المنهجيات والمنظومات والمصادر
لدراسة النساء والثقافات الإسلامية
المداخلات في الأفرع المعرفية
التاريخ
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
المقدمة
تواكبت الكتابات في الغرب الناطق باللغة الإنجليزية عن تاريخ النساء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع التغيرات التي حدثت في مجالات الدراسات التاريخية ودراسات الشرق الأوسط والدراسات الإسلامية أثناء فترة السبعينات. فقد شهد هذا العقد المجموعات الأولى من الكتابات التي اتخذت من النساء موضوعًا لها وأيضًا من المقالات المنشورة في الدوريات التي ركزت على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية لحياة النساء وعلى المشكلات المتصلة بإنشاء تأريخ للنساء.
ولقد مكنت مجموعة من العوامل لظهور تاريخ نساء الشرق الأوسط/ تاريخ النساء الإسلامي كمجال متماسك، من ضمنها نشر كتاب الاستشراق لإدوارد سعيد، واعتناق جيل من العلماء في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا التاريخ الاجتماعي وهم ممن بلغوا النضج أثناء فترة مناهضة الحرب والنضال من أجل الحقوق المدنية وحقوق النساء في الستينات والسبعينات. ومن ضمن العوامل أيضًا ظهور ما أطلق عليه الموجة الثانية من الحركة النسوية والنظرية النسوية ومنهجياتها، بالإضافة إلى ظهور ما بعد البنيوية وتحديها للتاريخ على مستوى إبستمولوجي معرفي.
إن كتاب الاستشراق من تأليف إدوارد سعيد، والذي صدر في عام ۱۹۷۸م، تحدى المنظومة السائدة في دراسة الشرق الأوسط والشرق بصورة عامة. ففي هذا الكتاب يستند سعيد على نظرية الخطاب لدى ميشيل فوكو، مؤكدا أن الاستشراق هو “فرع معرفي منظم استخدمته الثقافة الأوروبية لإدارة – بل ولإنتاج – الشرق سياسيًا واجتماعيًا وعسكريًا وأيديولوجيًا وعلميًا، بل وحتى لإنتاجه في المخيلات، وذلك خلال فترة ما بعد التنوير” (Edward Said, Orientalism 1978, 3). ويوضح إدوارد سعيد أن أساليب تصوير المستشرقين للمجتمعات الشرقية تعتمد على ثنائية الذات والآخر والتي تحتل فيها الذات الأوروبية مكانة أسمى من الآخر الشرقي. ولقد انتقد سعيد طريقة تصوير المستشرقين للشرق على أنه خارج نطاقي الزمن والتاريخ. وهذا الرأي في حقيقة الأمر يرجع جزئيًا إلى التصور النابع من المعرفة المثالية للاستشراق القائل بأنه يمكن معرفة المجتمعات الإسلامية على اختلاف أماكنها وأزمنتها عن طريق النصوص. وقد أسفر هذا الأسلوب في إنتاج المعرفة عن الشرق عن تصوير الإسلام كديانة وحضارة باعتباره كتلة موحدة وأنه غير قابل للتغيير. كما انتقد إدوارد سعيد أيضًا المنهجية والمصادر التي استخدمها الباحثون المستشرقون معتبرًا أنها غير ملائمة. وتتألف هذه المصادر أساسًا من مجموعة من النصوص تشمل القرآن والحديث وبعض التعليقات على النصوص المقدسة، بالإضافة إلى بعض الكتابات في الدين والفقه وبعض التراجم مثل التراجم الخاصة بالرسول (ص). وهكذا يتضح أن الدراسات الاستشراقيه قد اعتمدت أساسًا على اكتشاف وتفسير هذه النصوص وترجمتها إلى اللغات الغربية. ولقد حالت المعرفة المثالية للاستشراق والتدريب الذي تلقاه علماؤه دون ظهور مقاربة “حديثة” في دراسات الشرق الأوسط تجاه التاريخ والسياسة والعلم وغيرها من الأفرع المعرفية. وغالبًا ما اتسم المتخصصون في دراسات الشرق الأوسط بالعزلة عن زملائهم ممن يدرسون مناطق أخرى من العالم، كما كانوا أيضًا أكثر بطئاً في تبني أساليب بحثية جديدة في مجالاتهم المعرفية. ولكن قراءة إدوارد سعيد النقدية للمستشرقين قامت بتحرير مجال دراسات الشرق الأوسط من مثالية هيجيل، كما سمحت أيضًا للمؤرخين بتبني المنهجية التاريخانية (historicism). ولقد تمكن المؤرخون باستخدام أساليب التجربة التحليلية من التركيز على الحياة الاجتماعية والاقتصادية لمن يقومون بدراساتهم، ومن الكشف عن مصادر ملائمة لأبحاثهم واستخداماتها. كما أكد إدوارد سعيد في كتابه على الحاجة إلى دراسة الإمبريالية من الناحية التاريخية، وضرورة أن تقوم الشعوب التي كانت خاضعة للاستعمار في الشرق الأوسط والعالم أجمع بتمثيل أنفسها عن طريق إنتاج سردياتها التاريخية بنفسها.
ظهور تاريخ النساء
تزامن نشر كتاب إدوارد سعيد الاستشراق مع مجموعة من الأحداث الهامة، منها بلوغ جبل أصغر من العلماء إلى مرحلة النضج وهم علماء تلقوا تدريبهم أثناء فترة انقلابات اجتماعية وتحولات ثقافية بسبب الحركة ضد حرب الولايات المتحدة في فيتنام، الحركة الطلابية والعمالية، وبسبب الحركة الناشئة للدفاع عن حقوق النساء ضمن الموجه الثانية من الحركة النسوية، وكذلك الوضوح المتزايد الصراع السياسي والاجتماعي في الشرق الأوسط. لقد تحدى المؤرخون الاجتماعيون رجالاً ونساءً، فكرة أن النخبة السياسية هي التي تصنع التاريخ واقترحوا بدلاً من ذلك فكرة تاريخ يقوم فيه من كانوا فيما مضى من المهمشين، من الفلاحين والعمال والنساء، بلعب دور فاعل في التغير التاريخي.
وقد خلقت هذه التطورات مساحة لتاريخ النساء الذي أخذ يتحول سريعًا إلى مجال قائم بذاته في التاريخ. وبدأت النظرية والمنهجية النسوية في الظهور تحت قيادة مؤرخات ومؤرخين من الولايات المتحدة ونساء أوروبيات، فسعت كل من النظرية والمنهجية إلى تحقيق هدفين: الأول هو إعادة النساء إلى التاريخ، والثاني هو الكشف عن مصادر تبعية النساء. والنسوية كما ظهرت في الغرب لم تقتصر فقط على النظرية والمنهجية وإنما كانت أيضًا فرعًا من علم المعرفة، وحركة سياسية تسعى إلى تحقيق الإنصاف والعدالة للنساء.
ما بعد البنيوية وما بعد الحداثة
وبوجه عام، تأثر تاريخ النساء والدراسات النسائية بالنظريات المعروفة باسم ما بعد الحداثة، وهي النظريات التي تتحدى أساليب التعميم والتفكير الجوهري والاختزالي. وكان تأثير ذلك في مجال دراسات الشرق الأوسط هو تأكيد صحة نقد إدوارد سعيد للاستشراق، مما جعل علماء المجتمعات غير الغربية أكثر وعيًا بالصلة بين المعرفة والسلطة وبطريقة صياغة المعرفة وخصوصًا معرفة الآخر. ولأن ما بعد البنيوية تعترض على نظم المعرفة التي تقوم على التعميم، فقد حثت العلماء في المجالات المتنوعة على البحث عن المحلي والخاص وعلى التركيز على التجارب والسرديات الشخصية. ولهذا فإن مناخ ما بعد الحداثة، الذي لا يرحب عادة بالتصنيفات القائمة على فئات جوهرية مثل الجندر والنساء، كان أكثر تقبلاً من الناحية النظرية للدراسات التي ركزت على الحياة اليومية للنساء التي قام بها مؤرخون ومؤرخات اجتماعيون، وكذلك على دراسات المهتمين بالباحثين والباحثات في الجندر والتي حاولوا فيها الكشف عن عدم توازن علاقات القوى والسلطة في العلاقات الاجتماعية.
وداخل الدراسات النسائية أثار تحدي ما بعد البنيوية للتصنيفات المعممة، مثل “المرأة“، نقاشًا حول اتجاه التخصص وأيضًا حول المشروع السياسي النسوي. ولكن لم يتم التوصل إلي حل للقضايا التي أثارت هذا النقاش. فمن ناحية كانت هناك محاولات للتنظير بشأن وجود صلة بين ما بعد البنيوية ودراسات الجندر بما يسمح للدراسات النسائية بدمج أفكار ونظريات ما بعد البنيوية. وكانت المقالة بالغة الأثر التي كتبتها جوان سكوت عن الجندر: فئة مفيدة في التحليل التاريخي (Joan Wallach Scott, Gender: A Useful Category of Historical Analysis) إحدى المحاولات الأولى لسد الفجوة الواضحة بين ما بعد البنيوية ودراسات الجندر، ومن ناحية أخرى علقت بعض المنظرات النسويات أن نقد الفئات التصنيفية مثل “المرأة” والقول بالموت المزعوم للذات لم يظهرا إلا مع بداية قيام النساء والشعوب الخاضعة سابقًا للاستعمار بالحديث والكتابة باعتبارهم هم الذات في تاريخهم.
بعد بلوغ الدراسات النسائية مرحلة النضج في المؤسسات العلمية، تحول المؤرخون والمؤرخات من الأبحاث والكتابات التي تهدف إلى استعادة النساء وإعادتهن إلى السجل التاريخي، إلى استخدام الجندر كأداة تحليلية للكشف عن الأنظمة الاجتماعية وفهمها. فقد ناقشت كل من جوان سكوت ومؤرخة أخرى هي إليزابيث فوكس جينوفيز في مقالات منفصلة كتبت خلال الثمانينات قلقهما لأن تاريخ النساء، بوصفه يسرد تجارب النساء بشكل منفصل عن تجارب وسرديات الرجال، قد نجح في إضافة النساء إلى التاريخ ولكنه لم يضع تاريخ النساء داخل التاريخ. وقد أكدتا أنه بما أن علاقات الجندر موجودة ومنعكسة في المؤسسات الدينية والتعليمية والعلمية والقانونية والسياسية، فإن استخدام الجندر كأداة رئيسية في التحليل التاريخي سوف يمكننا من فهم ديناميكيات أي نظام اجتماعي وسوف “يبدأ إعادة النساء إلى المسار التاريخي” (Elizabeth Fox Genovase 1982, 15). وكما أشارت باحثة علم الاجتماع، دينيز كانديوتي، كانت نتيجة هذه المرحلة من الدراسات النسوية الغربية هي حدوث تحول تدريجي ولكن ملموس من “المرأة” إلى “الجندر” كفئة تحليلية أساسية (Kandiyoti 1996, 6).
ومع اتساع مجال الدراسات النسائية ليشمل عددًا أكبر من الدورات التدريبية والبرامج والمطبوعات، وتوسعه جغرافيا إلى أماكن أخرى خارج الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية، وجهت نساء العالم الثالث وصاحبات البشرة الملونة في الولايات المتحدة النقد إلى الباحثات والأكاديميات في العالم الأول لتجاهلهن همومهن وأيضًا لاتخاذهن موقع الهيمنة والسيطرة داخل المجال الأكاديمي للدراسات النسائية، وفي المنظمات والحركات التي تركز على النساء وقضاياهن. وكثيرًا ما اتهمت النساء غير الغربيات أولئك الغربيات بأنهن يطبقن عليهن نظريات مشتقة تجارب النساء في أمريكا الشمالية رغم أن تاريخ وتجارب حياة غير الغربيات مختلفة تمامًا.
عيوب النظرية النسوية الغربية
نشرت تشاندرا موهانتي في ۱۹۸۸م مقالها واسع التأثير تحت عيون غربية: البحوث النسوية والخطابات الكولونيالية (Chandra Mohanty, Under Western Eyes: Feminist Scholarship and Colonial Discourses)، والذي قامت فيه بانتقاد المقاربات النسوية الليبرالية الغربية في دراسة النساء في آسيا وأفريقيا. كما نجد أن مارنيا لازرق التي كتبت عن النساء الجزائريات قد طرحت قضايا مماثلة في كتاباتها، وخاصة في مقالتها عن النسوية والاختلاف: مخاطر الكتابة كامرأة عن النساء في الجزائر (Marmia Lazreq, Feminism and Difference: The Perils of Writing as a Woman on Women in Algeria).كما أكدت ميريام كوك أن نقطة تحول قد حدثت في الدراسات النسائية في الشرق الأوسط في ۱۹۸۸م، وذلك عندما قامت “رابطة دراسات نساء الشرق الأوسط” (Association for Middle Eastern Women’s Studies)، والتي كانت آنذاك حديثة الإنشاء، بعقد جلسة نقاشية احتفالاً بمرور عشرين عامًا على بحوث الأمريكيات عن النساء في الشرق الأوسط. وترى ميريام كوك أن هذه الجلسة فتحت الباب أمام نقاش دام أكثر من عشر سنوات حول من يملك الحق والسلطة ليتكلم نيابة عن من (Miriam Cooke 2001, 147).
وبحلول نهاية الألفية، لم يعد الحديث يدور عن “نسوية” واحدة وإنما عن “نسويات” متعددة، اعترافًا بامتداد الحركات النسوية المنظمة في شتى أنحاء العالم وبالاتجاهات المختلفة في تحليل وحل المشكلات التي تواجه النساء. ودار الحديث عن المعنى المختلف عليه لكلمة “النسوية” وصفة “النسوي” في الثقافات المختلفة. لقد بحثت بعض المتخصصات في مجال دراسات النساء في الشرق الأوسط، مثل ميرفت حاتم ومارغو بدران ونادية العلي وأفسانه نجمبادي وأفاري وميريام كوك معنى واستخدام كلمتي “النسوية” و“النسوي” بالإضافة إلى الحركات النسوية المختلفة في المنطقة عبر العصور المختلفة وفي المجتمع المعاصر بما فيها القومية العلمانية والنسوية الإسلامية التي ظهرت في الآونة الأخيرة.
ونتيجة لذلك أصبح تاريخ النساء أكثر وعيًا بالاختلافات في العرقية والطبقية والإثنية، وأكثر دراية بأوجه النقص في النظرية النسوية الغربية عندما يتم تطبيقها على المجتمعات غير الغربية. كما اعترف الباحثون والباحثات في الغرب بضرورة أن تتضمن كتابة التاريخ أبحاثًا وكتابات للنساء مثل تلك التي أنتجتها مؤسسة مصرية من الباحثات والمعروفة باسم “المرأة والذاكرة“. كما يشهد كتابان من النصوص والمقتطفات بأهمية الإصغاء مباشرة ودون وسيط إلى أصوات النساء والسماح لهن بتمثيل أنفسهن عن طريق كتاباتهن، والكتاب الأول هو نساء الشرق الأوسط يتحدثن (Middle Eastern Women Speak) والثاني هو فتح البوابات: قرن من الكتابات النسوية العربية (Opening the Gates: A Century of Arab Feminist Writing).
بدأ تاريخ نساء الشرق الأوسط/ تاريخ النساء الإسلامي في فترة متأخرة عن البرامج المشابهة في تاريخ النساء الغربيات، كما أنه كان متأخرًا من الناحية المنهجية والنظرية. ومع هذا فبمجرد أن تحرر التاريخ كفرع معرفي من تصوير المستشرقين للثقافات والمجتمعات “الأخرى” وتحرر أيضًا من مناهجه ومصادره، شرع تاريخ الشرق الأوسط ومن ضمنه تاريخ النساء في تطوير كتابة التاريخ الخاصة به وأيضًا تطوير مصادر للبحث ومنهجية تاريخية جديدة. وعلى الرغم من هجوم ما بعد البنيوية على التاريخانية وما تدعيه من موضوعية وصدق، إلا أن التجريبية التحليلية أثبتت إنها قامت بتحرير مؤرخي ومؤرخات مجتمعات الشرق الأوسط الذين تمكنوا أخيرًا من تأريخ موضوعاتهم والتركيز على حياتهم الاجتماعية والاقتصادية.
وبدأ يظهر جيل من مؤرخين ومؤرخات ما بعد الاستشراق، مسلحًا بالعلم والمعرفة في اللغات المناسبة وفي مناهج البحث الأرشيفي، فأخذوا في كتابة التاريخ الاجتماعي والاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي السبعينات بدأ هذا الفرع المعرفي في التحرك نحو التاريخ الاقتصادي والاجتماعي وإن كان تاريخ النساء لم يحظ سوى باهتمام ضئيل في البداية، ولكن بحلول الثمانينات تم تعديل المصادر والمناهج على أيدى الجيل الذي أسس تاريخ نساء الشرق الأوسط بوصفه رافدًا منفصلاً داخل الفرع المعرفي.
الكتابات المبكرة
تم تأليف أوائل الكتابات التاريخية عن النساء في الشرق الأوسط والنساء في المجتمعات الإسلامية في فترة الأربعينات على يد نابيا آبوت (Nabia Abbot) التي كانت أول امرأة تدخل المعهد الشرقي بجامعة شيكاغو. وقامت نابيا آبوت في سلسلة من المقالات التي نشرت في الدوريات وفي بحثين مطولين بدراسة حياة النساء قبل وبعد الإسلام، وكتبت أول نص تاريخي عن السيدة عائشة، زوجة الرسول الأثيرة. وعلى الرغم من أن نابيا آبوت استخدمت نفس المصادر التي استخدمها المستشرقون، وهي مجموعات الأحاديث وسير الرسول (ص)، إلا إنها استخدمتها بطريقة مختلفة. فالنساء اللاتي كتبت عنهن لم يكن من النساء المقهورات واللاتي ينتمين إلى مجتمع إسلامي غير مرتبط بزمن محدد، لكنهن نساء عشن في فترة تاريخية محددة وكثيرًا ما كن يتصرفن بشكل مستقل ونابع من الذات، ولعبن أدوارًا هامة في الدولة الإسلامية الجديدة من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وقد اعتمدت الدراسات التالية للفترة المبكرة من التاريخ الإسلامي، كأعمال ليلى أحمد وفاطمة المرنيسي، على ما كتبته نابيا آبوت عن حياة النساء في الجاهلية وفي الفترة الأولى من التاريخ الإسلامي.
وكانت غرترود ستيرن (Gertrude Stern) قد كتبت في عام ۱۹۳۹م عرضًا هامًا عن الزواج في شبه الجزيرة العربية خلال الفترة المبكرة في الإسلام، كما كتبت أيضًا مقالاً عن النساء اللاتي تحولن من ديانات أخرى ليعتنقن الإسلام. ومع ذلك فلم يظهر تاريخ النساء كفرع معرفي مجال منفصل ومتميز إلا في أواخر الستينات. فنجد في عام ١٩٦٨م أن ندا توميشي (Nada Tomiche) كتبت عن وضع النساء المصريات في النصف الأول من القرن التاسع عشر. وفي عام ١٩٧٣م نشر أحمد عبد الرازق بحثه عن نساء المماليك في مصر وكان مكتوبًا باللغة الفرنسية. وفي ۱975م كتب رونالد جينينغز أول مقال عن النساء اعتمادًا على مصادر لم تستخدم قبل ذلك وهى أرشيفات المحكمة الشرعية.
كان النسق السائد في دراسات الشرق الأوسط وقت نشر مقال ندا توميشي هو نظرية التحديث المنبثقة عن الاستشراق بعد نشر كتاب إدوارد سعيد الشهير، وكان الكثير من المتخصصين في هذا المجال يعتبرون بعد نشر كتاب إدوارد سعيد أن الاستشراق مجال متمركز حول أوروبا. وتعتمد نظرية التحديث، شأنها شأن الاستشراق، على ما تتصوره من اختلافات بين المجتمعات الشرقية التقليدية والمتخلفة والراكدة وبين المجتمعات الغربية الحديثة والتقدمية. ويفترض نسق التحديث أن اختراق الغرب للمجتمعات الشرقية هو اختراق حميد أدى إلى تطور اقتصادي واجتماعي، وإذا حدث وأن تم التفكير في الكولونيالية والإمبريالية فإنهما تعتبران قوى مفيدة. أما بالنسبة للنساء، فعلى الرغم من اعترافهم بأن الإسلام قد أعطى للنساء بعض الحقوق في مرحلة ما، إلا أنهم كانوا يعتبرون أن النساء في الشرق متأخرات عن النساء الغربيات وأن وضعهن لن يتحسن إلا عن طريق العلمانية والإصلاح القانوني والتحول إلى الرأسمالية.
وعلى سبيل المثال نجد في بحث بير العبارة التالية: شهدت الدول العربية بعض التغيرات في الوضع الاجتماعي والقانوني والسياسي للنساء، وترجع هذه الاختلافات أساسًا من اتصال الشرق الأوسط بالغرب” (Baer 1964, 2).
ومقالة ندا توميشي التي ذكرناها آنفا هي واحدة من أولى المقالات عن تاريخ النساء، ونشرت في مجلد عن بدايات التحديث في الشرق الأوسط: القرن التاسع عشر، وكان هذا المجلد يتبع نظرية التحديث. وأعربت توميشي عن رأيها في أن المجتمع المصري ظل راكدا لمدة قرون إلى أن جاءت الحملة الفرنسية في عام ۱۷۹۸م لتوقظه من حالة الرضا التي كان يعيشها ولتهز توازنه. وتقول ندا توميشي إن وضع النساء ظل دون أي تطور لمدة قرون، بقيت النساء خلالها جاهلات بأصول القراءة والكتابة، منعزلات داخل الحريم يعاملن من الآباء والأزواج وكأنهن متاع ومحرومات حتى من الحقوق التي منحها لهن القرآن. وقد اعتمدت ندا توميشي في مصادرها بشكل كبير على كتابات الرحالة والمراقبين الغربيين (الفرنسيين والإنجليز)، باستثناء الجبرتي صاحب السجل التاريخي الهائل عن مصر.
تعتبر مقالة توميشي مثالاً على المشكلات والعقبات التي تواجه المهتمين والمهتمات بتاريخ النساء، فمجال تاريخ نساء الشرق الأوسط والدراسات النسائية مثقل بالمفاهيم والمصادر والمناهج التي نشأت في إطار الاستشراق. ومن الناحية التاريخية تم تصوير النساء في كتابات الرحالة والدراسات وفي الصور الفنية على أنهن موضوعات جنسية يتم حبسها فعليًا في الحريم من أجل إشباع رغبات ساداتهم الجنسية. وظلت النساء غير متعلمات ومقهورات دون أن يمارسن أي نشاط اقتصادي على نحو غير معروف في الغرب. ولقد خضعت هذه النظرة إلى المكانة المنحطة للنساء ووضعها المتدني للإدماج في العلوم الاجتماعية الغربية، كما أصبحت أيضًا صورة لانحطاط وتخلف المجتمعات شرق الأوسطية والإسلامية ككل. وقد أمكن بناء أفكار التفوق الغربي حول الرمز الرئيسى لتحلل المجتمعات الإسلامية ألا وهو النساء، وظلت هذه الصورة الذهنية ثابتة دون تغيير نتيجة لفائدتها في الغرب في التذكير الدائم بتفوق الغرب المزعوم، ولأنها كانت تستخدم للاسترشاد بها عند وضع السياسات في الغرب.
فترة السبعينات
إذا أخذنا في الاعتبار العبء الذي يشكله الماضي معرفيًا وتاريخيًا، فسوف نجد أن مهمة تأسيس مجال تاريخ النساء كانت بالفعل مهمة هائلة. وركزت مقالتان نشرتا في المجلة الدولية لدراسات الشرق الأوسط (The International Journal of Middle East Studies)، بفارق أربع سنوات بينهما، على مشاكل دراسة نساء الشرق الأوسط وكتابة تاريخ النساء، وهما مقالتان إحداهما بقلم نيكي كيدي (Nikki R. Keddie) والثانية من تأليف جوديث تاكر (Judith E. Tucker 1983). وقد اتفقت كلا الباحثتين على أنه بالرغم من استمرار أهمية المنهج التجريبي من أجل إضافة النساء إلى السجل التاريخي، إلا أنه من الضروري وجود مقاربة نظرية، بحيث تظهر علاقة أدوار ومكانة النساء بالنظام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في المجتمع (Tucker 1983, 327). وقد نادت كلا الباحثتين بالتوسع في المصادر التاريخية المستخدمة لدراسة حياة النساء في الماضي والحاضر.
كان صدور كتابين يضمان مقالات مخصصة للنساء في عام ۱۹۷۸م مؤشرًا على بداية الدراسات النسائية كمجال للدراسة، والمجموعتان هما نساء الشرق الأوسط يتحدثن (Middle Eastern Women Speak) والنساء في عالم المسلمين (Women in the Muslim World). وجاء الكتاب الأول ليعلن عن نيته في تصحيح مغالطات المستشرقين وعلماء الإثنوغرافيا عن النساء، وفي إعادة قراءة وإعادة تفسير نصوص الإسلام المقدسة المتصلة بالنساء. أما الكتاب الثاني فقد وضع نفسه داخل الحركة النسوية الغربية وداخل الدراسات النسائية، وتضمن خمسة فصول تاريخية ركزت على النساء في الإمبراطورية العثمانية خلال العصر الكلاسيكي (Dengler)، وعلى النساء كراعيات للعمارة في تركيا (Bates)، ومشاركة النساء في السياسة القومية في مصر (Philipp)، وفي الحركة الثورية في إيران ما بين عام 1905 م وعام ۱۹۱۱م (Bayat- Philipp)، والنساء في حريم صعيد مصر (Marsot). وقد اعتمدت الكتابات على مصادر متنوعة مثل كتابات الرحلات وإثنوغرافيا النساء في تركيا، والصحف. وكانت عفاف لطفي السيد مارسو مجدده في استخدامها للمصادر، حيث اعتمدت بشكل أساسي على مقابلاتها مع نساء سبق وأن عشن داخل الحريم، وكانت بعضهن من قريباتها. وجاءت مقالتها في مواجهة الصورة النمطية لنساء الحريم مؤكدة على أنه عند انتهاء عزل النساء تمكنت نساء الطبقة العليا من إدارة مشروعات خيرية كبرى كالمستشفيات والمدارس لأن واجباتهن كانت تتضمن إدارة شؤون بيوت تماثل في حجمها الفنادق الصغيرة.
استخدام سجلات المحاكم
ظهرت في عام ١٩٧٥م مقالة رونالد جينينغز النساء في السجلات القضائية العلمانية في أوائل القرن السابع عشر: المحكمة الشرعية لقيصري الأناضولية (Ronald Jennings, Women In the Early Seventeenth- Century Ottoman Judicial Records: The Shari’a Court of Anatolian Kayseri) وذلك في الفترة التي بدأ فيها المؤرخون الاعتراف بأهمية سجلات المحاكم بالنسبة للتاريخ الاجتماعي والاقتصادي. وكانت لهذه المقالة أهمية مشهودة في تاريخ النساء لأنها حطمت الصور النمطية عن النساء المسلمات بأنهن كن من الناحية الفعلية بمثابة ملكية للآباء والأزواج وأن النساء لم يكن لهن الحق في الامتلاك أو التصرف في الأملاك بأنفسهن، وأنه كان يتم بيع النساء عن طريق الزواج ولم يكن لهن الحق في اتخاذ القرار في موضوع الزواج ولم يكن لهن الحق في المهر أيضًا، وكذلك أن النساء لم يكن في استطاعتهن اللجوء إلى القانون في حالة انتهاك حقوقهن لأنهن لم يكن يستخدمن المحاكم. وقد فحص جينينغز أكثر من ۱۸۰۰ قضية في محكمة قيصري ما بين عام ١٦٠٠ وعام ١٦٢٥م، قدمت كلها أدلة على وجود أنشطة اقتصادية للنساء وعلى وجودهن في المحاكم متحدثات عن أنفسهن، بالإضافة إلى معلومات هامة عن الزواج والطلاق والحياة الزوجية. وقد أوضح عمل جينينغز إمكانية استخدام سجلات المحاكم كمصادر التاريخ النساء كما أنه اقترح فعلاً أن يقوم الباحثون باستشارة أنواع أخرى من السجلات القضائية التي تتناول بشكل محدد الميراث والمهر والأوقاف.
إن أول بحث منشور تم الاستناد فيه إلى سجلات المحاكم كان بحث جوديث تاكر عن النساء في مصر القرن التاسع عشر (Judith Tucker, Women In Nineteenth- Century Egypt) الذي صدر عام 1985م، وقد استخدمت فيه المحاكم الشرعية في القاهرة والأقاليم لتركز على الفلاحات ونساء الطبقات الدنيا في المدن. وقد تمثلت مساهمة جوديث تاكر في الكتابة التاريخية في توضيح كيفية استخدام وثائق المحاكم للحصول على معلومات عن الجوانب المتنوعة في حياة النساء ولتطوير إطار نظري لتاريخ النساء. كانت جوديث تاكر، شأنها شأن نيكي كيدي، ترغب في أن تقوم بأكثر من مجرد إضافة النساء إلى التاريخ. وقد دعت إلى مقاربة نظرية تبين أهمية تاريخ النساء ويوضح الإسهام الذي تقدمه المعرفة بحياة النساء في فهمنا للتاريخ أو مراجعتنا لهذا الفهم.
وقد استخدمت جوديث تاكر مجموعة متنوعة من قضايا المحاكم في بحثها الذي يتناول نساء القرن التاسع عشر، بينما استخدم مؤرخون آخرون أنواعًا معينه من الوثائق لتبين النشاط الاقتصادي للنساء، ولمعرفة المزيد عن الزواج أو المهر أو إمكانية حصول النساء على الطلاق، وأيضًا لزيادة فهمنا للحياة الأسرية ولدور النساء في الأسرة. وقد ثبت أن هناك نوعًا من سجلات المحاكم يعتبر مصدرًا هامًا جدًا للمعلومات بالنسبة للتاريخ الاجتماعي والاقتصادي للنساء وهو سجلات أوقاف النساء. وتعد هذه السجلات مصدرًا هامًا جدًا للمعلومات التاريخية عن النساء في العصور الوسيطة وفي أوائل العصور الحديثة. وقد استخدمت وثائق الأوقاف من أجل تاريخ النساء في أسطنبول في العصر العثماني (Baer)، وفي مدينة أدرنة (Gerber)، وحلب خلال القرنين الثامن والتاسع عشر (Merwether, Roded)، وفي سوريا أثناء القرن التاسع عشر (Doumani). وكانت وثائق الأوقاف مهمة أيضًا لتاريخ النساء في مصر المملوكية، ونجد دراسة تحليلية قام بها كل من عبد الملك وكريسيليوس (Abd al- Malik and Crecelius) في تناولهما وقفاً خاصًا بأخت واحد من أهم المماليك في القرن الثامن عشر وهو محمد بك أبو الذهب، كما استخدمت فاي (Fay) سجلات الأوقاف في دراستها للنساء في البيت المملوكي في القرن الثامن عشر وأوضحت ليس فقط وجود أنشطة اقتصادية تقوم بها النساء وإنما أيضًا أهميتهن في إعادة إنتاج السلطة السياسية للمماليك. ونجد في دراسة بيتري (Petry) تحليلاً لمائتين وثلاثة وثمانين وقفًا مسجلة بأسماء نساء في الكتاب الضخم الذي ألفه محمد محمد أمين الباحث المصري المتخصص في العصور الوسطى. ولقد سجل محمد أمين حوالي ألف وقف تم وقفها ما بين عام ٢٣٩هـ./ ٨٥٣م وعام 922هـ. / ١٥١٦م.
ولقد استخدم باحثون وباحثات آخرون سجلات المحاكم الخاصة بالزواج والطلاق والأسرة لدراسة مسائل مثل دفع المهر والنفقة وإمكانية حصول النساء على الطلاق أو الخلع، وتكليف النساء بالوصاية على الأطفال، والشروط الموجودة في عقود الزواج لحماية مصالح النساء، وهيكل الأسرة أو أهل البيت والإرث بالنسبة للنساء (Abdal Rahim, Ivanova, Agmon, Hanna). وقد غيرت هذه البحوث المفاهيم الخاصة بالنساء بشكل ملموس لأنها أظهرت أن النساء كن نشيطات اقتصاديًا وكن يشاركن في أنشطة إنتاجية، كما أن النساء كن قادرات على التحكم في اختيار شريك الحياة وفي شروط الزواج، كما كن قادرات على الحصول على الطلاق في ظروف معينة، وعلى الاحتفاظ بحضانة الأطفال في حالات الطلاق أو وفاة والد الأطفال. ومعظم هذه الأبحاث موجود في مجلدين يوضحان أهمية السجلات القضائية لفهم حياة النساء، والكتاب الأول قامت بتحريره أميرة الأزهري سنبل عن النساء والأسرة وقوانين الطلاق في التاريخ الإسلامي (Amira El Azhary Sonbol, ed., Women, the Family and Divorce Lows in Islamic History)، والثاني من تحرير مادلين زيلفي عن النساء في الإمبراطورية العثمانية: نساء الشرق الأوسط في بدايات العصر الحديث (Madeline C. Zilfi, ed., Women in the Ottoman Empire: Middle Eastern Women In the Early Modern Era). ويهدف كتاب أميرة سنبل إلى توضيح أن التحديث كان في أفضل الحالات مزيجًا من المزايا والعيوب، وأنه ربما تكون النساء قد استفدن ببعض الأشياء مثل التعليم والرعاية الصحية، إلا أن ما أطلق عليه “الإصلاحات القانونية” في الفترة الحديثة غالبًا ما أدت إلى تقليص استقلال النساء وتقييد تحكمهن في مسائل الأحوال الشخصية مثل الزواج والطلاق وحضانة الأطفال.
مع تطور مجال تاريخ النساء، ظهر تياران رئيسيان، أولهما هو استخدام سجلات المحاكم لكتابة التاريخ الاجتماعي والاقتصادي مع وضع النساء / الجندر في المركز، والآخر هو التاريخ السياسي على أساس الجندر والذي يستخدم مصادر متنوعة منها السير والسير الذاتية، والمذكرات والرسائل واليوميات وكتابات أخرى للنساء المنشورة وغير المنشورة، والصحف والوثائق الحكومية ومنها وثائق القوى الاستعمارية الكبرى في المنطقة، والمقابلات الشخصية. إن هذا التاريخ السياسي الذي أعيدت صياغته والذي يطلق عليه في كثير من الأحيان “مسألة المرأة” في الفترة الحديثة يقوم بدراسة قضايا مثل الخطاب القومي على أسس الجندر وبناء الدولة الحديثة، وقضية مواطنة النساء واشتراكهن في الحركات القومية و/ أو الثورية ونشأة الحركات النسوية، وأيضًا العلاقة المركبة بين الحركات القومية والنسوية والإمبريالية. ومن ضمن الإسهامات المبكرة في هذه الكتابات مقالة ليزلي بيرس عن الحريم الإمبراطوري (Peirce, The Imperial Harem) تتناول فيها بدايات العصر الحديث، ومقالة مارغو بدران عن النسويات والإسلام والأمة: الجندر وصياغة مصر الحديثة (Badran, Feminists, Islam and the Nation: Gender and the Making of Modern Egypt 1995).
وفي حالة الإمبراطورية العثمانية في بدايات العصر الحديث قامت ليزلي بيرس بدراسة السلطة السياسية والدور العام البارز الذي بلغته نساء حريم السلطان في القرنين السادس عشر والسابع عشر. وقد عمل بحث ليزلي بيرس على مراجعة الآراء والمفاهيم الخاصة بالحريم مع توضيح أن الفضل والعزلة لم يحولا دون ممارسة السلطة في أهل بيت السلطان. وقد شملت مصادر ليزلي بيرس مجموعة متنوعة من الوثائق الحكومية المرتبطة بإدارة الإمبراطورية وخصوصًا تلك المتصلة بمصاريف البيت الإمبراطوري. أما بالنسبة لمارغو بدران فقد استخدمت في دراستها عن الحركة النسوية في مصر وعن تطور مصر الحديثة مجموعة واسعة من المصادر منها المذكرات المنشورة وغير المنشورة، والرسائل، ووثائق المنظمات النسائية المصرية والدولية، والمحاضرات والمقالات، والمقابلات الشخصية.
إن الجزء الأكبر من الدراسات عن المرأة والدولة ركز على الدولة الحديثة التي بدأت تظهر في معظم أنحاء الشرق الأوسط خلال القرن التاسع عشر. ومن أكثر الكتابات التاريخية تطورًا حول هذا الموضوع هو التأريخ لمصر والذي أفرز عددًا من الأبحاث وعديدًا من المقالات (Tucker, Badran, Baron, Booth, Botman, Nelson, Hatem). وقد درست بيث بارون ظهور الصحافة النسائية في مصر بينما استخدمت بوث سير “النساء الشهيرات” الموجودة في مجموعات أو في الصحف لدراسة خطاب القومية المصرية الحديثة على أساس الجندر. كما أن الكتابات التاريخية عن النساء والدولة في إيران آخذة هي أيضًا في التوسع (Paidar, Najmabadi, Nashat, and Afray)، وقد ازداد الاهتمام بموضوع النساء في إيران وأصول النسوية منذ الثورة الإيرانية في ۱۹۷۹م وإنشاء الجمهورية الإسلامية وظهور “النسوية الإسلامية” هناك.
لم يدرس المؤرخون والمؤرخات المناطق الأخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنفس القدر وإن كانوا قد درسوا سوريا (Thompson) وفلسطين (Fleischman, Jad) والجزائر (Lazreq and Clancy- Smith) وتركيا (Kandiyoti) باستخدام مصادر مثل الصحف ووثائق الحكومة البريطانية والفرنسية والمقابلات الشخصية. لكن المنطقة الأقل حظًا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من ناحية الدراسة هي منطقة شبه الجزيرة العربية والخليج، ولكن هناك بحثًا نشر مؤخرًا عن السعودية من تأليف دوماتو (Doumato) يبين نوعية المصادر المتاحة للبحث التاريخي عن النساء، ومنها الوثائق الحكومية المختلفة والمقابلات الشخصية وأدب الرحلات بالإضافة إلى أرشيفات كنيسة الإصلاح الهولندية والأوراق الخاصة لبعض المبشرين. وتحتوي مجلدات الإسلام والجندر والتغير الاجتماعي (Islam, Gender and Social Change)، والجندر والهوية الوطنية: النساء والسياسة في المجتمع المسلم (Gender and National Identity: Women and Politics in Muslim Society)، والنساء والإسلام والدولة (Women, Islam and the State) على مقالات في هذا الموضوع، وليست هذه الكتب جميعًا مكتوبة بأقلام مؤرخين ومؤرخات. وتسعى هذه المجلدات إلى الشمولية وإلى مناقشة “مسألة المرأة” في مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي لم تحظ بقدر وافر من الدراسة وكذلك مناطق أخرى خارج المنطقة. ويحاول المؤلفون والمؤلفات استخدام مجموعة متنوعة من المصادر تتضمن الصحف والمجلات والوثائق الحكومية وأرشيفات الحكومات الاستعمارية والمقالات وغيرها من الكتابات بالإضافة إلى المقابلات الشفهية.
لم تتقدم كتابة تاريخ النساء والإمبريالية في دراسات الشرق الأوسط بنفس المقدار الذي تقدمت به في مناطق أخرى كالهند وأفريقيا، وقد نجحت كل من الجزائر وفلسطين في جذب الجزء الأكبر من اهتمام المتخصصات والمتخصصين الذين ركزوا على إسهامات النساء في حركات التحرر الوطني وعلى العلاقة بين النساء وحكومات الاستعمار. وركزوا بالنسبة للنساء الفلسطينيات على حياة هؤلاء النساء وأنشطتهن داخل معسكرات اللاجئين خاصة في لبنان (Peteet and Sayigh). وتوضح كل من جوليا كلانسي سميث ومارنيا لازرق فيما كتبتاه عن النساء في الجزائر مدى أهمية سجلات الحكومة الاستعمارية الفرنسية لفهم حياة النساء في المغرب أثناء فترة حكم الاستعمار الفرنسي. وعلى الرغم من أن هذا المجال لا يزال يتطور ويتغير، إلا أن مؤرخي الشرق الأوسط لم يضمنوا دراساتهم الأفكار النظرية التي توصلت إليها دراسات التبعية أو ما بعد الكولونيالية.
لقد نشرت نيكي كيدي وبيث بارون في عام ۱۹۹۱م مجموعة من المقالات عن النساء في تاريخ الشرق الأوسط: الحدود المتنقلة في الجنس والجندر (Keddie and Baron, Women In Middle Eastern History: Shifting Boundaries in Sex and Gender) تبين تنوع المصادر المستخدمة في الدراسات التاريخية للنساء. وقد تم ترتيب هذا الكتاب ترتيبًا زمنيًا بداية من صدر الإسلام حتى القرن الثاني عشر، ويتناول موضوعات متباينة مثل التعليم والنساء والأسرة والزواج والطلاق وأنشطة النساء الاقتصادية ودورهن في الإنتاج، وكذلك الجندر والجسد، والمغنيات والسير. وتتراوح مادة المصادر بين النصوص الكلاسيكية مثل مجموعات الأحاديث، والكتابات القانونية والدينية، والمختصرات القانونية الجامعة، وقواميس السير والتراجم، انتهاء بالسجلات القانونية والصحف والمذكرات والدوريات. وعلى الرغم من أن معظم الكتابات التاريخية عن النساء تركز على بدايات العصر الحديث وعلى العصر الحديث، إلا أن هناك مجموعة من المقالات صدرت في ۱۹۹۸م عن النساء في العصور الوسطى في كتاب عن النساء في العالم الإسلامي في العصور الوسطى: السلطة والرعاية والتدين (Women in the Medieval Islamic World: Power, Patronage, and Piety)، ونجد أن المقالات المتضمنة، والتي توضح حيوية دراسات النساء في العصور الوسطى، تستخدم مجموعة متنوعة من المصادر مثل الشاهنامه أو كتاب الملوك الفارسي والأوغوزنامه أو كتاب الملوك التركي ومجموعات السير وسجلات المحاكم العثمانية وكتب الرحلات ومخطوطات مختلفة الأنواع.
على الرغم من أن معظم ما كتب في تاريخ النساء على مدار الثلاثين عامًا الماضية يدخل ضمن الفئتين المذكورتين أعلاه، إلا أنه توجد هناك موضوعات أخرى للبحث في موضوع النساء، ومن ضمنها النساء والترحال الذي يدرس كتابات الرحالات في الشرق الأوسط وطريقة تصويرهن للنساء (Melman, Mabra, Kabbani, Clancy- Smith, Fay)، والنساء والعمل (Quataert, Clancy- Smith, Merwether Lazreq), والنساء في الأسرة(Tucker, Moors, Meriwether, Doumani, Fay)، ونساء الأقليات في “دار الإسلام” (Qattan, Afifi, and Doumato).
مؤخرًا ومع ظهور الاهتمام بالإسلام في المنطقة وفي العالم الإسلامي بصورة عامة، تجدد الاهتمام بالنصوص الإسلامية كمصادر لتاريخ النساء. ولكن هؤلاء الدارسات والدارسين الذين يستخدمون هذه النصوص لا يستخدمونها بنفس طريقة المستشرقين التي وجه إليها سعيد نقده، ولا يتوصلون من هذه النصوص إلى نتائج تشبه ما توصل إليه المستشرقون من نتائج (Stowasser, Spellberg, Lutfi). وبالرغم من أن المصادر قد تكون واحدة في الحالتين، وهي القرآن والحديث والكتابات الدينية والقانونية، إلا أن المنهجية التي يتبعها والنتائج التي يتوصل إليها هذا الجيل من الدارسات والدارسين مختلفة، فهم لا يفترضون أن الكتابات الدينية والقانونية تمثل الظروف الفعلية لحياة النساء أو الممارسات الاجتماعية، كما أن الكتابات نفسها توضع في سياقها التاريخي والاجتماعي. فنجد أن سبيلبرغ مثلاً في دراستها عن اشتراك عائشة في معركة الجمل استخدمت مصادر مثل أحاديث البخاري وابن حنبل وقاموس ابن سعد للسير والتراجم، ولكنها تطرح تساؤلات بشأن مدى صحة الأحاديث وإمكانية الاعتماد عليها، وتبين أن أول مصادر مكتوبة تتناول معركة الجمل ظهرت بعد الموقعة بمائة وخمسين عامًا وتم نقلها شفويًا. وقد استنتجت سبيلبرغ أن أحاديث القرن التاسع قام بجمعها رجال لم تكن لهم نفس أفكار محمد (ص) حول علاقات المساواة بين الرجل والمرأة، وبالتالي فقد “قاموا بالتوسع وتحسين الفكرة القائلة بأن المرأة بطبعها معيبة وتشكل خطورة بالنسبة للمحافظة على النظام السياسي” (Spellberg 1991, 54).
وفي سلسلة من المقالات وبحث مطول، تناولت ستواسر بعض القضايا الهامة في الفترة المعاصرة، مثل الحقوق السياسية للنساء، وذلك عن طريق إعادة قراءة وإعادة تفسير النصوص الإسلامية الأساسية كالقرآن والحديث. فهي على سبيل المثال تقول في مقالتها عن النساء والمواطنة في القرآن (Stowasser, Women and Citizenship In the Qur’an) أن قضية الحقوق السياسية للنساء قد تم تفسيرها على ثلاثة أوجه مختلفة على الرغم من أن مناصري كل من هذه النسق الثلاث يزعمون أن القرآن هو مصدر آرائهم. وقامت هدى لطفي بدراسة نص كاتب العصور الوسطى ابن الحاج الذي ألف نصًا في التعاليم الدينية باعتباره مؤرخًا اجتماعيًا. وتؤكد هدى لطفي أنه على الرغم من الأوامر الدينية بأن تبقى النساء في المنازل، إلا أن نساء الطبقات المتوسطة والدنيا في القاهرة شاركن في الحياة العامة، وترى أنه “لا يجب أن تؤخذ تعاليم النصوص الدينية على إنها تعكس الواقع” (Lutfi 1991, 102).
بالإضافة إلى التيار الإسلامي في تاريخ النساء الذي يعتمد على القراءة النقدية للنصوص الإسلامية وعلى أخذ السياق في الاعتبار، يوجد تبار آخر هام وهو طمس الحدود بين التاريخ والعلوم الأخرى وخصوصًا الأنثروبولوجيا والأدب والنظرية الأدبية والدراسات الدينية. وأدى ذلك بالنسبة للمؤرخين والمؤرخات إلى إدخال منهجيات ونظريات من الأفرع المعرفية الأخرى في أعمالهم، أما بالنسبة لغير المؤرخين فكان معنى ذلك وضع دراساتهم في سياق تاريخي واستخدام منهجية تاريخية في أجزاء من العمل أو في العمل كله، وأيضًا استخدام مصادر أرشيفية في الأبحاث. فاستخدمت عالمة الأنثروبولوجيا أنيليس مورز (Annelies Moors) سجلات المحاكم في دراستها عن النساء والممتلكات في فلسطين للفترة ما بين عام ۱۹۲۰ وعام ١٩٩٠م، وعبرت عالمة الإثنوغرافيا سينيثا نيلسون (Cynthia Nelson)) الحدود بين الأفرع المعرفية عندما كتبت سيرة حياة النسوية المصرية درية شفيق. إما مارلين بوث (Marilyn Booth) المتخصصة في مجال الأدب والترجمة فقد أعطت بعدًا تاريخيًا لدراستها عن سير “النساء الشهيرات” بتوضيحها للتحول الذي طرأ مع مرور الزمن على تصور الناس بشأن الدور الملائم للمرأة في المجتمع المصري. أما عالمة الاجتماع المغربية فاطمة المرنيسي (Mernissi) فقد استخدمت الموضوعات التاريخية والمناهج التاريخية في بحثها وكتاباتها، مثل كتاب السلطانات المنسيات (The Forgotten Queens of Islam).وقد حررت مؤخرًا كل من تاكر ومريويذر کتاب تاريخ اجتماعي للنساء والجندر في الشرق الأوسط الحديث (Tucker and Meriwether, A Social History of Women and Gender in the Modern Middle East)، وهو يحتوي على إسهامات من اثنتين من علماء الأنثروبولوجيا ومن متخصصة في العلوم السياسية بالإضافة إلى مؤرختين. ويشير هذا الكتاب الذي صدر في عام ۱۹۹۹م إلى الاتجاه الذي يتخذه تاريخ النساء ليس فقط في الشرق الأوسط ولكن في هذا المجال المعرفي بأسره.
على الرغم من قوة تاريخ نساء الشرق الأوسط في مجال التاريخ الاجتماعي والمجال الصاعد لدراسة التاريخ السياسي على أساس الجندر، إلا أن تاريخ نساء الشرق الأوسط كان بطيئًا في استجابته للتحدي المعرفي لما بعد البنيوية وللتغيرات داخل المجال التاريخي مثل التاريخ الثقافي والدراسات الثقافية والاتجاه اللغوي في الدراسات التاريخية أو ما بعد الكولونيالية. ومن الاستثناءات هو مجال دراسات الذاكرة الناشئ والتاريخ الشفاهي في التاريخ الإيراني والتاريخ الفلسطيني (Najmabadi, Sayigh Fleischman)، حيث تبحث أفسانه نجمبادي في دراسة عن بنات قوشان: الجندر والذاكرة الوطنية في التاريخ الإيراني قيام بعض الفلاحين الفقراء ببيع الفتيات الصغيرات والنساء في عام ۱۹۰٥م لدفع الضرائب التي تراكمت عليهم في ذلك العام الذي شهد فشل موسم الحصاد، وكذلك ما شهدته السنة نفسها من استيلاء قبائل التركمان على النساء كغنيمة. وهي تستخدم هذه الأحداث لتدرس الثقافة السياسية على أساس الجندر في إيران الحديثة، وتشكيل الذاكرة الوطنية، والتاريخ الحديث.
لم يدخل مؤرخو ومؤرخات الشرق الأوسط في الجدل الذي أعقب نظرية ما بعد البنيوية عن مستقبل التاريخ، وهو الجدل الذي كانت له أصداء في أوروبا والولايات المتحدة. وهناك عدة تفسيرات ممكنة لذلك الأمر، حيث أن المؤرخين عامة لا يميلون إلى التنظير، وقد استفاد تاريخ النساء بالفعل من نظريات علماء الأنثروبولوجيا وعلماء الاجتماع والنقد الأدبي. وهنالك تفسير آخر يرى تأخر تطور التاريخ كعلم بسبب سيادة النسق الاستشراقي بمصادره ومنهجيته الخاصة في دراسات الشرق الأوسط. وفي نفس الوقت الذي كانت فيه ما بعد البنيوية تتحدى مزاعم التاريخ بشأن قوله للحقيقة، وتتحدى النزعة العقلانية والموضوعية، كانت دراسات الشرق الأوسط تحرر نفسها من الاستشراق وكان المؤرخون يتبنون منهج التجريبية التحليلية، ولا تزال التجريبية التحليلية هي المنهج السائد كما تزداد أهمية الجندر كأداة للتحليل وكإطار نظري.
أما بالنسبة للمصادر، فلا يزال المؤرخون والمؤرخات كباحثين مقيدين بالوثائق التي عادة ما توجد في أرشيفات في مختلف أنحاء المنطقة تشرف عليها الحكومات أو المؤسسات الخاصة، وقد استخدم بعض المتخصصين المصادر غير التقليدية استخدامًا مجددًا، ومن هذه المصادر المقابلات الشخصية والصور الفوتوغرافية والأفلام والموسيقى والرقص، والتي استخدمت جميعها في كتابة تاريخ النساء.
ومع هذا فبفضل تكنولوجيا الحاسب الآلي وشبكة المعلومات أصبح من الممكن للمؤرخين والمؤرخات زيادة المصادر والموارد المتاحة لأبحاثهم وتدريسهم، حيث يمكن لأي شخص معه جهاز كمبيوتر متصل بشبكة المعلومات أن يدخل إلى فهارس كبرى مكتبات الأبحاث التي لديها مراكز للشرق الأوسط ومراجع وكتب في تاريخ الشرق الأوسط، مثل جامعة كولومبيا وجامعة تكساس في أوستن وجامعة جورج تاون، وكذلك مكتبة الكونغرس الأمريكية بما تقتنيه من مجموعة هامة عن الشرق الأوسط. إن هذه المواقع تصل مستخدمها بدوائر المعارف والقواميس والدوريات والصحف والصور الفوتوغرافية وغيرها من الصور والأطالس. كما تسمح قواعد البيانات المتوفرة في مكتبات الجامعات للباحث والباحثة العثور على المقالات كاملة وقراءتها وطباعتها. ويستطيع الدارسون والدارسات أيضًا التوجه مباشرة إلى مواقع الصحف الصادرة باللغة العربية في الشرق الأوسط على شبكة المعلومات. كما يوجد هيئات ومعاهد متنوعة لديها مواقع على شبكة المعلومات بها معلومات مفيدة للدارسين والدارسات من الممكن اعتبارها مصادر للبحث مثل موقع “النساء في ظل القوانين الإسلامية“. إن درجة توفر المصادر عن تاريخ النساء على شبكة المعلومات ترتبط بدرجة فضول الباحثة ومهارتها وإمكانيات محرك البحث.
A. ‘Abd ar-Rāziq, La femme au temps des Mamloukes en Egypte, Cairo 1973.
B. ‘Abd al-Malik and D. Crecelius, A late eighteenth-century Egyptian waqf endowed by the sister of the Mamluk Shaykh
al-Eyey [sic] Muhammad Bey Abou al-Dhahab, in Arab Historical Review for Ottoman Studies 1–2 (1990), 9–14.
N. Abbott, Women and the state on the eve of Islam, in American Journal of Semitic Languages and Literature 58 (Jan.– Oct. 1941), 259–85.
——, Aishah, the beloved of Mohamed, Chicago 1942.
——, Women and the state on the eve of Islam I and II, in Journal of Near Eastern Studies 1 (1942), 106–26 and 341–61.
J. Afary, The Iranian constitutional revolution, 1906–1911. Grassroots democracy, social democracy and the origins of feminism, New York 1996.
L. Ahmed, Women and gender in Islam. Historical roots of a modern conflict, New Haven, Conn. 1992.
M. Badran and M. Cooke (eds.), Opening the gates. A century of Arab feminist writing, Bloomington, Ind. 1990.
M. Badran, Feminists, Islam and nation. Gender and the making of modern Egypt, Princeton, N.J. 1995.
G. Baer, Population and society in the Arab East, New York 1964.
L. Beck and N. Keddie (eds.), Women in the Muslim world, Cambridge 1978.
M. Booth, May her likes be multiplied. Biography and gender politics in Egypt, Berkeley 2001.
J. A. Clancy-Smith and Frances Gouda (eds.), Domesticating the empire. Race, gender, and family life in French and Dutch colonialism, Charlottesville 1998.
M. Cooke, Women claim Islam. Creating Islamic feminism through literature, New York 2001.
E. Abdella Doumato, Getting God’s ear. Women, Islam and healing in Saudi Arabia and the Gulf, New York 2000.
M. A. Fay, Women and waqf. Toward a reconsideration of women’s place in the Mamluk household, in International Journal of Middle East Studies 29 (1997), 33–51.
E. W. Fernea and B. Q. Bezirgan (eds.), Middle Eastern women speak, Austin, Tex. 1978.
E. Fox Genovese, Placing women’s history in history, in New Left Review 133 (1982), 5–29.
Y. Yazbeck Haddad and John L. Esposito (eds.), Islam, gender and social change, Oxford 1998.
G. Hambly (ed.), Women in the medieval Islamic world. Power, patronage and piety, New York 1998.
R. C. Jennings, Women in early 17th century Ottoman judicial records. The Sharia court of Anatolian Kayseri, in Journal of the Economic and Social History of the Orient 18 (1975), 53–114.
D. Kandiyoti, Contemporary feminist scholarship and Middle East studies in D. Kandiyoti (ed.), Gendering the Middle East. Emerging perspectives, Syracuse 1996, 1–27.
—— (ed.), Women, Islam and the state, Philadelphia 1991.
N. R. Keddie and B. Baron, Women in Middle Eastern history. Shifting boundaries in sex and gender, New Haven, Conn. 1991.
N. R. Keddie, Problems in the study of Middle Eastern women, in International Journal of Middle East Studies 10 (1979), 225–40.
M. Lazreq, Feminism and difference. The perils of writing as a woman on women in Algeria, in Feminist Studies 14:1 (spring 1988), 81–107.
——, The eloquence of silence. Algerian women in question, New York 1994.
H. Lutfi, Manner and customs of fourteenth-century Cairene women. Female anarchy versus male shar‘i order in Muslim
prescriptive treatises, in N. R. Keddie and B. Baron, Women in Middle Eastern history. Shifting boundaries in sex and
gender, New Haven, Conn. 1991, 99–121.
M. L. Meriwether and J. E. Tucker (eds.), A social history of women and gender in the modern Middle East, Boulder, Colo.
1999.
F. Mernissi, The Forgotten queens of Islam, Minneapolis, Minn. 1993.
V. M. Moghadam, Gender and national identity. Women and politics in Muslim society, London 1994.
C. Mohanty, Under Western eyes. Feminist scholarship and colonial discourses, in Feminist Review 30 (Autumn 1988), 65– 88.
A. Moors, Women, property and Islam. Palestinian experiences 1920–1990, Cambridge 1995.
C. Nelson, Doria Shafik, Egyptian Feminist. A woman apart, Gainesville, Fla. 1999.
A. Najmabadi, The story of the daughters of Quchan. Gender and national memory in Iranian history, Syracuse, N.Y. 1998.
G. Nashat, Women in the Islamic Republic of Iran, in Iranian Studies 13:1/4 (1980), 165–94.
—— (ed.), Women and revolution in Iran, Boulder, Colo. 1982.
P. Paidar, Women and the political process in twentieth-century Iran, Cambridge 1995.
L. P. Peirce, The imperial harem. Women and sovereignty in the Ottoman Empire, New York 1993.
J. Peteet, Gender in crisis. Women and the Palestinian resistance movement, New York 1991.
C. Petry, Class solidarity versus gender gain. Women as custodians of property in larger medieval Egypt, in N. R. Keddie
and B. Baron, (eds.), Women in Middle East history. Shifting boundaries in sex and gender, New Haven, Conn. 1991, 122–42.
E. Said, Orientalism, New York 1978.
R. Sayigh, Engendered exile. Palestinian camp women tell their lives, in Oral History 25:2 (1997), 38–48.
J. W. Scott, Gender. A useful category of historical analysis, in J. W. Scott, Gender and the politics of history, New York 1988, 42.
A. El Azhary Sonbol, Women, the family and divorce laws in Islamic history, Syracuse, N.Y. 1996
D. Spellberg, Political action and public example, in N. R. Keddie and B. Baron, Women in Middle Eastern history. Shifting boundaries in sex and gender, New Haven, Conn. 1991, 45–57.
——, Politics, gender, and the Islamic past. The legacy of ‘A’isha bint Abi Bakr, New York 1994.
B. Stowasser, Women and citizenship in the Qur’an, in A. El Azhary Sonbol (ed.), Women, the family and divorce laws in Islamic history, Syracuse, N.Y. 1996, 23–38.
——, Women in the Qur’an. Traditions and interpretations, Oxford 1994.
E. Thompson, Colonial citizens, republican rights paternal privilege and gender in French Syria and Lebanon, New York 2000.
N. Tomiche, The situation of Egyptian women in the first half of the nineteenth century, in W. R. Polk and R. L. Chambers
(eds.), The beginnings of modernization in the Middle East in the nineteenth century, Chicago 1968, 171–84.
J. E. Tucker, Problems in the historiography of women in the Middle East. The case of nineteenth-century Egypt, in International Journal of Middle East Studies 15 (1983), 321–36.
——, Women in nineteenth-century Egypt, Cambridge 1985.
——, Arab women. Old boundaries, new frontiers, Bloomington, Ind. 1993.
——, In the house of the law. Gender and Islamic law in Ottoman Syria and Palestine, Berkeley 1998.
M. C. Zilfi, Women in the Ottoman Empire. Middle Eastern women in the early modern era, Leiden 1997.