صفحة من التاريخ
ما وراء الحائط الأصفر
إن هذه الورقة البحثية التي قدمت لأول مرة في مؤتمر عقد عام 1983، تتحدى الأسطورة القائلة بأن الصحة هي نتاج العمل الطبي وأن عدم المساواة بين الرجل والمرأة يمكن القضاء عليها بسهولة. فهى تحلل أوجه الاختلاف بين الصحة والرعاية الصحية والرعاية الطبية، وذلك في إطار “المرأة والصحة” المرأة باعتبارها مقدمة ومستهلكة للرعاية الصحية. وبالاستعانة بالدروس المستفادة من قصة الكاتبة بيركينز جيلمان بعنوان “ورق الحائط الأصفر“، تحدد هذه الورقة البحثية وتناقش القضايا الثلاث الهامة غير المحلولة المتعلقة بالمرأة والصحة، وهي: الإنتاج، وإعادة الإنتاج، وإضفاء الطابع الطبي على الثمن النفسى الذى تدفعه المرأة نتيجة وضعهها، في شكل المرض العقلى. وبعد ذلك، تدعو الورقة إلى الاعتراف بالصحة كمنتج اجتماعي وضرورة أن تقدم المرأة خبرتها الحقيقية لأن هذه الخبرة تضيف لمفهوم صحة المرأة. وأخيراً، توضح الورقة دور المرأة في العطاء الصحى، وذلك من خلال العملية الإنجابية، وتأمين رفاهية الأسرة كما تطرح أسباب اعتلال صحة المرأة في هذا السياق، وتدعو إلى عالم ينظر للنساء الداعيات إلى التغير نظرة جدية.
إن مجرد فكرة عقد مؤتمر حول “المرأة والصحة” تتحدى أسطورتين مركزيتين من أساطير العالم الصناعي في القرن العشرين. الأولى هى تلك تأتى تطرح أن الصحة هي نتاج العمل الطبي وأن الحالة الصحية للأفراد والمجتمعات تتحقق أساساً من خلال الجهود التي يبذلها أصحاب المهن الطبية: بمعنى علاج الأمراض والوقاية منها وتجنب الوفاة عن طريق الاستفادة من العلوم الطبية. أما الأسطورة الثانية، فتطرح أن عدم المساواة القائمة بين الرجل والمرأة ليست سوى مظاهر سطحية، ويمكن القضاء عليها من خلال البنية الفوقية للعلاقات الاجتماعية كل ما نحتاج إليه هو عدد من القوانين الجيدة وبعض التغيرات الاجتماعية البسيطة، وعندئذ سوف يمكن لنساء التعامل مع الرجال بندية.
إن هاتين الأسطورتين تمثلان أفكاراً تنظيمية قوية فيما يشار إليه عمومًا برغم خطأ التعبير باعتباره “العالم المتقدم“.
إن الأهمية الشديدة للأفكار الثقافية والسياسية الاجتماعية المرتبطة بالأسطورتين التي تتحداهما جملة “المرأة والصحة“، إنما تضفى على هذا المؤتمر أهمية أكبر. فهو يمثل انتقال جذري لمنظمتين إحداهما قومية والأخرى دولية، مهمومتان بقضايا الصحة، وذلك باتجاه : أولاً إيلاء اهتمام جاد لدور المرأة فى الرعاية الصحية، وثانيًا الاشتباك المباشر مع الأطر الاجتماعية والاقتصادية و السياسية للصحة، وثالثًا القيام بالأمرين في آن واحد.
المرأة والصحة: تساؤلات رئيسية
وقبل البدء فى طرح التساؤلات الملحة، نحتاج إلى تحديد الفروق الأساسية بين ثلاث مصطلحات: الصحة، والرعاية الصحية، والرعاية الطبية. وآخرها هو أسهلها من حيث التعريف فالرعاية الطبية هي تلك المقدمة من المهنيين الطبيين بهدف العلاج من المرض أو الوقاية منه. أما الرعاية الصحية فهي لا تقدم من جانب العاملين بالمهن الطبية، وإنما هي نشاط لمجموعات غير طبية وغير مهنية، بل وحتى للأفراد أنفسهم. أما مصطلح الصحة فهو أكثر المصطلحات الثلاثة تعقيداً، ولا علاقة له بالضرورة بالرعاية الصحية أو الرعاية الطبية، وهنا فإننى أشير بطبيعة الحال إلى تلك الأدلة الجوهرية التى توضح أن التغيرات في مجال الرعاية الطبية. وعلى الرغم من أن هذا النوع من الأدلة محدود بنوع المؤشرات الصحية المختارة (طالما أن المؤشر الصحي الذي عادة ما يجرى استخدامه هو الوفاة وهو الأمر الغريب عند التفكير فيه)، يجب أن يتضمن التعريف أن الصحة تتطلب أو تستحيل بدون قاعدة أخلاقية تحكم العلاقات الاجتماعية.
ويرجع السبب فى أننا نحتاج إلى مؤتمر حول “المرأة والصحة” إلى أن المرأة من الناحية الأخرى هي المقدم الرئيسي للصحة والرعاية الصحية، كما أنها أيضًا المستخدم الرئيسي للخدمات الصحية والطبية. وهو أمر يتناقض مع الرسالة الثقافية المهيمنة التى تقول أن الأطباء وليس النساء هم الذين يؤمنون الصحة وأن الرجال، وليس النساء، هم الجنس الأكثر عرضة للتأثر بيولوجياً، وفي ظل معدلات للوفيات والمرضى الرجال يزيد عن المعدلات الخاصة بالنساء من المهد إلى اللحد (1) وهو ما يعكس وجود مفارقة فعلية في علاقة المرأة بالصحة والرعاية الصحية تحتاج إلى جهد لاستكشافها.
المرأة كمقدم للصحة والرعاية الصحية والرعاية الطبية
يتسم دور المرأة كمقدمة للصحة والرعاية الصحية بأهمية كبيرة في تقسيم العمل ففي حياتها المزلية، تعمل على توفير الرعاية الصحية عن طريق تلبية الحاجات المادية لمن تعيش معهم. فهي تعد الطعام، وتتخلص من فضلات الوجبات، وتنظف المنزل، وتقوم بالمشتريات الخاصة، وتغسل الملابس وتصلحها، كما تعطى رعاية خاصة للصغار والمسنين والمرضي، أو الذين لا يوجد لديهم وقت نظراً لانشغالهم – كي يعنوا باحتياجاتهم المادية. إن هذه الأنشطة معروفة باسم العمل المنزلي، وهو مصطلح غريب إلى حد ما، لأن أغلب هذه الأعمال لا علاقة لها بالمنزل، بل ترتبط إلى حد كبير بالحفاظ على صحة وحيوية الأفراد. وبالمصادفة، وربما ليس مصادفة بحتة يهتم صناع السياسة بدرجة كبيرة بكيفية وصف هذه الأعمال التي تقوم بها المرأة من أجل النهوض بالصحة، وغالبًا من منظور أيديولوجي يعزي للمرأة طبيعة أنثوية مغايرة يفضل البعض أن يعتبرها عملاً غير مدفوع الأجر.
إن تسمية العمل الصحي للأسرة الذي تقوم به المرأة باسم “العمل المنزلي” يعنى تجاهل جانب شديد الأهمية من جوانب التقسيم المنزلي للعمل، وهو دور المرأة كمدير أساسي للعلاقات الشخصية سواء داخل الأسرة أو خارجها. إن الدعم العاطفى يرتقى بالصحة: هناك دلائل كثيرة تفيد بأن وجود العلاقات الاجتماعية للفرد أو غيابها لها تأثير هام وحاسم على الوظائف البدنية والعقلية. إن المرأة باعتبارها الفرد الذى يعمل من أجل رفاهية الأسرة كأم، وحماة، وزوجة، وشقيقة، وابنة، أو حتى كجارة تعمل على رعاية العلاقات الشخصية.
وعلى الرغم من التنمية الاقتصادية الصناعية ففي إطار العمل المنزلى عادة ما يتم التعامل مع العلاقات الشخصية باعتبارها “الأسرة” ونعني الأسرة النووية التي تضم الوالدين والأطفال، وما يستتبع ذلك من تقسيم للعمل داخلها – قد أصبحت النموذج الخاصة بكافة العلاقات بين الجنسين وبتقسيم كل أنواع العمل.
وفيما قبل المجتمع الصناعي الحالي كانت الرعاية الصحية التي تقدمها المرأة تمتد لما يتجاوز البيت وصولاً إلى المجتمع المحلى. وكانت النساء معترف بهن باعتبارهن المعالجات الأساسسية لغالبية السكان، ومن ثم جاءت مصطلحات مثل: “المرأة الحكيمة“، السيدة العجوز “المجربة” ومن هنا أيضًا جاء الدور التقليدى للقابلات اللاتي يمتلكن مجموعة من المهارات لم تأت من التدريب الرسمي وإنما من خلال التجربة العملية الشخصية. ومع التقدم المتحقق في مهنة الطب، اعتبرت كثير من أنشطة المرأة التقليدية في مجال العلاج تمثل خطورة على الصحة، وغير قانونية، وبطبيعة الحال، لم يؤد ذلك بالضرورة إلى توقف هذه الأنشطة، طالما أن المرأة من حسن الحظ – كانت تمتلك في الأغلب قوة كافية لمقاومة فرض سلطة الدولة. ونتيجة لأن الثقافة التحتية المتعلقة بدور المرأة والقابلات العلاجي لم يتم القضاء عليها تماماً من خلال كراهية الدولة والمهن الطبية للنساء، فإنا نجد من خلال مشروع بحث تابع لمنظمة الصحة العالمية – أن هناك “خدمات بديلة” لصحة الأم والطفل في أغلب –البلدان وهو ما يمثل انبعاث التقاليد القديمة فى ظل المشاكل التي لم تحل بعد، والناتجة عن مفهوم أن الصحة هي منتج طبي. (2) وحتى في إطار الأنظمة الرسمية للرعاية الصحية، تظل المرأة تمثل أهمية كبرى كمقدم للرعاية. وإذا ما أخذنا بريطانيا كمثال، نجد أن حوالي ثلاثة أرباع العاملين في الخدمات الصحية القومية من النساء. ورغم ذلك فإن 20% فقط من الأطباء البريطانيين من النساء هناك تقسيم للعمل على أساس نوع الجنس في المهن المرتبطة بالرعاية الصحية، كما هو الحال في كل مجال آخر من مجالات الحياة الاجتماعية. إن النساء العاملات كطبيبات أو قابلات أو ممرضات في بريطانيا، كما هو الحال في غالبية ما يطلق عليه البلدان المتقدمة، يتركزن في المستويات المنخفضة في مجال الرعاية الصحية وعلى سبيل المثال، بينما نجد حوالي 11% فقط من العاملين فى مجال التمريض بالمستشفيات البريطانية من الرجال، فإن 23% من الوظائف العليا في إطار مجال التمريض بالمستشفيات يحتلها الرجال. (3) وعندما ننظر إلى التقسيم على أساس نوع الجنس في التخصصات الطبية، فمن غير المستغرب أن نجد أن النساء يتخصصن في المجالات الخاصة بالطفل، والأمراض العقلية، وعلم الأحياء المجهرى ربما هو نوع من أنواع العمل المنزلي الذي يجري داخل إطار المستشفي؟ – والتخدير. (4) ولا يعكس هذا النمط مجرد الاختيار، إذ أن البحوث في المهن الطبية قد كشفت عن عدم وجود رضا بشأن فرص العمل القائمة المتاحة بين الطبيبات أكثر من بين الأطباء. (5) إن النساء كأفراد يمكن أن يناضلن ضد هذا النموذج الشائع، ولكن هناك ضرورة لوجود جهود جماعية من أجل تغيير هذا الوضع.
وهنا يوجد العديد من القضايا الهامة حول الدور المستقبلي للمرأة كموفر للرعاية الصحية والرعاية الطبية. وهناك قضيتان تستحقان اهتماماً خاصا، وهما: أولاً، صحة الأسرة والعمل الذى تقوم به المرأة من أجل تحقيق الرفاهية، وثانيًا القابلات، ودور النساء في إدارة شئون ولادة الأطفال. وهاتان القضيتان تمثلان المجالات التي تتعرض خلالها حقوق المرأة لتهديد على نحو خاص. ففي مجال رفاهية الأسرة ورغم الاعتراف بحقوق النساء كأفراد في بعض البلدان إلا أن ذلك لم يقلص من إلقاء تبعة ما يسمى “العمل النابع عن الحب” على عاتق المرأة في النظام الأخلاقي والاقتصادي السائد وفيما يتعلق بعملية التوليد وعلى الرغم من أن غالبية أطفال العالم ما يزالوا يولدون على أيدي القابلات، فإن النمو التكنولوجي الحديث لصناعة التوليد قد قلص الدور المستقل لهن وسوف يؤدى بطبيعة الحال إلى انقراض هذا الدور تمامًا في المستقبل. أما بالنسبة للنساء كفئة، فإنني أعتقد أن هذا الأمر يمثل ما يزيد عن كونه تطورًا تراجعيًا هامشيًا، طالما أنه إذا ما سمح له بالأستمرار دونما إعاقة – سوف يؤدى إلى ابتلاع البنية الطبية الذكورية للأمومة، وإلى ظهور تعريفات للصحة تختلف عن تلك التي تؤمن بها الأمهات أنفسهن.
ورق الحائط الأصفر الواقع والخيال:
وقبل الانتقال إلى بعض من القضايا الهامة التي يجدر تناولها في مجال استخدام المرأة للخدمات الصحية، أود أن أعود بالزمن إلى الوراء، إلى قصة كتبتها منذ ما يقرب من مائة عام الكاتبة النسوية الأمريكية كاروليت بيركيتر جيلمان. والقصة بعنوان “ورق الحائط الأصفر ” (6)، وهي توضح الاستمرارية التاريخية الثقافية التي تسم المشكلات غير المحلولة فى مجال المرأة والصحة. وتلقي القصة أيضًا الضوء على ثلاث من هذه المشكلات المركزية – المشكلات المتعلقة بالإنتاج، وإعادة الإنتاج، وإضافة الطابع الطبي في شكل أمراض عقلية على الثمن النفسى لوضع المرأة“.
وتقوم قصة “ورق الحائط الأصفر” بوصف ثلاثة شهور من حياة امرأة من نساء إنجلترا الجديدة، ويقدم هذا الوصف زوجها، وهو طبيب، ويوضح ما عانته زوجته من اكتئاب عصبي بعد ولادة طفلها الأول. يقوم الطبيب باستئجار منزل لفترة الصيف، ويخصص لزوجته سريرًا في غرفة كبيرة بالطابق الأعلى، مغطاه بورق حائط لونه أصفر. يقرر الطبيب لزوجته ضرورة التزام الراحة التامة ويمنعها تمامًا من القيام بأي عمل من أعمال الكتابة، وهى مهنتها المختارة. وتصف القصة تطور مشاعر الفرد المقعد المحبوس في هذه الغرفة، وهو ما يمثل في نفس الوقت ( واعتمادًا على كيفية النظر إلى المسألة) الهروب إلى الجنون واكتشاف خطورة سلامة العقل. لقد أخذ الورق الأصفر يتسلط بتزايد على تفكير المرأة، فنظرًا لأنها محرومة من أي صحبة ومن ممارسة أي نشاط فكرى لم يكن لديها أي شيء تفعله سوى النظر إلى الحائط وأخيرًا أصبحت مقتنعة أن هناك امرأة موجودة خلف ورق الحائط الأصفر تنتظر الخروج، امرأة تجوب أنحاء المنزل والحديقة مع ضوء القمر عندما يكون من الصعب على أى شخص أن يراها. وهكذا، ففي اليوم الأخير لهم في المنزل، وفي حالة من حالات الجنون، تقوم بنزع الورق عن الحائط حتى تتيح للمرأة الأخرى الخروج وتحررها من سجنها. ويأتي الزوج إلى المنزل، ويكتشف ما فعلته زوجته ويصاب بإغماء من جراء الصدمة وهو رد فعل لا يليق بطبيب وهنا تنتهي القصة.
وهكذا تقدم لنا قصة “ورق الحائط الأصفر” الدروس الأخلاقية التالية: لا تضع أمرأة مصابة بالاكتتاب بمرحلة ما بعد الولادة في حالة حبس انفرادي، وعليك أن تتجنب ورق حائط الأصفر قدر الامكان أوفي الواقع فإنني أعتقد أن القيمة الأخلاقية الحقيقية يوجزها لنا القول المأثور للكاتبة تيلى أولسن “أمرأة تكتب هي مناضلة من أجل الحياة” (7)، وهو القول الذي يمكن ترجمته في لغة الحياة اليومية بمعنى المرأة أن الامر الجيد بالنسبة لصحة المرأة هو انغماسها في الإنتاج بنشاط، وانغماسها في– وليس ابتعادها عن المجتمع وبقصة “ورق الحائط الأصفر ” نجد رسالة أخرى حول الأبواب إنها رسالة مركبة يمكن تبيانها على النحو التالي: أن الحمل وهو المساهمة البيولوجية والاجتماعية الخاصة للمرأة – ممكن أن يمثل مصدرا للعنف أو للقوة. ويعتمد ذلك على السياق الاجتماعي والطبي الذي يحدث خلاله الحمل والولادة وتربية الطفل أكثر من اعتماده على المرأة ذاتها.
ولكنني أعتقد أن أكثر الرسائل عمقًا في قصة “ورق الحائط الأصفر” ( تذكر أنها كتبت منذ ما يقرب من مائة عام) هي تلك الرسالة المتعلقة بذلك الطابع الفردي الذي یسم دائمًا مشكلات المرأة : إنها تلك المرأة الفردية التي واحد من كوارث القرن العشرين الكبرى، كما أنه يمثل كارثة تعانى من المشكلة؛ وحتى إذا ما كانت هناك العديد من النساء المنفردات يعانين من ذات المشكلة، فإن التفسير القائل بوجود خلل نفسي وليس خلل في البنية الاجتماعية هو التفسير الأكثر تفصيلاً و“هنا نحن لا نقف في مواجهة النزعة الفردية فحسب، وإنما أيضًا النزعة الطبية. إن إضفاء الطابع الطبي على التعاسة باعتبارها اكتئاب يعد كانت وما تزال ذات تأثير قوى على المرأة.
بعد صدور قصة ” ورق الحائط الأصفر“، قامت جيلمان بنشر كلمة حول القصة اعترفت فيها بأن القصة مستوحاة بشكل مباشر من تجربتها الخاصة (8) قالت أنها تزوجت في سن 27 سنة وبعد أن أصبحت أمًا لطفل عمره عامين شعرت بإحساس بعدم السعادة لفترة من الوقت، ولذا فقد ذهبت عام 1887 إلى طبيب مرموق متخصص في الأمراض العصبية، والذي أشار عليها بالبقاء في السرير ورسم لها قدرًا مماثلاً لقدر المرأة في القصة. لقد أخبرها هذا الرجل المرموق بألا تمسك بأي قلم أو فرشاة أو قلم رصاص مرة أخرى طوال حياتها. ولقد استمعت إلى نصيحته لمدة ثلاثة شهور، وشعرت بعدها بأنها ليست في حالة عقلية سليمة على الاطلاق. وبمساعدة إحدى صديقاتها، استطاعت أن تترك زوجها وتنتقل إلى كاليفورنيا حيث بنت لنفسها طريقًا في مجال الكتابة وقد أرسلت نسخة من كتاب ” ورق الحائط الأصفر ” إلى ذلك الطبيب المتخصص. وعلى الرغم من أنه لم يرسل لها ما يفيد استلامه للكتاب، فقد علمت بعد مرور سنوات أنه قال علانية أنه لم يكتف بقراءة القصة، بل قام أيضًا بتغيير أسلوبه في علاج الاكتئاب العصبي عند النساء. وأعتقد أن هناك ما يبرر لنا أن نخلص إلى وجود شيء جوهري حقيقي في التجربة الشخصية، وأن المرأة من خلال منظورها للصحة والمرض – يمكن أن تتحدى وجهات النظر الأخر بالمستقرة وتساهم في تغييرها.
القضية الأولى من بين القضايا الثلاث الملحة التي أشرت إليها سابقًا تحت عنوان المرأة والخدمات الصحية هي قضية الدور الاقتصادي للمرأة ومشاركتها في الإنتاج. وعندما نناقش مسألة عمالة المرأة، نشعر بأننا وقعنا في نقاش دائري يتسم بأبديته: هل عمالة المرأة تعتبر شيئًا جيدًا أم سيئًا؛ هل ينبغي أن تعمل المرأة الزوجة / الأم أم لا تعمل؟ ما هو أثر العمل على الصحة سواء بدنيًا أو عقليًا،أو ما هو أثر صحة المرأة ومرضها على العمل؟ لا يمكن تقديم إجابات عامة لهذه التساؤلات. ولكن يمكننا بسهولة أن نلاحظ بعض الملامح الهامة حول عمالة المرأة. ووفقًا لتقرير هيئة الأمم المتحدة الذى عادة ما يجرى الاقتباس منه، فإن المرأة تقوم بأداء ثلثى ساعات العمل بالعالم، وتحصل على عشر الدخل العالمي، وتمتلك أقل من واحد على مائة من الملكية في العالم ولنا أن نتخيل: هل يمكن أن تكون أي عمل مأجور تقوم به النساء أكثر ظلمًا؟ ونجد في البلدان المتخلفة أن الواقع الذي يقبع وراء الأسطورة القائلة بأن الذكر الصياد – المانح كان دائمًا يتعلق بالمرأة الصياد الجامع، هو أنها تدعم أسرتها من خلال عملها الزراعي المستقل. وما أن بدأت عملية تطوير التصنيع الحضرى، يبدو أنما حدث هو أن المرأة ظلت محبوسة في داخل اقتصاد الإعاشة، بينما أصبح الرجل منخرطًا في الاقتصاد المالي بالمدن، ومن هنا أخذ الطريق في الانحدار، وظهرت القاعدة التي تقول بأن عمل المرأة لا يمثل قيمة كبيرة.(9) ونجد في البلدان الصناعية اليوم أن النساء يكسبن حوالي 30 – 40% أقل مما يكسبه الرجل، وهو الأمر الذي لا يهم كثيرًا من زاوية ما إذا كان البلد رأسمالي أو اشتراكي الطابع – إن نفس نوع الفجوة في مجال الكسب قائمة (10) ويرجع ذلك إلى أن غالبية الهياكل السياسية تتجاهل سياسات عدم التمييز بين الجنسين، أو تميل إلى تعلق فكرة المساواة بين الجنسين عن طريق إمرار بعض القوانين الضعيفة التي تشير إلى عدم قانونية بعض أشكال معينة من التمييز الجنسي، أو تحض المرأة، المثقفة بالفعل بالعمل المنزلي، على الدخول إلى قوة العمل المأجور، وذلك لما فيه خيرها، هذا في حين أنها لاتتحدث بالفعل عن خير المرأة على الإطلاق.
إن المفارقة التي تتمثل في قيام المرأة بالعمل أكثر من الرجل فى حين تكسب أقل منه تأتى من المعنى المزدوج للعمل بالنسبة للمرأة: العمل داخل المنزل لتوفير الرعاية والحب، والعمل خارج المنزل من أجل المال؛ بمعنى الحفاظ على صحة الأسرة من خلال العمل المنزلي، أيضًا وعن طريق الحصول على مرتب. ونجد في بريطانيا، وغيرها من البلدان الصناعية، أن الأمر يتطلب وجود دخلين من أجل الحفاظ على الأسرة فى نفس المستوى المعيشي الذي كان يوفره دخل واحد من 20 سنة (11)، كما أن دخل الكثير من النساء العاملات يمثل مورد الرزق الوحيد لأطفالهن أو لأبائهن كبار السن. وفكرة أن غالبية النساء المتزوجات يعملن للحصول على مصروف جيب أو لمجرد الفرار من مساوىء عبودية المنزل هي فكرة لم ترتكز أبدًا على أسس حقيقية.
إنها أسطورة تكمن جذورها في التمييز على أساس الذكورة والأنوثة فى مجال العلوم الاجتماعية في مرحلة ما بعد الحرب، حيث وجد الباحثون ما أراد المزاج المهيمن للثقافة أن يجدوه، وتحديدًا القبول المتجانس الواضح لنموذج عدم المساواة في الحياة الأسرية. إن فكرة كسب رزق الأسرة عن طريق الرجل، مع وجود دخل المرأة كرفاهية زائدة ما تزال تمثل أساس ضرائب كثير من البلدان، فضلاً عن نظم التأمين القومي والاجتماعي. على الرغم من أن هذه الأمور كانت ترتكز على النظرة غير الحقيقية التي تنظر بها الطبقة الوسطى للعالم. وعلاوة على ذلك، فإن الأجور التي تدخل للأسرة تفترض مسبقًا تقسيمًا متساويًا للدخل دخل الأسرة. ولكن الواقع يقول أن الدخل نادرًا ما يجرى تقسيمه على نحو يتيح للمرأة أن تحصل على نصيبها الواجب (12). إن العلاقة بين تقسيم العمل داخل الأسرة وتقسيم العمل خارجها قد أججت من النقاش النظري. ماذا يقبع خلف ماذا يتسبب فيه، وهل هو دور المرأة في الإنتاج داخل الاقتصاد الرأسمالي الذي يحكم عليها بذلك الوضع الذي يتسم نسبيًا بعدم وجود ميزات، أو أنه دورها في العملية الإنجابية داخل الأسرة الأبوية هو الذي يفسر هذا التمييز المستمر؟ إننا نرى في كل مكان العلاقة المتبادلة بين نوعي التقسيم للعمل. يؤدى هذا لمحاولات مستمرة لإستنباط حلول وهمية ولا نجد أفضل من الحل الخاص بالعمل لبعض الوقت، التى قدمته عالمة الاجتماع الأمريكية أليس روسي منذ عدة سنوات، باعتباره الدواء الشافي لمشكلات الوضع الاجتماعي المتدني للمرأة. إن الوظيفة التي تشغلها المرأة لبعض الوقت تضفي طابعًا فرديًا على المشكلة، حيث توفر حالة من التحرر الشخصي في حين تؤدى في واقع الأمر إلى مزيد من الاستغلال ففى بريطانيا، نجد أن حوالي 40% من النساء العاملات يعملن فى وظائف لبعض الوقت. وهى النسبة التي تمثل زيادة 28% عن عام 1956، إن العمل لبعض الوقت يلعب دورًا كبيرًا فى الوضع المتدني لعمل المرأة وما تحصل عليه من أجر منخفض. ولا تتركز النساء فحسب بأعداد صغيرة فى الوظائف، وإنما أيضًا في الوظائف التي يحصل فيها الرجال والنساء على أجور منخفضة، إضافة إلى شمولها برعاية نقابية ضئيلة وبأجر ضئيل، وهو ما يعد” الحل” الذي أخذت تختاره أعداد كبيرة من النساء، وعادة ما يتم في ظل ظروف غير صحية.
إن الوظيفة مدفوعة الأجر قد لا تعنى تحقيق التحرر ولكنها في العالم الحديث تعد أساسًا هامًا للكرامة الذاتية واحترام الذات. كما أن المال الناجم عن هذه الوظيفة يمثل أهمية؛ ويصدق نفس القول أيضًا على نوع الانخراط في العلاقات الاجتماعية الذى توفره هذه الوظيفة هذا هو الجانب الإيجابي الذي نستقي البيانات المؤيدة له من مختلف الدراسات حول أسباب المرض في العمل، وحول العوامل الاجتماعية وراء الاكتئاب والضغوط الوظيفية. أما على الجانب السلبي، هناك اقتراح جيد، وإن كان غير مثبت بعد، يقول بأن المرأة إذا ما تبنت نماذج التوظيف الذكورية فإنها سوف تفقد الأفضلية التي لديها على الرجل في مجال فترة العمر المتوقعة والإصابة بمرض السرطان والوفيات الناجمة عن أمراض القلب – وهو نوع من الجزاء الأخلاقي للتحرر، وإعادة صياغة للفكرة الفيكتورية القديمة القائلة بأن الله سوف يعاقب أي امرأة تبعد عن سمات جنسها، وذلك بأن تقوم بعمل أي شيء بخلاف الجلوس أو الاستلقاء، وعقلها فارغ وعلى وجهها ابتسامة.
وبطبيعة الحال، ليس لدينا أى فكرة عما يمكن أن يحدث للرجل إذا ما تولى الاضطلاع بالعبء النمطي المزدوج الواقع على كاهل المرأة، والذى يتمثل في عملها المنزلي غير مدفوع الأجر وعملها غير المنزلي الذى تتقاضى عنه أجرًا زهيدًا. ربما في هذه الحالة تقل وفيات الرجال، أو ربما يعانون صحيًا نظرًا لعدم تأقلمهم مع هذا الدور. ونظرًا لأن الحوادث تمثل السبب الرئيسي للوفيات بين الشباب ومتوسطي العمر، يمكن القول بأن الرجال إذا ما إبتلو بما تبتلى به النساء فسوف يحدث تحول أكيد في أسباب الوفاة. إن ذلك يعد انعكاسًا لما تشتمل عليه الثقافة من نظرة تجعل من العمل المنزلى عملاً تافهًا وعندما نفكر في الحوادث المميتة فإن فكرنا يتجه بشكل تقليدي إلى تصادمات الطرق السريعة هذا في حين أن المطبخ – الذي يبدو أنه أكثر الأماكن أمنًا – هو المكان الذى ينبغي أن يتبادر إلى الذهن إنه المكان الذى ينبغي علينا جميعًا أن نتجنبه إذا ما كنا غير راغبين في الوفاة في حادث.
ومن بين الآثار القاسية للعمل المنزلي والتي تسبب آلامًا مزمنة، أن التداخل بين العمل المنزلي والحياة الأسرية قد أدى إلى التقليل من قيمة ما يحدث في المنزل من أجل تشكيل الأحداث الكبرى مثل الحياة والموت والأحداث العامة؛ أنها ببساطة ليست نفس الحالة عندما تدور الأحداث والعمليات التاريخية في ميدان الحياة العامة؛ هذه الحقيقة البديلة يتم إدراكها ضمنيًا عن طريق الإنشغال الشديد للنزعة الأبوية الذي تنامي غير المائة سنة الأخيرة، بشأن أثر الأم على صحة الأطفال. لقد تحملت المرأة مسئولية كل شيء سيء وكل شيء جيد يتعلق بالأطفال، إنه تأكيد لقوة المرأة التي خلق الرجل احتجاج حولها. وكما تؤثر الأم في الأطفال، فإنها تؤثر أيضًا في الكبار بأسلوب يجعل من المرأة مسئولة عن كل توافق مع، أو انحراف عن الأعراف التقليدية من الشذوذ الجنسي إلى الشيزوفرينيا؟ المرأة مسؤولة عن الخامة الرئيسية التي تشكل الرجال من قادة يوركشاير إلى رؤساء أمريكا، إلى قداسة البابا – نعم، حتى البابا لديه أمًا. إن هذا التثبيت الثقافي على قدرة المرأة على صيانة صحة الأطفال لم يرافقه أي درجة من درجات الاهتمام بأثر الأطفال على صحة المرأة. وبطبيعة الحال، فإن الأسئلة الثلاثة حول أهمية العمل التربوي لصحة المرأة، أهمية الأمومة بالنسبة لصحة المرأة، وأهمية الزواج لصحة المرأة – تعد أسئلة أساسية لا يمكننا إلا أن نقدم بشأنها إجابات جزئية حيث استعصت هذه الأسئلة على البحث الجاد لفترات طويلة.
إن موقع الحمل في حياة المرأة كان موضوعًا للنقاش بين النسويات مثله مثل المزاعم التي تطرحها هياكل السيطرة الأبوية والرأسمالية. ومن الصعب الإجابة على سؤال ما إذا كان الحمل جيدًا أم سيئًا لصحة المرأة؛ دون إيلاء الانتباه الواجب إلى السياق التاريخي المحدد الذي يحدث فيه؛ فمن الصعب الحديث عن الأمومة في أوروبا أو أمريكا الشمالية منذ خمسين عامًا أو في العالم الثالث اليوم، حيث وفيات الأمهات الناجمة عن الحمل كانت وما تزال في العالم الثالث وفاة لكل 250 ولادة وأن يقارن ذلك بسياق تندر فيه وفيات الأمهات في عصور أخري ودول أخري ونادرًا ما تسمع أن العلماء في مجال علم الأوبئة يغمغمون بأن عليهم أن يجدوا وسائل أخري غير إحصاء الوفيات من أجل قياس الحالة الصحية. ومع كل، فعند الحديث عن المخاطر التي تواجه الصحة البدنية واستمرار الحمل وإنجاب الأطفال، ينبغي علينا أن نتذكر دور الإجهاض، ووسائل منع الحمل، وعملية التعقيم. إن هذه الجوانب قد تجعل عملية الولادة أكثر أمانًا، ولكنها تحمل مخاطر متعلقة بها قد تؤدى إلى الوفاة، وهو الأمر الذى يجدر حسابه حتى يمكن الحصول على صورة كاملة بشأن تأثير العملية الإنجابية على صحة المرأة (12)
إن محاولة الإنجاب أو محاولة منعه تجعل المرأة أكثر مراضة من الرجل من زاوية استخدام المستشفي وغيرها من الخدمات الطبية ولكن السؤال الذي يثار هنا يتعلق بما إذا كانت عملية الحمل ذاتها تقع في إطار القواعد الطبية، وهل يسبب الحل أو الإنجاب مراضة حقيقية؟ و بايجاز، فكر أن تجرى معاملة الإنجاب باعتباره مرضًا، وهل هي فكرة جيدة؟ ولنأخذ الجزء الثانى من السؤال أولاً: مما لا شك فيه أن نهوض الرعاية الطبية الحديثة في مجال أمراض النساء قد صاحبها هبوط فى وفيات الأمهات الحوامل، ولكن (كما هي العادة في مثل هذه القضايا) هناك أدلة قليلة يمكن أن نعلق عليها الاعتقاد القائل بأن الرعاية الطبية للأم هى السبب وراء ذلك. لقد أثيرت هذه النقطة، منذ عدة سنوات عن طريق عالم بريطاني في مجال الأوبئة، حيث لاحظ أنه بينما انخفضت معدلات الوفيات في مرحلة ما قبل الولادة مع ارتفاع نسبة حالات الولادة في المستشفيات، فإنه يمكن تقديم الأرقام بصورة بديلة لتوضيح أن عملية الولادة تصبح أكثر أمانًا كلما قلت الفترة التي تمضيها الأم في المستشفى بعد الولادة (14).
وتصل نسبة الإشراف الطبي أثناء الحمل وعند الولادة ألى 100% في غالبية الدول الصناعية اليوم – بمعنى أن كافة النساء يحصلن علي رعاية في فترة ما قبل الولادة، وعلاوة على ذلك تفضل غالبية النسوة إجراء الولادة بالمستشفى. كما ارتفع معدل التدخل الطبي في عملية الولادة عبر العشرين سنة الأخيرة. ونجد فى بعض البلدان الأوروبية أن معدل الولادة القيصرية يزيد عن 20% الآن. كما أن الدلائل على فوائد الأدوات التكنولوجية الفردية في مجال أمراض النساء – مثل المسح بالموجات فوق الصوتية، وبعض الاختبارات بالأشعة في مرحلة ما قبل الولادة، والولادة القيصرية… وغير ذلك – ما تزال ملتبسة، وهناك عامل ليس له تفسير يتعلق بالسياسات التكنولوجية في مجال أمراض النساء، ويكمن في التنوع الضخم القائم بين البلدان وبين المناطق داخل البلدان، وحتى بين المستشفيات والممارسين الأفراد داخل نفس المنطقة. إن هذا التنوع يعد أكبر كثيرًا من أى تنوع “بيولوجي” بين مختلف النساء اللاتي لديهن أطفال رضع.
وربما تصعب علينا الإجابة من البيانات المتاحة عن الأسئلة الثلاثة التالية الخاصة بالإنجاب وصحة المرأة، يتحدد السؤال الأول على النحو التالي: ماذا كان يمكن أن يحدث لصحة الأمهات والأطفال حديثي الولادة إذا لم يكن التطور التكنولوجي في مجال أمراض النساء قد حدث؟ هل كان من الممكن أن تصبح الصحة أفضل مما هي عليه الآن؟ أما السؤال الثاني فهو كالتالي: ماذا يمكن أن يكون الأثر طويل المدى لهذا المستوى من الاستخدام العالي للتكنولوجيا على المرأة والأطفال؟ هناك بعض النتائج المترتبة على ذلك أن نشعر بها بالفعل: نجد على سبيل المثال، أن المعدلات التي يسجلها قسم الولادة القيصرية ترتفع هندسيًا، إذ أن ولادة قيصرية واحدة تصبح سببًا لولادة قيصرية أخري في الحمل التالي للمرأة. وبالنسبة للسؤال الثالث، والذي لا يمكن الإجابة عليها بسهولة مناشدة علم الأوبئة بشأن الولادة ( حتى وإن كانت مناشدة لعلم أوبئة مناسب خاص بالولادة)، فهو يكمن فى التالى: ماذا يقدم للمرأة التي تحمل أطفالها وتلدهم في إطار تلك البنية المغلقة من المراقبة الطبية؟ إنه ليصعب على المرأة الشعور بالسيطرة على جسدها ومصيرها خلال 16 رحلة إلى العيادة الخاصة بالرعاية في فترة ما قبل الولادة للخضوع للطقوس المرتبطة بالتعامل مع عدد من الأطباء على التعاقب، ولا يوجد أى منهم حاصل على تدريب خاص في فن الحديث إلى الوجوه أو في علم معرفة التفاعل القائم بين العقل والجسد، والرابطة بين سلامة العقل وكفاءة عنق الرحم، أو بين الثقة الانفعالية وتناسق الرحم.
إن القضايا المطروحة هنا تتعلق بالسيطرة والمسئولية التي تظهر مرة أخرى وأخرى عندما ننظر إلى صحة المرأة من الذي يسيطر على الأمور في هذه العملية – إنجاب طفل، والإصابة بمرض وتحديد التوازن النسبي بين العمل المنزلي والعمل الوظيفي؟ من المسئول عن نتيجة أي اختيار، وهل هو اختيار بالفعل، في الوقت الحاضر لا نجد عادة النساء اللاتي يسيطرن علي الأمور التي تؤثر علي صحتهن. ولا يبرز هذا الموقف فقط من خلال إضفاء الطابع الطفولي على المرأة باعتبارها غير قادرة على تحمل مسئولية نفسها. وينظر على نحو خاص للمرأة الحامل باعتبارها غير قادرة على اتخاذ القرارات المسئولة التي تتعلق بذاتها أو بجنينها. إن ما يدور حوله المؤتمر هو مقاومة الطابع المسيطر لصيغة الرعاية الصحية، والتي تطرح عدم قدرة المرأة على الاضطلاع بمسئولية صحتها ومرضها. إنها بالطبع مفارقة، فعلى الرغم من أن حياة المرأة تدور برمتها حول توفير سبل الصحة للآخرين، باعتبارها مقدمة لخدمات الرعاية الصحية الأساسية، فإن العرف يقضى بأن المرأة ليست سوى مريضة تحتاج لمن يسير حياتها.
وإذا ما عدنا إلى الأمومة، نجد هذه المفارقة قائمة بدرجة كبيرة. إن المرأة كأم تكتشف أن التزام الدولة بضرورة الإنجاب عادة ما يكون التزاماً اسميًا فحسب. فعند إجراء أی مسح بين الأمهات للخدمات المساعدة لرعاية الطفل، نجد في كثير من الأحيان أن متطلباتهن تفوق ما هو مقدم بالفعل. كما أن الدراسات الميدانية التي تجرى بشأن تقسيم العمل في المنزل ليست مقنعة فيما يتعلق بقضية استعداد الرجال للمشاركة في رعاية الأطفال، ففي حين يبدو أن الرجال يفعلون الكثير للأطفال، نجد أنهم قد اختاروا للجوانب الممتعة من رعاية الطفل، ونعني بذلك اللعب مع الأطفال الرضع مثلاً وليس تغيير حفاضاتهم، أو اللعب معهم حتى تتمكن الأم من إعداد الطعام، وإذا كان المزيد من هذا النشاط من جانب الآباء يُعد جيداً من أجل الصحة فيبقى السؤال مطروحاً جيد لصحة من ؟
إذن “يوجد هنا تناقض يكمن في قلب وضع المرأة: فمن ناحية المرأة لا تقدر على تحمل المسئولية، ومن ناحية أخرى تقع على عاتقها العديد من المسئوليات، المرأة لا تقدم على اتخاذ قرارات وعليها أن تقوم باتخاذ كافة القرارات. إن النساء في المنزل، كأمهات يتميزن بالقوة، ولكن الأمر ليس كذلك في الحياة العامة، إذ أن هناك دائماً علاقة بين القوة والمسئولية، كما أن الاضطلاع بالمسئولية يحتاج للقوة“. ولهذا، فمن الجوهري أن تقاوم النساء أى تشويه لمسئولياتهن سواء فى مجال الصحة أو في مجال الرعاية الصحية.
القضية الأخيرة من بين القضايا الثلاث التي استقيتها من قصة “ورق الحائط الأصفر” هي قضية إضفاء السمة الطبية على أحزان المرأة باعتبار أن الحزن يمثل مرضاً عقلياً.
فعلى الرغم من أن المرأة أكثر صحة من الرجل من الناحية البدنية، فإنهن يدفعن ثمن هذا التفوق من استقرارهن النفسي أي بمعنى أنه إذا ما نظر المرء إلى دخول المستشفيات النفسية، وإلى الوصفات الخاصة بالعقاقير، لوجد أن المرأة مهيمنة في هذا المجال على الرجل. وقد توجد تحيزات خفية في البيانات، ومن هنا يمكن القول بأن الرجال التعساء أو المرضى العقليين يجدون الرعاية من جانب النساء في المنزل وليس العكس، و/ أو أن السلوك الباحث عن المساعدة لدى النساء في مقابل نظيره لدى الرجال يقودهن إلى مزيد من الاستعداد للذهاب بتعاستهن إلى الطبيب. ومع كل، يبدو أن الرجال والنساء عندما يصابون بنفس الأعراض ويخبرون بها الطبيب الممارس العام، يكون الأكثر ترجيحًا أن يقدم الطبيب للنساء تشخيصًا نفسيًا (15) إن مفتاح هذه القضية الغامضة يمكن أن نجده في دراسة لسلوكيات الأطباء تجاه المرضى أجريت في بلدنا هذا في أعوام السبعينيات لقد كان مطلوبًا من الأطباء، خلال هذه الدراسة، أن يحددوا أنماط المرضى للذين يسببون لهم أقل المشاكل وأكثرها. وقد وجدت الدراسة أن نمط المريض الذي يسبب أقل قدر من المشاكل هو المريض الذكر الزكي والموظف والذي ينتمي للطبقة الوسطى، ويسهل علاج مرضه العضوي. أما المريض الذي يسبب قدر أكبر من المشاكل فهو المرأة التي لا تعمل ومن الطبقة الفقيرة وتوصف باعتبارها ” في حالة غير مناسبة“، وتشكو من أعراض المرض النفسى الذى يصعب أو يستحيل تشخیصه وعلاجه(16).
ومما سبق يمكن القول بأن التشخيص النفسي أو النفسي الزائف يجرى طرحه عندما يصبح الرجل عاجز عن فهم المشكلات التي تعانى منها المرأة فليس من قبيل المصادفة أن الموضوعين البيولوجيتين الأساسيين الذين يجعلا من المرأة مستغلقة على فهم الرجل وهما تحديدًا: الدورة الشهرية والولادة – قد ولدتا تشخيصات نفسية مثل التوتر الذي يسبق الدورة الشهرية أو الاكتئاب الذي يلى الولادة. ونظرًا لأن الدورة الشهرية والولادة يجعلان المرأة تشعر بالتعب فكافة النساء تعانى من الدورة الشهرية، و90% منهم يحملن ويلدن – فإن كثيرات منا سيبقين غير قادرات على الفعل في بعض الفترات. إن ما ينسب إلى النساء من أنهن فئة تتسم بعدم الاستقرار العقلي يعد من قبيل المغالطة إلى حد كبير، طالما يؤدى إلى الشك في قدرتهن على تحمل المسئولية. وإذا تحدثنا من الناحية التاريخية، نجد أن نشأة هذه التشخيصات الخاصة بأحزان المرأة كانت تسير جنبًا إلى جنب مع الإجحاف الثقافي المستمر ضد قدرة المرأة على تولى مسئولية المناصب العامة.
وبينما نجد أن المفاهيم الخاصة بالتوتر الذي يصاحب الدورة الشهرية والاكتئاب الذي يلي الولادة قد يكون لها معنى خاص فى سياق الخطاب الطبي ومن زاوية الهياكل التي تؤثر على صحة المرأة، فإن بعض النسوة يعانين بالفعل من مشكلات عند بداية الدورة الشهرية، والبعض الآخر يشعر بأحزان واكتئاب حقيقى بعد الولادة (17). كيف ندرك صحة المشكلة من الناحية الذاتية دون أن نضعها في قوالب مصطلحية تحول دون التبصر السياسي؟ وكيف يمكن أن نسميها بطريقة لا تجعل اهتمامنا مستمرًا لما تعانيه المشكلة فحسب وإنما أيضًا بمسبباتها وما الذي يمكن القيام به لمنعها على المستوي الاجتماعى وليس الشخصي فحسب؟
الصحة باعتبارها منتجًا اجتماعيًا
في مقال حول ” المهن التي تمارسها المرأة“، صادر عام 1931(18)، قامت فيرجنيا وولف بوصف عقبتي وجدت أن هناك ضرورة للتغلب عليهما في إطار تعلم كيف يصبح الإنسان كاتبًا. وعلى الرغم من أنها كانت تتحدث حول الكتابة، فإنني أعتقد أن ما قالته يمثل أهمية كبري بالنسبة للمرأة. قامت وولف أولاً بوصف الشبح الذي كان عليها مصارعته في كتابتها. لقد اختارت له اسمًا على غرار بطلة القصيدة المشهورة “الملاك فى المنزل” كان الملاك في المنزل هو امرأة مثالية شديدة العاطفة وجذابة إلى حد كبير، ومدجنة وغير أنانية على الإطلاق – وبإيجاز لم يكن لديها عقل أو رغبة خاصة بها. إن طيف المرأة كان يبرز من قلب كتابة وولف، يجردها من كل قواها، فيمنعها من كتابة ما كانت تريد كتابته وتعترف كثيرًا من النساء بأنهن يعانين من نفس المشكلة اليوم. فمن السهولة الإختباء خلف ذلك الدفاع المتمثل فى الأنوثة وارتداء قناع الابتسام وحب الغير، لإخفاء رفضنا أن نأخذ أنفسنا بجدية أما العقبة الثانية التي واجهت وولف وكانت تتعلق بشيء وثيق الصلة بهذا المؤتمر، ونعنى مشكلة قول الحقيقة حول خبرة الجسد. إن وولف ككاتبة قصة كانت تشعر أنها لم تتغلب على هذه المشكلة، كما لم تتغلب عليها أيضًا أي امرأة أخرى، وأن سلطة الرجل وتاريخه الذكوري كان يقف ضد قول مثل هذه الحقيقة.
إن الإقرار بأن الصحة تمثل منتجًا اجتماعيًا هو المهمة الأولى التي تواجه المرأة، إننا نحتاج لقول الحقيقة بشأن خبراتنا الذاتية. إن خبراتنا الذاتية تحدد صحتنا، سواء وضعتنا هذه الخبرات أو لم تضعنا في تماس مباشر مع الرعاية الطبية المهنية، وسواء أكانت الرعاية الطبية المهنية أو لمن تكن قادرة على الإمداد بأي شكل من أشكال العلاج الذي يجعلنا نشعر بتحسن.
إن عدم قول الحقيقة بشأن خبراتنا إنما يماثل الكذب بشأن هذه الخبرات والدلالات الاجتماعية للكذب، كما تذكرنا الكاتبة الأمريكية أدرين ريتش (19)، تكمن في أنها تجعل العالم يبدو أكثر بساطة ولكنه أكثر كآبة عما هو عليه بالفعل. إن الكذب يسلب قيمة الشرف بين البشر وإمكانية النمو التغير. إنه يدمر الثقة ويسيطر على التاريخ.
وهناك تحد آخر ينبع من قبول الصحة باعتبارها منتج اجتماعي، ويتمثل في أن المرأة تضطلع بدرجة أكبر من المسئولية بشأن صحتها وصنع القرار الخاص بالرعاية الصحية في المستقبل، حتى وإن كان ذلك يعنى جزئياً إبعاد هذه المسئولية عن المهنيين الطبيين. إن هذا يحدث بالفعل بشكل ما، مع نمو حركة المساعدة الذاتية في مجال الرعاية الصحية مع ما يكتنف هذه الحركة من بعض الاختلاط (20).
وأخيراً. أود أن أقول شيئًا يتعلق بمعنى أن يعترف نظام الرعاية الصحية بأن النساء لسن عرضة للمعاناة من بقايا العلاقة الاجتماعية غير المتساوية مع الرجال بشكل بسيط ولكنهن يشكلان في واقع الأمر مجموعة مضطهدة اجتماعيًا.
إن غالبية نظم الرعاية الطبية الحديثة، الممولة من الدولة أو التأمين الخاص، لم تحقق نجاحاً في مجال توزيع الرعاية الطبية على قدم المساواة لكافة السكان. إن الاضطهاد على أساس الطبقة أو العرق أو الجنس يمثل حقيقة سياسية تؤثر على الصحة والمرض والرعاية الطبية. ومع كل، فإن اضطهاد المرأة يعد متفرداً بين أشكال الاضطهاد الثلاثة، فمن قلب الاضطهاد الواقع على المرأة نتيجة دورها في العملية الإنجابية، ودورها كعاملة غير مدفوعة الأجر من أجل تحقيق رفاهية الأسرة، فضلاً عما تقدمه للرجل وللأطفال من دعم عاطفي نجدها تقوم بوظيفتها كحارس لصحة الأمة. إن كافة هذه الأنشطة، والتي لا يمكن تمييزها عن حقيقة كوننا نساء في ثقافتنا، تغلف وتحمل بين طياتها أسباب اعتدال صحة المرأة وعلى سبيل المثل، فإن نسبة عالية ممن المراضة لدى النساء تعتب ناجمة عن علاقات جنسية وأنا لا أعني الاغتصاب وعنف الأزواج فحسب، وإنما أعنى أيضًا بعض الأمراض مثل سرطان عنق الرحم، تلك الأمراض التي لا ترتبط فحسب بتاريخ المرأة الجنسي، وإنما ترتبط أيضًا بالميول الجنسية لدى الرجل الذي يعيش معها (21). ولكني أعود مرة أخري إلى الشبح في “ملاك في المنزل” إن التبعية العاطفية والسياسية والمالية لدور المرأة في تحقيق رفاهية الأسرة ربما يمثل عجزها وعجزنا – الكبير اليوم – وكون المرأة تحمل مشاكل مجتمعنا غير المحلولة الخاصة بالتبعية في العلاقات الإنسانية – بمعنى كيف يمكن أن نحب بعضنا البعض دون أن يؤثر ذلك على الاستقلال الذاتي لكل فرد منا – كونها تحمل هذا المأزق الثقافي، فإنها لا تحظى بأي مساعدة لتفهم مصالحها الخاصة، ناهيك عن وضع هذه المصالح بعين الاعتبار.
عندما قلت أن الصحة تعتمد على أساس أخلاقي لعلاقات اجتماعية جيدة، فإننى كنت أعني أنها محاولة مستحيلة من أجل النهوض بالصحة في مجتمع يتسم بوجود مجموعة اجتماعية تقع في موقع أدنى بالنسبة لمجموعة أخرى. إنها محاولة لبناء مجتمع صحى ارتكازاً على علاقات إنسانية غير صحية، بل واستغلالية. أما ما إذا كان الاستغلال موجه ويتخذ طابعًا أسطوريًا باسم الحب – شبح “ملاك في المنزل” في مقال وولف فهذه تمييع كامل للقضية. أن عادة التخلص من الأطفال الرضع الإناث اختفت من الثقافة المعاصرة، ومع ذلك فما يزال هناك جمل استعارية بشأن التخلص من المرأة. ومع استمرار التغاضي عن ذلك، أن يحدث أي تغيير راديكالي. وفي نفس الوقت فإن عدم التغاضى عنه يعنى مصارعة القضايا التي كنت أتناولها في النقاش: إضفاء الطابع الطبي على أحزان المرأة، وإضفاء الطابع الفردى على مشكلات المرأة، وإضفاء الطابع الطفولي على المرأة. إن طفلاً معزولاً وغير سعيد لا يشكل تهديدًا سياسيًا لأي فرد كان ولكن الطاقة السياسية لأي فرد بالغ وله نشاط اجتماعي مستعد لقبول الصراع والتناقض كجزء من الحياة، يعمل لها حسابًا لقوتها.
وربما تمثل هذه القضية أهمية أكبر الآن عن ذي قبل. فالكساد الاقتصادي مع اقترانه بأزمة السيولة والثقة في الطب الغربي يجعل من “المرأة” و“الصحة” كلمتين أساسيتين. وجزء كبير مما حصلت عليه المرأة من مكاسب عبر تحررها، معرض للتهديد نتيجة للأقوال الجديدة بشأن دعم الأسرة، والحاجة إلى قيام المجتمع برعاية أولئك الذين لا يقدرون على رعاية أنفسهم (رعاية المجتمع بصورة أخرى عمل النساء !)، والحاجة إلى النظرة مرة أخرى إلى التكلفة الاجتماعية لتحرير المرأة. إن كل الإجابات التقليدية هي الأرخص – بطبيعة الحال. فمن السهولة إخراج المرأة من سوق العمل والقول بصورة تقليدية أن إطعام الآخرين هو الدور الأفضل لها. ولكننا لا يمكن أن نقول بأن هذه الحلول تمثل ما ترغبه المرأة، أو ما هو في صالح صحة المرأة. وفي نفس الوقت، ومع سماعنا الإجابات القديمة مرة أخرى هناك إقرار صحي متنام من جانب الحكومة بشأن الحاجة إلى كبح جماح المهنيين في مجال السيطرة على حياة الناس. إن ذلك يوفر لنا الطريق حتى داخل القوالب النمطية السياسية المحافظة، من أجل تغيير العلاقة بالمرأة والرعاية الصحية.
إن كافة تلك القضايا المطروحة ليست قضايا يسيرة، وكلها تتطلب مواجهة الصراع الكامل للعلاقات الاجتماعية بين الناس والمهنيين، وبين الرجل والمرأة. وفي النهاية، فإننا جميعًا نواجه خطورة عند التحرك نحو مجتمع أكثر إنسانية، لا تنفصل فيه الصحة والمرض عن بقية خبراتنا، ويرتبط فيه الجسد بالبيئة، ويمكن من خلاله إدراك العقل والعاطفة باعتبارهما يشكلان أسلوب قيام الجسد بوظائفه. كما يواجه كل منا أيضًا خطورة في إدراك حدود العلم وتقديرها، وفي فهم التكنولوجيات الجديدة لعالمنا الشجاع إن ما نرغبه هو عالم جديد شجاع، وليس عالم قدیم میت، خال من الروح ومثير للإحباط. إن ما نرغب فيه هو عالم يضع في اعتباره تلك النساء اللاتي يطالبن بإحداث تغيير.
ملاحظة
تم تقديم هذه الورقة البحثية بداية كخطاب أساسي إلى مؤتمر منظمة الصحة العالمية / مجموعة تعليم الصحة، والذي كان يدور حول المرأة والصحة وعقد في مدينة ادينبورج في الفترة 25 – 27 مايو 1983. ونحن نعيد نشره هنا من واقع “مقالات حول المرأة والطب والصحة“، عام 1993، وبإذن من المؤلفة والناشر :
Edinburgh University Press, Ann Oakley
1- راجع
Oakly E 1981 Subject women Martin Robertson,
Oxford Chapter 3
2- راجع
Houd, S, Oakley A1983 Alternative Perinatal ser-
vices in the European region and North Americaa pi-
lot survey. WHO copehagen, unpublished.
3- راجع
Macguier J, 1960 Nursing; none is held in higher es-
Teem Careers of Professional women. Silverstone R
Ward A (eds). Croom Helm, London.
30.gl Jylaadljy l lalyall äll (4
Gleasyl áiyl jdly lil 1977.ain
1978. y
5- راجع
Elston MA, 1960. Medicine: half our future doctors
Careers of Professional women. Silverstone R Ward
A (eds). Croom Helm, London.
6- راجع
CilmanCp, 1902. The Yellow Wallpaper. The New
England Magazine reprinted in the Charlotte Perkins
Cilman Reader: The Yellow Wallpaper and Other
Fiction Women’s Press, London 1981.
7- راجع
Olsen T, 1980. Silen ces. Virago, London.
8- راجع
Climan CP, 1923. Why I Wrote The Yellow Wallpa-
Per The Forerunner, October. Reprinted in The Char-
Loote Perkins Climan Reader: The Yellow Wallpaper
And Other Ficton. Women’s Press, London, 1981.
9- راجع
Boulding E, 1977. Women in the twentieth Cent- ury World. Sage Publication, New York.
10- راجع
Nati Chiplin B, Sloane PJ, 1982. Tackling Discrimi
On at the Workplace. Cambridge University Press,
Cambridge.
11- راجع
Hamill L, 1978. Wivers as Sole and Joint Breadwi
Ners. Government Economic Service Working Papers
No. 13. HMSO, London.
12- راجع
Land H, 1980. The family wage. Feminist Review.
6:55-77
13- راجع
Beral V, 1979. Reproductive mortality. Brtish Med-
Ical Journal. (15 Septemper):632
14- راجع
Cocheane A, 197. Effectiveness and Efficienc Nuf-
Field Provincial Hospitals Trust, P. 64.
15- راجع
Shepherd M, Cooper B, Brown AC et al, 1966.
Psychiatric Illness in General Practice. Oxford Uni
Versity Press, London
16- راجع
Stimson GV, 1976. Gps, trouble and types of Ptient
Stacey M, (ed). The Sociology of the National
Health Service. Sociological Review Mono-
Graphs 22, University of Keele, Staffordshire.
17- وللأطلاع على مناقشة لهذا المأزق في علاقته بالتوتر الذي يسبق الدورة الشهرية، راجع
Laws S, 1983. The sexual Politics of Premenstrual
Tension. Women’s Studies International Forum, 6:19-51.
18- راجع
Woolf V, Professions for women. Reprinted in
Woolf V, 1979. Women and Writing. Woman’s press,
London
19- راجع
Rich A, Women and honor: some notes on lying. On
lies, Secrets, Silence. Virago, London
20- راجع
J Hirsch and Cited in Ruzek SB, 1979, The Women’s
Health Movement. Praeger, New York, P. 58
21- راجع
Robinson J, 1981 Cervical Cancer a feminist critique
Times Health Supplement. 5:16.