إديث جاكوبسون: أربعون عاما في ألمانيا (۱۸۹۷-۱۹۳۸)
تاريخ النشر:
2016
اعداد بواسطة:
إديث جاكوبسون:
أربعون عاما في ألمانيا (۱۸۹۷–۱۹۳۸)*
كانت إديث جاكوبسون شخصية بارزة في التحليل النفسي الأمريكي (انظـر/ي Kronold 1980; Fenichel 1998, 1954-1955; Thompson 2002) بعد انتهاجها التحليل النفسي في ألمانيا، هاجرت جاكوبسون إلى الولايات المتحدة في عام ١٩٣٨، وأصبحت عضوة في جمعية التحليل النفسي بنيويورك في عام 1941. من عام 1954 وحتى عام 1956 خدمت جاكوبسون كرئيسة للجمعية، ثم اختيرت مدربة ومشرفة على التحليل النفسي في معهد نيويورك في عام ١٩٤٤ والتحقت باللجنـة التعليمية في عام 1954، وكانت في كل تلك المناصب محط احترام كبير. كما كانت سلسلة محاضراتها المستمرة عن الاكتئاب توصف بالأسطورية.
على حين يرتبط اسم جاكوبسون عموما بعلم نفس الأنا الأمريكيBergmann 2000) ) رأي بعض المؤلفون أن أعمالها تنتمي إلى المدرسة الأمريكية الخاصة بنظرية علاقات الموضوع (1983 Greenberg and Mitchell)، واعتبر كتابها “الذات وعالم الموضوع” (Jacobson 1964) أكثر مؤلفات ذلك الوقت تكاملا حول التطور الطبيعي من سن الميلاد وحتى المراهقة، محاولا أن يدمج نظرية البواعث مع النظرية التركيبية ونظرية علاقات الموضوع (2002 Thompson ). لقد أثرت جاكوبسون في ما وراء علم النفس التحليلي واقترحت بعض التعديلات على نموذج فرويد للعقل فيما يتعلق بالبواعث والوجدان والانا والذات. كذلك اعترف بها كمرجع في سيكولوجيا وعلاج الاكتئاب والحالات الاكتئابية (1971 Jacobson)، كما عملت مع المرضى الذهانيين (Jacobson 1967).
المهتمون بتاريخ التحليل النفسي يدركون تأثير جاكوبسون في الولايات المتحدة. فيما يتعلق بخبراتها الأولى، قد يكون الأمر الوحيد الذي يعرفون به هو كونها تعرضت للسجن من قبل النازية بسبب دعمها لمنظمة مقاومة يسارية (انظر/ي: Brecht et al 1985, 126-131; Fenichel 1988 ). أما خلفيتها الأسرية وتطورها المهني في ألمانيا وتفاصيل انخراطها في العمل السياسي، فلم تلق حتى الآن سوى القليل من الاهتمام.
مقالنا هذا سوف يتناول تلك الجوانب مستندا إلى بحث أرشيفي مكثف.1 كما أنه يطرح أيضا بعض الأفكار الأساسية التي تعود إلى السنوات الأولى في حياة جاكوبسون والتي سوف تؤثر في مؤلفاتهـا اللاحقة، كمـا تبـرز تـأثير موقفها السياسي على عملها التحليلي.2
ولدت إديث جاكوبسون3 لأسرة يهودية. كان والدها جـاك (١٨٦٦ – ۱۹۲۷) طبيبا مارسا عموميا في بلدة صغيرة، هاياناو، في سيليسيا السفلى (شوجونوف الحالية في بولندا). أمها، بيلاجيا (بولفرمان قبل الزواج) توفيت في نيويورك في عام 1950. كان لإديث شقيق أكبر اسمه إريك (١٨٩٥ – ١٩٧٥)، وكانت علاقتهـا بـه وثيقة للغاية، وقد أصبح فيما بعد طبيب أطفال، ثم هرب بدوره من النازيـة وهاجر إلى الولايات المتحدة. لقد شعرت الأسرة أنها ألمانية تماما؛ على سبيل المثال كانت الأسرة تحتفظ بوثيقة موقعة من الامبراطور ويليام الثاني في عام ۱۹۰3 تنص على تعيين جاك جاكوبسون في منصب كبير أطباء الجيش، حيث خدم في الحرب العالمية الأولى ثم أصيب في الحرب في عام ١٩١٦، كما أصابته على الجبهة حالة من “الاكتئاب الشديد” على حد وصف ابنته، مما دعاه إلى قضاء بعض الوقت في مصحة نفسية. وقد اعزت إديث جاكوبسون اهتمامها اللاحق بالاكتئاب إلى تلك الخبرة (مقابلة نيويورك، الجزء الثاني، ص۲۳).
ولدت إديث جاكوبسون في يوم ۱۰ سبتمبر ١٨٩٧ في هايانـاو، وطبقا لروايتها كانت علاقتها بوالدها أفضل منها بوالدتها. وكانت أحيانا تصحبه في زياراته لمرضاه. لقد كان “شخصا رائعا” على حد تعبيرها، وشخصية بارزة بين الأطباء المحليين. لقد قالت إنهـا كـانـت تـحـبـه كثيرا وأنهـا أخـذت عنـه علـى وجـه الخصوص أنـاه الأعلى الصارمة. في المقابل كانت جاكوبسون تصف والدتها بأنها انفعالية وتميل إلى التقلبات المزاجية.
في عام 1910، بعد بضعة سنوات من التعليم الخاص والالتحاق بالمدارس الوسطى في هاياناو، التحقت إديث جاكوبسون بمدرسة ريآل جيمنازيوم وهي مدرسة ثانوية تهتم بالعلوم الطبيعية في مدينة ليجنيتس Liegnitz المجاورة، حيث كانت تمضي الأسبوع في القسم الداخلي. إنهـا تـذكر أنهـا كـانـت “أفضـل طـالبـة ريـاضـيات” في المدرسة. وفي عام 1916 حصلت جاكوبسون على شهادة الأبيتـور الضرورية للالتحاق بالجامعة في ألمانيا.
في ربيع عام ۱۹۱۷ التحقت جاكوبسون بكلية الطب في جامعة جيناJena ثم انتقلت إلى هايدلبرج في عام ١٩١٨. وهناك ذهبت في شتاء 1919/20 لحضور ندوة بعنوان “تدريبات على التحليل النفسي الفرويدي” نظمها الطبيب النفسي هانز جروله Hanz W. Gruhle، حيث قدمت جاكوبسون، التي لم تكن قد سمعت عن فرويد من قبل، مداخلـة عـن دراسة فرويد “جراديفا” Gradiva. لقد تركتـهـا النـدوة “بمشاعر مختلطة” تجاه التحليل النفسي. في مايو ۱۹۲۰ واصلت جاكوبسون دراستها في ميونيخ حتى حصلت على شهلاتها النهائية في أغسطس ١٩٢٢. وفي ميونيخ أيضا تعرفت جاكوبسون على أصدقاء عمرها، من بينهم على وجه الخصوص هيلين فاربر Helen Faerber، التي شاركتها فيما بعد السكني في شقى في نيويورك. هناك ما يشير إلى أن الطالبة إديث جاكوبسون قد تأثرت بالروح التحررية التي سمحت للكثير من النساء الشابات البرجوازيات من جيلها بالدخول في علاقات جنسية مع رجـال بـدون زواج. واقع الأمر أنها لم تتزوج أبدا.
أرادت جاكوبسون بداية أن تتخصص في طب الأطفال، ولهذا السبب عادت إلى هايدلبرج للحصول على درجة الدكتوراه في مايو ١٩٢٣، ثم أتمت دراستها العليا في مجال الطب الباطني في نيونيخ. لقد دفعتها الصدفة إلى العمل بداية في قسم بالمستشفى يرأسه جوستاف هاير Gustav Heyer، الذي أصبح فيما بعد من تلاميذ يونج Jung. لقد كان هاير مهتما بالمشكلات النفس جسدية وكان يبحث في تأثير الإيحاء التنويمي على حركة الأمعاء. لقد شاركت جاكوبسون في هذا البحث وقد كان ذلك التواصل مع هاير ما أثار اهتمامها بعلم النفس والطب النفسي، بما في ذلك التحليل النفسي. ومن ثم قررت جاكوبسون أن تتدرب كمحللة نفسية، وفي أواخر عام ١٩٥٢ ذهبت إلى برلين التي كانت في ذلك الوقت المكان الوحيد في ألمانيا الذي به معهد للتدريب على التحليل النفسي.
إلى جانب التدريب عملت إديث جاكوبسون في مستشفى للأمراض العصبية ثم مستشفى للأمراض النفسية، وتعود أولى مؤلفاتها، وهو مقال قصير غير تحليلي عن مرض النوم ( Jacobson 1927) إلى تلك الفتـرة. علـى حـيـن كـان ذلـك النـوع مـن التخصص الطبي متوقعا بين طلاب التحليل النفسي في برلين (2004 Schroeter)، كان من غير المعتاد تماما أن تحضر جاكوبسون ندوة خارج إطار معهد التحليل النفسي. كان منظم الندوة هو أرثر كرونفلد من معهد العلوم الجنسية الذي أسسته ماجنوس هيرشفلد Maguns Hirschfeld. كان كرونفلد شخصية بارزة في مجال العلاج النفسي وقد حصل بعد ذلك بقليل على درجة محاضر في جامعة برلين وكان أول مندوب عن العلاج النفسي يشغل هذا المنصب في ألمانيا ( Kittel 2002). لقد كان قريبا من مدرسة أدلر، وكان في ذلك الوقت معاديا للتحليل النفسي، وحين علم أن إحدى طالباته مصممة على دراسة المنهج الرسمي في التحليل النفسي، كتب سرا إلى والدها طالبا منه ان يثنيها عن عومها. لكن والدها أجابـه بـأن أبناءه “اعتادوا أن يسمح لهم بأن تكون لهم آراءهم الخاصة“.
في المقابلة السابقة على الالتحاق بالمعهد مع ساندور رادو Sandor Rado سألها عن السبب وراء رغبتها في أن تصبح محللة، وقد أجابت “لأن الفضول يتملكني في هذا الشأن“. تقول جاكوبسون لقد كان رادو “راضيا للغاية عن تلك الإجابة. ” (مقابلة نيويورك، الجزء الأول، ص١٦). حيث إنها لم تكن تعرف أحدا من أعضاء معهد برلين فقد خصص لها محلل تدريبي: كان ذاك هو أوتو فينيكل Otto Fenichel، الذي كان من نفس عمرها تماما.4 لقد قيل لها أن عليها أن تذهب إلى محلل شاب لأنه لم يكن بإمكانهـا سـوى أن تدفع أتعابـا متواضعة. كانت جاكوبسـون تـدرك بالعودة إلى اللوائح أن التحليل سوف يستمر لستة شهور على الأقل، ذلك فقد توقعت ان تنتهي بعد عام، واندهشت للغاية حين احتاج الأمر إلى أطول من ذلك بكثير. كان والدها يغطي تكلفة تحليلها وكان يطلق عليه اسم “الأفعى العملاقة” (مقابلة شيكاغو). ومن بين كل من كانوا يدرسون في المعهد، والذين ضموا ماكس أيتينجتون Max Eitington ، وفرانز ألكسندر Franx Alexander، ورادو، وكـارين هـورنی Karen Horney ، وإرنست سیمل Ernst Simmel (ما عدا كارل أبراهام Karl Abraham، الذي توفي في عام ١٩٢٥، ومن ثم لم تلتق جاكوبسون به أبدا)، كان أكثر من تأثرت به جاكوبسون هو رادو. ومما يدل على تفكيرها المستقل أنها ظلت على علاقة جيدة به في نيويورك حتى بعد أن انفصل عن الخط الرئيسي في التحليل النفسي ورغم اختلافها مع آرائه اللاحقة. كان جينو هارنيك Jeno Harnik هو المشرف عليها في الحالتين التي قامت بتحليلهما أثناء فترة تدريبها. ومن بين من ذكرتهم من زملائها في معهد برلين (مقابلة نيويورك، الجزء الأول، ص۳): برتا وشتيف بورنشتاین Berta & Steff Bonstein ، إريك فروم Erich Fromm، جورج جیرو George Geroe، برترام د. لوین Bertram D. Lewin، إيف هندريك Ives Hendrick، توماس فرینش Thomas French ، رینیه شبيتس Rene Spitz، ماریان کریس Marianne Kris، هاینریش لوفينفلد Heinrich Loewenfeld، وروبرت فليس Robert Fliess.
تقول جاكوبسون أنها استكملت تـدريبها الرسمي من خلال “الندوات الخاصـة” (مقابلة نيويورك، الجزء الثاني، ص7). بما في ذلك سلسة ندوات الأطفال الشهيرة التي نظمها كل من فينيشيل وهارالد شولتز هنكه Harald Schultz Hencke، حيث كان يمكن للطلاب والمحللين الشباب أن يناقشـوا بحريـة فـي كـافـة المسـائل الاكلينيكيـة والنظرية. بداية من سبتمبر ۱۹۲۸، شاركت جاكوبسون في هذه السلسلة من الندوات، وإن كان نادرا وبشكل متقطع، وقد يكون ذلك لأنها في ذلك الوقت لم تكن قد أتمت بعد تحليلها التدريبي. تقول جاكوبسون في وصفها للمناخ الريادي في ذلك الوقت: “لقد كنا نقرأ كثيرا. لم يجبرنا أحد على القراءة. لقد كنا نفعل ذلك لأننا كنا شديدي الاهتمام.. شديدي الحرص على مناقشة هذه المشاكل كلما اجتمعنا معا” (مقابلة نيويورك، الجزء الأول، ص٣٢). إنها تتذكر على وجه الخصوص حجم الإثارة التي شعروا بها عند ظهور مقالات فرويد الجديدة.
نظمت أنا فرويد واحدة من تلك الندوات الخاصة في عامي ۱۹۲۹ و ۱۹۳۰ حین أمضى فرويد بصحبة ابنته بعض الفترات في برلين بسبب اصابته بالسرطان. في عام ۱۹۲۹ حضر هذه الندوة حوالي عشر مشاركين، وكتبت أنـا فرويد بعدها (۱۹۲۹): ” جاكوبسون و کیرشنر وبرتا بورنشتاين يمكن بعد قدر من التواصل أن يصبحوا مفيدين للغاية“. وأضافت: “إلى حد، لازلت استشعر آثار السيدة كلاين في برلين.” واقع الأمر أن في أوراق جاكوبسون السابقة على الهجرة واللاحقة لها ما يشير إلى انفتاحها على بعض من أفكار كلاين، التي اصطدمت بعد ۱۹۲۷ بشكل متزايد مع مدارس فينا في التحليل النفسي. لقترات طويلة ظل التحليل النفسي للاطفال هو مركز اهتمام عمل جاكوبسون الإكلينيكي، حتى تركته في نيويورك بسبب كونه “مجهدًا للغاية.. جسديًا” (مقابلة شيكاغو ).
كانت حالة الطفل الأولى التي قامت جاكوبسون بتحليلها هي موضوع المقال الذي تقدمت بـه للالتحاق بجمعية التحليل النفسي الألمانية في ديسمبر ۱۹۲۹. لقد استمر تدريب جاكوبسون حوالي أربع سنوات تخللها عام من الانقطاع بسبب وفاة والدها في نهاية ١٩٢٧ واضطرارها إلى إدارة عيادته في هاياناو قبل أن تتمكن فيما بعد من بيعها.
ظهر مقال جاكوبسون الذي تقدمت بـه فـي عـام 1930، لكنـه لـم يـدرج ضمن العروض السابقة لنظريتها نظرا لأنه لم يترجم أبدا إلى الإنجليزية (انظر/ي على سبيل المثال:1983 Kernberg 1981; Tuttman 1981; Greenberg and Mitchell ).5 السمة المميزة لهذا المقال، ولكافة مؤلفاتها الإكلينيكية في ألمانيا باستثناء مقال واحد في عام ١٩٣٧، أنها كانت تستند إلى العلاج التحليلي لطفل ما. توضح جاكوبسون بـأثر رجعي: “مقالي الأول كان ورقة عن تطور الأنا الأعلى، مما يوضح لك أنني كنت منذ ذلك الوقت مهتمة بمشكلات الانـا الأعلى. كان الأمر جديدا، كما تعلم، وكانت فكرة الأنا وتحليل الأنا وتركيب الأنا الأعلى تثير اهتمامي” (مقابلة شيكاغو ).
في مقالها تركز جاكوبسون (1930 Jacobson )على المشكلة الخاصة بالأنا الأعلى في تكوين الطابع الضد اجتماعي. لقد دفعتها ملاحظاتها المبنية على تحليل طفل في السابعة من عمره إلى استنتاج (ص٢٣–٢٣٤) أنه في بعض الأحوال التعليمية والبيئية، خاصة حين يجمع الوالدان بين الحزم والتساهل، يمكن أن تتكون أنا أعلى ثانية مشجعة للبواعث، أو أنـا مثالية تتكون إلى جانب الأنا الأعلى الطبيعية المثبطة للبواعث. هذه الأنا الأعلى الثانية تسمح بإشباع الغرائز وتنكر مشاعر الخوف والذنب، ومن ثم تسمح للنزعات السيئة والعدوانية والضد اجتماعية المسنوعة من أن تعبر عن نفسها، متنكرة في ثوب المثالي (واقع الأمر أنك تريدينني أن أصبح ولدا مشاكسا). تشير جاكوبسون (1930 Jacobson) بشكل عابر إلى التشابه مع صورة “البطل” التي تتصف افعاله في واقع الأمر بالضد اجتماعية ومع ذلك ترتقي إلى منزلة ما هو مثالي (ص٢٢٥–٢٢٦). لقد وجد فينيكل (1937 Fenichel)، الذي امتلك أفضل المعرفة في ذلك الوقت بأمور النظرية، أن فكرة جاكوبسون بشأن أنا أعلى مشجعة للبواعث فكرة مبتكرة وهامة بدرجة جعلته يشير إليها في كتابه “موجز التحليل النفسي الإكلينيكي” (ص۲۳۰، ۲۹۸؛ انظر/ي أيضا Fenichel 1945, 375, 486, 504 ).
في مقالهـا التحليلي الأول لم يكن هناك بعد تمييز واضح بين مصطلحات “الأنا المثالي” و“أنـا المتعة” و“الأنـا الـواقعي” و “الأنـا الـخيـالـي” (وهو مصطلح ابتدعته جاكوبسون) والتماهي. وسوف تعمل جاكوبسون كثيرًا فيما بعد على توضيح تلك المصطلحات، خاصة فيما يتعلق بتأسيس مفهوم تمثل الذاتself representation) ) (مايو 2004). لقد اتضح منذ وقت مبكر، ۱۹۳۰، ان جاكوبسون منجذبة إلى تلك المناطق النفسية، وأنها تتمتع بموهبة في فهمها لها، فقد كانت على استعداد، مثل الكثير من زملائها، لدعم التحول التاريخي في التحليل النفسي الذي بدأه فرويد بكتابه “الأنا والهي” (1923 Freud ). كان أحد جوانب ذلك التحول هو الانتقال في الاهتمام النظري من البواعث الغريزية وتقلباتها إلى الهياكل الضمن نفسية، الذي تجلى فـي مقـال جاكوبسون خلال طرحها لمفهوم الأنا الأعلى المزدوجة أو الأنا المثالي المزدوج.
لقد استندت نظرية جاكوبسون إلى ملاحظاتها وتأملاتها هي شخصيا، لكنها أشارت أيضا إلى رادو، الذي كان اول من وصـف تكوين صورتين تمثيليتين، واحـدة لـلأم “الجيدة” والأخرى للأم “السيئة” ( Rado 1927, 431-432; Jacobson 1930,233). في إطار ذلك الإبداع النظري يتحول التنازل الغريزي، حيث يتحدث المرء عن تأرجح المشاعر تجاه الأم إلى تناول تركيبي يركز على الهياكل أو أشكال التمثل الضمن نفسية. لقد كان ذلك التناول التركيبي ملائما لجاكوبسون، مثلما كان تمييز رادو بين الموضوع الجيد والموضوع السيئ (انظر/يMay 2001,301 )، وهو المفهوم الذي ظلت جاکوبسون تستخدمه في كتاباتها في مرحلة ما بعد الهجرة. هنا يمكننا أن نتعرف على ميل محدد في مسار تطور نظرية التحليل النفسي بـدا في برلين حوالي عام ۱۹۳۰ برادو وجاكوبسون (وفينيكل) واستمر فيمـا بعـد بواسطة جاكوبسون في الولايات المتحدة.
أخيرًا يجب الاشارة إلى أن جاكوبسون في هذا المقال الأول الذي صدر عام 1930 كانــت قـد بـدأت بالفعل اهتمامها بالأنـا الأعلى /الأنـا المثالية ودورها في الاكتئاب (والهوس)، وهو الموضوع الذي يشكل عنصرا جوهريا في أعمالها اللاحقة. في سنوات 1930-1935 كانت جاكوبسون تقوم بتحليل مريضة اكتئابية مكنتها من أولى أفكارهـا بصـدد ذلك الاضطراب. تقول جاكوبسون إذ تتحدث عن تلك الفتـرة بـأثر رجعي “لقد كانت بالنسبة لي أول حالة اكتئاب شديد أراها. وقد اثارت اهتمامي الشديد بمشكلة الاكتـاب عموما. وقد كان ذلك حقيقة بمثابة المرشد لكل ما كتبت فيما بعد (مقابلة شيكاغو).
في يناير ١٩٣٠ أصبحت جاكوبسون عضـوة منتسبة للجمعية الألمانية للتحليل النفسي، وبعد ذلك بعام حصلت على العضوية الكاملة. لقد بدأت مشاركتها الايجابية في الحياة العلمية لمجموعة برلين كمناقشة ومن خلال تقديم المداخلات، على سبيل المثال عن “السادية في النساء“. وسريعا ما اكتسبت تقدير زملائها، بل ويدعي فليكس بوم (1935 Felix Boehm ) أنه هو ورادو وفينيكل “كنا نحبذ إعطاءها منصبا تعليميا في معهدنا. لكن هذه الخطط طالما قوبلت بالمعارضة المستمرة من قبل أيتنجون Eitingon الذي كان يكن مشاعر شديدة العدائية تجاه هذه الزميلة“. كذلك أصبحت جاكوبسون مشاركة ومساهمة منتظمة في سلسلة ندوات الأطفال Kinderseminar ، وعقدت الصداقات ما شباب محللي برلين، ليس فقط مع فينيكل، وإنما أيضا مع الأخوات بورنشتاین وفرنر کمبر Werner Kemper وكذلك مع آني Annie وويليم رايخ ) Wilhelm Reich انظر/ي: Muhlloeitner 1992; Fuechtner 2003)، وقد ظلت آني رايخ على وجه الخصوص صديقة مقربة لها في نيويورك.
يقال إن عمل جاكوبسون في التحليل النفسي ازدهر سريعا. نحن نعلم أنه كان لديها مرضى من مختلف الشرائح الاجتماعية، بداية من أفراد في الطبقة العاملة إلى أفراد من أثرياء الشرائح العليا من الطبقة المتوسط. بعض من مرضاها كانوا يعملون كمعلمين وأخصائيين اجتماعيين في الحضانات، وقد يكون ذلك جزئيا نتيجة لعدد من المحاضرات التمهيدية في التحليل النفسي ألقتها جاكوبسون في مؤسسة اسمها “فير أين يوجند هايم” في برلين، كان من بين انشطتها تدريب وتكوين الاخصائيين الاجتماعيين (انظر/ي Schroeter, in press ).
كذلك انضمت جاكوبسون إلى ويليم رايخ في عمله أحد مكاتب الاستشارات الجنسية حيث كان أفرادا من الطبقة العاملة يتلقون الإرشاد والنصح في المسائل الجنسية (1993 Sharaf 1983; Rackelmann ). وقد أدى ذلك إلى مقال موجه للقارئ غير المتخصص نشر في دورية تصدر عن مجموعة داخل الحزب الشيوعي الألماني (Jacobson 1932c )، حيث تناول هذا المقال، غير المعروف من قبل التنوير الجنسي للأطفال، مثله مثل بعض من مؤلفات آني رايخ في ذلك الوقت. كان المقال يخاطب الأم في الطبقة العاملة ويناقش أشكال المقاومة التي قد تستشعرها فـي داخـلا حـين تحاول أن تفسر الأمور الجنسية لأطفالها.
لقد كان من الطبيعي بالنسبة لجاكوبسون على وجه الخصوص ان تشارك في حلقة نقاشية بدأها والتر شندلر Walter Schindler في عام 1930 (أحد تلاميذ ويليم شنكل المنشق على فرويد) حيث كان يلتقي ممثلون عن مدارس التحليل النفسي المختلفة ليتبادلوا وجهات النظـر دون تجاهل مـا بينهم من اختلافات (انظـر/ي على سبيل المثال:1973,270 Kemper). ضمن باقي المشاركين كان هناك هورني وشولتز هنكه وكمبـر وكرونفلد. طبقـا لإديث وايجـرت (1972 Edith Weigert ) كان المحللون المنتمون إلى هذه الحلقة “معارضين لمد خطوط التمييز الحادة بين المعالجين النفسيين الأرثوذكس وغير الأرثوذكس، حيث كانوا يعتقدون أن المزج فيما بينهم أمر مفيد.” بمعنى آخر، كانت المجموعة تسير على نهج النزوع نحو الاندماج والتكامل الذي ميز حركة العلاج النفسي المعاصر في ألمانيا آنذاك، والتي كانت محل معارضة شديدة من قبل قيادات التحليل النفسي في برلين، وعلى وجه الخصوص أيتنجون (انظـر/ي: 1985 Schroeter 2001: Cocks ). لقد كان انخراط جاكوبسون في مجموعة شندلر، الأمر الذي يبدو أنه استمر حتى عام 1935، كان في مواجهة تلك السياسة الانعزالية، بل أنها نشرت مقالا مبسطا بالاشتراك مع كرونفلد عرضـت فيـه لتـاريخ نظريات وتقنيات التحليل النفسي Jacobson 1932b)).
بعد ذلك بسنوات كثيرة (١٩٧٠) كتبت إديث جاكوبسون: “حين كنت شابة لم أكن أهتم بالأمور السياسية. كان العلم هو كل ما أهتم به.. ثم، في أواخر العشرينات، ظهر هتلر! واكتسب سلطة متزايدة من الجماهير. لقد شعرت أن ثمة خطر. لقد استمعت إلى خطاباته وقرأت “كفاحي” وشعرت بالذعر“. إن ذلك الخطر الذي مثله هتلر بالنسبة لليهود واليسار السياسي في ألمانيا هو ما جعل جاكوبسون تكتسب وعيا سياسيا.
نتيجة لذلك التحقت جاكوبسون بحلقة من المحللين في برلين، كانوا بدرجـة أو أخرى يعتبرون أنفسهم ماركسيين (انظري: 1998 Jacoby 1983; Fenichel). وفي بداية عام ١٩٣٢ وبسبب اعتراض فرويد على نشر مقال لرايخ (۱۹۳۲)، كونت تلك المجموعة انشقاقا داخل الجمعية الألمانية للتحليل النفسي، نظمها فينيكل وترأسها رايخ، وكانت عضويتها تضم آني رايخ، وجورج جيرو وبربارا لانتوس وآخرين. لقد اعتبرت هذه المجموعة، التي يجب أن نميزها عن مجموعة ندوات الأطفال، اعتبرت نفسها معارضة يسارية داخل الجمعية العالمية للتحليل النفسي، وكان هدفها الرئيسي هو الجمع ما بين الماركسية والتحليل النفسي بالتركيز على مشاكل التعليم وعلـم الاجتماع والتاريخ. لقد اختلف هؤلاء المحللين اليساريين مع زملائهم الذين أهملوا أهمية العوامل البيولوجية والاجتماعية في التطور النفسي، وكانت جاكوبسون من بين مؤسسي هذا “الانشقاق“. 6
أثرت عضوية جاكوبسون في هذه المجموعة على عملها أكثر مما قد يبدو للوهلة الأولى ( May, in press ). لقد كانت جاكوبسون نادرا ما تنتقد المجتمع ومؤسساته في كتاباتها، وإن فعلت فمع بعض التحفظ، على عكس ما قاله يعقوبي عن “الفرويديين السياسيين “. مع ذلك تجدر الاشارة إلى أن جاكوبسون كانت تكشف عن آرائها السياسية، ملها مثل زملاءها في الانشقاق، لكنها كانت تفعل ذلك بأسلوب مختلف، من خلال النقد الضمني (Fenichel 1998,33). أي أنها كانت تستخدم العمل الإكلينيكي في توضيح المصداقية العليمة للموقف اليسـاري. بمعنـى آخـر، لقـد تـضـمنت كتابـات جاكوبسون في برلين ملاحظـات سياسية، تحتاج إلى اكتشـفاها وإدراك طبيعتها السياسية.
أحد أهم نقاط الخلاف كانت تلك الخاصة بمفهوم “المازوخية الأولية” التي أشارت إليها جاكوبسون في كل واحدة من مؤلفاتها الأولى، بل أن إحدى مقالاتها ( Jacobson 1932a) كانت تتناول هذا الأمر على وجه الخصوص. لقد رأت جاكوبسون ببساطة أن فكرة فرويد لا يمكن الدفاع عنها.7
كان رايخ أول من انتقد فكرة “المازوخية الاولى” حيث أن مدلول المفهوم هو أن البشر مقدر لهم بحكم طبيعتهم أن يعانوا. لقد اعتبر المحللون من التيار اليساري ان هذه الفكرة رجعية سياسيا حيث انها تجعل التغيير الاجتماعي من اجل تحسين الأحوال المعيشية امرا لا ضرورة له. كذلك كان لليسار اعتراضات شبيهة على دافع الموت أو التناقض الأصيل بين الأنا والغريزة. معنى ذلك أن أولى مقالات جاكوبسون، رغم كونها تبدو في أغلبها وكأنها تتناول أمورًا أكلينيكية فحسب، كانت تحمل أيضا عنصرًا إضافيًا من التلميحات السياسية المفهومة ضمنيا.
لقد امتد التأثير السياسي إلى تقنية التحليل النفسي. لقد آمنت جاكوبسون وأصدقاءها أن الواقع الخارجي يجب ان يؤخذ في الاعتبار أثناء عملية التحليل. في ذلك الوقت كان هذا الانتقاد موجها، على سبيل المثال، إلى ميلاني كلاين التي نادت بإهمال الواقع الخارجي والتركيز فقط على العمليات الضمن نفسية. على العكس من ذلك أشارت جاكوبسون في أولى مقالاتها الإكلينيكية إلى الرغبات والمخاوف الواعية وغير الواعية لدى الأم والأحداث الحياتية مثل ميلاد الأخوات والمرض والفقدان، وتأملت في كيفية تأثير تلك العوامل على التطور المبكر وظهور الأعراض. لقد كان هذا التناول بالنسبة لها تجسيدا لمبدأ سياسي يساري. لكن هذه النقطة بالذات هي ما سمحت في منتصف ثلاثينات القرن الماضي بالتقارب بين مجموعة فينيكل والمحللين النمساويين حول أنا فرويد التي كان لها نفس وجهات النظر، وإن كان بدون مدلولاتها السياسية.
حين تمكن هتلر من السلطة في بدايات عام ١٩٣٣ كان على المحللين الألمان اليساريين أن يخشوا على مصدر عيشهم بحكم كونهم جميعهم يهود، وأن يخشوا على حياتهم بحكم كونهم اشتراكيين. الغالبية العظمى من الزملاء المقربين لجاكوبسون تركوا برلين في ذلك الوقت لكنها قررت أن تبقى من أجل أسرتها، كما أوضحت فيما بعد (1970 Jacobson ).
من هنا بدأت حياة مزدوجة بالنسبة لإديث جاكوبسون، حيث كان عليها أن تحرز توازنا دقیقا بين التكيف والمقاومة (انظر/ي: 1988 Brecht ). لقد استمرت في حضور اجتماعات الجمعية الألمانية للتحليل النفسي كما واصلت إلقاء محاضراتها. في نهاية عام 1933 تعيينها في لجنة التدريب التابعة لمعهد برلين للتحليل النفسي؛ وبعدها بقليل أصبحت محللة تدريبية. من بين العدد القليل من المحللين اليهود الباقين كانت لها علاقة وثيقة بشكل خاص مع المجلس الجديد للجمعية، فليكس بـوم وكـارل مولر براونشفایج (Carl Mueller Braunschweig). وقد كانت واحدة من أعضاء الدائرة الداخلية الصغيرة التي تناقش الأمور الهامة الخاصة بالجمعية. يصف بوم Boehm 1935) ) وضعها كالتالي: “لقد كان مولر براونشفايج وأنا نمثل ما يسمى الجزء “الآري” من الجمعية، على حين كانت إديث جاكوبسون تمثل الجزء اليهودي منها.” كيهودية لم يكن لجاكوبسون أن تظهر في البرنامج الرسمي للمعهد، لكنها كانت تدرس فصـلا دراسيا غير رسمي في قراءة أعمال فرويد، وقيل إن فصلها كان يتميز بشعبية خاصة Boehm 1935; Fenichel 1998, 160)).
كما أسست جاكوبسون أيضا مجموعة نقاشية “على نهج مجموعة ندوات الأطفال السابقة” شاركت فيها مع برنهارد کام Bernhard Kamm))، کمبر (Kemper )، وليبيـك– كيرشنر Fenichel 1998, 76) (Liebeck-Kirschner) ). وطبقـا لكمبـر (1973 Kemper ) كانت جاكوبسون “الرأس القائدة.. لكنها كانت أيضا قلب المجموعة الصغيرة” (ص ٢٧٠). لقد وفرت هذا الدائرة الفرصة لمناقشة الخبرات الإكلينيكية والنظرية، لكن هدفها بالأساس كان هو الحفاظ على موقف الفرويديين اليساريين وتطويره في داخل التحليل النفسي الألماني، من حيث تركيزهم على كل من العوامل الغريزية والاجتماعية. كذلك لعبـت جاكوبسون دورا حاسما في المجموعة غير الرسمية المعارضة التي تأسست حول كتابات فينيكل “نشرات سرية” التي كانت بمثابة استمرار مدون لاجتماعات انشقاق برلين. إن فينيكل يقتبس من تقاريرها ( Fenichel 1998 ) التي تقدم صورة حية للسنوات الأولى للتحليل النفسي في ظل حكم هتلر.
في أوقات متفرقـة مـا بـيـن عـام ۱۹۳۳ و ۱۹۳5 سافرت جاكوبسون إلى البلاد المجاورة للقاء الأصدقاء والزملاء الذين هاجروا. في أغسطس 1934 شاركت في مؤتمر الجمعية العالمية للتحليل النفسي في لوكارنو حيث تحدثت عن “مشكلة الشفاء في تحليل الأطفال“. طبقا لفنيكيل، لقد تم استقبال ورقهـا (التـي لـم يبـق منـهـا سـوى ملخص قصير (1935 Jacobson ) بشكل جيد جدًا. قبل ذلك، في فبراير 1933، كانت قد قدمت مداخلة في جمعية برلين، تم نشرها فيما بعد في عام ١٩٣٦ بعد مراجعتها مراجعة شديدة من قبل فينيكيل. في ذلك المقال بحثت جاكوبسون (1936 (Jacobson في نظرية فرويد حول تطور رغبة الفتاة في طفل وذلك باستخدام ملاحظاتها أثناء تحليل قناة تبلغ من العمر ثلاثًا ونصف السنة. وقد رأت من الأسباب ما يجعلها تختلف مع فرويد في عدة نقاط، ومثلما فعل فينيكيل، دعمت رأي كلاين في التركيز على الخيال الفمي السادي والقلق ومحاولات التعويض (1978 Thompson ).
لقد كانت جاكوبسون، في الخفاء وبدرجة ما كجزء من عملها المهني، كانت طرفًا في نوع خاص من المقاومة السياسية، لم يكن حتى أقرب أصدقاءها المحللين على الأرجح على علم بها. فقد كانت تعالج وتدعم أعضاء منظمة “البداية الجديدة“، وهي مجموعة سرية، تأسست في عام ١٩٢٩ وكانت تحضر وتدعو إلى جبهة موحدة بين كافة المنظمات اليسارية (انظر/ي: 1995 Mehringer 1994; Loewenheim ). لقد كتبت فيما بعد (1970 Jacobson): “ما فعلته هو أنني قبلت أن أعالج اثنين من تلك المجموعة اللذين كانا يتمتعان بذكاء عال لكنهما كانا غير متزنين عاطفيا.” لقد كانت بموقفها هذا لم تخرق قوانين نظـام هتلر فحسب، بل وأيضـا قرار مجلس الجمعية الألمانية للتحليل النفسي، الذي يبدو أنها كانت تدعمه من قبل والذي يحظر على اعضاءه علاج المرضى الشيوعيين (1935 Boehm).
هناك بعض التناقض في المعلومات عن دور جاكوبسون في مجموعة المقاومة هذه. واحد من اعضاء المجموعة قال فيما بعد أنها كانت “عضوة كاملة وهامة في المجموعة” (1983 Bry ). من ناحية أخرى، فإن كارل فرانك (1936 Karl Frank ) الذي كان يرأس مكتب العلاقات الخارجية في منظمة “البداية الجديدة“، يصفها في رسالة كتبت في ذلك الوقت بأنها “طبيبة ذات علاقة هامشية مع المنظمة.” الواضح أن جاكوبسون، إضافة إلى نشاطها العلاجي، قد جعلت منزلهـا متاحـا لاجتماعـات المجموعة كما أنها دعمتهم ماليا. على كل حال، يمكن أن نقول أنها لم تكن عضوة في المجموعة المركزية الفاعلة، وإنما كانت واحدة من ضمن دائرة واسعة من العاطفين وكانت في سبيل أن تجند في العمل السياسي الفعلي الذي كان يستهدف توجيه نخبة من المثقفين تحضيرا لنهاية نظام هتلر.
في سبتمبر 1935 تم اعتقال عدد من أعضاء “البداية الجديدة“. إثر ذلك هربت إديـث إلـى الـدانمرك قبـل أن ترحـل قامـت بإرسـال مريضـيها السياسيين إلـى تشيكوسلوفاكيا، لكن واحدة منهما، ليزل باكسمان LiesI Paxman، جانبتهـا الحكمة فعادت إلى ألمانيا حاملة رسالة، فوقعت في قبضة الجستابو، ثم انتحرت خوفًا من التعذيب والمخاطرة بما قد يترتب عليه من خيانة. لكنها كانت في واقع الأمر محل مراقبـة لـعـدة شهور وحـن تـم تـفتـيش مسكنها وجـد لـديهـا اسـم جاكوبسـون. عـادت جاكوبسون إلى برلين رغم تحذيرات رفقائهـا وفـي يـوم ٢٤ أكتوبر ١٩٣٥ تم إلقاء القبض عليها من شقتها. مع ذلك حاولت جاكوبسون أن تجد السبيل لإخبـار مرضاها بما حدث. لكن واحدة ممن كانت تحللهن تذكرت أنها كانت تقف أمام بابها المغلق ذات يوم وأنه في ذلك المساء، بعد الندوة، قيل لها إن جاكوبسون قد اعتقلت وأن عليها أن تذهب إلى فيرنر كمبر لاستكمال تحليلها ( Laessig 1983, 39-40 ).
يقول الشهود المعاصرون لتلك الفترة (19s35 Protokoll ) أن جاكوبسون “عادت لأنها لم تتحمل أن تكون بعيدة عن برلين وأنها شعرت بالبؤس الشديد وكان تقديرها أنه لا يوجد الكثير مما يمكن أن تتهم بـه“. كان مرضاها الذين تقوم بتحليلهم يحذرونها “لكنها كانت تضحك وتقول إننـا خـانفون فحسب” (ص3). الأرجح أن جاكوبسون قد أساءت الحكم على حجم الخطر المحدق بها. لقد كانت مقتنعة أنها لم تفعل شيئا يمكن أن يستخدم ضدها. وفي نهاية ١٩٣٥، أثناء ما كانت في السجن، كتبت جاكوبسون (May and Muhlleitner, in press ): “يا إلهي، لم يكن هناك شيء في الواقع“. في ورقة لاحقة تشير جاكوبسون إلى قترة سجنها والآثار النفسية للسجن على السجينات السياسيات، حيث تصف حالتهن الذهنية قبل القاء القبض عليهن:
بين كافة الدفاعات النفسية الفردية يبرز ذلك رد الفعل المتكرر من تهور وخفة لا يعرفان الخوف.. إن ذلك ينبع من خيال سحري حمائي بالقدرة الكلية: “لا يمكن أن يحدث لي شيء“.. إنه ذلك النوع من الخيال الذي نجده بين أبطـال الحـرب ومتسابقي الدراجات البخاريـة والطيارين الـخ. (Jacobson 1949, 343)
وقد أدى اعتقال جاكوبسون إلى ردود فعل متباينة في داخل حركة التحليل النفسي تراوحت ما بين الخوف والتعبير عن التضامن وتقديم الدعم وبين اتهامات مريرة بالخيانة. لقد شعر بوم على وجه الخصوص بالخيانة. كما عبرت أنـا فرويد أيضًا عن سخطها وعلقت بأنه يمكن للشخص أن يكشف نفسه سياسيًا، لكن ليس من حقه ان يعرض زملاءه والتحليل النفسي للخطر. وقـد حـاول نيك هويل Nic Hoel المحلل النرويجي الذي كان يدعم جاكوبسون، حاول بلا جدوى ان يشرح لابنة فرويد المشكلة العامة في أن يكون الإنسان “محللا وله اهتمامات سياسية في نفس الوقت” ( Brecht et al 1985,129). بعد اعتقال جاكوبسون مباشرة بدأ فينيكل في تنسيق تدابير الدعم وجمع المال لزميلته المعتقلة في السجون. فاتصل بإرنست جونز Ernest Jones وكذلك بأسرة جاكوبسون وبمحامٍ. هناك الكثير من المراسلات التي تشهد على كم الجهود التي بذلها أصدقاء جاكوبسون وقيادة الجمعية العالمية للتحليل النفسي نيابة عنها.8 في تلك المرحلة كان هناك أمل عام في أن تحصل جاكوبسون على إفراج مبكر نظرًا لعدم وجود أدلة تدينها إضافة إلى أن محاميها كان بارعًا.
أصرت جاكوبسون أثناء استجوابها من قبل الجستابو على التزامها بالسرية المهنية التي تمنعها من الحديث عن مرضاها، ما جعلهم، على حد تعبيرها فيما بعد، “يغضبون بشدة“. (مقابلة نيويورك، الجزء الأول، ص8). في يوم 5 ديسمبر 1935 أصدرت محكمة برلين قرار اتهامها الذي تضمن اتهامات خطيرة. وقد ورد في قرار الاتهام: “ان المحكمـة تـرى انـه مـن المؤكد انهـا (جاكوبسون) كانـت عضـوة فـي “مجموعة البداية الجديدة” منذ خريف ۱۹۳۳ وحتى شتاء ١٩٣٤، وأنها كانت تسدد اشتراك العضوية وأنها جعلت شقتها متاحة للاجتماعات التنظيمية كما قامت هي شخصيًا بعمل عدة مداخلات في تلك الاجتماعات. “9 في البداية احتجزت جاكوبسون في السجن الاحتياطي في موابيت برلين، وقد تأجلت جلسة محاكمتها أكثر من مرة بسبب ظهور أدلة جديدة تدينها. في سبتمبر ١٩٣٦ حكم عليها بالسجن لمدة عامين وربع ونقلت إلى سجن ياور البروسي بالقرب من مسقط رأسها، هایاناو.
استمرت جاكوبسون في أعمالها العلمية أثناء فترة اعتقالها السابقة على المحاكمة وبعد الحكم عليها. إحدى المسجونات معها تتذكر:
إن موضوعيتها غير القابلة للإفساد ورغبتهـا القوية في الحياة لم تسمحا لها بالاستسلام حتى في المواقف التي كانت تبدو بلا أمل. أثناء الفترة غير الواضحة السابقة على المحاكمة كانت تعمل بكثير من الالتزام والتركيز على ورقة حول البارانويا، حيث استخدمت خطابات هتلر كمـادة لبحثها وكانت تحللها بدقة وموضوعية. (Voight)
بل إن جاكوبسون كتبت أيضًا مداخلة لمؤتمر الجمعية العالمية للتحليل النفسي في مارينباد في صيف ١٩٣٦، قرأها فينيكل الذي حجب اسم المؤلفة. وقد نشرت الورقة فيما بعد تحت عنوان “طرق لتكوين الأنا الأعلى الأنثوي” (1937 Jacobson ). كذلك فقد قامت بتحضير مقـال عـن تـأثير الاعتقال على الأنـا والأنـا الأعلى للسجينات السياسيات (1949 Jacobson). كما كتبت العديد من القصائد، وكان الكثير منها يتحدث عن اعتقالها (انظر/ي: May and Muhlleitner, in press ).
في مقالهـا عن تكوين الأنـا الأعلى الأنثوي، الذي وصفته جيرو فيمـا بعـد بـأنـه “ثوري” ( Gero 1981,80)، تشير جاكوبسون إلى نظرية الأنوثة (انظر/ي أيضًا 1987 Thompson ). في اتساق مع موقف الفرويديين اليساريين تنتقد جاكوبسون هذه النظرية على أساس أنها تستند إلى منطق بيولوجي وتشير إلى كونها تتحدد بعوامل تاريخية ومجتمعية. لقد كتبت تقول، أن فرويد وصف نمطًا من النساء ينتمي آنذاك إلى الماضي. “فالمرأة الجديدة“، وهو المصطلح المستخدم وقتها، يمكن أن تلفظ الرغبة في قضيب لأنها اكتشفت أعضاءها الجنسية بسهولة أكبر ولأنها قادرة على ان تشعر بأنها متساوية في القيمة (مع القضيب). إنها لا تتنازل عن أعضاءها الجنسية وعن جنوستها للرجل، وأصبحت أقل عرضه لأن تتمثل أناه المثالية وأناه الأعلى، كما أن حبها للرجل لم يعد “حبا متوحدا (معه)” مثلما وصف فينيكل نمط العلاقات بين نساء ما قبل الحداثة (Fenichel 1998, 456 ). المرأة الجديدة تمتلك أنا قوي وثري؛ كما أنها تحدد الأنـا النموذجي الخاص بها، وأناها الأعلى مستقلة ومستقرة. حين ظهر المقال في ترجمته الانجليزية بعد ذلك بأربعين عامًا، أضافت المؤلفة أن المرأة الجديدة التي صورتها في المقال لم تتحقق بعد. (Jacobson 1937, 538).
في السجن مرضت جاكوبسون بشدة، وقد ذكرت فيما بعد أنها كانت تعاني من “مرض السكري واضطراب ما تفاعلي في الغدة الدرقية” (مقابلة نيويورك، الجزء الأول، ص۹). حينئذ اتضح أنه من حسن الحظ كونها اعتقلت في مكان قريب من هایاناو، ذلك أن طبيب السجن كان يعرف زميلاً في مسقط رأسها، كان يتابع حالة المريضة واهتم بها اهتمامًا شخصيًا وعمل على نقلها إلى مستشفى السجن في برسلو لإجراء مزيد من الفحوص. هنـاك اتضح أن حالتهـا تـهـدد حياتهـا بـالخطر. طبقًا لجاكوبسون، فإن النظام في ذلك الوقت كان يريد أن يتجنب أي حالات وفاة في السجن ومن ثم تم الإفراج عنها بناء على إلحاح الطبيب لتحصل على العلاج خارج السجن على نفقتهـا الخاصـة. فـي حـال شـفاءها كان عليها أن تعود إلى السجن. ذهبت جاكوبسون إلى المستشفى اليهودي في لايبتزج حيث يعمل شقيقها. وهناك اتصل بها فينيكل ورفاق من حركة المقاومة ووضعوا الخطط لهروبها. هنا استخدمت جاكوبسون استشارة طبية في برلين للوصول إلى ميونيخ، وقبل أن ترحل كتبت رسالة انتحار تمويهًا للجستابو. في ميونيخ حصلت على جواز سفر زميلتها المحللة كريستين أودين Christine Oden) )من براغ، ومن هناك هربت في ظروف شديدة الخطورة إلى تشيكوسلوفاكيا بصحبة صـديقها عـازف البيانو فريتـز أولبـريخ (Fritz Olbrich) (انظر/ي: 1970 Jacobson ). في براغ أجريت لها جراحة على الغدة الدرقية وفي 9 أكتوبر ١٩۳۸ وصلت إلى نيويورك حيث أصبحت المؤلفة والمحللة النفسية المرموقة التي نعرفها اليوم. وقد توفيت إديث جاكوبسون يوم 8 ديسمبر 1978 في روتشستر، نيويورك.
في محاولة للتعرف على ما أضافته جاكوبسون بمجيئها إلى أمريكا وما ساعدها على أن تصبح كاتبة مؤثرة في هذا البلد، نود أن نبرز ثلاثة أمور. الأمر الأول هو انخراط جاكوبسون في اتجاه تيار جديد في فكر التحليل النفسي الذي بدأ بنظرية فرويد التركيبية والتي بهرتها منذ بداية فترة تدريبها. لقد كان نمو وأداء الانـا الأعلى والأنا المثالي والأنا عناصر أساسية في مؤلفاتها الألمانية. وقد زاد تركيزها على مشكلات الأنـا الأعلى نتيجة قيامها بتحليل مريضـة الاكتئاب التي كانت بمثابة نقطة انطلاق اهتمامها لباقي حياتها بهذه الحالة. كذلك فإن المفهوم الأصلي للأنـا المثالية المزدوجة التي أسست لها في مقالها الأول بداية خطها الذي انتهجته في الولايات المتحدة، حيث كانت إحدى الرائدات في تطوير المفاهيم التركيبية مثل مفهوم الذات وتمثل الموضوع. لقد ظهرت بوادر قدرتها العظيمة على الصياغة النظرية، التي ظلت علامة مميزة لعملها في فترة النضوج، ظهرت في مقلاتها الأولى، وقد ربطت جاكوبسون بينها وبين شغفها بالرياضيات حين كانت في المدرسة.
الخاصية الثانية التي ميزت سنوات جاكوبسون في برلين كانت رؤيتها اليسارية التي تشاركت فيها مع دائرة من الأصدقاء المحللين. لقد كان لتلك الرؤية تبعات عملية وعلمية. على المستوى العملي دفعت هذه الرؤى جاكوبسون على سبيل المثال إلى تقديم التحليل النفسي لمعلمي الحضانات أو استخدامه في علاج المرضى من الطبقة العاملة، كما أنها حددت الزامها السياسي في مقاومة النازية.
على المستوى الإكلينيكي والنظري دفعتها تلك الرؤى إلى التأكيد على أهمية الواقع الخارجي بالنسبة للنمو الذهني، كما يتضح في موقفها ضد التقدير المبالغ فيه لميلاني كلاين للعمليات الضمن نفسية، وكذلك في رفضها لمفهوم المازوخية الاولية وانتقادها لبعض أفكار فرويد بشأن التطور الانثوي. في أعمالها اللاحقة تمسكت جاكوبسون بهذه المواقف الأساسية، ففي أحد آخر مؤلفاتها (1967 Jacobson ) تتناول جاكوبسون مسألة الواقع الخارجي وتوضح طيف استخدم المرضى الذهانيون ذلك الواقع في التعامل مع صراعاتهم الداخلية. من ناحية أخرى، على حين استمرت جاكوبسون في الاهتمام بالسياسة بعد هجرتها، وكانت معروفة بانخفاض أتعابها المهنية، إلا أنه يبدو أنها امتنعت عن ممارسة أي نشاط سياسي لاحق.
وأخيرًا، من الواضح أن جاكوبسون جاءت إلى أمريكا حاملة تاريخًا من الصدمة المؤلمة بسبب اعتقالها والمرض الذي كاد يقضي عليها. هل زادت تلك الخبرة من حساسيتها تجاه الصدمات أم جعلتها تبلور نظرة موضوعية سمحت لها بالانفكاك؟ إنه سؤال يبقى بدون إجابة. فمن الذي يجرؤ على الحسم بأنها كانت تشير إلى نفسها حين ذكرت في ورقنها حول السجينات السياسيات (1949,359 Jacobson) أنه في بعض الحالات الاستثنائية “لنساء قويات وذكيات، ذوات قدرة على الإعلاء، يمكن لخبرة الاعتقال في السجن أن تحفز عملية “نمو وبناء حقيقية” تؤدي إلى تكوين وتكامل جديد وناضج في الشخصية“؟ لكن المؤكد أن إديث جاكوبسون التي عرفناها من خلال بحثنا في السنوات التي عاشتها في ألمانيا، كانت امرأة شديدة الإبداع واستقلال الفكر، وقد وظلت هكذا طوال سنوات حياتها.
*Michael Schroter, Elke Muhlleitner, Ulrike May, “Edith Jacobson: Forty Years in Germany (1897-1938)”, The Annual of Psychoanalysis: Psychoanalysis and Women, ed. Jerome A. Winer, James William Anderson, and Christine C. Kieffer, Vol. XXXII, 199-215.
1 – دعم هذا البحث جزئيا بواسطة مؤسسة سيجموند فرويد.
2 – نظرًا لضيق المساحة تستخدم في هذا المقال مصادر الاقتباسات دونا عن كافة الوقائع. إن مصادرنا الأساسية حول السيرة الذاتية تعتمد على مقابلتين للتاريخ الشفهي أجريا في مكتبة جيتلسون فيلم في معهد شيكاغو للتحليل النفسي ومكتبة بريل في معهد وجمعية نيويورك للتحليل النفسي. لقد أشرنا للمقابلتين بمقابلة شيكاغو ومقابلة نيويورك. المقابلة الأولى منقولة عن تسجيل الفيديو الأصلي والثانية من تفريغ للمقابلة مكون من جزئين. يمكن الاطلاع على المزيد من المعلومات والمراجع في مساهمتنا في كتاب على وشك الصدور بعنوان حياة وأعمال إديث جاكوبسون ( May and Muhlleitner, in press ).
3 – كانت إديث جاكوبسون تكتب اسمها “جاكوبزون” Jacobsohn) ) إلى أن هاجرت إلى الولايات المتحدة. وقد استخدمنا في هذا المقال الصيغة التي استخدمتها فيما بعد، تيسيرا للأمور.
4 – تقوم إلكه موللايتنرEllke Muhlleitner) ) حاليا بتحضير سيرة حياتية شاملة لفينيكل Fenichel)).
5 – هناك المزيد من الأوراق التي لم تترجمJacobson 1932a) ، [ملخص الورقة متوفر بالإنجليزية]، 1932b;1935). انظر/ي: (1933 Schmideberg).
6 – الأرجح أن تلك كانت سلسلة الندوات الخاصة حول الأسئلة التقنية، مع فينيكل وجيرو وويليم وآني رايخ، التي تشير إليها جاكوبسون أحيانا (على سبيل المثال: 1976 Jacobson).
7 – يبدو أنها تمسكت بهذا الموقف كما يتضح في الفصل الأول من كتابها الرئيسي الذات وعالم الموضوع، (1964 Jacobson)، الذي كتبته في الولايات المتحدة.
8 أرشيف المعهد البريطاني للتحليل النفسي والجمعية البريطانية للتحليل النفسي، لندن. انظر/ي أيضا: (2000 Steiner).
9 – انظر/ي قرار الاتهام (1935 Jacobson)، وللإطلاع على محضر الجلسة والحكم انظري أيضًا May and Muhlleitner, in press)).
**حتى عام 1937 كانت مؤلفات إديث جاكوبسون تصدر باسمها الأصلي “جاكوبزون” (Jacobsohn ). لكن قائمة المراجع تستخدم الصيغة الأمريكية والأكثر انتشارًا لاسمها جاكوبسون.
Anklageschrift [paper of indictment] (1935). Neu Beginnen collection, C11, Amsterdam: International Institute of Social History, pp. 16-17. Bergmann, M.S. ed. (2000). The Hartmann Era. New York: Other Press. Boehm, F. (1935). Letter to E. Jones, November 15. In: Edith Jacobson, ed. U. May & E. Muhlleitner. Giessen, Germany: Psychosozial, in press.
Brecht, K. (1988). Adaptation and resistance. Reparation and the return of the repressed. Psychoanal. Contemp. Thought, 11 : 233-248.
….. Friedrich, V. Hermanns, L.M., Kaminer, I.J. & Juelich, D. H. eds. (1985). Here Life Goes on in a Most Peculiar Way: Psychoanalysis Before and After 1933, trans. C. Trollops, Hamburg: Kellner.
Bry, G and Bry, T. (1983). Letter to R. Jacoby, March 15. Karl B. Frank Nachlass. Archiv fuer die Geschichte der Soziologie in Oesterreich. Institut fuer Soziologie, Universitaet Graz.
Cocks, G. (1985). Psychotherapy in the Third Reich: The Goering Institute. New York: Oxford University Press.
Fenichel, O. (1934). Outline of clinical psychoanalysis. Psychoanal. Quart., 3:223-302.
…..(1945). The Psychoanalytic theory of Neurosis. New York: W.W. Norton, 1995
…..(1998). 119 Rundbriefe [119 Circular letters], Bd. 1. Europa (1934-1938). Bd. 2 Amerika (1938-1945). ed. E. Muehleitner & J. Reichmayr. Frankfurt: Stroemfeld.
Frank, K. (1936). Letter to F. Adler, March 9. Neu Beginnen Collection. International Institute of Social History, Amsterdam
Freud, A. 91929). Letter to M. Eitingon, October 15. Anna Freud Papers. Washington, DC: Library of Congress.
Freud, S. (1923). The ego and the id. Standard Edition, 19:12-59. London: Hogarth Press, 1961.
…..(1924). The economic problem of masochism. Standard Edition, 19:159-170. London: Hogarth Press, 1961.
Fuechtner, H.(2003). Psychoanalytiker, Mitlauefer, Nazi, Gestapomann, militanter Marxist? Der Fall Werner Kemper [Psychoanalyst, fellow traveler, Nazi, member of Gestapo, militant Marxist? The case of Werner Kemper]. Jahrb. Psychoanal., 46:137-191.
Gero, G. (1981). Edith Jacobson’s work on depression in historical perspective. In: Object and Self, a Developmental Approach: Essays in Honor of Edith Jacobson, ed. S. Tuttman, C. Kaye & M. Limmerman. New York: International Universities Press, pp. 69-80.
Greenberg, J.R. and Mitchell, S.A. (1983). Object relations in Psychoanalytic theory. Cambridge, London: Harvard University Press.
Jacobson, E. (1927). Ueber die Einwirkung mutipler Sklerose auf Narkolepsie [The impact of multiple sclerosis on narcolepsy]. Klin Wochenschr., 6: 1241-1242.
….. (1930). Beitrag zur asozialen Charakterbildung [Contribution to the formation of the antisocial character]. Int. Z. Psychoanal., 16: 210-235.
…..(1932a). Lernstoerungen beim Schulkind durch masochistische Mechanismen [Learning difficulties of the child based on masochistic mechanisms]. Int. Z. Psychoanal., 18:242-251.
…..(1932b). Entwicklung und System der psychoanalytischen forschung und Lehre [Development and system of psychoanalsytic research and theory]. Part 1 of E. Jacobssohn & A. Kronfeld: “Psychoanalyse.” In: “Neue Deutsche Klinik. Handwoerterbuch der Praktischen Medizin mit Besonderer Berucksichtingung der Inneren Medizin, der Kinderheilkunds und ihrer Grenzgebiete [New German Clinic: Handbook of Practical Medicine, with special emphasis on internal medicine and pediatrics], Vol. 9. ed. G. Klemperer & F. Klemperer. Berlin: Urban & Schwarzenberg, pp. 274-318.
…..(1932c). Warum faellt es der Mutter schwer, ihr Kind sexuell aufzuklaeren? [Why is it so difficult for the mother to tell her child about sex?]. Die Warte, 2:6.
….. (1935). Zum Heilungsproblem in der Kinderanalyse, abstract [On the problem of cure in child analysis[. Int. Z. Psychoanal., 21: 131-132.
….. (1936). Beitrag zur entwicklung des weiblichen Kindwunsches [On the development of the girl’s wish for a child]. Int. Z. Psychoanal., 22:371-379 [Psychoanal. Quart., 37:523-538, 1968].
…… (1937). Wege der weiblichen Uber-Ich-Bildung. Int. Z. Psychoanal., 23:402- 412. Ways of female superego formation and the female castration conflict. Psychoanal. Quart. 45:525-538, 1976.
…. (1949). Observations on the psychological effect of imprisonment on female political prisoners. In: Searchlights on Delinquency. New Psychoanalytic Studies, ed. K.R. Eissler. New York: International Universities Press, pp. 341-368
…..(1964). The Self and the Object World. New York: International UniversitiesPress.
…..(1967). Psychotic conflict and Reality. New York: International Universities Press
Jacobson, E. (c. 1970). The American Oaktree: Autobiographical Stories. In: Edith Jacobson, ed. U. May & E. Muehleitner. Giessen, Germany: Psychosozial, in press.
….. (1971). Depression: Comparative Studies of Normal, Neurotic and Psychotic Conditions. New York: International Universities Press.
…… (1976). foreword. In: The Evolution of Psychoanalytic Technique, ed. M.S. Bergmann & F.R. Hartmann. New York: Basic Books, pp. xix – xx.
Jacoby, R. (1983). The Repression of Psychoanalysis: Otto Fenichel and the Political Freudians. New York: Basic Books.
Kemper, W. (1973). Selbstdarstellung [Autobiography]. In: Psychotherapie in Selbstdarstellung [Psychotherapy in autobiographies], ed. L.J. Pongratz. Stuttgart, Germany: Huber, pp. 259 – 345
Kenberg, O. (1981). An overview of Edith Jacobson’s contributions. In: Object and Self, A Developmental Approach: Essays in honor of Edith Hacobson, ed. S. Tuttman, C. Kaye and M. Zimmerman. New York: International Universities Press, pp. 103-125.
Kittel, I-W (2002). Arthur Kronfeld zur Erinnerung. Schiksal und Werk eines juedischen Psychiaters und Psychotherapeuten in drei deutschen Reichen. [In memorium Arthur Kronfeld. Life and worl of a Jewish psychiatrist and psychotherapist in three German. empires]. Available: www.sgipt.org/gesch/konf.htm.
Kronold, E. (1980). Edith Jacobson, 1897-1978. Psychoanal. Quart., 49:505-507.
Lessig, U. (1983). Kind des Jahrhunderts [Child of this century]. In: Wege zur identitaet: Jutta v. Graevenitz und Ursula Laessig zue ehren {Roads to Identity: Essays in Honor of J.v.Graevenitz and Ursula Laessig}, ed. H. Schmid. Wuerzburg: Koenigshausen & Neumann, pp. 33-50.
Loewenheim, W. (1995). Geschichte der Org (Neu Beginnen) 1929-1935: Eine Zeitgenoessiche analyse [history of the Org New Beginning 1929 – 1935: A Contemporary Analysis[, ed. J. Foitzik. Berlin: Edition Hentrich.
May, U. (2001). Abraham’s discovery of the “bad mother”: A contribution to the history of the theory of depression. Int. J. Psychoanal., 82:283-305.
….. (2004). Zur Herkunft der begriffe “Selbst” und “Objectrepraesentation” [On the origins of the concepts of “self” and “object representation”[. Lutzifer-Amor: Zeitschrift zur Geschichte der Psychoanalyse, 17 (34): 105-117.
…..(in press). Zum Verhaaeltnis zwischen politischen Engagement und analytischer Arbeit, eroertert anhand der Berliner Aufsactze Edith Jacobsons (1930-1937) [the relation between political involvement and psychoanalaytic work, discussed on the4 basis of the Berlin essays of E. Jacobson]. Luzifer-Amor: Zeitschrift zur Geschichte der Psychoanalyse.
May & Muhlleitner, E., eds (in press). Edith Jacobssohn/Jacobson (1897-1978). Sie selbst und ihre Objekte. Leben, Werk, Erinnerungen ]Herself and Her objects. Life, Work, Memories]. Giessen: Psychosozial-Verlag.
Mehringer, H. (1994). Sozialdemokratischer und sozialsitischer Widerstand [Social democratic and socialist resistance]. In: Widerstand gegen den Nationalsozialismus, ed. P. Steinbach & J. Tuchel. Berlin: Bundeszentrale fuer Politische Bildung.
Muhlleitner, E. (1992). Biographisches Lexikon der psychoanalyse. Die Mitglieder der Psychologischen Mittwoch-Gescellschaft und der Wiener Psychoanalytischen Wereinigung 1902 -1938 [Biographical Handbook of Psychoanalysis. The Members of the Psychological Wednesday Society and the Vienna Psychoanalytic association 1902 -1938]. Tuebingen: Edition Diskord.
Protokoll (1935). Protokoll mit Fanny und Gertrud aufgenommen am 1.11 [Record of interview with Fanny and Gertrud]. Neu Beginnen Collection C12. Amsterdam International Institute of Social History.
Rackelmann, M. (1993). Was war die Sexpol? Wilhelm Reich und der Einheitsverband fuer proletarische Sexualreform und Mutterschutz [What was sexpol? Wilhelm Reich and the Unified Association for Proletarian Sexual Reform and Portection of Mothers]. Mitteilungen der Magnus-Hirschfled -Gesellschaft, 19:51-72.
Rado, S. (1927). The problem of melancholia. Internat. J. Psychoanal., 9:420-438, 1928.
Reich, W. (1932). Der Masochistische Charakter: Eine sexualoekonomische Widerlegung des Todestriebes und des Wiederholungszwanges [The masochistic character: A sexual economic refutation of the death instinct and the repetition compulsion]. Int. Z. Psychoanal., 18:303-351.
Schmideberg, M. (1993). Abstract. Internat. J. Psychoanal., 14:114
Schroeter, M. (2001). Psychoanalyse und aertzliche Psychotherapie: Zur Geschichte eines schwierigen Verhaeltnisses [Psychoanalysis and medical psychotherapy: On the history of a difficult relationship]. Psyche-Z. Psychoanal., 55:718-737.
……(2004). The early history of lay analysis, especially in Vienna, Berlin and London: Aspects of an unfolding controversy (1906 – 1924). Internat. J. Psychoanal., 85:159-178.
….. (in press). Psychanalyse im Fortbildungsangebot fuer Sozialberufe, Berlin 1930 – 1932 (Verein Jugendheim) [Psychoanalysis in the postgraduate training of social professionals[. Luzifer-Amor: Zeitschrift zur Geschichte der Psychoanalyse.
Sharaf, M. (1983). Fury on Earth: A Biography of Wilhelm Reich. New York: St. Martin’s Press.
Steiner, R. (2000). It is a New Kind of Diaspora: Explorations in the Sociopolitical and Cultural context of Psychoanalysis. London: Karnac Books.
Thompson, N.L. (1987). Early women psychoanalysts. Int. Rev. Psychoanal., 14:391-407.
…..(2002). Edith Jacobson (1897-1978). Available at:
https://psychoanalysis.org/bio jaco.htm
Tuttman, S. (1981). The significance of Edith Jacobson’s “Self and Object World” in contemporary object relations theory. In: Object and Self, a Developmental Approach: Essays in Honor of Edith Jacobson, ed. S. Tuttman, C. Kaye & M. Zimmerman. New York: International Universities Press, pp. 81-102.
Voight, G. (n.d.) Begegnungen in Moabit, Unpublished manuscript. Gedenkstaette Deutscher Widerstand, Berlin.
Weigert, E. (1972). Letter to J. Rubins, March 30, Karen Horney Papers, Yale University, New Haven, CT.