العبء الاقتصادي على المرأة المعيلة

تاريخ النشر:

ديسمبر 2023

العبء الاقتصادي على المرأة المعيلة

تواجه المرأة المصرية العديد من التحديات والمعوقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في ظل تدني الأجور والبطالة مما أدى إلى انخراط المرأة في سوق العمل لكي تستطيع إعالة أسرتها وظهور ما يُعرف بتأنيث الأسرة المصرية أو ما يطلق عليه بالمرأة المعيلة.

ومن هذا المنطلق يمكن تعريف المرأة المعيلة بأنها المرأة التي تتولى الإنفاق الكامل على أسرتها وتشكل المصدر الوحيد لإعالة أسرتها، ويندرج تحت هذه الفئة:

  1. الأرامل والمطلقات .

  2. المنفصلات عن أزواجهن العمال المهاجرين واللاتي يتلقين تحويلات منهن .

  3. المهجورات او اللاتي اختفى أزواجهن خلال الحروب ولازلن متزوجات.

  4. المتزوجات من رجال مسجونين لارتكابهم جرائم أو لأسباب سياسية .

  5. المتزوجات من رجال عاطلين عن العمل أو غير قابلين للاستخدام بسبب نقص في المهارات أو التقدم في السن .

  6. غير المتزوجات اللاتي يعيلن أعضاء الأسرة العاطلين عن العمل.

وقد عرفت الامم المتحدة المرأة المعيلة بأنها المرأة التي تعرضت لمجموعة من الظروف الاجتماعية كالطلاق والترمل وهجر الزوج التي أدت بها بأن تكون العائل الأساسي للأسرة.

ويتبين من هذين التعريفين الفئات التي تندرج تحت مفهوم المرأة المعيلة  ويفهم منهما أن المرأة المعيلة من الناحية الاقتصادية  لا يشترط أن تكون متزوجة فقد تكون غير متزوجة وفي ذات الوقت تعيل أسرتها وذلك بسبب عدم وجود ذكور قادرة على العمل والإعالة . كما يمكن تقسيم الأسر التي تعولها النساء وفقاً للمعيار الاقتصادي إلى قسمين، الأول وهو أسر تقوم المرأة بتحمل المسؤولية وحدها بالنسبة لتدبير الموارد المالية لتلبية احتياجات الأسرة.

والثاني وهو أسر تقوم المرأة بتحمل الجزء الأكبر من عبء تدبير الموارد المالية بشكل دائم أو مؤقت ويساعدها في تحمل هذه المسؤولية الزوج أو الابناء أو أفراد الأسرة الآخرين.

ونجد وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء عام 2018م أن  عدد الأسر التي تترأسها سيدات حوالي (3.3مليون أسرة ) وكان معظم رؤوساء الأسر من الأرامل بنسبة 70.3% من إجمالي الإناث رؤساء الأسر على مستوى الجمهورية ، يليها المتزوجات بنسبة 16.6% ثم المطلقات 7.1%.

تعاني المرأة المعيلة من العديد من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والأسرية ومشكلات رعاية الأبناء، ونقصر حديثنا على المشكلات الاقتصادية والعبء الاقتصادي الذي  تعاني منها المرأة المعيلة، حيث تروي ( أ.ف ) لـ”صوت”: “أنا قضيت فترة كبيرة في شغلي أحاول أثبت إني متأثرتش بالجواز ولما خلفت قعدت أحاول أثبت إني مختلفتش برضو بعد الخلفة وده زودج عليا أعباء كثيرة جداً وده خلاني بشتغل شغل مضاعف لمجرد إني بثبت لمديري إني قادرة أشتغل في ظل إني أم ومعيلة”.

وتابعت: “وكل ده أثر عليا كعبء اقتصادي  في ظل مفيش أجور كافية والأوضاع الاقتصادية سيئة جداً  والمعيشة غليت  وعشان اقدر أكون بأمان بستخدم وسائل مواصلات أكثر كلفة وده بيزيد عليا المصاريف ، وممهما ارتفع مرتبي برضو مش كافي لأنه المعيشة بتزيد أكثر وأكثر”.

كما تروي (ه .م ): “أن مكان شغلي بعيد عن البيت وباخد وقت طويل في الطريق فلما برجع  ببقى مجهده ومش قادره اقعد مع ابني يادوب اروح عند ماما نتغدا وبعدين نروح نعمل الواجب وننام بدري عشان بنصحى بدري ف مافيش وقت نقعد مع بعض وايام الاجازه بيبقى ورايا حاجات في البيت ف برضو وكمان جوزي بيشتغل شغلنتين ف برضو بحكم شغلي وشغله اوقات مش بنشوف بعض كذا يوم لانه بيجي متأخر وبكون انا نمت وبنصحى بدري وانزل بيكون هو لسه نايم فاكيد ده بيخلي ابني دايما يقولي نفسي نلعب مع بعض وطبعا حتى لو في ساعه قاعده فيها فاضيه بتبقي محتاجة ترتاحي او تقعدي لنفسك شويه وطبعا ده ملغي وخصوصا مع بداية الدراسه بان ابني السنه دي اول سنه في مدرسه لغات فطبعاً غاليه ف بالتالي مضطرة ادخل جمعيه بشكل دايم عشان اعرف اقبضها كل سنه وادفع مصاريف المدرسه لأن جوزي متحمل باقي التزامات البيت وكمان في ظل غلاء الاسعار وطبعا بتحتاجي تجيبي حاجات كل يوم عشان اكل الولد في المدرسه ف الموضوع صعب جدا غير طبعا لو الطفل تعب او انتي ودكاتره وعلاج اسعار مش طبيعية يعني تقريبا المرتب تلات تربعه بيخلص من اول اسبوع ويادوب تكملي الشهر بالعافيه وغلا مواصلات واكل في الشغل”.

وتروي ( س.خ ) أن أي ست بتشتغل وعندها اسرة هى طول الوقت فى تحديات ضخمة أولها الوقت محتاجة مجهود علىشان تقدر تلاقى وقت تحقق فيه ذاتها ونجاحها ويكون عندها دخل وفى نفس الوقت اهتمامها بالأولاد ومسئوليات البيت وهنا اقصد الأعمال المنزلية ومسؤولية تربية الأطفال وده بيعرضنا كستات لضغوطات نفسية وجسدية، وفي الوقت ده العالم كله بيمر بظروف اقتصادية صعبة حنلاقى شعوب العالم الثالث إللى أحنا منهم ظروفهم الاقتصادية معقدة فى ظل عدم وجود تأمين صحى بيغطى كل المواطنين وفى ظل ارتفاع أسعار الأدوية والاكل والشرب فمش منطقى ابدًا أن الستات تقدر توقف شغل أو تاخد اجازات غير مدفوعة الأجر، المعضل فى الموضوع أنها مش بتقدر توفر من راتبها ليها غير جزء بسيط  لان المرتب بيروح على احتياجات البيت والأطفال، وبالتالى رفاهية الستات منعدمة واحتياجتها صعب توفرها طول الوقت   فالستات هى المتضرر الأكبر فى ظل التدهور الاقتصادى للبلد”.

وتروي (س.ج): “أنه مفيش توازن بين الراتب والأسعار بتزيد  بشكل جنونى، بالإضافة إلى أنه مفيش وسائل مواصلات سريعة خاصة بينا فى الأيام أم الأكثر ازدحامًا أو  فى الأوقات القاتلة من اليوم  وكمان أكيد بعد السكن بيكون عائق وعامل سئ على الاداء والانجاز والحالة النفسية  والوقت مهما توافر بيبقى أقل بكتير  من المهام والمسؤليات”.

وتروي (ر.ن): “أنا ست منفصلة وأعول طفلين (بنت 6 ابتدائي ، ولد 1 ابتدائي ) فالمرحلتين صعبين ومحتاجين مني أخصص وقت لهم والوقت ده مينفعش مع مواعيد الشغل لأنه أغلبه بيكون الصبح وهم بيخلصوا مدرستهم وبيرجعوا البيت وأنا لسه بالشغل ولما برجع بيكونوا ناموا أو نص يومهم ضاع ويادوب أعمل الأكل ياكلوا ويحلوا الواجبات فمفيش وقت للمذاكرة والقعدة معاهم غير الويك اند وده بيعتمد على البيت لو مش محتاج تنظيف وشغل فيه . وأنا لازم أشتغل لأني تقريباً أنا المتكفلة بمصاريفهم كلها . وده كله بيشكل عبء اقتصادس كبير عليا في ظل الأسعار زادت والأجور متغيرتش فمرتبي مش بيكفي لآخر الشهر وده بيخليني أضطر أشوف شغل فريلانسر أو حاجة أقدر أعملها في نص الأسبوع عشان أزيد مرتبي ولو شوية والوضع عليا كست منفصلة ومعيلة صعب جدًا جدًا”.

دور الحكومة في دعم المرأة المعيلة

بذلت الدولة المصرية  جهودًا بارزة في دعم المرأة المعيلة وتمكينها اقتصاديًا، حيث نجد أنها أقرت استراتيجية التمكين الاقتصادي للمرأة المصرية لعام 2030م لتنمية قدرات المرأة وتهدف تلك الاستراتيجية إلى:

  1. زيادة نسبة مشاركة المرأة في قوة العمل إلى 35% بحلول 2030.

  2. زيادة نسبة المشروعات الصغيرة الخاصة بالمرأة إلى 50 % ونسبة الإقراض متناهي الصغر الموجه للمرأة إلى 53%.

  3. الوصول بمعدل بطالة الإناث إلى 16 %.

ولم يقتصر جهد الدولة على ذلك بل امتد إلى تعديل العديد من التشريعات والقوانين، فنجد أنه تم تعديل المادة 49 من القانون رقم 77 لسنة 1943م الخاصة بالمواريث وتمثل هذا التعديل في تقرير الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من امتنع عمداً عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث . علاوة على ذلك أنه تم تعديل قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 وقرر فيه امتيازات إضافية للمرأة العاملة في مجال رعاية الطفولة والأمومة ، وتخفيض ساعات العمل اليومية للموظفة التي ترضع طفلها حتى بلوغه العامين وغيرها من تلك الامتيازات.

وقد قامت مصر بالعديد من البرامج والمشروعات لتمكين المرأة المعيلة اقتصاديًا ومن ذلك مشروع “منتج واحد قرية واحدة” و برنامج الدعم القانوني ، وبرنامج الشمول المالي للمرأة.

جدير بالذكر تم الموافقة على تعديل قانون الوصاية، حيث تم تعديل المادة (1) من قانون 119 لعام 1952 الخاصة بأحكام الولاية على المال وبموجب ذلك أصبحت الام في المرتبة الثانية بعد الأب مباشرة في مسألة الوصاية على أموال القاصر ويتضح ذلك من نص المادة :” للأب ثم الأم إذا لم يكن الأب قد اختار وصياً للولاية على مال القاصر وعليه القبام بها ولا يجوز أن يتنحى عنه إلا بإذن المحكمة“.

وقد قالت البرلمانية سناء السعيد إن تعديل قانون الوصاية على المال، سيضمن تغيير الموروثات الموجودة في المجتمع المصري تجاه حرمان الأم من الوصاية على أموال زوجها المتوفي مقابل منح الحقوق كاملة للجد وأضافت أنه قد يواجه القانون معارضة من البعض إلا أنه يجب توافق الأغلبية على ما يحقق مصالح المجتمع خاصة وأن القانون سيضبط نصوصاً تكفل حقوق الجميع ونفس الأمر للتشريعات المتعلقة بحرية تداول المعلومات ومفوضية عدم التمييز.

بعد استعراض ماهية المرأة المعيلة وشهادات مستعرضة لواقع العبء الاقتصادي الواقع عليها ودور الدولة في تمكينها اقتصاديًا، توصل الباحث إلى مجموعة من النتائج والتوصيات.

النتائج

  1. مفهوم المرأة المعيلة يشمل المطلقات والأرامل والمتزوجات من رجال مسجونين والمتزوجات من رجال عاطلين عن العمل.

  2. لا يجب أن تكون المرأة المعيلة متزوجة بل قد تكون غير متزوجة وتعيل أفراد أسرتها.

  3. يشكل معظم رؤوساء الأسر من الأرامل مقارنةً بالمتزوجات.

  4. تعاني المرأة المعيلة من العديد من المشكلات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية.

  5. اتفقت جميع الشهادات على المعاناة الاقتصادية الكبيرة التي تعاني منها المرأة المعيلة في ظل تدني الأجور وفي ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة.

  6. تم بذل العديد من الجهود الحكومية لتمكين المرأة المصرية اقتصادياً سواء على صعيد الواقع وعلى صعيد التعديلات الواردة في القوانين.

توصيات لمناهضة العبء الاقتصادي الواقع على المرأة المعيلة

  1. نوصي بتسليط الضوء بشكل أبرز على العبء الاقتصادي الذي تعاني منه المرأة المعيلة.

  2. نوصي بالرقابة على تطبيق كافة التعديلات الواردة في القوانين لصالح المرأة المعيلة.

  3. نوصي بزيادة الدعم الاقتصادي للمرأة المعيلة .

  4. نوصي بتسهيل توفير الخدمات التي تحتاجها المرأة المعيلة وأبنائها وتخفيض تكلفتها المالية .

  5. نوصي بمحاولة زيادة أجور النساء العاملات بما يتوافق مع متطلباتهن كمعيلات .

شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات