١٤ يونيو ٢٠٢١
المرأة البوروندية النموذجية توصف ب“أموناروقو” و ترجمتها حرفيا هي “سيدة المنزل“. كانت هذه الأيديولوجية وغيرها الكثير على حد سواء جزءًا من المعتقدات التقليدية للحياة الأسرية العادية في بوروندي. حيث كانت المهمة الأساسية للمرأة في الأسرة هي رعاية أطفالها وترتيب المنزل وإطعام أفراد الأسرة ورعاية الزوج. كانت هذه الممارسة شائعة منذ قرون، على الأقل منذ أن تمكنا من توثيق تاريخ مملكة بوروندي. ومن المثير للاهتمام أن الأمور قد تغيرت اليوم وتبنت المرأة البوروندية تحولاً فكرياً حول قدراتها ومسؤولياتها.
“البقاء في المنزل لأداء الأعمال المنزلية؟” تسأل فتاة شابة بفضول والدتها أو أي امرأة أخرى من أفراد الأسرة. قد يبدو سبب هذا الفضول غريباً بالنسبة لامرأة بوروندية تبلغ من العمر سبعين عامًا. حيث في زمنهن لم تكن هناك مدرسة تحضرها الفتيات ولا وظائف مكتبية يمكنهن مغادرة المنزل للذهاب إليها. كان مكانهن إما في المزرعة أو في المنزل للقيام بالأعمال المنزلية بإعتبارها المسؤولية الأساسية. في بوروندي الحديثة، الفلسفة القديمة المتعلقة بأدوارالمرأة و الرجل ربما تكون قديمة قدم الجيل السابق؛ على الرغم من أن التطور في الأمر لم يحدث في غمضة عين.
مع عدد سكان يقدر ب 11.8 مليون نسمة تشكل النساء فيه ما يصل إلى 50.4٪ (اعتبارًا من عام 2020)، وفقًا لمجموعة البنك الدولي لمؤشرات التنمية من المهم معرفة المكان الذي يقضي فيه هذا الجزء الكبير من السكان وقتهم. لم يكن الذهاب إلى المدرسة والاندماج في القوى العاملة “الرسمية” شيئاً ثابتاً دائمًا، ليس لأنهن يفتقرن إلى شيء ما، ولكن لأنه قيل ذلك من قبل الديكتاتوريين بشأن الأدوارالمجتمعية. اليوم ليس لدينا فقط فتيات ونساء يعملن كالرجال سواء،ولكن لدينا أولئك الذين قطعن شوطًا إضافيًا لتحقيق أكثر مما كان متوقعًا منهن. يوجد في بوروندي قائمة بأسماء عالمات ومهندسات ومصورات وسياسات ورياضيات ورائدات أعمال مشهورات وغيرهن الكثير.
ومن المثير للاهتمام أن التقاليد ليست هي فقط التي تغيرت، ولكن عقلية الشعب البورونديأيضًا، فقد ثبت أن السياسة تدعم المرأة في مساعيها الشخصية والمهنية. حيث أقر البرلمان ومجلس الشيوخ في بوروندي عدة قوانين تدعمها. تم تحديد نسبة مئوية معينة كحد أدنى من حصة مشاركة المرأة في المكاتب العامة ومكاتب صنع القرار، ليس لحصرها في هذا العدد فقط، ولكن لتشجيعها ولتكون قادرة على المساهمة في أعلى المناصب القيادية في الدولة، وفي النهاية تجاوز الحد الأدنى. لا يمكن لأحد أن يتجاهل المساهمة التي قدمها دستور عام 2005 لجمهورية بوروندي الذي أدخل ما لا يقل عن% 30 من النساء في المناصب العامة العليا.حيث تم اكتشاف بعض الإمكانات الخفية للكثيرات ورأينا نساء يصبحن وزيرات ومحافظات مقاطعات، وسفيرات، وقانونيات وعضوات في الغرف العليا في مجلس الأمة، ورئيسات تنفيذيات لشركات عامة وخاصة بأعداد قياسية.
ومع ذلك ، فقد تم بالفعل ملاحظة بعض النساء البارزات حتى من قبل تلك النهضة. على سبيل المثال، سيلفي كينيغي، أول امرأة تشغل منصب رئيسة الوزراء في بوروندي وأفريقيا بشكل عام في عام 1993. بعد عام 2005، أخذت بعض النساء الأخريات بعض المناصب العليا مثل إيماكولي ناهايو، أول رئيسة للبرلمان وأليس نزوموكوندا، أول نائبة للرئيس على الإطلاق.
تسليط الضوء على المرأة البوروندية
لوحظ أن عدد من النساء البورونديات داخل وخارج البلاد لديهن إنجازات غير عادية في مجالات متعددة. بينما لا يمكننا ذكرهن كلهن، قررت هنا أن أتحدث عن بعضهن وأعطي لمحة عن حياتهن وإنجازاتهن الفريدة من دون ترتيب لمكانتهن العظيمة. القائمة ليست مفصلة، وبكل فخر هناك المزيد الذي يمكن إضافته على القائمة.
فرانسين نيونسابا
المصدر: BBC
ولدت في عام 1993، وهي واحدة من أكثر الأشخاص تأثيراً في البلاد حيث تحفز للفتيات الصغيرات اللاتي يحلمن بحياة ذات مغزى أكبر. ولدت نيونسابا عام 1993 في روييجي، وهي مقاطعة ريفية في شرق بوروندي. في سنوات المراهقة أصبحت صاحبة الرقم القياسي الوطني في عام 2012، وذلك عندما اقتربت منها الشركات والمهتمين بالرياضة لرعاية حياتها المهنية من جميع الاتجاهات. بعد أن أقنعت قادة الرياضة المحليين وبعد بضعة أشهر فقط من ظهورها في المشهد، قبلت تحديها الدولي كعداءة في بطولة أفريقيا لألعاب القوى لعام 2012 وحصلت على الميدالية الذهبية في 800 متر وحملت بفخر علم بوروندي في كوتونو. بينما كان عام 2012 مذهلاً بالنسبة لها، صنع 2018 لها ذكريات للحياة، حيث حصلت على الميدالية الذهبية في 800 متر في بطولة العالم لألعاب القوى للصالات المغلقة 2016 (فيديو)، وهي المرة الأولى لها في مسابقات في صالات مغلقة. مرة أخرى، غنى الآلاف النشيد الوطني “بوروندي بواكو” في أوريغون، بورتلاند في الولايات المتحدة. لا يمكننا التحدث عن كل مآثر نيونسابا في عالم الألعاب الرياضية، ولكن أحد أفضل ما قدمته تم تسجيله في دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو حيث حصلت على الميدالية الفضية لمنافستها الجنوب أفريقية، كاستر سيمينيا التي حصلت على الميدالية الذهبية. ويذكر أيضًا أنها حاصلة على الميدالية الذهبية من برمنغهام في بطولة العالم لألعاب القوى في 2018
فرانسين نيونسابا على اليسار مع أجي ويلسون زميلتها الأمريكية في السباق في ولاية أوريغون 2016. مصدر الصورة: كلتشرتريب
ليديا نسيكيرا
مصدر الصورة: الفيفا
تُعرف باسم السيدة الأولى لكرة القدم لشغلها مجموعة من المناصب والشهادات التشريفية التي حصلت عليها على المستوى الوطني والإقليمي والدولي. مارست ليديا نسيكيرا كل شيء من كرة القدم إلى ألعاب القوى. ولدت نسيكيرا عام 1967، ونشأت في عالم الرياضة، وهي هواية لا تحظى بشعبية ناهيك عن كونها مهنة للإناث من جيلها في بوروندي. من بين العديد، مارست ألعاب كرة السلة والقفز العالي. وعلى الرغم من أنها شغلت مناصب أخرى خارج الساحة الرياضية كمديرة لشركة ولاحقًا مدققة حسابات، إلا أن السيدة نسيكيرا تحتفظ بوشم لا يمحى للرياضة في أعماق كيانها. حيث أنها خبيرة استراتيجية ومناضلة من أجل تطوير المرأة في مجال الرياضة ليس فقط في بلدها ولكن في العالم أجمع.
من بين أهم مناصبها في الرياضة، كانت رئيسة الاتحاد البوروندي لكرة القدم؛ عضو اللجنة المنظمة للبطولة الأفريقية الخامسة لكرة القدم للسيدات؛ رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية البوروندية (NOC)؛ عضو اللجنة المنظمة للاتحاد الدولي لبطولات كرة القدم الأولمبية (الفيفا)؛ عضوة لجنة كرة القدم النسائية التابعة للاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)؛ عضو اللجنة التنفيذية لمجلس اتحادات شرق ووسط أفريقيا لكرة القدم؛ عضو اللجنة المنظمة لبطولات كرة القدم الأولمبية في بكين (2008)؛ عضو اللجنة المنظمة لكأس العالم لكرة القدم، تشيلي (2008)؛ رئيسة لجنة كرة القدم النسائية ولجنة كأس العالم للسيدات FIFA؛ عضو اللجنة التنفيذية للفيفا؛ نائب رئيس لجنة التطوير بالفيفا؛ عضو مجلس إدارة FIFA؛ عضو اللجنة التنفيذية لاتحاد اللجان الأولمبية الوطنية ( (ANOC.
إن مهنة السيدة نسيكيرا في مجال الرياضة، وهي امرأة بوروندية لا تحتاج إلى تعريف في أي مكان في العالم، مليئة بالأرقام القياسية. ومع ذلك، يجدر بنا ذكر بعض الاشياء هنا. تحت رئاستها لاتحاد بوروندي لكرة القدم، قادت إطلاق أول دوري وطني للسيدات في البلاد، وأصبحت أول امرأة تشغل مقعدًا في اللجنة التنفيذية للفيفا، وأول شخص يجلس في مكاتب كل من FIFA واللجنة الأولمبية الدولية في الوقت نفسه، رقم قياسي عالمي لم يكسر بعد من قبل أي شخص آخر حتى الآن. في عام 2018 ، صنفتها فوربس على أنها ثاني أقوى امرأة في الرياضة و واحدة من أقوى 50 امرأة في إفريقيا في عام 2020.
مصدر الصورة: الفيفا
ميراي كاماريزا ، دكتوراه
الباحثة ميراي كاماريزا تقدم التنوع إلى قائمتنا المختصرة للغاية. هي عالمة بوروندية شابة جذبت الانتباه في عالم العلوم والطب الحيوي على وجه الخصوص. تبلغ من العمر 32 عامًا، وقد تمت ملاحظتها بالفعل على الشاشات الكبيرة والمختبرات التابعة لبعض أشهر الجامعات في العالم.
في عام 2018 ، عُرض على الدكتورة كاماريزا منصبًا في جمعية الزملاء بجامعة هارفارد، مما جعلها أول عالمة أحياء سوداء اللون في الجمعية. وهي مؤسس مشارك في OliLux للعلوم البيولوجية، أحد أهم إنجازاتها هو تطوير DMN-Tre بالشراكة مع كارولين بيرتوزي من جامعة ستانفورد وعلماء آخرين، وهو جزيء صغير يستخدم لاختبار مرض السل في “أقل من ساعة، وبتكلفة زهيدة، وبدقة أكبر” بينما تتطلب الاختبارات التقليدية فترة انتظار لأسابيع. في أغسطس 2020 ، اختارت مجلة الأخبار الكيميائية والهندسية (C&EN)، المجلة الإخبارية الأسبوعية للجمعية الكيميائية الأمريكية (ACS)، الدكتورة كاماريزا كأحد الرموز العلمية الصاعدة في قائمة “الموهوبين 12″ السنوية.
مصدر الصورة: جريدة هارفارد جازيت
تستمر النساء الأفريقيات في تقديم الإنجازات المتميزة لتحسين حياة البشرية في القارة و العالم.نساء بوروندي – اللواتي يغيرن قرونًا من السرد و التصنيف، يحدثن فرقًا داخل بوروندي وخارجها يومًا بعد يوم. المرأة هي مصدر طاقة للمجتمع وقد أثبتن بإستمرار قدرتهن على التغلب على جميع مجالات الحياة.
شارك: