كيف ترين نفسك؟ مرايتي يا مرايتي

التصنيفات: أرشيف صحفي

بقلم:

كيف تشكل صورتنا عن أنفسنا ؟ كيف تتشكل صورتنا عن جسدنا ؟ هل تؤثر صورتنا عن أنفسنا على شكلنا؟ أم أن شكلنا يؤثر على تقديرنا لأنفسنا؟ وهل ثمة أهمية في أن يكون تقييمنا لأنفسنا جيدًا أساسًا؟ ولماذا نعنى بالعوامل التي قد تؤثر عليه؟

إن تقديرنا لأنفسنا ينعكس على كل ما نفكر فيه ونفعله ونقيمه في حياتنا. فالحلم بتسلق سور يرتبط ارتباطًا قويًا بنظرة المرء إلى نفسه هل يمكنني أن أتسلق هذا السور؟ هل أنا شجاعة بما يكفي؟ هل لياقتي البدنية ستمكنني من القيام بذلك؟ إذا كان المرء لا يقدر نفسه بشكل جيد أو على الأقل صحيح، فلن يجرؤ أساسًا على مجرد التفكير أو الحلم بتسلق السور. وكم من أسوار تواجهنا في حياتنا. فما الحياة إلا عقبات نتعثر أمامها ونقف من جديد لتواجهنا عقبة أخرى. وتقديرنا لأنفسنا عامل جوهري في إمكانية نجاحنا في التغلب على ما نواجهه في حياتنا من عقبات. والأهم من ذلك هو أن تبعات التقدير السلبي للنفس قد تصل أحيانًا إلى كره الذات والإضرار بها عمدًا دون وعي، وهو الأمر الذي قد ينعكس على صحة المرء فحسب، بل على المجتمع بأسره. فالناس تميل إلى لعب الأدوار الموكلة إليها، فإذا دأبنا على وصف أحدهم بأنه سارق، فسوف يسرق بالفعل. والآباء الذين ينعتون أطفالهم بالغباء يجعلونهم بالفعل أغبياء. والفتاة التي تنظر إلى نفسها على أنها بدينة، ستميل إلى الأكل بشراهة إلى أن تصبح بالفعل بدينة. إن الفكرة هي التي تحركنا لا العكس.

عودة إلى سؤالنا الأول: كيف تتشكل صورتنا عن أنفسنا وعن جسدنا؟ تشكل صورتنا عن أنفسنا على مدى السنين بدءًا من مرحلة الطفولة، فالعقل البشري يخزن كل المعلومات الواردة إليه دون القدرة على تحليلها على الأقل في سنوات الطفولة. وهكذا يخزن الطفل كل التعليقات السلبية والإيجابية التي توجه له. ويعتمد الأمر على حظه هل كان أبواه على قدر كاف من الوعى لمساعدته على خلق صورة سوية عن نفسه ؟ كيف كان زملاؤه يعاملونه في المدرسة؟ كيف كانت درجاته؟ هل كان بدينًا وهو طفل صغير ؟ إذا كان بدينًا، سيظل ينظر دائمًا إلى نفسه على أنه بدين بصرف النظر عن حقيقة الأمر أو غير ذلك من الرسائل التي قد تصل إليه وهو أكبر سنًا.

هل تؤثر صورتنا عن أنفسنا على صورتنا عن جسدنا؟ نعم، إذا كانت الفتاة تعتقد أنها بدينة على سبيل المثال، فإنها ستعمل دائمًا على ترسيخ هذا الاعتقاد، وستميل إلى الأكل بشراهة وعدم ممارسة الرياضة. وتبدأ الحلقة المفرغة. وإذا كانت جميلة، ولا تصدق ذلك، فإنها ستبدأ في التعامل مع الناس على أنها غير جميلة، وصدق أو لا تصدق، فإن الناس ستكف عن رؤية جمالها. فالناس ترانا كما نرى أنفسنا. هل قابلتن أحدًا من قبل وكان انطباعكن الأول أنه ليس وسيمًا في حين يعتقد هو أنه وسيم ثم وجدتن أنفسكن في آخر الأمر ترونه وسيما بالفعل؟

هل تؤثر صورتنا عن جسدنا أو جمالنا على تقديرنا لأنفسنا؟ بالطبع. في مجتمع يصّدر طوال الوقت، بداية من الشاطر حسن وست الحسن والجمال إلى الإعلانات والأفلام ونجوم السينما، فكرة أهمية المظهر الخارجي، فلابد أن يؤثر الشكل على تقييم المرء لنفسه. فالفتاة التي لا ترى نفسها جميلة لا تتوقع إعجاب الجنس الآخر بها، وقد لا تصدق حب الآخرين لها، وتظل دائمًا تتساءل: هل يحبونني فعلاً؟ هل أستحق هذا الحب؟ وقد يدفعها عدم التصديق إلى محاولة الحصول على إثباتات لا نهاية لها قد تدفع الطرف الآخر إلى بيع القضية فتعود وتقول: “لم يكن يحبني. قد صدق حدسيفي حين ن أنه كان يحبها بالفعل ولكنها دفعته إلى نبذها لإثبات قناعتها الداخلية، وبالطبع يرسخ الناتج إحساسها وتزداد المشكلة. مرة أخرى، إنها الدائرة المفرغة، وكل ذلك يحدث على مستوى اللاوعي.

السؤال الأخير: ما الحل؟ هل من خلاص من هذه الدائرة المفرغة؟ هل يمكن تصحيح صورة المرء عن نفسه؟ الإجابة: لا يوجد مستحيل. إنها عملية صعبة، فإن انطباعات سنوات التكوين لا تنمحي بسهولة. ولكن حياتنا بشكل صحي تستحق المحاولة. وفي ما يلي بعض الخطوات البسيطة:

أكتبي قائمة بكل ما تحبينه عن نفسك، سواء في شخصيتك أو شكلك أو مواهبك. حب النفس ليس أنانية كما كانت تقول لنا أمهاتنا في الطفولة، حب النفس خطوة أساسية لكي تحبي الآخرين ولكي يحبك الآخرون؛

غيري الأفكار السلبية إلى أفكار إيجابية بالتركيز على كل ما هو إيجابي وتجنب التفكير في الأمور السيئة التي تعرضت لها؛

الرياضة! الرياضة ستخلصك من الطاقة السلبية، وستحافظ على اللياقة بغض النظر عن الوزن؛ تذكري التعليقات الإيجابية التي قالها الناس عنك ودونيها؛

فكري بشكل نقدي في صورتك عن نفسك: هل هي فعلاً دقيقة؟

بالطبع قد تكون هناك بعض العيوب الحقيقية، غيري ما يستحق التغيير منها. والمعيار؟ أي كيف نعرف ما يجب تغييره، فكل شيء في نهاية الأمر نسبي؟ المعيار هو تغيير ما يسبب للآخرين الأذى.

تعلمي تقبل الأشياء الحقيقية عن نفسك. إذا كنت قبيحة (برغم تحفظي على الفكرة لعدم إيماني بالقبح)، تقبلي ذلك، وتعلمي أن المظهر ليس كل شيء. تعلمي تقبل أنفك الكبير. وتأكدي أن الناس لن تعبأ بأنفك إذا عكست عيناك نظرة إيجابية عن نفسك.

انظري إلى نفسك في المرأة بحب. انظري إلى ما خلف تفاصيل الوجه. انظري إلى الكائن الرقيق الذي لا يرغب إلا في أن يُحِب ويُحَب، وتذكري أننا جميعًا هذا الشخص.

وأخيرًا الحياة أبسط من كل هذه التعقيدات. إن نجاحك الحقيقي هو في تحقيق سلام مع نفسك والآخرين. لا يوجد شخص خال من العيوب، والحب الحقيقي هو تقبل الآخرين وبعيوبهم ومزاياهم، والمفتاح دائمًا هو حب النفس، أي تقبلها بعيوبها مع تقدير وتصديق مزاياها.

شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات