مقدمة اختيار

مراجعة : وحدة الانتاج المعرفي بإختيار

عندما نستخدم خطاب ما في تنظيرنا وحشدنا النسوي منتقدين/ات ما نعانيه تحت النظام الأبوي، فمن هن النساء الاتي نوجه لهن خطابنا؟ هل هن نساء الطبقة المتوسطة والعليا المتعلمات والعاملات بوظائف ثابتة؟ هل هن النساء المغايرات فقط؟ أم النساء اللاتي يرتبطن بعقيدة إسلامية, ومسيحية فقط؟ أم هن النساء جميعًا؟

عندما نندفع للعمل النسوي، هل نتذكر أن ليس كل النساء يعانين بنفس الدرجة في واقعنا، أم نفترض أننا كلنا نقع تحت تصنيف نساء، وبالتالي لا توجد اختلافات قد تجعل أسباب قهرنا مختلفة ومتفاوتة، وما قد يشكل فرق بين امرأة وأخري، ليجعل امتياز إحداهن, سببًا في إغفال قهر أخرى؟ عندما نعمل هل نتسائل إذا كان خطابنا النسوي شامل لهويات مختلفة؟

عندما نجد أنفسنا أمام كل هذه التساؤلات قد تكون نظرية التقاطعية، مدخلاً مقويًا لتأثير وشمولية خطاباتنا وجهودنا، وقد طرحت أغلب المفاهيم والإشكاليات الرئيسية التي يتم ابرازها حاليًا في إطار هذه النظرية من قبل كاتبات نسويات ملونات من أصول أفريقية أو من دول العالم الثالث طوال عقدي الستينات والسبعينات من القرن الماضي, طرحت دون أن يتم تعريفها نظريًا حتى وضعته كيمبرلي كرينشو في ورقتها ( استكشاف الهامش: التقاطعية، سياسات الهوية والعنف ضد النساء الملونات

التي نُشرت لأول مرة في عام ۱۹۸۹. فقدمت كرينشو للمرة الأولى مصطلح التقاطعية ليكون عنوانًا للعمل النظري وللممارسات العملية التي تحاول النسويات من خلالها فهم التجارب المركبة للنساء والتي لا يدخل في تكوينها كونهن نساء فحسب وإنما كافة الانتماءات والهويات التي يكتسبنها بسبب مواقعهن المختلفة في المجتمع الواحد أو العالم على اتساعه.

واستكمالاً لما بدأته مجموعة اختيار بالحديث عن الهوية وإدراك اختلافاتنا في العمل النسوي، كما كتبت وحللت أودري لورد, كان لابد إن ننقل هذه الورقة إلى اللغة العربية، حيث قدمت كرينشو مصطلح التقاطعية من واقع الأبوية والعنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية من خلال تجربة النساء الملونات وموقعهن داخل مؤسسات القهر المتقاطعة.

 

استكشاف الهامشI

كمبرلي ويليامز كرينشوII

حشدت النساء طوال العقدين الأخيرين ضد ما يكاد أن يكون عنفًا روتينيًا ضد حيواتهن. وأدركن، مستلهمات القوة من الخبرة المشتركة، أن المطالب السياسية للملايين تنطق بقوة أكبر من التماسات قلة من الأصوات المنعزلة. وقد ميزت هذه العملية التي يُدرك فيها بوصفه اجتماعي ومنهجي ما كان سابقًا يُفهم على أنه منعزل وفردي، أيضًا سياسات الهوية للملونين والمثليين والمثليات بين آخرين. فقد كانت السياسة المؤسسة على الهوية بالنسبة لكل هذه المجموعات, مصدرًا للقوة، روح الجماعة، والنمو الفكري.

برغم ذلك، كان اعتناق سياسات الهوية مناقضًا لمفاهيم سائدة للعدالة الاجتماعية. ففي أغلب الأحيان يُعامل العنصر، والجنوسةIII، وغيرها من تصنيفات الهوية في الخطاب الليبرالي السائد على أنها مخلفات للانحياز والسيطرة أي على أنها أطر سلبية تعمل السلطة الاجتماعية من خلالها لاستبعاد وتهميش المختلفين.

ليست المشكلة في سياسات الهوية أنها تخفق في تجاوز الاختلاف، كما يتهمها بذلك بعض نقادها، وإنما هي بالأحرى على العكس من ذلك أي أنها كثيرًا ما تحجب أو تتجاهل الاختلافات الداخلية للمجموعة الواحدة. وهذا المحو للاختلاف إشكالي في سياق العنف ضد النساء، وذلك بشكل أساسي لأن العنف الذي تختبره نسوة كثيرات يُشكله دائمًا أبعاد أخرى لهوياتهن، مثل العنصر والطبقة. وأكثر من ذلك يسهم تجاهل الاختلافات داخل المجموعات تكرارًا في التوتر بين هذه المجموعات وتلك مشكلة أخرى لسياسات الهوية تحبط جهود تسييس قضية العنف ضد النساء. فقد مضت الجهود النسوية لتسييس خبرات النساء وكذا الجهود المناهضة للعنصرية لتسييس خبرات الملونين, تكرارًا وكأن القضايا والخبرات التي يطرح كل منهما تفاصيلها تقع على مستويين منفصلين عن بعضهما البعض. وعلى الرغم من أنه في حيوات البشر الحقيقيين تتقاطع العنصرية والذكورية بالفعل، فإنهما نادرًا ما يتقاطعان في الممارسات النسوية أو المناهضة للعنصرية. ومن ثم عندما تقدم هذه الممارسات الهوية ‘امرأة’ أو ‘ملونة’ على أنها قضية ‘إما / أو’، فهي تنفي هوية النساء الملونات إلى موضع يأبي الافصاح.

دفع الافصاح عن هذا الموضع هو هدفي هنا، وذلك باستكشاف الأبعاد العنصرية والجنوسية للعنف ضد النساء الملونات. فقد أخفقت كل من النسوية والحركة المناهضة للعنصرية المعاصرتين في أن تضعا في اعتباريهما تقاطعات العنصرية والأبوية. وبالتركيز على بعدين للعنف الذكوري ضد النساء التعنيف والاغتصاب – أبحث في كيف تكون خبرات النساء الملونات على نحو متكرر منتجًا لأنماط متقاطعة لكل من العنصرية والذكورية، وكيف تميل هذه الخبرات لأن لا تُمثّل في خطاب أي من النسوية أو الحركة المناهضة للعنصرية. فبسبب هويتهن التقاطعية كنساء وملونات في إطار خطابين تشكلا للاستجابة لواحدة من هاتين الهويتين أو الأخرى, تُهمش مصالحهن وخبراتهن بشكل متكرر في كلا الخطابين.

استخدمت في مقال سابق مفهوم التقاطعية للإشارة إلى السبل المختلفة التي يتفاعل بها العنصر والجنوسة لتشكيل الأبعاد المختلفة لخبرات النساء السود1 الوظيفية (Crenshaw1989, 139). كان هدفي في ذلك المقال أن أوضح أن كثيرًا من الخبرات التي تواجهها النساء السود ليست مستغرقة في إطار الحدود التقليدية للتمييز العنصري أو الجنوسي كما تُفهم هذه الحدود حاليًا، وأن تقاطع العنصرية والذكورية يعمل في حيوات النساء السود بطرق لا يمكن إدراكها ككل بالنظر بشكل منفصل إلى أبعاد النساء والعنصر والجنوسة لهذه التجارب. وأنا أبني هنا على هذه الملاحظات باستكشاف السبل المتنوعة التي يتقاطع فيها العنصر والجنوسة في تشكيل أوجه بنائية وسياسية للعنف ضد النساء الملونات2.

ينبغي القول منذ البداية أن التقاطعية لا تقدم هنا على أنها نظرية ما, جديدة وشاملة, للهوية. فتركيزي على تقاطعات العنصر والجنوسة يضيئ فحسب الحاجة إلى الالتفات إلى الأسس المتعددة للهوية عند فحص الكيفية التي ينشأ بها العالم الاجتماعي. وقد قسمت الموضوع المطروح في هذا الفصل إلى نصنيفين. فأناقش في الجزء الأول التقاطعية البنائية، وهي السبل التي يجعل بها موضع النساء الملونات عند تقاطع العنصر والجنوسة خبرتنا الواقعية بالعنف المنزلي والاغتصاب وكذا الاصلاح العلاجي لهما مختلفة نوعيًا عنها في حالة النساء البيض. وفي الجزء الثاني أنقل التركيز إلى التقاطعية السياسية، حيث أحلل كيف عملت كل من سياسات النسوية ومناهضة العنصرية بتناغم لتهميش قضية العنف ضد النساء الملونات. وأتوجه أخيرًا إلى الآثار الضمنية للمقاربة التقاطعية في إطار المجال الأوسع لسياسات الهوية المعاصرة.

التقاطعية البنائية

التقاطعية البنائية والتعنيف

لاحظت ديناميكيات التقاطعية البنائية أثناء دراسة ميدانية قصيرة لملاجئ النساء المعنفات الموجودة في مجتمعات الأقليات في لوس أنجلس3. الاعتداء البدني الذي قاد هؤلاء النسوة إلى هذه الملاجئ كان, في أغلب الحالات، هو فقط التجلي المباشر للقهر الذي اختبرنه. فأغلب النساء الباحثات عن الحماية هن بلا وظيفة أو يعملن بوظائف غير ملائمة، وعدد كبير منهن فقيرات ولا تملك الملاجئ التي تخدم هؤلاء النساء أن تتعامل فقط مع العنف الذي أوقعه عليهن المعتدي؛ بل يتحتم عليها أن تواجه الصور الأخرى متعددة الطبقات والروتينية للقهر التي تتلاقي دائما في حيواتهن، معيقة قدرتهن على خلق بدائل للعلاقات المسيئة التي أتت بهن إلى الملاجئ في المقام الأول. كما تثقل البطالة المرتفعة بمعدل أكبر بين الملونين كواهل النساء الملونات أيضًا، حيث تجعل النساء الملونات المعنفات أقل قدرة على الاعتماد على دعم الأصدقاء والأقارب للحصول على ملجأ مؤقت.

تكشف هذه الملاحظات كيف تشكل التقاطعية خبرات كثير من النساء الملونات. فتؤكد الاعتبارات الاقتصادية – قابلية التوظيف، الإسكان, الثروة أن البنى الطبقية تلعب دورًا هامًا في تحديد خبرة النساء الملونات في مواجهة التعنيف. ولكنه سيكون من الخطأ أن نستنتج من هذه الملاحظات أن واقعة الفقر هي ببساطة المسألة هنا. فخبرات النساء الملونات تكشف بالأحرى، كيف تتقاطع بنى مختلفة، حيث أن حتى البعد الطبقي ليس مستقلاً عن العنصر والجنوسة.

تشكل هذه النظم المتلاقية خبرات النساء الملونات المعنفات بطرق تتطلب من استراتيجيات التدخل أن تستجيب لهذه التقاطعات. فالاستراتيجيات المؤسسة فقط على خبرات نساء لا يتشاركن الخلفية الطبقية أو العنصرية ذاتها سيكون لها منفعة محدودة لهؤلاء اللاتي تشكل مجموعة مختلفة من العوائق حيواتهن. فعلى سبيل المثال تتشكل سياسات الملاجئ دائمًا من خلال صورة تضع قهر النساء من حيث المبدأ بين الآثار النفسية للسيادة الذكرية، ومن ثم تغفل العوامل الاجتماعية الاقتصادية التي تُضعف دائمًا النساء الملونات.4 ولأنه يمكن الجدل بأن إضعاف كثير من النساء الملونات المعنفات مرتبط بصفة أقل بما في عقولهن وأنه بدرجة أكبر انعكاس للعوائق الموجودة في حيواتهن، فإن هذه التدخلات أقرب إلى إعادة إنتاج قهرهن بدلاً من تحديه بفعالية.

وفي حين يشكل تقاطع العنصر والجنوسة والطبقة العناصر البنائية الابتدائية لخبرة كثير من النساء السود واللاتينيات في ملاجئ المعنفات، فمن المهم فهم أن ثمة مواقع أخرى تتقاطع فيها بنى السلطة. فبالنسبة للنساء المهاجرات على سبيل المثال يمكن لوضعهن كمهاجرات أن يجعلهن عرضة للخطر بطرق قسرية بشكل مشابه ولكنها غير قابلة للاختزال في الطبقة الاقتصادية. ولنأخذ التعديلات الخاصة بمواجهة الزواج الاحتياليiv المدخلة في عام 1986 على قانون الهجرة كمثال. ففي ظل المواد المتعلقة بالاحتيال بالزواج في القانون, يتحتم على الشخص الذي هاجر إلى الولايات المتحدة للزواج بمواطن أمريكي أو بمقيم بصفة دائمة في الولايات المتحدة أن يبقى متزوجًا ‘بشكل صحيح’ طوال عامين قبل أن يتقدم لنيل وضع الإقامة الدائمة، وحينها يتعين على كلا الزوجين التقدم بطلب الإقامة الدائمة5. وكما هو متوقع في ظل هذه الظروف، تتردد كثير من النساء المهاجرات في هجر حتى أكثر الأزواج إساءة خشية ترحيلهن. فعند مواجهة الاختيار بين حمايتهن من معنفيهن وبين حمايتهن من الترحيل, تختار كثيرات الخيار الثاني Walt 1990, 8)). وقد شكلت التقارير عن العواقب المأساوية لهذا القهر المزدوج ضغوطًا على الكونجرس فضمّن قانون الهجرة لعام 1990 مادة تعدل قواعد الاحتيال بالزواج للسماح باستثناء صريح للمصاعب الناتجة عن العنف الأسري.

ولكن كثيرات من المهاجرات, وبصفة خاصة الملونات, بقين معرضات للتعنيف لأنهن لا يستطعن تحقيق الشروط المحددة للاستثناء. فالدليل المطلوب لدعم الاستثناء قد يتضمن ولكنه لا يقتصر على, تقارير وشهادات من الشرطة، أفراد الخدمات الطبية، أطباء نفسيين, مسؤولين بالمدارس, ووكالات الخدمات الاجتماعية.” وتجعل محدودية الوصول إلى هذه الخدمات بالنسبة لكثير من المهاجرات من الصعب عليهن الحصول على الدليل الذي يحتجنه لاستثنائهن. ودائمًا ما تثني الحواجز الثقافية المهاجرات أكثر عن الإبلاغ عن حالات التعنيف أو الهرب منها. وتشير تينا شوم، وهي مستشارة أسرية في وكالة للخدمة الاجتماعية إلى أن:

هذا القانون يبدو سهل التطبيق، إلا أن ثمة تعقيدات ثقافية في المجتمع الأسيوي تجعل حتى هذه المتطلبات صعبة فحتى إيجاد الفرصة والشجاعة للاتصال بنا هو انجاز كبير بالنسبة للكثيرات.”Hodgin 1991, p. EI) )

وترى شوم أن الزوجة المهاجرة التقليدية قد تعيش في أسرة ممتدة، حيث تعيش أجيال عدة معًا، وحيث قد لا يكون ثمة خصوصية على الهاتف، ولا فرصة لمغادرة المنزل وكذا عدم فهم للهواتف العامةونتيجة لذلك كثر من المهاجرات قد يكن معتمدات بشكل كامل على أزواجهن بوصفهم وصلتهن بالعالم خارج منازلهن.6

وقد تكون المهاجرات أيضًا عرضة لعنف الأزواج لأن كثيرات منهن يعتمدن على أزواجهن للحصول على معلومات تتعلق بوضعهن القانوني ومن الأرجح أن كثيرًا من النساء اللاتي هن الآن مقيمات دائمات مازلن يعانين الإساءة تحت تهديد أزواجهن لهن بالترحيل. فعلى الرغم من أنه لا أساس لهذه التهديدات، فإن النساء اللاتي لا يملكن وصولاً مستقلاً إلى المعلومات يبقى بالإمكان ترهيبهن بها. وحتى مع أن الاستثناء الخاص بالعنف الأسري يركز على المهاجرات المتزوجات بمواطنين أمريكيين أو لهم إقامة دائمة بالولايات المتحدة، فثمة عدد لا حصر له من النساء المتزوجات من عمال مهاجرين غير شرعيين (أو من هن أنفسهن عاملات بصفة غير شرعية) وهن يعانين في صمت خشية أن يتهدد أمن أسرهن بأكملها إذا ما سعين للحصول على المساعدة أو لفتن الانتباه إلى أنفسهن بأي شكل.

توضح هذه الأمثلة كيف تتقاطع أنماط من القهر في خبرات العنف الأسري للنساء. فلا يحتاج القهر التقاطعي إلى أن يُنتَج عمدًا؛ فهو في الواقع ينشأ غالبًا عن فرض عبء يتقاطع مع عوامل ضعف موجودة مسبقًا ليخلق بعدًا آخر للضعف. وفي حالة مواد الاحتيال بالزواج في قانون الهجرة والجنسية، يفاقم فرض سياسة مصممة خصيصًا لإلقاء العبء على فئة واحدة – الأزواج المهاجرون الساعين إلى نيل الإقامة الدائمة من إضعاف هؤلاء اللاتي تقهرهن بالفعل بني أخرى للسيطرة. وبالإخفاق في أخذ عرضة الزوجات المهاجرات للعنف الأسري في الاعتبار، وضعهن الكونجرس حيث يتلقين الأثر الضاغط المباشر لسياسته المعادية للهجرة وكذا لإساءات أزواجهن.

إن تطبيق استثناء العنف المنزلي في مواد الاحتيال بالزواج يوضح بشكل مشابه كيف يمكن للمحاولات البريئة للاستجابة لبعض المشكلات أن تكون غير فعالة عندما لا يؤخذ الموضع التقاطعي للنساء الملونات في الاعتبار عند تصميم العلاج. فالهوية الثقافية والطبقية تؤثر على إمكانية أن تنتفع زوجة معنفة من الاستثناء. والمهاجرات المميزات اجتماعيًا أو ثقافيًا أو اقتصاديًا هن أقرب إلى أن يستطعن استخدام الموارد التي يحتجنها للوفاء بمتطلبات الاستثناء.

التقاطعية البنائية والاغتصاب

تأخذ النساء الملونات مواقع مختلفة في العوالم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وعندما تهمل الجهود الإصلاحية المبذولة نيابة عن النساء هذه الحقيقة, يكون للنساء الملونات فرصة أقل لأن يستجاب لاحتياجاتهن مقارنة بالنساء المميزات عنصريًا. فعلى سبيل المثال تذكر تقارير الاستشاريين الذين يقدمون خدمات تخطي أزمة الاغتصاب للنساء الملونات أن نسبة هامة من الموارد المخصصة لهن ينبغي توجيهها إلى التعامل مع مشكلات أخرى بخلاف الاغتصاب نفسه. وتضع الاستجابة لهذه الاحتياجات هؤلاء الاستشاريين في مواجهة مع الوكالات المانحة التي تخصص التمويل وفق معايير الاحتياجات التي هي في معظمها احتياجات المرأة البيضاء من الطبقة المتوسطة.7 وتتجاهل هذه المعايير النمطية للدعم حقيقة أن الاحتياجات المختلفة تتطلب دائمًا أولويات مختلفة من حيث تخصيص الموارد، وبالتالي، فإن هذه المعايير تعيق قدرة الاستشاريين على التعامل مع احتياجات النساء الفقيرات وغير البيض.

تُشكل حقيقة أن نساء الأقليات يعانين من آثار قهر متعدد الأوجه، إضافة إلى التوقعات المؤسسية المبنية على سياقات غير تقاطعية وغير ملائمة، وتحجم في النهاية الفرص لتدخل ذو معني لصالحهن. ويمكن لفهم الديناميكيات التقاطعية للتدخل في الأزمات أن يقطع شوطًا كبيرًا في تفسير النسب المرتفعة للإحباط والإنهاك الذين يختبرهما الاستشاريون الذين يحاولون الاستجابة لاحتياجات الضحايا من نساء الأقليات.

التقاطعية السياسية

يبرز مفهوم التقاطعية السياسية حقيقة أن النساء الملونات يوجدن في إطار مجموعتين مقهورتين على الأقل تسعيان في أغلب الأحيان إلى تحقيق أجندتين متعارضتين. فالحاجة إلى شطر طاقة المرء السياسية بين أجندتين سياسيتين متعارضتين أحيانًا هي بعد للإضعاف التقاطعي نادرًا ما يواجهه الرجال الملونون أو النساء البيض. ففعليًا على الرغم من أن خبراتهم العنصرية والجنوسية هي تقاطعية إلا أنها تعرِّف وفي ذات الوقت ترسم حدود مصالح مجموعاتهم في مجملها وليست المشكلة ببساطة أن كلا الخطابين يخذل النساء الملونات بعدم الاعتراف بالعبء الإضافيلكل من الأبوية أو العنصرية، ولكن المشكلة أن الخطابين هما في الأغلب غير كافيين حتى لأداء المهام المحددة للإفصاح عن الأبعاد الكاملة لأي من العنصرية والذكورية. ولأن النساء الملونات يختبرن العنصرية بطرق ليست هي دائمًا ذاتها التي يختبرها بها الرجال الملونون، كما يختبرن الذكورية بطرق لا تقابل دائمًا خبرات النساء البيض، فالمفاهيم السائدة لمناهضة العنصرية وللنسوية هي محدودة حتى وفق الشروط الخاصة بها.

إن فشل النسوية في مساءلة العنصرية يعني أن استراتيجياتها للمقاومة سوف تعيد إنتاج قهر الملونين وتدعمه دائمًا، وبالمثل فإن فشل الحركة المناهضة للعنصرية في مساءلة الأبوية يعني أنها ستعيد غالبًا إنتاج قهر النساء. ويواجه هذا المحو المتبادل النساء الملونات بمأزق سياسي صعب. فتبني أي من التحليلين (النسوي أو المناهض للعنصرية) يُشكل إنكارًا لبعد أساسي لقهرنا ويعمل على إعاقة تطوير خطاب سياسي يمكن النساء الملونات على نحو أكثر اكتمالاً.

تسييس العنف الأسري

تقدم خبراتي في جمع المعلومات لهذه الورقة أيضاحًا نموذجيًا لتعمية الاستراتيجيات السياسية التي تتجاهل أو تقمع القضايا التقاطعية للمصالح السياسية للنساء الملونات وإضرارها أحيانًا بهذه المصالح. فقد حاولت أن أراجع احصائيات شرطة لوس أنجلس التي تعكس معدل التدخل الشرطي لمواجهة العنف الأسري حسب كل حي، نظرًا لقدر الفصل العنصري في لوس أنجلس.”8 ولكن الشرطة امتنعت عن إتاحة المعلومات. وأوضح ممثل للشرطة لي أن السبب الوحيد لعدم إتاحة المعلومات هو أن النشطاء المعنيين بالعنف الأسري، من داخل قسم الشرطة وخارجه، يخشون أن الاحصائيات التي تعكس قدر العنف الأسري في مجتمعات الأقليات قد تتم ترجمتها ونشرها انتقائيًا لتقويض الجهود المبذولة لوقت طويل للضغط على القسم حتى يعامل العنف الأسري على أنه مشكلة جدية. ومن الواضح أن النشطاء أقلقهم أن الاحصائيات ربما تسمح لمعارضيهم بأن ينحوا العنف الأسري جانبًا على أنه مشكلة للأقلية، ومن ثم لا تستحق تعاملاً جادًا.

وقد ادعى مصدري أيضًا أن ممثلين لمختلف مجتمعات الأقليات عارضوا إتاحة هذه الاحصائيات. ويبدو أنهم خشوا أن هذه البيانات قد تمثل مجتمعات الأمريكيين من أصل إفريقي واللاتينيين بشكل غير عادل على أنها عنيفة أكثر من المعتاد في غيرها، مما قد يدعم الأفكار المسبقة التي قد تستخدم لتبرير تكتيكات قمعية للشرطة وممارسات تمييزية أخرى.

إن دواعي القلق من إساءة استخدام الاحصائيات هي بالطبع ذات أساس صحيح، ولكن اخفاء المعلومات يبدو كحل سهل للمشكلة فقط طالما لم يتم بشكل مباشر تقييم مصالح النساء الملونات المعرضات للعنف الأسري. فهذا الإخفاء للمعلومات هو أيضًا باعث على القلق إذا ما أخذنا في اعتبارنا أنه ليس من المتوقع أن تستفيد النساء الملونات بقدر ذو قيمة من آثار تمدد أي من الحملات النسوية ضد العنف الأسري أو الحملات الأكثر تركيزًا على المجتمع ضد الجرائم العنصرية بصفة عامة. ومن ثم فإن الإخفاء المتبادل لمعلومات ضرورية قد جعل إمكانية حشد أوسع ضد العنف الأسري في مجتمعات الملونين أقل توقعًا.

وكما توضح المناقشة فيما يلي، فإن عمليات المحو هذه ليست دائمًا عاقبة مباشرة أو متعمدة للحركة المناهضة للعنصرية أو النسوية، وإنما هي غالبًا نتيجة للسياسات الخطابية والسياسية التي تخفق في تحدي كل من التراتبية العنصرية والتراتبية الجنوسية في آن واحد.

العنف الأسري والسياسات المناهضة للعنصرية

في مجتمعات الملونين تنبع جهود اقتلاع تسييس العنف الأسري دائمًا من محاولات الحفاظ على تماسك المجتمع. ويتخذ التعبير عن هذا المنظور صورًا مختلفة. فبعض النقاد يدعون أن النسوية لا مكان لها في مجتمعات الملونين، وأن قضايا الجنوسة تحدث انشقاقًا داخليًا، وأن اثارة مثل هذه القضايا في المجتمعات غير البيضاء يمثل تصديرًا لعوامل قلق النساء البيض إلى سياق ليست فقط غريبة عنه وإنما ضارة به أيضًا. وفي أكثر الصور تطرفًا, ينكر النقاد الساعين إلى الدفاع عن مجتمعاتهم ضد هذه الهجمة النسوية كون العنف الجنوسي مشكلة في مجتمعاتهم، ويصورون أي جهد لتسييس القهر الجنوسي على أنه في حد ذاته مشكلة للمجتمع. وهذا هو الموقف الذي تأخذه شهرزاد علي في كتابها الخلافي، دليل الرجل الأسود لفهم المرأة السوداء“. في ملحمتها المعادية للنسوية بشكل صارخ, ترسم علي علاقة إيجابية بين العنف المنزلي وبين تحرر الأمريكيين من أصل إفريقي. وبينما تلفت الانتباه إلى أن الرجال السود ينبغي أن يكونوا معتدلين في تأديبهم لنسائهم، فهي تدعي أن الرجال السود ينبغي أن يلجؤوا أحيانًا إلى القوة البدنية لإعادة تأكيد سلطتهم التي قوضتها العنصرية على النساء السود (ص ١٧٤، ١٧٢).

الفرضية التي تعتمدها علىهي أن الأبوية مفيدة لمجتمع الأمريكيين من أصل إفريقي (ص 67)، وأن من اللازم دعمها من خلال سبل قسرية إن دعت الضرورة.9 ولكن العنف الذي يصحب إرادة السيطرة هذه مدمر, ليس فقط للنساء السود اللاتي يتحولن إلى ضحايا، ولكن أيضًا لمجتمع الأمريكيين من أصل إفريقي بمجمله. وعلى رغم ذلك، وفي حين تمت مناقشة عنف العصابات، وجرائم القتل, وغيرها من صور جرائم السود ضد السود بشكل متزايد في إطار سياسات الأمريكيين من أصل إفريقي، إلا أن الأفكار الأبوية حول الجنوسة والسلطة أعاقت الاعتراف بالعنف الأسري بوصفه مظهرًا هامًا إضافيًا لجرائم السود ضد السود.

إن جهودًا مثل تلك التي تبذلها على لتبرير العنف ضد النساء باسم تحرر السود هي بالفعل متطرفة. والمشكلة الأكثر شيوعًا هي أن المصالح السياسية والثقافية للمجتمع تُترجم بطريقة تعيق الاعتراف العام الكامل بمشكلة العنف الأسري. فالملونين عليهم دائمًا أن يزنوا مصالحهم في تجنب القضايا التي قد تدعم المفاهيم العامة المشوهة عن مجتمعاتهم في مقابل الحاجة إلى الاعتراف بالمشاكل الداخلية للمجتمع ومواجهتها. ولكن نادرًا ما تلاحظ كلفة الإخفاء، وذلك جزئيًا لأن الاخفاق في مناقشة القضية يشوه التصورات حول مدى خطورة المشكلة في المقام الأول.

ويمكن فهم الجدل حول رواية أليس ووكر، اللون الأرجواني، على أنه مناظرة داخلية حول الكلفة السياسية لفضح العنف الأسري داخل المجتمع الأسود. فبعض النقاد هاجموا ووكر لتصويرها الرجال السود على أنهم وحوش عنيفة Early 1988, 9; Pinckney 1987, 17) والبعض الآخر جلد ووكر بعنف بسبب شخصية سيلي، بطلة الرواية المستغلة عاطفيًا وبدنيًا التي تنتصر في النهاية. وعلى حد وصف إحدى الناقدات فقد خلقت ووكر من خلال سيلي امرأة سوداء لا يمكن للناقدة أن تتخيل وجودها في أي مجتمع أسود عرفته أو يمكنها تصوره Harris 1984, 155)).

يمكن قراءة الادعاء بأن سيلي هي بشكل ما شخصية غير حقيقية على أنه نتيجة لإسكات النقاش حول العنف داخل المجتمع. فقد تكون سيلي مختلفة عن أي امرأة سوداء نعرفها لأن الرعب الحقيقي الذي تختبره نساء الأقليات يتم اخفاؤه بشكل روتيني في محاولة مُضَللة ( وإن كان يمكن فهمها) لمواجهة التنميط العنصري. ومن الصحيح بالطبع أن تمثيلات عنف السود سواء الإحصائية أو الخيالية – دائما ما تُتضمن في نص أكبر يصور مجتمع الأمريكيين من أصل إفريقي دون استثناء على أنه عنيف بشكل مرضي. ولكن المشكلة ليست في تصوير العنف ذاته بقدر ما أنها في غياب الروايات والصور الأخرى التي تمثل طيفًا أكثر اكتمالاً للتجربة السوداء.

تدعم المتطلبات السياسية لاستراتيجية مناهضة للعنصرية ضيقة الأفق ممارسات أخرى تعزل النساء الملونات. فتؤكد نیلدا ریمونتى مديرة ملجأ لكل امرأةفي لوس أنجلس, أن في مجتمع الأقلية الأسيوية، يكون لإنقاذ شرف العائلة الأولوية Rimonte 1991, Rimonte 1989, 327) ولسوء الحظ فإن هذه الأولوية تميل لأن تترجم بسهولة أكبر إلى إلزام النساء بعدم الصراخ بدلاً من إلزام الرجال بعدم الضرب.

ثمة أيضًا أخلاقيات مجتمعية أكثر عمومية مضادة للتدخل من خارج مجتمع الأقلية، وهو منتج للرغبة في خلق عالم خاص حر من الاعتداءات المتنوعة على حيوات المضطهدين عنصريًا. والبيت بهذا المعنى ليس هو ببساطة قلعة رجل بالمصطلح الأبوي، وإنهما هو أيضًا ملجأ آمن من مظاهر الإذلال في الحياة في مجتمع عنصري. وفي حالات كثيرة، قد تجعل الرغبة في حماية البيت بوصفه ملجأ آمنا ضد الاعتداءات خارجه من الأصعب للنساء الملونات أن يسعين لنيل المساعدة في مواجهة الاعتداءات من داخل البيت.

ثمة أيضًا توجه عام في خطاب مناهضة العنصرية للنظر إلى مشكلة العنف ضد النساء الملونات على أنها مجرد تجل آخر للعنصرية. وربما يكون صحيحًا، بالطبع، أن العنصرية تسهم في دورة العنف, إذا ما أخذنا في الاعتبار الضغط الذي يختبره الرجال الملونون في مجتمع يقهرهم. ولكن سلسلة العنف هي أكثر تعقيدًا وتمتد إلى ما وراء هذه الرابطة الوحيدة. بالإضافة إلى أن الدعاوى التي تصور العنف الأسري في مجتمعات الملونين على أنه إعمال للإحباطات الناجمة عن إنكار سلطة الرجال في دوائر أخرى, تميل إلى أن تكون مقيدة إلى ادعاء أن إزالة اختلافات السلطة بين الرجال الملونين وبين نظرائهم البيض سوف يحل المشكلة. ومع ذلك فإن هذه المقاربة كحل للعنف، تبدو غير فعالة، أولاً، لأن الرجال ذوو السلطة والنفوذ يسيئون معاملة النساء أيضًا، ولكن ما هو أهم, لأن هذه المقاربة تتقبل التصورات السائدة والضارة اجتماعيًا لسلطة الذكر. إن مقاربة أكثر فعالية ومن المرجح أن تكون أكثر نفعًا للنساء والأطفال وكذلك للرجال الآخرين هي مقاومة الصور المغرية لسلطة الذكر التي تعتمد على التهديد النهائي بالعنف بوصفه مقياسًا مشروعًا لشخصية الذكر المستقلة. ويمكن تحدي مشروعية توقعات السلطة المثيلة بكشف آثارها عديمة الفعالية والمضعفة على العائلات والمجتمعات الملونة. إضافة إلى ذلك، وفي حين أن فهم الصلات بين العنصرية وبين العنف الأسري هو مكون هام لأي استراتيجية للتدخل، فمن الواضح أيضًا أن النساء الملونات لا يحتجن إلى انتظار النصر النهائي على العنصرية قبل أن يمكن لهن توقع أن يعشن حياة خالية من العنف.

لا تعمل الأولويات القائمة على أساس العنصر فقط على اخفاء مشكلة العنف التي تعاني النساء الملونات منها، وإنما يمكن لاستراتيجيات خطابية بعينها موجهة إلى تسييس العنف ضد النساء أن تعيد أيضًا إنتاج التهميش السياسي للنساء الملونات. فاستراتيجيات زيادة الوعي بالعنف الأسري تميل إلى البدء باقتباس الافتراض الشائع بأن التعنيف هو مشكلة توجد في عائلة الآخر ” – عائلات الفقراء و / أو الأقليات تحديدًا. وتركز هذه الاستراتيجية لاحقًا على تدمير هذا الافتراض مؤكدة أن إساءة المعاملة الزوجية تحدث أيضًا في مجتمعات النخبة البيضاء. ويبدو أن القول بأن التعنيف يوجد في عائلات من كل الأجناس والطبقات هو سمة دائمة الحضور في الحملات المناهضة لإساءة المعاملة. ويبدأ عدد لا حصر له من قصص التي يرويها الضحايا بعبارات مثل لم يكن من المتوقع أن أكون زوجة معنفة“. والضمني بالطبع هو أن ثمة رؤية أكثر توقعًا للزوجة المعنفة، تلك التي تتناقض خلفيتها العنصرية والطبقية مع هوية المتحدثة وهو ما ينتج المفارقة. هذا اللعب على التناقض بين الخيالي والواقعي عن العنف يعمل بفعالية لتحدي المعتقدات السائدة حول وقائع العنف الأسري في المجتمع الأمريكي.

ولكن هذا التكتيك هو أمر خادع، فيمكن له في الوقت نفسه أن يشيء ويمحو النساء اللاتي يجعل منهن آخركضحايا للاستغلال الأسري. فبالإشارة إلى أن العنف هو مشكلة عامة، تجرد النخبة من أمنها الزائف، في حين أن العائلات من غير النخبة تعطى سببًا لألا تتخذ موقفًا دفاعيًا لا داعي له. أكثر من ذلك، يمكن لكل النساء المعنفات أن يستفدن من معرفة أنهن لسن وحيدات على الإطلاق. ولكن ثمة مع ذلك خط رفيع بين تفنيد المعتقدات النمطية بأن النساء الفقيرات ونساء الأقليات هن فقط المعرضات للتعنيف وبين تنحيتهن جانبًا للتركيز على الضحايا اللائي من المتوقع أكثر من السياسيين والإعلام السائد أن يعبروا عن الانزعاج لأجلهن.

ويوجد نموذج أيضًا حي لهذه الإمكانية الباعثة على الانزعاج في ملاحظات السيناتور ديفيد كوهينv في معرض دعمه لقانون العنف ضد النساء10. لعام 1991 فهو يقول:

لا تقتصر [حوادث الاغتصاب والاعتداءات الأسرية] على شوارع مدننا الداخلية، أو على تلك القضايا المعدود المشهورة التي نقرأ عنها في الصحف أو نشاهدها في نشرات الأخبار بالمساءإنهن أمهاتنا، زوجاتنا، بناتنا، أخواتنا، صديقاتنا، جاراتنا، وزميلاتنا بالعمل, من يصبحن ضحايا.11

إن السيناتور كوهين وزملاؤه الذين يدعمون القانون يعتقدون لا شك أنهم يوجهون الاهتمام والموارد إلى كل النساء من ضحايا العنف الأسري. ولكن على الرغم من خطابهم التعميمي عن كلالنساء فقد كانوا قادرين على التعاطف مع الضحايا الإناث للعنف الأسري فقط بالتجاوز بنظرهم لمآسي النساء الأخريات، والتعرف على الوجوه المألوفة لنسائهم. والنقطة هنا ليست أن قانون العنف ضد النساء يخص البعض دون غيرهم، وإنما هي أن أعضاء مجلس الشيوخ وغيرهم من صناع السياسات لو لم يفحصوا عن وعي لماذا يبقى العنف غير ذي أهمية طالما فهم أنه مشكلة للأقليات، فليس من المرجح أن النساء الملونات سيتشاركن توزيع الموارد والاهتمام على نحو متساوي. فطالما كان محاولات تسييس العنف الأسري تركز على إقناع النخبة بأن هذه ليست مشكلة أقلياتوإنما هي مشكلتهم أيضًا، فإن أي اهتمام صادق ومراعٍ لخبرات نساء الأقليات سيستمر على الأغلب النظر إليه على أنه يعرقل الحراك.

العنصر وخدمات الدعم في حالة العنف الأسري

في حين تتقاطع الجنوسة والطبقة لخلق السياق الخاص الذي تختبر النساء الملونات فيه العنف، فإن بعض خيارات حلفائهنيمكن أن تعيد إنتاج القهر التقاطعي في استراتيجيات المقاومة ذاتها التي تستجيب للمشكلة.

لا يمكن بالطبع اعتبار النسويات وحدهن مسؤولات عن السبل المتنوعة التي يتم بها استقبال جهودهن. فعادة ما يكون المطلوب من السلطة أكثر كثيرًا مما تعطيه. ومع ذلك ثمة مواقع يمكن انتقاد التدخلات النسوية فيها لتهميشها النساء الملونات.

تتضح هذه المشكلة بجلاء من خلال عدم إمكانية الوصول إلى خدمات الدعم في حالة العنف الأسري بالنسبة لكثير من النساء غير المتحدثات بالإنجليزية. ولا يمكن تنحية هذه المشكلة بسهولة على أنها ناشئة عن جهل حسن النية. فبالفعل، أكدت كثيرات من النساء الملونات أنهن قد تصارعن تكرارًا مع تحالف ولاية نيويورك ضد العنف الأسري، حول الاقصاء اللغوي، والممارسات الأخرى التي تهمش مصالح النساء الملونات12. ومع ذلك وبالرغم من الضغط المتكرر، لم يعمل التحالف على تضمين الحاجات الخاصة بالنساء غير البيض في رؤيته التنظيمية المركزية.

وقد ربط بعض النقاد فشل التحالف في التعامل مع هذه القضايا برؤيته الضيقة التي حركت تفاعله مع النساء الملونات في المقام الأول. فكما يبدو، أتت جهود شمول النساء الملونات كنوع من التفكير اللاحق. وقد دعيت الكثيرات للمشاركة فقط بعدما فاز التحالف بمنحة من الولاية لتوظيف نساء ملونات. ومع ذلك تقول إحدى من تم توظيفهن,

لم يكونوا في الحقيقة مستعدات للتعامل معنا أو مع قضايانا. فقد ظنن أن بإمكانهن ببساطة إشراكنا في منظمتهن دون إعادة التفكير في معتقداتهن حول الأولويات وأننا سنكون سعيدات رغم ذلك.”

لم تكن حتى أكثر لفتات الشمولية صورية تحصيل حاصل. ففي إحدى المناسبات عندما حضرت نساء ملونات اجتماعًا لمناقشة حملة خاصة بالنساء الملونات, تجادلت المجموعة طيلة اليوم حول تضمين المسألة في أجندة الاجتماع.

كانت العلاقة بين النساء البيض والنساء الملونات في المجلس وعرة منذ البداية وحتى النهاية. وقد تطورت تناقضات أخرى حول تعريفات مختلفة للنسوية. فعلى سبيل المثال، قرر المجلس توظيف موظفة من أصل لاتيني لإدارة برامج التواصل مع مجتمع الأقلية من أصل لاتيني، ولكن العضوات البيض في لجنة التوظيف رفضن المرشحة التي لم يرين أن لها مؤهلات نسوية ملحوظة رغم أنها كانت المفضلة لدى العضوات من أصل لاتيني. فبقياس العضوات البيض لذوات الأصل اللاتيني مقارنة بسيرهن المهنية, أخفقت عضوات المجلس البيض في ملاحظة الظروف المختلفة التي يتطور الوعي النسوي ويظهر نفسه فيها في مجتمعات الأقليات. فكثير من النساء اللاتي تم مقابلتهن من أجل الوظيفة کن ناشطات معروفات وقائدات في مجتمعاتهن، وهذه حقيقة تشير إلى أنهن كن على الأرجح معتادات على آليات الجنوسة الخاصة في مجتمعاتهن, ومن ثم كن مؤهلات على نحو أفضل للقيام بالتواصل من مرشحات أخريات لهن مؤهلات نسوية أكثر تقليدية.

وقد انتهى التحالف بعد عدة شهور عندما غادرته النساء الملونات. وعادت كثيرات منهن إلى المنظمات المؤسسة داخل مجتمعاتهن، مفضلات أن يناضلن من أجل قضايا النساء داخل هذه المجتمعات على أن يتصارعن حول قضايا العنصر والطبقة مع نساء الطبقة المتوسطة البيض. ولكن كما توضح حالة امرأة من أصل لاتيني لم تتمكن من إيجاد ملجأ يقبلها [بسبب عدم قدرتها على التحدث بالإنجليزية] فإن سيادة منظور بعينه وحزمة من الأولويات في مجتمع الملاجئ يستمر في تهميش احتياجات النساء الملونات.

ليس الصراع حول أي الاختلافات له قيمة وأيها لا قيمة له تجريدي ولا هو جدل لا أهمية له بين النساء. فبالفعل، تدور هذه التناقضات حول ما هو أكثر من الاختلاف في حد ذاته؛ فهي تطرح مسائل مصيرية حول السلطة. فليست المشكلة ببساطة أن النساء اللاتي يسيطرن على الحركة المناهضة للعنف مختلفات عن النساء الملونات، ولكن المشكلة أنهن غالبًا يمتلكن السلطة, إما من خلال الموارد المادية أو الخطابية، لتقرير ما إذا كانت الاختلافات التقاطعية للنساء الملونات سوف يتم تضمينها في الصياغة الأساسية لسياسة الحركة على الإطلاق. ومن ثم, فالصراع حول تضمين هذه الاختلافات ليس تناقضًا بائسًا أو سطحيًا حول من له حق الجلوس على رأس الطاولة. ففي سياق العنف تكون تلك أحيانًا قضية جد خطيرة حول من سيبقى على قيد الحياة ومن لن يبقى.

قدمت هذه الورقة التقاطعيةكسبيل لتأطير مختلف تفاعلات العنصر والجنوسة في سياق العنف ضد النساء الملونات. وقد استخدمت التقاطعية كسبيل لصياغة تفاعل العنصرية والأبوية في العموم. كما استخدمت التقاطعية أيضًا لوصف موقع النساء الملونات داخل المنظومات المتقاطعة للقهر، وكذا على هامش النسوية والحركة المناهضة للعنصرية. فإلى أن يتم الاعتراف بعواقب الطبقية العنصرية بين النساء, لن تقدم جهود تسييس العنف ضد النساء إلا القليل للتعامل مع خبرات النساء غير البيض. وفي الوقت ذاته، لن تتقدم الأجندة المناهضة للعنصرية من خلال قمع حقيقة العنف الداخلي ضد النساء الملونات. إن من أثر هذين التهميشين ألا يكون للنساء الملونات وسائل متاحة لربط خبراتهن بخبرات النساء الأخريات. وهذا الشعور بالعزلة يعيق جهود تسييس العنف الجنوسي في مجتمعات الملونين, ويسمح للصمت المميت حول هذه القضايا بالاستمرار.

إنني أرغب في اقتراح أن التقاطعيةتقدم سبيلاً للتوسط في التوتر الناشئ بين تأكيدات الهويات المتعددة وبين الضرورة المستمرة لسياسات الجماعة. ومن المفيد في هذا الخصوص تمييز التقاطعية عن المنظور وثيق الصلة بها وهو المناهض للجوهرانية vi، والذي هاجمت النساء الملونات بشكل نقدي من خلاله النسوية البيضاء لغياب النساء الملونات فيها من جانب، ولتحدثها باسم النساء الملونات من جانب آخر. وتدين إحدى صور هذا النقد المناهض للجوهرانية بمعنى أن النسوية تُجوهر التصنيف امرأة” – إلى حد بعيد للفكرة ما بعد الحداثية بأن التصنيفات التي نعتبرها طبيعية أو تمثيلية فحسب هي في الواقع منشأة اجتماعيًا في منظومة لغوية للاختلاف.13 وفي حين أن المشروع الوصفي لما بعد الحداثة لمساءلة السبل التي يُنشأ بها المعنى اجتماعيًا متماسك في العموم، فإن هذا النقد يسيء أحيانًا قراءة معنى الإنشاء الاجتماعي ويشوه أهميته السياسية.

إحدى نسخ مناهضة الجوهرانية, والتي تجسد ما يمكن تسميته الأطروحة الفجة للإنشاء الاجتماعي، هي أنه بما أن كل التصنيفات منشأة اجتماعيًا، فليس ثمة شيء مثل لنقل، سودأو نساء، ومن ثمة فثمة قليل من المعنى للاستمرار في إعادة إنتاج هذه التصنيفات من خلال تنظيم أنفسنا حولها.14

ولكن القول بأن تصنيفًا كالعنصر أو الجنوسة منشأً اجتماعيًا ليس هو القول بأن هذا التصنيف غير ذي أهمية في عالمنا. بل على العكس, إن مشروعًا ضخمًا ومستمرًا للمضطهدين وهو بالفعل أحد المشروعات التي ساعدت ما بعد الحداثة فيه كثيرًا هو التفكير في السبيل الذي تركزت به السلطة حول تصنيفات بعينها بينما مورست ضد أخرى. ويحاول هذا المشروع كشف عمليات القهر والسبل المختلفة التي تُختبر بها هذه العمليات من قبل المقهورين ومن قبل أصحاب الامتيازات. وهو إذًا مشروع يفترض أن للتصنيفات معنى وعواقب. والمشكلة الأكثر إلحاحًا لهذا المشروع, في كثير من الحالات إن لم يكن في غالبيتها ليست وجود التصنيفات, وإنما هي في القيم المحددة المنسوبة إليها، والطريقة التي تنمو بها هذه القيم وتخلق تراتبيات اجتماعية.

لا يعني هذا إنكار أن عملية التصنيف نفسها هي إحدى ممارسات السلطة، ولكن القصة أكثر تعقيدًا ودقة من ذلك. فأولاً، ليست عملية التصنيف أو ، بمصطلحات الهوية التسمية أحادية. فالمقهورين يمكنهم المشاركة ويشاركون بالفعل فيها، وأحيانًا حتى مزعزعين بذلك عملية التسمية بطرق تمنحهم مزيدًا من القوة. وعلى المرء فقط أن يفكر في الزعزعة التاريخية لتصنيف أسود، أو التحولات الحالية لـ شاذ، حتى يفهم أن التصنيف ليس طريقًا ذا اتجاه واحد. من الواضح أن ثمة قوى غير متساوية، ولكن ثمة مع ذلك قدرًا من الإرادة المستقلة التي يمكن للناس فرضها وهم يفعلون ذلك في سياسات التسمية. ومن الهام ملاحظة أن الهوية ستستمر كموقع للمقاومة لأفراد المجموعات المقهورة المختلفة. ويمكن لنا جميعًا ملاحظة التمييز بين دعاوى مثل أنا أسودودعاوى مثل أنا شخص تصادف كونه أسودًاإن مقولة أنا أسودتأخذ الهوية المفروضة اجتماعيًا وتمكنها كنقطة ارتكاز للذاتية. ولا تعود مقولة أنا أسودببساطة إعلانًا للمقاومة بل أيضًا خطاب إيجابي لتعريف الذات يتصل عن قرب بعبارات الفخر مثل عبارة القومية السوداء الأسود جميل.” في المقابل فمقولة أنا شخص تصادف كونه أسودًا“, تحقق تعريف الذات بالنضال من أجل عمومية بعينها (بالنتيجة هي أنا شخص أولاً“)، ومن أجل تنحية للتصنيف المفروض (‘أسود’) على أنه، عارض، وظرفي، وغير محدد. وثمة قدر من الصحة في كلا التمييزين بالطبع، ولكنها يعملان بطريقة مختلفة اعتمادًا على السياق السياسي. وفي هذه اللحظة من التاريخ يمكن صياغة دفاع قوي عن أن أكثر استراتيجيات المقاومة تأثيرًا للمجموعات المستضعفة هو أن تحتل وتدافع عن سياسة للموقع الاجتماعية لا أن تخلي هذا الموقع وتدمره.

إن الإنشائوية الفجة إذًا تشوه إمكانيات سياسات هوية ذات معنى بخلطها على الأقل بين مظهرين للسلطة هما منفصلين ولكنهما وثيقا الصلة. الأول هو السلطة الممارسة ببساطة من خلال عملية التصنيف، والآخر هو السلطة المسببة لأن يكون للتصنيف عواقب مادية واجتماعية. وفي حين أن السلطة الأولى تستهل عمل الثانية، فالمتضمن في تحدى إحداهما دون الأخرى له أهمية كبيرة. ويمكننا أن ننظر إلى الجدالات حول القهر العنصري عبر التاريخ لنرى أن, في كل حالة, كان ثمة إمكانية لتحدي إما إنشاء الهوية أو منظومة القهر المؤسسة على هذه الهوية.

وإذا كان التاريخ والسياق يحددان نفعية سياسات الهوية, كيف إذا نفهم هذه السياسات اليوم، خاصة على ضوء ملاحظتنا للأبعاد المتعددة للهوية؟ وعلى وجه أكثر تحديدًا ما الذي يعنيه ادعاء أن الهويات المجنوسة قد أخفيت في الخطابات المناهضة للعنصرية، كما أخفيت الهويات العنصرية في الخطابات النسوية؟ هل يعني هذا أننا لا يمكننا الحديث عن الهوية؟ أو بدلاً من ذلك أن أي خطاب حول الهوية ينبغي أن يعترف بالكيفية التي تنشأ بها هوياتنا من خلال تقاطع أبعاد متعددة؟ وتتطلب استجابة مبدئية لهذه الأسئلة أن نلاحظ أولاً أن مجموعات الهوية المنظمة والتي نجد أنفسنا فيها هي في الواقع تحالفات, أو على الأقل تنطوي على إمكانية أن تكون تحالفات تنتظر التشكيل.

لا تتطلب ملاحظة السبل التي تُهمش بها خبرات النساء الملونات في مفاهيم سياسة الهوية في سياق مناهضة العنصرية أن نتخلى عن محاولات التنظيم كمجتمعات ملونة. وإنما تمنحنا التقاطعية أساسًا لإعادة فهم العنصر على أنه تحالف بين الرجال الملونين والنساء الملونات. وعلى سبيل المثال, في مجال ،الاغتصاب، تمدنا التقاطعية بطريقة لتفسير لماذا يجب أن تتخلى النساء الملونات عن المقولة التعميمية بأن مصالح المجتمع تتطلب قمع أي مواجهة حول جرائم الاغتصاب داخل المجتمع الملون, ويمكن للتقاطعية أن تتيح وسائل للتعامل مع أشكال التهميش الأخرى أيضًا. فعلى سبيل المثال يمكن للعنصر أيضًا أن يكون تحالفًا للرجال (الأسوياء)vii. الملونين والمثليين الملونين, ومن ثم تكون أساسًا لنقد الكنائس وغيرها من المؤسسات الثقافية التي تعيد إنتاج الانحياز للغيرية الجنسية.

بإعادة فهم الهوية بهذه الطريقة, قد يكون من الأسهل فهم الحاجة, وحشد الشجاعة لتحدي الجماعات التي هي في النهاية بمعنى ما البيتبالنسبة لنا، وذلك باسم أجزائنا التي لم تُصنع بهذا البيت. ويتطلب هذا قدرًا كبيرًا من الطاقة ويثير قلقًا حادًا. وما يمكن للمرء توقعه على الأكثر هو أن نجرؤ على الحديث ضد أشكال الإقصاء الداخلي والتهميش, والتي يمكن أن تسترعي الانتباه إلى كيف تمركزت هوية الجماعةحول الهويات التقاطعية لأقلية فيها. ملاحظة أن سياسات الهوية توجد في الموضع الذي تتقاطع فيه التصنيفات تبدو بذلك مثمرة أكبر من تحدي إمكانية الحديث عن التصنيفات على الإطلاق. ومن خلال الوعي بالتقاطعية, يمكننا الاعتراف بالاختلافات بيننا ويمكننا أن نؤسسها بشكل أفضل وأن نتفاوض حول السبل التي يمكن من خلالها لهذه الاختلافات أن يُعبر عنها في صياغة سياسات المجموعة.

I- نشرت هذه الورقة للمرة الأولى في دورية Stanford Law Review مجلد رقم 43, يوليو 1991. ثم نشرت مختصرة في دورية KVINDER, KON & FORSKNING (المرأة. الجنوسة، والبحث Women, Gender and Research) وهي دورية تصدر عن مركز التعاون لأبحاث الجنوسة، جامعة كوبنهاجن, الدنمارك. العددين 2 و3 لعام 2006 (عدد خاص عن التقاطعية). وتعتمد هذه الترجمة على النسخة المختصرة ولكن تمت الاستعانة بالنسخة الأولى لتصحيح بعض الأخطاء التي وقعت في النسخة المختصرة وأيضاح بعض الإشارات التي أصبحت مهمة لحذف أجزاء متصلة بها.

II- كمبرلي ويليام كرينشو (ولدت (1959) أكاديمية أمريكية ومدافعة عن الحريات المدنية, هي حاليًا أستاذ بكل من مدرسة القانون بجامعة كاليفورنيا لوس أنجلس، ومدرسة القانون. بجامعة كولومبيا – نيويورك..

III- يستخدم كل من النوع الاجتماعي والجندر والجنوسة كترجمة لـ Gender وقد تجاوز استخدام Gender في كتابات نظرية نسوية وكوبرية إلى تمييز النوع الاجتماعيعن النوع / الجنس بوصفه منشأً اجتماعيًا مع قول هذه الكتابات بأن النوع / الجنس هو في جانب منه على الأقل منشأً اجتماعيًا أيضًا، هذا إضافة إلى صعوبة الاشتقاق من مصطلح مركب في العربية. وبالنسبة لكل من جنوسة وجندر فإن اختيار الأولى هو التزام بمبدأ عدم اللجوء إلى التعريب في حال توفر مفردة عربية مناسبة.

iv- المقصود هو زواج مهاجر / ة من مواطن / ة أمريكي / ة صوريًا بهدف الحصول على الجنسية الأمريكية أو صفة الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة الأمريكية.

v-وقع خلط في النسخة المختصرة بين عضوي مجلس الشيوخ الأمريكي ديفيد بورين، وويليام كوهين, وقد اقتبست كرينشو عن كليهما، في النسخة الأولى للورقة يرد اقتباس كرينشو عن بورين في المتن وهو ما تم حذفه في النسخة المختصرة بينما يرد اقتباسها عن كوهين في هامش (رقم 58 ص 1260)، وهو الاقتباس الذي نقل إلى المتن في النسخة المختصرة مع نسبته إلى سيناتور ديفيد كوهين (لا وجود له). يلاحظ أن الإشارة مرة أخرى إلى السيناتور كوهين في الفقرة التالية كانت في النسخة الأولى تذكر السيناتور بورين ولكن تم تعديلها في النسخة المختصرة لتشير إلى كوهين الذي ورد الاقتباس عنه.

vi. الجوهراتية هي الاعتقاد في أن لكل تصنيف مثل امرأة / رجل, أسود / أبيض، إلخجوهرًا لا دخل للتجربة الاجتماعية في تشكيله ومن ثم فهو ثابت عبر الأزمنة والأماكن المختلفة ومشترك بين جميع من يندرجون تحت هذا التصنيف. في المقابل فإن مناهضة الجوهرانية أو الإنشائوية فهي الاعتقاد بأنه لا وجود لمثل هذا الجوهر وأن جميع التصنيفات منشأة اجتماعيًا.

vii. تستخدم كرينشو لفظ straight = مستقيم أو سوي بدلاً من heterosexual = غيري. والأول هو المصطلح الشائع في فترات سابقة ويشير ضمنيًا إلى الاعتقاد بأن المثلية تمثل إنحرافًا عن الطبيعة. أما الثاني فهو المصطلح المستخدم حاليًا ويشير إلى حقيقة أن الغيرية والمثلية كلاهما تنويعان بين طيف من الميول الجنسانية المتساوية في علاقتها بالطبيعة أو في كونها منشأة اجتماعيًا. والالتزام بالمفردة التي استخدمتها كرينشو هو للدقة وليس اختيار المترجم.

1 أستخدم كلا من أسود، وأمريكي من أصل إفريقي، بشكل تبادلي في هذه الورقة. وأستخدم أسودكاسم علم [حرفيًا: بحرف B كبير في بداية الكلمة Black, بدلاً من حرف b صغير black الحروف الكبيرة / الاستهلالية تستخدم في بداية أسماء الأعلام في الإنجليزية – المترجم] وذلك لأن السود, مثل الأسيويين, اللاتينيين, و ‘الأقليات’ الأخرى، يشكل كل منهم مجموعة ثقافية، وبوصفها كذلك، تتطلب الإشارة إليها كاسم علم ” (Crenshaw, 1988, 1332 n.2, citing Mackinnon 1982, 516). وبالمنطق نفسه لا استخدم أبيضكاسم علم ، حيث أن البيض لا يشكلون مجموعة ثقافية بعينها. وللسبب نفسه لا استخدم نساء ملوناتكاسم علم.

2 من المهم في رأيي تحديد المنظور الذي ينشئ المرء تحليله من خلاله؛ وفي حالتي فهو منظور نسوية سوداء. إضافة إلى ذلك من المهم الاعتراف بأن المواد التي ضمنتها في تحليلي مستمدة بقدر كبير من العمل البحثي حول النساء السود. على جانب آخر، فإنني أري عملي بوصفه جزءًا من عمل جماعي أوسع بين النسويات بشتى ألوانهن، بهدف توسع النسوية لتشمل تحليلات للعنصر والعوامل الأخرى كالطبقة, التوجه الجنسي, والمجموعة العمرية. ومن ثم فقد حاولت أن أقدم تصوري الخاص عن الصلات الأولية بين تحليلي للخبرات التقاطعية للنساء السود وبين الخبرات التقاطعية للنساء الملونات الأخريات. وأؤكد أن هذا التحليل ليس مقصودًا منه تضمين النساء الملونات الأخريات على نحو زائف, أو استبعادهن على وجه غير ضروري.

3 أثناء عملي البحثي في لوس أنجلس, كاليفورنيا, زرت ملجأ جينسي للنساء المعنفات، وهو الملجأ الوحيد في غربي الولايات المتحدة الذي يخدم النساء السود. كما زرت ملجأ كل امرأة، والذي يخدم بالأساس النساء من أصول آسيوية. وقمت أيضًا بزيارة إستيل تشونج في المؤسسة الآسيوية الباسيفيكية للقانون [باسيفيكية نسبة إلى المحيط الباسيفيكي = المحيط الهادي المترجم]، وقد تحدثت إلى ممثل للا كازا وهو ملجأ في منطقي شرق لوس أنجلس أغلب سكانها من أصول لاتينية.

4 ميزت الاختلافات العنصرية تناقضًا مثيرًا للاهتمام بين سياسات ملجأ جينيسي وسياسات الملاجئ الأخرى الموجودة خارج المجتمع الأسود. فبخلاف الملاجئ الأخرى في لوس أنجلس، رحب ملجأ جينيسي بدعم الرجال. وحسب مديرة الملجأ، فإن سياسته ارتكزت على الايمان بأنه بسبب حاجة الأمريكيين من أصل إفريقي للحفاظ على علاقات صحية لمواصلة نضال مشترك ضد العنصرية، فإن برامج مناهضة العنف داخل مجتمع الأمريكيين من أصل إفريقي لا يمكنها المغامرة بأن تكون عدائية تجاه الرجال. لمزيد من مناقشة الحاجات المختلفة للنساء السود المعنفات، انظر Richie 1985, 40

5 نصت تعديلات مواد القانون الخاصة بالزواج الاحتيالي [الزواج الصوري للحصول على إقامة دائمة أو الجنسية – المترجم] على أنه لإنهاء وضع الإقامة المشروطة [المقصود الإقامة المؤقتة لحين استيفاء شروط الحصول على إقامة دائمة – المترجم]، فإن الزوج / الزوجة الأجنبي والزوجة / الزوج المتقدم بالطلب (إن لم يكن متوفيًا) لابد من أن يسلما معًا إلى النائب العام التماسًا يطلب إنهاء هذا الوضع المشروط ويقر، تحت طائلة عقوبة الشهادة الزور، بصحة الوقائع والمعلومات.” [الواردة في الالتماس]U.S.C. + s 1186a(b)(1)(A) 8 وتسمح التعديلات باستثناء، يقرره النائب العام, إذا أمكن للزوجة الأجنبية إثبات أن ترحيلها سينجم عنه معاناة بالغة، أو أن الزواج المؤهل [ للحصول على الإقامة الدائمة أو الجنسية] قد أنهي بسبب مقبول.(c)(4)+) s1186a) حصول على الإقامة الدائمة أو الجنسية] قد أنهي بسبب مقبول. أجنبية إثبات أن ترحيلها سينجم عنه معاناة بالغة، أو أن الزواج المؤهل .[ ل. وبرغم ذلك فإن شروط هذا الاستثناء بسبب المعاناة لم تحم الزوجات المعنفات بالقدر الكافي.

6 في مسح أجري لنساء معنفات افتُرض أنه كلما كانت المرأة عضوة بجماعة تعاني من التمييز ضدها كلما قلت فرصها لتحقيق مكانة اجتماعية اقتصادية فوق خط الفقر, وكلما كانت مهاراتها الإنجليزية أضعف، كلما ازداد وضعها سوءا.” Pagelow 1981, 96)) النساء السبعون في الدراسة عانين من إعاقة مزدوجة في هذا المجتمع أدت إلى تقييدهن بأزواجهن بقوة أكبر“.

7 على سبيل المثال, كل من ملجأي روزا باركز، والخط الساخن لطوارئ الاغتصاب لكومبتون، وهما ملجأن يخدمان مجتمع الأمريكيين من أصول إفريقية, في نزاع دائم مع مموليهما حول معدل النقود وساعات العمل المنفقين مقارنة بعدد النساء اللائي يتم تقديم الخدمة لهن. حوار مع جوان جرير, المدير التنفيذي لملجأ روزا باركز, في لوس أنجلس, كاليفورنيا (أبريل 1990)

8 أغلب إحصائيات الجرائم تُصنف حسب الجنس أو العنصر ، ولكن أي منها ليس مصنفًا حسب الجنس والعنصر معًا. ولأننا نعلم أن معظم ضحايا الاغتصاب هن من النساء، فالخلفية العنصرية تكشف على أفضل تقدير، معدلات الاغتصاب للنساء السود. ومع ذلك، حتى مع هذه البداية فإن معدلات النساء غير البيض الأخريات يصعب جمعها. وفي حين أن ثمة بعض الاحصائيات للنساء من أصول لاتينية، فعمليًا لا وجود لإحصائيات للنساء من أصول آسيوية, والأمريكيين الأصليين.

9 في هذا الخصوص، يوجد في ادعاءات علي كثير مما تشترك فيه مع دعاوي المحافظين الجدد الذين يُعزون كثيرًا من المشاكل الاجتماعية التي تصيب أمريكا السوداء إلى تفكك قيم الأسرة الأبوية (أنظر (Raspberry 1989, C1 5, Will 1986a,A23 Will 1986b, 9)ويتشارك منطق علي في تشابهات ملحوظة مع تقرير موينيهانالخلافي عن الأسرة السوداء، ويعرف التقرير بهذا الاسم لأن المؤلف الرئيسي له كان دانييل بي موينيهان (هو الآن سيناتور عن الحزب الديموقراطي لنيويورك). ففي فصل سيئ السمعة عنوانه شباك المرضيةيجادل موينيهان أن: المجتمع (الزنجي) قد أجبر على أن يكون له بنية أمومية، وهي لأنها غير متوافقة تمامًا مع بقية المجتمع الأمريكي، تعيث بشكل حاد تقدم المجموعة ككل، وتفرض عبئًا سحقًا للذكر الزنجي, وبالتبعية, للكثير جدًا من النساء الزنجيات أيضًا. (ص. 29)

10 في 14 يناير 1991 قدم سيناتور جوزيف بايدن (سيناتور عن الحزب الديموقراطي لديلاور) [نائب الرئيس الأمريكي الحالي – المترجم] مشروع لمجلس الشيوخ برقم 151 بقانون العنف ضد النساء لعام 1991، وهو تشريع شامل يتعامل مع الجرائم العنيفة التي تواجه النساء. S. 15, 102nd Cong.,Ist Sess.(1991) . ويتألف القانون من العديد من المواد التي صممت لخلق شوارع آمنة, وبيوتًا آمنة, وحرمًا جامعية آمنة للنساء. وعلى وجه التحديد، يخلق القسم الثالث من القانون علاجًا مستمدًا من الحقوق المدنية لجرائم العنف المدفوعة بجنوسة الضحية 301 52+)). ومن بين ما دُعم به القانون من نتائج بحثية أنه “1 – تمثل الجرائم المدفوعة بجنوسة الضحية هي جرائم تمييزية تنتهك حق الضحية في ألا تتعرض للتمييز ضدها على أساس الجنوسةو “2 – لا يقدم القانون الفاعل حاليًا حلاً مستمدًا من الحقوق المدنية للجرائم الجنوسية المرتكبة في الشارع أو البيت“S. Rep. No. 197, 102d Cong.,1st Sess. 27 (1991)

.Cong. Rec. S61 1 (daily ed. Jan 14, 1991), statement of Sen. Cohen 137 11

بيان للسيناتور كوهن Cong. Rec. S61 1 (daily ed. Jan 14, 1991) 137.

12 مناقشة للطاولة المستديرة حول حركة العنصرية والعنف الأسري 2 أبريل 1992 (نص الحوار لدى Stanford Law Review). المشاركات في المناقشة ديانا كامبوس، مديرة مشروع التواصل ثنائي اللغة, تحالف ولاية نيويورك لمناهضة العنف الأسري؛ إلسا .أ. ريوس مديرة مشروع دعم الضحية (مشروع مجتمعي في شرقي هارلم، نيويورك، يقدم دعمًا ومشورةً للنساء المعنفات)؛ وهايدي ،روزاريو, عمالة اجتماعية مع خدمات شرقي هارلم الإنسانية، ومتطوعة بمشروع دعم الضحية، تحدثن عن نزاعات تتعلق بالعنصر والثقافة أثناء ارتباطهن بتحالف ولاية نيويورك لمناهضة العنف الأسري، وهي مجموعة رقابة تابعة للولاية كانت مهمتها توزيع الموارد على ملاجئ النساء المعنفات في أنحاء الولاية، وحددت بصفة عامة للملاجئ المشاركة بالتحالف أولويات سياساتها.

13 إنني أتبع ممارسات الآخرين في ربط مناهضة الجوهرانية بما بعد الحداثة. (أنظر بصفة عامة Nicholson 1990)

14 لا أقصد القول ضمنًا بأن كل المنظرين الذين قاموا بنقد مناهض للجوهرانية قد انزلقوا إلى إنشائية فجة. فمناهضو الجوهرانية قد تجنبوا بالفعل القيام بمثل هذه الخطوات الإشكالية, وسوف يكونون بلا شك منفتحين على كثير من النقد المقدم هنا. وأنا استخدم مصطلح الإنشائية الفجة للتمييز بين الأعمال النقدية المناهضة للجوهرانية التي تترك مساحة لسياسات الهوية وتلك التي لا تفعل ذلك.

شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات