يخلق العنف المنزلي بيئة عدائية تراها النساء كبيئة خطيرة لا تصلح لتربية طفل فيها. ويؤثر العنف بشكل مباشر على الأمومة، حيث تشعر النساء اللاتي يعشن في بيئة عدائية أن الظروف تشكل خطرًا على صحتهن ورفاهية الطفل.
العنف المنزلي هو قضية اجتماعية أساسية تؤثر على استقرار الأسرة وصحة الضحايا، ولكن غالبًا ما يتم تجاهل مفهوم الأمومة في مناقشات العنف المنزلي. يمكن أن تؤثر الصحة النفسية والجسدية للمرأة بشكل كبير على نتائج تخطيط الأسرة أو الحمل أو رعاية الأطفال.
ويُعرف العنف المنزلي بأنه هو أي سلوك تهديدي أو عنيف يحدث داخل الأسرة أو المنزل بين البالغين من أي نوع اجتماعي أو توجه جنسي. وتقع الغالبية العظمى من الحالات على يد الرجال ضد النساء. ويمكن أن يكون العنف جسديًا أو عقليًا أو عاطفيًا أو ماليًا. كما أن العنف المنزلي أثناء الحمل هو مصدر قلق للصحة العامة بسبب عواقبه على صحة الأم والجنين. ويكون الأطفال في الأسرة على دراية أو يتعرضون مباشرة للعنف المنزلي بنسبة 90% من الوقت مما يعرضهم للخطر.
وفي حين أن العديد من النساء يمكن أن يتحملن الإساءة تجاه أنفسهن، إلا أنه ليس شيئًا يمكنهن قبوله تجاه الطفل. لذلك، يؤثر العنف المنزلي على الحالة العاطفية والنفسية للمرأة، مما يؤدي إلى احتمال إنهاء الحمل أو اتخاذ تدابير لتجنب الحمل. تركز الأمهات على حماية أطفالهن من الأذى الجسدي والعاطفي في المواقف العدائية. ومع ذلك، فإن التركيز الأساسي على الأطفال يترك النساء عرضة للخطر ويؤدي إلى سلوكيات تسعى إلى استرضاء المعتدي. ينتج عن ذلك عنف مستمر حيث يشعر المعتدي بأنه غير معارَض وبالتالي، يمكن أن يضع امرأة في موقف خطير لحماية طفلها.
ويمكن ربط العنف المنزلي بالفقر، حيث أن غالبية حالات العنف المنزلي هي صراعات ناجمة عن الظروف المالية، وتوجيه الرجال الغضب واللوم تجاه النساء، مما يؤدي إلى تفجر العنف. يتسبب الفقر في تدهور الظروف المعيشية، والتي تشكل مخاطر صحية كبيرة عند اقترانها بالإساءة. وقد يؤدي الاستخدام المفرط للمواد المخدرة مثل الكحول والمخدرات إلى العنف المنزلي.
كما أن هناك عوامل ثقافية مرتبطة بالعنف المنزلي. فتاريخيًا، سمحت العديد من الثقافات الأبوية بضرب ومعاقبة النساء والأطفال، الذين يُنظر إليهم على أنهم ممتلكات الرجل. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما تكون الحياة الجنسية للمرأة مرتبطة بـ “شرف” العائلة. لذلك، فإن أي تصرفات أو سلوكيات من قبل المرأة يُنظر إليها على أنها أفعال مخزية للعائلة تُقابل بالإدانة والإساءة.
ومن الناحية القانونية، تميل وكالات إنفاذ القانون إلى التعامل مع العنف المنزلي على أنه مسألة عائلية خاصة، وتتردد أحيانًا في التدخل أو المشاركة. وغالبًا ما يتم التعامل مع أعمال العنف المنزلي بتساهل أكثر من الجرائم التي يرتكبها الغرباء. في الواقع، لا يتم حتى الاعتراف بالاعتداء الجنسي من قبل الشركاء الحميمين كجريمة في العديد من الثقافات.
هناك أيضا عوامل بيئية تقود إلى حدوث العنف المنزلي، حيث إن الأشخاص الذين نشأوا في بيئات مسيئة وشهدوا أو تعرضوا للإساءة كأطفال قد يكونون أكثر عرضة لارتكاب العنف المنزلي كبالغين، ويشار إلى هذا الأمر باسم دورة إساءة المعاملة بين الأجيال.
ولا يزال المجتمع يميل إلى إلقاء اللوم على الضحايا لتعرضهن للإساءة، مما قد يجعل من الصعب عليهن التقدم والإبلاغ عن المعتدين، وغالبًا ما يتم الإفراط في التحقيق مع الضحايا، ويتم إلقاء المسؤولية عليهن.
في الحالات القصوى، يمكن أن يكون العنف المنزلي أثناء الحمل عامل خطر متزايد لوفاة الأم، جنبًا إلى جنب مع القتل والانتحار. فالنساء اللاتي يتعرضن للعنف المنزلي أثناء الحمل معرضات لجميع المشكلات الصحية العقلية والجسدية التي تؤثر على النساء بشكل عام، بعض هذه الآثار لها أهمية خاصة وتشكل مخاطر معينة أثناء الحمل.
وفي سبيل التعامل مع العار والتوتر والمعاناة الناجمة عن العنف المنزلي، قد تلجأ بعض النساء الحوامل إلى التطبيب الذاتي، أو استخدام التبغ والكحول والمخدرات الأخرى. وقد تواجه الحوامل أيضًا تأخيرات في رعاية الأمومة بسبب منعهن من مغادرة المنزل أو تفويت المواعيد بسبب الإصابة الناجمة عن العنف المنزلي.
فيما قد يستهدف مرتكبو العنف المنزلي أثناء الحمل البطن بشكل مباشر، كما يمكن أن يستهدف الجناة أيضًا الأرداف والثديين والأعضاء التناسلية والرأس والرقبة والأطراف الأخرى، مما يتسبب في العديد من النتائج السلبية لصحة الجنين، والتي تشمل تقزم الجنين داخل الرحم، بالإضافة إلى المخاض والولادة المبكرة، مما يؤدي إلى انخفاض الوزن عند الولادة ومخاطر أخرى على حديثي الولادة. وتشمل المضاعفات التوليدية الأخرى المرتبطة بالعنف المنزلي زيادة خطر التعرض للنزيف والموت أثناء الولادة. كما أن هناك زيادة في خطر الإجهاض للنساء اللاتي يتعرضن للعنف المنزلي أثناء الحمل.
ويمكن أن يكون للضغط الذي تتعرض له ضحية العنف المنزلي أثناء الحمل تأثيرات سلبية طويلة الأمد على مستويات القلق لدى الرضيع، جنبًا إلى جنب مع نمو دماغه وسلوكه. جميع أنواع العنف المنزلي أثناء الحمل (الجسدي والجنسي والنفسي) مرتبطة بزيادة التوتر والاكتئاب ومستويات القلق، فضلاً عن ضعف الترابط الأبوي، وانخفاض معدلات الرضاعة الطبيعية ومحاولات الانتحار. ويمثل استمرار إساءة المعاملة في مرحلة ما بعد الولادة أيضا بداية تعرض الرضع والأطفال الصغار لخطر التعرض لإساءة معاملة أمهاتهم والوقوع ضحايا لإساءة معاملة الأطفال.
شارك: