الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي

تاريخ النشر:

2015

اعداد بواسطة:

الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي:

نموذج المغرب

مقدمة:

كان الفكر السائد منذ سنوات أن الميزانية محايدة ولا علاقة لها بها بالسياسات ولا بالإنسان، لكن تطور العلوم وخاصة الاجتماعية والاقتصادية أوضح بأن الميزانية تؤثر على حياة الأفراد من نواحي متعددة وبمستويات مختلفة:

التأثير الأول: يرتبط بطريقة توزيع الإنفاق.

التأثير الثاني: يرتبط بتجميع الموارد عن طريق الجبايات ومختلف أنواع الضرائب والإجراءات والمصاريف الأخرى(مصاريف العلاج – مصاريف التمدرس – مصاريف النقل والسكن، مصاريف الولوج للعدالة…).

إن للميزانية علاقة مباشرة بكل ما يتعلق بأمور الحياة اليومية والمستقبلية، لذا يجب أن تراعي النوع الاجتماعي وتساهم في تحقيق المساواة بين الرجال والنساء والقضاء على التمييز والتفاوت.

الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي تجمع بين أهداف اجتماعية (الحد على المدى البعيد من الفجوات النوعية والفوارق الاجتماعية) وأهداف اقتصادية (الفعالية في استعمال الموارد) وأهداف سياسية (إرساء ثقافة المساءلة في تدبير المال العام).

لقد تزايدت حملات الترافع والمناصرة من أجل الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي في بعض البلدان، والحركة النسائية في المغرب وخاصة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، لم تكن بعيدة عن حركة الترافع العالمية بل طالبت بميزانية مستجيبة لمقاربة النوع الاجتماعي، وسنحاول من خلال هذه الورقة توضيح العناصر التالية:

  • تعريف الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي.

  • أهداف الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي.

  • مجالات اشتغال الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي.

  • مراحل الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي.

  • أهم مراحل الترافع من أجل الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي.

  • الاستراتيجيات التي تم الاشتغال عليها من أجل الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي.

  • أهم المعيقات التي اعترضت إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في الميزانية.

  • أهم المنجزات المتعلقة بصيرورة الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي.

  • ما يجب تحسينه وتطويره من أجل الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي.

     

إن عملية إعداد الميزانية لا تنحصر في القيام بمجهود من أجل خلق توازن بين الموارد والنفقات فقط، وإنما أصبحت تتوخى كذلك استغلال الموارد المتاحة/ أو تلك التي يجب البحث عنها بطريقة تتسم بالكفاءة والفعالية والإنصاف لتلبية الاحتياجات الأساسية لعموم المواطنين والمواطنات، وتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

أصبحت الطريقة التي يتم من خلالها إعداد ورسم الميزانية العامة للدولة، هي التي تتحكم بكيفية حصول النساء والرجال على الخدمات والموارد. كما أصبح بالإمكان، ومن خلال سياسة المالية العامة، القضاء على التمييز وعلى التفاوت والنهوض بالمساواة. وهذا السبب فان العناصر الفاعلة في إعداد الميزانية ستكون مخوَّلة بوضع حقوق الإنسان والحقوق الإنسانية للنساء في صميم السياسة المالية.

الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي هو أسلوب للتقويم يهدف إلى معرفة إلى أي مدى ساهمت البرامج والاستثمارات التي تقوم بها الوزارات والقطاعات الحكومية المختلفة والجماعات الترابية في تحسين نوعية الحياة للرجال والنساء والأطفال والطفلات والأشخاص في وضعية إعاقة

كما أنها أداة لتحليل وتقويم إلى أي مدى تم وضع الاحتياجات الأساسية للمستهدفين والمستهدفات من برامج الوزارات والجماعات من رجال ونساء وفتيات في الاعتبار، سواء أثناء التخطيط أو التنفيذ أو التقويم.

إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في الميزانية يشكل جزءًا من مقاربة مندمجة تهدف تحقيق المساواة عبر ترجمة الميزانية إلى سياسات وبرامج هدفها تقوية الديمقراطية التشاركية عن طريق الانفتاح على مختلف الفعاليات المجتمعية والمؤسسات والمصالح وذلك عن طريق:

التعاقد.

الشراكة.

إصلاح المراقبة المالية.

تهدف الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي إلى تحقيق:

  • إرساء توازن مالي عام والمحافظة عليه.

  • احترام الأولويات الحكومية ضمن سياق برمجة الاعتمادات على المدى المتوسط والبعيد.

  • الاستخدام العملي والفعال للموارد المالية المرصودة لتنفيذ البرامج والمشاريع والأنشطة.

  • برمجة الاعتمادات استنادًا على تحليل النوع الاجتماعي.

  • تتبع أثر المداخيل والنفقات على أدوار وعلاقات النوع الاجتماعي.

  • الاستجابة بشكل منصف لاحتياجات الرجال والنساء من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية.

  • إعمال مبدأ التمكين بغرض النهوض بالمساواة بين الجنسين.

  • الانتقال من التدبير المتمركز على الوسائل إلى التدبير المعتمد على النتائج.

  • العمل على التقييم ومتابعة مدى التزام الدولة والقطاعات الوزارية لاحتياجات ومصالح النوع الاجتماعي.

  • الميزانية الوطنية.

  • الميزانيات القطاعية.

  • تخصیص برنامج في الميزانية القطاعية.

  • ميزانية الجماعات الترابية؛(الجهة – الجماعة – العمالة والإقليم).

  • المداخيل والمصاريف(les recettes et/ou les dépenses).

وتتم بمبادرة من الأطراف التالية:

* إما الحكومة.

* البرلمان.

* أو من المجتمع المدني.

تضافر جهود الجميع من:

* أو الجماعات الترابية.

يمر إدماج بعد النوع الاجتماعي في الميزانية بمراحل أساسية، هي كالتالي:

  • المرحلة الأولى: التحليل المستجيب للنوع الاجتماعي للسياسات العمومية (حسب القطاعات والجهات) وتحديد الميزانيات المرصودة من أجل تقليص التفاوت القائم بين الجنسين.

  • المرحلة الثانية: إعادة صياغة السياسة المالية، بما فيها إعادة تقسيم المداخل والنفقات بما يحقق المساواة بين الرجال والنساء ويحقق الوصول المتساوي للموارد والفوائد والسلطة والتحكم فيها.

  • المرحلة الثالثة: إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في صيرورة إعداد الميزانية في مختلف مراحلها.

المرحلة 1: من 1993 إلى 2003:

عرفت هذه المرحلة نقاشًا موسعًا ساهمت فيه مختلف مكونات الحركة النسائية حول مختلف القوانين المرتبطة بالحياة الخاصة أو العامة للنساء، ومما ميز تجربة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب هو نقاشها الحاد في موضوع جديد لا تتوفر فيه على معرفة كاملة ومتمكنة منه كما هو الحال بالنسبة للقضايا الأخرى التي تشتغل عليها.

إن موضوع المالية وتأثيره على إعمال المساواة والقضاء على التمييز لم يكن بالأمر السهل لذا عملت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب انطلاقًا من مرجعيتها الكونية ومن اعتمادها على اتفاقية سيداو على المطالبة بإعمال التوصية 25 من الفقرة السادسة من الاتفاقية، وتتمثل في:

  • ألا تتضمن القوانين والسياسات العمومية على أي شكل من أشكال التمييز ضد المرأة، وإنما تكفل لها الحماية من التمييز والعنف.

  • تحسين وضع النساء والنهوض بالمساواة الفعلية (المساواة في القانون والفعل).

  • أن تعمل البرامج التي تستهدف النساء، ونظم المداخيل التي تساهم فيها على تغيير العلاقات الاجتماعية والأنماط التي تحول دون تمتع المرأة بالمساواة.

  • قيام الحكومة بالعمل على تأمين مشاركة المرأة كمواطنة فعالة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالميزانية، وتمكينها من مطالبة الحكومة بتفسير الطريقة التي يتم بها تحصيل الأموال العامة وإنفاقها.

ومن بين أهم والبرامج التي نظمت، نجد:

الترافع من أجل إصلاح المالية العمومية.

الترافع من أجل ربط الاستراتيجيات الوطنية لمناهضة العنف وللمساواة بالميزانية الوطنية.

بداية نقاش وطني حول الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي وحول ميزانية الوقت.

الاستفادة من تجارب بلدان أمريكا اللاتينية التي طورت الاشتغال بالميزانية المستجيبة لمقاربة النوع الاجتماعي.

الاشتغال مع البرلمان من أجل ميزانية مستجيبة للنوع الاجتماعي.

لقد برز الاهتمام بالميزانية من خلال:

صفحات جريدة نساء التي كانت تعتبر لسان الجمعية الديمقراطية لنساء العرب

تنظيم ندوة دولية حول: الميزانية التشاركية البرلمان والمجتمع المدني: أي آلية للعمل المشترك؟ سنة 2002.

إنجاز دارسة توضح تجارب متعددة فيما يخص الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي:

المرحلة 2: من 2003 إلى 2014

تميزت هذه المرحلة بالانتقال إلى مستوى أكثر حرفية وعوض الاكتفاء بالمطالب العامة والترافع من أجل إعمال اتفاقية سيداو فتمت المطالبة بربط الميزانية بحقوق الإنسان والحقوق الإنسانية للنساء وذلك من خلال التركيز على:

أن الميزانية هي وثيقة سياسية قبل أن تكون وثيقة مالية، وهي أحد أهم الأسس في رسم السياسة الاقتصادية والاجتماعية. وهي تعكس القيم السائدة التي تحملها الدولة وتوجهاتها خياراتها فيما يخص:

قيمة المواطنين والمواطنات من منظور الميزانية.

قيمة العمل الذي يؤديه الرجال والنساء.

الفئات المعنية التي تريد الميزانية أن تعطيها الأولوية.

المجالات الأكثر تعثرا المستهدفة من خلال الميزانية.

ولكي تتحول هذه الأفكار من مجرد مطالب إلى حقيقة وآليات تساهم في تقليص الفجوات النوعية تم تدعيمها بالإجراءات الآتية:

الترافع من أجل التوفر على منظومة لتجميع المعطيات على المستوى الوطني والقطاعي.

الترافع من أجل قانون تنظيمي للمالية مستجيب للنوع الاجتماعي.

الترافع من أجل تعديل تبويب الميزانية.

الترافع من أجل الميزانية المتمركزة حول النتائج.

الترافع من أجل تقرير النوع الاجتماعي.

العمل على تقوية قدرات المجتمع المدني من أجل الاهتمام بالميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي.

توعية النساء في البرلمان من أجل الاهتمام بالميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي.

وتتويجًا للعمل الذي قامت به الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب منذ سنوات عملت على:

إحداث مجموعة العمل من أجل ميزانية مستجيبة للنوع الاجتماعي.

 

لم يكن عمل الجمعية الديمقراطية للنساء مقتصرًا على الترافع بل عملت على تقوية قدرات الجمعيات العاملة في مجال التنمية الديمقراطية من أجل الاهتمام بالموضوع، كما أنها وظفت مركز تكوين القيادات النسائية التابع للجمعية من أجل ذلك.

طورت الجمعية مجموعة من الأدوات والمصوغات التكوينية لصالح استعمالها كأدوات للبرهنة وللتكوين.

ضعف الإرادة السياسية (منطق القيادة – منطق التذبذب – منطق الأولويات – الارتباط بشراكات مع المنظمات المانحة…).

معيقات مرتبطة بالثقافة المؤسساتية.

عدم مأسسة الميزانية المستجيبة للنوع الاجتماعي في القانون التنظيمي للمالية.

غياب العلاقة ما بين التخطيط والميزانية (الميزانية محكومة بالسنوية).

الحرص على الاشتغال بمنطق تفادي العجز والتوازن بين المداخيل والنفقات.

الحرص على تحقيق التوازن المالي وتحقيق معدل نمو على حساب تقليص الفجوات النوعية.

صعوبة قراءة الميزانية.

 

2 – تمييز مسار إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في الميزانية، من جعل الميزانية تبدأ مسلسلاً يميزها:

إنها ميزانية مفتوحة/ شفافة لأنها بدأت تعمل/ تساعد على توفير مختلف الوثائق التي تمكن من فهم كيفية صرف الموارد والجبايات التي تم استخلاصها. فحسب التقرير الذي أعدته الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة (ترانسبارانسي المغرب)، بمعيّة مؤسسة شراكة الموازنة الدولية ترنسبرانسياحتلّ المغربُ الرتبة 74 ضمن 102 دولة، بمعدّل 38 على 100، في حين صنفت الأردن في الرتبة 55، وجاءت تونس في الرتبة 42، بينما احتلّت مصر الرتبة 90، بمعدّل 16 على 100، في حين احتلت قطر والمملكة العربية السعودية المراتب الأخيرة بـ 0 نقطة.

إنها ميزانية مواطنة لأنها تمكن من تبسيط مشروع قانون المالية ليكون سهلا عند القراءة ويتمكن الجميع من فهمه وفهم كيفية تنزيل البرنامج الحكومي على المستوى المؤسساتي والاقتصادي والاجتماعي.

إنها ميزانية تشاركية لأن مسلسل إعداد الميزانية سمح بالانفتاح على مختلف مكونات المجتمع وخاصة الجمعيات المهتمة بالموضوع.

3 – من بين الوثائق التي تواكب إعداد قانون المالية:

وثائق ملزمة:

الكراسة الموازنية (ميزانية التسيير – ميزانية الاستثمار).

تقارير حول المنجزات والآفاق المستقبلية لكل قطاع وزاري.

كراسة حول المؤشرات المرقمة إعمالاً للمقاربة الجديدة للميزانية القائمة على منطق النتائج وشمولية الاعتمادات بما في ذلك مؤشرات النوع الاجتماعي.

وثائق إخبارية:

مذكرة التقديم.

التقرير المالي والاقتصادي.

تقرير حول المؤسسات والمقاولات العمومية.

تقرير حول مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة.

تقرير حول الحسابات الخصوصية للخزينة.

تقرير النوع الاجتماعي.

الكلمات المفتاحية: ميزانية النوع الاجتماعي
شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات