(2)
التغيرات المناخية من ريو… إلى كوبنهاجن
عقدت في الفترة من 7 إلى 18 ديسمبر الفائت قمة كوبنهاجن حول التغيرات المناخية
” وقد كانت الآمال معقودة على تلك القمة للخروج بالتزامات واضحة ومحددة لخفض الانبعاثات الحرارية، وكان حجم التوقعات المتفائلة بخروج العالم باتفاقية جديدة تحل محل بروتكول كيوتو عام 2012 قويًا وذلك في إطار الجهود التي بُذلت على مدار عامين منذ 2007، لكن الخيبات كانت كبيرة، وبات على العالم أن ينتظر عامًا آخر فى المكسيك فى محاولات يائسة للخروج باتفاق جديد.”
محطات التصدى للتغيرات المناخية
1 – قمة الأرض في ريو 1992
شهد العالم عام 1992 قمة الأرض التي عقدت أنذاك فى مدينة” ريو دي جانيرو” بالبرازيل، وقد خرجت تلك القمة بطموحات كبيرة حول العديد من القضايا البيئية آنذاك، حيث وضعت القمة منهاج للعمل حول قضايا البيئية والعديد من الالتزامات على دول العالم وبخاصة المتقدمة منها.
وقد عرف العالم آنذاك ما يسمى بأجندة القرن الـ التى وضعت العديد من القضايا البيئية على جدول الأولويات بالنسبة للدول المشاركة، وكان من بين أبرز القضايا التي وضعت على جدول الأعمال آنذاك قضية التغيرات المناخية والتي تجلت في العديد من المحاور التى جرى مناقشتها من بينها:
مظاهر التغيرات المناخية وجدت الهيئات الدولية المعنية بالمناخ ارتفاع وتيرة معدلات الانبعاثات الخاصة بغازات الدفيئة وفى هذا السياق تشير ما ذهبت إليه مؤخرًا الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن متوسط درجة حرارة سطح الأرض خلال المائة سنة الماضية (1906 – 2005) قد ارتفع بحوالي 0.74 درجة مئوية، مع زيادة الاحتراق فوق المناطق البرية بالمقارنة بالمحيطات. ومتوسط معدل الاحترار على مدى الخمسين عامًا الماضية بلغ حوالى ضعف معدله في المائة عام الماضية. فقد شهدت أواخر تسعينيات القرن الماضى وبداية أوائل القرن الحادى والعشرون أكثر السنوات احترارًا منذ أن بدأ وضع السجلات الحديثة.
ومن المتوقع زيادة الاحترار بحوالى 0.2 درجة مئوية في كل عقد من العثدين المقبلين وذلك طبقًا لطائفة من السيناريوهات التي لا تشمل تخفيضات متعمدة فى انبعاثات غازات الانحباس الحرارى التي تنبعث إلى الغلاف الجوى.
عواقب الاحترار العالمى من أكبر عواقب الاحترار العالمى ارتفاع مستوى سطح البحر فمستويات سطح البحر ارتفعت حوالي 17 سنيميترًا خلال القرن العشرين، وتشير عمليات الرصد الجيولوجية إلى أن ارتفاعها خلال الألفي سنة السابقة كان أقل بكثير.
وفي المناطق المعتدلة، انكمشت أنهار جليدية جبلية كثيرة، وقل عمومًا الغطاء الثلجي، وبخاصة في الربيع. وتناقض الحد الأقصى للأرض المتجمدة بنسبة تبلغ حوالي 7% فى نصف الكرة الأرضية الشمالي خلال النصف الأخير من القرن العشرين.
التنوع الإحيائي
رأى العديد من الخبراء أنه من المرجح أن نسبة تتراوح من 20 إلى 30 في المائة من الأنواع ستواجه زيادة في خطر انقراضها. ومن بين النظم الايكولوجية الأكبر عرضة للانقراض الشعاب المرجانية، والغابات الواقعة تحت القطب الشمالي، والموائل الجبلية والموائل التى تعتمد على مناخ البحر المتوسط.
هذا وقد خرجت قمة الأرض في 1992 بمجموعة من القرارت تم تضمينها أجندة القرن الـ 21 لعل من أهمها إلزام الدول المتقدمة بتقديم دعم مالي سنوي قدره 600 مليون دولار.
كما انبثق عن هذه القمة عدد من الاتفاقيات البيئية كان من بينها الاتفاقية الخاصة بالتغيرات المناخية ثم واكبها وضع بروتكول إضافي بمدينة كيوتو 1997.
وإزاء هذه المخاطر رأى المشاركون أنه لا بد من اتخاذ تدابير إضافية من جانب الحكومات لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى الرئيسية – وهي ثانى أكسيد الكربون، والميثان، وأكسيد النيتروجين وسداسي فلوريد الكبريت ومجموعتين من الغازات (هيدر وفلوروكربون والهيدر وكربونات المشبعة (per fluorocarbon). والتى يتوقع أن تزيد الانبعاثات المتولدة عن هذه الغازات زيادة كبيرة يمكن أن تؤدي إلى العديد من المخاطر وبخاصة أنه يشار إلى أن هذه الانبعاثات قد زادت إلى 70% في الفترة من 1970 حتى عام 2004.
عام 1997 شهدت مدينة” كيوتو” باليابان بروز إطار إضافي حول التغيرات المناخية أطلق عليه بروتكول كيوتو وضع هذا البروتكول عدد من الالتزمات من بينها:
– بالنسبة للمجموعة الأولى من الالتزامات فإنه يمكن القول أن البروتوكول يلزم الدول الموقعة عليه بقائمة محددة من الالتزمات لا يتم التفرقة بين الدول المتقدمة والدول النامية، فهي التزمات مشتركة تتكفل بتنفيذها كافة الأطراف المتعاقدة هذه الالتزمات هي:
قيام 28 دولة متقدمة بتخفيض انبعاثات الغازات المسببة للدفيئة وذلك بنسب تختلف من دولة لأخرى، وذلك خلال فترة زمنية محددة تبدأ في عام 2008 وتستمر حتى 1012. وبلغت نسبة التخفيض المقررة في حالة الاتحاد الأوروبي 8% أقل من مستوى 1990 فى حين بلغت هذه النسبة فى حالة الولايات المتحدة واليابان 7%، 6% على التوالى.
ولكن السؤال الذى يطرح نفسه هل جرى الالتزام بكيوتو؟
لشديد الأسف لم يتم الالتزام فيما يتعلق بالانبعاثات الحرارية ومستويات خفضها من قِبل الدول التي ورد ذكرها في اتفاق كيوتو بل على العكس زادت نسبة انبعاثات غازات الدفيئة إلى مستويات أعلى عن سابقتها حيث ارتفعت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون فى الولايات المتحدة ودول منظمة التعاون الاقتصادي من 11.5 مليار طن مترى عام 1990 إلى 13.4 مليار طن مترى عام 2009 (راجع د.حسين عبد الله، جريدة الشروق، عدد 309)، الأمر الذى ينذر بعواقب جمة، ومن ثم تداعت مرة أخرى الهيئات الدولية وكافة المعنيين بقضية المناخ في محاولة لوضع حد لهذه الانتهاكات المناخية وبالتالي عقدت العديد من اللقاءات الدولية كان آخرها جولة المفاوضات التى بدأت منذ 2007 لوضع اتفاقية إطارية جديدة يتوافق عليها دول العالم وكانت مدينة كوبنهاجن هي المحطة الاخيرة فى مسار تلك المفاوضات، فهل جاءت الرياح بما تشتهى سفن شعوب العالم؟
كان الأمل عنوانًا لمدينة“كوبنهاجن” عاصمة“الدنمارك” فى الفترة من 7 إلى 18 ديسمبر من خلال قمة جديدة تحت رعاية الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية، وذلك للخروج باتفاقية جديدة حول التغيرات المناخية بديلاً عن بروتكول“كيوتو” عام 1997 الذى سوف ينتهى العمل به في عام 2012، وقد أولت شعوب العالم قمة“كوبنهاجن” أهمية كبيرة حيث كان يؤمل منها أن تساعد في التخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري التى يتوقع أن تكون لها آثار كارثية على كوكب الكرة الأرضية إذا ما استمرت حدة انبعاثات غازات الدفيئة وعلى رأسها الكربون والميثان وأكسيد النيتروز وغازات الكربون الفلورية، كما كان يؤمل من القمة الجديدة بكوبنهاجن انضمام كافة بلدان العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة – التي امتنعت عن الانضمام لبروتكول كيوتو – إلى التوقيع على الاتفاقية الجديدة، والوصول بتلك الاتفاقية إلى صياغة تضمن التصدى الفعلى لانبعاثات غازات الدفيئة عن الحدود المسموح بها.
ولكن كيف مضى مسار كوبنهاجن، وما هى الإخفاقات والنجاحات التي واكبت هذا المسار؟
أولى تجليات الخيبة
ستة كيلو مترات تفصل بين” كليما فورم Kalimaforum” و” بيلا سنتر” ولكن الأمر شتان بين المكانين ليس فقط المسافة الفاصلة بينهما، لكن وهج الحضور الذي ساد” الكليما فورم” واستحال معه طقس“كوبنهاجن” البارد إلى ساحة من الدفء الإنساني، في مقابل واقع رمادی اتسمت به ساحة” البيلا سنتر” بحيث تحاصرك نقاط التفتيش وأنت تحاول المرور إلى دهاليز المكان، بينما باب” الكليما فورم” مفتوح على مصراعيه لكل من أراد الدخول.
فالكليما فورم هو تجمع الشعوب حول المناخ الذى ضم الحركات الاجتماعة والبيئية ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية التى تدافع عن قضايا البيئة والمناخ، بينما” البيلا سنتر” هو تجمع الحكومات والوفود الرسمية.
” الكليما فورم” من حقك المشاركة وطرح ما تريد من رسائل، بينما” البيلا سنتر” ليس من حقك سوى المشاهدة هذا إن استطعت الدخول حتى لو كان لك سبق التسجيل، ففى بعض الجلسات تحتاج لتسجيل إضافي وهكذا تمضى في متاهة لا تنتهي وأنت تتابع تلك السجالات التى تبدو فى كثير من الأحيان فارغة.
هذه المفارقة بين مكانين كانت أولى الخيبات التى عايشناها بكوبنهاجن، ولعل خيبات أخرى تتالت علينا كان من بينها الغياب العربي وبخاصة الرسمي شبه الكامل عن المشاركة في تجمع الشعوب في” الكليما فورم“، باستثناء بعض المنظمات العربية مثل شبكة حقوق الأرض والسكن، ومنتدى الحق فى المياه بالمنطقة العربية وإحدى الجمعيات البيئية السودانية وأيضًا المغربية كحزب الخضر المغربي، والذين كان لهم حضورًا قويًا في التجمع الخاص ببروتكول الشعوب حول التغيرات المناخية بالتعاون مع الكثير من المناضلين في مجال البيئية والمناخ من بلدان الجنوب المختلفة مثل كينيا، أثيوبيا، زيمبابوى، الفلبين، بالإضافة لشركاء آخرين من بلدان أوربية مختلفة.
وكانت إحدى المصادفات أن التقينا أحد المؤسسات العربية البيئية غير الحكومية بأحد شوارع كوبنهاجن وعندما دعوناهم للمشاركة في” الكليما فورم” ردوا علينا بابتسامة عابرة سنحاول المجئ لكن للأسف لم يشاركنا أحد.
وعلى الرغم من فعاليات تجمع الشعوب في” الكليما فورم” التى شهدت نقاشات على محاور متعددة وعلى مدار ما يقرب من 250 جلسة شارك فيها ما يقارب الـ 2500 متحدث ناهيك عن آلاف آخرين كانت لهم مساهمات فى تناول العديد من القضايا البيئية والمناخية كان من الممكن عرض العديد من القضايا التي ستتعرض لها منطقتنا بفعل التغيرات المناخية مثل مصر، تونس، المغرب … إلخ، ولكن الوفود العربية كعادتها كانت غائبة.
وأثناء مناقشة الإعلان الخاص بالشعوب على الرغم من الحضور القليل لمنظمات المجتمع المدني العربي والتي لم تتجاوز المنظمات التي سبق الإشارة إليها فقد كانت هناك العديد من الإسهامات الخاصة بصياغة هذا الإعلان والذى ندعو كافة المهمومين بالقضايا الإنسانية وفي القلب منها قضايا البيئة والمناخ إلى التوقيع عليه عبر موقع” كليما فورم www.klimaforum09.org“
ومن بين الخيبات أننا لم نلحظ وجودا للفضائيات العربية فى تغطية فعاليات تجمع الشعوب في حين تركز وجودها في منطقة” البيلا سنتر” حيث تجمع الحكومات.
حتى وأثناء المسيرة التي دعى إليها تجمع الشعوب والتي انطلقت في الساعة الواحدة يوم السبت من أمام مبنى البرلمان الدانماركى وحتى” البيلا سنتر” واستغرقت قرابة الخمس ساعات وشارك فيها ما يزيد عن 30 ألف مشارك من كل بلدان العالم غابت عنها الفضائيات العربية، فى الوقت الذي ازدانت فيه المسافة التي قطعتها المسيرة بكل صور البهجة من غناء وهتافات صدحت بها حناجر المشاركين والتي كانت تطالب بالعدالة المناخية، وأنه ليس لدينا كوكب آخر، والمطالبة بالوقوف جميعًا ضد سموم انبعاثات الراسمالية. هذا الكرنفال الجمالي والنضالي والذي افتتح فعالياته العديد من المناضلين في مجال البيئة والمناخ من بينهم الهندية” فاندانا شيفا” وغيرها والذين كانت رسالتهم الأساسية” غيروا النظام الرأسمالي… لا تغيروا المناخ“.
هذه القضايا كان ما أحوجنا إليها ولكن ارتضينا لأنفسنا حصر دورنا فى تجمع الحكومات والنتيجة جاءت على لسان الأمين العام لجامعة الدول العربية فى تبريره لإخفاقات كوبنهاجن الرسمية بإن الوقت غير كافٍ. وإذا كانت تلك بعض الخيبات فيما يخص الواقع العربي فإن مسار كوبنهاجن بين طموحات الشعوب وخيبات الحكومات في إنجاز اتفاق حول قضايا المناخ كان هو الإخفاق الأكبر.
الخيبة الكبرى بين تفاؤل الشعوب وخيبات الحكومات
بين خيبة الحكومات وطموحات الشعوب شهدت كوبنهاجن فعاليتين متوازيتين إحداهما خاصة بالشعوب والأخرى بالحكومات وقد جرت وقائع الفعاليتين بعيدًا عن بعضهما بستة كيلو مترات، وقد جاءت طموحات الشعوب عبر العديد من النقاشات والتوصيات والتى توجت بصدور الإعلان الختامي الصادر عن منتدى الشعوب والذي جاء عنوانه” غيروا النظام الرأسمالي .. وليس تغيير المناخ“
والذي جاء في ديباجته الاستناد إلى مجموعة من المبادئ الأساسية التى تضمن الحق في الحياة
الانتقال من مجتمعاتنا إلى شكل من شأنها أن تضمن حقوق الحياة والكرامة لجميع الناس وأن هذا التحول يجب أن يكون استنادًا إلى مبادئ التضامن وعدم التمييز، والمساواة بين الجنسين والإنصاف والاستدامة والاعتراف بأننا جزء من الطبيعة وضرورة التزام جميع الدول باحترام حقوق الإنسان في كل مكان في العالم، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة.
ومن بين التحديات التي يراها الإعلان هي أن تركيز غازات الدفيئة فى الغلاف الجوى قد زادت إلى مستويات عالية الخطورة بسرعة أكبر في السنوات الـ 50 الماضية من أي وقت مضى على الأرض، وسوف ترتفع بشكل أسرع في السنوات المقبلة.
أيضًا من بين التحديات أن الخلل في النظام المناخي يؤدي إلى زيادة حالات التطرف، وعلى نحو أكثر تواترًا من الحرارة وهطول الأمطار، والمزيد من أنماط الأعاصير المدارية، والفيضانات والجفاف الشديد. وفقدان التنوع البيولوجي، والانهيارات الأرضية، وارتفاع مستويات سطح البحر، ونقص مياه الشرب، تدهور الأراضي الزراعية، وانخفاض الإنتاج الزراعي، والخسائر في الثروة الحيوانية وانقراض النظم الإيكولوجية، وتناقص الثروة السمكية، ومن بين الظواهر الأخرى حدوث المزيد من الأزمات الغذائية، والمجاعة، المرض، والموت، والتشريد، وانقراض طرق مستدامة للحياة. بالإضافة إلى إدخال الكائنات الحية المحورة جينيًا (وراثيًا)، الزراعة الأحادية، والصناعية التى تشكل تهديدًا خطيرًا للاستقرار وتنوع النظم الإيكولوجية والتى تلقى تشجيعًا ورواجًا من الشركات عابرة القوميات فى مقابل تهميش وإفقار صغار المزارعين، وتقويض السيادة الغذائية.
هذه التأثيرات الناجمة عن تغير المناخ تدفع بالمزيد من التفاوت الاجتماعي وتدمير حياة الملايين من الناس.
السبب المباشر والأساسي لتغير المناخ هو الانبعاثات التى لم يسبق لها مثيل من غازات الدفيئة في الغلاف الجوي والتي مصدرها زيادة حرق الوقود الأحفوري للأنشطة الصناعية والتجارية والنقل وأغراض عسكرية.
من بين الحلول التي يطرحها الإعلان لمواجهة مشكلة التغيرات المناخية
– انتقال عادل ومستدام
فمن الواضح أن حل أزمة المناخ يتطلب تحولات بعيدة المدى، والتي يجري حاليًا استبعادها من جدول أعمال واضعي السياسات في الحكومات والمؤسسات المتعددة الأطراف.
حيث أن الشعوب تحتضن عددًا من الرؤى البديلة للمجتمع والخطوات الملموسة التي من بينها:
– السيادة الغذائية والزراعة البيئية:
حيث أنه للحفاظ على حقوق الناس، يجب صون أنظمتها الإنتاجية الخاصة، بما في ذلك الزراعة وصيد الأسماك، والأغذية، والغابات، والسياسات المتعلقة بالأراضي بيئيًا واجتماعيًا، اقتصاديًا، وثقافيًا، وملائمة لظروف الناس، وخاصة المرأة.
– أيضًا الوصول إلى السيطرة على الموارد الإنتاجية مثل الأرض والبذور والمياه والتي يجب أن تكون محترمة ومضمونة، كما يجب أن تعتمد أساسًا على المعارف والتكنولوجيا المستدامة بيئيًا وأن يكون الإنتاج الزراعي موجهًا أساسًا نحو تلبية الاحتياجات المحلية، وتشجيع الاكتفاء الذاتي، وتشجيع العمالة المحلية، وتقليل استخدام الموارد والنفايات وانبعاثات غازات الدفيئة في هذه العملية.
الديمقراطية والسيطرة على الاقتصاد:
إن الديمقراطية يتأكد معناها الحقيقي من خلال إعادة تنظيم المجتمع والوحدات الإنتاجية باتجاه أكثر ديمقراطية من أشكال الملكية والإدارة الحالية، بما يعمل على تلبية الحاجات الأساسية للناس، مثل خلق فرص العمل، والحصول على المياه، والسكن والأرض، والرعاية الصحية، والتعليم، والسيادة الغذائية، والاستدامة البيئية. كما أن هذه الديمقراطية تتأكد من خلال الإصحاح المالي بحيث يخدم المصلحة العامة بشكل أساسي وليس حصره على المصالح الخاصة.
التخطيط البيئي للمناطق الحضرية والريفية: إن الهدف هو تخفيض جذري في مدخلات الطاقة والموارد ونواتج النفايات والتلوث، من خلال الاستناد إلى الاحتياجات الأساسية للمواطنين التي تتحقق بواسطة التخطيط الحضري والريفي المبني على العدالة الاجتماعية والمساواة في الخدمة للجميع، وتقليل الحاجة إلى النقل. وتشجيع الجمهور إلى وسائل نقل أخرى كطرق نقل السكك الحديدية ونظم الدراجات، وتقليل الحاجة بالنسبة للسيارات الخاصة، وبالتالي تقليل الزحام على الطرق، وتحسين الصحة وخفض استهلاك الطاقة.
التعليم لتلبية احتياجات الناس والبيئة، بدلاً من التحيز الحالي لتطوير الملكية تجاريًا بهدف الربح، في الوقت الذي يجب فيه أن تكون بحوث التنمية في المقام الأول مفتوحة وتعاونية في المسعى المشترك لمصلحة البشرية.
– أيضًا القضاء على براءات الاختراع على الأفكار والتكنولوجيا بحيث تكون أكثر عدالة وإنصافًا.
– العمل على إنهاء الحروب وعسكرة العالم.
– مسارات الانتقال
– التخلص من الوقود الأحفوري
حيث يدعو الإعلان إلى وضع استراتيجية واضحة لتفكيك عصر الوقود الأحفوري في غضون الـ 30 سنة القادمة، والتي يجب أن يتضمن معالم محددة من خلال وقف فوري لانبعاثات غازات الدفئنة في البلدان الصناعية بنسبة لا تقل عن 40% بالمقارنة بمستويات عام 1990.
-
الجبر والتعويض عن ديون الجرائم المناخية:
إننا نطالب بتعويض دول الجنوب وتلك الفقيرة من الولايات الشمالية، من خلال وضع استراتيجية للتعويض عن التصنيع غير المنصف، وتجارة الرقيق عبر الأطلسي، الحقبة الاستعمارية، والغزوات والتى فاقمت من أزمة المناخ.
– فرض حظر فوري على الصعيد العالمي لإزالة الغابات والبدء المتوازي فى زراعة الأنواع الأصلية والمتنوعة الشعوب والمجتمعات المعتمدة على الغابات، وفرض حظر على أساليب الصيد والصناعة الجائرة، بالإضافة إلى فرض حظر على الاستيلاء على الأراضي من جانب المصالح الأجنبية.
– المعارضة القوية للبحوث الموجهة نحو تكنولوجيا السوق والحلول التي طرحتها العديد من الشركات والحكومات والمنظمات الدولية والمؤسسات المالية والتى تشمل الطاقة النووية والصناعات الزراعية والوقود، واحتجاز الكربون وتخزينه.
– فرض ضريبة منصفة على إنبعاثات الكربون بدلاً من نظام الحصص القابل للتداول
– ديمقراطية المؤسسات الاقتصادية والمالية مثل منظمة التجارة العالمية، والبنك الدولي، صندوق النقد الدولي، وبنوك التنمية الإقليمية، والمؤسسات المانحة.
النضال من أجل حركة عالمية ومستقبل مستدام
إلى ذلك يطالب الإعلان بالعمل على الدفع قدمًا باتجاه حركة عالمية من أجل الانتقال المستدام بيئيًا بغض النظر عن نتائج مؤتمر قمة كوبنهاجن بشأن تغير المناخ، حيث هناك حاجة ملحة لبناء حركة عالمية مكرسة لمهمة طويلة الأمد لتعزيز الانتقال المستدام لمجتمعاتنا. خلافًا لهياكل السلطة السائدة، هذه الحركة يجب أن تنمو من الأسفل والأعلى. حيث أن ما نحتاج إليه هو قيام تحالف واسع للبيئة، والحركات الاجتماعية، ونقابات العمال، والمزارعين، والمجتمعات المدنية، والأحزاب الأخرى التي يمكن أن نعمل معًا في النضال السياسي اليومي على المستوى المحلي وكذلك على الصعيدين الوطني والدولي مثل هذا التحالف ينطوي في الوقت نفسه على خلق عقلية جديدة وأنواع جديدة من الأنشطة الاجتماعية وأن تكون قادرة ليس فقط على رد فعل الممارسات غير المستدامة ولكن أيضًا تبين كيف يمكن لاقتصاد جديد مستدام يمكن تطبيقه في الواقع.
نحن جميعًا ملتزمون للبناء على النتائج التي تحققت في هذا الحدث من أجل المزيد من تطوير حركة عالمية قادرة على مجابهة تحديات هذا النظام الجائر، والعمل معًا من أجل مستقبل أكثر استدامة الحركات.
قمة الحكومات واجترار الفشل
على الجانب الآخر فشلت قمة كوبنهاجن على مستوى الحكومات فى عدم الخروج باتفاق ملزم لدول العالم، وكان الفشل الأكبر هو ضياع جهود عامين متصلين من المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة وانعكاس هذا الفشل على تكريس المزيد من الهزال لتلك المنظمة، وقد كان إعلان الساعات الأخيرة – بعد اجتماع ضم رئيس الولايات المتحدة ورئيس وزراء الصين فى اليوم الأخير لماراثون القمة – ليس إلا محاولة التفاف على الخروج من صيغة ملزمة وبخاصة للولايات المتحدة والصين أكبر دولتين تلويثًا للعالم.
وقد خرج المدير التنفيذى للاتفاقية الإطارية لتغير المناخ فى الأمم المتحدة – راجع حبيب معلوف جريدة السفير اللبنانية، بتاريخ الثلاثاء 22 ديسمبر 2009 – لبدارى تلك الخيبة باعتبار أن مجرد مشاركة رؤساء الدول في تلك القمة هو خطوة يجب تقديرها.
وقد جاء الإعلان السياسي غير ملزم لأحد، حتى فيما يتعلق بمبلغ الـ 30 مليار دولار التي تضمنها هذا الإعلان للسنوات الثلاث القادمة، وتزيد إلى 100 مليار دولار حتى عام 2020 على أن توضع هذه الأموال ضمن ما أطلق عليه صندوق كوبنهاجن الأخضر للمناخ، ولكن ليس هناك أي التزامات فيما يتعلق بالحد من الانبعاثات وكأن هذه المليارات بمثابة رشوة للمزيد من التلويث هذا ناهيك عما إذا تم الإلتزام بدفع هذه المبالغ من الأصل، ولنا فى مقررات أجندة القرن الـ 21 عبرة.
وللأسف فقد خرج الإعلان مزيلاً بموافقة الدول الكبيرة والصغيرة باستثناء بعض الدول التي رفضت هذه الإعلان وهم فنزويلا، نيكارجوا، كوبا، كولومبيا، السودان.