الجزء الثاني من السنة الأولى

الجزء الثاني من السنة الأولى

في 1 يناير سنة 1893

موافق ۱۳ جماد ثاني سنة ١٣١٠

شكرٌ وثناءٌ

سرايها البراع على مبداك بسم الله مـجـراك ولا تيأسن، ولك في وادي النيل أعوانٌ وأنصارُ، ولا تجف مدادًا والباب أرباب الفضل ابحارُ وأنهارُ، وإياك أن تجزع أيها القرطاس إذا اسود محياك بخضاب المداد، فإنه يزيدك انتشارًا في البلاد وإجلالاً بين العباد، فتصبح للمعارف أمينًا مختارًا وللألباَءَ رسولاً سيارًا، وافرحي يا نفس واشكري نِعمَ العلم والمعارف، وترنمي برواجهما في أندية نصيرات الأداب وسيدات اللطائف وحـسـبكِ برهانًا قاطعًا ودليلاً ساطعًا مـا كـان لـفـتـاتكِ بينهنَّ من الإعزاز والترحاب والاستحسان والإطناب، فضلاً عن القبول والإقبال من أسياد اشتهروا بعميم الأفضال وأمجاد ضربت بآدائهم الأمثال لا سيما أصحاب الجرائد العربية وأرباب الصحف الأجنبية الوطنية الذين قابلوا الفتاة بالنفثات، وألبسوها من دور المقالات وجواهر الشذرات ما تفتخر بحلاها وحليتها مدى الحياة.

ومما يزيد فتاتنا إقدامًا على استمرار مشروعها ودوام السير على تأييد مبداها وموضوعها، ما صادفته من معاضدة ألباء هذا القطر ومساعدة نبلاء هذا العصر بقبولهم عداد عددها الأول، واستحسانهم منهاجه الذي بإذن الله لا يتغير ولا يتحول فنسـدي الجنسين خـالص الشكر والثناء، ونهـدى الفريقين عـاطـر الحـمـد والإطراء ونسألهما إغضاء الطرف عما يتخلل أجزاء الفتاة من الأغلاط والهفوات لأن العصمة للواحد المتعال، وهو المسئول أن يؤيد ويؤيد سرير دولتنا العلية مدى الدوران، وأن يديم بقاء سيدنا ومولانا السلطان عبدالحمید خان شمسًا تستمد من نوره البدور، وأن يحفظ لنا خديوينا «عباس حلمي الثاني المعظم بحراً يفيض بفضله على البحور آمين آمين،

«هند»

فريضة التهاني

نتقدم بواجب التبريك والتهاني لعموم الطوائف المسيحية الغربية في حلول عام ١٨٩٣،ونطلب من الله أن يجعل أيامه شمسًا ساطعة بأنوار المسرات ومناهـل خيراته دافقة بعظيم البركات ولواء سلامه خافقًا فوق الكائنات، ونجمه في أفق الفضائل لامعًا وبدره في سماء التمدن طالعًا وروضة بأزهار العلم يانعًا.

هند

كاترينا الأولى إمبراطورة روسيا

نقلاً عن كتاب معرض الحسناء في تراجم مشاهير النساء تأليف الطيبة الذكر المرحومة والدتنا مريم نوفل.

هي ابنة أحد الفقراء من إقليم إستونيا من قرية رنجان ولدت سنة 1684 وقيل 1689 للميلاد واسمها مرتا.

قيل أن أباها كان من وجوه لوثيانيا، وقتل في حروب مملكة بولونيا، وخلَّف ولدًا اسمه كارلوس اسکادرونسكي، ولما توفى كانت ابنته في المهد، فلم يتعهد تربيتها وتأديبها أحد بل نشأت مع أخيها لا يعرفان من التربية إلا ما يعرفه الإنسان من حيث الغزيرية وكانا في زوايا الإهمال إلى أن فارق اسکادرونسکی شقيقته، وهو صغير السن فخدمت مرتا عند قسيس بروتستاني يقال له غلاك في مدينة مريانبورغ، وبعد أن لبثت عنده أربع سنوات تزوجت بجندی اسوجي من إقليم لونيا، وفي صباح عرسها أو ثاني يوم منه هزم الروس شرزمة من عساكر الأسوجيين كان زوجها في جملتهم، فلم تقف له بعد ذلك على خبر، وفي غرة شهر كانون الأول (جنابو) سنة ١٧٠١، وقيل في ۱۹ تموز (يوليو) سنة ١٧٠٢ تغلب الماريشال شرمتوف على مارينبورغ، فأحرق إذ ذا الأسوجيين مخازنها فحنق الروس من هذا الفعل واغتاظوا فهدموها، وأسروا أهلها عن آخرهم، وكان من جملة الأسرى هذه السبية أي مرتا التي أصبحت فيما بعد امبراطورة الروس، وقد أسرها الجنرال بوير «وقيل الجنرال منزيقوف»، فخدمت عند الأول ثم انتقلت لخدمة السر عسكر كزرومـتـوف ثم الجنرال منريقـوف، وعنده رآها الإمبراطور بطرس الأكبر ابن الكسيس مخائيل رومانوف فأحبها وتزوج بها سرًا سنة ۱۷۰۷، ولها من العمر ١٨سنة ورزق منها ابنته الأميرة حنة.

وفی ۱۸ شباط سنة ۱٧١٢ شـهـر بطرس زواجـه بـهـا، وتودي علنًا في مدينة بطرسبرج بأنها ملكة الموسقو، وذلك بعد أن تركت المذهب البروتستاني وتمذهبت بالمذهب الروسي وعمدوها ثانيةً وبدلوا اسمها بكاترينا، وكانت هذه الفتاة عالية الهمم حسنة الخلق والخلق، فاكتسبت بذلك الحظوة والقبول عند بطرس الأكبر حتى إنه كان لا يقوى على مفارقتها ويستصحبها في أكثر أسفاره وأعماله الشاقة، فكانت تقاسمه الأهوال والأتعاب، وهي لا تميل إلى الرفاهية والتنعم كغيرها من النساء اللائي يتخذن ذلك ديدنًا لهنَّ، وكانت تحسن مداراة الإمبراطور فتخمد نيرانه بملاطفتها إذا غضب أو حنق ولا تعارضه، فتزيده جفوة وقسوة بل تساجله فتسترقه حتى قيل أنها حسنت أخلاقه تحسينًا، وبقى زواج الإمبراطور بكاترينا «عام ۱۷۰۷» مكتومًا إلى يوم سفره في حرب الدولة العثمانية، فإن السلطان أحمد الثالث شهر الحرب على الروس في أوائل شهر أغسطس (آب) سنة 171، فاضطر بطرس الأكبر أن يختار نهر الدنيير لكنه خشى على كاترينا أن تلم بها الأخطار، فحار في أمره إلا أن كاترينا ألحت عليه بأن يستصحبها إلى ميدان القتال، وأعلنت له أنها لا تقوى على مفارقته فلم يخالفها فيما شاءت وسارت برفقته تتقدم الجيش على متن جواد مطهم وتخفق على رأسها الرايات وعلى وجهها لوائح المسرة، وكانت الدولة العثمانية عهدت أمر هذه الحرب إلى وزيرها الأول محمد بلطه جي باشا، وأرسلته في ٢٥٠ ألف مقاتل فانتشب القتال على نهر البروث، واستظهرت العساكر العثمانية فتضعضع الروس وانقطع عنهم المدد وهلكت خيولهم ونفذت عندهم الذخائر والميرة، وتقهقرت جنودهم وكانوا زهاء الأربعين ألفًا فينس بطرس الأكبر وحل به الاضطراب والبلبال فعاوده تشنج الأعصاب، وهو داء متمكن فيه فدخل خيامه وأمر أن لا يدخل عليه أحد أما كاترين فلم تصغ لهذا التنبيه بل دخلت مضربه بالرغم من الحجاب، وهي محاذرة غضبه فسرَّ بها الإمبراطور لا سيما لعلمه بما كانت تبديه في القتال من الشهامة والبسالة، فإنها كانت تحيى الليل على ظهـر جـوادها تطوف بين الجنود تقـويهم وتصـبـرهـم وتعـود المرضى والجرحى وتحسن إليهم، وبعد أن لاطفته حتى خففت همومه وأشجانه رخص لها أن تتعاطي أمر الصلح وتتمه على ما يحسن لها، فخرجت من بين يديه مسرورة بما كان وعمدت إلى أنفذ الوسائط التي يمكن استخدامها في الشرق للحصول على القصد، فجمعت ما كان لديها من الجواهر الثمينة وأرسلتها إلى الوزير بلطه جي باشا، وأمرت المارشال شرمتوف أن يكتب إليه بطلب الصلح، وانتخبت لهذه الرسالة ضابطًا ممن عهدت بهم الدراية والذكاء واثنين من الجند ودفعت إليهم جانبًا من المال يؤدونه إلى كتخدا البلطه جي، وكان ذلك في ۲۱ تموز (يوليو) سنة 1711، فقبل مـحـمـد بلطه جي باشا رسالة الماريشال وهدية الملكة ورفع رأية الصلح، وحـرر شـروطه وبعث بها إلى الحـضـرة السلطانية فصدقت عليها وكان فيها ختام تلك الحروب.

ثم لما كانت سنة ١٧١٤ ونجح بطرس الأكبر في حربه مع الأسوجيين، وعاد إلى بلاده ظافرًا وولدت كاترينا بنتًا «لم تعش إلا سنة واحدة» أحدث الإمبراطور رتبة شرف جديدة دعاها رتبة ماري كاترينا تعظيمًا لاسم زوجته، وجعل لميلاد ابنته احتفالاً عظيماً وسنه عيدًا بهجًا.

وفي سنة 1715 ولدت كاترينا ولدًا آخر لم يعش إلا يسيرًا وبعد نفاسها لحقت بزوجها الذي كان يتجول في بلاد أوربا متفقدًا أحوال السياسة إلى أن ولدت في مشورت في الرابع من كانون الثاني (جنايو) سنة 1717، ومرضت أثر ولادتها ولم يعش ولدها هذا سوى يوم واحد، فاضطرت أن تفارق الإمبراطور فـسـار إلى بلاد الفلمنك ولم تتبعه إلا بعد مدة حيث لحقت به في أمستردام ثم أنهـمـا عـادا إلى بطرسبرج بعد سياحة طويلة، فدخلت المدينة في 15 أفريل «نيسان» سنة 1719 وولدت ولدًا آخر مات عقيب ولادته.

ولما انتشبت الحرب بين الروس والفرس وسار الإمبراطور بجيشه إلى القتال رافقته كترينا وحاز الروس نصرًا مبينًا وفي سنة ١٧٢٤ في ۱۸ مايو «آيار» توجها الإمبراطور في موسكو بـحـضـور أشراف البلاد، وسماها إمبراطورة الروس وسار أمامها راجلاً يوم هذا الاحتفال تعظيمًا لها، وكان بصفة يوزباشي علي فرقة جديدة دعاها فرقة شوالية الإمبراطورة ولما دخل الموكب الكنيسة وضع بطرس التاج الملوكي على رأسها، فأرادت أن تقبل ركبته فمنعها وعند خروجها من الكنيسة أمر بطرس بحمل صولجان الملك والكرة الملوكية أمامها وكان قد عهد إلى بعث إلى روساء مملكته بإعلام يخبرهم به بما حصل وهذا نصه:

من الحضرة الإمبراطورية المتولية على جميع الدولة المسقوبية إلخ إلى جميع الطوائف القسيسية والضباط الملكية والجهادية والأهالي الروسية من الرعايا الموصوفين بالأمانة».

لا يخفى على أحد منكم العادة التي ألفها ملوك الممالك النصرانية أن يتوجوا زوجاتهم، كما صدر ذلك مرارًا عديدة في الأزمنة الخالية عن ملوك النصارى التابعين للديانة اليونانية الأصلية، كالقيصر باذيليد الذي تَّوج زوجـتـه زينوبيا والـقـيـصـر يوستنيانوس الذي تَّوج زوجته لوبسينا والقيصر هركليوس الذي تَّوج زوجته ماريا ومن المعلوم أننا طالما خاطرنا بأنفسنا، واقتحمنا الأهوال مدة الحرب الأخيرة التي دامت ۲۱ سنة متوالية وذلك لحفظ وطننا، وقد تمت هذه الحروب بعون الله تعالى والمنفعة وفازت دولتنا وختمت بعهدة صلح حازت بها الروسية فخرًا لم ينله سواها، وبما أن الإمبراطورة كاترينا التي هي زوجتنا العزيزة جاءت بكل مساعدة وإعانة لإنقاذ الوطن من ربقة هذه الأخطار في الحروب المذكورة كـمـا سـاعدتنا أيضًا في حروب أخرى صبحتنا فيها بالطوع والاختيار بالرغم عما جبلت عليه النساء من الضعف، ونظرًا لما بدأ منها في الواقعة التي حصلت بيننا وبين الدولة العثمانية على نهر البروث حيث اضمحلت حال جيوشنا، فقد أظهرت الإمبراطورة غيرة عظيمة وشجاعة لا مزيد عليها كما هو معلوم عند جيوشنا وأفراد دولتنا.

فبالنظر إلى ذلك وبمقتضى التصرف الموهوب لنا من الله تعالى قد عزمنا على تشريفها بالتاج الإمبراطوري شكرًا لصنيعها ومكافأةً لها عما كابدته من المشاق ويتم ذلك إن شاء الله في أواخر فصل الشتاء من هذه السنة بمدينة موسقو.

وهذا إشعار منا في شأن هذا الأمر الذي عزمنا عليه لرعايانا المحبين أرباب الأمانة الذين لا تزال محبتنا الإمبراطورية لهم بدون نقص ولا تغيير.

وقد تبوأت كاترينا عرش مملكة الروسيا في ٢٨ كانون الثاني «جنابو» سنة ١٧٢٥ يوم وفاة زوجها الإيمبراطور بطرس الأكبر الذي أسلم روحه بين ذراعيها في الساعة الرابعة من الليل، وقد خطبت خطبة عظيمة بمحفل موته ذكرت فيها ملخص حياته، وذلك على مسمع أرباب شوري الحكومة والجنرالات والأعيان.

ثم ساست الملك بعد زوجها أحسن سياسية وأحدثت فيه أمورًا كثيرة، وسنت قوانين لا تزال مرعية حتى الآن، منها أنها أبطلت قتل القاتل واستحضرت من بلاد الفلمنك وغيرها نساء ماهرات في الصنايع لأجل تعليم البنات المترهبات ووزعتهنَّ على الأديار.

ومـاتت كاترينا سنة ١٧٢٧ ولها من العمر 38سنة تاركة تاج الملك بحسب وصيتها لبطرس الثاني حفيد زوجها ولهُ من العمر ١٢سنة تحت وكالة ابنتيها الملكتين حنة واليصابات.

 

(قال بعض المؤرخين)

كثيرًا ما قرأنا في التاريخ أن بنات غير شريفات الأصل اتصلنَ لأسباب معلومة أو غير معلومة لأن صرنَ أميرات أو ملكات، فلم يعد من سبب لأن تتعجب من حدوث هذا الأمر لكاترينا «مرتا» إنما العجيب أنها أخذت أسيرة عند قوم بينهم وبين قومها عداوة شديدة وحروب هائلة، وقد اتصلت مع ذلك إلى أن تسلطت عليهم وحكمت فيهم فكانت هي الأسيرة الحاكمة والرقيقة المالكة، وما ذلك إلَّا مما جمعت هذه الإمبراطورة من حسن الخصال وكريم الصفات والمزايا حتى أحبها جميع الروس وشهدوا لها بالفضل وقد تمكنت محبتها في قلوبهم لما تأكدوه بإخلاصها وعدم مداخلاتها في أمر النكبة التي رزى بها الكسيس ابن بطرس الأكبر من زوجته الأولى أودكسيا تيودورة، ولم ينس المؤرخون فضل بطرس الأكبر الذي تزوج بكاترينا غير مبال بلوم اللائمين الذين يفضلون بعض الناس على بعض من حيث الشرف والأصل، بدعوى أن الأصيل الرفيع النسب مفضل على عامة الناس، وهذه إمبراطورة الروس كاترينا مع كونها من فئة دنيئة من الشعب بلغت من المجد أقصاه ومن العزّ أسماء، وامتلت بالفضل والمحامد على جميع البنات الشـريفات، فإن العاقل لا يعتبر الرتب والألقاب بل ينظر إلى الشخص من حيث الاستحقاق فلا يعد فاضلاً إلَّا من كان ذا معارف حسن التهذيب؛ فهو يفضل على ذوى المقامات والرتب، وإن كان دنئ الأصل فإن الناس جميعًا من أصل واحد وعلى فطرة واحدة وليس من فرق بينهم أو تفاوت في أخلاقهم وعاداتهم إلا من حيث التربية وتأثير طبيعة البلاد التي وجدوا فيها.

(الآنسة اليصابات داويس يركية)

ولدت هذه الفتاة من أبوين كريمين فربياها على مهد الدلال والآداب ولما ترعرعت أدخلاها إحدى المدارس العلمية الابتدائية، فانكبت بملء الرغبة والاجتهاد على الدرس والمطالعة حتى نبغت بأقرب ما يمكن من السرعة، وتقدمت على جميع زميلاتها تقدمًا عجيبًا، وفي السنة الثالثة من وجودها في هذه المدرسة أخذت شهادتها المعلنة بنجاحها ونجابتها وحسن سلوكها وآدابها وعادت إلى والديها تجر أذيال الفخر والفلاح، ولم تمكث عندهما إن أرسلاها إلى مدرسة الكلية الكولمبية الشهيرة، فدخلتها بسرور وانعطاف لا مزيد عليـهـمـا، وأخذت تجد آناء الليل وأطراف النهار بدرس الرياضيات حتى نالت ما تتمناه منها بوقت قريب.

ولما طار صيتها في الآفاق واشتهر علمها في البلاد الأميريكية اشتهار الشمس في رابعة النهار، عينت معلمة في كلية واشنطون، وقد قدرها الرياضيون حينئذ قدرها وأحلوها محلًا يليق بفضلها وآدابها، وبعد اقترانها بقليل أشغلت أفكارها في التقويم الشمسي، ولم تبلغ الثلاثين من عمرها حتى أصلحت الرزنامة البحرية إصلاحًا زادها شهرة ووجاهة وفضلاً.

وقد تقدمت يومًا إلى مركز علمي راتبه ۱۲۰۰ ريال في الشهر، وحازت قصب السبق على ١٢ رجلًا من كبار الرياضيين الذين تقدموا لهذا المركز الخطير، ونالته بقوة معارفها وسامي علومها، وبعد أن نالت هذه البغية اشتغلت بإصلاح جداول لَبليس فأظهرت ما فيها من الخلل حتى أدهشت العلماء وأفاضل الرياضيين ثم وضعت في التعديلات الجوية بين مرصدي كريبنونش وواشنطون جدولاً اتخذته الحكومة المتحدة قاعدة مرعية الأجراء، وكافأتها بما يستحقه مقامها العلمي الخطير، ولها في غير ذلك في الرياضيات ما يعجز عن الإتيان بمثله فطاحل الرجـال وأعاظم العلماء وكبار الرياضيين في عصرنا الحاضر وفقها الله إلى ما به إنجاح العلوم والمعارف ليعترف بفضلها كل تليد وطارف.

السيدة عايشة عصمت

هي الناثرة الفريدة والشاعرة المجيدة ابنة المرحوم إسماعيل باشا تيمور ذات المآثر المأثورة والفضائل المشهورة شاعرة مصر وخنساء هذا العصر، وهي التي نظمت دراری دیوانها المطبوع سنة ١٣٠٥هـ وافتتحته بهذه القصائد الغراء:

بید العفاف أصون عز حجابی …وبعصمتى أسمـو على أترابي

ويفكرة وقـ ــادة وقريحة …تقادة قد كمـلت آداب

ولقد نظمت الشعر شيمة معشر …قبلی ذوات الخدر والأحسـاب

ما قلتهُ إلا فكـــاهة ناطـق …وبفطنتي أعطيت فضل خطاب

فينية المهدي وليلـى فـدوتـي…یهوی بلاغة منطق وكتــاب

ومنها:

فجعلت مرأتي جبين دفاتـرى…وجعلت من نقش المداد خضابي

کم زخرفت وجنات طَرسٌ أنملي …بعذار خط أو أهاب شـــــــــباب

وکم زهی شمع الذكا وتضوعت…يميز قولي روضة الأحبابِ

ومنها:

وحللت في نادي الشعور ذوائبًا…عرفت شعائرها نور الأنسابِ

ما ضرني أدبي وحسن تعلمـى …إلَّا لكوني زهرة الألبــــابِ

ما سانی خدری وعقد عصابتي…وطراز ثوبی واعتزاز رحـابی

ومن ديوانها أيضًا هذه الأبيات:

تركت الحب لا عن عجز طول …ولا عن لوم واش أو رقـــيبِ

ولا من روع زفرات التصابي …ولا من خوف أجفان الحبيبِ

ولا حذر الفراق وخوف هجر …..بهِ تجرى المدامع كالصــبيبِ

ولكني اصطفیت عفاف نفس…تقر بصفوه عين الأديبِ

وذاك لأنني في عصر قـوم …به التهذيب كالأمر العجيبِ

ولها في التخميس والمواليا والجزل فضلاً عن النثر والسجع ما يزيدها فضلاً وافتخارًا بين نصيرات الآداب واللطائف وذوى الفضل والمعارف، وكان بودنا أن نثبت جميع نفثاتها الدربة وما لها من المنثور والمنظوم اعترافًا بفضلها وإعلانًا بنبلها،ولكن ضيق مقام هذا العدد قد ألجأَنا إلى الاقتصار، ودفعنا إلى جادة الاختصار على حد قول من قال ما لا يدرك كله لا يترك كله فعفوًا ومعذرة.

في المرأة وواجباتها وحـقـوقـهـا

ماذا ترغب الزوجة من زوجها؟

وضعت أحدى جرائد أميركا مقالة تحت هذا العنوان، فورد لها من السيدات كثير من المقالات، وكانت الجائزة لخمسة رسائل منها حيث قالت الأولى موجهة خطابها للرجل:

لا تنسى أن امرأتك ذات قلبٍ رقيق، ولا تتصور نفسك ممتازًا عنها ولا تتداخل بأشغالها الإدارية أو تجعل لك بمتعلقات البيت هما وشانًا.

إثن على امرأتك كلمـا عـرض للثناء مـقـام، إذا طلبت منك شيئًا من الدراهم فاعطها بسرور ظاهر على محياك، وحينما تريد أن تكاشفك سرًا أو أمرًا يكدرها،فانتبه لحديثها وابذل الجهل لرد سرورها بإزالة الموانع، ولا تسمح لنسيب أو قريب أو صديق أن يدخل بينكما حتى ولا لأبيك أو أخيك لكي لا يتفوه على مسمعك بما يحط في شأنها ومقامها.

كف عن الحجج المهيجة الخواطر وكن ذا ثقةٍ بها وأخبرها الصدق في سائر الأحوال ولا تخفى عنها شيئًا من أحوالك.

إياك أن تهملها عند مرضها إذ تحتسبه منك جناية لا تمحيها عنك طول الدهر ولا تزيدها غيرة بل دعها أن تثق بأن لا يجد في قلبك سواها، ولا تكلمها بما يمس عفافها وطهارتها.

دع بنيك أن يحـبـوك وكن مـرتَّبـا نظـيـفًـا حـسب ظروفك؛ لتنال منها الإكرام والاحترام.

لا تدع أن تغلبك سورة الخمرة, فتتكلم بما يخدش وجه الشرف والآداب، ولا تتأخر عن بيتك في الليل وكفاك ساعة واحدة بعد الغروب لرياضة جسم أو منادمة صديق.

لا يخطرن على بالك أن الحب مر مع تقادم الزواج فالحب، الشريف الطاهر يزيد في قلبي الزوجين ما دام في الجسم نسمة حياة، وكن شريفًا بكافة أحوالك وسائر أيامك وجميع أعمالك، وبذلك تقدر أن تسوس أية سيدة كانت من النسا.

(وكتبت الثانية)

لا يتسنى لرجل سياسة زوجتهِ وفؤاده خال من المحبة والثقة والإتكال. وكيف لا تشقى امرأة لم تنل من زوجها هذه الأمور الثلاثة، فكل أموال العالم وهباته لا تعوض مليها إذا خسرت أمرًا من هذه الأمور المحتاجة المرأة إليها احتياج الأرض إلى نور الشمس والحياة العائلية من دونها مقر ظلام لا يزول.

فاجعل أيها الرجل امرأتك شريكة حياتك، فرافقها بالمسرة إذا شئت التنعم في الحياة، واحكم على قلبك ليكون محبًا لطيفًا نحوها، فالمرأة ولا خفاك كالزهرة الناضرة إذا لم تعاملها بلطف وانتباه ذبلت قبل أوانها.

فإن المرأة تكرمك وتكرس حياتها في سبيل رضاك إذا اعتبرتها وأنست إليها وإذا حصل بينكما مناظرة أو اختلاف،،، فلا تسلم النفس إلى هواها، والنفس أمارة بالسوء فتقيدك بعوامل الحدة والغضب إلى أن تعض أصابع الندم، وإذا ذل بك القدم لا ينفع الندم، ولكنك إذا أخمدت نار الحدة بماء الصـبـر، وجعلت لك من واسع الحلم وكرم الخلق مـا يدعيك أن تتكلم معها بلطف ومـحـبـة وأسلوب رقيق، فيزيد اعتبار شخصك في عينيها وربما قاصصت نفسها بيديها.

إياك إياك والفتور في حبها، فإنك لو أردت بعدئذٍ أن تستمطر غيثه بالتودد فلا تنفعك الرقي والطلاسم، وتبعد من عينك أمال لذة الحياء.

(وكتبت الثالثةوهي تغنى على ليلاها)

على الزوج واجـبـات لن يتـعـداهـا، فـعليـه (كـمـا أراه واجبًا على الرجل المحب لزوجته) أن ينهض باكرا ويضرم النار في الموقد ويغسل أواني الطعام المهملة ويسلق البيض ويتهم ما شاء منه، ولا يزعج امرأته ثم يسعي بلطافة إلى تهيئة طبق عليه فنجان القهوة أو الشاي أو الشوكلات وشيء من العيش النظيف ثم يحمل بين يديه هذا الطبق, ويقف بجانب سريرها ويقول لها بظرف ولطفٍ وأنسٍ وابتسامٍ هل ترغبين أن أقدمه لك أو أوضعه على الطاولة ثم ينسحب بلطف إلى الخارج، وينحدر إلى المدينة ويحرث كالعجول أو يعمل عمل العبيد إلى الساعة الخامسة بعد الظهر، فيعود إلى البيت وبيده صندوق من الحلويات والبذور وباقات ثمينة من الزهور (ولو دفع قـيـمـتـهـم مـحـصـول يومه)، وإذا لم يجدها في البيت أو كانت لا تزال نائمة عليه أن يكون كريم النفس محبًا لا يفتكر بتخطئة أعمالها أو الاعتراض على تصرفها ثم يكتسب فرصة رقادها أو غيابها عن البيت، ويعمل في البيت عمل النساء، فيرتب البيت ويصلح الفراش ويكنس الغرف وينفض الغبار عن الأثاث، ويحضر الحطب والفحم وما يلزم للعشاء، ويضرم النار تحت الطاجن ولا يقف عند هذا الحد بل يصلح المائدة ويرتب الكراسي ويـفـرق الطعام ولا يترك لامرأته سوى أن تكتب بيدها على قفص الطائر جدولاً تشرح به ما تريد أن تأكله في كل يوم وعليه أن ينظر في كل صباح لهذا الجدول ويعمل بموجبه وإذا أرادت امرأته أن لا تبقى بعد الأكل في البيت فعليه بإطاعة المحبة الزوجية أن يسير في خدمتها إما إلى المراسح وإما إلى بيت أمها.

(وكتبت الرابعة – لإيجاد قانون شامل)

لو كانت النساء متماثلات في الأخلاق لتم الوفاق وحلت المسألة من عهد بعيد ولو كان الزوجـان جـيـدين محبين لكان المشكل سهل الحل لا يستدعى أقلام الكتاب وعقول الخطباء، ولكن في الواقع لا تجد حكمًا شاملاً أو حـدًا فـاصلاً لزوجين غير مؤتلفين في القلوب والأخلاق والعقل البشري مثل الجسد نراه أحيانًا قويًا وصحيحًا، ولكن أكثر الأجساد نراها ضعيفة أو معوجة أو صغيرة إن كثيرًا وإن قليلاً، ومثل النظام الآلي في تركيب الجسـوم كمثل نظام الزواج لدى عقل المرأة، فيجب عليه أن يبذل ما في وسعه للعناية بتشخيص العلة ودرس الأغراض والأسباب، فإذا كان له من المقدرة العقلية والمعرفة والاختيار في أمر الصبر شيئًا وقف على الدواء الذي يزيل الداء وأعطاه على حسب الحاجة واللزوم، وإذا لم ينجح لأول مرة دوام على العلاج فيتسنى له المرغوب وأي رجل امتاز بالصبر والمواظبة والمحبة لزوجته، وكان ثابت العزم ولم تكن معيشته مكللة بالنجاح والهناء ولكن قلما نجد قانونًا واحدًا يحكم على كل العلل.

(وكتبت الخامسة)

الترتيب في العائلة نتاج السعادة، فإذا نلنا السلام على جانب النيران لاقينا مصاعب الحياة على علاتها فأصلحناها ورأينا البيت إذ ذاك مصدر الهمم وينبوع الفضائل وأساس العمران، فتتجدد العزائم مع شروق شمسه وتسكن إلى الراحة عند غروبها، فإذا سئلنا كيف يجب أن يكون الرجل فنقول له نظم مصارفاتك العائلية وحقق جيدًا ما يجب أن يكون ورتب معيشتك واجرِ ذلك نظامًا أساسيًا، وكن بعد ذلك عادلاً ثابتًا، فتجد المرأة إذ ذاك لديهـا بابًا تسير فيه ولا تعرج عنه، فتعيش لأجلك ولأجل السلام ولو كنتما على جانب النيران.

مخلصًا بتصرفِ عن كوكب أميركيا »

في القسم النسائي من معرض شيكاغو

«انتخاب عضو سوري لمؤتمر النساء

أتانا من بيروت نسخة من رسالة واردةٍ من مؤتمر المساعدة النسائي في معرض شيكاغو المشكل برئاسة مدام بالمر ونيابة مدام شارل هنروتن إلى حضرة صديقتنا في المؤتمر المومأ إليه وهذه هي:

من شيكاغو في 17 تشيرين أول « أكتوبر » سنة ١٨٩٢

حضرة الأنسة العزيزة استير ازهری

إن لجنة مؤتمر الجرائد اليومية النسائية من مؤتمر المساعدة النسائية الذي سوف يعقد في مدينة شيكاغو أثناء المعرض الكولمبي العظيم ترى أن يصير تمثيل ثأر النساء القلمية في الصحف من عموم العالم.

وقبل ترتيب اللائحة التي سوف تتضمن الخطب من كاتبات واسعات الشهرة مع الاعتناء التام في بيان تناسق المواضيع المرتبة بشأن ما قامت به النساء في هذا الفرع القلمي وغيره من أسباب الأهمية والفائدة قد وجد من المرغوب الحصول على آراء من أمثال حضرات الكاتبات المومأ إليهنَّ المأمول أن يصير تمثيلهنَّ في هذه المؤتمرات.

فسعيًا وراء إدراك هذه النتيجة تقرر انتخاب لجنة مشورة مؤلفة من مئة كاتبة شهيرة.

ولما كان قد تقرر لدى هيئة المؤتمر اختيارك وانتخابك عضوًا لهذه اللجنة عن البلاد السورية جئت أسألك ولى ثقة عظيمة بك أن تبعثي إلينا بما ترتئيه ومما تجدينه مناسبًا من المواضيع الخليـقـة بالبحث والنظر، وأن تتكرمى أيضًا بإرسال أسماء الأشخاص الذين تجدين فيهم أهلية لتقديم هذه المواضيع للمؤتمر.

ولعلك تتلطفين بإرسال أية إفادة بشأن الكاتبات كما تصل إليه مقدرتك ومعارفك وبوجه خاص نرغب إليك التكرم بالجواب العاجل.

صديقتك المخلصةانتوانیت واكان

وقد ورد إلينا من حضرة الأنسة المشار إليها كثير من الرسائل المتعلقة بهذا الموضوع وغيره، وفي الأخيرة منها قد طلبت منا ألَّا ننشر شيئًا في الفتاة مما تضمنته كتبها لكونها رفعت رسالًة لحضرة رئيسة المؤتمر المذكور، ورسالتها فيها ما يستوجب انتظار الرد، فامتثالاً لطلبها قد أرجأنا نشر ما تضمنته رسائلها الغراء إلى فرصة ثانية، ولكن وجدنا من باب الاعتراف بالفضل أن ننشر نسخة الرسالة المذكورة آنفا وضربنا صفحًا عن نشر باقي الرسائل مؤقتًا رغمًا عما أعلنته الفتاة في عددها الأول من استعدادها لنشر كل ما يرد إليها بشأن القسم النسائي في المعرض البادئ ذكره.

الجد والنشاط

بقلم حضرة الأديبة الأنسة عفيفة اظن بطنطا

ومن طلب العلا بغير جدٍ …أضاع العمر في طلب المحالِ

قال الحكيم من أحب التقاعس تشبعه الأيام فاقًة، فالفتاة التي تحب الكسل والإهمال ستسقط يومًا إلى دركات الخمول، وتهبط أخيرًا إلى حضيض الذل وتكون في بيتها كالآلة الصماء، وقد قال الحكيم إلى الكسلان أيها المسكين ستأتيك الفاقة بغتًة كالمسافر أو كرجل خال شاكي السلاح، فمن الواجب عليك ملاحظة حال قطيعك بالجد والنشاط. احصد الكلأ ما زال رطيبًا واجمع الحشيش الناشف من الجبال، لئلا تنطفي النار حين يفرغ الحطب وقال أيضًا، يخاف الكسلان عند اقتراب الشغل لكنه لا يلبث أن يشعر بالحاجة يوم يعضه الجوع بأنيابه. وقال: لم يشأ الكسلان أن يشتغل خوفًا من برد الشتاء، فلما يأتي الصيف يطلب صدقة، وما من أحد يعطيه ومعناه من لم يتعب في أيام صبوته يذوق البؤس والعناء في شيخوخته، فلنشمر إذن عن ساعد الجد قبل أن تأتي أيام الشر وتظلم بأعيننا الشمس والقمر والنجوم، فلو دخلنا مثلاً أحد المنازل الموسومة أبوابها بوسامات الفقر وعلامات الشقاء، وشاهدنا القاذروات والأوساخ المتراكمة فيها تلالاً، ونظرنا ما فيها من الثياب والأثاث والموجودات رثًا باليًا, فإلى من ننسب عدم الترتيب وعلى من نوجـه سـهـام اللوم يا ترى أجبنني يا معشر الفتيات، وأفدنني أما كان ذلك كله من نتائج الكسل التي ارتكبتها ربة هذا البيت فتعسًا لمن لا تكلف نفسها تعبًا جزئيًا للاعتناء بأولادها وتدبير منزلها حبًا بالانصياع لقانون الكسل الذي كان سببًا لانحطاطها وهبوطها ومثالاً للتأخير والقهقرى ومصدقًا لقول القائل من أحب التقاعس تشبعه الفاقة.

وفضلاً عن ذلك، فالتواني وقلة العمل هما ينبوع الجرائم ومعدن المآثم والمرأة المتقاعسة لا تريد أن تعمل عملاً في يومها، ولا شيء يهمها إلَّا حليتها وحلاها فتتزين بهما، وتذهب بين عوامل التيه والعجب من بيت إلى آخر وتنقل منهما أخبارًا عديمة الفائدة لا بل جزيلة الضرر، فكم من امرأة قد مست بسبب قالها وقيلها صالح الغير، وضحت مصالح غيرها على مذابح النميمة بلسانها ذي الحدين، أما المرأة الفاضلة التي أشار إليها الحكيم ووازنها بالدر والآلئ، فلا تفتح فاها إلا بالحكمة، وفي لسانها سنة المعروف.

ومن المعلوم أن المخيلة تصور في ساعات الفراغ تذكار كل عمل شرير وفاسد وتهدم ما بناه العقل من الصلاح والفضل، ولذلك وجب علينا أن نقسم ساعات أيامنا إلى أقسام وحدود، ونجعل لكل قسم واحد منهما عملاً خصوصيًا لكي نتمكن دائمًا من صنع الخير ومنع الشر ولا نلقي في سبيلهما مللاً أو نشكي ألمًا بإذن الله، ومن تدرع بدرع الجد والنشاط قابل أمامه الراحة والنجاح، ومن تمنطق بقوة العقل والإدراك في صـبـاه تكلله رياحين العـز والبـهـاء في عـجـزه، فلنثابر على البحث في الأدبيات والرياضيات والعلوم والمعارف، ولنا بفتاتنا الغراء أعظم مساعد وأحسن نموذج وكيف لا وقد بسط في أفقها أقمار الفوائد وكواكب الفضائل حتى أصبحت كالشمس في رابعة النهار، فلننهض يا أخواتي نهضة الفضيلة، وتسير في طريق التقدم والثبات والحزم والنشاط لإثبات روح الحمية واستئصال جراثيم الاهمال والخمول وانتشار رايات العلوم والفنون والمعارف بين بنات جنسنا الخاملات عسي نسابق الغربيات في ميادين الفلاح وساحات العلم والعمل، فعلى فتاتنا يتوقف النجاح فالله أسأل أن يزيدها انتشارًا وتوفيقًا، ويأخذ بيد نصراء العلم وأرباب الفضل إنه أكرم مسؤول وأعظم مأمول.

في الأخلاق والعوايد

(تابع الخطبة والصداق والأعراس والزغردة والجلوات والمراقص)

العرس

من عادة قدماء اليونان أن يعطى قسوسهم العروسين فرعًا من النبات المسمى نبات القسوس، إشارة إلى ما سيكون بين الزوجين من علائق الاتصال، وعند وصول العروسين إلى البيت يقفان عند بابه ثم يتقدم القسيس ويضع على رأسيهما كربالاً من التمر، تفاؤلاً بإكثار أثمـارهـمـا ثم يأتي آل العريس، ويأخذون العروس إلى قاعة الاستقبال ويضعون بين يديها إناء من طين معدودًا لتحميص الشعير، ويحملون خادمتها غربالاً ويعلقون فوق حجرة منامتها هاونًا إشارة بأنه سيلزمها الاشتغال بجميع مهام البيت ثم بعد ذلك يقدمون للعروسين أثمارًا حلوة فيأكلاها أمام الجميع على أمل أن تصحبهما الحلاوة مدى الحياة.

ومن عوائد الرومان أن يتناول العروسان قربانًا من حبوب مشوية، ويأخذا الملح مع عيش القمح ويأكلانه تفاؤلاً بالعيشة الهنيئة طول حياتهما ثم تخلع العروس من عنقها خرزة الذهب التي كانت تعلقها في عقدها قبل الزواج، والحزام الذي كانت تلبسه أيام البكارة وتقـدمـهـمـا لهيكل الزهرة «إله الجمال»، وتليس بعد ذلك ثوبًا أبيض وتعصب رأسها بعصابتين، وتضع عليهما إكليل العرس ثم تحتزم بحزام من الصوف الأبيض مشدودًا على وسطها معقودًا بعقدة يحلها الزوج عندما يستلمها من أبيها ويأتي بها داره وأمامهما غلامان جميلان «ممن كان والداهما أحياءَحاملاً كل منهما مصباحًا، وأمامهما غلام ثالث حاملاً صندوق الحلى وورائهما جوار بأيديهن أعظم وأفخر ثياب العروس، وأمامهنَّ جارية تغزل في مغزل مخصوص لمثل هذه المحافل، وعند وصول العروس إلى البيت تربط جوانب الباب بحبال من صوف مغمسة في شحم مذوب «لمنع قوة السحر»، وتأتي نساءَ آل العريس ويحملن العروس بين أيديهنَّ ويدخلن بها إلى حجرتها الخصوصية حيث لا يسمح لها أن تدوس برجليها عتبة الباب، وعند ذلك يتقدم العريس ويكشف عن وجهها النقاب، وفي الحال تترين جدران البيت بسلاسل الأزهار وشرائط الصرف الأبيض ثم يحضرن لها المفاتيح والنار والماء إشارة إلى تملكها وتسليمها جميع مصالح البيت ثم يتركون المصابيح منيرة حتى تنطفي لذاتها, وينعكفن على الوليمة وإنشاد الأشعار المتعلقة بالعروس ثم ينهض العريس ويقسم الحلاويات على الجنسين، وتنهض البنات الفتيات بإنشاد الاشعار المتعلقة بالأفراح ويرقص الفتيان رقصًا يشتمل على بعض هزليات مضحكة.

وأما عند الصينيين فينصبون خيمة أمام دار العروس ويبذرون أرضها بالقمح ويدعون الأهل والأقارب والأصدقاء، ولا يجلس بجانب العروس إلاَّ نساء الأهل بحسب رتبة القرابة ودرجتها، وبعد ذلك ينهضون ويذهبون بالعروس إلى بيت العريس، وفي أثناء مرورهم بالطريق يرشقهم الناس بحبوب القمح والشعير وبوصولهم تنهض نساء أهل العريس ويستقبلن العروس ومن معها ويجلسنهـا بـجـانب العريس، ويقدمن للجنسين الشاي ثم الحلاويات وبعد ساعة ينصرف المدعوون وكل منهم يقدم الهدايا للعروسين على سبيل النقوط.

وعند البعض منهم يضعون العروس في حجرة مقفلة الأبواب، فيدخل الطالب إلى حيث يراها واقفة فإن راق بناظره لطف محياها رجع راضيًا شاكرًا وإلاَّ فلا، وعند بعضهم الأخير يقع الكلام بشأن العقد على شي معلوم بين أهل العروسين والعروس واقفة على عتبة الباب مع جمعها، فإن حصل الاتفاق أدخلوا العروس إلى البيت بين التهاليل والأفراح وإلا رجعت مع أهلها جائبة.

وعند العجم يحصل الإتفاق بتوسط الوكلاء وعندهم صداق المرأة جهازها لا غير وتذهب العروس من بيت أبيهـا ليـلاً بمحـفـل عظيم مـرفـرفـة على نور المصابيح وآلات الطرب.

وعند بعضهم ترسل العروس حليها وثيابها وسائر ما تملكه على بعير محفوف بآلات الطرب إلى بيت العريس، وبعد ذلك تأتي العروس مخدرة بخدر من حرير أحمر ممتطية على جواد مزين بالفضة والحرير كما يرام أو على تخت روان مـحـمـول على بعيرين دون أن يسوقهما أحد، وعند البعض منهم يسوغ للعريس بحال وصول عروسته إلى قرب بيته أن يشاهدها قبل أن تضع رجلها على عتبة الباب، فإن لم تعجبه ردها إلى أهلها.

والعادة عند البعض من أشراف أهالي بولينيزيا بعد تعيين يوم الزفاف أن يكلف والد العروس بأن يدعى آله وأقاربه وأصدقائه لوليمة العرسسس فيأتونها بلا إبطاء وفي نهايتها يخرج المدعوون ويلقون بأنفسهم إلى الأرض الواحد لجانب الآخر من بيت العروس إلى بيت العريس، فتخرج العروس حينئذٍ من بيت أبيها ماشية على ظهور الرجال، وهي مزينة بأفخر الملابس وأعظم الحلى حسب عوائد قومها ثم تسير أمها ونساء عشيرتها وخادماتهن بجانب العروس وأقدامهن على الأرض، وليس فوق ظهور الرجال وهنَّ يتغزلن بجمالها وملابسها وينشدنها الأشعار المفرحة، وإذا كانت الطريق بعيدة والرجال قلائل فيحتاج الرجل الذي مرت العروس على ظهره أن ينهض ويسرع راكضًا إلى حيث يضطجع ثانيًا فثالثًا..إلخ حتى تبلغ العروس باب بيت العريس على ظهور الرجال، وهكذا العريس عندما يرد الزيارة إلى حميه يفرش له الرجال ظهورها فيمركما مرت عروسه، وعند الأغنياء من التتر تستتر العروس بالحرير أو بقماش أحمر كما عند العجم ومن واجباتها أن لا تتكلم أبدًا مدة أيام العرس، وتظهر الحزن الشديد بالنوح والبكاء وتعضدها بذلك الأقرب إليها من البنات والنساء، ويجتمعن حولها كأنهن في مأتم وبعد أن يخضبن شعر رأسها ويديها ورجليها بالحناء ويلبسنها حلة العرس ينقسمن النساء إلى قسمين، قسم يلح بأخذها إلى بيت العريس، وقسم يرفض ذلك وكل من القسمين يأخذ العروس ويجرها إلى ناحيته، ولو آل الأمر إلى ما يمسها ببعض الضرر ثم يجتمعن ويتفقن على أخذها إلى بيت العريس.

«البقية تأتى»

منثورات

أهم أخبار الشهر

الأستانة العلية

إن الدوقة كليفلاند والدة اللورد روزبرى وزير خارجية إنكلترة نالت بشرف المثول بين يدى جلالة السلطان الأعظم، وفي 6 نوفمبر تشرفت ثانيًة بتناول الطعام على المائدة السلطانية مع سفير إنكلترة في الأسـتـانة العلية، وكان من المدعيين على المائدة السلطانية أعاظم رجال السلطنة السنية.

أنعمت الحضرة السلطانية على اللادي هلن قرينة السر ادجار فنسنت مدير بنك العثماني حلية نفيسة كبيرة القيمة، فشكرت حضرتها إنعام الجناب السلطاني.

أميركا

ومن أنباء الولايات المتحدة «بلاد الغرائب» أن الانتخاب قد وقع على السيدة حنة سكاي بوظيفة قاضية صلح في بوفان من مقاطعة يومينج، وهي المقاطعة الوحيدة التي جاز فيها انتخاب النساء والسيدة المشار إليها أول امرأة انتخبت لوظيفة القضاء في الولايات المتحدة.

قرر مجلس القضاء الأميركي حق الانتخاب للنساء في مجلس بلدية فرمون وهي من المدن الشرقية في الولايات المتحدة، فعقدت عقائل نساء المدينة بعد هذا القرار حفلة برئاسة زوجة حاكم المدينة ودعين إليها عددًا عديدًا من النساء على اختلاف درجاتهن في العلم والجاه للنظر فيما يلزم إجراؤه بشأن الانتخاب والتشكر.

بنات الثورة

شكلت لجنة من فتيات نيويورك المثريات تحت هذا العنوان، وقد عقدت جلستها أخيرًا وقررت أن يجمعن مبلغًا بالاكتتاب تقيم به تمثالاً لواشنطون وتقدمه هدية إلى فرنسا.

روسيا

رفعت قداسة الباب لاون الثالث عشر رسالة برقية إلى جلالة قيصرة روسيا يثنى فيها على جلالتها، ويشكر لها شجاعتها إذ أنها عانقت، وقبلت راهبة أصيبت بالهوا الأصفر على إثر توغلها في العسرة والعناية بالمصابين.

جاءَ في رسالة من بطرسبرج إن ما شاع منذ زمن غير بعيد عن خطبة ولى عهد القيصر للبرنس ماري الابنة الثانية لملك اليونان قد صار الآن في جانب الترجيح.

نكارخانم

وهي كريمة صاحب الدولة والإقبال عثمان باشا الغازي بطل بلافنا المشهور التي حازت قصب السباق على بنات تركيا الأوانس بالعلوم والمعارف، واشتهرت بالنظم اشتهار الشمس في رائعة النهار، وقد بلغنا بأنها ستذهب في هذا الشهر إلى بطرسبرج ترويحًا للنفس ومقابلة عظمة الإمبراطورة الميالة إلى كل أديبة فاضلة ميلاً غريزيًا، وسنأتي على ذكر هذه المقابلة لدى إنجازها ووقوفنا على مفصلاتها وكل أتٍ قريب.

إنكلترا

في يوم الجمعة الموافق ٢٥ نوفمبر أديت جلالة الملكة فكتوريا مأدبة فاخرة دعت إليها الغراندوق والغراندوقة سرج وجناب سفير الروسية لدى الحكومة الإنكليزية، ومدام دي سنآل والمستر غلادستون وقرينته وغيره من وزراء إنكلترا.

وجاء في رسالة من لندن بأن جلالة الملكة زارت الإمبراطورة أوجيني أرملة نابليون الثالث، وقد رافقها في هذه الزيارة الغرائدوق سرجيوس شقيق القيصر والغراندوقة قرينته.

ومن أنباء لندن أن البرنسس فيكتوريا دي هيس حفيدة جلالة الملكة وضعت غلامًا، وهو الثالث عشر من حفدة جلالة الملكة.

فرنسا

قالت جريدة المقطم الغراء ما نصه: أفادت أخبار باريس أن زوجة الموسيو دولسبس أرسلت إلى جريدة الغولوي الفرنساوية كتابًا رقيق الأسلوب فصيح العبارة احتجت فيه على المعاملة التي عومل بها زوجها، ووصفت الأمة الفرنساوية بأنها أمةً جاحدة للمعروف فكان بهذا الكتاب وقعُ عظيمُ في النفوس كما جاءَ دليلاً على إخلاص مدام دولسبس لزوجها في السراء والضراء، ولكن جمهور الباريسيين يرون هذا الكتاب يضر دولسبس أكثر مما ينفعه.

صدر في باريس العدد الأول من جريدة فرنساوية اسمها نور المشرق وهي علمية أدبية إخبارية لصاحبة امتيازها ومؤسستها الفاضلة صديقة هائم“.

ألمانيا

إن ابنة الإمبراطور غيليوم «إمبراطور ألمانياالتي ولدت حديثًا دعيت فيكتوريا لويز اديلابد ما تليد شارلوت، وكانت عمة الإمبراطور غراندوقة دي باد شاهدة عمادها في محفل من أمراء الأسرة الملكية.

وهذه أسماء الذين دعوا ليكونوا شهود عمادها في بوتستدام:

الملكة فيكتوريا والإمبراطورة فريدريكة وملكة إسبانيا وملك وملكة وارتمبرج والغراندوق والغراندوقة دى مكلا مبورغ سترالينز والغراندوقة دى مكلبرغ شفارين والبرنس والبرنسس ليوبولد دي بافيار والبرنس والبرنسس شارل تيدوردی بافيار والدوق والدوقة شارل فردیناند دی شلاسفيك هولستين.

ومما ورد من أخبار برلين أن تركة الملكة أولغا دى ورتمبرج قد بلغت قيمتها نحو ٢٤ مليون مارك، فأوصت بعشرة ملايين مارك إلى نسيبتها وربيبتها غراندوقة فيرادي ورتمبرج أرملة الدوك أوجين، وبمليون مارك إلى ابنتي الدوقة، وبمليون آخر إلى الأميرة بولين ابنة الملك وما بقى فللملك.

النمسا

روت جريدة الأهرام الغراء نقلاً عن جرائد أوربا بأن جمعية النساء في أوستريا الموسومة بجمعية فتيات البلاط قد انتخبت السيدة هوبتن رئيسة لها أما شروط الجمعية فهي أن يكون فيها عشرة أعضاء يشتغلن دائمًا بالفنون والآداب والنصائح، وأن المترشحة للدخول فيها ينبغي أن تتعهد تعهدًا وثيقًا بأنها لا تطعن بأحد كبيرًا كان أو صغيرًا غنيًا أو فقيرًا، وأن تعمل عملاً صالحًا واحدًا على الأقل كل يوم، وقد أعدت للرئيسة يوم انتخابها كرسيًا فاخرًا مكللاً بالزهور والأغصان وأمامه قوس نصر من أنواع الزهر، وأما وسامات الأعضاء فهي دبوس من الذهب على هيئة نجـمـة وعليـه حرفان من اسم الجمعية.

الفتاةهكذا فلتكن مبادي العلوم والآداب ونتيجة التمدن والكمال.

إيطاليا

ورد من أخـبـار نابولي في إيطاليا بأن المنـون اسـتـأثرت بالمؤلفة الأسـوجـيـة الشهيرة المرحومة شارلوت إدجرن بعد أن اعنلت يومًا واحدًا، وكانت هذه السيدة متزوجة بدوق كاجانلو ولكنها كانت معروفة باسمها الأول فخسر العلم بفقدها خسارة عظيمة.

رومانيا

افتتحت دار الندوة لهذه المملكة، وألقى فيها الملك خطابه فقال إن زفاف ولی عهده البرنس فرديناند دي رومانيا» إلى أميرة إنكليزية «البرنسس ماری اوف ادنبرج » مما يحسن صلات الدولتين كثيرًا، ويجعل للبلاد مستقبلاً حسنًا وسلامًا طويلاً.

وقد عزمت الملكة أن تهدى العروس لدى زفافها مركبًا للنزهة مبنيًا على شكل طير الأوز في حال السباحة وإن الرأس والعنق يرتفـعـان إلى علو 18 قدمًا، ويكون الجسم كاف لإنشاء غرفة مرتبة تكفى لنزول عشرة أشخاص، أما الرجلان فيقومان مقام المجاذيف.

اليونان

إن البرنسس صوفيا زوجة البرنس قسطنطين ولي عهد ملك اليونان سنذهب إلى برلين لتحضر عرس شقيقتها البرنسس مرغريتا، ويقولون أن والدتها الإمبراطورة فريدريكة يوم عيدها توسطت لها مع أخيها الإمبراطور غيليوم حيث كان كما يقولون حانقًا عليها بسبب اعتناقها المذهب الأرثوذكسي.

ومن أخبار أثينا أن جلالة ملك وملكة الدانيمرك والدي جلالة الملك جورج» والعائلة الملوكية وأمراء الدانيمرك صـرفـوا مدة في أثينا، وقد زار الملك والملكة وولى عهدهما مستشفى دروما كيسون، وأظهر «الملك والملكة» سرورهما بترتيبه وحسن نظامه وأن ولي عهد اليونان وزوجته البرنسس صوفيا أدبا مأدبة ملوكية للملك والملكة والعائلة الملوكية الدائيمركية.

رود حديقة الأخبار بأن الإرادة السلطانية السنية قد صدرت بقبول نیشان افتاب المرصع المهدي من لدن جلالة شاه إيران المعظم إلى حضرة حرم عطوفتلو خالد بك أفندي والي ولاية بيروت الجميلة.

وروى لسان الحال أن حضرة عقيله عزتلو موسى أفندي فريج عادت مع جناب قرينها بالسلامة إلى بيروت بعد سياحة طويلة في أوريا.

الفتاة – إن عقيلة مدامفريج هي الفاضلة المصونة السيدة السكندرا ابنة المرحوم البارون دوفكبكر قنصل جنرال دولة النمسا والمجر في سوريا سابقًا، وقرينة الوجيـه الفاضل عزتلو أفندم مـوسى أفندي فريج الحائزة من لدن مولانا السلطان الأعظم على نيشان الشفقة من الرتبة الثانية جزاءَ لأعمالها الخيرية، ومن السلطة الروحية نيشان القبر المقدس، وقد روت جريدة فرادنبلات وجريدة النيوفري برس (من جرائد النمسا) من تاريخ 10 أيلول سبتمبر» سنة ١٨٩٢ بأنهما بعد سياحة طويلة عرجا على مدينة فينا لمقابلة أنسبائهم الكرام، ونزلوا بها في فندق فينا الكبير وقد قلد جلالة إمبراطور النمسا والمجر المعظم قرينها الوجيه نيشان التاج الحديدي علاوة على ما میزَّه به جلالة السلطان الأعظم بنيشان المجيدي والرتبة المتمايزة، ولولا ضيق المقام في هذا العدد لأثبتنا ما لحضرتهما من حسن المآثر وعظيم الفضائل وفعل الخير والمبرات وغيرهما مما يذكر فيشكر.

كتبت إلينا حضرة الكاتبة البارعة الفاضلة السيدة هنا كوراني رسالة غراء تظهر بها سرورها العظيم من الفتاة، وتتأسف على عدم إمكانها المواصلة برسائلها لكونها سميت عضوًا في المؤتمر العلمي من القسم النسائي في معرض شيكاغو وانتدبت لكي تكون فيه خطيبة عن نساء سوريا، ولهذه الغاية قد عزمت على مزايلة بيروت والسفر إلى شيكاغو، وقد وعدت وهي من اللواتي إن وعدن فين بأن تداوم الفتاة برسائلها من شيكاغو مدة وجودها فيها، فنطلب لها السلامة والنجاح في الذهاب والإياب، ونفتخر في نوادي الألباء والأدباء بوجود سيدة من الوطن السوري قادرة أن تقف موقف الخطابة في معرض شيكاغو العام، وتمثل به حالة المرأة الشرقية وما كانت عليه وما وصلت إليه بظل ظليل مولانا السلطان الأعظم الذي بعصره المجيد قد ارتقى الجنس إلى مقام يقال به أن النساء شقائق الأقوام.

مصر

أهدت جلالكة ملكة هولاندة المعظمة نشان الأسد الهولاندي العالي الشأن إلى جناب الخديوي المعظم وكان الاحتفال بتقديمه لسموه رسميًا بين إطلاق المدافع ومظاهر مالجريًا على العادة المأفونية في مثل هذا المقام.

(المدرسة السيوفية)

في الأسبوع الأول من الشهر الماضى شرف الجناب الخديوى المعظم هذه المدرسة بموكبه الحافل، فاستقبل بمزيد الاحتفاء والاحتفال ولم يلبث جنابه الرفيع أن تقدمت من بين البنات فتاة ووقفت بين يدى سموه خطيبة باللغة الفرنسية، مظهرة بخطابها ما نالته المدرسة بتشريف حضرته الفخيمة من الشرف الباذخ داعية لجنابه العالى بدوام العز والبقاء.

ثم تقدمت فتاة ثانية، وأخذت تضرب على البيانو بأنامل الحمد والشكر نشيد الدعاء والامتنان ثم شرف سموه وشارف قاعات الدروس، فتقدمت فتاة خرسا وكتبت على اللوح هكذا:

نقدم خالص شكرنا إلى سـمـو خـديـونا المعظم كتابةً لأن السنتنا عاجزة عن النطق بما يوضح لسموه سرورنا العظيم في هذا اليوم الذي لبسنا به حلل الشرف بإشراق الشمس جنابه العالي في مدرسة برج جعلت الخرس أن تنطق والعمى أن تبصر.

وقد أظهر سموه العالي سروره العظيم من عواطف هذه الفتاة، ومن تقدم البنات بالعلم والتهذيب وإتقان مصنوعاتهن التي عرضنها يومئذٍ في قاعة المدرسة الكبرى للتفرج والافتخار.

منحت نظارة المعارف الجليلة شهادة قابلة لكل من السيدات لبيبه حنيفه وعيوشه أبي العلا وعايشه حسن ووهيبه ملوك وكاترينا عبدالله والسيدة أمونة وزينب الحسنية.

(الباخرة ممفيس)

ممن سافر على الباخرة ممفيس للشركة التوفيقية في التيل حضرات السيدات ملای بلاکمان وساره بلاکمان وماري هايز ولورا هايز ومل هيلار وجوزفين هيلار ومل سبشر وإميلي سميث وتراسي ومورغان وقرينها وبرثون وقرينها وفنك وقرينها وشبهرد وقرينها، وذلك ترويحًا للنفس وطلبًا لمشاهدة آثارنا المصرية في الأقصر وغيرها من أرجائنا الصعيدية.

الإسكندرية

(زفاف سعید)

تبتسم الفتاة سرورًا وافتخارًا، وتزدهي بنشر ما اتصل إليها من بطرسبورج إعجابًا واعتبارًا كيف لا، وقد وافتنا البشري بزفاف حضرة البرنسس اليصابات تشيلو كايف الروسية في غرة نوفمبر الماضي على جناب صاحب السعادة الموسيو جورج دی نوفل نجل كبير عائلتنا المفضال سعادة العلامة الفيلسوف الموسيو سليم دى نوفل ترجمان البلاط القيصري ومستشار دولة الروس الفخيمة، الذي غادر الأهل والوطن العزيز مع أسرته الكريمة منذ 33 عامًا، واتخـذ عـاصـمـة الروس وطنًا له، فنال من تعطفات المغفور له الإمبراطور إسكندر الثاني وتوجهات عظمة الإمبراطور إسكندر الثالث القيصر الحالي ما جعله أن يفضل الإقامة في هاتيك العاصمة الجامعة التي تقدر أرباب الفضل قدرهم عن العودة إلى بلادِ لا يتقدم فيها العالم إلَّا فيما ندر، وقد جاءنا عن سعادته وحضرة عقيلته الفاضلة نشرة ببشرانا فيها بعقد زفاف نجلهما الموما إليه كما تقدم، وقد كان ذلك باحتفال واحتفاء عظيمين محفوفين بأعاظم الرجال وعقائل السيدات بين أمراء ونوات وأعيان ووجهاء، فنهنئُ سيادتهما بقران هذا الشبل الأمثل ونرجـو للعروسين الرفاء والتوفيق والنجاح مـا لاح صباح وغردت فيه بلابل الأفراح.

فی ۲۷ نوفمبر الماضي احتفل بخطبة حضرة الآنسة ماري كريمة الخواجا داود ذكور على جناب الأديب الفاضل روفائيل أفندي مشاقه مدير جريدة الاتحاد المصرى وصاحب امتيازها،فنهنئهما.

وعقد أيضًا لحضرة السيدة المصونة كريمة المرحوم السيد بك نعيم «وهي من الأوانس اللواتي تلقين العلوم والمعارف في مدارس فرنسا العالية ونبغن في العلوم والآداب» على حضرة الأديب الفاضل محمد أفندي مسعود مدير جريدة الآداب، فنسأل لهما التوفيق.

وعقد أيضًا لحضرة ذات العفاف والآداب صديقتنا المصونة كريمة جناب الوجيه الحاج محمد أفندي عمر بارودي على حضرة الأديب الماجد السيد محمد أفندى عارف نجل جناب الوجيه الطائر الصيت المشهور بفعل الخير وعمل المبرات الحاج مصطفى أفندي عمـر بارودی من كبار تجار الثغر، وكذلك عقد لحضرة الأديبة كريمة السيد عبدالمجيد أفندي خطاب على حضرة الأديب البارع السيد محمد أفندي أمين نجل جناب الوجيه الحاج محمد أفندي عمر بارودي، وقد احتفل بهذين العقدين المجيدين في ليلة واحدة في نادي جناب الحاج مصطفى الموما إليه حضرة العدد العديد من العلماء والوجهاء والنبلاء، فمنا للعروسين واجب التهاني والتبريك.

(الأفراح الرياضية)

في صباح 15 الماضي قدمت إلى ثغرنا الاسكندري حضرة ذات العصمة وربة الفضل والآداب خديجة هائم أفندي حرم الوزير الخطير والمشير الجليل صاحب الدولة والاقبال رياض باشا المفضال وبمعيتها حضرة عزتلو حسن بك رياض، وحضرا حفلة فاتحة الاحتفال بليالي الفرح التي أقيمت بسراي المغفور له حسن باشا راسم استعدادًا لقران حضرة كريمة ذات الطهر والعفاف الأنسة شريفة هانم على حضرة صاحب السعادة محمود باشا رياض محافظ القنال، ثم عادا في صباح اليوم الثاني إلى العاصمة باليمن والإقبال لاتمام الاستعدادات اللازمة في سرای دولة الوزير المشار إليه.

وفي الساعة التاسعة من صباح ۲۲ الماضي زايلت حضرة العروس المشار إليها سراي المرحوم والدها بموكب احتفالي يعجز عن وصفه اللسان، ويقف به قلم البليغ عن إدراك البيان حيث كان أمام الموكب كوكبة من فرسان ومشاة البوليس مع ضباطهم يتقدمهم الموسيقى الأميرية عازفة بالحان الفرح والسرور، وكانت عربة العروس يجرها فرسان من جياد الصافنات تجللهما مع العربة شيلان من الكشمير الثمين وأكاليل من زهر الليمون الصناعي الجميل يتقدمهما مجریان حاملان بأيديهما الشموع، وكان وراء العربة فارسان من الأغوات عاقدين على صدورهم الكشامير الفاخرة يتبعهما كثيرًا من العربات الخصوصية المقلة من الأوانس ما يحكين الشمس جمالاً، ومن العقائل ما يفقن البدر كمالاً.

ولما بلغ الموكب محطة باب الحديد نزلن حضرات السيدات من عرباتهن واحطن بالعروس إحاطة الهالة بالقمر، وأخذنها إلى القطار الخاص فـسـافـر بهـنَّ مـصـحـوبًا بالسلامة ولسان حاله يناجي ركابه بقول القائل:

أهذه سيرُ في المجد أم ســورُ …وهذه أنجم في السعد أم غـررُ

وأنتِ في الأرض أم فوق السماء وفي…يمينك البحر أم في وجهك القمرُ

وقد وردت لنا من وكيلتنا الفاضلة بمصر بتاريخ 18 ديسمبر الرسالة الآتية ننشرها مع الشكر والامتنان لحضرة محررتها الأديبة وهاكها بحروفها:

ستقام الأفراح في منزل الوزير الخطير صاحب الدولة رياض باشا الأفخم احتفالاً بقران نجله سعادة محمود باشا رياض على ذات العصمة الأنسة شريفة هانم كريمة المرحوم حسن باشا راسم، وذلك ابتداء من ليلة الأحد ۱۸ ديسمبر الجاري وسينتهي ليلة الجمعة ٢٣ منه، فيكون اجتماع الرجال والأمراء المصريين لغاية ليلة الخميس المقبلة، وتجتمع قناصل الدول وأكابر الأوربيين ليلة الجمعة التي هي آخر ليالي الزفاف واجتماع العروسين أتمها الله تعالى عليهما باليمن والإقبال.

فهذا إجمال ما يختص بالرجال، وما هو حاصل في الخارج من هذا الخصوص وأما ما يختص بالحريم فها أنا أوافيكم بالبعض منه ملخصًا إلى حين الانتهاء أرسل إليكم بالتفصيل إن شاء الله تعالى.

وهو أن ستجتمع المدعوات من يوم الثلاث القادم في قصر ذات العصمة وربة الفضل والأدب والدة العريس خديجة هانم أفندي حرم صاحب الدولة رياض باشا بعد أن مهدت لهن جميع ما يلزم لمثل هذا الاحتفال الجليل، وستجتمع في ساحة قصرها العامر مئتان سيدة من السيدات الأوربيات ومن نساء الأمراء والذوات وأكابر القطر المصرى ما لا يحصى لهن عددا لكثرتهنَّ.

وقد فعلت في ترتيب هذا الفرح وانتظامه ما يخلد لها الذكر الجميل في بطون التواريخ مما تتناقله الصحف.

وستجتمع المغنيات «العوالم» المشهورات في القطر المصرى بحسن الصوت والصنعة من ليلة الأربع أيضًا لغاية ليلة الجمعة تشنفن الأسماع بأصواتهن المطربة.

وسيكون حـضـور العروس من الاسكندرية على قطار مخصوص قـد صـار تخصيصه لنقلها مع من يتبعها من ذويها ومدعوات وحشم وغير ذلك.

وأما الجهاز الذي حضر من الاسكندرية منذ 3شهور، فإن من جملة من صنف الفضة ما يكفي ثلاثة موائد بأوانيها من صواني وصحون ومعالق وشوكات وكبايات وملاحات وعدد القهوة أيضًا ثلاث بصوانيها وظروفها وبكارجها وعازقياتها ومنقد للنار وملقط ومباخر وقماقم وغير ذلك، ومن الأواني الذهبية صنية من الذهب الخالص عليها اثنى عشر ظرفًا من الذهب المرصع بالحجارة الكريمة وحذاء أي «شبشب» للعروس مرصع بالماس وبدلة الزفاف أيضًا مصنوعة بالماس على الصدر والأكمام.

وأما الفرش وترتيب المفروشات وتنظيم الغرف، فسأرسل تفصيله في فرصة أخرى.

وقد ورد في جريدة المقطم تحت عنوان الأفراح في دار الوزير ما ملخصه قال أبي الحسن في وصف دار الوزير الصاحب ابن عباد بأصبهان:

دار الوزارة ممدودُ سرادقها …ولاحقُ بذرى الجوزاء لاحقها

والأرضُ قد أوصلت غيظ السماءِ بها …فقرطها ادمعُ تجرى سوابقها

تودُّ لو أنها من أرض ساحتهـا …وأن أنجمها فيها طوابقهـا

تفرعت شرفاتٍ في مناكبها…يرتدُ عنها كليل العين رامقهـا

مثل العذاري وقد شدَّت مناطقـها …وتوّجت باكاليل مفارقهـا

وقد انقضت ليالي الأفراح السبع الخالية، ولم يبق فيها رجل نو شأن من الأمراء والوزراء ووكلاء الدول وأعيان البلاد وكبار الموظفين وأعضاء مجلس شوری القوانين ووجوه المزارعين والتـجـار من الوطنيين والأوربيين إلأ حضر في دعـوة الوزير حسب الترتيب المعين.

ونحن نخط هذه السطور والموكب المحتفل بعروس سعادتلو محمود باشا رياض سائر أمام هوتل شـبـرد ونيو هوتل ومـركبيـة العروس يجرها أربعة من جياد الخيل وأمـامـهـا ووراءها الفرسان بالأثواب المقصبة وشيلان الكشمير، وأمامهم ووراءَهم كتيبتان من الفرسان بالسيوف المسلولة وأمام الكتيبة المتقدمة موسيقى الفرسان ووراء الكتيبة المتأخرة مئات من المركبات نقل كرائم الخدرات والشوارع على الجانبين مرصوصة رصًا بجمهور المشاهدين من السياح والوطنيين.

أما زفة العريس فستكون نحو الساعة العاشرة هذه الليلة، فيخرج محفوفًا بالأصدقاء والمحبين ومئات من المدعوين وأمامه الموسيقى العسكرية، ويتلوها مئة عسكري من الجيش وسـتـون عسكريًا من البوليس، ويسيرون بالعريس إلى جامع الحلمية حيث يقف موكب من العساكر شبه حرس لهُ، فيصلي هناك وراء الشيخ حسونه النووي وغيره من الأئمة والعماء، وسنبسط الكلام بالعدد الثاني.

وقال الشيخ على الليثى:

فالحمد لله إذ صفو السرورِ رقي…إلى الخدور وبوران بهِ حظـــــت

فلتهنَ بالند ذات السعد إذ قرنت …بزهرة من رياض المجد قد شرقت

المرحومة فـوتين صوايا

في صباح 6 ديسمبر الماضي أنشبت المنية أظفارها بكبيرة قومها المرحومة الميرورة فوتين أرملة المرحوم مخائيل صوايا ووالدة حضرات إخوان صوايا وحضرة الفاضلة السيدة نزهة مدام جناب الوجيه الفاضل الخواجا جورج كرم، ولها من العمر ٦٨سنة قضتها بفعل الخير والإحسان، وكانت رحمها الله من المشهورات بين النساء بالطهر والعفاف وإدارة المنزل والتربية الصالحة ومساعدة ومعاضدة البائسين الذين عضهم الدهر بناب الفقر، وقد شيعت جنازتها باحتفال يليق بمثلها وصلى عليها في كنيسة سيدة النياح للروم الأرثوذكس، فنسأل الله أن يسكنها فراديس الجنان ويهطل على ضريحها شآبيب الرحمة والرضوان، ويلهم حضرات أولادها وكريمتها وحفيداتها وآلها الكرام الصبر والسلوان.

رسايل وتقاريظ

لحضرة الفاضلة الحصينة السيدة ماري جباره «مدام» جناب الوجيه الخواجا زخريا جباره.

برزت الفتاة من خدر الخبا سافرًة عن وجه المعارف نقاب اللطائف، وأقبلت علينا موشحًة بحلة الأدب لا حلية الذهب ناشرة لواء الفضل ومحاسن الأقوال، كغادة هيفاء تترنح عجبًا ودلالاً أو فتاة حسناء تتيه لطفًا وكمالاً، وما ترنحت إلَّا بوافر علمها وسامي آدابها، وما تاهت إلَّا برقـة معناها ولطف مبناها، فلا عجب إذا اسـتـرقت القلوب وسحرت العقول، وهي التي قد نفحتنا من خزائن عوارفها معان حلت فغلت حتى أصبح الدر منظومًا من أدابها بما أتته من مقالاتها العلمية وفصولها التاريخية ونبذها الأدبية وشذراتها الفكاهية المديجة بيراع ربات الحجال وبراعة ذوات اللطف والدلال، فكيف لا نفتتح لها الصدور ونحلهـا منازل القلوب، وهو المقام الذي أعددناه لها من يوم علق الأمل بصدورها وصبت النفس إلى ظهورها لتفسح للمرأة مجالاً تبارى بمضـمـاره أفاضل الرجال، وتجتني من روض آدابه شهد الكمال. ولا عذر للكاتبات والفاضلات أيتها الفاضلة إذا لم ينهضن إلى موازرتك ومعاضدتك ماديًا وأدبيًا حبًا بالآداب وغيرًة على شرف الجنس، وقد قيل حيثما تجتمع القلوب هناك تكون الكنوز، وأين ما وجدت الكنوز هناك تكون القلوب.

وها أني واحدة من اللائي يثنين الثناء العاطر عليك يا كريمة حيث حزت السبق على بنات جنسك العربي في مشروعك العظيم الفائدة.

وجل ما أتمناه لجريدتك الغراء النجاح والإقبال، كما وإني غدوت ممتنة للطفك بتخصصي عددًا من فتاتك الحسناء.

واقبلي في البداية والختام سلامًا أرق من نسيم الصبا مشفوعًا بتحية الوداد.

«الحضرة الفاضلة الشاعرة السيدة عايشة عصمت التيمورية بمصر»

فتحـت فتاة المجد أبواب المنـا …فلفضلهـا مـن كل ناطقـة ثـنا

انشت بسعى فـاح نفخ ذكائه …غـرف لمعشـرها مشيَّـدة البنـا

لله در مصونـة قد جـددت …بمحافـل الأتراب مصباح السنـا

فانظر ترى ليها الفتاة جريـدة …قرت بها لذوى العـصـابة أعينـا

نالت سواعدهن متكئًا بـه …يعدلن قدَّا بالخمـول قد انحنا

كم بتن في أرق لنيل تفاخـر …وغدون والأقـــــــوال في أنَّالنـا

يا قلب قد جاد الزمان بهندهِ…فاسعى بمنشور البشـارة معلـنا

هند بحث تذكار هند حبــذا…عوض به رب البريـة احسـنا

فغدت لليل الوقت فجر سـروره …وأصبح عصر سعودها شمس الهنا

حسب افتخارًا للكواعب لم تزل…تتلوه ما نطقت بشكر ألسنـــــــا

فإليك يا عين الذكاء تحيتـي …سحبت وشاح العجب في سبل المنا

واديك يا هند الفصاحة أبكـم …من قال في طرق الفصاحة ها أنـا

لحضرة وكيلتنا الفاضلة السيدة زينب فواز بمصر

قد أشرقت علينا زهرة الفتاة بازغة من أفق أفكار المخدرات تعرب عن درر مقال كأنه الجريال، وتوضح عن مـعـان كـأنها السلسال خطت بيراع الفضائل والأوانس وتوشحت بما زانها من عرائس الأفكار وأفكار العرائس، وتدبجت بمحاسن الغرائر والنواهد، وتجلت عن محيا العوانس والخرائد.

فيا لها من مجلة حوت من فرائد الفوائد ما لم يحوه غيرها من المجلات نوات المحـامـد، حيث ظهرت في سماء الشـرق تزيد نورًا وبهاءَ عن الشمس والبرق ولرقـة معانيها وحسن مبانيها رأيت عليها من الناس الإقبال وهم بغاية الإعجاب بها والإدلال فنسأل الله المتعال أن يجعل لها النجاح مدى الدهور والأعوام في ظل مولانا الأفخم وداورينا المعظم من صارت العلوم والآداب في عصره تنمی مولانا وعزيز مـصـرنا «عباس باشا حلمي» حفظه الله لنا، وجعل مدة ملكه في صفو وهناء وإليكِ يا ربة الأدب أقدم هذه الأبيات:

عن الفتاة يزيـن أربـاب الأدب …وبها ازدهي الجنس اللطيف كما أحب

جاءت لنا هند تزف فتاتها …حور المعاني المسفرات ولا عجـب

وفدت محــلاة بكل فضيلـة …جمعت حضارتها فصيحات الـعرب

وصت فلو وصففت جمال سماتها…أفكارنا مــالت ومـلنا في طـرب

للـه در فتاتنـا وفنونهـا …فلقد حوت من كل معـنى منتخـب

فليهناء الجنس اللطيف بنشئـة…ما كان يبلغها الزمان ولو طلـ

بشرى بنات الشرق إن فتاتنـا …وفت بنا ترجـو وتم لنـا الأرب

وزهت فقلت مع الهنا تاريخهـا …عن الفتاة يزيـن أرب

سنة 1310

لحضرة البارعة الأديبة الأنسة وسيلـى فـريـج بطنطا

رنات الطرب لفتاة الـعـرب

فتاة لعمري تسامت جمالا …فتـاهـت علـى كـل خـود دلالا

بديعة حسن فم ن لي بأني…… أراني أدعي لديها بلالا

هي الشمس تزهو فليس عجيبُ …إذ ا من ضياها أعارت هلالا

لنا اليوم فيها سبـــــــــيل الهدى …تبدي ففيه أمنَّا الضلالا

حديقة فخر تخلت رُوبها …بأزهار فضل وطابت ظلالا

فمهما طلبت بهـا من مزايا …فهيهات يومًا تناجيك لالا

ومن راح منا يطالع فيها …مدى العمر ليس يعاني ملالا

فيا حظ غيد يمنهل علم …إليهن راق بصفو زلالا

به هند أضحت عليهنَّ تجلو …عرائس فكر وسحرًا حلالا

فيا من إليها يروم التهاني …بتاريخ حسن طبدر تلالا

فبشرى الغواني بزهو المعالي …فتاة تجلت بأنسٍ جلالا

سنة 1892

ولحضرة شقيقتها البارعة الأنسة لبيبه فريج بطنطا:

تجلت في سما حسنٍ فتاةُ…بها فليخرنَّ الغانياتُ

صحيفة غادة منها علينا …عرائسها لا تدور به سقاةُ

تديرُ على العقول من المعانی …رحيقاً لا تدور به سقاةُ

معانٍ کالبدور زهـت بأفقٍ …تحفُ بها درارِ زاهراتُ

لأربابِ النهي فيهـا اتَّعـاظ …وللغاوين في جهلِ عظاتُ

لقد طابت مناهلهـا ورودًا …لطلاَّبِ كما طابَ الفراتُ

تغذي النفس بالآداب قوتاً …وهل نفسُ بلا أدبٍ تٌقاتٌ

وق تهب النصائح مخلصاتٍ …لقراءَ فيا نعم الهباتٌ

تبدت كعبةً للفضل فينا …تخجَّف لها الظعون الشاسعاتٌ

كروضٍ يانعِ فيه تدانت…لجانيه قطوفُ دانياتٌ

به هندٌ المليحة قد حبتنا …فطابت للعبادِ بهِ حياهٌ

فيا لله بارعةٌ اتتنا …بأفضالٍ لها شهد الثقاتُ

مخدرةٌ أتت عن خير قومٍ …لهم في ا لمجد قد بهرت صفاتُ

هي الذات التي لا شك أضحت …تعظمها الأفاضل والذواتٌ

مهذبة الشمائل اخت فضلٍ …لها في ك فنَّ معجزاتُ

رعي المولى لها سحرًا حلالاً …لهٌ تصبو النفوس الطاهراتُ

وأقلاماً إذا ما جردتها …لها في الفعل تعنو المرهفاتٌ

وحسبك من مجلتها بيانُ…لهٌ آياتٌ فخرٍ بيناتٌ

فكم للصرف فيها صرف راحِ…به تجلى الهموم الناصياتُ

وكم للنحو أسلوبٍ بديعٍ…لدى أعرابهِ حارَ النحاةٌ

لها كلٌّ الملا لهجت بشكرٍ …تدومُ بهِ الدهورُ الداهراتُ

وإذ فيها بأوج العلم ضاءت …إلى خلقِ شموسٌ نيراتٌ

بها هنّا العموم لسان حالٍ …بتاريخ شدت فيه الرُّواةُ

إلا بشّر ذوي أدبٍ ومجدٍ …لوافى العلم قد برزت فتاةُ

(الفتاة)

«الحضرة الكاتبة الفاضلة الأنسة مريم خالد من دير القمر»

أشمس بدت في قبة العلم أم بدرَّ …أم انزاح عن وجه المنعمة السـترُ

أم الروض فيه الزهر نور باسمًا …بأجمل من ثغر بهِ تبسم الزهـرُ

جمالُ ونورُ وازدهاءُ ورفعـة …يضن بها سترُ ويزهو بها خـدرُ

اتتنا عليها مطرف العز ناعـمًا …تجر ذيلاً للعلوم بها نشرُ

لها نفثاتُ كالنسيم رقيق …يهون لديها الجزع والـدر والتبرٌ

إذا مدحت بكر بسرِّ وجـهــرًة …فتلك فتاة العصر إن جهل العصرٌ

سلامُ عاطر أبعث به إليك مع خطرات النسيم أيتها الفتاة المحبوبة، وأرفع إليكِ فروض التهاني بظهورك في بلاد المشرق أيتها الشرقية، وإن حالة دوننا البحار فاملأ الطرس بذكر مباديك الغراء وإشهار فضائلك الحسناء إنشاء الله، وكيف لا وأنتِ فتاة بهية طلعت علينا من وراء الخدر فكيف لا أرحب بك واتوسم كل خير ونجاح، وقد ظهرت في أرض الفراعنة أرض رسخ فيها قديمًا غراس العلوم والحكمة وانبنت جناتها أدواح الآداب والفضيلة: فها أنت اليوم درة الشرف الوحيد ترفلين بحلى الآداب والفضيلة ويترنم لكِ غصن الآدب بهجًة وحبورًا وتتحف بك مكاتب الأدباء والأديبات.

فهيا يا بنات الشرق ترحب بهذه العادة الهيفاء القبلة إلينا وعليها إشارة الجمال والخلق الوديع ينبعث من جبينها أنوار الفهم والذكاء، وهي محاطة بنطاق الرقة والكمال ترشق بعين الفطنة والرزانة لا زالت شمسًا تتلالاء في أفق الشرق، وفتاة مرتدية بأردية الفخر والكمال متسربلة بأثواب الفضيلة والجلال، ودامت عقد مجد في جيد الزمان وكوكبًا يتلألاء في كل مكان.

فها الفتاة تدعو على رؤوس الملا يا بنات الشرق أجـمـع للتكافؤ في العمل لانهاض الفضيلة والآداب وإعلاء شأنهما،فهيوا وانشروا أقلامكم القواطع من إغمادها وحركوها مطلقة العنان وسددوها نحو غرضٍ واحدٍ وقصدٍ سام، وهو خدمة الأوطان وأطلقوا أعنتها في أفلاك التصورات فيجني من الطبيعة شهدًا شهيًا فيتأكد الجميع أن النساء على شيء ولنسمع صرير أقلام البارعات الفاضلات تدوي في وديان سوريا والأقطار المصرية وتؤثر في الهيئة الاجتماعية كي تتصل بنات الشرق إلى درجة بلغتها الغربيات، وإلاَّ فلندعُ على القلم بالانكسار ولنهجر المحابر واليراع.

فحرىُّ أن يوجه إلى الفتاة الأنظار وتساق نحوها مطايا الأفكار فيها ما يخفف اللظى ويزيل الصدى في السحر الحلال وعرائس أفكار تتجلى بحلل الكمال، وتسيل موردًا صافيًا عذبًا وروده فتوسع للآداب في الشرق مجالاً وتثقف بالعلم أود ما كان فيه محالاً، وتسكب في روضة العلم غيثًا هطالاً تخرج به الأرض من ثمارها مئة وستين وثلاثين.

لحضرة الأديبة السيدة مهجة قرينة جناب الأديب البارع بولس أفندي سوقى بطنطا »

كتابي أيدك الله وأمامي صحيفتك الغراء وفتاتك الوضاء بل الروضة الغناء والجنة الفيحاء تسرى فيها نسيمات الربي سحرًا تحمل شجًا وتماما، وتسرح فيها ريح الصبا تتارج بأنفاسي الخزامي. حضرة الفاضلة أعزك الله.

أجل هذه فتاتنا عروس في الحي تنجلي بأبهى من الحلى والحـبـر قـد أعارها البدر محيّاه وحباها المسك برياه، فزفُت إلينا رشيقة القد أسيلة الخد نرجسية العينين كريمة النبعتين فما نسيم الصبا في الصباح ولا لقاء الوجوه الصباح بارق منها على الروح أو بأبهج منها في العين أو أعذب منها على القلب وفدت على المحبين، ففتحوا لها رحبات الصدور لا القصور وأسكنوها تحت حجاب الجفون لا في الخدور، فيا لها من فتاة والمحب غيور وقد طالما انتظرنها بنات الشرق حتى ظهرت بأبهى حلةٍ وأثمن جلباب كيف لا وهي حاجة النفس وأمنية القلب قد طالما سعينا نحن بنات الشرق وراءها زمانًا ورجوناها أعوامًا حتى جاءتنا صحيفة فتاتك، فألفيناها روضة بلبلة الأدواح عليلة النسائِم والأرواح وارفة الظل ممدودة الأفنان دانية القطوف فيها من كل فاكهة زوجان يغرد فيها طائر البشرى يبشرنا بالنجاح، وينادي منادي الحي حيَّ على الفلاح فرُدَّ إلينا فائت الهناء واحيى فينا ميت الرجاء وأملنا بحول الله صيرورة لينا سحرًا وهلالنا بدرًا، فتصبحين وأنت السابقة في مضار هذا الفضل تاجًا على هام الدهر وغرة في جبين هذا العصر لازلت أيتها السيدة مصدرًا لكل محمدةٍ تذكر ومعدنًا لكل مأثرة تذكر فتشكر، وأقبلي سيدتي احتراماتي الفائقة لشخصكِ الكريم والله يؤتى الفضل من شاء من عباده وهو ذو الفضل العميم.

بيانٌ وإيضاح

رجاؤنا من السيدات والأوانس اللاتي يرغبن مواصلة الفتاة برسائلهن ومقالاتهنَّ أن يوضحنَّ امـضـائهن مع نسبتهن إلى الأب أو القرين ومـا همـا عليه من الألقاب الفخرية والرتب الشرفية حتى لا نلام إذا قصرنا بواجب الاحترام تصريحًا.

اعتمدنا بنشر الرسائل التي ترد إلينا تاريخ ورودها إذ لا يهمنا تقديم إحداها على الثانية وكلاهما واحد في الإعزاز والمقام.

تأخر لدينا بعض رسائل أدبية منها رسالتان لحضرة الأديبة الأنسة سلمي نوفل بالإسكندرية الأولى في البتولية وفضائلها، والثانية تحت عنوان ذر القميص نستلفت أنظار الأديبات إليهما سلفًا، وقد أرجئنا نشرهما للعدد القادم لتأخيرهما في الورود.

لقد ارتجع للإدارة بعض الأعداد من الجزء الأول بدون ذكر لاسم المرسلة إليه الأمر الذي دعانا إلى إرسال الجزء الثاني لمن أرجع، ولم يذكر لهُ اسمًا حتى إذا عاد كالأول يكون محتاطًا بكتابة اسم صاحبه أو بحفظ غلافه الأصلي لنكن على بصيرةُ وعلم بحضرات الذين لم ينتبهوا إلى هذه الملاحظة ورجاؤنا من الذين ارجعوا العدد الأول منهم بعد 30 يومًا كأنه قادم من حرب البسوس أن يراعوا بذلك قانون الارتجاع احترامًا للحقوق المتبادلة بين الشعوب.

اعترافًا بالفضل وإقرارًا بالجميل سننشر في الأعداد التالية شيئًا فشيئًا مما تفضل به حضرات أصحاب الجرائد من تقاريظ الفتاة نثرًا كانت أو شعرًا وكل أت قريب.

«هند»

في مصر: حضرة الفاضلة السيدة زينب فواز

في طرابلس: حضرة الأديبة الأنسة عبلى نوفل.

في دير القمر وجبل لبنان: حضرة الفاضلة الآنسة مريم خالد

في يافا: حضرة الأدبية الآنسة ليزا نوفل

في ترسوس: حضرة الأديبة الآنسة جميلة نمور.

في العدد الثاني وما بعده تذكر أسماء باقی حضرات الوكيلات والمكاتبات.

صواب وخطأ

عدد خطأ صواب

60 الجهل الجهد

66 ستقسط ستسقط

81 مدرسة برج برج مدرسة

88 نفخ نفح

شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات