١١ يناير ٢٠٢١
بينما كان العالم الغربي مشغولاً في وصف إفريقيا بأفقر القارات فقد فشلوا في وصف الأفارقة بأنهم من أكثر الشعوب كرمًا على كوكب الأرض. لقد تحدثت إلى الرئيسة التنفيذية جاكلين أسيموي , لسفسورس أفريكا وهي منظمة استشارية مستقلة غير ربحية تسعى إلى تحسين ممارسة العمل الخيري وبصمته في إفريقيا من أجل المشاركة الحقيقية، لتسليط الضوء على سخاء إفريقيا.
في أواخر سبتمبر 2020 ، استضافت المنظمة أول مؤتمر على التلفاز و مباشرة على قنوات التواصل الاجتماعي بعنوان Gathering of Givers او لقاء المتبرعين لتجمع المتبرعين عبر أنحاء أوغندا. حسب أسيموي، فإن احتياجات أوغندا كثيرة، والأشخاص الذين حاولوا تلبية هذه الاحتياجات متساوون العدد، لكنهم لا يعرفون بعضهم البعض. و بالتالي اُقيم هذا المؤتمر تحت شعار “عد، رصد، حساب ” لربط الأوغنديين الذين يكرسون بوقتهم و ثرواتهم لفعل الخير، وكذلك للاحتفال بالكرم الأفريقي.
ما هو العمل الخيري وهل لدينا فاعلون خير في أوغندا؟
جاكلين أسيموي: التعريف اليوناني الكلاسيكي للعمل الخيري هو “الحب للإنسانية”. ليس للمال إرتباط بهذا التعريف ولكن للحب رابط قوي. ولأن الحب عاطفة إنسانية يمكن لأي شخص الشعور به وكذالك لأي شخص أن يعطيه . لذلك بهذا المعنى، نعم لدينا فاعلون للخير. هدفنا بصفتنا سيفسورس أفريكا أن نقوم بهذا العمل و هو في الواقع تشكيل السرد حول من هو فاعل الخير ومحاولة إضافة الطابع الديمقراطي على هذه الكلمة. مما يعني أن الجميع يجب أن يعتبروا أنفسهم مانحين، ونحن جميعًا كذلك.
بالإضافة إلى أن الطريقة التي يتم بها العمل الخيري الآن تفترض أنني سأحتاج دائمًا إلى فاعل خير، ولن يحتاجوا إلي أبدًا. القوة ليست لأعلى ، فنحن نتقاسم السلطة و لدينا أوغنديون لديهم أكثر من غيرهم ، ولكن فقط لأنني لا أستطيع إعطاء سوى قلم رصاص ، لا ينفي أننا جميعًا مانحون.
لماذا نحتفل الآن بالعطاء إذا كان العطاء في إفريقيا موجود منذ زمن؟
جاكلين أسيموي: إنطلقت سيفسورس أفريكا في عام 2017 وبدأنا كشركة تقدم خدمات استشارية لمحبي عمل الخير. في ذلك الوقت كان من المعروف أن فاعلي الخير هم من الأجانب الذين يتبرعون لصالح إفريقيا / أوغندا. لذا في تلك اللحظة من إنشاء سيفسورس خاطرتنا الفكرة في أننا أيضًا مانحون. أعتقد أن الأمر بدأ في تلك اللحظة لفهم أننا أيضًا مانحون.
ما هي الأنشطة المرتبطة بإحتفال المانحين؟
جاكلين أسيموي: لا يتعلق الأمر بالتجمع فقط، فقد قمنا مؤخراً بإجراء بحث أرسلنا فيه إثنين من المصورين في جميع أنحاء البلاد لإلتقاط بعض الصور للتعبير عن رموز العطاء. لذلك في العام المقبل لدينا معرض للصورالتي تم إلتقاطها.
وماذا عن مُستقبِلي هذا العطاء ؟ هل يتم الاحتفال بهم أيضاً ؟
جاكلين أسيموي: إنها دائرة ، فبالطريقة التي نقدمها في أفريقيا لا يوجد مانح واحد دائم ولا متلقي واحد دائم ولكن المنظمات الإنسانية جعلتنا نفكر بهذه الطريقة. مثلاً متى أرسلت أوغندا مساعدات إلى المكسيك؟ الطريقة التي يعمل بها العالم هي أن القوة في العادة تتدفق في إتجاه واحد، و لكن عطاءنا الذي يتم في إفريقيا على أساس (فلسفة) أوبونتو هو عبارة عن دورة. في مرحلة ما كنت قد حصلت على شيء وعند نقطة أخرى قمت بإعطأه . لذلك لا يوجد منصب دائم لمانح أو متلقي، حتى المانحون الذين تجمعوا قد تلقوا أيضًا.
فقد صنفت الآن كمانح، و عندما نشأت كان والدي كاهنًا أنجليكانيًا ولم يكسب الكثير. في بعض الأحيان، كان على أبناء الرعية دفع رسوم مدرستنا، لذلك كنت إحدى متلقي الدعم من قبل. لذا، فهو ليس منصبًا دائمًا، فقد نكون الإثنين معاً .
هل أثرت جائحة فيروس كوفيد-19 على ما خططتي له في الحدث؟
جاكلين أسيموي: من الأشياء التي سبقت لقاء المانحين الذي عقد في 30 سبتمبر هو نشر أربعة مجلدات من تقرير أطلقنا عليه اسم الكرم في زمن كوفيد-19 ، وإذا ذهبت إلى موقعنا على الإنترنت ستجده. تلك الكتالوجات تحتوى العديد من القصص الجميلة لجميع أنواع المانحين. وفيما يخص العطاء ليس المال فقط هو الذي يعطى، الأشياء الأخرى التي نتفق عليها بشدة هي أن العطاء يساوي ثلاثة أشياء بحرف ال“T” بالإنجليزية ؛ الوقت“Time” ، الكنز“Treasure” ، والموهبة“Talent”.
فمن المغنين من غنوا مجانًا عن كورونا، و هناك طفل يبلغ من العمر 5 سنوات باع أرنبين مقابل 5000 شلن ليتبرع بها إلى فرقة العمل الوطنية لـ كوفيد-19، و الممرضة التي نقلت مريض إلى المستشفى على عربة يدوية ، و هناك رجل اعتاد أن يركب دراجته 50 كم كل يوم ليأخذ أدوية لمرضى فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) وآخر كان يفعل نفس الشيء مع الأشخاص المصابين بالبهق. كل هذه القصص موجودة. أردنا إبراز أن الجميع يعطي وأن كل عطاء يتم تكريمه. وبالنسبة لنا، كان ذلك بمثابة الفترة التي سبقت الاجتماع. تمكنا من إظهار أننا نقف مع بعضنا البعض خاصة في الأزمات.
هل وصل الحدث إلى أكبر عدد كما كان متوقعًا؟
جاكلين أسيموي: عندما كتبنا الاقتراح إلى صندوق النقد العالمي ، كانت رؤيتي حينها هي: هل يمكننا ملء قاعة نامبولي ؟ في ذهني كانت قاعة نامبولي صغيرة جدًا نظرًا لأن هذه التقارير لا تحكي عن حتى 100 قصة من كل العطاء الذي يحدث. نامبولي صغيرة جدًا بحيث أن تحتوي جميع المانحين، فكنت أفكر في أكبر مساحة هنا و هل يمكننا تعبئتها. العطاء يمكن أن يكون عمل معزول للغاية، لذا إذا كنت من يعطي دائمًا أردنا أن نقول أنك لست وحدك في هذه الرحلة، فنحن مجموعة من المانحين. كان التجمع مجرد لحظة من الزمن، و لقد كان بمثابة بناء على الطرق التي يمكننا من خلالها البدء في تمكين المانحين من التجمع حتى نلتقي معًا ونكرس الموارد على مدى أطول و حقل قوي للنهوض بأوغندا.
هل تعتقدين أن العالم قد فهم الرسالة التي كنتي تحاولين تصويرها؟
جاكلين أسيموي: نعم ولا، فقد كان هذا حدثًا لمدة ساعتين وكانت هذه قطرة في محيط. بعد حوالي شهر من التجمع، كنت أعقد اجتماعًا في فندق هنا في كمبالا وتوجهت إلي امرأة وقالت إنها تعمل مع وكالة تابعة للأمم المتحدة في بنغلاديش. أخبرتني أنها شاهدت حدث التجمع على شاشة التلفزيون. أنا متأكدة من أننا لا نعرف كل من شاهد لأننا حصلنا على 6000 مشاهدة. هذا ليس بالشيء الصغير بالنسبة لي.
أيضًا، عندما تقوم بتغيير وتشكيل السرد، فإن هذا لا يحدث في لحظة واحدة ، لذلك نفكر في كيفية إشراك الأطفال. يجب أن يكون هناك تحول ذهني بين الأجيال وهذا لا يحدث بسبب حدث واحد أو مؤسسة واحدة فقط. فهذا أشبه بكيف أصبح النوع أو الجندر حدثا، يجب أن يصبح الكرم حدثاً كذلك.
هل كان هذا حدثًا لمرة واحدة أم لديكِ خططاً لتحويله إلى حدث سنوي؟
جاكلين أسيموي: قررنا الاستمرار في القيام به، وفي يوم 30 سبتمبر 2021 سيكون هناك تجمعًا للمانحين في شرق إفريقيا. لدي حلم في أن يكون يوم 30 سبتمبر يوم نحتفل فيه بالعطاءات في ال54 دولة في جميع أنحاء إفريقيا .
هل هناك أي صور نمطية أخرى حول إفريقيا تعمل سيفسورس أفريكا على تغييرها أم أنها تتعلق فقط بالعطاء؟
جاكلين أسيموي: لقد اخترنا العطاء، ولكن العطاء متعدد الأوجه لأنه بما أن النظرة له يجب أن تتغير بين الأفارقة، يجب أن تتغير أيضًا في الغرب. على سبيل المثال، هناك منظمة عون إنساني هنا حاولت تقديم اقتراح لتمويل بحث عن العمل الخيري وكان التعليق أن الأوغنديين يقدمون فقط لحفلات الزفاف والجنازات. حتى التصور السائد بين الغربيين حول العطاء الأفريقي يجب أن يتغير وهذا أمر أخر.
الشخص الذي لا يفهمنا سوف يخطئ في فهم ما نقوم به ولفترة طويلة تم فهم أفريقيا بشكل خاطئ على جميع المستويات.
ماذا يعني شعار المؤتمر ” عد، رصد، حساب “؟
جاكلين أسيموي: العد يعني أن كل عطاء مهم ، لست مضطرًا لأن تكون مليارديرًا ، فكل شيء تعطيه مهم . الرصد يعني سرد قصتنا، وجزء من سبب عدم معرفة العالم للأفارقة هو أننا لا نروي قصصنا عن العطاء. أما الحساب فهو حثنا على الشفافية خاصة عندما نتلقى. لا يتعلق الأمر فقط بالمانحين، بل بتقييم كل من قدم لنا.
كيف نحكي قصتنا؟
جاكلين أسيموي: أحد الأشياء التي حدثت خلال العقد الماضي مع وسائل التواصل الاجتماعي هي أنها جعلت رواية القصص ديمقراطية، لأننا كنا نمتلك وسيطًا واحدًا، أي الصحافة، ولكن الآن يمكن لأي شخص رواية القصص. لهذا السبب تم الاتفاق في سيفسورس أفريكا أننا سوف نتدخل في هذا المناخ ونروي القصص، لهذا جمعنا كل تلك القصص.
بدأنا بثًا صوتيًا وكل أسبوع لدينا شخص أوغندي يروي قصة عن العطاء، فهنالك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها سرد القصص الجميلة عن أفريقيا.
بالنسبة لأسيموي، كان و لازال العطاء في إفريقيا ثقافة لن تتلاشى أبدًا. منذ زمن أجدادنا الذين حملوا قربة مليئة بالخمور المصنوعة منزلياً لزيارة أصدقائهم، إلى أمهاتنا اللواتي جعلونا نحمل سلال الطعام أثناء زيارة الأقارب ، تعلمنا أن اليد التي تمدها هي نفس اليد التي تقبل. في الحقيقة إنه أمر محرج في أفريقيا أن لا تعطي ؛ فالكل يعطي و ليس المبلغ بل القلب. لا شيء أصغر من أن نعطيه، حتى الجراد يمكن مشاركته.
شارك: