خدمات الصحة الجنسية فيما بعد سن الإنجاب ضرورة لتمكين النساء

مقدمة

الصحة الجنسية والصحة الإنجابية احد أهم الحقوق التي نصت عليها المواثيق الدولية لما لها من اثر كبير على حياة الإنسان على كافة المستويات سواء الاجتماعية ، أو الاقتصادية، أو الثقافية وكذلك السياسية

والصحة الجنسية والصحة الإنجابية متميزتان عن بعضهما، وإن كانت بينهما صلة وثيقة فالصحة الجنسية، على النحو الذي حددته منظمة الصحة العالمية، هي: “حالة السلامة البدنية والعاطفية ، العقلية ، الاجتماعية فيما يتعلق بالحياة الجنسية

أما الصحة الإنجابية ، على النحو المبين في برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية فتتعلق بالقدرة على الإنجاب وحرية اتخاذ قرارات مستنيرة وحرة ومسئولة ، وتشمل أيضاً الوصول إلى مجموعة من المعلومات عن الصحة الإنجابية ، السلع ، المرافق ، والخدمات لتمكين الأفراد من اتخاذ قرارات مستنيرة ، حرة ، ومسئولة عن السلوك الإنجابي ، والحق في الصحة الجنسية والإنجابية غير قابل للتجزئة أيضاً ، ومرتبط بحقوق الإنسان الأخرى ، ويرتبط هذا الحق ارتباطاً وثيقاً بالحقوق المدنية والسياسية التي تقوم عليها السلامة البدنية والعقلية للأفراد واستقلالهم، مثل الحق في الحياة؛ حرية الشخص وأمنه؛ عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة ؛ والخصوصية واحترام الحياة الأسرية والمساواة وعدم التمييز ، كما أن الحق في الصحة الجنسية والإنجابية جزء من الإستراتيجية الخاصة بخطة التنمية المستدامة لعام 2030 التي أقرتها الأمم المتحدة ووقعت عليها الحكومة المصرية .

الخطط الإستراتيجية للصحة الجنسية والإنجابية :

في جميع أنحاء العالم تضع الدول خطط إستراتيجية لتقديم الرعاية الصحية المرتبطة بالصحة الجنسية ، الإنجابية مرتبطة بشكل مباشر بتوجهاتها الاقتصادية ، السياسية ، هذا الارتباط له أهداف محددة مسبقا تهدف إلى الارتقاء بالأوضاع الاجتماعية ، الاقتصادية للمواطنين وبالتالي النهوض بإمكانيات الدولة على المستوى الاقتصادي والاستفادة من الثروة البشرية في البلاد

ومصر من بين دول العالم التي تستهدف تخفيض عدد السكان لذلك هي من بين أهم الدول التي تضع خطط إستراتيجية لتقديم خدمات الصحة الإنجابية التي تستهدف الحد من معدلات الإنجاب.

فاحد أهم القطاعات بوزارة الصحة والسكان في مصر قطاع تنظيم الأسرة ، هو المصدر الحكومي الأول لتقديم خدمات ووسائل منع الحمل ، في عيادات تنظيم الأسرة في وحدات الرعاية الأساسية بجميع إنحاء الجمهورية ، و يلعب دورا محوريا في تقديم الدعم الفني والإشراف علي جميع برامج وعيادات تنظيم الأسرة بالقطاع الحكومي, لضمان تقديم خدمات آمنة ، فعالة ومناسبة التكلفة تلقي ثناء ، واستحسان المجتمعات المستهدفة.

ووفق تعريف وزارة الصحة المصرية فقطاع تنظيم الأسرة يقدم حزمة من الخدمات للفئات المستهدفة وتتمثل تلكالخدمات والفئات فيما يلي :

الفئات المستهدفة : السيدات في سن الإنجاب من 15 إلى 49 عام

حزمة خدمات تنظيم الأسرة

  • المشورة العامة عن خدمات تنظيم الأسرة و الصحة الإنجابية.

  • تقديم وسائل منع الحمل والمشورة الخاصة بها.

  • تقييم وعلاج حالات الأمراض المنقولة جنسيا.

  • الكشف المبكر علي الحالات الأكثر عرضة لأورام الثدي.

  • متابعة الحالات بالأشعة التليفزيونية.

  • علاج المضاعفات الجانبية التي قد تنتج عن استخدام الوسائل.

  • رفع وعي المجتمع تجاه قضايا الصحة الإنجابية ومتابعة المنقطعات عن استخدام وسائل منع الحمل من خلال الزيارات المنزلية التي تنفذها الرائدات الريفيات.

  • يوفر القطاع في عيادات تنظيم الأسرة مجموعة متنوعة من وسائل منع الحمل للسيدات بأسعار مدعومة من الدولة أو بالمجان في العيادات المتنقلة وتشمل :

حبوب منع الحمل المركبة ( 65 قرش)

حبوب أحادية الهرمون ( 1 جنيه )

حقن منع الحمل الأحادية والمركبة الشهرية ( 1 جنيه )

كبسولة تحت الجلد والتي يستمر مفعولها لمدة 3 سنوات ( 5 جنيه)

اللولب النحاسي الذي يستمر لمدة 12 سنة ( 2 جنيه )

الواقي الذكرى ( 10 قروش للقطعة )

وبالرغم من الخطوات الايجابية التي اتخذتها الدولة المصرية خلال الخمس سنوات الماضية والمتمثلة في الإستراتيجية الوطنية التي اعتمدتها الدولة والمتعلقة بمناهضة العنف ضد النساء وكذلك إستراتيجية 2030 والمتمثلة في تمكين النساء على المستوى الاقتصادي ، الاجتماعي والسياسي إلا أن الإجراءات والمعايير التي وضعتها وزارة الصحة والسكان لا ترتقي بشكل فعال وجيد إلى أهداف الإستراتيجية بما يمكن له أن يساهم في عرقلة محاولات الدولة والمجتمع المدني بشكل عام لمناهضة العنف ضد النساء ومحاولات تمكينهن على المستوى الاقتصادي والاجتماعي .

فالأعراف الثقافية المجتمعية الخاصة بالنوع الاجتماعي تعود بالنساء ، الفتيات إلى الوراء بالمزيد من العنف الموجة ضدهن والمنظور النمطي المرسخ داخل الأذهان حول دورهن في المجتمع والمتمحور حول رعاية الأسرة ، الإنجاب وقبول هيمنة الرجال ، كما تشجع الأعراف والثقافة المجتمعية الرجال ، الفتيان على العنف ، التنافسية وهما العاملان الأساسيان لكي يصبح الرجل هو المعيل ، المهيمن داخل الأسرة ، المجتمع ، كما يزاد العنف الموجه ضد النساء بالتزام الغالبية العظمى من الرجال والفتيان بمفاهيم الشرف ، والتي تدفعهم إلى المزيد من ممارسة العنف ضد النساء لإثبات رجوليتهم وسط غياب شبه تام للتثقيف الجنسي الشامل ، وهو الأمر الذي يمكن أن نلاحظه بوضوح في إستراتيجية وزارة الصحة والسكان ، والتي ينصب اهتمامها بالصحة الإنجابية وسط تجاهل شبه تام للصحة الجنسية فالمعلومات المتعلقة بالصحة الجنسية غير متوفرة بشكل يساهم في تحسين أوضاع النساء فلا يوجد معلومات تساعد الفتيات في التعرف على أجسادهن ، والتغيرات التي تحدث له بتطور أعمارهن كمان تضعف قدرتهن على فهم توجهاتهن، ميولهن الجنسية ، وكذلك التعامل معها وفق مفاهيم علمية تحمي وتصون كرامتهن الإنسانية وحقهن في الاختيار.

وتتعرض النساء للعديد من الانتهاكات فيما يخص الصحة الجنسية فالتمييز المبني على النوع يجعلهن معرضات للحرمان من المعلومات ، والرعاية الواجبة فيما يخص الصحة الجنسية أكثر من الرجال مما يجعلهن عرضة لأشكال مختلفة من التمييز والعنف القائم على النوع الاجتماعي مثل تشويه الأعضاء التناسلية ، والزواج المبكر ، والإجهاض غير الآمن ، والإصابة بأمراض سوء التغذية وفقر الدم ، العنف الأسري ، الاغتصاب ، العلاقات الجنسية الغير آمنة ، الأمراض المنقولة جنسيا والاغتصاب الزوجي، والرعاية اللاحقة مع بعد انقطاع الطمث التي تتعرض لغياب شبه تام فلا يمكن لنا رصد ما يمكن تقديمه بشكل فعلي من خدمات متعلقة بصحة المرأة الجنسية ما بعد انقطاع ا الطمث.

تجاهل خدمات الصحة الجنسية :

الأعراف المجتمعية السائدة لها تأثير كبير في الخطاب الموجهة لنساء سوء على المستوى الرسمي أو على المستوى الإعلامي والخدمي فالدور النمطي للنساء المتمثل في الإنجاب ورعاية الأسرة وهو المحرك الأساسي للخطاب الموجه لهن وكذلك على مستوى الخدمات المقدمة لهن.

ويظهر ذلك بشكل واضح داخل الفئات الأكثر فقراً من النساء واللاتي تتعرضن للمزيد من العنف الموجه ضدهن نتيجة سيطرة الثقافة الأبوية خاصة داخل المجتمعات الريفية والتي تميز بين الرجال ، النساء ، وتفضل بينهم ، وترسخ للمفاهيم الاجتماعية النمطية لدور النساء داخل تلك المجتمعات ، والذي يتمحور في خدمة الذكور، إنجاب الأطفال ورعاية الأسرة وسط تدني للخدمات المقدمة لهن في مجال التعليم ، الرعاية الصحية خاصة الصحة الجنسية الإنجابية وفرص العمل تلك الظروف مجتمعة تقف حائلا عسر أمام محاولات تمكين النساء على المستوى الاقتصادي يساهم بشكل جذري في ارتفاع معدلات الفقر والمرض والإنجاب بين تلك الفئات فوفق تعداد مصر عام 2017 والصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء ، يبلغ عدد النساء المقيمات في الريف 26,486,209 من أجمالي عدد النساء في مصر والبالغ 45.906,334 بنسبة 57,69 % من أجمالي عدد النساء في مصر.

وبالنظر إلى الفئة العمرية الأكثر ضرراً والتي تتعرض للمزيد من العنف والتهميش والواقعة ما بين 18 30 عام يبلغ عدد النساء المقيمات في الريف من تلك الفئة العمرية 8,454,615 بنسبة 31,92% من أجمالي النساء المقيمات في الريف.

حيث بلغ عدد المتزوجات 7,583,807 بنسبة 89.70% من إجمالي الفئة العمرية 18 30 عام بينما بلغ عدد المتزوجات القاصرات من الفئة العمرية أقل من 15 عام – 17 عام 11,292,676 بنسبة 42,63 % من أجمالي النساء المقيمات في الريف.

الخدمات الصحية والعامة :

54 % من أجمالي النساء في الريف لا يحصلن على خدمات التامين الصحي . 49 % لا يحصلن على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية.

72,60 % غير متصلات بشبكات الصرف الصحي العامة ، 33,48 % غير متصلات بمصدر مياة نظيفة 97,49 % لا يمتلكن هن وأسرهم إي وسيلة نقل خاصة ، 83,79 % لا يستخدمن شبكة الانترنت ، 82,28 % لا يستخدمن الحواسيب ، 48,17 % لا يستخدمن الهاتف النقال.

تلك الأوضاع التي تنعكس بالسلب على قدرة النساء في المشاركة بالعملية الاقتصادية كقوة عمل فاعلة في التنمية الاقتصادية ، النهوض بالأوضاع الاجتماعية، الاقتصادية ، والثقافية للمواطنين/ ات في مصر.

الأوضاع الأسرية

%8.5 بلغ عدد الأسر التي ترأسها سيدات (3.3) مليون أسرة في تعداد 2017، وكانت نسبة الأميات منها 59.1% من إجمالي النساء رؤساء الأسر يليها الحاصلات على مؤهل متوسط 17.6 ، ثم الحاصلات على مؤهل جامعي بنسبة وتعد معظم النساء رؤساء الأسر في تعداد 2017 من الأرامل، حيث بلغت النسبة 70.3% من إجمالي الإناث رؤساء الأسر على مستوى إجمالي الجمهورية، يليها المتزوجات بنسبة 16.6% ثم المطلقات 7.1%. وارتفعت نسبة الإناث المتزوجات من 63.4 عام 2006، إلى 70.3% عام 2017، كما ارتفعت نسبة المطلقات من 1.2% إلى 1.7%، بينما انخفضت نسبة الإناث اللاتي لم يسبق لهن الزواج من 24.3% إلى 17% خلال نفس الفترة.

سن الأمن :

للأسف الشديد تتعرض النساء في مصر لحالة من التمييز ، العنف النفسي ، التنمر بعد انقطاع الطمث بداية من الخطاب الموجه لهن تحت عنوان سن اليأس وصولا لحالة التجاهل شبة التام لاحتياجاتهن من الرعاية الطبية المتعلقة بصحتهن الجنسية من بعد انقطاع الطمث.

فيبدأ المجتمع على كافة مناحي الحياة حتى على المستوى الطبي في استخدام لفظ سن اليأس الذي ينطوي على إعلان انتهاء دور النساء في المجتمع ، التمحور حول قدرتهن على الإنجاب وبالتالي إعلان انتهاء صلاحيتهن في المجتمع يتبعه غياب الخدمات المتعلقة بصحتهن الجنسية والتغيرات المصاحبة لانقطاع الطمث ، والرعاية الواجبة على المستوى الجسدي ، والنفسي للنساء.

وينعكس ذلك على الخدمات الصحة الجنسية المقدمة داخل مراكز الصحة الإنجابية بالقطاع الحكومي وسط غياب الخبرة ، والتدريب للعاملين في مجال الصحة الجنسية ، والإنجابية الذين يغيب عنهم القدرات الفنية ، والعلمية لتقديم الدعم الواجب للنساء على المستوى الصحي ، والنفسي فسن انقطاع الطمث بالضرورة هو سن الأمن للنساء نتيجة عدم تعرضهن لحمل غير مرغوب فيه ، لكنه لا يعني انتهاء الخدمات المتعلقة بصحتهن الجنسية ، وحقوقهن في ممارسة حياتهن الجنسية بأمان ، وتقديم الرعاية الواجبة لهن في هذا الصدد ، بالإضافة إلى احتياجاتهن للحفاظ على صحتهن العامة المرتبطة بالضرورة بصحتهن الجنسية ، والوقاية من الإمراض النفسية والجسدية المرتبطة بانقطاع الطمث ، ووقف حالة التنمر الممارس في المجتمع ضد النساء التي بلغت سن الأمن.

في ظل الاحتياج الكبير للمجتمع المصري لوقف العنف القائم على النوع الاجتماعي والسعي إلى المساواة ما بين الجنسين من اجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة فيجب العمل على عدد من المعايير التي يمكن لها أن تساهم في تحقيق أهداف التنمية .

1 – ضرورة اعتراف الدولة بحق الفتيات والفتيان في تلقي معلومات علمية وبشكل امن عن حقوقهم الجنسية.

2 – العمل على توفير بيئة آمنة داخل المدارس لتلقي المعلومات المتعلقة بالصحة الجنسية.

3 – تدريب مقدمي الخدمات الطبية على الحقوق الجنسية والرفع من كفاءتهم وإمكانياتهم/ن في هذا الصدد.

4- تقديم الخدمات المتعلقة بالصحة الجنسية جنبا إلى جنب مع الخدمات المتعلقة بالصحة الإنجابية داخل مراكز قطاع تنظيم الأسرة التابعة لوزارة الصحة والسكان.

5- تضمين الخدمات المتعلقة بالصحة الجنسية ما بعد انقطاع الطمث داخل قطاع تنظيم الأسرة التابعة لوزارة الصحة والسكان.

شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات