تتعرض سلامة وحقوق النساء والفتيات الأساسية للخطر في ظل الحروب والصراعات، حيث تصبح أخر الأولويات في ظل تصاعد العنف، وذلك ببساطة بسبب جنسهن. تواجه النساء والفتيات اللواتي يواجهن الحروب للعديد من التحديات والعقبات، يتمثل بعضها في صعوبة الوصول إلى الموارد أو الرعاية الصحية، إلى جانب تعرضهن مباشرة للصراع على الجبهات ومواجهتهن لظروف تهدد حياتهن.
وغالبًا ما تكون للحروب آثار سلبية مفرطة على صحة النساء والفتيات، حيث يزداد خطر الإصابة والوفاة والمرض الجسدي والعقلي في وقت تتعرض فيه خدمات الصحة العامة للتدمير أو النقص بشكل كبير، وتتحمل النساء أعباء نقص هذه الخدمات، حيث تُحول الموارد المتاحة إلى الرجال الذين يشاركون في الحرب.
ومع تصاعد العنف والحروب التي تؤدي إلى تدمير المرافق والبنية التحتية والمستشفيات والعيادات بشكل متكرر، يمكن أن يكون الوصول إلى الرعاية الصحية محدودًا بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك، يتم تعطيل الكهرباء والمياه والصرف الصحي والإمدادات، مما يعني أن الرعاية الصحية غير متاحة لأولئك الذين يحتاجون إليها.
وهو الأمر الذي يضع النساء والفتيات في مخاطر كبيرة، حيث يتسبب نقص الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية في زيادة احتمالية الحمل غير المخطط له وانتشار الأمراض والعدوى. كما يعني ذلك أن خدمات الصحة بعد التعرض للعنف القائم على النوع الاجتماعي أو الجنسي غالبًا ما تكون غير متاحة.
أيضا، يتعرض النساء والأطفال الذين يتأثرون بالحروب لمستويات متزايدة من التجارب المؤلمة، والتي تشمل التعرض المباشر للعنف وانهيار هياكل العائلة وتفكك البنية الاجتماعية. وترتبط الحروب بزيادة انتشار اضطرابات القلق، مثل اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب بين الأطفال والمراهقين والنساء، سواء أثناء النزاعات أو بعدها.
وتقدر الدراسات أن متوسط انتشار اضطرابات القلق والاكتئاب الكبير بين السكان المتأثرين بالنزاعات يكون مرتين إلى أربع مرات أكبر من التقديرات العالمية للانتشار، مع تأثير كبير للتعرض للنزاع على الصحة العقلية للنساء. وقد أظهرت العديد من الدراسات تأثير النزاعات بشكل أكبر على النساء من الرجال، وغالبًا ما يرتبط ذلك بالعنف القائم على النوع الاجتماعي.
وتواجه النساء والفتيات مخاطر كبيرة على صعيد حقوقهن الإنسانية خلال الحروب. فعلى سبيل المثال، غالباً ما تتحمل النساء مسؤولية إعادة توطين العائلات، وحماية سبل المعيشة، والحفاظ على سلامة الجميع، ونتيجة لذلك، يعيش النساء والأطفال بشكل أساسي في مخيمات اللاجئين.
وتقدر وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن أكثر من نصف 80 مليون نازح حول العالم هم نساء. وينتهي الأمر بهن بقضاء شهورًا، إن لم يكن سنوات، في مخيمات اللاجئين التي تفتقر إلى المرافق البسيطة، وتعاني من نقص الموارد، كما تفتقر إلى توزيع متساوٍ للطعام والماء والضروريات الأخرى.
فيما يمكن أن يتأثر النساء والأطفال بالحروب حتى دون النزوح من منازلهم، فالسكان الذين لا ينتقلون بعيدًا عن النزاعات المجاورة – وهم في الغالب من الفئات الفقيرة والضعيفة – يتعرضون لخطر متزايد للإصابة والوفاة نتيجة للعنف المباشر وتدهور الظروف المحلية. في عام 2012، كان هناك تقدير لنحو 149 مليون شخص غير نازح تأثر بالنزاعات على مستوى العالم.
تشير الأمم المتحدة أيضًا إلى أن ظروف الحروب تميل إلى أن تعكس الأنماط الجنسانية، حيث يُتوقع من النساء أن يهربن من النزاع، في حين يُتوقع من الرجال أن يقاتلوا في الجبهات، مما يؤدي إلى موقف تتحمل فيه النساء مسؤولية إطعام وإيواء وحماية عائلاتهن.
وفي السياق ذاته، غالبًا ما تؤدي الحروب إلى تشريد المزارعين، وتدمير المحاصيل الزراعية، وتعطيل أسواق الغذاء، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهي اضطرابات تؤثر بشكل غير متناسب على النساء، اللواتي ينتجن 60-80٪ من الغذاء في البلدان النامية وأكثر من نصف إجمالي الإنتاج الغذائي في العالم، وتعيق الاضطرابات التي تطرأ على الدور الحاسم للمرأة في النظم الغذائية قدرتها على توليد الدخل وتجعلها عرضة لانعدام الأمن الغذائي.
وتعد الأمهات الحوامل والمرضعات من الفئات الأكثر ضعفاً خلال فترات انعدام الأمن الغذائي، حيث إن اتباع نظام غذائي متوازن ووجود مصدر آمن للغذاء أمرًا ضروريًا للأمهات المرضعات الذين لديهم احتياجات غذائية متزايدة لإنتاج حليب الثدي الصحي.
وفي حالات الطوارئ مثل النزاعات والحروب، تعد الرضاعة الطبيعية محورية لحماية حياة الأطفال حديثي الولادة بسبب الأجسام المضادة المنقذة للحياة الموجودة في حليب الثدي. تحمي هذه الأجسام المضادة الرضع من الأمراض مثل الالتهاب الرئوي، وهو أحد الأسباب الرئيسية لوفاة الأطفال في جميع أنحاء العالم. ومع تأثر عوامل النظافة والسلامة أثناء الحرب، يصبح الأطفال أكثر عرضة لخطر المرض والعدوى.
وفيما يتعلق بالتعليم، فإن الفجوة بين الجنسين تشكل عائقًا أمام النساء والفتيات، حيث تتخلف النساء والفتيات المراهقات عن الرجال والفتيان في معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة في جميع أنحاء العالم. وليس من المستغرب أن تتسع هذه الفجوة بشكل أكبر أثناء الحروب، حيث يؤدي النزوح القسري إلى تقييد وصول الفتيات إلى التعليم. ولا يعوق نقص التعليم آفاقهن الوظيفية المستقبلية فحسب، بل يجعلهن أيضًا عرضة للزواج المبكر. فغالبا ما تكون الفتيات أول من يتم منعهم من المدرسة، وآخر من يعودون إليها. ووفقًا للشراكة العالمية للتعليم، من المرجح أن تكون الفتيات اللواتي يواجهن النزاعات 2.5 مرة أكثر عرضة للبقاء خارج المدرسة من الأولاد، وأقل احتمالًا للعودة بعد وقف إطلاق النار.
المصادر
شارك: