أكتوبر 17, 2023|التقنية والمساواة
مقدمة
لألعاب الفيديو (Video Games) أهمية كبيرة كواحدة من أكثر الصناعات تأثيرًا في المجتمع نتيجة لانتشارها المتزايد، خاصة مع انتشار الهواتف الذكية، ولأنها تقدم محتوى يخاطب مستخدميها من خلال عناصر جذب عدة مما يسهل معه تلقي المستخدم لهذا المحتوى وتأثره به. كذلك تمثل ألعاب الفيديو الوسيط الأكثر جاذبية للمراهقين والشباب، متجاوزة بذلك وسائط أخرى مثل التلفاز، ومن ثم فهي ذات تأثير بالغ الخطورة على تكوين الأفراد الفاعلين في المجتمع في المستقبل القريب. العلاقة بين ألعاب الفيديو والجندر كانت لزمن طويل موضوعًا للعمل البحثي المكثف، حيث درس الباحثون جوانب عدة لهذا الموضوع. تعتمد ألعاب الفيديو على اجتذاب مستخدميها بتقديم بيئات افتراضية يمكن الاستغراق فيها لفترات طويلة. وفي كثير منها يتعايش المستخدمون مع حبكات درامية لمسار حياة شخصيات تمر بتجارب وعلاقات مختلفة بشخصيات أخرى. تمثل الهوية الجندرية لتلك الشخصيات جانبًا هامًا من المسارات الدرامية التي يعايشها مستخدمو هذه الألعاب، وتنعكس هذه الهويات الافتراضية في سلوكيات وتفضيلات يمكن للمستخدمين أن يتوحدوا معها بحسب قدر انغماسهم في اللعبة. يجعل هذا ألعاب الفيديو مصدرًا هامًا للتمثيلات الجندرية التي يمكن للمستخدمين تبنيها وبناء تصوراتهم الجندرية حولها. سُوقت ألعاب الفيديو تاريخيًا بشكل يستهدف الذكور، مع تقديم عديد من الألعاب الأقدم ابطالًا من الرجال ومواضيع متصلة تقليديًا بالذكورة. أدى ذلك إلى تمثيل مشوه للجندر في ألعاب الفيديو. ركزت عديد من الدراسات على تمثيل الجندر في ألعاب الفيديو، مبرزة الاختلافات في الأدوار والمظهر والسلوك لكل من شخصيات الذكور والإناث في هذه الألعاب. وقد وجدت هذه الدراسات أن شخصيات الذكور تُمثّل بطولية وقوية، وكثيرًا ما تظهر مرتدية ملابس عسكرية، في حين تلعب الشخصيات النسائية أدوارًا ثانوية، وهي أقل قوة وترتدي معظم الوقت ملابس كاشفة. الاختلافات الجندرية في تفضيلات ألعاب الفيديو كانت أيضًا موضوعًا لعديد من الدراسات التي أظهرت أن الأولاد يميلون إلى تفضيل الألعاب التي تبرز القوة الجسدية مثل ألعاب الرياضات، القتال، والرماية/إطلاق النار، في حين تميل الفتيات أكثر نحو الألعاب الكلاسيكية، والألغاز، وألعاب كروت اللعب. وقد وجدت الدراسات أيضًا أن الأولاد أكثر ميلًا للعب ألعاب غير مناسبة لأعمارهم مقارنة بالفتيات. كانت الطريقة التي تُمثّل بها النساء في ألعاب الفيديو موضوعًا لكثير من الانتقادات، حيث إن الشخصيات النسائية هي دائمًا نمطية وتظهر بطريقة مجنسنة. وتمتد تمثيلات الجندر في ألعاب الفيديو إلى ما وراء الشخصيات نفسها. فقد ركزت بعض الدراسات على الأنماط الجندرية في إعلانات ألعاب الفيديو وفي مقالات المجلات المتخصصة. أظهرت بعض الدراسات أن مقالات المجلات المتخصصة بدورها تظهر فيها شخصيات الذكور بطولية وقوية، في حين يتم تشييئ الشخصيات النسائية. تطرقت الدراسات كذلك إلى خبرات اللاعبات من النساء والفتيات ودورهن في ثقافة ألعاب الفيديو. أبرزت هذه الدراسات تنامي ظاهرة إقبال النساء والفتيات على ممارسة ألعاب الفيديو، والحاجة إلى مزيد من الفحص لأعراض المشاكل النفسية المتصلة بهذه الممارسة. وقد استطلعت تلك الدراسات التصورات النمطية والأحكام المسبقة التي تضطر اللاعبات إلى مواجهتها في مجتمع ألعاب الفيديو، بما في ذلك تصور أنهن أقل أنوثة، أو غير اجتماعيات، وأنهن غير مجيدات للعب. تسعى هذه الورقة إلى تغطية أكبر قدر ممكن من هذه الجوانب وتقديم صورة شاملة لتقاطع الجندر مع ألعاب الفيديو مع إبراز الحاجة إلى معالجة عديد من الجوانب السلبية التي لا تزال سائدة في كل من صناعة ألعاب الفيديو وما تقدمه من محتوى، وفي مجتمع لاعبي هذه الألعاب وسيادة قدر ملحوظ وطاغ من الذكورية والعداء للنساء فيه.صناعة ألعاب الفيديو – الحجم والأثر الاجتماعي
-
-
-
ما هي ألعاب الفيديو؟
-
-
-
-
-
حجم صناعة ألعاب الفيديو واتجاهات نموها
-
-
-
-
-
الأثر الاجتماعي لألعاب الفيديو
-
-
كيف يأخذ مطورو ألعاب الفيديو الجندر في اعتبارهم
-
-
-
الافتراضات الجندرية حول الجمهور المستهدف
-
-
-
-
-
التصورات الجندرية في تصميم الألعاب
-
-
-
-
-
الجندر في عمليات تسويق الألعاب
-
-
الشخصيات النسائية في ألعاب الفيديو
التمييز الجندري في ألعاب الفيديو بالغ الوضوح في الطريقة التي تُقدَم بها الشخصيات النسائية في هذه الألعاب. ثمة تفاوت واضح بين الطريقة التي تُقدِم بها الألعاب شخصيات الرجال في مقابل شخصيات النساء. تُمَثِل شخصيات الرجال بأنواعها المختلفة النسبة الغالبة في ألعاب الفيديو، وبصفة خاصة، يقل عدد الشخصيات النسائية التي يمكن أن يختارها اللاعبون للعب من خلالها. وبالتالي، فإلى جانب قلة عدد الشخصيات النسائية، فأغلب هذه الشخصيات النسائية هي شخصيات غير قابلة للعب NPC، وهو ما يعني من حيث المبدأ أنها شخصيات ثانوية وفي أحيان كثيرة ديكورية. في أغلب الألعاب التي تدور حول شخصية واحدة رئيسية تكون هذه الشخصية لرجل، وحتى وقتٍ ليس ببعيد، كان يندر أن تكون الشخصية الرئيسية امرأة. تتلقى شخصيات الرجال الاهتمام الأكبر من المصممين، ومن ثم فهذه الشخصيات تتسم بالعمق في كثير من الأحيان. وبوصفها الشخصيات الرئيسية التي يستخدمها اللاعبون أغلب الوقت للعب من خلالها، يهتم المصممون بإضفاء الكثير من الصفات الإيجابية عليها، أو على الأقل الإيجابية في التصورات النمطية عن الذكور. يغلب على شخصيات الرجال أن تكون بطولية، مغامرة، قوية، ذكية، تمتلك قدرات متعددة ومهارات مختلفة. في المقابل تتلقى الشخصيات النسائية قدرًا ضئيلًا من الاهتمام من حيث صفاتها السلوكية والعقلية، وهي في الغالب شخصيات أحادية الأبعاد تنحصر في التصورات النمطية التقليدية عن النساء بصفة عامة. ويغلب على تلك الشخصيات الضعف والحاجة الدائمة إلى مساعدة الرجال. الجانب الذي يتلقى اهتمام المصممين عندما يتعلق الأمر بالشخصيات النسائية هو الصفات الشكلية والمظهر. يتم التركيز على إبراز مصادر الإغراء والجاذبية الجنسية من خلال المبالغة في إبراز ملامح جسدية بعينها. ويضاف إلى ذلك اختيار ثياب الشخصيات النسائية بحيث تكشف عن أكبر مساحة ممكنة من أجسادهن، بعض النظر عن مدى ملائمة ذلك للدور المفترض أن يلعبنه في حبكة اللعبة أو الظروف المحيطة. ينتج عن ذلك التوجه في تصميم الصفات الشكلية والمظهر للشخصيات النسائية في ألعاب الفيديو تشييئ وجنسنة هذه الشخصيات. والمقصود بالتشييئ Objectification هو أن تلك الشخصيات تفتقد إلى أي عمق إنساني وتتحول إلى مجرد أشياء ينحصر الغرض منها في الإثارة الجنسية. أما الجنسنة Sexualization فتعني حصر المرأة في الجانب الجنسي من هويتها. وتمتد هاتان الظاهرتان إلى ما وراء الصفات الشكلية والمظهر إلى سلوك الشخصيات النسائية والأدوار التي تلعبنها.النساء ومجتمع لاعبي ألعاب الفيديو
-
-
-
تجارب النساء في مجتمع لاعبي ألعاب الفيديو
-
-
-
-
-
علاقة كراهية النساء والعنف ضدهن بمجتمعات لاعبي ألعاب الفيديو
-
-
الآثار النفسية والسلوكية لألعاب الفيديو
-
-
-
الآثار النفسية والتكوينية لألعاب الفيديو على الفتيات
-
-
-
-
-
الآثار النفسية والتكوينية على الأولاد والشباب
-
-
خاتمة
سعت هذه الورقة إلى تقديم صورة شاملة للعلاقة المتشعبة والمركبة بين ألعاب الفيديو وبين الجندر. في المحصلة تنشئ ألعاب الفيديو عالمًا افتراضيًا يدور حول مركز رئيسي هو الذكر الغيري جنسيًا. يتبدى بوضوح سعي مصممي ألعاب الفيديو إلى اجتذاب اللاعبين الذكور بجعل هذا العالم الافتراضي مرضيًا لرغباتهم وأكثر أحلامهم جموحًا. ينعكس ذلك على تصميم الشخصيات النسائية التي تظهر عادة ضعيفة وسلبية وفي الوقت نفسه مثيرة. وفي حين أن هذه الصورة السائدة في ألعاب الفيديو لها بالتأكيد أثرها على تعزيز التصورات النمطية الجندرية التقليدية في المجتمع، فلا ينبغي إغفال حقيقة أن علاقة هذه الصورة بالتصورات الجندرية السائدة في المجتمع هي علاقة تبادلية. مصممي ألعاب الفيديو لا يبتدعون التصورات النمطية الجندرية في ألعابهم من فراغ، وإنما هم يعبرون بصراحة كاملة عن المسكوت عنه ضمنًا في الثقافة السائدة التي لا تزال مشبعة بالتمييز ضد النساء وإن حاولت على السطح التخفيف من حدة هذا التمييز. المطالبة بأن تكون ألعاب الفيديو أكثر شمولية وإرضاءً لتفضيلات الطيف الجندري للاعبيها هي بالتأكيد ضرورية. نجاح المطالبة في تغيير صناعة ألعاب الفيديو بشكل ملموس ومتسق مع قيم المساواة الجندرية لن يتحقق بشكل كامل إن لم يشهد المجتمع ككل تغييرًا حقيقيًا تختفي معه مظاهر كراهية النساء والتمييز ضدهن وتسود معه المساواة الكاملة والاحترام الحقيقي للاختلافات الجندرية.
شارك: