تصوير العلاقة الحميمية والتهديد بها.. إبتزاز جنسي صريح

تاريخ النشر:

أكتوبر 2023

تصوير العلاقة الحميمية والتهديد بها.. إبتزاز جنسي صريح

تصوير العلاقة الحميمية بين الزوجين بدون علم الطرف الآخر، لاستخدامها فيما بعد بهدف تهديد الشريك، للانصياع لأوامره أو للضغط عليها للانفصال بدون دفع المستحقات الشرعية، يعتبر نوع من أنواع الاستغلال الجنسي حيث يقوم عدد كبير من الرجال باستخدام تلك المواد المصورة ضد زوجاتهم، لفضحهم على الإنترنت ويعد هذا الفعل جريمة بموجب القانون الحالي ومشروع قانون مناهضة العنف الموحد المطروح بالبرلمان.

ففي الآونة الأخيرة استقبلت الأجهزة الأمنية عشرات البلاغات لزوج يوثق العلاقة الزوجية بين زوجته بفيديو مسجل صوت صورة، لابتزازها جنسيًا بفضح أمرها، وتهديدهم إما بالانفصال دون دفع أي مستحقات، أو استغلال البعض الآخر هذا التسجيل للضغط على طليقته للعودة إلى عصمته، وغيرها من التهديدات مختلفة الأشكال، التي تدخل تحت إطار العنف الجنسي الواقع على المرأة.

وفي هذا الموضوع نقوم بمناقشة تلك الإشكالية من المنظور القانوني و الديني والنفسي، لتسليط الضوء على مشكلة متفشية في المجتمع المصري بشدة.

يقول الدكتور محمد هاني، استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية، لموقع “كونسلتو”، إن تصوير العلاقات الحميمة بين الزوجين دون علم الطرف الآخر، هي تصرفات تصدر من أشخاص غير مستقرين نفسيًا ولديهم اضطرابات نفسية شديدة.

ويؤكد الدكتور محمد، أن هذا الأمر له شقان الأول نفسي وهو يؤكد أن المريض لديه نقص شديد في مقومات الشخصية تدفعه إلى ارتكاب أشياء تدينه دون أن يكون مدرك بمخاطر ما يفعله، ويعتبر هذا تعويضًا نفسيًا للنقص الذي يشعر به أو أنه مريض بالهوس الجنسي والذي يتحكم في الشخص ويدفعه لارتكاب أشياء خارجة عن إرادته، وبالتالي يتم التعامل مع هذا الشخص على أنه مريض، ويتمثل علاجه في جلسات إعادة تأهيل نفسي ودمج مع المجتمع وإعادة غرز القيم والمبادىء فيه مرة أخرى.

أما الشق الثاني هو أن هناك بعض الأشخاص تستخدم تلك الأساليب كعوامل للتهديد بفضح الأمر للطرف الأخر، و يعتبرها كدليل أنه ليس فقط من يرتكب الأخطاء، بالإضافة إلى وجود دوافع ضغط وابتزاز للطرف الأخر.

بينما أوضح الدكتور محمد عادل الحديدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة المنصورة، في تصريح خاص لموقع “اليوم السابع”، أن الشخص الذي يصور العلاقة الزوجية فيديو، يكون في الأعم الأغلب دأب على مشاهدة أفلام إباحية في سن المراهقة، واعتاد على هذا الأمر، فضلًا عن رغبته في المتعة البصرية أكثر من الجسدية، ومن ثم يلتقط فيديوهات لهذه العلاقة لمشاهدتها لاحقًا.

كما أشار إلى أنه ربما يفعل ذلك بدافع الانتقام من زوجته، بسبب خلافات بينهم، حيث يهددها بهذا الفيديو لاحقًا للإنصياع لأوامره، ويصدر ذلك غالبًا من الأشخاص الذين لديهم دوافع عدوانية.

الحكم الديني لتصوير الزوج العلاقة الزوجية

أكد عدد كبير من العلماء الأزهريون، حرمة تصوير العلاقة الزوجية، واعتبروه من قبيل إفشاء الأسرار الزوجية، وإشاعة الفاحشة في المجتمع، وفي هذا الصدد أوضح الدكتور محمد عبد الرحمن، أستاذ العقيدة في جامعة الأزهر، لبرنامج “عم يتساءلون”، في تصريحات سابقة له، أن تصوير العلاقة الزوجية يعني الجهر بها، وهو محرّم في الإسلام، مصداقًا لقول الرسول محمد: “إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها”، منوهًا بأن التصوير يعد نوعًا من الإفضاء، بل إنه أكثر من الإفضاء، لأنه نقل بالصوت والصورة، لاسيما أنه قد يقع في أيدي آخرين، وخاصةً مع التطور التكنولوجي الهائل الذي يتيح سرقة مقاطع الفيديو بسهولة، وهذا بالإضافة إلى أن الزوج قد يستخدم هذا المقطع فيما بعد لتهديد زوجته وابتزازها جنسيًا لتنفيذ أي أمر.

وقد ذكر الدكتور محمد عبد الرحمن، أن المقاطع المصورة إذا انتشرت خارج أيدي الزوجين، فإنها تدخل في نطاق إشاعة الفاحشة بين الناس، وهذا محرم بنص قوله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: “إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين أمنوا، لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة، والله يعلم وأنتم لا تعلمون”.

وفيما يتعلق بالشق القانوني فهذا جرم بين يعاقب عليه القانون، فكل من أذاع أو نشر مواد صورًا أو فيديو لعلاقة حميمة بين زوجته، يقع تحت طائلة قانون العقوبات في المادة 309 مكرر في قانون العقوبات الحالي، حيث جاء بها: ” يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن، بأن ارتكب أحد الأفعال الآتية فى غير الأحوال المصرح بها قانونًا أو بغير رضاء المجني عليه، وهذا في حالة التقاط أو نقل بجهاز من الأجهزة أيًا كان نوعه صورة شخص في مكان خاص”.

كما تنص  المادة 326 من قانون العقوبات، أنه في حالة الابتزاز المادي، على كل من حصل بالتهديد على مبلغًا من النقود أو أي شىء آخر يعاقب بالحبس، ويعاقب الشروع في ذلك بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين.

وفي المادة 29 من مشروع قانون مناهضة العنف الموحد المقترح بالبرلمان، نصت على أن: “كل زوج أذاع، أو نشر بأیة وسیلة صوًرا خادشةً للحياء خاصة بالزوج الآخر، أو وقائع العلاقة الحمیمة، أو هّدد بنشرها، أو إذاعتها وذلك سواء أثناء قیام رابطة الزوجیة، أو بعد انتهائها، يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنیه ولا تزید على عشرین ألف جنیه، أو بإحدى هاتین العقوبتین.

بينما تنص المادة 30 من مشروع قانون مناهضة العنف الموحد، أن: ” كل من صَّور، أو أذاع، أو نشر بأیة وسیلة صورًا إباحیةً خادشةً للحیاء، أو صورًا لعلاقة جنسیة، دون الحصول على موافقة أصحابها. ُیعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التي لا تقل عن ألفي جنیه ولا تزید على عشرة آلاف جنیه. فبكل الأحوال تعد تصوير العلاقة الحميمية بين الأزواج بدون علم الطرف الآخر لاستخدامها في التهديد، جريمة لا مفر منها.

وقائع حقيقية استغل فيها الزوج تصوير زوجته وابتزها جنسيًا

في أغسطس الماضي، قامت سيدة تدعى “رضا” بإحدى قرى مركز دمنهور، بنشر استغاثة عبر مقطع فيديو على صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، تتهم فيه طليقها بالتشهير بها عن طريق نشر مقاطع فيديو وصور مخلة لها أثناء العلاقة الزوجية بينهما.

وأوضحت خلال استغاثتها، أنها بعد انفصالها عن زوجها ووالد أبنائها، ارتبطت بأحد الأشخاص وانفصلت عنه، ثم قررت الارتباط بشقيق زوجها الأول بعد ١٧ سنة من الانفصال لعدم قدرتها على السيطرة على ابنها المراهق، وتم الزواج لمدة شهرين فقط، وأجبرها خلالها على تصوير العلاقة بينهما باستخدام هاتفها المحمول، بدعوى أنه سيشاهدها ويمسحها، وعندما رفضت طلبه، اعتدى عليها بالضرب.

وأضافت: “حاول إقناعي بتصويري بمبرر أن عنده بنات ولن يؤذيني، ولكن اتضح فيما بعد أنه كان يرسلها إلى هاتفه قبل أن الحذف”، موضحة أنه: “بعد طلاقي منه، أنشأ صفحة باسمي ونشر تلك الفيديوهات لتهديدي”.

ألقت إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن البحيرة، القبض على “إبراهيم .ق” الذي اتهمته زوجته بتصويرها أثناء العلاقة الحميمة بينهما، ونشرها عن طريق صفحات وهمية على موقع “فيس بوك”، انتقامًا منها لرفضها بيع المنزل الخاص بها له في محافظة البحيرة، وقررت النيابة حبسه على ذمة تحريات المباحث الجنائية بمحافظة البحيرة حول الواقعة وظروفها وملابساتها، وذلك خلال التحقيقات حول الحادث.

أما خلال شهر أكتوبر الحالي، قد ذاع صيت واقعة قام فيها رجل يدعى “مجدي.م”، بتهديد زوجته المجني عليها “شيماء . أ” كتابة بإفشاء أمورًا مخدشة، وكان ذلك التهديد مصحوبًا بطلب عودتها إلى عصمته، والتنازل عن الدعاوي المقامة منها قبله ومستحقاتها الشرعية على النحو المبين بالتحقيقات.

تم القبض على المتهم وأمرت النيابة بإحالته إلى محكمة الجنايات، وتبين في أمر الإحالة أن المتهم هدد بافشاء أمرًا من الأمور التي تحصل عليها باستخدام إحدى الوسائل محل الاتهام التالي، وأشار أمر الإحالة أن المتهم أعتدى على حرمة الحياة الخاصة لزوجته المجني عليها بأن نقل عبر هاتف جوال صورها الشخصية حين ألتقطت في مكان خاص وفي غير علانية.

وأشار أمر الإحالة أن المتهم أذاع الصور الخاصة بالمجني عليها والمتحصل عليها بالوسيلة محل الاتهام السابق بغير رضاء المذكورة، واستخدم حسابيه الشخصيين على موقعي التواصل الاجتماعي “الفيس بوك” و”الواتس آب” بهدف تسهيل ارتكاب الجريمة، موضوع الاتهامين السابقين.

وفي 23 أكتوبر الماضي، قررت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة في التجمع الخامس بتأجيل محاكمة صاحب شركة هدد زوجته بنشر صورًا خاصة للعودة إلى عصمته، إلى جلسة 16 نوفمبر مع استمرار حبس المتهم.

وبعد تسليط الضوء على مثل هذه الوقائع الجنسية غير المرغوب فيها، تناشد بتغليظ العقوبة وتنفيذها على كل زوج يرتكب تلك الجريمة بحق زوجته سواء أثناء العلاقة الزوجية أو بعد الانتهاء منها.

شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات