المرأة والتأمينات الاجتماعية
عرف العالم ضرورة الحماية الاجتماعية مع تطور النشاط الإنساني، وقوى الإنتاج، وقد بات من المتفق عليه أن تطور التنمية في أي مجتمع مرهون بمدى تقدم أنظمة وأوضاع الحماية الاجتماعية لأعضائه، كشرط ومظهر ونتيجة للتنمية لصالح الناس، وبمشاركتهم الإيجابية.
وتتعدد نظم التأمين الاجتماعي وتهدف جميعها للتنمية الاجتماعية، بمساندة المؤمن عليهم وتعويضهم عن الأضرار التي قد يتعرضون لها عند فقدانهم دخولهم أو عند عدم تمكنهم من الكسب الذي يعينهم على المعيشة، وضمان مستوى مقبول من المعيشة لكبار السن والمتقاعدين في مرحلة العمر التي يقل فيها العمل والإنتاجية.
والتأمينات الاجتماعية في أغلب النظم السائدة تعتمد على التمويل المشترك، الذي يسهم فيه المؤمن عليهم وأصحاب الأعمال التي يعملون بها والمجتمع ممثلا في الحكومات من خلال تخصيص جزء من الضرائب والرسوم لصالح نظم التأمين الاجتماعي، مثل:
1- الضرائب المباشرة التي تفرض بنسبة معينة من الدخل.
2- الضرائب غير المباشرة على بيع السلع أو رسوم إصدار التراخيص والتصاريح.
3- رسوم الإنتاج والتصنيع والاستيراد والتصدير وغيرها من الأنشطة الاقتصادية.
4- الإتاوات التي تفرض على استغلال مصادر الثروة الطبيعية كالمناجم والمحاجر والبحار.
ونظم التأمين الاجتماعي تستهدف حماية الإنسان من المخاطر الاجتماعية بكل أنواعها والتي يتعرض لها الإنسان بصفته عضوًا في الحياة البشرية، وهي تنتج عن العلاقات الإنسانية وخاصة عن الظروف السائدة في العلاقات الاجتماعية في كل مجتمع.
لقد حرصت الشرعية الدولية على تأكيد الحماية الاجتماعية باعتبارها حقًا من حقوق الإنسان الأساسية، نصت عليها في العديد من المواثيق الدولية مثل:
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
م/ 22 منه تنص على أن “كل شخص باعتباره عضوا في المجتمع الدولي له الحق في الأمن الاجتماعي، وله الحق في الحصول على إشباع حقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اللازمة لكرامته، وللنمو الحر لشخصيته، بفضل المجهود الوطني والتعاون الدولي في حدود موارد كل بلد“.
م/ 23 منه تنص على على أن “كل شخص له الحق في العمل وفي الحماية ضد البطالة“.
م/ 24 منه تنص على أن “لكل شخص الحق في مستوى معيشة كاف لتأمين صحته وحاجته المادية، وصحة وحاجات أسرته، وخاصة تلك المتعلقة بالمأكل والمسكن والخدمات الصحية والخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحق في الأمان من البطالة والعجز والترمل، والحالات الأخرى التي يفقد فيها وسائل العيش…….”
العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:
م / 9 منه تنص على أن “تقر الدول الأطراف في العهد بحق كل فرد في الضمان الاجتماعي بما في ذلك التأمين الاجتماعي “.
هذا بخلاف عشرات النصوص الأخرى التي وردت في الاتفاقيات والعهود والتوصيات الدولية المختلفة لتعزز الأمان والحماية الاجتماعية للإنسان.
لقد رسخ في ضمير الإنسانية وخلال مسيرتها الطويلة أن التأمين الاجتماعي حق لصيق بالإنسان يكفله له المجتمع الذي يعيش فيه، وتعد الدولة مسئولة عنه أمام مواطنيها وأمام المجتمع الدولي. وتلتزم الدولة في مصر بموجب نص المادة (17) من الدستور ، وبأحكام الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية الملزمة لها، بحماية الحقوق التأمينية للمقيمين على أراضيها، وتمكينهم من الاستفادة من هذه الحماية.
إلا أن الواقع يختلف عن ذلك كثيراً، ولعل الأسوأ والأكثر إيلامًا هو ما تسير عليه الدولة في اتجاه تقليص الخدمات التأمينية القائمة وتعريض النظام التأميني القائم للمخاطر، بتعديل القوانين بغرض تخفيض الحماية التأمينية وانتقاص الحقوق المغطاة بحماية تأمينية، وذلك رغم ما حققه النظام التأميني القائم من فوائض واحتياطيات كبيرة.
رغم أن حقوق التأمينات الاجتماعية والتي سبق الإشارة إليها في النصوص السابقة تعد المستويات الأساسية المتعارف عليها كحد أدنى لأنظمة التأمين الاجتماعي دوليا وإنسانيا لا يجوز النزول عنه أو الانتقاص منه، فإن الحكومة المصرية وتحت دعاوى اختلال صناديق التأمينات الاجتماعية تسعى للهروب من التزاماتها وواجباتها تجاه مواطنيها.
ورغم الخلل الواضح في أنظمة التأمينات الاجتماعية، فإن الممولين يقومون بالتهرب منها أو بالتأمين بأجور غير حقيقية. حيث بلغ عدد المؤمن عليهم، بأجر يقدر بـ 45 جم في الشهر، حوالي 267 ألف مواطن وبنسبة 11.4% من إجمالي المؤمن عليهم بهذا الأجر. وبلغت نسبة المؤمن عليهم، بأجر أقل من 200 جم في الشهر، حوالى 60% من إجمالي المؤمن عليهم بهذا الأجر. ووصلت نسبة المؤمن عليهم، بأجر أقل من 300 جم في الشهر، إلى 70% من إجمالي المؤمن عليهم بهذا الأجر. وهو ما يؤدي بدوره إلى أجورهم تدنى المعاشات التي لا يحصل عليها المواطنون إلا بعد اقتطاع اشتراكات من أجورهم خلال فترات العمر التي ترتفع فيها الإنتاجية والعمل ولمدد طويلة يجب ألا تقل عن 20 سنة، بل ولابد أن تصل إلى 36 سنة ليستحقوا معاشًا كاملاً.
وتتعرض أعداد المؤمن عليهم للانخفاض في السنوات الأخيرة بسبب تطبيق سياسات الخصخصة ونظام المعاش المبكر على العاملين بالقطاع العام، حيث انخفض عدد المؤمن عليهم من العاملين به من 1.354 مليون سنة 95/ 1996 إلى 965 ألفًا عام 99/ 2000 ، وكذلك بسبب العراقيل التي تضعها الحكومة أمام عمال القطاع الخاص غير المنظم للاستفادة من التأمين الاجتماعي، في الوقت نفسه الذي تسهل فيه لأصحاب الأعمال التهرب من التأمين على العاملين لديهم سواء بشكل كامل (بعدم التأمين عليهم)، أو بشكل جزئي (بالتأمين عليهم بأجور أقل من أجورهم الحقيقية) كما أوضحنا من قبل.
تهدف التأمينات الاجتماعية إلى مساندة المؤمن عليه وتعويضه عن الخسائر التي يتعرض لها عند فقده لدخله من العمل نتيجة تعرضه لأحد المخاطر، والتأمينات الاجتماعية تمول من اشتراكات المؤمن عليهم وأصحاب الأعمال الذين يعملون لديهم، وتكفل وتغطى نوعين من المخاطر:
-
أخطار طويلة الأجل (الشيخوخة، العجز، الوفاة).
-
أخطار قصيرة الأجل (المرض، الإصابة، البطالة).
وتتحمل صناديق التأمينات مسئولية تعويض المؤمن عليه بإحدى الصور الآتية:
-
المعاش الشهري.
-
تعويض الدفعة الواحدة.
-
المكافأة.
-
تعويض جزء من الأجر.
-
تحمل أعباء العلاج والرعاية الطبية.
تلتزم الدولة في مصر طبقا للدستور بتقديم خدمات التأمين لجميع المواطنين، حيث نص الدستور في المادة 17 منه على أن “تكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعي والصحي ومعاشات العجز عن العمل والشيخوخة للمواطنين جميعا وفقا للقانون“.
ويحكم الإطار القانوني للتأمين الاجتماعي في مصر العديد من القوانين والتشريعات منها.
القانون رقم 79 لسنة 1975:
يعد القانون الأساسي لنظام التأمين الاجتماعي في مصر. ويغطى العاملين لحساب الغير في القطاع الحكومي وقطاعي الأعمال العام والخاص، والذين بلغ عددهم في 30/ 6/ 2003 عدد 10.604 مليون مواطن بنسبة 57.2% من إجمالي المؤمن عليهم، وموزعين كالآتي:
أ ) العاملون بالجهاز الإداري للدولة والحكم المحلى والهيئات العامة (4.728 مليون).
ب) العاملون بقطاع الأعمال العام (838 ألفًا).
ج) العاملون بالقطاع الخاص النمطي (2.833 مليون).
د ) العاملون بقطاع النقل البري (1.300 مليون).
ه) العاملون بقطاع المقاولات (861 ألفًا).
و ) العاملون بقطاع المخابز (44 ألفًا).
ويغطى هذا النظام تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، وتأمين إصابات العمل، وتأمين المرض، وتأمين البطالة. وإن كان تأمين المرض وتأمين البطالة معطلين.
ويتضمن هذا النظام صندوقين للتأمين، هما: صندوق التأمينات الاجتماعية للعاملين بالجهاز الإدارى للدولة والهيئات العامة، وصندوق للعاملين بالوحدات الاقتصادية بالقطاعين العام والخاص، وتتولى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي إدارة الصندوقين، وقد انتقلت تبعيتها من وزارة التأمينات الاجتماعية إلى وزارة المالية في آخر تعديل وزاري في ديسمبر2005.
القانون رقم 108 لسنة 1976:
ويخص هذا القانون أصحاب الأعمال ومن في حكمهم، ويشمل الأفراد الذين يزاولون النشاط التجاري أو الصناعي أوالزراعي أو الحرفي لحساب أنفسهم، كما يشمل صغار المشتغلين لحساب أنفسهم إذا كانوا يستخدمون عمالاً أو يباشرون أعمالهم من محال ثابتة لها سجل تجاري أو ترخيص. ويبلغ عدد المؤمن عليهم طبقا لهذا القانون في 30/ 6/ 2003 1.966 مليون مواطن وبنسبة 10.6% من إجمالي المؤمن عليهم، وهو لا يغطى إلا تأمين مخاطر الشيخوخة والعجز والوفاة فقط.
القانون رقم 50 لسنة 1978:
ويخص القانون العاملين المصريين بالخارج، ويشترط أن لا يكون مؤمنا عليهم داخل البلاد من قبل حيث تسرى عليهم في هذه الحالة قواعد القانون 79 لسنة 1975، ويبلغ عدد المؤمن عليهم طبقا لهذا القانون في 30/ 6/ 2003 ، 16 ألف مواطن وبنسبة لا تتعدى 0.1% من إجمالي المؤمن عليهم، وهو لا يغطى في واقع الأمر إلا خطر الوفاة فقط.
القانون رقم 112 لسنة 1980:
ويغطي هذا القانون الفئات التي لم تشملها قوانين التأمين الاجتماعي الأخرى، ويخص العمالة غير المنتظمة، مثل: عمال الزراعة، وخدم المنازل، والباعة الجائلين، وصغار المشتغلين لحساب أنفسهم وغيرهم. وهو لا يغطى إلا مخاطر الشيخوخة والعجز والوفاة، وهو القانون الذي أوكل إليه أخيرًا منح معاش السادات، ويغطى هذا القانون في 30/6/2003 ، 5.966 مليون مواطن وبنسبة 32.2% من إجمالي المؤمن عليهم.
المؤمن عليهم ونسبهم طبقا لقوانين التأمين الاجتماعي المختلفة في 30/6/2003
القانون |
عدد المؤمن عليهم بالألف |
الأهمية النسبية% |
1975/79 ويضم: |
10604 |
57.2 |
1- القطاع الحكومي |
4728 |
|
2- القطاع العام |
838 |
|
3- القطاع الخاص |
5038 |
|
القطاع النمطي |
2833 |
|
ق. النقل البري |
1300 |
|
قطاع المقاولات |
861 |
|
قطاع المخابز |
44 |
|
(108/1978) أصحاب الأعمال |
1966 |
10.5 |
(50/1978) المصريون العاملون بالخارج |
16 |
0.1 |
(112/1980) العمالة غير المنتظمة |
5966 |
32.2 |
الإجمالي |
18552 |
100 |
وبذلك تكون مظلة جميع الأنظمة التأمينية في مصر في 30/ 6/ 2003 لا تغطى إلا 18.552 مليون مواطن من أصل حوالي 70 مليون مواطن في ذات التاريخ يستحقون جميعهم التأمين، فإذا استثنينا أصحاب المعاشات بسبب العجز أو الشيخوخة أو مستحقى معاش السادات، فإن مظلة التأمينات الاجتماعية في بلادنا لا تغطى إلا أقل من ثلث المصريين، وهو بالتأكيد معدل منخفض ويشكل علامة خطر اجتماعي وينذر بالانفجار وعدم الاستقرار في البلاد.
1- تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة: وينطبق على جميع أنظمة التأمين الاجتماعي المعمول بها في مصر، ويهدف توفير معاش للمؤمن عليه في حالة فقده القدرة على الكسب من العمل بسبب الشيخوخة أو العجز، كما يهدف تأمين أسرة المؤمن عليه بالحصول على معاش في حالة وفاة عائلهم.
2- تأمين إصابة العمل: وينطبق على التأمين بالقانون رقم 79/ 1975 فقط، ويهدف إلى توفير العلاج والرعاية الطبية للعامل في حالة إصابته بأحد الأمراض المهنية أو نتيجة حادث أثناء العمل أو بسببه أو خلال فترة ذهابه لمباشرة العمل أو عودته منه أو نتيجة الإجهاد أو الإرهاق في العمل، كما يكفل له نفقات انتقاله إلى جهة العلاج، وتعويضا عن أجره في فترة انقطاعه عن العمل نتيجة إصابته، وكذلك تعويضا عما يصيبه من عجز (جزئي أو كلي) أو وفاة نتيجة الإصابة.
3- تأمين المرض: وينطبق على التأمين بالقانون 79/ 1975 فقط، ويهدف إلى توفير العلاج والرعاية الطبية والتعويض عن الأجر فترة الانقطاع عن العمل في حالة المرض، وكذا للمرأة فترة الحمل والوضع.
4- تأمين البطالة: وينطبق على التأمين بالقانون 79/ 1975 فقط، ويهدف إلى توفير تعويض للعامل عن أجره خلال فترة تعطله بعد التأمين عليه في عمل.
5- تأمين الرعاية الاجتماعية لأصحاب المعاشات: وينطبق على التأمين بالقانون 79/ 1975 فقط، ويهدف إلى توفير دور إقامة لأصحاب المعاشات ومنحهم تيسيرات خاصة في المجالات الاجتماعية المختلفة.
وإذا كانت أغلب الحقوق التأمينية – المشار إليها بعاليه – تعرضت وتتعرض لاعتداءات عميقة، مثلها مثل كل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأخرى، بدءا من ضمان قدرة الناس على القراءة والكتابة واكتساب المعرفة والتمتع بصحة جيدة، والحصول على عمل مناسب بأجر كاف لمعيشة إنسانية ملائمة، انتهاءً بحرص المجتمع على تمكين مواطنيه من حقوق العمل والإنتاج والبيئة النظيفة، ومواجهة الفقر وتعزيز التكافؤ والمساواة، والمرأة تعاني في ذلك بشكل أكثر كثافة وعمق، فمن معاناتها من التمييز ضد الفقراء والتمييز ضد الريف إلى الوقوع في شرك الفجوة بين الجنسين والتحيز للذكور على حساب الإناث. ولنرى جوهر التمييز ضد المرأة في التأمين الاجتماعي.
يبلغ عدد المؤمن عليهم اجتماعيا في مصر 15.677732 مليون عامل، منهم 2.261716 مليون امرأة، بما يعادل 14% فقط من المؤمن عليهم، وذلك في 30/6/2000، كما جاء في تقرير نتائج أعمال وزارة التأمينات 1999/ 2000.
النساء في أنظمة التأمينات المختلفة في 30/ 6/ 2000
بيان العاملين |
إجمالي المؤمن عليهم |
النساء منهم |
نسبتهم |
القطاع الحكومي |
4290395 |
1468968 |
34% |
القطاع العام |
965353 |
111111 |
11.5% |
القطاع الخاص |
4502348 |
492801 |
11% |
العمالة غير المنتظمة |
5919637 |
188836 |
3% |
الإجمالي |
15677733 |
2261716 |
14% |
وينبئ الجدول السابق عن التمييز ضد المرأة في فرص العمل وفي فرص التمتع بالحماية ألتأمينه، فرغم أن نسبة عمل المرأة في القطاع الخاص غير المنتظم تتزايد بالتوالي فإن ذلك لا يظهر أبدا في نسب التأمين الاجتماعي في هذا القطاع، حيث لا تزيد نسبة المرأة إلى المؤمن عليهم في قطاع العمالة غير المنتظمة على 3%، وهو ما يؤكد أن المرأة هي الضحية الأمثل في تأكيد التهرب التأميني في هذا القطاع. هذا علاوة على أن نسبتها العامة في المؤمن عليهم في كل القطاعات لا تتجاوز 14% رغم أن نسبتها للعاملين في كل القطاعات تجاوزت أل 28%.
وتتضح أكثر مأساة التمييز والتحيز ضد المرأة عند مراجعة أوضاع الأجور في القطاع العام – الأحسن حالا – حيث تمثل المرأة العاملة في هذا القطاع نسبة 11.5% من إجمالي العاملين فيه، نجد أن نسبتها في الأجور المتدنية في القطاع نفسه تزيد وتصل إلى 16% من المؤمن عليهم بأجور أقل من 100 جم في الشهر، فيكون للمرأة الحظ الأكبر في الأجور المتدنية حتى في ظل العمل مع الرجال في قطاع واحد وبالشروط نفسها.
وتصل أعداد النساء العاملات داخل القطاع الخاص النمطي إلى 483756 من بين 2340377، وبنسبة تصل إلى 20% تقريبا من إجمالي العاملين في هذا القطاع، ولكن تزيد النسبة إلى 30% من إجمالي المؤمن عليهم بأجر أقل من 60 جم في الشهر.
ولعلنا إذا انتقلنا إلى طريقة توزيع المعاشات عند الشيخوخة وتوقف القدرة على العمل والكسب – عمريا أو صحيا أو نفسيا – تتضح الفجوة بين الجنسين.
معاشات الشيخوخة في صندوق العاملين بالقطاعين العام والخاص في 30/ 6/ 2000
نوع المعاش |
عدد الأفراد |
الإناث منهم |
النسبة |
قيمة المعاشات |
نصيب الإناث |
النسبة |
تقاعد |
700476 |
39596 |
5.7% |
388790 |
12072 |
3% |
مبكر |
258726 |
44458 |
17% |
728189 |
67298 |
9% |
وفاة طبيعية |
334900 |
14136 |
4% |
231024 |
2935 |
1% |
وفاة إصابية |
27725 |
473 |
1.7% |
9716 |
101 |
1% |
عجز طبيعي |
135790 |
9025 |
6.6% |
50563 |
2681 |
5% |
عجز إصابي |
26722 |
813 |
3% |
8261 |
185 |
2% |
إجمالي |
1484339 |
108501 |
7.5% |
1416543 |
85272 |
6% |
ويتضح من الجدول السابق أنه بينما تصل نسبة الإناث صاحبات معاش الشيخوخة في صندوق القطاعين العام والخاص في 30/6/2000إلى 7.5% من إجمالي مستحقي معاش الشيخوخة، فإنهن لا يحصلن إلا على نسبة 6% من إجمالي المعاشات المنصرفة من هذا الصندوق.
وتصل نسبتهن إلى 5.7% من إجمالي المتقاعدين، إلا أنهن لا يصرفن إلا 3% فقط مما يصرف في هذه الحالة. بل ورغم وصول نسبتهن إلى 4% من المتوفين فلا تبلغ نسبة استحقاق معاشات الوفاة عن نساء إلا 1% فقط.
وإذا كانت نسبة النساء في الخروج إلى المعاش المبكر هروبا من الاضطهاد والتمييز وصلت إلى 17% من إجمالي أصحاب المعاش المبكر، فهن لم يحصلن إلا على 9% فقط من الأموال المصروفة لإجمالي الخارجين إلى المعاش المبكر.
وهكذا يتواصل الانحدار من سيئ إلى أسوأ في واقع المرأة ابتداء من تقليل فرص العمل المتاحة لها ومروراً بانخفاض فرصها في الترقي وصعود السلم الوظيفي، أو التدرج في الارتقاء في الأعمال والمهن التي تدخلها، وانتهاء بانخفاض أجورهن ومعاشاتهن وحقوقهن الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عموما، بالإضافة لما هو شائع في المجتمع من الحرمان من الحقوق السياسية والمدنية عموما، حتى في حال المساواة في المراكز القانونية.
فالمرأة العاملة تعاني – بالتأكيد – من الاستغلال والتحيز والتمييز ضدها، ليس فقط في العمل – أثنائه وبسببه – بل وحتى في التأمين والضمان الاجتماعي والمعاشات، بل وحتى بعد وقبل ذلك ومعه داخل البيت والأسرة بسبب تحمل أعباء ومتاعب العمل المنزلي والرعاية الأسرية دون مساعدة أو تقدير في أغلب الأحوال، أي أنه عمل بلا أجر ولا تأمين، علاوة على تكثيف حرمانها من الحق الإنساني في التعليم والمعرفة والثقافة، والحق في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة العامة والإنجابية، والحق في التمتع بمستوى معيشة لائق، وإذا كان هذا الحرمان هو فقر عام يمس كل الفقراء ويزداد في الريف، فإن المرأة تعاني فيه أكثر بما لا يقاس بسبب فجوة النوع والتحيز الذكوري والثقافة السائدة.
ويؤكد ذلك إهدار حقوق المرأة والتمييز ضدها، وهو ما يدفعنا بالضرورة للعمل من أجل تغيير أوضاع المرأة العاملة ومواجهة التحيز ضدها، وإعمال حقوق الإنسان بعدم التمييز ورفض التفرقة بين المرأة والرجل، وتغيير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية القائمة في بلادنا.
صابر برکات:نقابی عمالي ومحامي.