“آمنة! اذهبي إلى أمك وأخبريها أن عليها إعادة الخاتم و هدايا الزفاف. سوف تكملين دراستك الثانوية و ستلتحقين بالجامعة. لا تقلقي بشأن زيك المدرسي، سأخيط لك واحدًا. “
كانت تلك كلمات سيدة حكيمة لابنة جارتها ، حيث تكافح والدتها من أجل الحفاظ على دخل ثابت، ولا تستطيع حتى شراء الزي المدرسي. لذا، اختارت فجأة أن تُزَوِج ابنتها في سن الرابعة عشر.
بينما تم إنقاذ آمنة من زواج القاصرات ، الأخريات من قريناتها لا يحظين بنفس الفرصة. تتعرض الفتيات الصغيرات في السن بشكل متزايد لخطر الوفاة أثناء عملية الولادة، خاصة في المناطق الأكثر فقراً في السودان. في تلك المناطٌق، تعميهم المعاناة من نقص التعليم والتوعية بشكل بشع، إضافة إلى تدني مستويات الرعاية الصحية.
لا تعتمد حماية الفتيات والنساء والأطفال على عامل واحد فقط ، مثل فرض السن القانونية للزواج – فهو أمر بالغ الأهمية ، ولكنه غير كافٍ. لا بد من وجود نظام متكامل لحماية الإناث ورفع مستوياتهن. الركيزة الأولى لذلك هي التعليم الجيد الذي يدفع بشكل هادف طريقة تفكير الجيل الجديد ، ويزودهم بالأدوات اللازمة للتساؤل و مواجهة العادات والأنظمة والممارسات الأبوية الظالمة. سيساعدهن ذلك على الأقل في إبعاد أوصياء الأبوية الملازمين لهن منذ الصغر – من الإناث والذكور. و في أفضل الاحتمالات، ستتولد قوة و للدفاع و نصرة حقوق النساء والفتيات والأطفال في البيوت و المجتمعات.
الركيزة الأساسية الأخرى هي العدالة الاقتصادية: أي تكافؤ الفرص في سوق العمل والأجر المتساوي. وضع سياسات تهدف إلى تحسين فرص المرأة في الحصول على دخل ثابت يؤول إلى الاستقلال المادي، و هذا هو مفتاح تحرير النساء وحمايتهن من الأزواج و / أو الأسر المسيئة. سيؤدي هذا الأمر إلى إنشاء فتيات صاحبات القرار في تحديد الطريق الذي يرغبن اتباعه.
الركن المحوري الآخر هو نظام الرعاية الصحية الجيد الذي يضع صحة المرأة و عافيتها في لب عمله. على الرغم من كون الختان مخالفا للقانون في بعض الولايات، إلا أن الفتيات لا زلن يتعرضن لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية بشكل يومي في السودان ومنطقة شرق إفريقيا. أثبت أن هذه العملية تؤدي إلى العديد من المضاعفات والالتهابات حتى في الولادة. كما ينتشر سوء التغذية على نطاق واسع بين النساء ، ويزداد سوءًا في حالات الحمل ونقص المكملات الغذائية ، ناهيك عن حالات سرطان الثدي غير المشخّصة التي عادة ما تتطور بسرعة و التي يتم اكتشافها في وقت متأخر للغاية.
رحلتنا كنساء وفتيات تنتشر عبر ساحات قتال مختلفة ، وعلى الرغم من أن البعض منا واجه أبشع المآسي و الظروف التي لا يمكن تخيلها، إلا أنه و في حدود قوتنا ننهض ونواصل مع بعضنا البعض خوض هذه المعارك. دعونا نذكر أنفسنا بكلمات الدكتورة مايا أنجيلو: “قد تواجهك الهزيمة ، لكن لا تنهزم“.
لن نُهزَم.
