هل يجب علينا الاهتمام بالتغيرات المناخية

التغيرات المناخية أصبحت امر واقع نشعر بها في حياتنا اليومية وتأثر على أنشطة الحياة في كافة المجالات، فالعالم الان أصبح مهموما بشكل متزايد بتلك التغيرات التي تتضح اثارها السلبية على البشر كل يوم مفهوم التغيرات المناخية وفق الأمم المتحدة ” يقصد بتغير المناخ التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس. قد تكون هذه التحولات طبيعية فتحدث، على سبيل المثال، من خلال التغيرات في الدورة الشمسية. ولكن، منذ القرن التاسع عشر، أصبحت الأنشطة البشرية المسبب الرئيسي لتغير المناخ، ويرجع ذلك أساسًا إلى حرق الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز. ينتج عن حرق الوقود الأحفوري انبعاثات غازات الدفيئة التي تعمل مثل غطاء يلتف حول الكرة الأرضية، مما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة. تشمل أمثلة انبعاثات غازات الدفيئة التي تسبب تغير المناخ ثاني أكسيد الكربون والميثان. تنتج هذه الغازات، على سبيل المثال، عن استخدام البنزين لقيادة السيارات أو الفحم لتدفئة المباني. يمكن أيضا أن يؤدي تطهير الأراضي من الأعشاب والشجيرات وقطع الغابات إلى إطلاق ثاني أكسيد الكربون. وتعتبر مدافن القمامة مصدرًا رئيسيًا لانبعاثات غاز الميثان. ويعد إنتاج واستهلاك الطاقة والصناعة والنقل والمباني والزراعة واستخدام الأراضي من بين مصادر الانبعاث الرئيسية” لماذا يجب علينا الاهتمام بالتغيرات المناخية برغم من ان التغيرات المناخية سوف تأثر بالسلب على حياة جميع الناس على كوكب الأرض الا ان تأثيراتها ستكون اكثر شدة على الدولة الفقيرة والنامية اكثر من تأثيراتها على الدول الغنية . ويعتقد الكثير من الناس أن تغير المناخ يعني أساسًا ارتفاع درجات الحرارة، ولكن ارتفاع درجة الحرارة ليس سوى بداية القصة، ولأن الأرض عبارة عن نظام، حيث كل شيء متصل، فإن التغييرات في منطقة واحدة قد تؤدي إلى تغييرات في جميع المناطق الأخرى. وتشمل عواقب تغير المناخ، من بين أمور أخرى، الجفاف الشديد وندرة المياه والحرائق الشديدة وارتفاع مستويات سطح البحر والفيضانات وذوبان الجليد القطبي والعواصف الكارثية وتدهور التنوع البيولوجي. في تقرير أعدته الأمم المتحدة عام 2018، أقر آلاف العلماء والجهات المستعرضة الحكومية على أن الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى ما لا يزيد عن 1.5 درجة مئوية سيساعدنا على تجنب أسوأ التأثيرات المناخية والحفاظ على مناخ صالح للعيش. وإلى ذلك، وبناءً على خطط الوطنية الحالية للمناخ، فإن من المتوقع أن يصل الاحترار العالمي إلى 2.7 درجة مئوية بحلول نهاية القرن. تأتي الانبعاثات التي تسبب تغير المناخ من كل منطقة من العالم وتؤثر على الجميع، لكن بعض البلدان تنتج أكثر بكثير من غيرها، حيث أن المائة دولة التي تنتج أقل قدر من الانبعاثات تولد 3 في المائة فقط من إجمالي الانبعاثات، بينما البلدان العشرة التي تنتج أكبر قدر من الانبعاثات تولد 68 في المائة من الانبعاثات. يجب على الجميع اتخاذ إجراءات بشأن المناخ، لكن البلدان والأشخاص الذين يتسببون في أكبر قدر من المشكلة يتحملون مسؤولية أكبر لمباشرة العمل بشأن المناخ. التغيرات المناخية تهدد حياة شعوب الشرق الأوسط وبرغم من أن مصر إحدى الدول الأقل إصداراً للانبعاثات الكربونية ( 1.6%) إلا أنها تعد من أكثر الدول عرضة لتداعيات أزمة المناخ، فهي معرضة لمجموعة كبيرة من الاضطرابات البيئية مثل ”نقص الترسيب، زيادة الجفاف، موجات الحرارة ، التغيرات في نسب تدفق مياه النيل تسرب المياه المالحة إلى الأراضي الزراعية، قلة التنوع في المحاصيل الزراعية، قلة مصايد الأسماك، فقدان الشعاب المرجانية”، والحقيقة أن ظاهرة تغير المناخ تحمل تهديدات حقيقية لشعوب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ بوصفها المنطقة الأكثر عرضة للتأثر بالنتائج الكارثية لظاهرة الاحتباس الحراري، وذلك لامتياز أغلب بلدانها بمناخ صحراوي حار، وزيادة معدلات الرطوبة فيها لوقوعها على سواحل الخليج والبحر الأبيض المتوسط وبحر العرب. فيما أعلنت الأمم المتحدة أن العقد الفائت هو العقد الأشد حرارة في التاريخ، وأن عام 2019، الذي شهد العديد من الكوارث الطبيعية، يسجل نهاية عقد بلغت خلاله الحرارة درجات استثنائية، تبعه ذوبان للجليد، وارتفاع قياسي لمستويات البحار في الكرة الأرضية، نتيجة لتأثيرات الغازات الدفيئة التي تنتجها الأنشطة البشرية. وبطبيعة الحال، حصلت دول الشرق الأوسط على نصيبها من درجات الحرارة القصوى، وشهدت عدة دول في المنطقة موجات حارة غير مسبوقة، كتلك التي أودت بحياة 60 شخصاً في مصر عام 2015. ورجحت دراسة أجراها باحثون من الجامعة التقنية في زيورخ إلى أن مناخ عدد من كبريات المدن في العالم سيشهد تغيرا دراميا بحلول عام 2050، حتى لو نجح العالم في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة خلال العقدين المقبلين. وبحسب توقعات باحثي الجامعة التقنية في زيورخ، سيصبح مناخ مدينة الرياض السعودية الحار مماثلاً لمناخ الكويت الأشد حرارة، بحلول عام 2050، بينما سيشهد سكان مدينة الإسكندرية مناخا مماثلا لمناخ مدينة كراتشي الباكستانية التي شهدت عدة موجات حارة وفيضانات خلال السنوات الأخيرة، في حين ستعرف مدينة الضباب البريطانية شمس برشلونة الإسبانية. وبرغم خطورة تلك الاضطرابات على الجميع إلا أن خطورتها تكون أكثر تأثيراً على الفئات الهشة ومحدودي الدخل نتيجة عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية. فالتغير المناخي يؤثر على جميع البشر ولكن الضرر يكون مضاعفاً على الفئات المهمشة، وبشكل خاص على النساء.  

 

الأوضاع التي تعيش فيها النساء خاصة في منطقة الشرق الأوسط تجعلهن أكثر تتضررا من التغيرات المناخية فغياب العدالة والمساواة ما بين الجنسين تجعل النساء والفتيات يعيشهن في ظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية متدنية تتسم بتمييز الرجال والفتيان وتلعب الأعراف وثقافة المجتمعية التي توفر البيئة المواتية لهيمنة الذكور على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية دورا مركزيا في غياب العدالة ما بين الجنسين

ووفق الأمم المتحدة تشكل النساء على مستوى العالم 70 في المائة من 1.3 مليار شخص يعيشون في ظروف من الفقرفي المناطق الحضرية، 40 في المائة من أفقر الأسر ترأسها نساءتهيمن النساء على إنتاج الغذاء في العالم (50-80 في المائة) ، لكنهن يملكن أقل من 10 في المائة من الأرض.

تساهم النساء بنسبة تصل إلى 50 في المائة من القوة العاملة الزراعيةانهن مسؤلات بشكل أساسي عن المهام التي تستغرق وقتًا طويلاً والتي تتطلب عمالة مكثفة والتي يتم تنفيذها يدويًا أو باستخدام أدوات بسيطة

واثناء الازمات والكوارث الطبيعية والصحية كالطقس العنيف او القاسي مثل الجفاف والفيضانات وجائحة كوفيد 19، تميل النساء إلى العمل أكثر لتأمين سبل عيش الأسرة. وحمايتها وتقديم الخدمات المختلفة من الرعاية الاجتماعية والصحية لكافة افراد الاسرة وينتج عن هذا وقتًا أقل للمرأة للوصول إلى التدريب والتعليم أو تطوير المهارات أو كسب الدخل ففي أفريقيا، وفق الأمم المتحدة كانت معدلات الأمية بين الإناث أكثر من 55 في المائة في عام 2000 ، مقارنة بنسبة 41 في المائة بين الرجال عندما يتزامن ذلك بعدم القدرة على الوصول إلى الموارد وعمليات صنع القرار ، فإن محدودية الحركة تضع النساء في أماكن تتأثر بشكل غير متناسب بتغير المناخ.

في العديد من المجتمعات، تمنع الأعراف الاجتماعية والثقافية ومسؤوليات رعاية الأطفال النساء من الهجرة أو البحث عن ملجأ في أماكن أخرى أو العمل عند وقوع كارثةمن المرجح أن يضع مثل هذا الوضع عبئًا أكبر على النساء، مثل السفر لفترة أطول للحصول على مياه الشرب على سبيل المثال، تعاني النساء في العديد من البلدان النامية من عدم المساواة بين الجنسين فيما يتعلق بحقوق الإنسان والوضع السياسي والاقتصادي وملكية الأراضي وظروف السكن والتعرض للعنف والتعليم والصحةسيكون تغير المناخ عامل ضغط إضافي من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم ضعف المرأةمن المعروف على نطاق واسع أنه أثناء النزاع، تواجه النساء عنفًا منزليًا شديدًا وترهيبًا جنسيًا واتجارًا بالبشر واغتصابًا.

وأعلن صندوق الأمم المتحدة للسكان أن الاتجار بالجنس قد ارتفع بعد الأعاصير والأعاصير المدارية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وازداد عنف الشريك الحميم أثناء الجفاف في شرق إفريقيا والعواصف الاستوائية في أمريكا اللاتينية والظواهر الجوية المتطرفة المماثلة في منطقة الدول العربية.

ووفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي، ارتفعت معدلات العنف المنزلي والاعتداء الجنسي وختان الإناث خلال فترات الجفاف الطويلة في أوغنداتصاعد العنف ضد المرأة في باكستان  بعد الفيضانات وفي بنغلاديش بعد الأعاصير.

وتؤكد الأمم المتحدة فيما يتعلق بجواز الأطفال نتيجة التغيرات المناخية “تقضي الظواهر الجوية المتطرفة على سبل العيش وتؤدي إلى تفاقم الفقريمكن أن يحفز هذا العائلات على تزويج الفتيات الصغيرات بحيث لا يوجد فم واحد لإطعامه ، مقابل مهر العروس أو لأنهم يعتقدون أنهم يحسنون فرص الفتاة في المستقبلمهما كانت الدوافع ، فقد شوهدت زيادة في الزواج المبكر في بلدان تأثرت بكارثة مناخية مثل ملاوي ، والهند ، والفلبين ، وإندونيسيا ، وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية ، وموزمبيق .

وللأسف الشديد لا يتم تمثيل النساء في صنع القرار بشكل جيد، مما يحد من مشاركة المرأة بشكل فعال في القرارات والسياسات والتدابير التي يجب اتباعها لتخفيف حد النتائج المترتبة على التغيرات المناخية

فعلى الصعيد العالمي 17% فقط من أعضاء مجالس الوزراء و19% فقط من مجالس النواب من النساء

واستمرار لوجود فجوة عالمية ما بين الجنسين في المداخيل والإنتاجية في جميع اشكال النشاط الاقتصادي تحقق النساء ما بين 30% الى 80% من الدخل السنوي للذكور، ويكلف تقييد فرص العمل على النساء حوالي 44 مليار دولار في السنة

النساء في سوق العمل

فوفق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء فان القوى العامل في مصر بلغت خلال الربع الرابع من عام 2021 حيث سجلت نتائج بحث القوى العاملة حجـــم قـــــوة العمــــل29,653 مليون فرد مقابل 29,380 مليون فرد خلال الربع السابق بنسبة ارتفاع مقدارها0,9 ٪ وقد بلغت قوة العمل في الحضر 13,234 مليون فرد بينما بلغت فى الريف 16,419 مليون فرد. أما على مستوى النوع فقد بلغ حجم قوة العمل للذكور 24,487مليون فرد بينما بلغت للإناث 5,166 مليون فرد.

وتلك الأرقام تؤكد على ان هناك فجوة في التوظيف ما بين الحضر والريف وهو ما ينعكس على الرواتب ومعدلات الدخل فغالبية الوظائف في الريف ترتبط بالزراعة تلك الوظائف التي تتمحور غالبيتها ضمن العمالة غير منتظمة والمرتبطة بالزراعة البحتة دون غطاء تشريعي يحمي ويصون حقوق المنتمين الى تلك المهن وهو ما ينعكس على نقص او انعدام سياسات الضمان الاجتماعي لقطاع واسع من المواطنين والمواطنات.

  • كما سجلت الأرقام فجوة كبيرة ما بين الجنسين في مساحة التوظيف فهناك انخفاض ملحوظ في نسبة الفرص المتاحة امام النساء في سوق لعمل وهو ما يعني انخفاض معدلات دخلهن بشكل كبير ويضع العراقيل امام تمكينهن على المستوى الاقتصادي وقدرتهن على الاستقلال المالي. حيث بلغ معدل البطالة بين الذكور 5.2% بينما بلغ معدل البطالة بين الاناث 17.8% ، بلغت نسبة المتعطلين في الفئة العمرية (15 – 29 سنة )  64,3 ٪ من إجمالي المتعطلين فيما بلغت 31.7٪ لإجمالي الفئة العمـرية ( 20- 24 سنة) حيث بلغت ( 31,0 ٪ للذكور ، 32,7 ٪ للإناث) . وهو ما يعني انعدام الدخل الذاتي لقطاع واسع من المواطنين والمواطنات الذين / اللاتي يمثلوا /لن القاعدة الهرمية للسكان

بلغ تقدير المشتغلين بأجــر نقدي 19,997 مليون مشتغل ( 17,007 مليون ذكور ، 2,990 مليون إناث) بنسبة 72,8٪ من إجمالـــــي المشتغلين

بلغ  تقدير المشتغلين أصحـــاب الأعمـــــال 1,070 مليون مشتغل ( 1,006 مليون مشتغل من الذكور ، 64 ألف مشتغلة من الإناث) بنسبة  3,9٪

بلغ تقدير المشتغلين ممن يعملون لحسابهم ولا يستخدمون أحد 5,127 مليون مشتغل ( 4,710 مليون مشتغل من الذكور ، 417 ألف مشتغلة من الإناث) ، بنسبة 18,7٪ من إجمالي المشتغلين

بلغ تقدير المشتغلين المساهمون في أعمال – مشروعات (داخل الأسرة) بدون أجر  1,259  مليون مشتغل (483 ألف  مشتغل من الذكور ، 776 ألف مشتغلة من الإناث ) بنسبة 4,6 ٪ من إجمالي المشتغلين

وتوضع الأرقام حجم الفجوة الكبيرة ما بين الجنسين وهيمنة الذكور على سوق العمل في مصر وهو نذير خطر امام محاولات معالجة ازمة التغيرات المناخية والتكيف معها ، خاصة ما بعد كوفيد 19 فالوضع الوبائي كشف عن توجهات سوق العمل خلال الازمة نحو تقليص عدد النساء العاملات او تسريحهن أو تعرضهن لانتهاكات وعنف خاصة العاملات في القطاع غير منظم ، فتجربة كورونا والتدابير والإجراءات الت اتخذتها الشركات والقطاع الخاصة اتسمت بالتمييز المبني على النوع الاجتماعي ، الوضع الذي يدفعنا بضرورة الاهتمام بالتغيرات المناخية ونتائجها والعمل على خلق سياسات بديلة يمكن لها ان تساهم في معالجة ازمة التغيرات والتكيف معها

شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات