ديب ضد هيرد: إعادة ضبط ثقافي أم تراجع؟

الشركاء: أندريا

تاريخ النشر:

2023

٢٧ يونيو ٢٠٢٢ منذ بداية حركة #MeToo تلذذ العالم برؤية أمثال هارفي وينستاين و كيفن سبيسي يتم الإستهزاء بهم عبر الإنترنت ويخسرون صفقات الرعاية الخاصة بهم ويتم استبعادهم من الإعلانات التي تقدر بملايين الدولارات تحت راية الإلغاء عبر الإنترنت. وعلى الرغم من ذلك، حتى هذا التاريخ من المثير للجدل ما إذا كان الإلغاء ناجحًا عندما يحاول الطرف المُلغىقدر الإمكان أن يظل وثيق الصلة بالمجال. ولكن في بعض الأحيان تكون هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن للضحية أن تقاوم بها جانياً قويًا، وهو أمر حبس العالم أنفاسه لأجله عندما رأى جوني ديب ممثل هوليوود المخضرم، الذي قام برفع قضية تشهير ضد زوجته السابقة التي كان يُعتقد حينها أنها ضحيته، أمبر هيرد. إذن ما الذي جعل محاكمة جوني ديب ضد آمبر هيرد جذابة جدًا؟ ألا ينبغي أن يكون مجرد مثال كلاسيكي على السقوط من القمة؟ حسنًا، لقد تسبب قرار المحكمة النهائي في مثل هذا السقوط ولكن للمدعى عليها، وليس المدعي الذي خلق الكثير من التخمين حول وضع وشعار نصدق النساء بدون دليل، ولا ننسى أن الكثيرين اعتقدوا أن هذه القضية سوف تساهم في إعطاء المعتدين مزيدًا من السلطة على ضحاياهم الذين سيخشون التقدم للأمام.
رد الجمهور على الحكم بإلقاء اللوم على الحركة لإسكات الضحية المزعومة. المصدر: Payayatee.com
في هذا المقال، لا أهدف إلى الإنحياز إلى أي من الطرفين ولكن لدراسة النقاش الثقافي الأكبر حول ممثلي الحركات، وأهمية النظم القانونية القائمة على الأدلة، وما يمكننا القيام به لخلق بيئة ترحيبية للناجين لرواية قصتهم، والزخم الحالي للحركة في السودان. قبل الخوض في التفاصيل القانونية الجوهرية يعد تلخيص الأحداث أمرًا ضروريًا لتحديد الإتجاه: ●    تقدمت آمبر هيرد بطلب الطلاق في عام 2016. ●    استلمت تسوية طلاق تقدر بسبعة ملايين دولار. ●    رفع جوني ديب دعوى قضائية ضد صحيفة صن البريطانية بتهمة التشهير في وسائل الإعلام المطبوعة بعد أن أطلق عليه لقب معنف الزوجةفي عام 2018 وخسر القضية. ●    رفع ديب دعوى قضائية ضد هيرد في عام 2022 بتهمة التشهير في ولاية فرجينيا الأمريكية وفاز بمبلغ 15 مليون دولار كتعويضات بينما حصلت هي على 2 مليون دولار تعويضات بعد أن وجدت هيئة المحلفين أن محامي ديب قد شوه سمعة هيرد. المملكة المتحدة ضد الولايات المتحدة: أنظمة قانونية مختلفة تعني نتائج مختلفة؟ خسر جوني ديب أمام قاضٍ في المملكة المتحدة لكنه فاز أمام هيئة المحلفين في الولايات المتحدة. استخدم محاموه نفس الأسلوب في رسم قصة الخير مقابل الشر التي جاءت بنتائج عكسية في المحكمة التي تعتمد على الموروث القانوني ولكنها نجحت في الإستئناف في جذب عواطف هيئة المحلفين مع عدم وجود خلفية قانونية. يوضح هذا كيف يمكن أن يؤثر مكان المحاكمة على نتائجها، حيث رفع جوني الدعوى ضد صحيفة زا صنفي المملكة المتحدة لأن القانون هناك يفضل المدعين في قضايا التشهير بينما تفضل الولايات المتحدة المتهمين، بالإضافة إلى أن النظام القانوني الأمريكي يفرض شرطًا مسبقًا لإثبات النية الخبيثة التي أثبتتها الصحيفة، الى أنهم توصلوا إلى هذا الإستنتاج فقط بعد أن استلمت هيرد تسوياتها. عامل آخر هو أن ديب رفع دعوى قضائية ضد صحيفة نسخت فقط ما قيل عنه في قضية المملكة المتحدة، لكنه خاض محاكمة ضد الشخص الذي زُعم أنه تسبب له في الضرر في الولايات المتحدة وليس الوسيط الذي نقل الأخبار حتى لو كانت المقالة المتعلقة به مقال رأي. هذا يبدأ الحديث عن حرية التعبير وإلى أي مدى يجب تقييدها إذا أدت إلى التشهير. وفقًا لبعض الباحثين القانونيين السودانيين، حتى اذا لم تتطرق هيرد أو ذا صن إلى ذكر ديب بالاسم، مجرد تضمينه من الممكن اعتباره تشهيرًا، كما كتبت هيرد في مقالها في الواشنطن بوست أنها تعرضت للإساءة من زوجها السابق ومن المعروف انه جوني ديب. وفقًا للمادة 159 (1) من القانون الجنائي السوداني التي تنص على أن مجرد الإبلاغ عن الإجراءات القضائية لا يعتبر تشهيرًا، وهو أمر جادلت فيه الصحيفة قائلة إنه كان مجرد تغطية للإتهام الذي سمعته بحق ديب مما أدى إلى قضية المحكمة. ممثلو الحركات ، لماذا لا يجب أن نخصص القضايا بعد المحاكمة، زعمت هيرد أنها كانت وجه للناجين من العنف الأسري ونشطاء حرية التعبير وأن هذا الحكم سيدفع عجلة حقوق المرأة قرونًا إلى الوراء، مؤدياً إلى رد فعل عنيف ضد حركة #MeToo . لكن هل من العدل أن نعين أي شخص كوجه لحركة دولية؟ هذا سيف ذو حدين، ضرب الأمثلة وتمثيل الضحايا إما في القصص الخيالية أو في الحقيقة يمكن أن يفيد أولئك الذين يتعرضون للإنتهاكات للتقدم للأمام ويعرفون أنه سيتم تصديقهم. في حالة ديب، تقدم العديد من الناجين الذكور لأنهم رأوا كيف تغلب على خوفه من وصمة العار ضد الرجال الذين يتعرضون للضرب وفكرة المجتمع حول كيف يجب أن يكون الرجل. من حين لآخر، عندما يتبين أن المتهم كاذب فإن الحركة بأكملها تصبح موضع تساؤل بسبب أفعال فرد واحد، مما يضر بالأثر الذي تهدف الحركة إلى تحقيقه. لذلك لا ينبغي أن تقف الحركة على أكتاف شخص واحد ولا ينبغي أن تكون مسؤولة عن أفعال امرأة واحدة حيث تحولت الكراهية اللاذعة ضد هيرد إلى وليمة كراهية ضد النساء بشكل عام. لذلك وصفت العديد من النسويات السودانيات ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المحاكمة بأنها انتصار للسلطة الأبويةحيث استمرت ميمات وسائل التواصل الإجتماعي في السخرية من النساء كما لو أن آمبر هيرد هي المتحدثة باسم النساء في كل مكان. بينما أصدرت مجلة فوغ على سبيل المثال مقالاً بعنوان حان الوقت لتصديق أمبر هيردعلى أساس أنه يجب علينا بأي ثمن أن نصدق النساء.
مجموعة من الصور التي تصور هيرد وهي تبكي في المحكمة بينما يواصل مستخدمي الانترت في جعلها مزحة. المصدر:صحيفة التايمز
حركة #Metoo في السودان وشعار صدق النساء بلا دليل في الآونة الأخيرة، تبنت وسائل التواصل الإجتماعي في البلاد وسم #نصدق_النساء مما خلق فجوة بين النساء اللواتي يتقن الى أن يتم تصديقهن مع العلم أنه ليس لديهن دليل يدعمهن، وبين الرجال الذين يخشون أن يتم اتهامهم زوراً وأن يتم إسكاتهم من قبل السلطة المخولة لثقافة الإلغاء. ولكن جاءت نقطة التحول عندما تم اتهام العديد من النشطاء الذين نشروا هذا الوسم، وشعر الكثيرون أنه أخذ من مصداقية القضية ونزاهتها مما أوصلنا إلى النقد الرئيسي للشعار واتهام فرد بدون دليل. في العديد من الحوادث التي لا تقدم فيها الضحية دليلاً، يتصدى المتهمون من خلال رفع دعوى قضائية بتهمة التشهير أو الإعتماد على التصيد على وسائل التواصل الإجتماعي للضحية. مما يجعل العديد من نشطاء حقوق المرأة يطالبون بتمكين الضحايا من خلال مساعدتهم في السعي لإيجاد أدلة، في حين عرضت العديد من المحاميات التعامل مع القضايا المجانية للضحايا. لا يعني تصديق النساء أنه يجب معاقبة المتهم على الفور، بل يعني منح الضحايا المساحة والأمان للتقدم والتحدث مع العلم أنه لن يتم إلقاء اللوم عليهن وأنه سيكون لهن الحق في الحماية أمام القانون خاصة عندما يكون الإتهام ضد رجل قوي، لأن اختلال توازن القوى قد يجبرهن على الصمت. هذا مع إعطاء المتهم في نفس الوقت الحق في محاكمة عادلة وتمثيل كافٍ بموجب النظام القانوني. ولكن من أجل الحفاظ على الحقوق يجب أن يكون هناك نوع من الأدلة على ما حدث لأن القانون ليس كلي العلم، إنها مسألة موازنة الحجج ضد بعضها البعض.
. ملصق مكتوب عليه نصدق الناجين لأن الإساءة ليس لها جنس. المصدر: www.colorlines.com
تمكين الضحايا، إعادة ضبط ثقافي وخطوة إلى الأمام: الطريقة الوحيدة لتحقيق العدالة الحقيقية هي تعليم النساء والرجال على حد سواء أن الحصول على الأدلة هو الطريقة الوحيدة للحفاظ على كرامتهم والوصول إلى إغلاق لفصل مؤلم في حياتهم. كما قال جوني ديب، أنه استعاد حياته عندما تم إغلاق القضية بفضل الأدلة التي قدمها والتي تصدت لما وصفته أمبر هيرد بجبل الأدلة غير الكاملة التي لم تكن كافية في النهاية، وعدم وجود أدلة لا يعني الكذب لكنه يعيق أي تقدم قانوني. هذا هو السبب في أنه من واجبنا أن نتعلم ونعلم أنفسنا كيفية توثيق الحوادث، على سبيل المثال أخذ لقطات شاشة وتسجيل محادثة قد تعتبرها بعض المحاكم دليلاً غير مقبول ولكن بسبب عدم وجود أدلة أفضل يمكن الموافقة عليها.” يجب عليك أيضًا التأكد من وجود شخص يمكنه دعم قصتك أو محاولة العثور على ضحايا آخرين لديهم قصة مماثلة للتشكيك في شخصية الجاني في المحكمة في قضية لا يمكن فيها تقديم دليل آخر، بغض النظر عن مدى صعوبة ذلك في وقته مع الأخذ في الإعتبار كيف يتفاعل الناس بشكل مختلف مع المواقف، ومع ذلك لا توجد طريقة للتغلب عليها بدون دليل ملموس. ثقافيًا، حان الوقت لتطبيع أن الرجال يتعرضون أيضًا للعنف المنزلي وللتحقق من التحيز المتأصل ضد المرأة الذي يؤدي إلى إلقاء اللوم على الضحية وتقليل معاناة الملايين من أفعال شخص واحد. أخيرًا، يجب أن نتذكر أنه بالنسبة لكل من جوني ديب وأمبر هيرد ، حتى لو قبلوا أن يكونوا في محط أنظار الجمهور فإن ما حدث في تلك القاعة هو حياتهم الشخصية ولا ينبغي معاملتهم على أنها قصة تحذيرية أو مشاهدة ترفيهية بل بالأحرى أن هذا الحكم القضائي سيشكل سابقة قضائية ستغير حياة الكثيرين إلى الأبد وهذه هي الحقيقة الأساسية.
شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات