بدأت الخلافات والانقسامات بين المجموعات النسوية تُنشر على الفضاء الإلكتروني. ارتدت كوننا مشاهير على فيسبوك على تنظيمنا الداخلي، بفعل رأس المال الاجتماعي لكل فرد على مواقع التواصل الاجتماعي، وسياسيات “المشاركة” و“الإعجاب“.
كيف يؤثر استخدام التقنيات الرقمية على بناء حركتنا النسوية على الفضاء الإلكتروني والأرض؟ هذه هي الإشكالية التي يجب طرحها، وكما اقترحت سريلاثا باتليوالا، نحن بحاجة إلى التساؤل المستمر. وأن الاجابات لن تكون موحدة، أو مطلقة أو بسيطة، لكن أثناء عملية التعرف على التعقيدات، سنجد أن الأفكار أكثر تحديًا وصعوبة، لكن في نفس الوقت أكثر استنارة.
3-Levy Berlin
4-Fear of Missing Out-