المرأة في بناء الدولة

الشركاء: أندريا
١٤ مارس ٢٠١٦ متى يصبح الشخص مصدر التغيير ويلعب دوراً مؤثراً تجاه المجتمع؟ حين يصبح المرء مصدر تغيير في الموقع الذي يشغله، و أن يصبح الطرف المؤثر وليس المتأثرهذا ما يجعل منه ذو أهمية وإهتمام بما حوله.. المرأة معروفة بمقدرتها الكاملة على المسؤولية تجاه عائلتها من جميع النواحي، و بإمكانها إستغلال تلك الصفات الحميدة وتطبيقها تجاه الوطن. لست بصدد الحديث عن إمتيازات ومميزات المرأة، بل عن كيفية تأثيرها السلبي و الإيجابي على المجتمع. بما أن المرأة جزء لصيق بالمجتمع والنظام الحاكم، فإنه من الواجب والضروري أن يُرى لها إنجازات وإسهامات في الموقع الريادي الذي تعمل به. تمثيل المرأة للنسبة المفروض عليها دستورياً ليس بالأمر المهم، الأهم هو أن تدرك بأن وجودها ليس لإكتمال النسبة المطلوبة دستورياً بل لانها تستحق ذلك من خلال مؤهلاتها و مقدراتها العقلية والفكرية، وبإستطاعتها إثبات نجاحها وتفوقها من خلال المنصب الموكل لها. إن خروج كثير من النساء للعمل لم يعد حقاً يوهب لهن كأحد حقوقهن، بل لأن الأوضاع والسياسات الاقتصادية الفاشلة هي التي فرضت عليهن ذلك، المتعلمة منهن وغير المتعلمة. فالمرأة اليوم في جنوب السودان تعمل كموظفة أو عاملة من أجل لقمة العيش وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية في المنزل. كذلك الرجال ، الأغلبية من الرجال والنساء لا يعملون في المجال الذي درسوه لكي يبدعوا فيه، بل الظروف هي التي فرضت نفسها ليجد المرء نفسه يعمل من أجل تسديد الحوجة وإشباع الحاجة الشخصية التي لم يعد يستطيع الكل تحقيقها الآن نسبة لسوء الأوضاع الاقتصادية بالبلاد. إن لم يكن هذا هو الحال كنا سنرى كل من المرأة والرجل في المواقع الريادية يعملون من أجل تنمية البلاد ووضع رؤى مستقبلية وتنفيذها بكل جدية. هذا لن يحدث ما لم يتم تنفيذ الوظائف الإدارية المعروفة وهي أولاً التخطيط وهو عبارة عن تصور المستقبل بتحديد أفضل السبل والطرق لإنجاز الأهداف المطلوبة. ثانياً التنظيم وهي وظيفة تعمل على كيفية إدارة الموارد البشرية والمادية من خلال الهيكل المحدد للمهام والصلاحيات الإدارية والمالية. ثالثاً التوظيف وهو إختيار، و تعيين وتدريب الشخص المناسب في المكان المناسب في المؤسسة؛ وهو ما نقتقره تماماً هنا في جنوب السودان. رابعاً التوجيه وهو الإرشاد وتحفيز الموظفين تجاه تحقيق أهداف المؤسسة، و خامساً الرقابة وهي أهم وظيفة إدارية من حيث مراقبة كيفية سير العمل وهل تحققت الأهداف كما تم التخطيط السابق. إذا لم تتبع الدولة النهج الإداري المعروف دولياً وتديره على أسس إدارية صارمة فإن الدولة حتماً ستثبت فشلها الواضح وتصبح غير قادرة على سيطرة الفشل الأكيد. لكي ننجح لا بد أن نخطط وننفذ، لست بصدد تقديم محاضرة عن كيفية إدارة الدولة بل عن نجاح المرأة المرهون بالوضع الحالي تمكين المرأة لا يأتي من فراغ بل من خلال الإجتهاد وتطوير الذات قبل أن يُقدم الدعم من أي جهة أخرى. إن لم تدرك المرأة أهمية التعليم، فإن مفهومها سيبقى رجعياً ولن تستطيع القيام بواجبها تجاه المجتمع. المرأة بجنوب السودان تمثل بالتقريب 60% والمتعلمة منها لا يتجاوز نسبتها 30% فالبعض منهن تركن تعليمهن من المرحلة الإبتدائية، والبعض أجبرته الظروف المادية والأسرية القسرية من عدم مواصلة التعليم. ليس خطأ أن ترغمك الظروف على ترك شيء ولكن الخطأ ألا نواصل بعد تجاوز التحديات والعقبات. فمن المؤسف أن تضع المرأة سقفاً معيناً لنهاية تعليمها على أساس عمرها المكون من أرقام لا تعني أي شخص؛ فمن العار أن تصف المرأة ،إمرأة مثلها “بمتقدمة في السن” و”لا نفع لها في التعليم” بل ترغمها بالزواج والإهتمام بإنجاب أطفال وأن تصبح أم مثالية وزوجة صالحة لرجل إجتهد وأكمل تعليمه في رغبة لتأهيل سلمه التعليمي. إن زالت المرأة المتعلمة تحمل هذا المفهوم فهي بالكاد لم تنضج عقلياً لأنها تهاب ألسن المجتمع الذي ينعتها “بالبايره” وترضخ له فتنهار نفسياً من البوره الغير مؤكدة. كيفية إبراز إنجازات المرأة الجنوبية وتقديم دعمها للمجتمع يكمن في إعداد برامج تنموية من أجل بناء قدرات المرأة الغير متعلمة مثل مشروع تعليم الكبار لمحو الأمية بين فتيات الريف والمدن حتى يستطعن القراءة والكتابة على سبيل المثال لمقدرة الواحدة منهن على معرفة إنتهاء صلاحية دواء طفلها. و يجب إنشاء جمعيات نسوية ذات دورات تدريبية لتمكين المرأة مهنياً في الخياطة والتطريز، و الديكور المنزلي والتصوير الفوتوغرافي، وأعمال فنية أخرى بإمكانها تقليل نسبة العطالة بين النساء من ناحية، ورفع مقدراتهن ومؤهلاتهن المهنية ما ناحية أخرى. تحرر المرأة فكرياً يأتي نتاج تفاعلها وتعاملها مع قضاياها بشكل جاد، وأن تعتمد على نفسها في تطوير ذاتها حتى إذا تطلب الأمر بعض الجهد والدعم من جهات أخرى، حتى تغار المرأة إيجابياً وتعمل لكي يصبح مجتمعها مثل باقي المجتمعات المتطورة، فهذا يبعث في نفسها دافع قوي للإبتكار نحو التقدم والتطوير طالما هذا النوع من الغيرة تعتبر نافعة وليست ضارة. لكي يعمل الرجل بدعم ومساندة المرأة، عليها القيام بمبادرات ذكية تسعى من خلالها إلى تفعيل وتطوير دورها بإستثمار طاقتها الفكرية والمعرفية. كل هذا لن يحدث إن لم تضع رؤية واضحة لتألقها ودعمها للمرأة غير المتعلمة في الريف والمدينة، فالمجتمع ينتظر منها الدور الفاعل والمتفاعل في مناقشة القضايا من حولها كونها نصف المجتمع. المناسبات السياسية التي تفرض نفسها ليست أماكن مناسبة لنقاش قضايا المرأة دون جدوى، بل يجب تخصيص مبادرات و منابر تنويرية خاصة بمناقشة القضايا الجادة والحساسة للمرأة في أماكن تواجدها وليس في القاعات والفنادق الراقية وهذا من أجل الفائدة العامة للمرأة البسيطة وهي المستهدفة في الأصل في مثل هذه المنابر. المرأة إذا تم الإهتمام بها ستُظهر فكرها الناضج والصالح في بناء هذه الدولة ، ولكن أهم ما في الأمر هو أن تعرف المرأة دورها وهدفها وكيفية إنجاز ما تصبو له
شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات