عدالة أكثر للنساء

مسلمات ومسيحيات في ظل قانون الأحوال الشخصية

قديمًا قال الرومان: (إن التشريع متى توقفت حكمته، توقف حكمه)، واستقر فقهاء الشريعة الإسلامية على أن: (العبرة في المقاصد والمعاني، لا في الألفاظ والمباني) من هنا كان حرص مؤسسة قضايا المرأة المصرية على إصدار هذا الكتيب التعريفي في إطار دورها المجتمعي وعملها المنهجي منذ عام 2003 على تعديل قانون الأحوال الشخصية على نحو يحقق حكمة القانون وروحه وغايته ومقاصدة.

إعداد مركز قضايا المرأة

 

قديمًا قال الرومان: (إن التشريع متى توقفت حكمته، توقف حكمه)، واستقر فقهاء الشريعة الإسلامية على أن: (العبرة في المقاصد والمعاني، لا في الألفاظ والمباني) من هنا كان حرص مؤسسة قضايا المرأة المصرية على إصدار هذا الكتيب التعريفي في إطار دورها المجتمعي وعملها المنهجي منذ عام 2003 على تعديل قانون الأحوال الشخصية على نحو يحقق حكمة القانون وروحه وغايته ومقاصده، وبما يتناغم مع المتغيرات المجتمعية والاقتصادية الحادة التي مرت بها البلاد منذ صدور أول قانون للأحوال الشخصية للمسيحيين الإنجيليين في عام 1902 وحتى وقتنا الحالى.

فقد استهلت المؤسسة عملها على تغيير بعض نصوص القانون في عام 2003، وتحديدًا بعد مرور عامين على التعديلات الإجرائية التي أدخلها المشرع لنصوص الأحوال الشخصية بموجب القانون رقم 1 لسنة 2000، وهو ما تواتر توصيفه إعلاميًا ب (قانون الخلع). حيث تم عمل دراسة تقييمية وميدانية حول تلك التعديلات، أسفرت عن العديد من النتائج والبيانات، كان أهمها اختلال ميزان القوة ما بين وضع المرأة والرجل داخل القانون من زاوية، ومن ثم داخل على بنيان الأسرة كنواة أولى للمجتمعمن زاوية أخرى، مما انعكس بدوره سلباً على الصحة النفسية والبدنية ومستقبلهم وارتفاع مؤشرات تعرضهم للخطر داخل أركان الأسرة وخارجها، الأمر الذي أفضى إلى ضعف وهشاشة الحياة الأسرية للمجتمع المصري بشقيه المسلم والمسيحي. الإحساس العام بالمواطنة بما تعنيه الكلمة حرفًا من التمكين من كامل الحقوق والحريات مع أداء الواجبات دون تمييز أو تفرقة قائمة على أدنى اعتبار (دين. نوع. مكانة اجتماعية).

وهو ما أكدته الإحصاءات التي تم تجميعها كمدخلات في إطار الدراسة عندما وُجدنا إقدام ومبادرة المرأة المسيحية خلال هذين العامين (2001-2003) على رفع دعاوى خلع كأحد الحلول القانونية المتاحة لإنهاء وفسخ العلاقة الزوجية بعد أن قمن بتغيير الطائفة!!

نضف إلى ذلك إلى أنه عند رصد وتوثيق عدد ونوع الفئات المستهدفة المترددة على المؤسسة ودياناتها، وجدنا أن العديد من النساء والرجال المسيحيين لديهم ركام لا متناهي من المشكلات الناتجة عن عوار ساطع في بعض نصوص وروح قوانين الأحوال الشخصية، الأمر أفقد القانون حكمته، ومن ثم أفقده قدرته الديناميكية على حكم تلك المتغيرات وتلبية الاحتياجات المجتمعية المُلحة!!

ومنذ ذلك التاريخ تتبنى المؤسسة مشروعًا قوميًا من أجل سن قوانين أكثر عدالة وإنصاف لكل أفراد الأسرة المصرية، إلى أن تم الخروج بصياغة متماسكة لمقترح القانون سبقتها دراسات شديدة الأهمية سواء للإطار الثقافي والعقائدي، أو للواقع الميداني للأسر المصرية وذلك على المستويين المسلم والمسيحي.

وعلى الرغم من كل تلك الجهود الحثيثة إلا إنه لا زال الوضع كامنًا على ما هو عليه معانيًا من إشكاليات وتحديات ضخمة نجم عنها العديد من الأضرار التي لحقت بمستخدمي قوانين الأحوال الشخصية (مسلمين/مسيحيين) وهو ما حدى بالمؤسسة بأن تحمل على عاتقها راية النضال العلمي والقانوني المستمر من أجل الوصول إلى مدونة قانونية حيوية للأحوال الشخصية تكون أكثر تماسكًا وعدالة وإنصاف بما يلهم القانون حكمه وحكمته ونفاذه، وبما يفضي حتمًاإلى مواطنة فعالة غير منقوصة لكافة أفراد الأسرة المصرية.

قانون الأحوال الشخصية هو:

(مجموعة القواعد القانونية التي تنظم علاقة الأفراد فيما بينهم من حيث صلة النسب والزواج وما ينشأ عنه من مصاهرة وولادة وولاية وحضانة وحقوق وواجبات متبادلة وما قد يعتريها من انحلال تترتب عليه حقوق في النفقة والحضانة والإرث والوصية).

يعد قانون الأحوال الشخصية من أقدم القوانين التي سنها المشرع المصري والتي لا تزال باقية وممتدة حتى الآن، وتستمد قوانين الأحوال الشخصية أحكامها بشكل مباشر من ثلاثة مصادر رئيسية:

المصدر الأول: الشريعة الإسلامية ومصادرها الحيوية المستنيرة التي تعتمد على استخدام أقصى درجات العقل والمرونة والموائمة.

المصدر الثاني: الواقع الحالي والماثل للأسرة والمجتمع وما يكتنفه من مشكلات ومعضلات واحتياجات يجب مواجهتها على نحو ناجز.

المصدر الثالث: المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية النافذة التي صدقت عليها الحكومة المصرية وأصبحت جزء حميم من التشريعات الوطنية، وهي الأحرى بوضعها في اعتبار وغاية وبصيرة المشرع عند سن النصوص والتعديلات، سيما تلك المواثيق التي تضمن الحد الأدنى من الحياة بكرامة ومساواة لكافة أفراد الأسرة.

ملحوظة: (رأينا عرض القواعد الإجرائية قبل الموضوعية) ويوجد نوعان من القواعد القانونية في مجال الأحوال الشخصية (إجرائيةموضوعية).

نتيجة لطبيعة القضايا الأسرية التي يعالجها قانون الأحوال الشخصية من (زواجطلاقنسبحضانة – ميراثإلخ) فقد أعتقد الكثيرون انه يمثل بذاته الشريعة الإسلامية وبالتالي لا يجوز الاقتراب من أحكامه أو تعديلها وهو أبعد ما يكون عن هذا الظن.

ففي الوقت الذي ترسي الشريعة الإسلامية مبادئ سامية وعادلة ومنصفة وباستخدام أقصى درجات العقل والتدبر والاستنارة بالعدل والمساواة وروح الإنصاف بين أفراد الأسرة (رجالًا ونساءً وأطفالًا وشيوخًا) نجد أن القانون في كثير من مواده والأحكام القضائية المترتبة عليه، كان ولا زال سببًا في مباشرًا قي عدم إعلاء تلك المبادئ المستنيرة، فرغم اتحاد مصدر تلك القوانين في كل من الدول الإسلامية.

إلا إنه لا يخفى مطلع ملامح الاختلافات الواضحة في أحكام تلك القوانين بين دولة وأخرى، وهو ما يفسره إختلاف المرجعية الفقهية من دولة لأخرى حسب اختلاف كل مذهب في المسائلة الواحدة، فضلًا عن اختلاف الرؤى حول فهم واستيعاب بعض نصوص القانون بين قضاة الدولة الواحدة.

فالقضاة وفقهاء القانون أيضًا داخل الدولة يختلفون أحيانًا في تناول بعض النصوص وتطبيقها أو التعليق عليها، وعلة ذلك هو الإحالة الفضفاضة الرحبة إلى أحكام الفقه الإسلامي بمفهومه الواسع، فالنصوص القرآنية بدون التعرض للمحكم من آياته تحتمل التفسير المتباين بقصد الرحمة بالناس جميعًا، فما بالنا بتنوع الفقه الذي يتطور باستمرار، ويتغير لتلبية الحاجات المجتمعية.

ومن هنا جاء تأكيد الرسول الكريم وصدق حين قال: (أنتم أعلم بأمور دنياكم) وفي اختلاف الفقهاء رحمة.

وقد نجد بعض التباينات وبعض المتناقضات الفجة محل النظر بين نصوص الفقه ومقاصد الشريعة وبين التطبيق العملي في بعض القضايا وهي على سبيل المثال لا الحصر:

الطلاق وما يترتب عليه من حقوق:

فعلى الرغم من أن الشريعة الإسلامية قد أعطت الحق للزوج في أن يطلق زوجته بالإرادة المنفردة مقيدة ذلك بشروط، منها (وجود شهود ذوى عدلعدم طردها من منزلها قبل مرور فترة العدةإعطاءها حقوقها المالية المترتبة على الطلاق)، إلا إنه في القانون إذا قام الرجل بتطليق زوجته شفويا، كان عليها هي عبء الإثبات وإحضار الشهود، وإذا استطاعت إثبات الطلاق، عليها حينذاك أن تثبت إنه لم يكن بسبب ناشئ من جانبها لتتمكن من الحصول على حقوقها المالية التي منحتها إياها روح الشريعة الإسلامية الغراء.

وفي حالة الطلاق الغيابي:

(الذي يكون بالإرادة المنفردة للزوج)، تعطي المرأة كامل حقوقها المالية طبقا للشريعة الإسلامية، بينما في القانون كي تستطيع المرأة الحصول على حقوقها المالية كان لزامًا عليها أن ترفع الدعاوى القضائية المختلفة من: (عدة متعة – مؤخر وصداق) وفي نهاية المطاف لا تستطيع الحصول عليهم نتيجة لأن كثير من الأزواج يستطيع المراوغة والتحايل بالتعاون مع رجال التحريات الشرطية لإثبات عدم قدرتهم على الدفع وإثبات عدم يسارهم أو امتلاكهم لمنقولات يمكن الحجز عليها لاحقًا، وفي النهاية نجد عدم حصول المرأة على حقوقها بالتطليق يحميه القانون في غالب الأحوال!!

منزل الزوجية:

في الشريعة الإسلامية حق مصان للمرأة، وفيه يقول الله عز وجل عنه: (ولا يخرجن من بيوتهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينَّة)، بينما في الواقع العملي يستطيع الرجل طرد زوجته من منزل الزوجية، وحتى تتمكن من العودة إلى مسكن الزوجية الذي طردت منه هي وأولادها، عليها أن تقوم بعمل طلبات ودعاوى تمكين من مسكن الزوجية شريطة أن يكون مسكنًا للحضانة، وتلك الدعاوى تستغرق عمليًا الكثير من الإجراءات والجهد والكلفة، نضف إلى ذلك العديد من المشكلات الأخرى التي تعاني منها المرأة وأولادها نتيجة لتباطئ تلك الإجراءات الشاقة.

الخلع:

وهو الذي أقرته الشريعة الإسلامية لمجرد عدم رغبة الزوجة في استمرار العلاقة الزوجية في مقابل إعادة مقدم الصداق لزوجها والتنازل عن جميع الحقوق المالية المترتبة على الطلاق، وهو ما علمنا رسولنا الكريم له عندما طلبت امرأة الخلع، وفي نفس المجلس طلب الرسول من زوجها أن يُطلقها تطليقًا، وتقوم هي برد حديقته التي كانت مقدم صداقها، أما عند النظر إلى إجراءات القانون نجد أن أحكام الخلع قد تصل إلى مدة لا تقل عن عام كي تستطيع المرأة الحصول عليه بحكم نهائي، كما أن هناك بعض الدوائر القضائية تعتبر (قائمة المنقولات) جزء من مقدم الصداق يجب رده للزوج كي تقضي لها بالتطليق خلعًا!!

وفي إطار هذا الطرح لفض العلاقة الشائكة بين إجحاف بعض نصوص القانون وروح الشريعة الإسلامية والفقه المستنير، توجد العديد من القضايا التي لا تتسع ورقات هذا الكتيب حصرها وإعادة صياغتها في إطار توضيح روح الشريعة المنصفة العادلة وإجحاف التطبيق.

ملحوظة: (رأينا ترتيب المحطات الهامة تاريخيًا تبعًا لتطورها الزمني والموضوعي على النحو التالي).

  • تمثلت المحطة الأولى:

في صدر تشريع للمسيحيين عام 1902 وهو تاريخ اول تشريع للطائفة الانجيلية، والذي تلى صدوره تشريعات أخرى خاصة بكل الطوائف الأرثوذكسية وفروع كنائسها، والكاثوليكية وفروع كنائسها أيضًا كما أوضحنا سالفًا، وظلت المحاكم الشرعية والمجالس الملية مختصة بنظر مسائل الأحوال الشخصية حتى عام 1955، حين تم إلغاء هذه المجالس، وقرر القانون رقم (462 لسنة 1955) إحالة تلك الدعاوى إلى المحاكم الوطنية، على أن تبقى المسائل التي كانت من اختصاص المحاكم الملية خاضعة لأحكام الشرائع التي كانت تطبقها هذه المجالس قبل إلغائها، واعتبرت مجموعة لائحة 1938 مرجعًا في الأحكام الصادرة.

  • وتمثلت المحطة الثانية:

في صدور قانون الأحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1920 والذي تعدل بموجب القانون رقم 25 لسنة 1929 وقد عالج هذا القانون آنذاك حالات محددة في العلاقات الأسرية مثل تحديد النفقات ووسائل إثبات النسب، ثم تلى ذلك القانون جملة تعديلات موضوعية طفيفة.

  • تأتي المحطة الثالثة:

في عام 1978 حيث بدأت جهود أخرى لإنشاء قانون موحد للأحوال الشخصية للطوائف المسيحية في مصر، حيث اجتمع ممثلي الكنائس المسيحية في مصر أول اجتماع لهم يوم 16/6/1978، وبعد مرور ما يقرب من 18 عام دون إقراره فقد عاود قداسة البابا شنودة طلب عقد اجتماعات لممثلي الطوائف، وإعادة قراءة محتوى هذا المشروع، وإجراء التعديلات اللازمة. وقد حدث بالفعل، ولكن لم يصدر حتى الآن! ومما زاد الأمور تعقيدًا صدور لائحة خاصة بالأرثوذكس فقط بعد إرسال البابا مذكرة أخيرة بهذه اللائحة منفردًا دون المذاهب الأخرى في عام 2008 والتي قصرت أسباب التطليق على ثلاث حالات فقط (تغيير الدينالوفاةالزنا)!! وكان تأثيرها كبير في بلبلة الرأي العام المسيحي.

  • ثم جاءت المحطة الرابعة:

وكانت نتيجة للمتغيرات المجتمعية، فقد صدر القانون رقم 44 لسنة 1979 تحت ضغوط إعلامية وأطروحات درامية وسينمائية حادة لمشكلات المرأة الأسرية، فيعد هذا القانون قفزة نوعية لحقوق المرأة في إطار علاقة الزواج حيث أعطى هذا القانون للزوجة الأولى الحق في الطلاق دون إثبات الضرر، إذا طلبت ذلك خلال سنة من تاريخ علمها بالزواج الجديد، وللزوجة الجديدة نفس الحق إذا أخفى عنها الزوج زواجه بأخرى، وذلك بهدف أن يكون الزوج الذي يرغب في الزواج بأخرى أمينًا في مواجهة الموقف، وتطليق الزوجة الأولى إذا رغبت في ذلك لتضررها دون الحاجة إلى إثبات الضرر، وقصر القانون عقوبة الزوجة على عدم طاعتها زوجها، على فقدانها لحقها في النفقة، بعكس القانون السابق الذي كان يلزم الزوجة جبرًا بواسطة الشرطة بتنفيذ حكم الطاعة، ونص القانون أيضًا على استقلال المطلقة الحاضنة بمنزل الزوجية حتى انتهاء فترة الحضانة، إلا إذا وفر لها الزوج مسكنًا بديلًا، إلا أن القانون لم يراع ظروف المرأة غير العاملة وكبيرة السن عند خروجها من منزلها بانتهاء سن حضانة صغارها وانتهاء حقها في النفقة“. ولكن. أسفًا، في مايو 1985 صدر حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان القانون 44 لسن 1979، لسبب شكلى دون التعرض لمضمون القانون، وذلك لعدم عرض القانون على مجلس الشورى فى اول دور إنعقاد للتصديق كما نص دستور 1971، وكان قد أثير حول القانون شبهة عدم الدستورية موضوعيًا من زاوية مخالفته للشريعة الإسلامية بادعاء تقييده للحق الشرعي في تعدد الزوجات دون اعتراض الزوجة، وترتب على الحكم ببطلان قانون 44 لسنة 1979 موقف خطير تمثل في سريان قوانين الأحوال الشخصية الصادرة في عشرينيات القرن المنصرم في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية متباينة تمامًا عن السياق المجتمعي آنذاك.

  • ثم جاءت المحطة الخامسة:

الفارقة بصدور القانون رقم “100” لسنة 1985 ليمثل هذا التشريع تراجعًا حقوقيًا ملحوظًا في منظومة حقوق المرأة التي كانت مقرة ومقننة في القانون رقم 44 لسنة 1979، فقد ألزم قانون 100 الزوجة المتضررة من قيام زوجها بالزواج من أخرى دون رضاها والتي ترغب في الحصول على الطلاق أن تثبت الضرر (المادي أو المعنوي) الذي لحق بها بالإضافة إلى حرمان النساء من حق الاحتفاظ بمنزل الزوجية أثناء حضانتهن للأطفال، وبدلًا من ذلك يفرض القانون على لاأزواج دفع أجر مسكن، ومن المؤسف أن التطبيق العملي للقانون يبين أن المحكمة تلزم الأزواج أغلب الحالاتبدفع مبالغ محدودة للغاية لتغطية أجر السكن يصل إلى خمسين جنيهًا في بعض الحالات.

  • المحطة السادسة:

جاءت هذه المحطة في التطور التاريخي لقوانين الأحوال الشخصية بعد تسليط الضوء من جانب منظمات المجتمع المدني على المعاناة والمرارات التي تجرعتها النساء طالبة التطليق في أروقة المحاكم، حيث عانت النساء جراء تأخر الفصل في قضايا التطليق والنفقات ومسكن الحضانة، وتتمثل تلك المحطة في صدور القانون الإجرائي رقم 1 لسنة 2000 الذي سمح للمرأة بطلب التطليق خلعًا بعد رد مقدم الصداق للزوج وإبرائه من كافة مستحقاتها الشخصية المترتبة على الطلاق: (مؤخر الصداق، العدة، المتعة) مع بقاء حقها في استحقاق ما يخص صغارها من حقوق (نفقات وأجور وخلافه) وقد أثار هذا القانون عاصفة من الهجوم والنقد والتشكيك والتكفير في بعض الأحيان رغم توافر الأسانيد الشرعية الكافية لإصداره. وقد قضت المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 2/1/2006 في الطعن رقم 113 لسنة 26 قضائية دستورية بعدم دستورية المادة (21) من القانون1 لسنة 2000 فيما تضمنته من قصر الاعتداد في إثبات الطلاق عند الإنكار على الإشهاد والتوثيق، ليفتح هذا الحكم صفحة جديدة لنساء مصر في إثبات طلاقهن بطرق الإثبات المقررة كسماع شهادة الشهود على سبيل المثال وتلى هذا القانون صدور قانون إنشاء محاكم الأسرة رقم (10 لسنة 2004) والذي استهدف تحقيق المصلحة الفضلى للأسرة عن طريق توفير آليات متنوعة لحل النزاعات الأسرية بغية تحقيق العدالة الناجزة المنشودة، ورأي المشرع تحقق هذا الأمر بالأخذ بمبدأ التخصص سواء كان بالنسبة للقضاة أو معاونيهم أو القائمين على إنفاذ الأحكام وتيسير إرجاءات التقاضي من خلال تحقيق قدراً وفيراً من التنظيم والمتابعة وحسن سير العمل. فضلًا عن ابتكار المشرع آليات مجتمعية وقانونية لم يكتمل نضجها بعدعبر إنشاء مكاتب تسوية للمنازعات الأسرية كان دخولها وجوبيًا قبل تحريك الدعوى، وتتألف تلك المكاتب من خبراء نفسانيين واجتماعيين وقانونيين ألزمهم القانون بالبت في الطلب المطروح عليهم خلال خمسة عشر يومًا من تقديمه، وفي نفس العام أنشأت الدولة صندوق تأمين الأسرة بموجب قانون رقم 11 لسنة 2004 وقرار وزير العدل رقم 2722 والذي ألزم بنك ناصر الاجتماعي بأداء النفقات والأجور وما في حكمها مما يحكم به للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الوالدين وذلك من حصيلة موارد صندوق نظام تأمين الأسرة بما في ذلك النفقان الوقتية الصادر بتقريرها أحكام مؤقتة.

  • ثم جاءت المحطة السابعة:

في تطوير منظومة الأحوال الشخصية بصدور القانون رقم 4 لسنة 2005 بشأن تحديد سن انتهاء حضانة الصغير، والذي تلخص في انتهاء حق حضانة النساء ببلوغ الصغير أو الصغيرة سن الخامسة عشر، على أن يخبر القاضي الصغير أو الصغيرة بعد بلوغ السن في البقاء في يد الحاضنة وذلك حتى يبغ سن الرشد وحتى تتزوج الصغيرة.

وبالتوازي مع تلك المحطة التاريخية الهامة

تم تعديل قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 بموجب القانون رقم 126 في يونيو 2008 والذي تطابق تمامًا مع نصوص ومعايير الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، ليمثل انتصارًا في بعض القضايا المتعلقة بقانون الأحوال الشخصية ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

الولاية التعليمية للأم الحاضنة (وهو النص الذي قضى بعدم دستوريته لاحقًا لمخلافته مبدأ الولاية للرجال في الشريعة الإسلامية).

رفع سن الزواج إلى 18 عام للفتاة.

استخدام التحاليل العلمية الحديثة لإثبات نسب الطفل (تحليل الحامض النووي).

إعطاء الأطفال مجهولي النسب وكذا الأطفال نتاج سفاح المحارم أوراق ثبوتية (شهادة ميلاد) غير مدون بها أسماء رباعية افتراضية حرصًا على مصلحتهم الفضلى ونشأتهم على نحو طبيعي في كنف أسر بديلة أو مؤسسات رعاية اجتماعية متطورة.

ورغم كل تلك المحطات التاريخية التي شهدت تطورًا وتنوعًا تشريعيًا ما لمنظومة قوانين الأحوال الشخصية في مصر كي تتوافق وتتناغم مع المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية العنيفة، إلا أنه بات جليًا للقاصي والداني إننا لا زلنا في حاجة ماسة لمدونة قانونية أكثر مرونة وحيوية ودينامية لمعالجة هذا الكم غير المتناهي من المشكلات والمعضلات القانونية والمجتمعية التي باتت تهدد الأسرة المصرية قاطبة، فلا يخفى على عين أحد أن هناك إحساس عام وقاس بعدالة غائبة وتباطؤ إجرائي وغبن اجتماعي وتهميش مؤسسي، فضلًا عن عدم وجود مظلة حماية تأمينية وتكافلية كافية للمعيلات والأطفال ضحايا الطلاق العشوائي والتفسخ الأسري وفقدان الحق في السكن، فثمة مطلقات وأرامل ومتزوجات بائسات لا زلن يبحثن عن حقوقهن الضائعة بين قاعات المحاكم وأقسام الشرطة وفي ممرات بنك ناصر الاجتماعي، وكم من نساء غير مسلمات دخلن صراع حاد مع مجتمعاتهن وكنائسهن لمجرد طلب فسخ علاقة زواج بائسة وغير متكافئة، مما دفعهن عنوة إلى تغيير ملتهن وطائفتهن للحصول على أحكام قضائية بفض تلك العلاقات التي لا تعتبر زواجًا صالحًا، الأمر الذي عرضهن للنبذ الاجتماعي والاضطهاد الأسري.

وكم من الآباء راحوا يتوسلون إلى أجهزة الإعلام وبلغت بهم أقصى درجات المعاناة والبؤس للاعتصام والنوم على أرصفة مجلس الشعب ومجلس الوزراء لتمكينهم من حقهم في رؤية أنجالهم أو استضافتهم ليلة واحدة وحسب في الأسبوع ولكن أسفًا… لا منصت…. لا مجيب لا منقذ !!

فكانت كل تلك الأسباب وغيرها تصرخ في خلفية مشهد حاجتنا الملحة والمصيرية لقانون متماسك ومنصف لعلاج القصور والعوار الناجم عن عدم حيوية النصوص وعدم توائمها مع الاحتياجات المجتمعية المعاصرة، حتى نحقق القوة النافذة للدستور ونُعلي من قيم المواطنة ومدنية الدولة واحترام الإنسانية ومستقبلها بدلًا من تقديس النصوص الجامدة التي فقدت حكمتها.

ملحوظة: (تم ترتيب تلك المؤشرات طبقًا لرصد الإشكاليات: التطليق. التنفيذ. الحضانة. الرؤية. النفقة. إشكاليات متعلقة بالمسيحيين. إشكاليات العمل بمحاكم الأسرة… مع عد التدخل في تعديل تلك المادة إلا بتنسيق الصياغة على نحو بسيط).

عند إلقاء الضوء على القوانين الحالية فسوف نجد ثمة مؤشرات واضحة تتيح فرصًا لا نهائية لأطراف التقاضي إما إطالة أمد تناول القضايا، وإما التهرب بصور شتى من أداء الحقوق، وهو ما يوقع أضرارًا بالغة بالطرف الأضعف، وهو في حالتنا المرأة والأبناء، ومن الأمثلة على ذلك ما يلي:

  • إشكاليات التطليق:

تجارب المتقاضيات المصريات تشير إلى أن هناك نواحي متعددة في النظام القانوني منعت هؤلاء النساء من الحصول على حلول عادلة وسريعة في النزاعات الأسرية، ففي قضايا التطليق على سبيل المثال وصلت قضايا دعاوى الطلاق إلى أعداد مذهلة سنويًا (ملحوظة: لا توجد احصائيات دقيقة حاليًا، نتيجة لعدم التعاون من قبل المحاكم فى هذا الشأن) إذ تقدرها بعض الاحصائيات في أعوام سابقة بحوالي نصف مليون حالة سنويًا، بينما تشير مصادر أخرى إلى وجود ربع مليون سيدة لجأن إلى المحاكم سنويًا مما أدى إلى تراكم عدد هائل من القضايا المؤجلة، بالإضافة إلى أن عدد القضاة غير كاف، ففي عام 1997 –على سبيل المثالكانت هناك 14 مليون قضية منظورة أمام المحاكم، بينما كان هناك 4000 قاضيًا فقط للنظر في تلك القضايا، وفي الوقت الذي يستطيع الرجل طلاق زوجته بإرادة منفردة ودون الحاجة إلى إذن المحكمة، نرى أن دعاوى النساء لطلب التطليق تظل منظورة أمام المحاكم لفترات طويلة تصل لعدة أعوام، مما جعل حياة هؤلاء النساء معلقة ومتوقفة في الوقت الذي يستطيع فيه الزوج الزواج بأخرى وتكوين أسرة جديدة!

  • إشكاليات التنفيذ:

وفي حالة ما إذا استطاعت المرأة الحصول على حكم التطليق طبقًا للأسباب التي يمنحها لها القانون والتي تعد أسبابًا خارجة عن إرادة النساء ولولا تواجدها ما لجأت الكثيرات إلى طلب التطليق: (عدم إنفاق الزوج – سجن الزوج – عنة الزوج – الغيبة – الضرر سواء ماديًا أو معنويًا – الزواج بأخرى) حيث يعطيها القانون في تلك الحالة حقوق المطلقة (نفقة عدة – متعةمؤخر صداق). إلا إنه بالتطبيق نجد القانون يتطلب إقامة الدعاوى القضائية للحصول عليها، ومع طول أمد التقاضي وبعد الحصول على الأحكام لا تستطيع تنفيذها بيسر، نتيجة لتهرب الزوج والتدليس في خطابات التحري عن دخله بالإضافة إلى فساد بعض الذمم ومساعدة الزوج في التهرب من تنفيذ الأحكام..إلخ، مما يجعل في النهاية من حقوق النساء اللائي حصلن عليها، عبارة عن أوراق متهالكة حبيسة أدراج مغلقة!!

  • إشكاليات مسكن الحضانة:

في الوقت الذي رفع فيه القانون سن حضانة الأبناء إلى 15 عام، وأعطى الأم الحاضنة الحق في البقاء مع أولادهابمسكن الحضانة بصفتها حاضنة، إلا إنهم مع انتهاء هذا السن ورغبة الأولاد في البقاء معها نتيجة لشعورهم بالاستقرار وعدم زواجها للمرة الثانية، نجد أن القانون يلزمها بالخروج هي وأولادها من منزل الحضانة بحجة انتهاء السن القانونية للحضانة، لتبدأ هي وأولادها القصر رحلة جديدة من الشقاء والتشرد من أجل البحث عن منزل آخر . لا يلزم الأب قانونًا بتوفير اجرته!!

  • إشكالية الرؤية:

لا زال القانون لا يسمح للأب غير الحاضن برؤية أطفاله أكثر 3 ساعات كل أسبوع بأحد الأماكن العامة، دون السماح له باصطحابهم أو البقاء معهم فترة أطول، وكذلك عدم السماح للأجداد بطلب الرؤية إلا مع عدم وجود الأب، وإنما يرجع ذلك إلى الاتفاقيات الودية ما بين الرجل ومطلقته والتي قد تفتقر إلى العديد من آليات الحماية للطفل.

  • إشكالية النفقة:

في قضايا النفقة وجد إنه نتيجة لعدم وجود عقوبات رادعة للزوج الذي لا يقوم بسداد النفقة أن هناك العديد من الأزواج يفضلون الحبس على عدم سداد النفقة، ويدل على ذلك عدد قضايا الحبس لعدم الإنفاق، وهو ما تعززه إحصائيات صادرة عن وزارة العدل لعامي 2006/2007 سواء على مستوى المناطق الحضرية أو الريفية في محافظة القاهرة نجد إجمالي عدد قضايا الحبس لعام 2006 (3849 قضية) بينما في عام 2007 ازداد العدد إلى (5378 قضية) وفي محافظة الإسكندرية كان عدد القضايا في عام 2006 (5589 قضية) وفي عام 2007 (5834 قضية) وبمحافظة السويس كانت دعاوى الحبس في عام 2006 (1674 قضية) وفي عام 2007 (2036 قضية) وعند النظر إلى بعض المناطق الريفية نجد على سبيل المثال لا الحصر أن منطقة جنوب بنها كان عدد دعاوى الحبس بها عام 2006 (717 قضية) بينما قفز العدد في عام 2007 ليصل إلى (1134 قضية) كما وجدنا كذلك تلك الظاهرة بمحافظات جنوب مصر، ففي شمال قنا على سبيل المثال كانت عدد قضايا الحبس 2006 (2503 قضية) بينما في عام 2007 (4309 قضية). ملحوظة: الإحصائيات المطروحة آخر إحصائيات رسمية وحكومية متوفرة لدينا.

  • إشكاليات العمل بمحاكم الأسرة:

بالنسبة للقانون الخاص بمحاكم الأسرة يمكن القول إنه بعد مرور ما يربو على 11 عام، نجد أن القانون من حيث النصوص والتطبيق العملي جاء مخيبًا لآمال كل المتعاملين معه (الأسرة، المحامين، الجمعيات الأهلية، الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين والقانونيين داخل مكاتب تسوية المنازعات الأسرية، الخبراء النفسيين والاجتماعيين) وهو ما لاحظه المجتمع بأكمله من خلال الواقع العملي لمحاكم الأسرة، بالإضافة إلى التضارب في بعض الأحكام التي تصدر عن محاكم الأسرة ومحاكم الأحوال الشخصية والتي كثيرًا ما تثير التعجب والدهشة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، ما حدث مع إحدى المتقاضيات من الفئات المستهدفة لدى المؤسسة، حيث قامت تلك السيدة برفع دعوى نفقة لها ولصغارها وقد تداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضر جلستها وفي أحد الجلسات حضر المدعى عليه وقرر بأنه لديه نية في الصلح وتم إحالة الدعوى إلى مكتب تسوية المنازعات لتوفيق الأوضاع بين الزوجين والصلح فيما بينهم، وقد حرر محضر اتفاق داخل مكتب التسوية وتم إرجاع الدعوى إلى المحكمة التي قضت بانتهاء الدعوى صلحًا بناء على عقد الاتفاق، وعلى أثر ذلك تمت الإجراءات، وقمنا برفع دعوى حبس حيث أن المدعى عليه لم يقم بسداد المبالع التي اتفق عليها أمام هيئة المحكمة ومكتب تسوية المنازعات إلا إننا قد رأينا العجب العجاب، حينما ارتأت المحكمة التي نظرت دعوى الحبس على أثر عقد الاتفاق المبرم في مكتب التسوية وإنهاء الدعوى صلحًا على أثره على إنه ليس حكم قضائيًا ولهذا فإنه لا يمكن أن يعتد به حكمًا كي يتم اقتضاء متجمد النفقة على أساسه!!

وعند إلقاء الضوء على على تلك الواقعة نجد أن القضاء، لا يعرف دور مكاتب التسوية وما تقوم به من إجراءات للصلح بين المتقاضيين، فما بالنا والوضع كذلك بالمكاتب التي تم إنشائها وفقًا للقانون 10 لسنة 2004 والتي من المفترض أن تحظى الاتفاقات والتسويات التي تتم بداخلها قوة السند التنفيذي، ولكن بالنظر إلى الواقع العملي نجد أن ما تم تقنينه من خلال القانون سالف الذكر ليس له أية آثار على أرض الواقع!!

  • لائحة 1938:

عند النظر إلى الإشكاليات الناتجة عن التشريعات الخاصة بالمسيحيين نجد أن الحال لا يختلف كثيرًا لدى المسيحيين المصريين بل ربما يكون أكثر تعقيدًا بعدما أهدرت لائحة 1938 الشهيرة والتي كانت تعطي الحق في طلب الطلاق لأسباب مختلفة (كالزنا والعنة ومرض الزوج مرضًا لا شفاء منه) خاصة إذا كان قد أخفى هذا المرض عند الزواج أو طرأ عليه بعد الزواج، أما اللائحة الحالية التي أصدرها البابا شنودة عام 2008 والتي لم تصدر بشكل رسمي من الدولة ولكن خلقت حالة من الجدل لما للبابا من سلطة دينية، في ضوء عدم اتخاذ أية ردود أفعال رافضة من الحكومة نتج عنها أن قام القضاة بالامتناع عن الاحتكام إلى لائحة 38 وأسبابها والتي على أساسها، حيث اقتصرت أسباب التطليق في اللائحة الجديدة على أمرين فقط هما علة الزنا وترك الدين وما يترتب على ذلك من مصاعب لا تخفى على أحد في إثبات واقعة الزنا بالإضافة إلى ما أُفضى إليه هذا التحول نحو التشدُّدإلى ابتكار أساليب احتيالية للتخلص من زيجات متعثرة، مثل تغيير الدين للحصول على الطلاق وبعد الانتهاء من مشكلة الطلاق وإجراءاته، يقوم أصحاب المشكلة بالعودة إلى الدين المسيحي وما ترتب على مثل هذه الحيل من إمكانية اشتعال فتن طائفية يذهب ضحيتها أرواح بريئة.

  • إنكار الكنيسة لأحكام التطليق:

فإنه في حال اللجوء إلى المحاكم المدنية ونجاح الزوج أو الزوجة في الحصول على حكم بالطلاق بعد طول المعاناة، فإن الكنيسة لا تعترف بالطلاق من الناحية الدينية وبالطبع لا تمنحهم أي رخصة دينية للزواج مرة أخرى.

  • سن حضانة:

الأطفال من أبناء الأم المسيحية المطلقة من أب مسلم لا يتجاوز سن السابعة في الوقت الذي يكون فيه الطفل في أشد الاحتياج إلى امه، حيث الهدف هنا من بقاء الطفل مع أمه هو تحقيق المصلحة الفضلى له.

  • معاناة المرأة المسيحية:

والناتجة عن حرمانها من أولادها في حالة ما إذا تحول زوجها المسيحي إلى الإسلام، حيث يتم تقليل سن الحضانة للأطفال أو سلب حضانتها وإعطاءها للأب، نتيجة تحويل ديانتهم للإسلام بالتبعية.

  • جهود حكومية فاشلة وغير ملزمة:

عند النظر إلى تدخلات الدولة في مجال الإصلاح لحل إشكاليات المسيحيين، نجدها غير كافية لأنها تحاول أن تعالج أجزاءً بعينها فقط دون اعتماد نظام أساسي للحل بالإضافة إلى التضارب بين ما توافق عليه الكنيسة وبين ما تتخذه الدولة من إجراءات. والتي كانت آخرها مقترح القانون الموحد للطوائف الذي أعدته الدولة حيث احتوى على بند اختياري خاص بإمكانية الزواج المدني كأحد الحلول المطروحة لمشكلة عدم التصريح بالزواج للمرة الثانية من الكنيسة، إلا إنه عند قيام الكنيسة بمراجعة المقترح وإدخال تعديلات عليه، وجدنا قيامها بحذف هذا البند، وهو ما يطرح تساؤلًا حتمياً: (من هو المسئول عن المواطنين مسلمين ومسيحيين، وتقديم حلول جذرية لمشكلاتهم، الدولة أم الجهات الدينية؟ ومن هو صاحب الحسم والقرار في ذلك؟!)

نظرًا لعدم توافر المعلومات وعدم سهولة الحصول على الإحصائيات الدقيقة سواء على مستوى المحاكم أو من وزارة العدل، لم نتمكن من تحديث الإحصائيات بالرغم من قيامنا بعمل العديد من المحاولات التي باءت بالفشل حيث نورد هنا بعض من الإحصاءات الخاصة بالقضايا الملية للمسيحيين التي لم نستطيع تحديثها والتي تبرهن بصورة قاطعة على أن عدد قضايا طلب الطلاق لأسباب مختلفة كالنفور والهجر واستحالة العشرة والزنا والضرر في ازدياد مستمر نتيجة لعدم مرونة اللائحة السارية الآن:

1- في محافظة سوهاج بلغ عدد طلبات التطليق في عام 2002 سبع حالات فقط بينما ارتفع في سنة 2007 إلى 27 حالة.

2- من واقع سجلات المحاكم بمحافظة أسيوط كان عدد طلبات الطلاق في عام 2002 (375 حالة) وقفز في عام 2007 إلى (681 حالة).

3- سجلت محاكم المنيا (277 حالة) في عام 2002، زادت إلى (416 حالة) في عام 2007.

4- أما القضايا الملية لمحافظة بورسعيد فقد قفز العدد من 11 حالة في عام 2004 إلى 112 في عام 2006.

وربما تعبر الإحصاءات عن حقيقة تعثر العدالة في هذا السياق، إذا ما نظرنا إلى أعداد قضايا الخلع التي أقامتها مسيحيات أمام المحاكم، والذي وصل في أسيوط إلى 226 قضية في عام 2002 مقابل 288 في عام 2007 على سبيل المثال بالإضافة إلى قضايا الطاعة التي رفعها الأزواج (في أسيوط 570 حالة في عام 2002 مقابل 697 في عام 2007) وعدد يصعب حصره من قضايا النفقة الزوجية ونفقة الصغار).

لقد عهدت المؤسسة إلى أفضل الخبرات الفنية في المجال القانوني بإنجاز إعداد مشروع القانون، والذي يعتمد في فلسفته على المساواة وعد التمييز في إطار المسئولية المشتركة بين الرجل والمرأة من أجل إعلاء مبادئ المصلحة الفضلى للطفل، حيث تمت الاستعانة بأساتذة القانون والقضاة والمحامين لصياغة مواد القانون المقترحة، هذا وقد اعتمدت منهجية العمل متكئة على المرجعيات الآتية:

  • مراعاة واحترام مبادئ شرائع الأديان السماوية في العدالة والمساواة والمعاشرة بالمعروف.

  • الدستور المصري.

  • المواثيق والاتفاقيات الدولية المصدق عليها.

  • الاطلاع على عدد من قوانين الأسرة المقارنة السارية في بعض الدول العربية.

  • الاستعانة بالإحصاءات والدراسات والأبحاث ذات الصلة للوقوف على الإشكاليات التي تعاني منها الأسرة المصرية في إطار قانون الأسرة.

  • استيعاب الخبرة التاريخية والاجتماعية لأنظمة التقاضي في مجال الأحوال الشخصية.

  • فتح باب الحوار مع الكنيسة وحضور ممثلين من قيادات الكنيسة لبعض الفعاليات الخاصة بمناقشة الموضوع.

  • العمل مع الحركات المجتمعية وروابط متضرري الأحوال الشخصية للمسيحيين ومنها على سبيل المثال: (رابطة متضرري الأحوال الشخصية – رابطة الحق فى الحياةرابطة أقباط 38 – رابطة منكوبي الأحوال الشخصية) بالإضافة إلى وزارة العدالة الانتقالية، وكذلك المجلس القومي لحقوق الإنسان).

  • عمل الدراسات المتخصصة حول الآثار المترتبة على قوانين الأحوال الشخصية والإشكاليات الناجمة عنها على كافة المستويات (دينيةاجتماعيةاقتصادية) والتي تم الخروج منها بالعديد من التوصيات سواء على مستوى الفئات المستفيدة أو المعنيين بإصدار القوانين وتعديلاتها، وكذلك على مستوى الدولة وسياساتها المختلفة.

دراسة حول التكلفة الاجتماعية للطلاق – دراسة حول التكلفة النفسية والاقتصادية للطلاق – دراسة نقدية لقوانين الأحوال الشخصية لغير المسلمين الطوائف الثلاثة” – دراسة حول الطلاق في المسيحية – دراسة حول الحقائق والرؤى التاريخية لوقائع العلاقات الأسرية في العصر الإسلامي – دراسة بعنوان من قضايا المرأةوالتي شملت عدد من القضايا وهي: (الولاية والوصاية – القوامة في الإسلام – تعدد الزوجات – الطلاق الغيابي – شهادة المرأة)

وقد تم جمع كافة التوصيات الخاصة بالدراسات سالفة الذكر ورفعها على الصفحة الرسمية للمؤسسة على موقع الفيس بوك والتي تحمل اسم (مؤسسة قضايا المرأة المصرية).

من كل ما تقدم يجب الاعتراف بأننا في وضع اجتماعي معقد يفتقد للعدالة وتوقيت فارق خلال اللحظة الراهنة التي تمثل مفترقًا حادًا للطرق، يجعلنا في أمس الاحتياج إلى مدونة قانونية وحقوقية موحدة ودقيقة تقوم على رؤية واقعية وشرعية عقلية وعملية ومستنيرة، تضع في اعتبارها وروحها ملامح المعضلات الأسرية والتحديات التي تجابه المهمشين والفقراء والمهضومين كي تزن بينهم بالحق المبين، وتعيد تعادل ميزان القوة داخل الأسرة المصرية لتمنح كافة أفرادها مواطنة غير منقوصة، فكما قال الغزالي:

(إن القانون هو الذي يميز الحدود والقياس من غيره، كأنه الميزان أو المعيار للعلوم كلها، وكل ما لم يوزن بالميزان، لا يتميز فيه الرجحان من النقصان ولا الربح من الخسران).

1- لابد أن يخلق القانون قيم مجتمعية تحمي النساء وترفع من شأن المرأة وذلك في إطار القضاء على التمييز ضدها الذي يساعد عليه القانون في كثير من الأحيان.

2- العمل على إيجاد منظومة مجتمعية قادرة على حماية النساء وداعمة لهن عبر أجهزة الدولة المختلفة والتي منها على سبيل المثال لا الحصر، الإعلام الذي دائمًا ما يرسخ أنماط مجتمعية مغلوطة للنساء، وكذلك العمل على مراجعة المناهج التعليمية وإبراز دور النساء على مر العصور المختلفة وأخيرًا تبني خطاب ديني مناهض للعنف ضد المرأة ومساعد على إعلاء مبادئ العدل والمساواة والإنصاف.

3- إعلاء مبدأ المواطنة بما يحتويه من معاني فالمواطنة ليست نص دستوري فقط ولكن ممارسة واقعية إن دلت على شيء إنما تدل على التقدم الفعلي للدولة التي تتبناه.

4- إزالة الفجوة بين النص القانوني والتطبيق الواقعي له وما تواجهه المرأة من أوجه اللامساواة وأشكال التمييز في مجال الوصول إلى العدالة.

5- تأهيل منظومة العدالة (قضاء – شرطة – مكاتب أسرة – النيابة العامة – العاملين بوزارة العدل) وذلك من خلال رفع الوعي القانوني والإدراك الجيد لقضايا النوع الاجتماعي لديهم.

6- إصدار ثانون يسهل خاص بإتاحة المعلومات نظرًا لوجود العديد من إشكاليات في الحصول على المعلومات والإحصائيات.

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات